بعد خمسة أيام من فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باب تقديم مطالب الترشح للانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل، بدأت عملية الفرز واتضاح بعض معالم المشهد السياسي بشكل خاص والبرلماني بشكل عام في المرحلة القادمة. لتتجه الأنظار إلى مدى حضور رموز المشهد السياسي في تونس سواء تعلق الأمر بالأحزاب الداعمة للمسار ما بعد 25 جويلية أو المعارضة له في "فضاء" الجمهورية الجديدة. ولئن أكدت بعض الأحزاب والتيارات والجهات السياسية سواء منها تلك التي كانت فاعلة في منظومة الحكم قبل 25 جويلية أو لها مقاعد في البرلمان المنحل، عن قرار مقاطعتها للانتخابات التشريعية المرتقبة على غرار حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحزب العمال وكل مكونات جبهة الخلاص وائتلاف صمود وغيرها، فإن جهات سياسية وحزبية وأخرى من خارجه أعربت عن نواياها العملية في خوض هذا الاستحقاق الانتخابي والانخراط في المشهد السياسي والبرلماني المقبل بشكل أو بآخر.
فبعد تأكيد عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام، في أكثر من مناسبة عن عدم ترشحه لهذه الانتخابات مقابل مواصلة دعمه لأبناء حزبه لخوض الاستحقاق الذي يمكنهم من الفوز بمقاعد في البرلمان المقبل رغم أنه سبق أن ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2019 ثم إعلان عدنان حاجي عن استقالته من نفس الحركة وعدم ترشحه لهذه الانتخابات، كان موقف وإطلالة العميد السابق للمحامين إبراهيم بودربالة مفاجئا، بعد إعلان تأسيس مبادرة جديدة "لينتصر الشعب" تضم سياسيين ونقابيين وناشطين في المجتمع المدني ومثقفين وإعلانه ترشحه للانتخابات التشريعية المقبلة. وهي المبادرة والموقف اللذين فتحا مجال التأويل وإعادة النظر في قراءة البعض للوضع وترتيبات المرحلة السياسية المقبلة لاسيما في ظل ما كشفته عن هذه المبادرة من قيمة ونوعية قياداتها بتشكيلتها المتنوعة وحسن استعداد وترتيب للأوراق بما يضمن نجاحها في تحيز مكانة فاعلة في الدولة بعد إعلانها عن تقديم ترشحات للانتخابات في كامل الجهات، خاصة أن أسماء أخرى داخل هذه المبادرة أعربت عن نيتها أيضا في الترشح لنفس الانتخابات من بينها أحمد شفطر الذي برز في الحملة التفسيرية لمشروع سعيد وأيضا الناشطة المدنية ضحى العرفاوي.
فيما أكدت ليلى الحداد، عضو حركة الشعب والنائبة السابقة بالبرلمان المنحل عدم ترشحها لنفس الانتخابات وهو القرار الذي اتخذه أيضا أمين عام الحركة زهير المغزاوي، وفق تصريح في الغرض أدلت به لفائدة إحدى وسائل الإعلام، مؤكدة في نفس المناسبة عزم عدد آخر من قيادات الحركة على خوض هذا الاستحقاق على غرار النائبين السابقين بدرالدين القمودي وحاتم البوبكري.
من جهته أعلن سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس في عديد المرات أيضا عن نيته الترشح خاصة أنه برز في فترة ما بعد 25 جويلية 2021 بانخراط حزبه في دعم ومساندة المسار والمشاركة في المحطات المفصلية للمرحلة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد على غرار "الاستشارة الالكترونية والحوار الوطني والاستفتاء. وأفاد الناصري أنه سيترشح عن جهته صفاقس إضافة إلى ترشح أبناء حزبه في عدة دوائر نيابية وذلك بعد التوصل إلى جمع التزكيات اللازمة باعتبار أن الحزب وضع برنامجا يستجيب في توجهاته وأهدافه لما جاء به النظام الانتخابي الجديد، رغم الاعتراض على عدة جوانب منه من أبرزها مسألة التزكيات أكدها الحزب في تصريحات قياداته أو في بيانات أصدرها في الغرض.
