إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ذكرى هيئة 18 أكتوبر.. هل تكون الفرصة لإعادة النضال المشترك بين مكونات المعارضة الحقيقية؟

تونس-الصباح

يوافق اليوم 18اكتوبر ذكرى ميلاد حركة 18اكتوبر 2005 كأشهر إضراب جوع في تاريخ المعارضة التونسية ضد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وقد جمع 8 معارضين من حساسيات سياسية وإيديولوجية مختلفة جمعت يساريين وإسلاميين وعروبيين، رفعوا حينها شعار "الجوع ولا الخضوع" للتنديد باستبداد نظام 7/11.

وشكل كل من أحمد نجيب الشابي، الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي، وحمه الهمامي، الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي وعبد الرؤوف العيادي، نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية، وسمير ديلو القيادي في حركة النهضة، والقاضي الراحل مختار اليحياوي والناشط الحقوقي محمد النوري، والصحفي لطفي الحاجي، إضافة للأستاذ العياشي الهمامي النواة الصلبة في وجه الآلة القمعية لنظام بن علي.

إضراب في وقت كانت فيه بعض الأحزاب منتشية بديمقراطية الرئيس الراحل لكنها سرعان ما انقلبت عليه خلال جلسة برلمانية يوم 12جانفي 2011 لتعلن ولاءها "للثورة" بعد أن كانت موالية لصانع التغيير.

ومع تنزيل الأحداث الحاصلة اليوم ومقارنتها تاريخيا مع أحداث ما قبل انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي فان المتابع للشأن العام يلاحظ أن من عارض ديكتاتورية بن علي هم أنفسهم من يقفون في وجه ما يسمونه اليوم بـ"الانقلاب".

فجل الأحزاب الرافضة لسياسات قيس سعيد هي تلك الأطراف التي آمنت بالديمقراطية زمن "التخمة النوفميرية" وعملت على ضمان الحد الأدنى منها رغم القمع المسلط على المناضلين.

اختلاف.. فتقابل

ولئن اختلف الفاعلون الأساسيون في جبهة 18اكتوير خلال السنوات العشر الماضية وفرقتهم اهتماماتهم السياسية فقد عادت الصفوف لتتوحد في مواجهة قرارات قيس سعيد منذ مساء 24جويلية 2021.

وعلى الرغم من تعهد الرئيس بالحفاظ على المكتسبات فان ذلك لم يقنع البعض وأكدوا في أكثر من مناسبة زيف ادعاءات صاحب التدابير الاستثنائية ليجددوا العهدة النضالية من خلال التحركات الميدانية والدعوة إلى الشارع أو عبر البيانات المتواصلة.

وبحسب المواقف وتجميعها منذ استعمال الفصل 80 وتأويله رئاسيا، بات واضحا أن الرافضين "لانقلاب'' 25 جويلية (باستثناء حزب التيار الديمقراطي والدستوري الحر) هي تلك المجموعات السياسية التي شكلت في مرحلة من المراحل حجر عثرة أمام سياسات وهي ذاتها من تواصل التحرك داخل مربع المعارضة.

توحيد الصف.. تجاوز الإيديولوجي

وتعمل المعارضة على توحيد الصف مجددا وهو ما أظهره خطاب القيادي بجبهة الخلاص نجيب الشابي الذي دعا بمناسبة ذكرى عيد الجلاء يوم 15اكتوبر إلى تركيز المجهودات، مؤكدا على أن يده ممدودة للحوار مع بقية الأحزاب.

غير أن مبادرة الشابي قد تصدم بواقع الصراع الإيديولوجي المسيطر على جل الأطراف السياسية رغم المشترك الكبير بين الأحزاب وأهمها مناهضتهم لإجراءات سعيد وتحولات المشهد عموما من التشاركية إلى التفرد بالسلطة.

ويرى البعض أن المانع الإيديولوجي مجرد وهم قد يتلاشى أمام المصلحة الوطنية في ظل البحث الدائم لجل الأحزاب الداعمة للديمقراطية عن الحد الأدنى المضمون سواء لإدارة اختلافاتها وترشيدها وتحويلها إلى قوة دفع لحل الأزمة الراهنة أو للبناء المشترك.

