بلغة الأرقام تعدّ حوادث المرور في تونس أوّل سبب للوفاة في تونس حيث تسجل على مدار السنة 4 وفيات يوميا بسببها وفق تصريح حديث لوزير الصحة.
وتحتل تونس المراتب الاولى من حيث عدد حوادث المرور(بالنظر لعدد السكان) حيث تسجل سنويا 7000 حادث مرور و1200 حالة وفاة واكثر من 8000 جريح نصفهم من فئة الشباب، وتبلغ الكلفة الاقتصادية لحوادث المرور حوالي 2 مليون دينار يوميا.وفق أرقام جمعية تونس للسلامة المروية.
هذه الأرقام تكشف عن مدى التهوّر في السياقة و عدم التشبّع بثقافة الطريق فضلا على أن مدارس تعليم السياقة ووزارة النقل لاتوليان أهمية كبرى للامتحانات النظرية الخاصة بقوانين الطريق وهو خطأ وجب تصحيحه .اذ أنّ هذا الامتحان يجب أن يعطى أهمية قصوى فهو الكفيل بمعرفة الأخطاء المرورية القاتلة ومعرفة علامات الطريق التي لايوليها الشباب أي أهمية بل الكثيرين منهم لايعرفون لم تشير أصلا.
كما أن وزارة التجهيز و البلديات مسؤولة في جزء كبير على هاته الخسائر البشرية وذلك بفقدان الانارة اللازمة في عدد من الطرقات وعدم وجود علامات ارشاد .اضافة الى اهتراء الطرق وكثرة المنعرجات فيها.
شبابنا اليوم هو الفئة الأكثر عرضة للموت و مع الأسف في حوادث مرور كان يمكن تجنّبها بالرّدع و تشديد العقوبات و التشدّد في منح رخص السياقة التي أصبحت تباع و تشترى.وهم لا يدركون أنهم يبيعون ويشترون الموت.
غير أنّنا يمكننا الحدّ من هاته الكوارث و يجب معالجة الأمر منذ البداية خلال اجراء المتعلم لامتحان السياقة حيث لابدّ من الصرامة في اسداء هاته الرخص مثلما يحدث في الدول الأوربية و الدول المتقدّمة التي تدرك خطورة منح رخص السياقة بالسهولة التي نراها في تونس.حيث أن رحلة التحصّل على رخصة سياقة في بلد مثل سويسرا مثلا تمتدّ على عام كامل يخضع فيها طالب الرخصة الى عدد من الامتحانات النظرية و التطبيقية في قانون الطرقات والاسعافات الاولية ليمنح في البداية رخصة سياقة متربّص قبل ان يمنح الرخصة النهائية حينما يكمل كل المراحل بنجاح.
أمّا في تونس فالتحصّل على رخصة سياقة يمكن أن يحدث خلال شهرين أو حتى أسبوعين وهي أقرب لتسجيل الحضور منها الى الامتحانات التي أصفها بامتحانات المحافظة على حياتك وحياة الاخرين. والمصيبة في تونس ما يسمّى بنظام "الوفقة" الذي تعتمده عدد كبير من المدارس وهي عبارة على مبلغ معيّن يدفعه طالب الرخصة لمدرسة السياقة ليتحصّل مقابله على الرخصة .و الخطر فيه يكمن في المحاباة التي من الممكن أن تحدث في اسناد هاته الرخص حيث تسعى هاته المدارس الى التسريع في تحصّل الطالب على الرخصة كي لايبقى عبئا عليها وهؤلاء عادة ما يتحصلون على رخصة السياقة منذ الاختبار الأول أو الثاني على أقصى تقدير بفطع النظر عن التكوين وعدد ساعات التعليم الضرورية.
كما أن جلّ مدارس السياقة لاتولي أهمية قصوى كما قلنا للامتحان النظري الذي يشمل قوانين الطرقات وكذلك المتحصّلون على الرخص فهم يتناسون وينسون كل ما تعلّموه في هذا الاختبار وكأنه مرحلة تنتهي بتحصّلهم على مبتغاهم . وهذا يتجلّى في عدم احترام السوّاق لإشارات المرور الذي أصبح ظاهرة تونسية بامتياز.
ولايمكن نفي عمليات البيع و الشراء في هاته الرّخص فهي موجودة و تعتمدها بعض المدارس مع الأسف بالاتفاق مع بعض مهندسي السياقة .دون أن ننسى قضية رخص السياقة لسيارات التاكسي التي فجّرها القضاء في ولاية منوبة السنة الفارطة.والذي كشف شبكة كاملة تعمل في هذا المجال.فضلا على التلاعب حين اجراء الامتحانات النظرية بدخول شخص مكان شخص آخر خاصة في المراكز التي تفتقد لكاميروات مراقبة.