في سياق متصل أكدت مباركة عواينية البراهمي في حديث سابق لـ"الصباح" أنها سوف لن تترشح للانتخابات المقبلة فيما عبرت عن دعمها ومساندتها لكل من يتحلى بروح الوطنية ويأنس في نفسه القدرة والرغبة في خدمة الدولة بعيدا عن منطق المحاصصة الذي طغى على المشهد السياسي وكان سببا في دمار الحياة السياسية وإلحاق الأضرار بالدولة، وفق تقديرها. لأنها تعتبر أن التحاقها كعضو مؤسس بمبادرة "لينتصر الشعب" الهدف منه دعم الشباب والمساهمة في أخلقة الحياة السياسية وخلق جيل سياسي جديد يقطع في ثقافته ومبادئه والممارسة السياسية مع المظاهر والممارسات السلبية التي ميزت الوضع في العشرية الماضية. فيما لم يعلن منجي الرحوي، النائب السابق بالبرلمان المنحل عن قراره بعد، رغم أنه كان من مساندي المسار الذي يقوده سعيد، رغم تعارض موقفه مع مواقف بعض قيادي حزبه في "الوطد".
في سياق متصل أعرب أغلب قيادات حزب "حراك 25 جويلية" عن ترشحهم لنفس الانتخابات وفي مقدمتهم رئيس المكتب الوطني عبد الرزاق الخلولي ورئيس المكتب السياسي لنفس الحزب محمود بن مبروك إضافة إلى أحمد الركروكي وغيرهم، باعتبار أن الحزب سيشارك في أغلب الدوائر الانتخابية، رغم تهديدهم بإمكانية سحب مطالب الترشح والالتحاق بصفوف المقاطعين للانتخابات بسبب عدم استجابة رئيس الجمهورية لمطالبهم بتأجيل موعد الانتخابات وتراجعه عن مراجعة القانون الانتخابي على اعتبار أن ذلك يأتي في سياق "صفقة" بين سعيد ومنظومة ما قبل 24 جويلية من ناحية وتجاوزات للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ولم يتوقف قرار المشاركة في الانتخابات القادمة على سياسيين دون سواهم بل استهوى الأمر عددا آخر من الراغبين في الترشح من خارج السرب السياسي ومن مجالات مختلفة على غرار المحامي منير بن صالحة الذي أعرب عن نيته العملية للترشح للبرلمان المقبل وهو تقريبا نفس القرار الذي اتخذه صابر الهذيلي الذي عرف بـ"النقار" في "سكاتشات تلفزية" على قناة الجنوبية وتأكيده في حوار تلفزي أنه بدأ في جمع التزكيات والقيام بحملته الانتخابية مبكرا، رغم الانتقادات التي لاقاها.
ووفق ما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإن عدد الترشحات التي وصلت إلى مكاتبها إلى حد الآن فاقت كل التوقعات، خاصة بعد الجدل الذي أثاره القانون الانتخابي في مختلف الأوساط على اعتبار أنه تعجيزي ومجحف في حق البعض وإقصائي لفئات دون أخرى في حين أنه فتح المجال لأعداد كبيرة من المترشحين من خارج الدوائر الحزبية والسياسية.
ويذكر أن عديد الجهات أكدت أن الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات على غرار حركة النهضة والدستوري الحر اختارت خوض الاستحقاق الانتخابي بالتخفي وذلك عبر تقديم مترشحين بصفة مستقلين في حين أنهم يمثلون تلك الأحزاب في صفوف "ثالثة ورابعة بعد أن اختارت القيادات ورموز تلك الأحزاب الابتعاد عن لعبة "الصندوق" في هذه المرحلة.
