احتضنت بلادنا يومي 27 و28 أوت 2022 ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا تيكاد 8 ،الندوة التي امتدت أشغالها فعليا لمدة أسبوع باعتبار الأشغال الموازية التي رافقتها خلقت حركية في العاصمة التونسية وخلفت عديد الاستنتاجات التي سنأتي على البعض منها في هذه الورقة .
أولا يمكن القول باطمئنان أن الندوة نجحت على المستوى التنظيمي بشكل جيد وهو نجاح يحسب للذين أشرفوا وساهموا في تنظيمها ويمنح تونس امتيازا جديدا في حسن التنظيم كما يقدم رسالة طمأنة لشركائها الاقتصاديين بأن الدولة التونسية ما تزال تمتلك آليات العمل الضرورية لتسيير الشأن العام رغم ما يقال هنا وهناك حول ضعفها .
ثانيا مخرجات الندوة بالنسبة لتونس تعتبر ايجابية بعد عقود الشراكة التي أبرمتها عديد المؤسسات التونسية مع نظيراتها من اليابان ومن الدول الإفريقية ،لكن هذه الشراكات تبقى رهينة التفعيل والعمل بجدية على تحقيقها على أرض الواقع حتى لا تبقى حبرا على ورق مثلما عرفته بعض التظاهرات التى سبق لتونس احتضانها ومنها "الندوة الدولية تونس 2020" التي احتضنتها بلادنا فى شهر نوفمبر 2016 وقدم المشاركون فيها وعودا سخية لتمويل الاقتصاد التونسي وضخ استثمارات سنوية فيه بمليارات الدينارات، لكن ذلك لم يتحقق للأسف عمليا وظلت تونس في أزمة اقتصادية خانقة رغم مرور ست سنوات على هذه الندوة .ولا نريد أن يكون مصير مخرجات ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا تيكاد 8 نفس مصير مخرجات الندوة الدولية تونس 2020 التي قدمت وعودا كبيرة لم ير منها النور إلا النزر القليل .
ثالثا نجاح "تيكاد 8" والوعود التي حصلت عليها تونس تبقى مسألة معلقة يتطلب تحقيقها عملا إضافيا من الحكومة التونسية ومتابعة دقيقة لكل الملفات وتقديم تصورات عملية وخلاقة للشركاء الاقتصاديين خاصة وأن الطرف الياباني أعلن بعد تثمين نجاح الندوة التي احتضنتها تونس أن كل الاتفاقيات التي تمّ إبرامها مع الحكومة التونسية يتطلب تحقيها عمليا اتفاقا بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي الذي تجري معه الحكومة التونسية الآن مفاوضات من أجل دعم الاقتصاد الوطني، وهو شرط يضع ضغوطا إضافية على حكومة السيدة نجلاء بودن المطالبة بوجود حلول سريعة لكل الإشكاليات العالقة ومنها التوصل إلى اتفاق مع الأطراف الاجتماعية وأهمها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أمر ليس بالسهل كما يتوقع البعض، فالحكومة التونسية قدمت في مشروعها لصندوق النقد الدولي جملة من الإصلاحات الاقتصادية ترتكز أساسا على الضغط على كتلة الأجور وميزانية الدعم في قانون المالية للدولة التونسية وهو ما يتنافى والتوجهات الاجتماعية للمنظمة الشغيلة مما يجعل من التوصل إلى نقطة وسط يلتقي عندها الجانبان الحكومة والاتحاد أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا .
رابعا خلفت الندوة أزمة دبلوماسية بين تونس والمغرب على خلفية مشاركة رئيس جبهة البوليساريو فيها رغم أنه سبق له المشاركة في ندوات سابقة بحضور ممثلين عن المغرب الشقيق، خلاف كل ما نرجوه أن يكون سحابة صيف عابرة لتعود العلاقات التونسية المغربية إلى طبيعتها باعتبار كل شعوب المغرب العربي الكبير أشقاء تجمعهم عديد الخصائص المشتركة التي يمكن جعلها مواطن قوة ونبذ كل ما من شأنه أن يفرق بين الأخوة الأشقاء.
خامس الاستنتاجات حول ندوة طوكيو للتنمية في إفريقيا التي احتضنتها بلادنا يتعلق بالحلّة التي ارتدتها العاصمة التونسية طيلة أيام الندوة فقد ظهرت العاصمة تلك الجميلة المهذبة النظيفة التي تشع شوارعها أنوارا وساحتها وجنبات طرقها اخضرارا بشكل جعل بعض التونسيين لا يصدق أنه يتجول في العاصمة التي خبرها وعرفها. وهذا الأمر رغم أهميته في مستوى تنظيم القمة، إلا أنه مخجل في الإطلاق، فقد أرسلت لنا بلدية تونس والحكومة رسالة مفادها أنهما يمتلكان القدرات البشرية واللوجيستكية التي تمكنهم من جعل العاصمة نظيفة مضاءة، لكنهم لا يريدون ذلك ربما اعتقاد منهم بأن المواطن التونسي غير جدير بالإضاءة والنظافة والاخضرار الذي ظهر فجأة واختفى بعد الندوة أيضا فجأة، حتى أن المرء أصبح يقول، ليت كل أيامنا تيكاد حتى نتمتع بالإضاءة والنظافة والاخضرار ونرى تونس البهية التي على ما يبدو ستظل كما نريدها أن تكون صورة شعرية لن تتحقق إلا بتيكاد جديد .