كل هذا يدعونا للمطالبة بتغيير قانون امتحان رخص السياقة الذي يبدو متخلفا مع دول أخرى مثل سويسرا و ألمانيا و قطر والنمسا وهي دول تسجّل تسجل أقل نسبة من الحوادث .ويعتبر فيها تجاوز الضوء الأحمر مثلا محاولة قتل.
القانون السويسري
تكاليف رخصة السياقة في سويسرا باهظة جدا وهو ما يدلّ على الأهمية القصوى التي توليها الدولة لامتحانات السياقة .
ويمرّ المترشح لاجتياز امتحان السياقة النهائي بأربع محطات كبرى ولايمكنه بأي حال من الاحوال التحصل على رخصة السياقة قبل عام على الاقل حيث يخضع المترشح أولا لفترة تربص نظري لا تقل عن الستة أشهر يتعلم فيها الثقافة المرورية تم يخضع بعدها لتربص بشهرين في تعلّم الاسعافات الأولية خلال الحوادث بإشراف مختصين .وبعدها يتحوّل لدراسة قانون الطرقات لإجراء الامتحان النظري فيمتحن عبر 150سؤال والاجابة تكون بنعم أولا في ثلاث فرضيتان اثنتان صحيحتان و ثالثة خاطئة.والممتحن الذي يرتكب 15خطأ يرسب.
ويمنح المترشح بعدها رخصة سياقة بيضاء تمكّنه من التدرب التطبيقي على السياقة في احدى المدارس على ألا تقل الساعات عن 12 ساعة .و بالتوازي مع ذلك يخضع المترشح الى تربّص سياقة بستة أشهر صحبة مرافق له خبرة لا تقل عن الخمس سنوات ورخصة قيادته سارية المفعول ولا خطايا مرورية عليه .وفي حال ارتكاب حادث تتم معاقبة الطرفين وفي حالة السكر يتم منع المترشح من اجراء امتحان السياقة لمدة خمس سنوات وسحب رخصة المرافق أيضا.
وبعد الانتهاء من هذا التربص يمر للمرحلة النهائية وهي اجراء الامتحان التطبيقي في السياقة والذي على اثره يتحصل على رخصة السياقة النهائية لكنه يبقى تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات واذا ما ارتكب حادثا خلالها أو مخالفة خطيرة يتم استدعاؤه على الفور واخضاعه لإجراءات صارمة تصل حد سحب رخصة السياقة.
هذا النظام الصارم في التحصّل على رخصة السياقة جعل من سويسرا من أقل الدول في حوادث الطرقات حيث تسجل في الاقصى 10 وفيات في العام نتيجة حوادث مرور.
في تونس بإمكاننا القيام بشيء يشبه هذا حيث يجب أن تتم فيه مراجعة الامتحان النظري و تكثيف الاسئلة و ملائمتها لمقتضيات المرحلة و العصر كما يجب تعميم نظام المراقبة بالكاميروات داخل كل قاعات الامتحانات للقطع مع الغش في هذه الامتحانات.
كما يجب تحديد عدد الساعات الدّنيا التي يجب أن يخضع لها المترشّح وعد ترك المسألة للتفاهم الثنائي بين المترشح وصاحب مدرسة السياقة. ثم يجب تركيز كاميروات صغيرة داخل سيارات التعليم لإضفاء أكثر شفافية على منح الرخص .
ولابد من منح رخصة سياقة متربّص لمدة عام تستبدل بأخرى نهائية في حالة عدم ارتكاب السائق لأي حادث أو مخالفات تضبط بقانون. لانّ نظام التربّص الحالي أثبت فشله وأكثر مرتكبي حوادث السيارات هم من المتربصين الذي تتصرفون في الطرقات وكأنهم محترفين.
لقد بات واضحا أن قانون اجتياز امتحانات رخص السياقة بأنواعها هو العنصر الأكثر تسببا للحوادث في تونس وبالتالي لابد من الانطلاق في عملية اصلاح شاملة تبدأ بتغيير القانون وتنتهي بثقافة قانونية ومراقبة ذاتية من السوّاق .مرورا بضرورة تشديد العقوبات على المخالفين والمستهترين في الطرقات.
