انطلقت هيئة الانتخابات مؤخرا في قبول ترشحات الراغبين في عضوية مجلس نواب الشعب في صيغته الجديدة التي نصّ عليها دستور الاستفتاء، وقبل أسابيع من تنظيم الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر القادم تبدو استعدادات الهيئة حثيثة لتأمين هذا الاستحقاق الانتخابي المهم وبالتوزاي مع ذلك تبدو الانتقادات كبيرة لأداء الهيئة وعملها والشكوك متزايدة بشأن حيادها واستقلاليتها كما تفرض ذلك المعايير الدولية للنزاهة والشفافية المطلوبة في كل انتخابات ديمقراطية.
واذا كانت الهيئة تؤكد اليوم أن أكثر من 1700 مترشح محتمل قاموا بجمع تزكيات الترشّح وإتمام أصعب مرحلة في شروط الترشّح وهي جمع 400 تزكية انتخابية تعتمد التناصف، في ظل نظام انتخابي يرتكز على الاقتراع على الأفراد، فإن جمع هذه التزكيات وما أحاط بها من تلاعب وتسلل للمال السياسي الفاسد،عرّض الهيئة الى انتقادات شديدة واتهامات بالتقصير في القيام بمهامها.. الا أن الهيئة تجاهلت كل هذه الاتهامات ولكنها في المقابل أبدت من خلال رئيسها فاروق بوعسكر مخاوف بشأن أن لا يجد المرشحون بالخارج العدد الكافي من المزكين وهو ما قد ينتج عنه بعد ذلك شغورا في بعض المقاعد البرلمانية والمقدّر عددها بـ 161 مقعدا.
وتواجه هيئة فاروق بوعسكر منذ تعيينها من طرف رئيس الجمهورية انتقادات واتهامات حادة حيث تتهمها أغلب القوى المعارضة بالتحيز وعدم الاستقلالية وبأنها ليس هيئة انتخابات بل هيئة رئيس الجمهورية قيس سعيد في الإشراف على الانتخابات التي اقّرها سعيد وضبط مواعيدها وصاغ لها الاطار التشريعي دون تشريك أي كان وهو ما دعا أغلبية الأحزاب الى عدم الاعتراف لا بمسار 25 جويلية ولا بدستور الاستفتاء وإعلان مقاطعتها للانتخابات التشريعية القادمة.
وينصّ المرسوم المنظم لهيئة الانتخابات أن رئيس الدولة هو من يعيّن أعضاءها كما يعيّن رئيس الهيئة من بين ثلاثة أعضاء سابقين في هيئات انتخابية سابقة، وهو كذلك من يحق له إعفاء أي عضو من الهيئة. والتحكّم في تركيبة الهيئة هو ما جعل أحزاب ومنظمات وجمعيات تدفع بعدم استقلالية الهيئة وتؤكد أنها خاضعة لإرادة رئيس الجمهورية.
انتقادات لأداء الهيئة
وتحاول هيئة الانتخابات منذ أشهر إقناع الجميع وخاصة القوى السياسية باستقلاليتها وتقف بحياد مع كل الأطراف وأنها ليست جزءا من الأزمة السياسية وبأن عملها تقني بالأساس يختصر في تنظيم المواعيد والاستحقاقات الانتخابية والاشراف عليه دون الانحياز إلى طرف دون آخر..
ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، فأغلبية القوى السياسية التي تعلن مقاطعتها للانتخابات التشريعية القادمة كما قاطعت الاستفتاء تشير صراحة الى كونها لا تثق في نزاهة هيئة الانتخابات التي شهدت استقالات وإقالات مثيرة داخلها تركت الكثير من علامات الاستفهام حول استقلالية الهيئة.
وعلى خلفية الانتخابات التشريعية القادمة نظم تكتل من الجمعيات النسوية التي تعمل في إطار مبادرة الديناميكية النسوية تحركا احتجاجيا أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحت شعار »نحن مواطنات كاملات لن نقبل أن نكون مجرد مزكيات « للتنديد بالقانون الانتخابي الذي اعتبرنه »استمرارا للتمييز والعنف ونسف حق النساء في المشاركة في الحياة السياسية". وقد ورد في بيان لهذا التكتل النسوي أن المرسوم 55 المتعلق بالانتخابات هو تعزيز لتمشي قائم على إقصاء »لنساء ونسف حقهن في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة الشأن العام ولطريقة الاقتراع عن الأفراد التي تفتح المجال لأصحاب النفوذ من الفاسدين وتساهم في تفجير النعرات العروشية والجهوية كما أنها أحسن طريقة لاستبعاد النساء والشباب". كما أشار البيان إلى أنه في نفس الوقت يفرض القانون مبدأ التناصف فقط في التزكيات ما يرسي »نظرة تحقيريه للنساء واختزال مواطنتهن كديكور للتزكيات وليس كمواطنات كاملات«.
