ـ هيئة الانتخابات و"الهايكا" والجمعيات المختصة في الانتخابات تطالب رئاسة الجمهورية والحكومة بالاستئناس بمقترحاتها
تونس: الصباح:
أقل من أربعة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات التشريعية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 14 ديسمبر الماضي بمناسبة عرض خارطة طريقه السياسية، وهي انتخابات ستتم على قاعدة دستور 25 جويلية 2022 وعلى أساس مرسوم انتخابي جديد لا أحد يعرف مضامينه، أو متى سيصدر، وإن كان سيقع عرضه قبل المصادقة عليه على استشارة العموم أو على الأقل على استشارة الأطراف المعنية بالشأن الانتخابي، ففي كلمته بمناسبة ختم الدستور يوم 17 أوت الجاري، اكتفى سعيد بالإشارة إلى أنه سيتم خلال الفترة القادمة وضع قانون انتخابي جديد، وبين أن القوانين الانتخابية حتى وإن كانت دون الدساتير مرتبة، فإن آثارها على سير المؤسسات ليس أقل من أحكام الدستور، وبالتالي، فإن رئيس الجمهورية أقر من تلقاء نفسه بأهمية القانون الانتخابي، وهو ما يفترض نظريا استشارة الهيئات المعنية بالانتخابات وخاصة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في شأنه، كما يفترض الاستئناس بمقترحات المجتمع المدني من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وخاصة الجمعيات المختصة في الشأن الانتخابي على غرار شبكة "عتيد" ومرصد "شاهد" وغيرها، ولكن حسب المعطيات المتوفرة لدينا لم يقع بعد عرض المشروع على الاستشارة، ولهذا السبب تتالت الدعوات إلى اعتماد مقاربة تشاركية في صياغة المرسوم، وتعالت أصوات العديد من السياسيين والناشطين في المجتمع المدني للمطالبة بتنظيم حوار حول القانون الانتخابي، وتزايدت مخاوف بعض الأحزاب من "العزل السياسي".
ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قال في تصريح لـ "الصباح" إنه من المنتظر أن يقع تنظيم انتخابات تشريعية، وإنه بعد صدور الدستور الجديد، كان لا بد من سن مشروع قانون يتعلق بانتخاب مجلس نواب الشعب. وذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قام بتكليف الحكومة بإعداد هذا النص، وهناك إدارة القانون والتشريع برئاسة الحكومة وهناك لجنة على مستوى رئاسة الجمهورية تعملان على إعداد المرسوم المتعلق بأحكام خاصة تتعلق بانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. وأضاف الجديدي أن الهيئة العليا تنتظر من صاحبة المبادرة التشريعية إعداد هذا المشروع وعرضه عليها لكي تبدي رأيها فيه وذلك لتلافي الصعوبات والإشكاليات عند تطبيق القانون لاحقا. وشدد محدثنا على أن التنسيق بين الهيئة العليا ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ضروري للغاية للحيلولة دون الوقوع لاحقا في مشاكل خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل التقنية وبتنظيم وإدارة الانتخابات التشريعية، فهي مسائل دقيقة لا تفهمها سوى الهيئة.
وإضافة إلى أهمية استشارة الهيئة في كل ما يتعلق بالجوانب التقنية والتنظيمية والإدارية للانتخابات، قال الجديدي إنه بموجب الدستور الجديد ستكون الانتخابات التشريعية المرتقبة على الأفراد في دورتين وليس على القائمات كما كان عليه الحال في السابق، وبالتالي فإنه في صورة تغيير نظام الاقتراع فإن هناك مسائل تقنية لا بد من أخذ رأي الهيئة بشأنها والاستئناس بمقترحاتها، لأن الهيئة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها التفطن للإشكاليات في علاقة بالمسائل التقنية، وبحكم الممارسة فهي الوحيدة التي تعرف الصعوبات أي أنها أهم جهة يمكنها أن تفيد صاحبة المبادرة التشريعية المكلفة بصياغة مرسوم الانتخابات بآرائها ومقترحاتها..