وفي هذا السياق، وتحت ضرورة الانقلاب عملت أطراف على تحويل خلافاتها إلى عمل سياسي موحد، حيث نجحت أحزاب الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي وحزب العمال وحزب القطب في خلق مبادرة تنسيقية الأحزاب والشخصيات الديموقراطية.

كما خلقت المبادرة الديمقراطية (مواطنون ضد الانقلاب)في التقليل من منسوب الصراع الفكري والإيديولوجي بين الشخصيات المكونة لهذه المبادرة لتخلق بذلك جملة من التوازنات بين الإسلاميين واليساريين والقوميين والمستقلين.

وشكل هذا الحافز مدخلا تمكن من خلاله احمد نجيب الشابي من لعب ادوار متقدمة في تجميع جزء واسع من المعارضة وهو نفس الدور الذي لعبه تقريبا في هيئة 18اكتوبر للحقوق والحريات.

مرونة.. أم انتهازية

ورغم تحولات المشهد السياسي العميق، أبدى نجيب الشابي مرونة في التعامل مع حركة النهضة رغم موقفه منها خلال أشغال المجلس الوطني التأسيسي.

وشكك متابعون في النوايا الصادقة لهذا التحالف منذ بدايته، على اعتبار أن الشابي كثيرا ما أعلن عن استعدائه لحركة النهضة التي تشكل العمود الفقري لمواطنين ضد الانقلاب سواء منذ الجلسات الأولى للمجلس الوطني التأسيسي أو ما تلاها من تحركات اثر اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي أو ما يعرف باعتصام الرحيل الذي دفع برئيس الحكومة الأسبق علي العريض لإعلان الاستقالة وتسليم المهام لحكومة مهدي جمعة.

تحالف ملغوم

وقد التقط متابعون هذا المعطى التاريخي ليصفوا التجمع السياسي بالانتهازي، حيث شخصية الشابي الباحثة عن خروج من الباب السياسي الكبير وتحقيق حلمه برئاسة الدولة وبين حركة النهضة الساعية لفك العزلة عنها بعد أن عجزت عن مسايرة أحداث 25/7 في البداية.

تهمة الانتهازية، وجدت صداها داخل بعض الأوساط الضيقة سيما تلك التي اختارت نهج الاصطفاف وراء رئيس الجمهورية قيس سعيد على أمل أن تقنعه بالالتفات إليها من خلال سب خصوم الرئيس والتنكيل بهم معنويا.

كما وجد هذا الوصف طريقه عند أطراف حزبية التي كثيرا ما استعدت حركة النهضة وعملت جاهدة للإبقاء على حزب موبليزير داخل مربع العزلة والرفض.

لقاء موضوعي…

في المقابل تقف شخصيات أخرى لتؤكد على أن تحالف الشابي والنهضة ويساريين وقوميين ومستقلين يأتي في إطار المبادرة السياسية المشتركة هو تحالف موضوعي أملته ظروف ''الخطر الداهم" بعد أن اشتركت الأطراف المذكورة في تحديد الحد الأدنى السياسي وهو إنهاء الحالة الاستثنائية أولا ومناهضة إجراءات سعيد ثانيا وعودة الديمقراطية ثالثا.

ويرفض أصحاب هذا الرأي أن توصف المبادرة بالانتهازية بعد أن أثبتت تماسكها وتأثيرها الايجابي على الواقع السياسي لتنجح في التشكيك بجدوى الاستشارة الالكترونية وفي إقناع أحزاب ومنظمات وشخصيات مدنية وسياسية وازنة للالتحاق بالمبادرة.

تقارب مع البقية

وإذا كان تقارب الشابي مع النهضة واضحا فانه في المقابل أيضا يحظى الشابي باحترام جزء واسع من المعارضة التونسية، فقد كان الشابي ابرز مؤسسي الحزب الجمهوري والذي يتزعمه شقيقه الأصغر عصام الشابي.

كما أن لنجيب الشابي علاقة متقدمة بحزب التيار الديمقراطي خاصة وأن أبرز قيادات مثل محمد الحامدي وسفيان المخلوفي وشكري الجلاصي كانوا جزءا مهما في مناقشات تشكيل الحزب الجمهوري سنة 2012 الذي ترأسته حينها الراحلة مية الجريبي.

