أنهى الاتحاد العام التونسي للشغل جولة جديدة من مسار التقاضي في القضية المرفوعة ضد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي الذي التأم في مدينة سوسة صائفة 2021 وما تلاه من قرارات.
فبعد أن خسرت قيادات المنظمة الطور الابتدائي وقالت المحكمة الابتدائية بتونس في 25 نوفمبر 2021 كلمتها وأقرت ببطلان المؤتمر الاستثنائي تنفس المكتب التنفيذي الصعداء حين قضت الدائرة القضائية لدى محكمة الاستئناف بتونس أمس الأول بنقض الحكم الابتدائي.
ونشر الاتحاد بلاغا مقتضبا جاء فيه ”قضت الدائرة الاستئنافية بمحكمة تونس بنقض الحكم الابتدائي المتعلق بمخرجات المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي المنعقد صيف 2021 بما يعني قبول وجهة نظر الاتحاد في المسألة المذكورة.. الحق ينتصر دوما.. الحكم بالنقض".
وبمجرد إعلان الحكم الجديد استئنافيا قررت المعارضة النقابية التوجه الى دائرة التعقيب لخوض جولة جديدة من التقاضي وهو ما يعني إما كسب المعركة النقابية نهائيا أو تثبيت المكتب الحالي للمنظمة وإنهاء كل أشكال التشكيك في شرعيته قضائيا على الأقل.
وأمام تحولات المشهد النقابي تساءل نقابيون هل سيتخلص الاتحاد من حالة الارتباك واستعادة اللحظة النضالية أم أنه سيحافظ على نفس التردد وعدم قدرته على حسم المسائل السياسية والاجتماعية؟
حالة من "البهتة" السياسية تلك التي أصابت الاتحاد منذ الأحد 25 جويلية 2021 لتفقد بعدها المنظمة القدرة على التحرك والمبادرة في اتجاه حل الأزمة وفرض صوت المنظمة وموقفها.
ومنذ إعلان التدابير الاستثنائية فقدت المنظمة توازنها داخل المشهد وقدرتها على خلق البدائل مع الرفض الواضح للرئيس لأي تعامل محتمل معها لا في إطار مبادرة حوار جادة ولا في خريطة طريق تشاركية.
ويتعامل سعيد مع الاتحاد كغيره من المنظمات ودون أي أسبقية معنوية للمنظمة الأمر الذي دفع بالأمين العام للمنظمة للتحرك اجتماعيا وسياسيا مع اخذ الحيطة والمحافظة على "شعرة معاوية" في علاقته بالرئيس.
وقد زاد التشكيك في شرعية المكتب التنفيذي للمنظمة بعد التمديد لعدد من أعضائه رغم المعارضة الداخلية في خلق حالة من الضغط .
وعبر عدد من النقابيين عن أن يُستغل هذا الخلاف القضائي في إرباك المنظمة وإضعاف أداء المكتب أو حتى الإطاحة به لاحقا .
واعترف أمين عام المنظمة خلال إشرافه على افتتاح المؤتمر الجهوي بمنوبة بهذه النقاط حيث قال "إن تونس بين كماشتين من خارج حدود الوطن، الأولى ترى أنه يجب الإبقاء على التوازنات في البلاد من بينها الاتحاد، والأخرى ترى انه يجب إضعاف الحركة النقابية في تونس وضرب الاتحاد العام التونسي للشغل أساسا، مبينا أن الهدف من ذلك هو رفع الدعم و بيع المؤسسات العمومية."
وعلى الرغم من صوته العالي أحيانا فقد راوحت مواقف المنظمة بين معارضة وموالاة لسياسة سعيد لعل أبرزها تقييم اتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء.
فبعد انتقاده الموضوعي للدستور المعروض على الاستفتاء خيّر الاتحاد الوقوف على الحياد رغم حجم التخوفات المعلنة في بيان علقت القوى الديمقراطية الكثير من الآمال عليه.
فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر أن التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.
كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.
كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.
وبالرغم من كل هذا النقد وتسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما يسمى بالجمهورية جديدة أمين محفوظ.
وإذ لا يشكك احد في قدرة الاتحاد على خلق التوازنات السياسية والاجتماعية وإمكانياته في دعم المد الديمقراطي بدفاعه عن الحقوق والحريات كما هو حال المنظمة سنة 2013 و2014 فان ذلك قد يتكرر في ظل مشهد اجتماعي متفجر ووضع اقتصادي هش وواقع سياسي غامض.
فهل يستعيد الاتحاد موقعه كدعامة ديمقراطية أم سيحافظ على موقعه كعبء سياسي واجتماعي ثقيل؟
خليل الحناشي
تونس-الصباح
أنهى الاتحاد العام التونسي للشغل جولة جديدة من مسار التقاضي في القضية المرفوعة ضد المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل على خلفية المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي الذي التأم في مدينة سوسة صائفة 2021 وما تلاه من قرارات.
فبعد أن خسرت قيادات المنظمة الطور الابتدائي وقالت المحكمة الابتدائية بتونس في 25 نوفمبر 2021 كلمتها وأقرت ببطلان المؤتمر الاستثنائي تنفس المكتب التنفيذي الصعداء حين قضت الدائرة القضائية لدى محكمة الاستئناف بتونس أمس الأول بنقض الحكم الابتدائي.