بقلم:د.ريم بالخذيري
بلغة الأرقام تعدّ حوادث المرور في تونس أوّل سبب للوفاة في تونس حيث تسجل على مدار السنة 4 وفيات يوميا بسببها وفق تصريح حديث لوزير الصحة.
وتحتل تونس المراتب الاولى من حيث عدد حوادث المرور(بالنظر لعدد السكان) حيث تسجل سنويا 7000 حادث مرور و1200 حالة وفاة واكثر من 8000 جريح نصفهم من فئة الشباب، وتبلغ الكلفة الاقتصادية لحوادث المرور حوالي 2 مليون دينار يوميا.وفق أرقام جمعية تونس للسلامة المروية.
هذه الأرقام تكشف عن مدى التهوّر في السياقة و عدم التشبّع بثقافة الطريق فضلا على أن مدارس تعليم السياقة ووزارة النقل لاتوليان أهمية كبرى للامتحانات النظرية الخاصة بقوانين الطريق وهو خطأ وجب تصحيحه .اذ أنّ هذا الامتحان يجب أن يعطى أهمية قصوى فهو الكفيل بمعرفة الأخطاء المرورية القاتلة ومعرفة علامات الطريق التي لايوليها الشباب أي أهمية بل الكثيرين منهم لايعرفون لم تشير أصلا.
كما أن وزارة التجهيز و البلديات مسؤولة في جزء كبير على هاته الخسائر البشرية وذلك بفقدان الانارة اللازمة في عدد من الطرقات وعدم وجود علامات ارشاد .اضافة الى اهتراء الطرق وكثرة المنعرجات فيها.
شبابنا اليوم هو الفئة الأكثر عرضة للموت و مع الأسف في حوادث مرور كان يمكن تجنّبها بالرّدع و تشديد العقوبات و التشدّد في منح رخص السياقة التي أصبحت تباع و تشترى.وهم لا يدركون أنهم يبيعون ويشترون الموت.
غير أنّنا يمكننا الحدّ من هاته الكوارث و يجب معالجة الأمر منذ البداية خلال اجراء المتعلم لامتحان السياقة حيث لابدّ من الصرامة في اسداء هاته الرخص مثلما يحدث في الدول الأوربية و الدول المتقدّمة التي تدرك خطورة منح رخص السياقة بالسهولة التي نراها في تونس.حيث أن رحلة التحصّل على رخصة سياقة في بلد مثل سويسرا مثلا تمتدّ على عام كامل يخضع فيها طالب الرخصة الى عدد من الامتحانات النظرية و التطبيقية في قانون الطرقات والاسعافات الاولية ليمنح في البداية رخصة سياقة متربّص قبل ان يمنح الرخصة النهائية حينما يكمل كل المراحل بنجاح.
أمّا في تونس فالتحصّل على رخصة سياقة يمكن أن يحدث خلال شهرين أو حتى أسبوعين وهي أقرب لتسجيل الحضور منها الى الامتحانات التي أصفها بامتحانات المحافظة على حياتك وحياة الاخرين. والمصيبة في تونس ما يسمّى بنظام "الوفقة" الذي تعتمده عدد كبير من المدارس وهي عبارة على مبلغ معيّن يدفعه طالب الرخصة لمدرسة السياقة ليتحصّل مقابله على الرخصة .و الخطر فيه يكمن في المحاباة التي من الممكن أن تحدث في اسناد هاته الرخص حيث تسعى هاته المدارس الى التسريع في تحصّل الطالب على الرخصة كي لايبقى عبئا عليها وهؤلاء عادة ما يتحصلون على رخصة السياقة منذ الاختبار الأول أو الثاني على أقصى تقدير بفطع النظر عن التكوين وعدد ساعات التعليم الضرورية.
كما أن جلّ مدارس السياقة لاتولي أهمية قصوى كما قلنا للامتحان النظري الذي يشمل قوانين الطرقات وكذلك المتحصّلون على الرخص فهم يتناسون وينسون كل ما تعلّموه في هذا الاختبار وكأنه مرحلة تنتهي بتحصّلهم على مبتغاهم . وهذا يتجلّى في عدم احترام السوّاق لإشارات المرور الذي أصبح ظاهرة تونسية بامتياز.
ولايمكن نفي عمليات البيع و الشراء في هاته الرّخص فهي موجودة و تعتمدها بعض المدارس مع الأسف بالاتفاق مع بعض مهندسي السياقة .دون أن ننسى قضية رخص السياقة لسيارات التاكسي التي فجّرها القضاء في ولاية منوبة السنة الفارطة.والذي كشف شبكة كاملة تعمل في هذا المجال.فضلا على التلاعب حين اجراء الامتحانات النظرية بدخول شخص مكان شخص آخر خاصة في المراكز التي تفتقد لكاميروات مراقبة.