فهل تكون ذكرى 18اكتوبر فرصة لإعادة النضال المشترك بين مكونات المعارضة الحقيقية؟

خليل الحناشي

في ذكرى هيئة 18 أكتوبر.. هل تكون الفرصة لإعادة النضال المشترك بين مكونات المعارضة الحقيقية؟

تونس-الصباح

يوافق اليوم 18اكتوبر ذكرى ميلاد حركة 18اكتوبر 2005 كأشهر إضراب جوع في تاريخ المعارضة التونسية ضد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وقد جمع 8 معارضين من حساسيات سياسية وإيديولوجية مختلفة جمعت يساريين وإسلاميين وعروبيين، رفعوا حينها شعار "الجوع ولا الخضوع" للتنديد باستبداد نظام 7/11.

وشكل كل من أحمد نجيب الشابي، الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي، وحمه الهمامي، الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي وعبد الرؤوف العيادي، نائب رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية، وسمير ديلو القيادي في حركة النهضة، والقاضي الراحل مختار اليحياوي والناشط الحقوقي محمد النوري، والصحفي لطفي الحاجي، إضافة للأستاذ العياشي الهمامي النواة الصلبة في وجه الآلة القمعية لنظام بن علي.

إضراب في وقت كانت فيه بعض الأحزاب منتشية بديمقراطية الرئيس الراحل لكنها سرعان ما انقلبت عليه خلال جلسة برلمانية يوم 12جانفي 2011 لتعلن ولاءها "للثورة" بعد أن كانت موالية لصانع التغيير.

ومع تنزيل الأحداث الحاصلة اليوم ومقارنتها تاريخيا مع أحداث ما قبل انتفاضة 17ديسمبر 14جانفي فان المتابع للشأن العام يلاحظ أن من عارض ديكتاتورية بن علي هم أنفسهم من يقفون في وجه ما يسمونه اليوم بـ"الانقلاب".

فجل الأحزاب الرافضة لسياسات قيس سعيد هي تلك الأطراف التي آمنت بالديمقراطية زمن "التخمة النوفميرية" وعملت على ضمان الحد الأدنى منها رغم القمع المسلط على المناضلين.

اختلاف.. فتقابل

ولئن اختلف الفاعلون الأساسيون في جبهة 18اكتوير خلال السنوات العشر الماضية وفرقتهم اهتماماتهم السياسية فقد عادت الصفوف لتتوحد في مواجهة قرارات قيس سعيد منذ مساء 24جويلية 2021.

وعلى الرغم من تعهد الرئيس بالحفاظ على المكتسبات فان ذلك لم يقنع البعض وأكدوا في أكثر من مناسبة زيف ادعاءات صاحب التدابير الاستثنائية ليجددوا العهدة النضالية من خلال التحركات الميدانية والدعوة إلى الشارع أو عبر البيانات المتواصلة.

وبحسب المواقف وتجميعها منذ استعمال الفصل 80 وتأويله رئاسيا، بات واضحا أن الرافضين "لانقلاب'' 25 جويلية (باستثناء حزب التيار الديمقراطي والدستوري الحر) هي تلك المجموعات السياسية التي شكلت في مرحلة من المراحل حجر عثرة أمام سياسات وهي ذاتها من تواصل التحرك داخل مربع المعارضة.

توحيد الصف.. تجاوز الإيديولوجي

وتعمل المعارضة على توحيد الصف مجددا وهو ما أظهره خطاب القيادي بجبهة الخلاص نجيب الشابي الذي دعا بمناسبة ذكرى عيد الجلاء يوم 15اكتوبر إلى تركيز المجهودات، مؤكدا على أن يده ممدودة للحوار مع بقية الأحزاب.

غير أن مبادرة الشابي قد تصدم بواقع الصراع الإيديولوجي المسيطر على جل الأطراف السياسية رغم المشترك الكبير بين الأحزاب وأهمها مناهضتهم لإجراءات سعيد وتحولات المشهد عموما من التشاركية إلى التفرد بالسلطة.

ويرى البعض أن المانع الإيديولوجي مجرد وهم قد يتلاشى أمام المصلحة الوطنية في ظل البحث الدائم لجل الأحزاب الداعمة للديمقراطية عن الحد الأدنى المضمون سواء لإدارة اختلافاتها وترشيدها وتحويلها إلى قوة دفع لحل الأزمة الراهنة أو للبناء المشترك.

