قال رئيس حزب الائتلاف الوطني ناجي جلول إن أكبر الخبراء في العالم يؤكدون انه لا يمكن حل أزمة مركبة بحلول تقليدية، وهو ما يفرض إيجاد حلول ثورية مثلما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، على حد تعبيره.
وأكد جلول في حوار لـ"الصباح" أن الوضع الصعب والدقيق الذي تمر به تونس يقتضي تحويل البلاد من بلاد الرخص إلى بلاد الفرص، لخلق آلاف المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي يمكن أن تستوعب عشرات آلاف العاطلين عن العمل.
وفي سياق متصل أشار جلول إلى أنه اقترح إحداث 6 أقاليم وهو تقريبا التقسيم الذي كان في تونس في العهد الروماني، كما اقترح أن يكون لكل إقليم مطار وميناء .
جلول الذي أكد انه اقترح العاصمة الجديدة "قرطاج" بجهة المتبسطة من ولاية القيروان لموقعها الاستراتيجي، اعتبر أن تونس يمكن أن تستقطب صناعات أوروبية ثقيلة ونظيفة تعتمد أساسا على الطاقة الشمسية، كما تطرق الى عديد الملفات من خلال الحوار التالي:
حوار: محمد صالح الربعاوي
* ماذا بعد أن عقد حزب الائتلاف الوطني مكتبه السياسي الموسع؟
حزب الائتلاف الوطني عقد مكتبه السياسي الموسع يومي 17 و18 سبتمبر الجاري، الذي خصص لمناقشة عديد الملفات، كما تم انتخاب مكتب تنفيذي يتكون من الأمين العام، المدير التنفيذي و10 أمناء عامين مساعدين..
*وماذا عن هيكلة الحزب التي اختارها المكتب السياسي؟
اخترنا هيكلة تقليدية تتكون من مكتب تنفيذي، مكتب سياسي، مجلس وطني، تنسيقيات جهوية وتنسيقيات محلية.
والجميل أننا شرعنا في تركيز التنسيقيات المحلية بعديد الولايات، ذلك أننا انتهينا الأحد الماضي من تركيز التنسيقيات المحلية بولايتي صفاقس والقيروان ونحن بصدد التقدم في بقية الولايات .
*في ظل تراجع ثقة التونسيين في الأحزاب، هل وجدتم صعوبة في مهمتكم الحزبية وتركيز تنسيقياتكم بالجهات؟
صحيح ثمة صعوبة نوع ما بسبب نفور التونسيين من الحياة السياسية نتيجة المشهد الذي كان يعكسه البرلمان والصراعات والتجاذبات التي عشنا على وقعها طيلة 10 سنوات، والآن ثمة من يقول "يزينا من الأحزاب" وعلى رأسهم الخطاب الرسمي، ثم إن القانون الانتخابي الجديد والدستور الجديد لا يشجعان على تنامي الأحزاب وتطورها.
*في ظل تباين المواقف حول الانتخابات المقبلة، هل حسم حزب الائتلاف الوطني قراره في ما يتعلق بالمشاركة في تشريعية 17ديسمبر 2022؟
في الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الذي سينعقد في نابل الأسبوع القادم سيقع الحسم في المشاركة من عدمها، وشخصيا موقفي المقاطعة في انتظار تبلور موقف الحزب.
*توجه حزبكم نحو مقاطعة هذه الانتخابات، ماهو مرده؟
أولا القانون الانتخابي سيفرز برلمانا يمكن تسميته مؤتمر الشعب العام، لان هذا القانون سيكرس البناء القاعدي في أبهى تجلياته وهذا التمشي هو نقيض ما قام به بورقيبة ورجال الحركة الوطنية، ما كانوا يسمونه الوحدة القومية وسيكون برلمان العروش والقبائل والجهات ويكرس النعرات القبلية .