كل هذا يدعونا للمطالبة بتغيير قانون امتحان رخص السياقة الذي يبدو متخلفا مع دول أخرى مثل سويسرا و ألمانيا و قطر والنمسا وهي دول تسجّل تسجل أقل نسبة من الحوادث .ويعتبر فيها تجاوز الضوء الأحمر مثلا محاولة قتل.
القانون السويسري
تكاليف رخصة السياقة في سويسرا باهظة جدا وهو ما يدلّ على الأهمية القصوى التي توليها الدولة لامتحانات السياقة .
ويمرّ المترشح لاجتياز امتحان السياقة النهائي بأربع محطات كبرى ولايمكنه بأي حال من الاحوال التحصل على رخصة السياقة قبل عام على الاقل حيث يخضع المترشح أولا لفترة تربص نظري لا تقل عن الستة أشهر يتعلم فيها الثقافة المرورية تم يخضع بعدها لتربص بشهرين في تعلّم الاسعافات الأولية خلال الحوادث بإشراف مختصين .وبعدها يتحوّل لدراسة قانون الطرقات لإجراء الامتحان النظري فيمتحن عبر 150سؤال والاجابة تكون بنعم أولا في ثلاث فرضيتان اثنتان صحيحتان و ثالثة خاطئة.والممتحن الذي يرتكب 15خطأ يرسب.
ويمنح المترشح بعدها رخصة سياقة بيضاء تمكّنه من التدرب التطبيقي على السياقة في احدى المدارس على ألا تقل الساعات عن 12 ساعة .و بالتوازي مع ذلك يخضع المترشح الى تربّص سياقة بستة أشهر صحبة مرافق له خبرة لا تقل عن الخمس سنوات ورخصة قيادته سارية المفعول ولا خطايا مرورية عليه .وفي حال ارتكاب حادث تتم معاقبة الطرفين وفي حالة السكر يتم منع المترشح من اجراء امتحان السياقة لمدة خمس سنوات وسحب رخصة المرافق أيضا.
وبعد الانتهاء من هذا التربص يمر للمرحلة النهائية وهي اجراء الامتحان التطبيقي في السياقة والذي على اثره يتحصل على رخصة السياقة النهائية لكنه يبقى تحت المراقبة لمدة ثلاث سنوات واذا ما ارتكب حادثا خلالها أو مخالفة خطيرة يتم استدعاؤه على الفور واخضاعه لإجراءات صارمة تصل حد سحب رخصة السياقة.
هذا النظام الصارم في التحصّل على رخصة السياقة جعل من سويسرا من أقل الدول في حوادث الطرقات حيث تسجل في الاقصى 10 وفيات في العام نتيجة حوادث مرور.
في تونس بإمكاننا القيام بشيء يشبه هذا حيث يجب أن تتم فيه مراجعة الامتحان النظري و تكثيف الاسئلة و ملائمتها لمقتضيات المرحلة و العصر كما يجب تعميم نظام المراقبة بالكاميروات داخل كل قاعات الامتحانات للقطع مع الغش في هذه الامتحانات.
كما يجب تحديد عدد الساعات الدّنيا التي يجب أن يخضع لها المترشّح وعد ترك المسألة للتفاهم الثنائي بين المترشح وصاحب مدرسة السياقة. ثم يجب تركيز كاميروات صغيرة داخل سيارات التعليم لإضفاء أكثر شفافية على منح الرخص .
ولابد من منح رخصة سياقة متربّص لمدة عام تستبدل بأخرى نهائية في حالة عدم ارتكاب السائق لأي حادث أو مخالفات تضبط بقانون. لانّ نظام التربّص الحالي أثبت فشله وأكثر مرتكبي حوادث السيارات هم من المتربصين الذي تتصرفون في الطرقات وكأنهم محترفين.
لقد بات واضحا أن قانون اجتياز امتحانات رخص السياقة بأنواعها هو العنصر الأكثر تسببا للحوادث في تونس وبالتالي لابد من الانطلاق في عملية اصلاح شاملة تبدأ بتغيير القانون وتنتهي بثقافة قانونية ومراقبة ذاتية من السوّاق .مرورا بضرورة تشديد العقوبات على المخالفين والمستهترين في الطرقات.