وفي هذا السياق، وتحت ضرورة الانقلاب عملت أطراف على تحويل خلافاتها إلى عمل سياسي موحد، حيث نجحت أحزاب الجمهوري والتكتل والتيار الديمقراطي وحزب العمال وحزب القطب في خلق مبادرة تنسيقية الأحزاب والشخصيات الديموقراطية.

كما خلقت المبادرة الديمقراطية (مواطنون ضد الانقلاب)في التقليل من منسوب الصراع الفكري والإيديولوجي بين الشخصيات المكونة لهذه المبادرة لتخلق بذلك جملة من التوازنات بين الإسلاميين واليساريين والقوميين والمستقلين.

وشكل هذا الحافز مدخلا تمكن من خلاله احمد نجيب الشابي من لعب ادوار متقدمة في تجميع جزء واسع من المعارضة وهو نفس الدور الذي لعبه تقريبا في هيئة 18اكتوبر للحقوق والحريات.

مرونة.. أم انتهازية

ورغم تحولات المشهد السياسي العميق، أبدى نجيب الشابي مرونة في التعامل مع حركة النهضة رغم موقفه منها خلال أشغال المجلس الوطني التأسيسي.

وشكك متابعون في النوايا الصادقة لهذا التحالف منذ بدايته، على اعتبار أن الشابي كثيرا ما أعلن عن استعدائه لحركة النهضة التي تشكل العمود الفقري لمواطنين ضد الانقلاب سواء منذ الجلسات الأولى للمجلس الوطني التأسيسي أو ما تلاها من تحركات اثر اغتيال القيادي القومي محمد البراهمي أو ما يعرف باعتصام الرحيل الذي دفع برئيس الحكومة الأسبق علي العريض لإعلان الاستقالة وتسليم المهام لحكومة مهدي جمعة.

تحالف ملغوم

وقد التقط متابعون هذا المعطى التاريخي ليصفوا التجمع السياسي بالانتهازي، حيث شخصية الشابي الباحثة عن خروج من الباب السياسي الكبير وتحقيق حلمه برئاسة الدولة وبين حركة النهضة الساعية لفك العزلة عنها بعد أن عجزت عن مسايرة أحداث 25/7 في البداية.

تهمة الانتهازية، وجدت صداها داخل بعض الأوساط الضيقة سيما تلك التي اختارت نهج الاصطفاف وراء رئيس الجمهورية قيس سعيد على أمل أن تقنعه بالالتفات إليها من خلال سب خصوم الرئيس والتنكيل بهم معنويا.

كما وجد هذا الوصف طريقه عند أطراف حزبية التي كثيرا ما استعدت حركة النهضة وعملت جاهدة للإبقاء على حزب موبليزير داخل مربع العزلة والرفض.

لقاء موضوعي…

في المقابل تقف شخصيات أخرى لتؤكد على أن تحالف الشابي والنهضة ويساريين وقوميين ومستقلين يأتي في إطار المبادرة السياسية المشتركة هو تحالف موضوعي أملته ظروف ''الخطر الداهم" بعد أن اشتركت الأطراف المذكورة في تحديد الحد الأدنى السياسي وهو إنهاء الحالة الاستثنائية أولا ومناهضة إجراءات سعيد ثانيا وعودة الديمقراطية ثالثا.

ويرفض أصحاب هذا الرأي أن توصف المبادرة بالانتهازية بعد أن أثبتت تماسكها وتأثيرها الايجابي على الواقع السياسي لتنجح في التشكيك بجدوى الاستشارة الالكترونية وفي إقناع أحزاب ومنظمات وشخصيات مدنية وسياسية وازنة للالتحاق بالمبادرة.

تقارب مع البقية

وإذا كان تقارب الشابي مع النهضة واضحا فانه في المقابل أيضا يحظى الشابي باحترام جزء واسع من المعارضة التونسية، فقد كان الشابي ابرز مؤسسي الحزب الجمهوري والذي يتزعمه شقيقه الأصغر عصام الشابي.

كما أن لنجيب الشابي علاقة متقدمة بحزب التيار الديمقراطي خاصة وأن أبرز قيادات مثل محمد الحامدي وسفيان المخلوفي وشكري الجلاصي كانوا جزءا مهما في مناقشات تشكيل الحزب الجمهوري سنة 2012 الذي ترأسته حينها الراحلة مية الجريبي.

فهل تكون ذكرى 18اكتوبر فرصة لإعادة النضال المشترك بين مكونات المعارضة الحقيقية؟

خليل الحناشي