كذلك هو قانون انتخابي يتسم بعدم تكافؤ الفرص، مثلا قرقنة 15 ألف ساكن لها مقعد وصفاقس الجنوبية 120 ألف ساكن سيكون من نصيبها كذلك مقعد واحد.
*ألا يكون قراركم مقاطعة الانتخابات خوفا من الفشل في هذا الاستحقاق؟
إن شاركت في الانتخابات فانك تدعم مسار خاطئ ونحن موقفنا واضح وقلنا لا للدستور ولا للقانون الانتخابي، وفي آخر المطاف السياسة هي مواقف ويسجل التاريخ أننا كنا ضد تفتيت الوطن إلى عروش وقبائل ومعتمديات متناحرة مثلما يقول شيراك "أحبذ أن اخسر انتخابات ولا اخسر نفسي" وربما بالمقاطعة قد نخسر سياسيا لكننا سنربح أنفسنا، باعتبار أننا كنا ضد مشروع تقسيم الوطن.
*ماهي تحفظاتكم على هذا التمشي؟
هذا التمشي يكرس من جهة الحكم الفردي ومن جهة أخرى يعرض البلاد إلى مخاطر الفوضى لأنه يلغي الأحزاب والمنظمات وكل الوسائط التقليدية التي توجد في البلدان الحديثة.
ثم إن 161 نائبا لن يكون لهم لا رؤية سياسية مشتركة ولا برنامج سياسي مشترك وسيكون مثلما قال بورقيبة "غبار أشخاص".
*كيف ترى البرلمان القادم؟
في اعتقادي سيتكون من نواب بدون مشترك ونحن تخلصنا من برلمان فيه 6 أحزاب تخاصمت وتصارعت على مدى سنوات.. إلى 161 نائبة لا يربطهم المشترك، ولاؤهم الوحيد لرئيس الجمهورية .
هذا التمشي نقيض لتمشي بورقيبة في مسألة الوحدة القومية باعتبار أن بورقيبة أزال العروش والجهويات والواجهات المحلية، بينما هذا البرلمان سيكون برلمان المال والوجهاء المحليين، بل إن الأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم ممنوعون من الترشح والنتيجة أن البرلمان سيكرس الخطاب الشعبي المعادي للنخبة.
*تنتقد البناء القاعدي في وقت دعوت شخصيا إلى تقسيم البلاد إلى أقاليم؟
صحيح.. لكن نحن اقترحنا إحداث 6 أقاليم وهو تقريبا التقسيم الذي كان في تونس في العهد الروماني، كما اقترحنا أن يكون لكل إقليم مطار وميناء.
وهكذا نتخلص من "لوبانة" الجهات والجهويات والتمييز الإيجابي، خاصة أن الأقاليم الستة تفتح للبحر مثلا سوسة والقصرين نفس الإقليم.
*مع تعمق الأزمة التي تتخبط فيها البلاد، ماهي الحلول التي تراها ممكنة للخروج من هذه الوضعية الصعبة؟
أكبر الخبراء في العالم يقولون انه لا يمكنك حل أزمة بحلول تقليدية لكن يجب حلول ثورية مثلما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، ونحن اقترحنا هذه الحلول، أولا: دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي لربح السيولة خارج المسالك الرسمية، ثانيا: تحويل البلاد من بلاد الرخص إلى بلاد الفرص لخلق آلاف من المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخلق مواطن الشغل. ثالثا: سياسة أشغال عمومية كبرى توفر من جهة العمل ومن جهة أخرى تحرك الدورة الاقتصادية في البلاد.
*ناديت بإشراف الجيش على عدد من الوزارات، لماذا؟ وكيف؟
لنا 3 وزارات أملاك الدولة والتجهيز والفلاحة لابد من منحها للجيش حتى يشرف على السدود وعشرات الطرق السيارة وبناء المطارات والموانئ وخاصة إحياء آلاف الهكتارات من الأراضي البور. والجيش يجب ان يشرف على سياسة الأشغال الكبرى التي ستشغل الناس.