وبالإضافة الى الانتقادات السياسية التي تطال الهيئة يبدو أن هناك اليوم إشكالا في علاقة هيئة الانتخابات بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا"، حيث قال عضو "الهايكا" هشام السنوسي في تصريح إذاعي مؤخرا أنه لا يوجد تواصل بين "الهايكا" وهيئة الانتخابات لصياغة القرار المشترك المتعلق بضبط القواعد الخاصة بتغطية حملة الانتخابات التشريعية.. وعدم التنسيق بين هيئة الانتخابات و"الهايكا" حول صياغة هذا القرار المشترك يطرح الكثير من الأسئلة حول هذه العلاقة المنقطعة بين الهيئتين خاصة وأن المؤسسات الإعلامية هي اليوم في قلب العملية السياسية والانتخابية وبالنظر الى طبيعة عملية الانتخاب الجديدة وهي نظام الاقتراع على الأفراد والذي سيخلق دون شك اشكالا على مستوى التغطية الإعلامية، حيث دعت "الهايكا" في وقت سابق وسائل الإعلام الى أن تكون حذرة في الحملة الانتخابية وأن لا تنساق وراء الخطابات الجهوية والعروشية وتقسيم التونسيين، وفق تصريحات سابقة لعضو "الهايكا" عادل البصيلي.
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة إلى هيئة الانتخابات على الأحزاب والمنظمات والهيئات فقط، حيث ما فتئت الجمعيات المهتمة بالشأن الانتخابي مثل شبكة "مراقبون" وجميعة "عتيد" تنتقد أداء الهيئة وسلوكها، حيث دعا، مؤخرا بسّام معطر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى »استرجاع صلاحياتها في رعاية وتنفيذ الانتخابات، دون أي تدخل من أي طرف كان، بما في ذلك رئيس الجمهورية «وذلك في ندوة صحفية نظمتها الجمعية، في إشارة واضحة إلى أن الهيئة اليوم تبدو هيئة منزوعة الصلاحيات تكتفي بتنفيذ التعليمات.. وكانت جمعية "عتيد" قد تنبهت منذ صدور المرسوم 55 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، إلى »عدم احترام هذا المرسوم المعايير العالمية وعدم تشريك المجتمع المدني والاستئناس بمقترحاته". كما اعتبرت الجمعية أن نظام الاقتراع على الأفراد »من شأنه أن يُسبّب مخاطر كبيرة، على غرار إحياء النعرات المحلية والعشائرية، فضلا عن أنه سيخلق إشكالا في إيجاد الطريقة المثلى للتغطية الإعلامية للحملات الانتخابية".
منية العرفاوي
تونس – الصباح
انطلقت هيئة الانتخابات مؤخرا في قبول ترشحات الراغبين في عضوية مجلس نواب الشعب في صيغته الجديدة التي نصّ عليها دستور الاستفتاء، وقبل أسابيع من تنظيم الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر القادم تبدو استعدادات الهيئة حثيثة لتأمين هذا الاستحقاق الانتخابي المهم وبالتوزاي مع ذلك تبدو الانتقادات كبيرة لأداء الهيئة وعملها والشكوك متزايدة بشأن حيادها واستقلاليتها كما تفرض ذلك المعايير الدولية للنزاهة والشفافية المطلوبة في كل انتخابات ديمقراطية.
واذا كانت الهيئة تؤكد اليوم أن أكثر من 1700 مترشح محتمل قاموا بجمع تزكيات الترشّح وإتمام أصعب مرحلة في شروط الترشّح وهي جمع 400 تزكية انتخابية تعتمد التناصف، في ظل نظام انتخابي يرتكز على الاقتراع على الأفراد، فإن جمع هذه التزكيات وما أحاط بها من تلاعب وتسلل للمال السياسي الفاسد،عرّض الهيئة الى انتقادات شديدة واتهامات بالتقصير في القيام بمهامها.. الا أن الهيئة تجاهلت كل هذه الاتهامات ولكنها في المقابل أبدت من خلال رئيسها فاروق بوعسكر مخاوف بشأن أن لا يجد المرشحون بالخارج العدد الكافي من المزكين وهو ما قد ينتج عنه بعد ذلك شغورا في بعض المقاعد البرلمانية والمقدّر عددها بـ 161 مقعدا.
وتواجه هيئة فاروق بوعسكر منذ تعيينها من طرف رئيس الجمهورية انتقادات واتهامات حادة حيث تتهمها أغلب القوى المعارضة بالتحيز وعدم الاستقلالية وبأنها ليس هيئة انتخابات بل هيئة رئيس الجمهورية قيس سعيد في الإشراف على الانتخابات التي اقّرها سعيد وضبط مواعيدها وصاغ لها الاطار التشريعي دون تشريك أي كان وهو ما دعا أغلبية الأحزاب الى عدم الاعتراف لا بمسار 25 جويلية ولا بدستور الاستفتاء وإعلان مقاطعتها للانتخابات التشريعية القادمة.