لذلك يلوح البرلمان القادم ومن ورائه المشهد الحزبي والسياسي في شكل جديد مختلف عما ألفه الجميع خلال العشرية الماضية رغم صعوبة المرحلة والتحديات المطروحة على أكثر من صعيد، بما يعيد الوضع السياسي إلى مرحلة فرز جديدة تحيل في أبعادها إلى العودة إلى مرحلة تأسيسية لجمهورية جديدة تنطلق من إرهاصات مربع ثورة 2011 ويحيل الجميع إلى "اكتشافات" جديدة تبين المؤشرات أن أغلبها سيكون من الشباب ومن خارج دائرة الأحزاب بما يجعل البرلمان القادم تأكيد لتمش جديد لمؤسسات الدولة لاسيما أن دستور 2022 جعل من البرلمان مؤسسة تشريعية وليس سلطة تشريعية على غرار ما كان عليه الوضع سابقا، قد تكون أقرب إلى مخبر موسع لتطارح مشاغل واستحقاقات الجهات.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
بعد خمسة أيام من فتح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باب تقديم مطالب الترشح للانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل، بدأت عملية الفرز واتضاح بعض معالم المشهد السياسي بشكل خاص والبرلماني بشكل عام في المرحلة القادمة. لتتجه الأنظار إلى مدى حضور رموز المشهد السياسي في تونس سواء تعلق الأمر بالأحزاب الداعمة للمسار ما بعد 25 جويلية أو المعارضة له في "فضاء" الجمهورية الجديدة. ولئن أكدت بعض الأحزاب والتيارات والجهات السياسية سواء منها تلك التي كانت فاعلة في منظومة الحكم قبل 25 جويلية أو لها مقاعد في البرلمان المنحل، عن قرار مقاطعتها للانتخابات التشريعية المرتقبة على غرار حركة النهضة والتيار الديمقراطي وحزب العمال وكل مكونات جبهة الخلاص وائتلاف صمود وغيرها، فإن جهات سياسية وحزبية وأخرى من خارجه أعربت عن نواياها العملية في خوض هذا الاستحقاق الانتخابي والانخراط في المشهد السياسي والبرلماني المقبل بشكل أو بآخر.
فبعد تأكيد عبيد البريكي، أمين عام حركة تونس إلى الأمام، في أكثر من مناسبة عن عدم ترشحه لهذه الانتخابات مقابل مواصلة دعمه لأبناء حزبه لخوض الاستحقاق الذي يمكنهم من الفوز بمقاعد في البرلمان المقبل رغم أنه سبق أن ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2019 ثم إعلان عدنان حاجي عن استقالته من نفس الحركة وعدم ترشحه لهذه الانتخابات، كان موقف وإطلالة العميد السابق للمحامين إبراهيم بودربالة مفاجئا، بعد إعلان تأسيس مبادرة جديدة "لينتصر الشعب" تضم سياسيين ونقابيين وناشطين في المجتمع المدني ومثقفين وإعلانه ترشحه للانتخابات التشريعية المقبلة. وهي المبادرة والموقف اللذين فتحا مجال التأويل وإعادة النظر في قراءة البعض للوضع وترتيبات المرحلة السياسية المقبلة لاسيما في ظل ما كشفته عن هذه المبادرة من قيمة ونوعية قياداتها بتشكيلتها المتنوعة وحسن استعداد وترتيب للأوراق بما يضمن نجاحها في تحيز مكانة فاعلة في الدولة بعد إعلانها عن تقديم ترشحات للانتخابات في كامل الجهات، خاصة أن أسماء أخرى داخل هذه المبادرة أعربت عن نيتها أيضا في الترشح لنفس الانتخابات من بينها أحمد شفطر الذي برز في الحملة التفسيرية لمشروع سعيد وأيضا الناشطة المدنية ضحى العرفاوي.
فيما أكدت ليلى الحداد، عضو حركة الشعب والنائبة السابقة بالبرلمان المنحل عدم ترشحها لنفس الانتخابات وهو القرار الذي اتخذه أيضا أمين عام الحركة زهير المغزاوي، وفق تصريح في الغرض أدلت به لفائدة إحدى وسائل الإعلام، مؤكدة في نفس المناسبة عزم عدد آخر من قيادات الحركة على خوض هذا الاستحقاق على غرار النائبين السابقين بدرالدين القمودي وحاتم البوبكري.
من جهته أعلن سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس في عديد المرات أيضا عن نيته الترشح خاصة أنه برز في فترة ما بعد 25 جويلية 2021 بانخراط حزبه في دعم ومساندة المسار والمشاركة في المحطات المفصلية للمرحلة التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد على غرار "الاستشارة الالكترونية والحوار الوطني والاستفتاء. وأفاد الناصري أنه سيترشح عن جهته صفاقس إضافة إلى ترشح أبناء حزبه في عدة دوائر نيابية وذلك بعد التوصل إلى جمع التزكيات اللازمة باعتبار أن الحزب وضع برنامجا يستجيب في توجهاته وأهدافه لما جاء به النظام الانتخابي الجديد، رغم الاعتراض على عدة جوانب منه من أبرزها مسألة التزكيات أكدها الحزب في تصريحات قياداته أو في بيانات أصدرها في الغرض.