*هل تعتقد أنه من السهل اليوم الحديث عن عاصمة جديدة لاسيما في ظل الأزمة التي تتخبط فيها البلاد؟
اليوم العاصمة مكتظة وجزء منها بناء فوضوي، واقترحنا عاصمة جديدة، وفق شروط جمالية وتخطيط معين يناسب تونس الجديدة وتكون مدينة غير ملوثة وتشتغل بالطاقات المتجددة واسمها قرطاج، كما اقترحنا أن يكون مكانها جهة "المتبسطة" بين القيروان وسوسة وبها آلاف الهكتارات.
الاقتصاد التونسي إلى اليوم هو اقتصاد يخضع للتقسيم العالمية للعمل، بمعنى إما أن نختص في الصناعات التي تشغل اليد العاملة أو الصناعات الملوثة وهذا اختصاصنا في العالم، وليس لنا اختصاص في الصناعات ذات الجودة العالية، التي تعتمد أساسا على الثروات المحلية، وعوض أن تكون لنا صناعات تعتمد على توريد المواد الأولية مثل النسيج نخلق صناعات تعتمد على الثروات التونسية سواء على الجبس أو على الملح أو الفسفاط أو رمل السليكة أو الزيتون والزيت.
كما انه يمكن أن نعتمد على مواردنا المحلية مثل البحر، ويمكن أن نجلب إلى تونس كل يخوت المتوسط وذلك ببناء مئات الموانئ الترفيهية.
السياسة قبل كل شيء هي معرفة بالجغرافيا واستشراف، وما يحصل اليوم في العالم تقاتل على الطاقة، على غرار الحرب في أوكرانيا أو سوريا. واتجاه الصناعات العالمية سيكون نحو الصناعات النظيفة التي تعتمد على الطاقة الشمسية، وتونس يمكن أن تستقطب صناعات أوروبية ثقيلة ونظيفة تعتمد أساسا على الطاقة الشمسية لو كانت هنالك إرادة تستقطب هذه الصناعات.
*ماهو حكمك على المعارضة اليوم؟
المعارضة الحالية لم تعد لها مصداقية، فقدت جزءا كبيرا من مصداقيتها، وبالنسبة للتونسي الصراع بين الرئاسة وجبهة الخلاص بقيادة النهضة هو أساسا صراع على السلطة، وهذا الصراع السياسي الذي تدور رحاه منذ 10 سنوات لا يهمه، ولا يعنيه.
في الاستفتاء الأخير مليونان ونصف صوتوا من اجل قيس سعيد نكاية في النهضة ومليونان ونصف الذين قاطعوا الاستفتاء كانوا ضد قيس سعيد وبقي 5 ملايين خارج الصراع، وهي الأغلبية الصامتة تهمها مشاكلها اليومية.. التونسي اليوم نفر السياسيين لأنه يرى أن السياسيين لا يهتمون بمشاكله الحقيقية التي غابت من برامجهم السياسية بمختلف ألوانهم وأطيافهم.
*مع تعمق الأزمة الاقتصادية، وتزايد منسوب الاحتقان الاجتماعي، ماهو المطلوب اليوم من قيس سعيد، من وجهة نظرك؟
المطلوب أن يهتم سعيد بمشاكل التونسيين الحقيقية، وهي غلاء الأسعار، فقدان المواد الغذائية، تدهور المقدرة الشرائية، تراجع التعليم والصحة، ثم الاقتصاد، الذي بصدد التحول من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد المارق على الشاكلة الكولومبية .
كما أن المطلوب من رئيس الجمهورية الكف عن شيطنة رجال الأعمال. الاقتصاد هو ثقة ومال واليوم الخطاب الرسمي لا يبعث رسالة طمأنة إلى رجال الأعمال، وإذا كنا نريد الاستثمار لابد من الثقة ، وفي آخر المطاف همّ الحكومة الحالية هو دفع الأجور لا الاستثمار بشكل تحول معه دفع الأجور إلى إنجاز.
