إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعيدا عن المضاربة واتهامات الرئيس.. فقدان المواد الغذائية الأساسية أمر واقع.. والسيولة "غائبة"

تونس – الصباح

هل مازال رئيس الجمهورية قيس سعيد سيستعمل تلك التهمة الجاهزة وهي المضاربة والاحتكار عند حديثه عن نقص المواد الأساسية والذي أصبح أمرا واقعا في تونس، في البداية كان التونسي يعاني من نقص في بعض المواد مثل الزيت المدعم والفارينة في غالب الأحيان لكن في الفترة الأخيرة أصبحنا نشهد نقصا فادحا في اغلب المواد الأساسية وبات حتى السؤال عنها أمر "يشعر التونسي بنوع من الحرج".

مواد غذائية أساسية عديدة فقدت في كامل تراب الجمهورية وأساسا مادة السكر مما أدى إلى تعطل عديد المصانع التي تستعمل هذه المادة في صناعة مواد غذائية أخرى الأمر الذي أكده كاتب عام الفرع الجامعي للسياحة والتجارة والصناعات الغذائية سهيل بوخريص في أكثر من وسيلة إعلامية "بأن مادة السكر فقدت بشكل تام من مخازن الديوان التونسي للتجارة ببن عروس منذ أول أمس، وفُقدت أمس تماما من كامل مخازن الديوان بمختلف جهات البلاد".

وأفاد بوخريص "أن تونس أبرمت اتفاقيات لتوريد 20 ألف طن من مادة السكر من الجزائر ستصل تونس على دفعات بألفي طن للدفعة الواحدة و30 ألف طن من مادة السكر المستوردة من الهند ستصل ميناء بنزرت في غضون 18 سبتمبر الجاري".

كما أعلن بوخريص أن معامل المشروبات الغازية توقفت عن الإنتاج مدة ثلاثة أيام في آخر شهر أوت المنقضي كما توقفت مصانع البسكويت عن الإنتاج مدة عشرة أيام بسبب الشح في مادة السكر الذي بدأ تسجيله منذ أواخر شهر جوان وتواصل إلى شهر جويلية.

وفي نفس السياق قال كاتب عام الفرع الجامعي للسياحة والتجارة والصناعات الغذائية باتحاد الشغل "أن احتياجات تونس من مادة السكر يوميا تقدر بألف طن مشيرا إلى أن تونس لم تستورد منذ شهر جوان الماضي إلى اليوم إلا 50 ألف طن من أصل 90 ألف طن".

كما تحذر الهياكل المشرفة على منظومة الألبان في تونس من أزمة مرتقبة في هذه المادة بعد تراجع المخزون الاستراتيجي ويرجح بعض الممثلين عن القطاع إمكانية توريد هذه المادة.

وقد حذرت "كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية “كونكت” في بيان لها الاثنين الفارط من تطورات الأزمة التي تمر بها منظومة الألبان والتي تضم مربي الأبقار والمجمعين ومصنعي الحليب ومشتقاته، حيث تم تسجيل تراجع في المخزون الاستراتيجي من الحليب في تونس من 50 إلى 20 مليون لتر، محذرة من نفاد المخزون الوطني للحليب الذي لا يتجاوز حاليا ما يعادل 15 يوما استهلاك.

وتقريبا في نفس السياق ودائما في أزمة فقدان المواد الأساسية هذا الكابوس الذي أرهق عموم التونسيين صدر منذ يومين تقرير عن البنك الدولي، يدعو فيه إلى "إصلاح منظومة دعم الحبوب المكلفة على مستوى الدعم المباشر والتوريد لضمان صلابة النظام الغذائي علما وأن هذه الإصلاحات الحساسة سياسيا واجتماعيا تتطلب دراسة معمقة وجدولة لمواعيد تنفيذها".

وأضاف البنك الدولي في تقرير حول الظرف الاقتصادي لتونس تحت عنوان "إدارة الأزمة في وضع اقتصادي مضطرب"، أن قيمة الدعم المخصص للحبوب في تونس ارتفعت من 730 مليون دينار سنة 2010 إلى 2569 مليون دينار سنة 2020 مع ارتفاع مستمر للطلب الداخلي وذلك رغم تطور الأسعار في السوق الدولية.

وزادت حدة هذا الارتفاع مع تفجر الأسعار في السوق العالمية جراء الحرب في أوكرانيا وإذا ما استمر متوسط الأسعار لكامل 2022 على شاكلة الأسعار المسجلة خلال الـ 5 أشهر الأولى من سنة 2022 فان الدعم المخصص للحبوب سيرتفع بنسبة 63 بالمائة ليصل إلى 3.6 مليار دينار خلال السنة الحال.