في سياق متصل أكدت مباركة عواينية البراهمي في حديث سابق لـ"الصباح" أنها سوف لن تترشح للانتخابات المقبلة فيما عبرت عن دعمها ومساندتها لكل من يتحلى بروح الوطنية ويأنس في نفسه القدرة والرغبة في خدمة الدولة بعيدا عن منطق المحاصصة الذي طغى على المشهد السياسي وكان سببا في دمار الحياة السياسية وإلحاق الأضرار بالدولة، وفق تقديرها. لأنها تعتبر أن التحاقها كعضو مؤسس بمبادرة "لينتصر الشعب" الهدف منه دعم الشباب والمساهمة في أخلقة الحياة السياسية وخلق جيل سياسي جديد يقطع في ثقافته ومبادئه والممارسة السياسية مع المظاهر والممارسات السلبية التي ميزت الوضع في العشرية الماضية. فيما لم يعلن منجي الرحوي، النائب السابق بالبرلمان المنحل عن قراره بعد، رغم أنه كان من مساندي المسار الذي يقوده سعيد، رغم تعارض موقفه مع مواقف بعض قيادي حزبه في "الوطد".
في سياق متصل أعرب أغلب قيادات حزب "حراك 25 جويلية" عن ترشحهم لنفس الانتخابات وفي مقدمتهم رئيس المكتب الوطني عبد الرزاق الخلولي ورئيس المكتب السياسي لنفس الحزب محمود بن مبروك إضافة إلى أحمد الركروكي وغيرهم، باعتبار أن الحزب سيشارك في أغلب الدوائر الانتخابية، رغم تهديدهم بإمكانية سحب مطالب الترشح والالتحاق بصفوف المقاطعين للانتخابات بسبب عدم استجابة رئيس الجمهورية لمطالبهم بتأجيل موعد الانتخابات وتراجعه عن مراجعة القانون الانتخابي على اعتبار أن ذلك يأتي في سياق "صفقة" بين سعيد ومنظومة ما قبل 24 جويلية من ناحية وتجاوزات للهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
ولم يتوقف قرار المشاركة في الانتخابات القادمة على سياسيين دون سواهم بل استهوى الأمر عددا آخر من الراغبين في الترشح من خارج السرب السياسي ومن مجالات مختلفة على غرار المحامي منير بن صالحة الذي أعرب عن نيته العملية للترشح للبرلمان المقبل وهو تقريبا نفس القرار الذي اتخذه صابر الهذيلي الذي عرف بـ"النقار" في "سكاتشات تلفزية" على قناة الجنوبية وتأكيده في حوار تلفزي أنه بدأ في جمع التزكيات والقيام بحملته الانتخابية مبكرا، رغم الانتقادات التي لاقاها.
ووفق ما أكدته الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فإن عدد الترشحات التي وصلت إلى مكاتبها إلى حد الآن فاقت كل التوقعات، خاصة بعد الجدل الذي أثاره القانون الانتخابي في مختلف الأوساط على اعتبار أنه تعجيزي ومجحف في حق البعض وإقصائي لفئات دون أخرى في حين أنه فتح المجال لأعداد كبيرة من المترشحين من خارج الدوائر الحزبية والسياسية.
ويذكر أن عديد الجهات أكدت أن الأحزاب التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات على غرار حركة النهضة والدستوري الحر اختارت خوض الاستحقاق الانتخابي بالتخفي وذلك عبر تقديم مترشحين بصفة مستقلين في حين أنهم يمثلون تلك الأحزاب في صفوف "ثالثة ورابعة بعد أن اختارت القيادات ورموز تلك الأحزاب الابتعاد عن لعبة "الصندوق" في هذه المرحلة.
لذلك يلوح البرلمان القادم ومن ورائه المشهد الحزبي والسياسي في شكل جديد مختلف عما ألفه الجميع خلال العشرية الماضية رغم صعوبة المرحلة والتحديات المطروحة على أكثر من صعيد، بما يعيد الوضع السياسي إلى مرحلة فرز جديدة تحيل في أبعادها إلى العودة إلى مرحلة تأسيسية لجمهورية جديدة تنطلق من إرهاصات مربع ثورة 2011 ويحيل الجميع إلى "اكتشافات" جديدة تبين المؤشرات أن أغلبها سيكون من الشباب ومن خارج دائرة الأحزاب بما يجعل البرلمان القادم تأكيد لتمش جديد لمؤسسات الدولة لاسيما أن دستور 2022 جعل من البرلمان مؤسسة تشريعية وليس سلطة تشريعية على غرار ما كان عليه الوضع سابقا، قد تكون أقرب إلى مخبر موسع لتطارح مشاغل واستحقاقات الجهات.