*ملف التسفير وما رافقه من تطورات متسارعة، كيف تعلق عليه؟
الحرب في سوريا كانت حرب أنابيب قبل كل شي، والغرب الأوروبي كان يريد تمرير الغاز القطري نحو أوروبا، وهو ما لا يتماشى مع مصالح روسيا، وكانت حرب غربية روسية على الأرض السورية، ووقود هذه الحرب كانت المرتزقة الذين زج بهم باسم الجهاد والدين.. التسفير أساء الى سمعة تونس وحكم جزئيا العلاقات الاجتماعية داخل تونس، ولا يمكن أن ننجز مصالحة وطنية قبل غلق هذا الملف، بما يعني المحاسبة ثم المصالحة، ولا يمكن أن نتصالح قبل أن يعرف الرأي العام من سفر أبناء تونس، ومن جند، ومن مول، ومن دمغج..
*هل انتهت النهضة بعد خروجها من الحكم، وفق تقديرك؟
النهضة أحببنا أم كرهنا هي جزء من منظومة الإخوان المسلمين، ودورة الإخوان المسلمين انتهت بنهاية دورة الربيع العربي، واليوم بالنسبة لصانع الربيع العربي انتهت الدورة.. ولأن أمريكا عرابة الربيع العربي تخلت جزئيا عن أوروبا وعن المنطقة العربية وصرفت كل همومها نحو صراعها المستقبلي مع الصين في منطقة المحيط الهادي.. النهضة ضعفت وانتهت دورتها مع الربيع العربي لكنها لم تمت، لان ثقافتها موجودة في ثقافة المجتمع التونسي، وسوف لن تعود إلى السلطة إلا بتحولات جيوسياسية كبرى.
قال رئيس حزب الائتلاف الوطني ناجي جلول إن أكبر الخبراء في العالم يؤكدون انه لا يمكن حل أزمة مركبة بحلول تقليدية، وهو ما يفرض إيجاد حلول ثورية مثلما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، على حد تعبيره.
وأكد جلول في حوار لـ"الصباح" أن الوضع الصعب والدقيق الذي تمر به تونس يقتضي تحويل البلاد من بلاد الرخص إلى بلاد الفرص، لخلق آلاف المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي يمكن أن تستوعب عشرات آلاف العاطلين عن العمل.
وفي سياق متصل أشار جلول إلى أنه اقترح إحداث 6 أقاليم وهو تقريبا التقسيم الذي كان في تونس في العهد الروماني، كما اقترح أن يكون لكل إقليم مطار وميناء .
جلول الذي أكد انه اقترح العاصمة الجديدة "قرطاج" بجهة المتبسطة من ولاية القيروان لموقعها الاستراتيجي، اعتبر أن تونس يمكن أن تستقطب صناعات أوروبية ثقيلة ونظيفة تعتمد أساسا على الطاقة الشمسية، كما تطرق الى عديد الملفات من خلال الحوار التالي:
حوار: محمد صالح الربعاوي
* ماذا بعد أن عقد حزب الائتلاف الوطني مكتبه السياسي الموسع؟
حزب الائتلاف الوطني عقد مكتبه السياسي الموسع يومي 17 و18 سبتمبر الجاري، الذي خصص لمناقشة عديد الملفات، كما تم انتخاب مكتب تنفيذي يتكون من الأمين العام، المدير التنفيذي و10 أمناء عامين مساعدين..
*وماذا عن هيكلة الحزب التي اختارها المكتب السياسي؟
اخترنا هيكلة تقليدية تتكون من مكتب تنفيذي، مكتب سياسي، مجلس وطني، تنسيقيات جهوية وتنسيقيات محلية.
