يستعد وفد رسمي تونسي رفيع المستوى للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وذلك خلال اجتماعات الخريف التي يعقدها مجلس إدارة الصندوق في منتصف أكتوبر الجاري.
وتعول الحكومة التونسية على انتزاع موافقة نهائية طال انتظارها من الصندوق قبل نهاية هذا الشهر، بخصوص تمويل برنامج إصلاحات جديد كان محل مشاورات ومفاوضات تقنية ورسمية مطولة امتدت لأشهر، بين خبراء الصندوق وممثلي الحكومة، علما أن مبلغ التمويلات التي تحتاجها تونس تقدر بحوالي أربع مليار دولار، في حين أن توقعات تشير إلى إمكانية أن يوافق الصندوق على تمويل تونس بقرض ممدد على مراحل قد يتراوح بين 2 و4 مليار دولار.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي قد كشف أول أمس أن الوفد سيضم كلا من مروان العباسي محافظ البنك المركزي ووزيرة المالية سهام نمصية ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، وفريقا من إطارات الإدارة التونسية يمثلون 400 إطار عملوا على برنامج الإصلاحات الهيكلية.
وأكد أن اجتماعات مكثفة متواصلة منذ أسبوع بدار الضيافة برئاسة رئيسة الحكومة نجلاء بودن للتجهيز والتحضير للزيارة واللقاء ووضع اللمسات الأخيرة للملف التونسي.
واستبقت رئيسة الحكومة نجلاء بودن زيارة الوفد الرسمي إلى واشنطن الأسبوع المقبل، بعقدها لقاءات ثنائية مع سفراء بلدان أوربية وازنة بمجلس إدارة صندوق النقد الدولي على غرار سفراء فرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة، في محاولة لحشد دعم سياسي دولي..
ويبدو أن مهمة الوفد الرسمي التونسي في محاولته الأخيرة لإقناع خبراء الصندوق لن تكون سهلة بالمرّة، خاصة أن جل مؤشرات الاقتصاد الكلي المحققة لحد الآن غير مشجعة، مثل تفاقم عجز الميزانية، وتباطؤ النمو، وانفلات مؤشر الأسعار، وارتفاع التضخم، رغم محاولات الحكومة في الفترة الأخيرة الشروع في تنفيذ بعض توصيات صندوق النقد مثل الترفيع المتواصل لأسعار المحروقات، واستكمال برنامج إصلاح منظومة الدعم، والشروع في النظر في وضعية بعض المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات مالية، وعقد اتفاق زيادة في الأجور في الوظيفة العمومية مع اتحاد الشغل بعلم وموافقة مسبقة من صندوق النقد.
وعزز الاتفاق الحاصل بين الحكومة والاتحاد فرص حصول تونس على موافقة صندوق النقد لقرض طويل المدى لتمويل عجز الميزانية والقيام بإصلاحات هيكلية، علما أن الحكومة بنت فرضية تمويل جزء من ميزانية العام الجاري من التمويلات التي قد تتحصل عليها من صندوق النقد، أو تلك التي يمكن تحصيلها من قروض وهبات خارجية في إطار التعاون الثنائي أو من مؤسسات مالية أخرى مانحة طالما اشترطت موافقة مسبقة من صندوق النقد حتى تستجيب لطالبات التمويل التي تحتاجها الحكومة التونسية.
لكن النقطة السلبية التي قد تزيد من صعوبة مهمة الوفد الرسم، ما أعلنته قبل يومين وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية "موديز"، التي أكدت في تقرير لها حول تونس، أنها وضعت التصنيف السيادي التونسي " س أ أ 1 " تحت المراقبة من أجل خفض التصنيف الائتماني.
وقالت الوكالة، أنها وضعت تصنيف البنك المركزي التونسي تحت المراقبة لخفض التصنيف وذكرت بأن "البنك المركزي التونسي مسؤول قانونيا عن سداد جميع السندات الحكومية"، مشيرة إلى أنه قبل إعلانها عن هذا الإجراء، كان تصنيف البنك المركزي التونسي " س أ أ 1" مع آفاق نمو سلبية.
