بعد إعلان رئاسة الجمهورية في بلاغ لها عن نية الرئيس سعيد لدى لقائه الجمعة الماضي رئيسة الحكومة نجلاء بودن، تعديل المرسوم الانتخابي، اتضح أن الهيئة المستقلة للانتخابات ليس لها علم بتفاصيل التعديل واتجاهاته، وهي بصدد انتظار مضمون التنقيحات التي سيتم إدخالها على المرسوم عدد 55 الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2022، قبل التفاعل معها وإبداء موقف بشأنها.
وينتظر أن يتم الكشف عن ملامح التعديلات التي سيتم إدخالها على المرسوم الانتخابي المنظم للانتخابات التشريعية المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل، خلال هذا الأسبوع على أقصى تقدير بعد أن يتم مناقشته خلال مجلس وزاري، وربما عرض ملامحه واتجاهاته قبل ذلك – للاستشارة – على مجلس هيئة الانتخابات..
ففي أول رد فعل على قرار الرئيس سعيد تعديل المرسوم الانتخابي، اعتبر رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أن ”من الأفضل عدم المساس بالقانون الانتخابي خلال هذه الفترة” وأكد على ضرورة ألا يكون للتعديل تأثير على حسن سير العملية الانتخابية..
ونقلت إذاعة “جوهرة ” عن بوعسكر تشديده خلال إشرافه أمس بسوسة على افتتاح دورة تكوينية لفائدة إطارات الهيئات الفرعية، على “ضرورة أن يكون التنقيح او التعديل مدروسا” وعلى “وجوب ان يتم ذلك بعد أخذ رأي هيئة الانتخابات “.
وأشار رئيس الهيئة الى أن قرار تنقيح القانون الانتخابي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يزال قيد الدرس والى انه سيكون لهيئة الانتخابات رأي في الموضوع .
وابرز أن "هدف التنقيح الحدّ من ظاهرة بيع وشراء التزكيات واستغلال رؤساء الإدارات المحلية مواقعهم ونفوذهم للتأثير على عملية التزكيات"، مستبعدا الاستغناء عن التزكيات والسبب في ذلك انطلاق العملية الانتخابية وقيام حوالي 140 ألف مواطن بالتزكيات.
بدوره، قال نائب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي، إنّ التحويرات التي قد تطرأ على مرسوم الانتخابات لا يجب أن تكون جوهرية بل يجب أن تكون في حدود الاخلالات المرصودة وتحديدا في ''طريقة جمع التزكيات''.
وأكّد الجديدي أمس في تصريح لراديو موزاييك أن الهيئة أعلمت رئاسة الجمهورية بضرورة عدم المس بجوهر المرسوم وأن يقتصر التنقيح على إيقاف ظاهرة جمع التزكيات بطريقة غير قانونية فقط وتحييد الإدارة.
وبيّن أنّ الهيئة تنتظر صدور تعديل مرسوم الانتخابات لنتفاعل معه، وأنّها لن تقف مكتوفة الأيدي في صورة تم المس بجوهر المرسوم، قائلا: ''ستسمعون صوت هيئة الانتخابات لو تم المسّ بشروط الترشّح''.
وأقر الجديدي برصد اخلالات كبيرة عاينها أعوان الهيئة في علاقة بجمع التزكيات، وقد تم إعداد تقارير في هذا الخصوص ورفعها إلى القضاء، قائلا: ''الاخلالات تتمثل في جمع التزكيات بطريقة غير قانونية حتى من طرف الأعوان المنتدبين من طرف هيئة الانتخابات في مقرات المعتمديات المكلفين بالتعريف بالإمضاء، لكن أكثر الاخلالات تم رصدها في البلديات ''.
وأضاف: ''بعض الأعوان قاموا بعمليات التعريف بالإمضاء للتزكيات دون حضور المزكّين وهناك أيضا من قاموا بجمع تزكيات لرؤساء بلديات أبدوا رغبتهم في الترشح للانتخابات التشريعية''، متابعا في هذا الإطار: ''المجالس البلدية ورؤساء البلديات هم أكثر ناس محمول عليهم الحياد في العملية الانتخابية..'