وبين نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة مازلت تنتظر من صاحبة المبادرة التشريعية أن تحيل عليها مشروع المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بالانتخابات التشريعية لكي تبدي رأيها فيه وتقدم مقترحاتها خاصة في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية، فهذه النقطة حسب رأيه مهمة لأنه من شأنها أن تغير الخارطة الانتخابية بصفة جذرية، واستدرك الجديدي قائلا إنه لا يعرف إن كانت جهة المبادرة ستحافظ على النظام القديم لتقسيم الدوائر المعتمد منذ سنة 2011 أو أنها تتجه نحو تغيير الدوائر الانتخابية، ولكنه يعتقد أن الدوائر الانتخابية ستتغير لكي تقع ملاءمة نظام تقسيم الدوائر مع الدستور الجديد. وحسب ما أشار إليه نائب رئيس الهيئة فإن التمسك بالمعايير الدولية عند مراجعة تقسيم الدوائر الانتخابية وأهمها عدم تغيير هذا التقسيم قبل سنة من موعد الانتخابات غير مطروح في الوضع الراهن، لأن البلاد مازلنت في زمن الحالة الاستثنائية، وذلك لأن الأحكام الختامية للدستور الجديد نصت على تواصل العمل بالأمر عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وبالتالي فإن التدابير الاستثنائية ستبقى سارية المفعول، وفي إطارها لا يقع التقيد بالآجال العادية، وهو ما يعني أن جهة المبادرة التشريعية يمكنها مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات وبتقسيم الدوائر الانتخابية في إطار التدابير الاستثنائية وفي إطار الأمر عدد 117 سالف الذكر.
وذكر الجديدي أنه من المفروض أن تبدي الهيئة رأيها في مشروع المرسوم وأنه من الضروري أن يتم أخذ رأي الهيئة بعين الاعتبار، فالهيئة على حد تأكيده جاهزة لتقديم مقترحاتها، وهي جاهزة ماديا وبشريا ولوجيستيا لتنظيم الانتخابات التشريعية، وذهب نائب رئيس الهيئة إلى أبعد من ذلك وقال إن قضية الجاهزية بالنسبة للهيئة لم تعد مطروحة بالنظر إلى التجربة التي راكمتها طيلة عشر سنوات في تنظيم الانتخابات، فالمهم بالنسبة إليها اليوم هو وجود نص قانوني واضح وجيد وقابل للتطبيق وخال من الثغرات.
سياسة الانطواء
لئن عبر ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن أمله في أن تقوم جهة المبادرة التشريعية بعرض مشروع المرسوم الانتخابي على الهيئة لكي تبدي فيه الرأي قبل مصادقة مجلس الوزراء عليه، فإن هشام السنوسي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري أكد أنه لا يوجد أي تواصل بين الهيئة والحكومة حتى في المسائل المتعلقة بالهيئة وليس فقط بخصوص مشروع المرسوم الانتخابي..، وأضاف أن الهيئة لم تعش هذه الوضعية مع جميع الحكومات السابقة، فرغم الخلافات الكبيرة بين الهيئة وتلك الحكومات والتي وصلت إلى المحاكم، فقد كان هناك تواصل بينها وبين الهيئة، أما مع حكومة نجلاء بودن فهناك انعدام تام للتواصل. وذكر أن هذه الحكومة تنتهج سياسة الانطواء وغلق باب الاستشارة أمام الجميع وهي في نهاية المطاف سياسة خاطئة يجب تلافيها، ويجب أن يكون هناك نضج في تعامل الحكومة مع المؤسسات.
وفي علاقة بمشروع المرسوم المتعلق بالانتخابات، بين السنوسي أنه من المفروض أن تقوم الجهة التي هي بصدد إعداد هذا المشروع باستشارة "الهايكا" لأن القانون الانتخابي فيه جوانب تتعلق بالإعلام وبالحملة الانتخابية في وسائل الإعلام، وذكر أنه من المفروض أيضا أن يتم التطرق إلى مشكلة الظهور في القنوات الأجنبية واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في الانتخابات، ولهذا السبب لا بد على الحكومة من استشارة الهيئة والاستئناس برأيها والاستماع إلى مقترحاتها، لأن الهيئة على حد تأكيده لديها خبرة في المجال ولديها دراسات في الغرض، ومن المفروض أن يتم التشاور معها عند صياغة مشروع المرسوم لكن هذا لم يحدث.
تجاهل المجتمع المدني
فضلا عن عدم استشارة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري، لم تستشر الحكومة أهم الجمعيات المختصة في الشأن الانتخابي، وفي هذا السياق أكدت علاء بن نجمة رئيسة مرصد "شاهد" أنه لم يقع الاتصال بمنظمتها لدعوتها إلى تقديم مقترحاتها المتعلقة بالقانون الانتخابي، وهو نفس ما أشار إليه الدكتور بسام معطر رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابيات عتيد".