وأوردت "موديز" في تقريرها الصادر حول تونس، " أن قرار إخضاع التصنيف للمراجعة نحو التخفيض يعكس تقييم موديز المتمثل في أنه في حالة عدم وجود اتفاق في الوقت المناسب حول برنامج لصندوق النقد الدولي، فإن مخاطر السيولة المتزايدة في تونس بالإضافة إلى التوازنات الخارجية الهشة يزيدان من المخاطر المحتملة.
واعتبرت "موديز" أن "الاختلالات الخارجية والمالية الكبيرة في تونس ومخاطر إعادة التمويل المرتفعة تمثل نقاط ضعف ائتمانية كبيرة، بالتوازي مع التوترات الاجتماعية، بسبب التداعيات العالمية المنجرة عن الصراع العسكري الروسي الأوكراني".
وتنوي "موديز" تركيز فترة المراقبة على تقييم التقدم الذي أحرزته السلطات في الحصول على موافقة مجلس الإدارة على برنامج جديد لصندوق النقد الدولي والذي تعتبره "ضروريا للتخفيف من مخاطر التمويل والهشاشة الخارجية وفي نهاية المطاف المخاطر الاجتماعية، قبل نهاية السنة".
تقرير وكالة "موديز" يأتي أسبوعين فقط بعد تقرير متفائل صدر عن وكالة التصنيف الإئتماني "فيتش رايتنغ"، اعتبرت فيه أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل تعزز احتمال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ولاحظت الوكالة أن "تونس تواصل الانتفاع من الدعم الدولي وستكون قادرة على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في السداسية الثانية من سنة 2022. واعتبرت أن اتفاق الزيادة في أجور القطاع العام "يزيل عائقا كبيرا أمام برنامج تمويل صندوق النقد الدولي".
وقالت "نعتبر هذا الأمر ضروريا للسيولة الخارجية وتقييم الدين لتونس ويأتي ذلك بعد تحسن توازنات الميزانية في السداسي الأول من سنة 2022، رغم تخفيف العجز المعلن عن طريق دفوعات نفقات الدعم".
ووفق وكالة التصنيف الائتماني، فإن الحكومة التونسية حققت تقدما في التصرف في الوضع المالي في السداسي الأول من سنة 2022، واعتبرت أن تحصيل الإيرادات كان قويا في حين يبدو أن نفقات الأجور تقترب من المستويات المتوقعة في ميزانية 2022.
وبينت أن توقعاتها الحالية بشأن عجز الميزانية للسنة الحالية تبلغ 8،5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام رغم أنها تتوقع إبرام الاتفاقية بين تونس وصندوق النقد الدولي خلال شهر نوفمبر أو وديسمبر، مشيرة إلى أن السيناريو الأساسي الخاص بها ينطوي على مخاطر.
لكن الوكالة حذرت من أن "مزيدا من التأخير في إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يؤدي إلى مزيد تدهور مقاييس القدرة على تحمل الديون في تونس وقد يدفع بصندوق النقد الدولي إلى مطالبة تونس بإعادة هيكلة ديونه."
كما حذرت من احتمال التخلف عن سداد الديون مما قد يؤدي إلى خفض التصنيف السيادي لتونس إلى "س س س ".
ويقدّر العجز المتوقع في قانون المالية لسنة 2022، بحوالي 8900 مليون دينار، وهو عجز لا يأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الجديدة على الميزانية والمتأتية أساسا من ارتفاع سعر برميل النفط وسعر الحبوب وانخفاض نسبة النمو وتدهور سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار.
رفيق بن عبد الله
تونس- الصباح
يستعد وفد رسمي تونسي رفيع المستوى للسفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاستكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وذلك خلال اجتماعات الخريف التي يعقدها مجلس إدارة الصندوق في منتصف أكتوبر الجاري.