ونشر الاتحاد بلاغا مقتضبا جاء فيه ”قضت الدائرة الاستئنافية بمحكمة تونس بنقض الحكم الابتدائي المتعلق بمخرجات المؤتمر الاستثنائي غير الانتخابي المنعقد صيف 2021 بما يعني قبول وجهة نظر الاتحاد في المسألة المذكورة.. الحق ينتصر دوما.. الحكم بالنقض".
وبمجرد إعلان الحكم الجديد استئنافيا قررت المعارضة النقابية التوجه الى دائرة التعقيب لخوض جولة جديدة من التقاضي وهو ما يعني إما كسب المعركة النقابية نهائيا أو تثبيت المكتب الحالي للمنظمة وإنهاء كل أشكال التشكيك في شرعيته قضائيا على الأقل.
وأمام تحولات المشهد النقابي تساءل نقابيون هل سيتخلص الاتحاد من حالة الارتباك واستعادة اللحظة النضالية أم أنه سيحافظ على نفس التردد وعدم قدرته على حسم المسائل السياسية والاجتماعية؟
حالة من "البهتة" السياسية تلك التي أصابت الاتحاد منذ الأحد 25 جويلية 2021 لتفقد بعدها المنظمة القدرة على التحرك والمبادرة في اتجاه حل الأزمة وفرض صوت المنظمة وموقفها.
ومنذ إعلان التدابير الاستثنائية فقدت المنظمة توازنها داخل المشهد وقدرتها على خلق البدائل مع الرفض الواضح للرئيس لأي تعامل محتمل معها لا في إطار مبادرة حوار جادة ولا في خريطة طريق تشاركية.
ويتعامل سعيد مع الاتحاد كغيره من المنظمات ودون أي أسبقية معنوية للمنظمة الأمر الذي دفع بالأمين العام للمنظمة للتحرك اجتماعيا وسياسيا مع اخذ الحيطة والمحافظة على "شعرة معاوية" في علاقته بالرئيس.
وقد زاد التشكيك في شرعية المكتب التنفيذي للمنظمة بعد التمديد لعدد من أعضائه رغم المعارضة الداخلية في خلق حالة من الضغط .
وعبر عدد من النقابيين عن أن يُستغل هذا الخلاف القضائي في إرباك المنظمة وإضعاف أداء المكتب أو حتى الإطاحة به لاحقا .
واعترف أمين عام المنظمة خلال إشرافه على افتتاح المؤتمر الجهوي بمنوبة بهذه النقاط حيث قال "إن تونس بين كماشتين من خارج حدود الوطن، الأولى ترى أنه يجب الإبقاء على التوازنات في البلاد من بينها الاتحاد، والأخرى ترى انه يجب إضعاف الحركة النقابية في تونس وضرب الاتحاد العام التونسي للشغل أساسا، مبينا أن الهدف من ذلك هو رفع الدعم و بيع المؤسسات العمومية."
وعلى الرغم من صوته العالي أحيانا فقد راوحت مواقف المنظمة بين معارضة وموالاة لسياسة سعيد لعل أبرزها تقييم اتحاد العام التونسي للشغل للنص الدستوري المعروض على الاستفتاء.
فبعد انتقاده الموضوعي للدستور المعروض على الاستفتاء خيّر الاتحاد الوقوف على الحياد رغم حجم التخوفات المعلنة في بيان علقت القوى الديمقراطية الكثير من الآمال عليه.
فقد أصدر الاتحاد مجموعة من الملاحظات حول مشروع الدستور الصادر بالرّائد الرسمي بتاريخ 30 جوان 2022 ليعتبر أن التوطئة لا تليق بدستور تونس ووضعت خصّيصا لتبرير 25 جويلية، وتحقيق رغبة شخصية في كتابة تاريخ جديد.
كما اعتبرت ملاحظات الاتحاد أن مشروع الدستور لم يأخذ بعين الاعتبار إرادة واختيارات المشاركين في الحوار الاستشاري بدار الضيافة الاستشارة ولا بمشروع اللجنة الاستشارية المكلّفة بالصياغة وانفرد واضعه بالرأي واستبد بالاختيار عكس ما صرّحت به التوطئة.
كما أشار الاتحاد إلى وجود إخلال بمبدأي الفصل والتوازن بين السلط في المشروع، معتبرا أنه مكّن رئيس الجمهورية من التحكم في جميع السلطات ومركز بين يديه جميع الصلاحيات وجعله فوق كل محاسبة ومراقبة وحصّنه من كلّ مساءلة سياسية أو جزائية.
وبالرغم من كل هذا النقد وتسليطه الضوء على مجموع المخاوف الواردة في دستور سعيد فقد اتخذ الاتحاد موقفا مخيبا للآمال حسب توصيف أستاذ القانون الدستوري وعضو الهيئة الاستشارية لما يسمى بالجمهورية جديدة أمين محفوظ.
وإذ لا يشكك احد في قدرة الاتحاد على خلق التوازنات السياسية والاجتماعية وإمكانياته في دعم المد الديمقراطي بدفاعه عن الحقوق والحريات كما هو حال المنظمة سنة 2013 و2014 فان ذلك قد يتكرر في ظل مشهد اجتماعي متفجر ووضع اقتصادي هش وواقع سياسي غامض.
فهل يستعيد الاتحاد موقعه كدعامة ديمقراطية أم سيحافظ على موقعه كعبء سياسي واجتماعي ثقيل؟