وقال معطر إنه للأسف الشديد لا توجد أي استشارة. وأضاف أن جمعية "عتيد" لديها مقترحات جاهزة تتعلق بتعديل القانون الانتخابي وقد قامت بإعدادها منذ فترة طويلة وهي عبارة عن مراجعة شاملة للقانون الانتخابي وتولت عرض هذا المشروع على مجلس نواب الشعب. وذكر أن جل المقترحات التي تضمنها مشروع القانون الذي أعدته "عتيد" مازالت سارية المفعول إلى الآن وبين أن جمعيته تضع مشروعها على ذمة الحكومة أو رئاسة الجمهورية للاستئناس به وهي مقترحات تتعلق بالأحكام العامة والسجل الانتخابي وشروط الترشح إذ يجب أن يشترط في ملف المترشح تقديم بطاقة عدد 3 ويجب أن يقع حرمان من تعلقت بهم جرائم شرف من الترشح، ويجب ضمان توصل هيئة الانتخابات بالمعلومات المتعلقة بمن صدرت في شأنهم أحكام قضائية تمنعهم من المشاركة السياسية قبل البت في الترشحات.. وأضاف أن "عتيد" لديها مقترحات أخرى تتعلق بتنظيم الحملة الانتخابية ومراجعة الزمن القضائي لكي يتلاءم مع الزمن الانتخابي لأنه من غير المقبول أن يفلت مرتكب الجرائم الانتخابية من العقاب وأن تقع مقاضاته بعد أن ينهي المدة النيابية.
وعبر الدكتور معطر عن أمله في أن تأخذ جهة المبادرة التشريعية مقترحات جمعيته بعين الاعتبار وذلك لتنقية القانون الانتخابي من الشوائب، لأن الانتخابات السابقة، وبسبب الثغرات الموجودة في القانون، كانت تحصل فيها تجاوزات وتلاعب الأمر الذي يؤدي إلى وصول أطراف تتعلق بها شبهات إلى المجالس المنتخبة.
سعيدة بوهلال
ـ هيئة الانتخابات و"الهايكا" والجمعيات المختصة في الانتخابات تطالب رئاسة الجمهورية والحكومة بالاستئناس بمقترحاتها
تونس: الصباح:
أقل من أربعة أشهر تفصلنا عن موعد الانتخابات التشريعية الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية قيس سعيد يوم 14 ديسمبر الماضي بمناسبة عرض خارطة طريقه السياسية، وهي انتخابات ستتم على قاعدة دستور 25 جويلية 2022 وعلى أساس مرسوم انتخابي جديد لا أحد يعرف مضامينه، أو متى سيصدر، وإن كان سيقع عرضه قبل المصادقة عليه على استشارة العموم أو على الأقل على استشارة الأطراف المعنية بالشأن الانتخابي، ففي كلمته بمناسبة ختم الدستور يوم 17 أوت الجاري، اكتفى سعيد بالإشارة إلى أنه سيتم خلال الفترة القادمة وضع قانون انتخابي جديد، وبين أن القوانين الانتخابية حتى وإن كانت دون الدساتير مرتبة، فإن آثارها على سير المؤسسات ليس أقل من أحكام الدستور، وبالتالي، فإن رئيس الجمهورية أقر من تلقاء نفسه بأهمية القانون الانتخابي، وهو ما يفترض نظريا استشارة الهيئات المعنية بالانتخابات وخاصة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والمحكمة الإدارية ومحكمة المحاسبات في شأنه، كما يفترض الاستئناس بمقترحات المجتمع المدني من أحزاب سياسية ومنظمات وطنية وخاصة الجمعيات المختصة في الشأن الانتخابي على غرار شبكة "عتيد" ومرصد "شاهد" وغيرها، ولكن حسب المعطيات المتوفرة لدينا لم يقع بعد عرض المشروع على الاستشارة، ولهذا السبب تتالت الدعوات إلى اعتماد مقاربة تشاركية في صياغة المرسوم، وتعالت أصوات العديد من السياسيين والناشطين في المجتمع المدني للمطالبة بتنظيم حوار حول القانون الانتخابي، وتزايدت مخاوف بعض الأحزاب من "العزل السياسي".
ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قال في تصريح لـ "الصباح" إنه من المنتظر أن يقع تنظيم انتخابات تشريعية، وإنه بعد صدور الدستور الجديد، كان لا بد من سن مشروع قانون يتعلق بانتخاب مجلس نواب الشعب. وذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيد قام بتكليف الحكومة بإعداد هذا النص، وهناك إدارة القانون والتشريع برئاسة الحكومة وهناك لجنة على مستوى رئاسة الجمهورية تعملان على إعداد المرسوم المتعلق بأحكام خاصة تتعلق بانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب. وأضاف الجديدي أن الهيئة العليا تنتظر من صاحبة المبادرة التشريعية إعداد هذا المشروع وعرضه عليها لكي تبدي رأيها فيه وذلك لتلافي الصعوبات والإشكاليات عند تطبيق القانون لاحقا. وشدد محدثنا على أن التنسيق بين الهيئة العليا ورئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ضروري للغاية للحيلولة دون الوقوع لاحقا في مشاكل خاصة عندما يتعلق الأمر بالمسائل التقنية وبتنظيم وإدارة الانتخابات التشريعية، فهي مسائل دقيقة لا تفهمها سوى الهيئة.
وإضافة إلى أهمية استشارة الهيئة في كل ما يتعلق بالجوانب التقنية والتنظيمية والإدارية للانتخابات، قال الجديدي إنه بموجب الدستور الجديد ستكون الانتخابات التشريعية المرتقبة على الأفراد في دورتين وليس على القائمات كما كان عليه الحال في السابق، وبالتالي فإنه في صورة تغيير نظام الاقتراع فإن هناك مسائل تقنية لا بد من أخذ رأي الهيئة بشأنها والاستئناس بمقترحاتها، لأن الهيئة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها التفطن للإشكاليات في علاقة بالمسائل التقنية، وبحكم الممارسة فهي الوحيدة التي تعرف الصعوبات أي أنها أهم جهة يمكنها أن تفيد صاحبة المبادرة التشريعية المكلفة بصياغة مرسوم الانتخابات بآرائها ومقترحاتها..
وبين نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الهيئة مازلت تنتظر من صاحبة المبادرة التشريعية أن تحيل عليها مشروع المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بالانتخابات التشريعية لكي تبدي رأيها فيه وتقدم مقترحاتها خاصة في مسألة تقسيم الدوائر الانتخابية، فهذه النقطة حسب رأيه مهمة لأنه من شأنها أن تغير الخارطة الانتخابية بصفة جذرية، واستدرك الجديدي قائلا إنه لا يعرف إن كانت جهة المبادرة ستحافظ على النظام القديم لتقسيم الدوائر المعتمد منذ سنة 2011 أو أنها تتجه نحو تغيير الدوائر الانتخابية، ولكنه يعتقد أن الدوائر الانتخابية ستتغير لكي تقع ملاءمة نظام تقسيم الدوائر مع الدستور الجديد. وحسب ما أشار إليه نائب رئيس الهيئة فإن التمسك بالمعايير الدولية عند مراجعة تقسيم الدوائر الانتخابية وأهمها عدم تغيير هذا التقسيم قبل سنة من موعد الانتخابات غير مطروح في الوضع الراهن، لأن البلاد مازلنت في زمن الحالة الاستثنائية، وذلك لأن الأحكام الختامية للدستور الجديد نصت على تواصل العمل بالأمر عدد 117 لسنة 2021 المتعلق بالتدابير الاستثنائية، وبالتالي فإن التدابير الاستثنائية ستبقى سارية المفعول، وفي إطارها لا يقع التقيد بالآجال العادية، وهو ما يعني أن جهة المبادرة التشريعية يمكنها مراجعة النصوص القانونية المتعلقة بالانتخابات وبتقسيم الدوائر الانتخابية في إطار التدابير الاستثنائية وفي إطار الأمر عدد 117 سالف الذكر.
وذكر الجديدي أنه من المفروض أن تبدي الهيئة رأيها في مشروع المرسوم وأنه من الضروري أن يتم أخذ رأي الهيئة بعين الاعتبار، فالهيئة على حد تأكيده جاهزة لتقديم مقترحاتها، وهي جاهزة ماديا وبشريا ولوجيستيا لتنظيم الانتخابات التشريعية، وذهب نائب رئيس الهيئة إلى أبعد من ذلك وقال إن قضية الجاهزية بالنسبة للهيئة لم تعد مطروحة بالنظر إلى التجربة التي راكمتها طيلة عشر سنوات في تنظيم الانتخابات، فالمهم بالنسبة إليها اليوم هو وجود نص قانوني واضح وجيد وقابل للتطبيق وخال من الثغرات.