ويُفهم من تصريحات رئيس الهيئة ونائبه، أن هيئة الانتخابات لا تعارض تعديل المرسوم الانتخابي من حيث المبدأ، لكنها تشترط أن يشمل التعديل فقط بعض الجوانب الإجرائية مثل شرط التزكيات، دون أن يمس التعديل المنتظر من جوهر القانون الانتخابي كأن يفرض على الهيئة تغييرات جذرية على الرزنامة الانتخابية أو يضع شروطا جديدة على المترشحين للانخابات..
وبالعودة إلى بلاغات رئاسة الجمهورية، وخاصة منها البلاغان الصادران تباعا يوم 5 أكتوبر الجاري، والبلاغ الصادر يوم 7 من نفس الشهر، يتضح أن نية التعديل تتجه نحو الفصول المتعلقة بشروط الترشح خاصة ما يهم شرط جمع التزكيات التي أثارت الكثير من اللغط والجدل وخاصة ما راج عن وجود تجاوزات قانونية في علاقة بانتشار ظاهرة شراء الذمم والتزكيات لجمع أكبر عدد ممكن منها..
كما يفهم من بلاغات رئاسة الجمهورية، أن هناك توجها للتوسع في الأشخاص الممنوعين من الترشح لتشمل التنقيح الفصل 20 جديد من المرسوم 55، بإضافة أعضاء المجالس البلدية في قائمة الممنوعين، وهذا الأمر توضح أكثر في البلاغ الثاني، حيث حمّل الرئيس سعيد، المسؤولية لأعضاء المجالس المحلية واتهمهم بأنهم "لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانوناً وصارت التزكيات سوقاً تباع فيها الذمم وتُشترى".
يذكر أن قرار الرئيس سعيد تعديل المرسوم الانتخابي، جوبه بانتقادات من قبل سياسيين وأحزاب، لكن أيضا من قبل نشطاء بالمجتمع المدني وممثلين عن جمعيات مختصة في مراقبة الشأن الانتخابي على غرار "مراقبون"، و"عتيد"..
وقال بسام معطر رئيس جمعية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد) في هذا الشأن ان إدخال تغييرات على القانون الانتخابي في هذه الفترة وبعد انطلاق المسار مخالف للمعايير الفضلى للانتخابات ويمس بمبادئ النزاهة والشفافية والديمقراطية.
كما انتقد قرار التعديل خبراء في القانون على غرار أستاذ القانون العام الصغير الزكراوي، الذي اعتبر أن إعلان رئيس الجمهورية عن تعديل القانون الانتخابي “يدل على أننا لسنا في ظل دولة” وانه “لا يمكن إدارة الدولة بمثل هذه الطريقة”..
وقال أمس في حوار مع “الإذاعة الوطنية”:" أجبر القانون الانتخابي المترشحين على اللجوء الى وسائل غير قانونية لان عدد التزكيات مهول بالإضافة الى إغراق الهيئة والإدارات بإجراءات ثقيلة ومكلفة ولذلك يجبر المترشحون على الالتجاء الى وسائل غير قانونية، وإذا كانت الغاية هي مقاومة الفساد والمال الفاسد فإنها عكس ذلك تعكر الوضعية وتؤدي الى المزيد من الفساد وتفتح الباب على مصراعيه للفساد وهذا يرجعنا الى سبب المشكل الأصلي وهو طريقة إدارة الدولة وإدارة الشأن العام..
تجدر الإشارة إلى أن رئاسة الجمهورية كانت قد أعلنت يوم 7 أكتوبر أن الرئيس قيس سعيد تطرق خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن الى مسألة التلاعب بالتزكيات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. وأكد “على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة ووضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة بالمال الفاسد وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات خاصة بعد أن تبين أن عددا من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانونا وصارت التزكيات سوقا تباع فيها الذمم وتُشترى”.
وجاء في بلاغ رئاسة الجمهورية أن "سعيد أكد على أنه إذا لم يحقق التشريع الحالي أهدافه فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة” مشيرا الى ان “هدف الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم على العدالة مثلما تبين ذلك من الأبحاث، هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى خوفا من الإرادة الشعبية الحقيقية التي ستفرزها صناديق الاقتراع يوم 17 ديسمبر المقبل”.
رفيق
تونس- الصباح
بعد إعلان رئاسة الجمهورية في بلاغ لها عن نية الرئيس سعيد لدى لقائه الجمعة الماضي رئيسة الحكومة نجلاء بودن، تعديل المرسوم الانتخابي، اتضح أن الهيئة المستقلة للانتخابات ليس لها علم بتفاصيل التعديل واتجاهاته، وهي بصدد انتظار مضمون التنقيحات التي سيتم إدخالها على المرسوم عدد 55 الصادر بتاريخ 15 سبتمبر 2022، قبل التفاعل معها وإبداء موقف بشأنها.