وينصّ المرسوم المنظم لهيئة الانتخابات أن رئيس الدولة هو من يعيّن أعضاءها كما يعيّن رئيس الهيئة من بين ثلاثة أعضاء سابقين في هيئات انتخابية سابقة، وهو كذلك من يحق له إعفاء أي عضو من الهيئة. والتحكّم في تركيبة الهيئة هو ما جعل أحزاب ومنظمات وجمعيات تدفع بعدم استقلالية الهيئة وتؤكد أنها خاضعة لإرادة رئيس الجمهورية.
انتقادات لأداء الهيئة
وتحاول هيئة الانتخابات منذ أشهر إقناع الجميع وخاصة القوى السياسية باستقلاليتها وتقف بحياد مع كل الأطراف وأنها ليست جزءا من الأزمة السياسية وبأن عملها تقني بالأساس يختصر في تنظيم المواعيد والاستحقاقات الانتخابية والاشراف عليه دون الانحياز إلى طرف دون آخر..
ولكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، فأغلبية القوى السياسية التي تعلن مقاطعتها للانتخابات التشريعية القادمة كما قاطعت الاستفتاء تشير صراحة الى كونها لا تثق في نزاهة هيئة الانتخابات التي شهدت استقالات وإقالات مثيرة داخلها تركت الكثير من علامات الاستفهام حول استقلالية الهيئة.
وعلى خلفية الانتخابات التشريعية القادمة نظم تكتل من الجمعيات النسوية التي تعمل في إطار مبادرة الديناميكية النسوية تحركا احتجاجيا أمام مقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحت شعار »نحن مواطنات كاملات لن نقبل أن نكون مجرد مزكيات « للتنديد بالقانون الانتخابي الذي اعتبرنه »استمرارا للتمييز والعنف ونسف حق النساء في المشاركة في الحياة السياسية". وقد ورد في بيان لهذا التكتل النسوي أن المرسوم 55 المتعلق بالانتخابات هو تعزيز لتمشي قائم على إقصاء »لنساء ونسف حقهن في المشاركة في الحياة السياسية وإدارة الشأن العام ولطريقة الاقتراع عن الأفراد التي تفتح المجال لأصحاب النفوذ من الفاسدين وتساهم في تفجير النعرات العروشية والجهوية كما أنها أحسن طريقة لاستبعاد النساء والشباب". كما أشار البيان إلى أنه في نفس الوقت يفرض القانون مبدأ التناصف فقط في التزكيات ما يرسي »نظرة تحقيريه للنساء واختزال مواطنتهن كديكور للتزكيات وليس كمواطنات كاملات«.
وبالإضافة الى الانتقادات السياسية التي تطال الهيئة يبدو أن هناك اليوم إشكالا في علاقة هيئة الانتخابات بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا"، حيث قال عضو "الهايكا" هشام السنوسي في تصريح إذاعي مؤخرا أنه لا يوجد تواصل بين "الهايكا" وهيئة الانتخابات لصياغة القرار المشترك المتعلق بضبط القواعد الخاصة بتغطية حملة الانتخابات التشريعية.. وعدم التنسيق بين هيئة الانتخابات و"الهايكا" حول صياغة هذا القرار المشترك يطرح الكثير من الأسئلة حول هذه العلاقة المنقطعة بين الهيئتين خاصة وأن المؤسسات الإعلامية هي اليوم في قلب العملية السياسية والانتخابية وبالنظر الى طبيعة عملية الانتخاب الجديدة وهي نظام الاقتراع على الأفراد والذي سيخلق دون شك اشكالا على مستوى التغطية الإعلامية، حيث دعت "الهايكا" في وقت سابق وسائل الإعلام الى أن تكون حذرة في الحملة الانتخابية وأن لا تنساق وراء الخطابات الجهوية والعروشية وتقسيم التونسيين، وفق تصريحات سابقة لعضو "الهايكا" عادل البصيلي.
ولم تقتصر الانتقادات الموجهة إلى هيئة الانتخابات على الأحزاب والمنظمات والهيئات فقط، حيث ما فتئت الجمعيات المهتمة بالشأن الانتخابي مثل شبكة "مراقبون" وجميعة "عتيد" تنتقد أداء الهيئة وسلوكها، حيث دعا، مؤخرا بسّام معطر رئيس الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات "عتيد"، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلى »استرجاع صلاحياتها في رعاية وتنفيذ الانتخابات، دون أي تدخل من أي طرف كان، بما في ذلك رئيس الجمهورية «وذلك في ندوة صحفية نظمتها الجمعية، في إشارة واضحة إلى أن الهيئة اليوم تبدو هيئة منزوعة الصلاحيات تكتفي بتنفيذ التعليمات.. وكانت جمعية "عتيد" قد تنبهت منذ صدور المرسوم 55 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه، إلى »عدم احترام هذا المرسوم المعايير العالمية وعدم تشريك المجتمع المدني والاستئناس بمقترحاته". كما اعتبرت الجمعية أن نظام الاقتراع على الأفراد »من شأنه أن يُسبّب مخاطر كبيرة، على غرار إحياء النعرات المحلية والعشائرية، فضلا عن أنه سيخلق إشكالا في إيجاد الطريقة المثلى للتغطية الإعلامية للحملات الانتخابية".