يكتبها محمد معمري
احتضنت بلادنا يومي 27 و28 أوت 2022 ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا تيكاد 8 ،الندوة التي امتدت أشغالها فعليا لمدة أسبوع باعتبار الأشغال الموازية التي رافقتها خلقت حركية في العاصمة التونسية وخلفت عديد الاستنتاجات التي سنأتي على البعض منها في هذه الورقة .
أولا يمكن القول باطمئنان أن الندوة نجحت على المستوى التنظيمي بشكل جيد وهو نجاح يحسب للذين أشرفوا وساهموا في تنظيمها ويمنح تونس امتيازا جديدا في حسن التنظيم كما يقدم رسالة طمأنة لشركائها الاقتصاديين بأن الدولة التونسية ما تزال تمتلك آليات العمل الضرورية لتسيير الشأن العام رغم ما يقال هنا وهناك حول ضعفها .
ثانيا مخرجات الندوة بالنسبة لتونس تعتبر ايجابية بعد عقود الشراكة التي أبرمتها عديد المؤسسات التونسية مع نظيراتها من اليابان ومن الدول الإفريقية ،لكن هذه الشراكات تبقى رهينة التفعيل والعمل بجدية على تحقيقها على أرض الواقع حتى لا تبقى حبرا على ورق مثلما عرفته بعض التظاهرات التى سبق لتونس احتضانها ومنها "الندوة الدولية تونس 2020" التي احتضنتها بلادنا فى شهر نوفمبر 2016 وقدم المشاركون فيها وعودا سخية لتمويل الاقتصاد التونسي وضخ استثمارات سنوية فيه بمليارات الدينارات، لكن ذلك لم يتحقق للأسف عمليا وظلت تونس في أزمة اقتصادية خانقة رغم مرور ست سنوات على هذه الندوة .ولا نريد أن يكون مصير مخرجات ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا تيكاد 8 نفس مصير مخرجات الندوة الدولية تونس 2020 التي قدمت وعودا كبيرة لم ير منها النور إلا النزر القليل .
ثالثا نجاح "تيكاد 8" والوعود التي حصلت عليها تونس تبقى مسألة معلقة يتطلب تحقيقها عملا إضافيا من الحكومة التونسية ومتابعة دقيقة لكل الملفات وتقديم تصورات عملية وخلاقة للشركاء الاقتصاديين خاصة وأن الطرف الياباني أعلن بعد تثمين نجاح الندوة التي احتضنتها تونس أن كل الاتفاقيات التي تمّ إبرامها مع الحكومة التونسية يتطلب تحقيها عمليا اتفاقا بين الحكومة التونسية وصندوق النقد الدولي الذي تجري معه الحكومة التونسية الآن مفاوضات من أجل دعم الاقتصاد الوطني، وهو شرط يضع ضغوطا إضافية على حكومة السيدة نجلاء بودن المطالبة بوجود حلول سريعة لكل الإشكاليات العالقة ومنها التوصل إلى اتفاق مع الأطراف الاجتماعية وأهمها الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو أمر ليس بالسهل كما يتوقع البعض، فالحكومة التونسية قدمت في مشروعها لصندوق النقد الدولي جملة من الإصلاحات الاقتصادية ترتكز أساسا على الضغط على كتلة الأجور وميزانية الدعم في قانون المالية للدولة التونسية وهو ما يتنافى والتوجهات الاجتماعية للمنظمة الشغيلة مما يجعل من التوصل إلى نقطة وسط يلتقي عندها الجانبان الحكومة والاتحاد أمرا صعبا إن لم نقل مستحيلا .
رابعا خلفت الندوة أزمة دبلوماسية بين تونس والمغرب على خلفية مشاركة رئيس جبهة البوليساريو فيها رغم أنه سبق له المشاركة في ندوات سابقة بحضور ممثلين عن المغرب الشقيق، خلاف كل ما نرجوه أن يكون سحابة صيف عابرة لتعود العلاقات التونسية المغربية إلى طبيعتها باعتبار كل شعوب المغرب العربي الكبير أشقاء تجمعهم عديد الخصائص المشتركة التي يمكن جعلها مواطن قوة ونبذ كل ما من شأنه أن يفرق بين الأخوة الأشقاء.
خامس الاستنتاجات حول ندوة طوكيو للتنمية في إفريقيا التي احتضنتها بلادنا يتعلق بالحلّة التي ارتدتها العاصمة التونسية طيلة أيام الندوة فقد ظهرت العاصمة تلك الجميلة المهذبة النظيفة التي تشع شوارعها أنوارا وساحتها وجنبات طرقها اخضرارا بشكل جعل بعض التونسيين لا يصدق أنه يتجول في العاصمة التي خبرها وعرفها. وهذا الأمر رغم أهميته في مستوى تنظيم القمة، إلا أنه مخجل في الإطلاق، فقد أرسلت لنا بلدية تونس والحكومة رسالة مفادها أنهما يمتلكان القدرات البشرية واللوجيستكية التي تمكنهم من جعل العاصمة نظيفة مضاءة، لكنهم لا يريدون ذلك ربما اعتقاد منهم بأن المواطن التونسي غير جدير بالإضاءة والنظافة والاخضرار الذي ظهر فجأة واختفى بعد الندوة أيضا فجأة، حتى أن المرء أصبح يقول، ليت كل أيامنا تيكاد حتى نتمتع بالإضاءة والنظافة والاخضرار ونرى تونس البهية التي على ما يبدو ستظل كما نريدها أن تكون صورة شعرية لن تتحقق إلا بتيكاد جديد .