والجميل أننا شرعنا في تركيز التنسيقيات المحلية بعديد الولايات، ذلك أننا انتهينا الأحد الماضي من تركيز التنسيقيات المحلية بولايتي صفاقس والقيروان ونحن بصدد التقدم في بقية الولايات .
*في ظل تراجع ثقة التونسيين في الأحزاب، هل وجدتم صعوبة في مهمتكم الحزبية وتركيز تنسيقياتكم بالجهات؟
صحيح ثمة صعوبة نوع ما بسبب نفور التونسيين من الحياة السياسية نتيجة المشهد الذي كان يعكسه البرلمان والصراعات والتجاذبات التي عشنا على وقعها طيلة 10 سنوات، والآن ثمة من يقول "يزينا من الأحزاب" وعلى رأسهم الخطاب الرسمي، ثم إن القانون الانتخابي الجديد والدستور الجديد لا يشجعان على تنامي الأحزاب وتطورها.
*في ظل تباين المواقف حول الانتخابات المقبلة، هل حسم حزب الائتلاف الوطني قراره في ما يتعلق بالمشاركة في تشريعية 17ديسمبر 2022؟
في الاجتماع المقبل للمجلس الوطني الذي سينعقد في نابل الأسبوع القادم سيقع الحسم في المشاركة من عدمها، وشخصيا موقفي المقاطعة في انتظار تبلور موقف الحزب.
*توجه حزبكم نحو مقاطعة هذه الانتخابات، ماهو مرده؟
أولا القانون الانتخابي سيفرز برلمانا يمكن تسميته مؤتمر الشعب العام، لان هذا القانون سيكرس البناء القاعدي في أبهى تجلياته وهذا التمشي هو نقيض ما قام به بورقيبة ورجال الحركة الوطنية، ما كانوا يسمونه الوحدة القومية وسيكون برلمان العروش والقبائل والجهات ويكرس النعرات القبلية .
كذلك هو قانون انتخابي يتسم بعدم تكافؤ الفرص، مثلا قرقنة 15 ألف ساكن لها مقعد وصفاقس الجنوبية 120 ألف ساكن سيكون من نصيبها كذلك مقعد واحد.
*ألا يكون قراركم مقاطعة الانتخابات خوفا من الفشل في هذا الاستحقاق؟
إن شاركت في الانتخابات فانك تدعم مسار خاطئ ونحن موقفنا واضح وقلنا لا للدستور ولا للقانون الانتخابي، وفي آخر المطاف السياسة هي مواقف ويسجل التاريخ أننا كنا ضد تفتيت الوطن إلى عروش وقبائل ومعتمديات متناحرة مثلما يقول شيراك "أحبذ أن اخسر انتخابات ولا اخسر نفسي" وربما بالمقاطعة قد نخسر سياسيا لكننا سنربح أنفسنا، باعتبار أننا كنا ضد مشروع تقسيم الوطن.
*ماهي تحفظاتكم على هذا التمشي؟
هذا التمشي يكرس من جهة الحكم الفردي ومن جهة أخرى يعرض البلاد إلى مخاطر الفوضى لأنه يلغي الأحزاب والمنظمات وكل الوسائط التقليدية التي توجد في البلدان الحديثة.
ثم إن 161 نائبا لن يكون لهم لا رؤية سياسية مشتركة ولا برنامج سياسي مشترك وسيكون مثلما قال بورقيبة "غبار أشخاص".
*كيف ترى البرلمان القادم؟
في اعتقادي سيتكون من نواب بدون مشترك ونحن تخلصنا من برلمان فيه 6 أحزاب تخاصمت وتصارعت على مدى سنوات.. إلى 161 نائبة لا يربطهم المشترك، ولاؤهم الوحيد لرئيس الجمهورية .
هذا التمشي نقيض لتمشي بورقيبة في مسألة الوحدة القومية باعتبار أن بورقيبة أزال العروش والجهويات والواجهات المحلية، بينما هذا البرلمان سيكون برلمان المال والوجهاء المحليين، بل إن الأطباء والمحامين والمهندسين وغيرهم ممنوعون من الترشح والنتيجة أن البرلمان سيكرس الخطاب الشعبي المعادي للنخبة.