وتعول الحكومة التونسية على انتزاع موافقة نهائية طال انتظارها من الصندوق قبل نهاية هذا الشهر، بخصوص تمويل برنامج إصلاحات جديد كان محل مشاورات ومفاوضات تقنية ورسمية مطولة امتدت لأشهر، بين خبراء الصندوق وممثلي الحكومة، علما أن مبلغ التمويلات التي تحتاجها تونس تقدر بحوالي أربع مليار دولار، في حين أن توقعات تشير إلى إمكانية أن يوافق الصندوق على تمويل تونس بقرض ممدد على مراحل قد يتراوح بين 2 و4 مليار دولار.
وكان الناطق الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي قد كشف أول أمس أن الوفد سيضم كلا من مروان العباسي محافظ البنك المركزي ووزيرة المالية سهام نمصية ووزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، وفريقا من إطارات الإدارة التونسية يمثلون 400 إطار عملوا على برنامج الإصلاحات الهيكلية.
وأكد أن اجتماعات مكثفة متواصلة منذ أسبوع بدار الضيافة برئاسة رئيسة الحكومة نجلاء بودن للتجهيز والتحضير للزيارة واللقاء ووضع اللمسات الأخيرة للملف التونسي.
واستبقت رئيسة الحكومة نجلاء بودن زيارة الوفد الرسمي إلى واشنطن الأسبوع المقبل، بعقدها لقاءات ثنائية مع سفراء بلدان أوربية وازنة بمجلس إدارة صندوق النقد الدولي على غرار سفراء فرنسا وألمانيا واليابان والمملكة المتحدة، في محاولة لحشد دعم سياسي دولي..
ويبدو أن مهمة الوفد الرسمي التونسي في محاولته الأخيرة لإقناع خبراء الصندوق لن تكون سهلة بالمرّة، خاصة أن جل مؤشرات الاقتصاد الكلي المحققة لحد الآن غير مشجعة، مثل تفاقم عجز الميزانية، وتباطؤ النمو، وانفلات مؤشر الأسعار، وارتفاع التضخم، رغم محاولات الحكومة في الفترة الأخيرة الشروع في تنفيذ بعض توصيات صندوق النقد مثل الترفيع المتواصل لأسعار المحروقات، واستكمال برنامج إصلاح منظومة الدعم، والشروع في النظر في وضعية بعض المؤسسات العمومية التي تمر بصعوبات مالية، وعقد اتفاق زيادة في الأجور في الوظيفة العمومية مع اتحاد الشغل بعلم وموافقة مسبقة من صندوق النقد.
وعزز الاتفاق الحاصل بين الحكومة والاتحاد فرص حصول تونس على موافقة صندوق النقد لقرض طويل المدى لتمويل عجز الميزانية والقيام بإصلاحات هيكلية، علما أن الحكومة بنت فرضية تمويل جزء من ميزانية العام الجاري من التمويلات التي قد تتحصل عليها من صندوق النقد، أو تلك التي يمكن تحصيلها من قروض وهبات خارجية في إطار التعاون الثنائي أو من مؤسسات مالية أخرى مانحة طالما اشترطت موافقة مسبقة من صندوق النقد حتى تستجيب لطالبات التمويل التي تحتاجها الحكومة التونسية.
لكن النقطة السلبية التي قد تزيد من صعوبة مهمة الوفد الرسم، ما أعلنته قبل يومين وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية "موديز"، التي أكدت في تقرير لها حول تونس، أنها وضعت التصنيف السيادي التونسي " س أ أ 1 " تحت المراقبة من أجل خفض التصنيف الائتماني.