وحسب نفس التقرير فقد أصبح نظام الدعم في تونس أكثر كلفة ليس فقط على مستوى الميزانية بل كذلك على مستوى العجز التجاري مما جعله اقل قدرة على مجابهة الصدمات على غرار الوضعية التي يمر بها حاليا.

وألقى ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي بثقله، إلى جانب التأثير على ميزانية الدولة، على الواردات مما أفضى إلى ارتفاع مستمر لقيمة واردات تونس من الحبوب في ظل استمرار صعود وتيرة الاستهلاك.

وارتفعت واردات ديوان الحبوب في تونس من 1,5 مليار دينار سنة 2019، والتي تشكل 1.2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام إلى 2,4 مليار دينار سنة 2021 أي نحو 1.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

وتوقع التقرير أن ترتفع قيمة واردات تونس من الحبوب إلى 4.5 مليار دينار سنة 2022 إذا ما تواصلت الأسعار العالمية عند معدل الأسعار المتداولة خلال الـ 5 أشهر الأولي من العام الجاري.

وكبد ارتفاع الأسعار ديوان الحبوب زيادة في مستوى الديون المسجلة لديه والتي بلغت 3 مليار دينار في سنة 2020 وواجه الديوان صعوبات للتزود بالحبوب من السوق العالمية جراء ارتفاع الديون وغياب السيولة وخاصة بالعملة الصعبة.

ورغم محاولات "الصباح" الاستئناس بمصادر رسمية لإنارة الرأي العام الوطني حول واقع طاقة الخزن القصوى للحبوب ووضع السيولة لدى ديوان الحبوب، لكن ككل مرة صدمنا بالمنشور الحكومي "سيء الذكر" الذي أدى منذ صدوره إلى التضييق على العمل الصحفي.

وفي تدخل هاتفي لنقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي أول أمس على موجات "موزاييك أف أم" أكد "على ضرورة نظر السلطة القائمة في مسألة التعتيم على المعلومة".

جهاد الكلبوسي

 

 

بعيدا عن المضاربة واتهامات الرئيس.. فقدان المواد الغذائية الأساسية أمر واقع.. والسيولة "غائبة"

تونس – الصباح

هل مازال رئيس الجمهورية قيس سعيد سيستعمل تلك التهمة الجاهزة وهي المضاربة والاحتكار عند حديثه عن نقص المواد الأساسية والذي أصبح أمرا واقعا في تونس، في البداية كان التونسي يعاني من نقص في بعض المواد مثل الزيت المدعم والفارينة في غالب الأحيان لكن في الفترة الأخيرة أصبحنا نشهد نقصا فادحا في اغلب المواد الأساسية وبات حتى السؤال عنها أمر "يشعر التونسي بنوع من الحرج".

مواد غذائية أساسية عديدة فقدت في كامل تراب الجمهورية وأساسا مادة السكر مما أدى إلى تعطل عديد المصانع التي تستعمل هذه المادة في صناعة مواد غذائية أخرى الأمر الذي أكده كاتب عام الفرع الجامعي للسياحة والتجارة والصناعات الغذائية سهيل بوخريص في أكثر من وسيلة إعلامية "بأن مادة السكر فقدت بشكل تام من مخازن الديوان التونسي للتجارة ببن عروس منذ أول أمس، وفُقدت أمس تماما من كامل مخازن الديوان بمختلف جهات البلاد".

وأفاد بوخريص "أن تونس أبرمت اتفاقيات لتوريد 20 ألف طن من مادة السكر من الجزائر ستصل تونس على دفعات بألفي طن للدفعة الواحدة و30 ألف طن من مادة السكر المستوردة من الهند ستصل ميناء بنزرت في غضون 18 سبتمبر الجاري".

كما أعلن بوخريص أن معامل المشروبات الغازية توقفت عن الإنتاج مدة ثلاثة أيام في آخر شهر أوت المنقضي كما توقفت مصانع البسكويت عن الإنتاج مدة عشرة أيام بسبب الشح في مادة السكر الذي بدأ تسجيله منذ أواخر شهر جوان وتواصل إلى شهر جويلية.