*تنتقد البناء القاعدي في وقت دعوت شخصيا إلى تقسيم البلاد إلى أقاليم؟
صحيح.. لكن نحن اقترحنا إحداث 6 أقاليم وهو تقريبا التقسيم الذي كان في تونس في العهد الروماني، كما اقترحنا أن يكون لكل إقليم مطار وميناء.
وهكذا نتخلص من "لوبانة" الجهات والجهويات والتمييز الإيجابي، خاصة أن الأقاليم الستة تفتح للبحر مثلا سوسة والقصرين نفس الإقليم.
*مع تعمق الأزمة التي تتخبط فيها البلاد، ماهي الحلول التي تراها ممكنة للخروج من هذه الوضعية الصعبة؟
أكبر الخبراء في العالم يقولون انه لا يمكنك حل أزمة بحلول تقليدية لكن يجب حلول ثورية مثلما فعلت أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية، ونحن اقترحنا هذه الحلول، أولا: دمج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد الرسمي لربح السيولة خارج المسالك الرسمية، ثانيا: تحويل البلاد من بلاد الرخص إلى بلاد الفرص لخلق آلاف من المؤسسات الصغرى والمتوسطة لخلق مواطن الشغل. ثالثا: سياسة أشغال عمومية كبرى توفر من جهة العمل ومن جهة أخرى تحرك الدورة الاقتصادية في البلاد.
*ناديت بإشراف الجيش على عدد من الوزارات، لماذا؟ وكيف؟
لنا 3 وزارات أملاك الدولة والتجهيز والفلاحة لابد من منحها للجيش حتى يشرف على السدود وعشرات الطرق السيارة وبناء المطارات والموانئ وخاصة إحياء آلاف الهكتارات من الأراضي البور. والجيش يجب ان يشرف على سياسة الأشغال الكبرى التي ستشغل الناس.
*هل تعتقد أنه من السهل اليوم الحديث عن عاصمة جديدة لاسيما في ظل الأزمة التي تتخبط فيها البلاد؟
اليوم العاصمة مكتظة وجزء منها بناء فوضوي، واقترحنا عاصمة جديدة، وفق شروط جمالية وتخطيط معين يناسب تونس الجديدة وتكون مدينة غير ملوثة وتشتغل بالطاقات المتجددة واسمها قرطاج، كما اقترحنا أن يكون مكانها جهة "المتبسطة" بين القيروان وسوسة وبها آلاف الهكتارات.
الاقتصاد التونسي إلى اليوم هو اقتصاد يخضع للتقسيم العالمية للعمل، بمعنى إما أن نختص في الصناعات التي تشغل اليد العاملة أو الصناعات الملوثة وهذا اختصاصنا في العالم، وليس لنا اختصاص في الصناعات ذات الجودة العالية، التي تعتمد أساسا على الثروات المحلية، وعوض أن تكون لنا صناعات تعتمد على توريد المواد الأولية مثل النسيج نخلق صناعات تعتمد على الثروات التونسية سواء على الجبس أو على الملح أو الفسفاط أو رمل السليكة أو الزيتون والزيت.
كما انه يمكن أن نعتمد على مواردنا المحلية مثل البحر، ويمكن أن نجلب إلى تونس كل يخوت المتوسط وذلك ببناء مئات الموانئ الترفيهية.
السياسة قبل كل شيء هي معرفة بالجغرافيا واستشراف، وما يحصل اليوم في العالم تقاتل على الطاقة، على غرار الحرب في أوكرانيا أو سوريا. واتجاه الصناعات العالمية سيكون نحو الصناعات النظيفة التي تعتمد على الطاقة الشمسية، وتونس يمكن أن تستقطب صناعات أوروبية ثقيلة ونظيفة تعتمد أساسا على الطاقة الشمسية لو كانت هنالك إرادة تستقطب هذه الصناعات.