وقالت الوكالة، أنها وضعت تصنيف البنك المركزي التونسي تحت المراقبة لخفض التصنيف وذكرت بأن "البنك المركزي التونسي مسؤول قانونيا عن سداد جميع السندات الحكومية"، مشيرة إلى أنه قبل إعلانها عن هذا الإجراء، كان تصنيف البنك المركزي التونسي " س أ أ 1" مع آفاق نمو سلبية.
وأوردت "موديز" في تقريرها الصادر حول تونس، " أن قرار إخضاع التصنيف للمراجعة نحو التخفيض يعكس تقييم موديز المتمثل في أنه في حالة عدم وجود اتفاق في الوقت المناسب حول برنامج لصندوق النقد الدولي، فإن مخاطر السيولة المتزايدة في تونس بالإضافة إلى التوازنات الخارجية الهشة يزيدان من المخاطر المحتملة.
واعتبرت "موديز" أن "الاختلالات الخارجية والمالية الكبيرة في تونس ومخاطر إعادة التمويل المرتفعة تمثل نقاط ضعف ائتمانية كبيرة، بالتوازي مع التوترات الاجتماعية، بسبب التداعيات العالمية المنجرة عن الصراع العسكري الروسي الأوكراني".
وتنوي "موديز" تركيز فترة المراقبة على تقييم التقدم الذي أحرزته السلطات في الحصول على موافقة مجلس الإدارة على برنامج جديد لصندوق النقد الدولي والذي تعتبره "ضروريا للتخفيف من مخاطر التمويل والهشاشة الخارجية وفي نهاية المطاف المخاطر الاجتماعية، قبل نهاية السنة".
تقرير وكالة "موديز" يأتي أسبوعين فقط بعد تقرير متفائل صدر عن وكالة التصنيف الإئتماني "فيتش رايتنغ"، اعتبرت فيه أن الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل تعزز احتمال توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ولاحظت الوكالة أن "تونس تواصل الانتفاع من الدعم الدولي وستكون قادرة على إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي في السداسية الثانية من سنة 2022. واعتبرت أن اتفاق الزيادة في أجور القطاع العام "يزيل عائقا كبيرا أمام برنامج تمويل صندوق النقد الدولي".
وقالت "نعتبر هذا الأمر ضروريا للسيولة الخارجية وتقييم الدين لتونس ويأتي ذلك بعد تحسن توازنات الميزانية في السداسي الأول من سنة 2022، رغم تخفيف العجز المعلن عن طريق دفوعات نفقات الدعم".
ووفق وكالة التصنيف الائتماني، فإن الحكومة التونسية حققت تقدما في التصرف في الوضع المالي في السداسي الأول من سنة 2022، واعتبرت أن تحصيل الإيرادات كان قويا في حين يبدو أن نفقات الأجور تقترب من المستويات المتوقعة في ميزانية 2022.
وبينت أن توقعاتها الحالية بشأن عجز الميزانية للسنة الحالية تبلغ 8،5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام رغم أنها تتوقع إبرام الاتفاقية بين تونس وصندوق النقد الدولي خلال شهر نوفمبر أو وديسمبر، مشيرة إلى أن السيناريو الأساسي الخاص بها ينطوي على مخاطر.
لكن الوكالة حذرت من أن "مزيدا من التأخير في إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يؤدي إلى مزيد تدهور مقاييس القدرة على تحمل الديون في تونس وقد يدفع بصندوق النقد الدولي إلى مطالبة تونس بإعادة هيكلة ديونه."
كما حذرت من احتمال التخلف عن سداد الديون مما قد يؤدي إلى خفض التصنيف السيادي لتونس إلى "س س س ".
ويقدّر العجز المتوقع في قانون المالية لسنة 2022، بحوالي 8900 مليون دينار، وهو عجز لا يأخذ بعين الاعتبار الضغوطات الجديدة على الميزانية والمتأتية أساسا من ارتفاع سعر برميل النفط وسعر الحبوب وانخفاض نسبة النمو وتدهور سعر صرف الدينار مقارنة بالدولار.