وينتظر أن يتم الكشف عن ملامح التعديلات التي سيتم إدخالها على المرسوم الانتخابي المنظم للانتخابات التشريعية المقررة ليوم 17 ديسمبر المقبل، خلال هذا الأسبوع على أقصى تقدير بعد أن يتم مناقشته خلال مجلس وزاري، وربما عرض ملامحه واتجاهاته قبل ذلك – للاستشارة – على مجلس هيئة الانتخابات..
ففي أول رد فعل على قرار الرئيس سعيد تعديل المرسوم الانتخابي، اعتبر رئيس الهيئة فاروق بوعسكر أن ”من الأفضل عدم المساس بالقانون الانتخابي خلال هذه الفترة” وأكد على ضرورة ألا يكون للتعديل تأثير على حسن سير العملية الانتخابية..
ونقلت إذاعة “جوهرة ” عن بوعسكر تشديده خلال إشرافه أمس بسوسة على افتتاح دورة تكوينية لفائدة إطارات الهيئات الفرعية، على “ضرورة أن يكون التنقيح او التعديل مدروسا” وعلى “وجوب ان يتم ذلك بعد أخذ رأي هيئة الانتخابات “.
وأشار رئيس الهيئة الى أن قرار تنقيح القانون الانتخابي الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد لا يزال قيد الدرس والى انه سيكون لهيئة الانتخابات رأي في الموضوع .
وابرز أن "هدف التنقيح الحدّ من ظاهرة بيع وشراء التزكيات واستغلال رؤساء الإدارات المحلية مواقعهم ونفوذهم للتأثير على عملية التزكيات"، مستبعدا الاستغناء عن التزكيات والسبب في ذلك انطلاق العملية الانتخابية وقيام حوالي 140 ألف مواطن بالتزكيات.
بدوره، قال نائب رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات ماهر الجديدي، إنّ التحويرات التي قد تطرأ على مرسوم الانتخابات لا يجب أن تكون جوهرية بل يجب أن تكون في حدود الاخلالات المرصودة وتحديدا في ''طريقة جمع التزكيات''.
وأكّد الجديدي أمس في تصريح لراديو موزاييك أن الهيئة أعلمت رئاسة الجمهورية بضرورة عدم المس بجوهر المرسوم وأن يقتصر التنقيح على إيقاف ظاهرة جمع التزكيات بطريقة غير قانونية فقط وتحييد الإدارة.
وبيّن أنّ الهيئة تنتظر صدور تعديل مرسوم الانتخابات لنتفاعل معه، وأنّها لن تقف مكتوفة الأيدي في صورة تم المس بجوهر المرسوم، قائلا: ''ستسمعون صوت هيئة الانتخابات لو تم المسّ بشروط الترشّح''.
وأقر الجديدي برصد اخلالات كبيرة عاينها أعوان الهيئة في علاقة بجمع التزكيات، وقد تم إعداد تقارير في هذا الخصوص ورفعها إلى القضاء، قائلا: ''الاخلالات تتمثل في جمع التزكيات بطريقة غير قانونية حتى من طرف الأعوان المنتدبين من طرف هيئة الانتخابات في مقرات المعتمديات المكلفين بالتعريف بالإمضاء، لكن أكثر الاخلالات تم رصدها في البلديات ''.
وأضاف: ''بعض الأعوان قاموا بعمليات التعريف بالإمضاء للتزكيات دون حضور المزكّين وهناك أيضا من قاموا بجمع تزكيات لرؤساء بلديات أبدوا رغبتهم في الترشح للانتخابات التشريعية''، متابعا في هذا الإطار: ''المجالس البلدية ورؤساء البلديات هم أكثر ناس محمول عليهم الحياد في العملية الانتخابية..'
ويُفهم من تصريحات رئيس الهيئة ونائبه، أن هيئة الانتخابات لا تعارض تعديل المرسوم الانتخابي من حيث المبدأ، لكنها تشترط أن يشمل التعديل فقط بعض الجوانب الإجرائية مثل شرط التزكيات، دون أن يمس التعديل المنتظر من جوهر القانون الانتخابي كأن يفرض على الهيئة تغييرات جذرية على الرزنامة الانتخابية أو يضع شروطا جديدة على المترشحين للانخابات..