سياسة الانطواء
لئن عبر ماهر الجديدي نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن أمله في أن تقوم جهة المبادرة التشريعية بعرض مشروع المرسوم الانتخابي على الهيئة لكي تبدي فيه الرأي قبل مصادقة مجلس الوزراء عليه، فإن هشام السنوسي عضو مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري أكد أنه لا يوجد أي تواصل بين الهيئة والحكومة حتى في المسائل المتعلقة بالهيئة وليس فقط بخصوص مشروع المرسوم الانتخابي..، وأضاف أن الهيئة لم تعش هذه الوضعية مع جميع الحكومات السابقة، فرغم الخلافات الكبيرة بين الهيئة وتلك الحكومات والتي وصلت إلى المحاكم، فقد كان هناك تواصل بينها وبين الهيئة، أما مع حكومة نجلاء بودن فهناك انعدام تام للتواصل. وذكر أن هذه الحكومة تنتهج سياسة الانطواء وغلق باب الاستشارة أمام الجميع وهي في نهاية المطاف سياسة خاطئة يجب تلافيها، ويجب أن يكون هناك نضج في تعامل الحكومة مع المؤسسات.
وفي علاقة بمشروع المرسوم المتعلق بالانتخابات، بين السنوسي أنه من المفروض أن تقوم الجهة التي هي بصدد إعداد هذا المشروع باستشارة "الهايكا" لأن القانون الانتخابي فيه جوانب تتعلق بالإعلام وبالحملة الانتخابية في وسائل الإعلام، وذكر أنه من المفروض أيضا أن يتم التطرق إلى مشكلة الظهور في القنوات الأجنبية واستعمال مواقع التواصل الاجتماعي التي تلعب دورا كبيرا في الانتخابات، ولهذا السبب لا بد على الحكومة من استشارة الهيئة والاستئناس برأيها والاستماع إلى مقترحاتها، لأن الهيئة على حد تأكيده لديها خبرة في المجال ولديها دراسات في الغرض، ومن المفروض أن يتم التشاور معها عند صياغة مشروع المرسوم لكن هذا لم يحدث.
تجاهل المجتمع المدني
فضلا عن عدم استشارة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري، لم تستشر الحكومة أهم الجمعيات المختصة في الشأن الانتخابي، وفي هذا السياق أكدت علاء بن نجمة رئيسة مرصد "شاهد" أنه لم يقع الاتصال بمنظمتها لدعوتها إلى تقديم مقترحاتها المتعلقة بالقانون الانتخابي، وهو نفس ما أشار إليه الدكتور بسام معطر رئيس "الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابيات عتيد".
وقال معطر إنه للأسف الشديد لا توجد أي استشارة. وأضاف أن جمعية "عتيد" لديها مقترحات جاهزة تتعلق بتعديل القانون الانتخابي وقد قامت بإعدادها منذ فترة طويلة وهي عبارة عن مراجعة شاملة للقانون الانتخابي وتولت عرض هذا المشروع على مجلس نواب الشعب. وذكر أن جل المقترحات التي تضمنها مشروع القانون الذي أعدته "عتيد" مازالت سارية المفعول إلى الآن وبين أن جمعيته تضع مشروعها على ذمة الحكومة أو رئاسة الجمهورية للاستئناس به وهي مقترحات تتعلق بالأحكام العامة والسجل الانتخابي وشروط الترشح إذ يجب أن يشترط في ملف المترشح تقديم بطاقة عدد 3 ويجب أن يقع حرمان من تعلقت بهم جرائم شرف من الترشح، ويجب ضمان توصل هيئة الانتخابات بالمعلومات المتعلقة بمن صدرت في شأنهم أحكام قضائية تمنعهم من المشاركة السياسية قبل البت في الترشحات.. وأضاف أن "عتيد" لديها مقترحات أخرى تتعلق بتنظيم الحملة الانتخابية ومراجعة الزمن القضائي لكي يتلاءم مع الزمن الانتخابي لأنه من غير المقبول أن يفلت مرتكب الجرائم الانتخابية من العقاب وأن تقع مقاضاته بعد أن ينهي المدة النيابية.
وعبر الدكتور معطر عن أمله في أن تأخذ جهة المبادرة التشريعية مقترحات جمعيته بعين الاعتبار وذلك لتنقية القانون الانتخابي من الشوائب، لأن الانتخابات السابقة، وبسبب الثغرات الموجودة في القانون، كانت تحصل فيها تجاوزات وتلاعب الأمر الذي يؤدي إلى وصول أطراف تتعلق بها شبهات إلى المجالس المنتخبة.