وفي نفس السياق قال كاتب عام الفرع الجامعي للسياحة والتجارة والصناعات الغذائية باتحاد الشغل "أن احتياجات تونس من مادة السكر يوميا تقدر بألف طن مشيرا إلى أن تونس لم تستورد منذ شهر جوان الماضي إلى اليوم إلا 50 ألف طن من أصل 90 ألف طن".

كما تحذر الهياكل المشرفة على منظومة الألبان في تونس من أزمة مرتقبة في هذه المادة بعد تراجع المخزون الاستراتيجي ويرجح بعض الممثلين عن القطاع إمكانية توريد هذه المادة.

وقد حذرت "كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية “كونكت” في بيان لها الاثنين الفارط من تطورات الأزمة التي تمر بها منظومة الألبان والتي تضم مربي الأبقار والمجمعين ومصنعي الحليب ومشتقاته، حيث تم تسجيل تراجع في المخزون الاستراتيجي من الحليب في تونس من 50 إلى 20 مليون لتر، محذرة من نفاد المخزون الوطني للحليب الذي لا يتجاوز حاليا ما يعادل 15 يوما استهلاك.

وتقريبا في نفس السياق ودائما في أزمة فقدان المواد الأساسية هذا الكابوس الذي أرهق عموم التونسيين صدر منذ يومين تقرير عن البنك الدولي، يدعو فيه إلى "إصلاح منظومة دعم الحبوب المكلفة على مستوى الدعم المباشر والتوريد لضمان صلابة النظام الغذائي علما وأن هذه الإصلاحات الحساسة سياسيا واجتماعيا تتطلب دراسة معمقة وجدولة لمواعيد تنفيذها".

وأضاف البنك الدولي في تقرير حول الظرف الاقتصادي لتونس تحت عنوان "إدارة الأزمة في وضع اقتصادي مضطرب"، أن قيمة الدعم المخصص للحبوب في تونس ارتفعت من 730 مليون دينار سنة 2010 إلى 2569 مليون دينار سنة 2020 مع ارتفاع مستمر للطلب الداخلي وذلك رغم تطور الأسعار في السوق الدولية.

وزادت حدة هذا الارتفاع مع تفجر الأسعار في السوق العالمية جراء الحرب في أوكرانيا وإذا ما استمر متوسط الأسعار لكامل 2022 على شاكلة الأسعار المسجلة خلال الـ 5 أشهر الأولى من سنة 2022 فان الدعم المخصص للحبوب سيرتفع بنسبة 63 بالمائة ليصل إلى 3.6 مليار دينار خلال السنة الحال.

وحسب نفس التقرير فقد أصبح نظام الدعم في تونس أكثر كلفة ليس فقط على مستوى الميزانية بل كذلك على مستوى العجز التجاري مما جعله اقل قدرة على مجابهة الصدمات على غرار الوضعية التي يمر بها حاليا.

وألقى ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي بثقله، إلى جانب التأثير على ميزانية الدولة، على الواردات مما أفضى إلى ارتفاع مستمر لقيمة واردات تونس من الحبوب في ظل استمرار صعود وتيرة الاستهلاك.

وارتفعت واردات ديوان الحبوب في تونس من 1,5 مليار دينار سنة 2019، والتي تشكل 1.2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام إلى 2,4 مليار دينار سنة 2021 أي نحو 1.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

وتوقع التقرير أن ترتفع قيمة واردات تونس من الحبوب إلى 4.5 مليار دينار سنة 2022 إذا ما تواصلت الأسعار العالمية عند معدل الأسعار المتداولة خلال الـ 5 أشهر الأولي من العام الجاري.

وكبد ارتفاع الأسعار ديوان الحبوب زيادة في مستوى الديون المسجلة لديه والتي بلغت 3 مليار دينار في سنة 2020 وواجه الديوان صعوبات للتزود بالحبوب من السوق العالمية جراء ارتفاع الديون وغياب السيولة وخاصة بالعملة الصعبة.

ورغم محاولات "الصباح" الاستئناس بمصادر رسمية لإنارة الرأي العام الوطني حول واقع طاقة الخزن القصوى للحبوب ووضع السيولة لدى ديوان الحبوب، لكن ككل مرة صدمنا بالمنشور الحكومي "سيء الذكر" الذي أدى منذ صدوره إلى التضييق على العمل الصحفي.

وفي تدخل هاتفي لنقيب الصحفيين التونسيين محمد ياسين الجلاصي أول أمس على موجات "موزاييك أف أم" أكد "على ضرورة نظر السلطة القائمة في مسألة التعتيم على المعلومة".

جهاد الكلبوسي