وبالعودة إلى بلاغات رئاسة الجمهورية، وخاصة منها البلاغان الصادران تباعا يوم 5 أكتوبر الجاري، والبلاغ الصادر يوم 7 من نفس الشهر، يتضح أن نية التعديل تتجه نحو الفصول المتعلقة بشروط الترشح خاصة ما يهم شرط جمع التزكيات التي أثارت الكثير من اللغط والجدل وخاصة ما راج عن وجود تجاوزات قانونية في علاقة بانتشار ظاهرة شراء الذمم والتزكيات لجمع أكبر عدد ممكن منها..
كما يفهم من بلاغات رئاسة الجمهورية، أن هناك توجها للتوسع في الأشخاص الممنوعين من الترشح لتشمل التنقيح الفصل 20 جديد من المرسوم 55، بإضافة أعضاء المجالس البلدية في قائمة الممنوعين، وهذا الأمر توضح أكثر في البلاغ الثاني، حيث حمّل الرئيس سعيد، المسؤولية لأعضاء المجالس المحلية واتهمهم بأنهم "لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانوناً وصارت التزكيات سوقاً تباع فيها الذمم وتُشترى".
يذكر أن قرار الرئيس سعيد تعديل المرسوم الانتخابي، جوبه بانتقادات من قبل سياسيين وأحزاب، لكن أيضا من قبل نشطاء بالمجتمع المدني وممثلين عن جمعيات مختصة في مراقبة الشأن الانتخابي على غرار "مراقبون"، و"عتيد"..
وقال بسام معطر رئيس جمعية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد) في هذا الشأن ان إدخال تغييرات على القانون الانتخابي في هذه الفترة وبعد انطلاق المسار مخالف للمعايير الفضلى للانتخابات ويمس بمبادئ النزاهة والشفافية والديمقراطية.
كما انتقد قرار التعديل خبراء في القانون على غرار أستاذ القانون العام الصغير الزكراوي، الذي اعتبر أن إعلان رئيس الجمهورية عن تعديل القانون الانتخابي “يدل على أننا لسنا في ظل دولة” وانه “لا يمكن إدارة الدولة بمثل هذه الطريقة”..
وقال أمس في حوار مع “الإذاعة الوطنية”:" أجبر القانون الانتخابي المترشحين على اللجوء الى وسائل غير قانونية لان عدد التزكيات مهول بالإضافة الى إغراق الهيئة والإدارات بإجراءات ثقيلة ومكلفة ولذلك يجبر المترشحون على الالتجاء الى وسائل غير قانونية، وإذا كانت الغاية هي مقاومة الفساد والمال الفاسد فإنها عكس ذلك تعكر الوضعية وتؤدي الى المزيد من الفساد وتفتح الباب على مصراعيه للفساد وهذا يرجعنا الى سبب المشكل الأصلي وهو طريقة إدارة الدولة وإدارة الشأن العام..
تجدر الإشارة إلى أن رئاسة الجمهورية كانت قد أعلنت يوم 7 أكتوبر أن الرئيس قيس سعيد تطرق خلال استقباله رئيسة الحكومة نجلاء بودن الى مسألة التلاعب بالتزكيات لانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. وأكد “على ضرورة تطبيق القانون على الجميع على قدم المساواة ووضع حد لهذه الظاهرة المتعلقة بالمال الفاسد وتعديل المرسوم المتعلق بالانتخابات خاصة بعد أن تبين أن عددا من أعضاء المجالس المحلية لم يقوموا بالدور الموكول لهم قانونا وصارت التزكيات سوقا تباع فيها الذمم وتُشترى”.
وجاء في بلاغ رئاسة الجمهورية أن "سعيد أكد على أنه إذا لم يحقق التشريع الحالي أهدافه فالواجب الوطني المقدس يقتضي تعديله للحد من هذه الظاهرة المشينة” مشيرا الى ان “هدف الذين تم إيقافهم ووقعت إحالتهم على العدالة مثلما تبين ذلك من الأبحاث، هو إدخال الارتباك في صفوف المواطنين وبثّ الفوضى خوفا من الإرادة الشعبية الحقيقية التي ستفرزها صناديق الاقتراع يوم 17 ديسمبر المقبل”.