*ماهو حكمك على المعارضة اليوم؟
المعارضة الحالية لم تعد لها مصداقية، فقدت جزءا كبيرا من مصداقيتها، وبالنسبة للتونسي الصراع بين الرئاسة وجبهة الخلاص بقيادة النهضة هو أساسا صراع على السلطة، وهذا الصراع السياسي الذي تدور رحاه منذ 10 سنوات لا يهمه، ولا يعنيه.
في الاستفتاء الأخير مليونان ونصف صوتوا من اجل قيس سعيد نكاية في النهضة ومليونان ونصف الذين قاطعوا الاستفتاء كانوا ضد قيس سعيد وبقي 5 ملايين خارج الصراع، وهي الأغلبية الصامتة تهمها مشاكلها اليومية.. التونسي اليوم نفر السياسيين لأنه يرى أن السياسيين لا يهتمون بمشاكله الحقيقية التي غابت من برامجهم السياسية بمختلف ألوانهم وأطيافهم.
*مع تعمق الأزمة الاقتصادية، وتزايد منسوب الاحتقان الاجتماعي، ماهو المطلوب اليوم من قيس سعيد، من وجهة نظرك؟
المطلوب أن يهتم سعيد بمشاكل التونسيين الحقيقية، وهي غلاء الأسعار، فقدان المواد الغذائية، تدهور المقدرة الشرائية، تراجع التعليم والصحة، ثم الاقتصاد، الذي بصدد التحول من الاقتصاد الموازي إلى الاقتصاد المارق على الشاكلة الكولومبية .
كما أن المطلوب من رئيس الجمهورية الكف عن شيطنة رجال الأعمال. الاقتصاد هو ثقة ومال واليوم الخطاب الرسمي لا يبعث رسالة طمأنة إلى رجال الأعمال، وإذا كنا نريد الاستثمار لابد من الثقة ، وفي آخر المطاف همّ الحكومة الحالية هو دفع الأجور لا الاستثمار بشكل تحول معه دفع الأجور إلى إنجاز.
*ملف التسفير وما رافقه من تطورات متسارعة، كيف تعلق عليه؟
الحرب في سوريا كانت حرب أنابيب قبل كل شي، والغرب الأوروبي كان يريد تمرير الغاز القطري نحو أوروبا، وهو ما لا يتماشى مع مصالح روسيا، وكانت حرب غربية روسية على الأرض السورية، ووقود هذه الحرب كانت المرتزقة الذين زج بهم باسم الجهاد والدين.. التسفير أساء الى سمعة تونس وحكم جزئيا العلاقات الاجتماعية داخل تونس، ولا يمكن أن ننجز مصالحة وطنية قبل غلق هذا الملف، بما يعني المحاسبة ثم المصالحة، ولا يمكن أن نتصالح قبل أن يعرف الرأي العام من سفر أبناء تونس، ومن جند، ومن مول، ومن دمغج..
*هل انتهت النهضة بعد خروجها من الحكم، وفق تقديرك؟
النهضة أحببنا أم كرهنا هي جزء من منظومة الإخوان المسلمين، ودورة الإخوان المسلمين انتهت بنهاية دورة الربيع العربي، واليوم بالنسبة لصانع الربيع العربي انتهت الدورة.. ولأن أمريكا عرابة الربيع العربي تخلت جزئيا عن أوروبا وعن المنطقة العربية وصرفت كل همومها نحو صراعها المستقبلي مع الصين في منطقة المحيط الهادي.. النهضة ضعفت وانتهت دورتها مع الربيع العربي لكنها لم تمت، لان ثقافتها موجودة في ثقافة المجتمع التونسي، وسوف لن تعود إلى السلطة إلا بتحولات جيوسياسية كبرى.
