إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الحكومة تتجه نحو حل عدد منها.. 15600 انتداب وهمي خلقتها حكومات ما بعد الثورة في شركات البيئة والغراسة والبستنة

باحث في علم الاجتماع:"شركات البيئة والغراسة والبستنة تأتي في إطار رشوة اجتماعية والتشغيل الهش للدولة"

تونس- الصباح

حسب الكواليس التي تحصلت عليها "الصباح" في علاقة بجلسة العمل الوزارية المنعقدة مؤخرا بإشراف رئاسة الحكومة حول وضعية شركات البيئة والغراسة والبستنة، فان الحلول ستنقسم إلى نوعين حسب تصنيف الشركة. ومبدئيا تم الاتفاق على التوجه نحو حل شركات البيئة والغراسة المتركزة منذ سنة2011 في الحوض المنجمي وتوسعت إلى قفصة المدينة وبقية معتمدياتها ورأسمالها من شركة فسفاط قفصة وشركات البيئة والغراسة المتواجدة في ولاية صفاقس وقابس ورأسمالها من المجمع الكيميائي والتي تعد نحو 12 ألفا و500 عون.

وسيكون حل هذه الشركات في إطار برنامج إعادة إدماج جزء من عمالها وإطاراتها سواء في شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي وفي شركة نقل المواد المنجمية أو في الخطط الشاغرة في الوزارات المختلفة وإداراتها العائدة لها بالنظر. هذا ومن المنتظر أن يتم فتح باب التسريح الاختياري للأعوان الذين سنهم فوق الـ55 عاما مع إمكانية توسيع دائرة المعنيين بالتسريح والحصول على التعويضات المالية إلى غاية سن الـ45 سنة، وهو إجراء قد يمكن هذه الشركات من التخفيف من عدد أعوانها إلى اقل من النصف حيث وطبقا للمعطيات الإحصائية فإن نحو الـ50% من أعوان شركات البيئة والغراسة بولاية قفصة مثلا سنهم فوق 50 سنة.

وبخصوص شركات البيئة والغراسة والبستنة التي تم بعثها سنوات 2016 و2017 في كل من قبلي وتطاوين فان مشكل تصنيفها مازال قائما ويبدو أن الحكومة تتجه نحو تركها على حالها علما وأنهما مجتمعتان يشغلان أكثر من 3 آلاف عون( شركة البيئة والغراسة والبستنة في قبلي تعد نحو 600 عامل وعاملة في حين يبلغ عدد أعوان شركة البيئة والغراسة والبستنة في تطاوين 2500 عون).

وبداية ظهور شركات البيئة والغراسة كان حسب مشايخي كاتب عام إطارات البيئة والغراسة في الرديف سنة 2008، عقب انتفاضة الحوض المنجمي أين تم بعثها في إطار شركات مناولة لشبان من حاملي الشهائد العليا في المنطقة وبدعم من شركة فسفاط قفصة، ليتم إدماجها بعد ثورة 2011 داخل شركة فسفاط قفصة في إطار إلغاء آلية العمل بالمناولة كشركة فرعية. وتدريجيا وفي إطار شراء السلم الاجتماعية في المنطقة تم الترفيع في عدد العاملين فيها ليصل اليوم إلى نحو 7500 عون. وتم سحب هذه السياسة التشغيلية الهشة على ولايات صفاقس وقابس بإشراف من المجمع الكميائي التونسي بطاقة تشغيلية في حدود الـ 5000 عون.

وحسب الرائد الرسمي فان المهمة الموكولة لشركات البيئة والغراسة في ولايات قفصة وقابس وصفاقس هي القيام بجميع الأنشطة البيئية الناجمة عن الأنشطة الصناعية لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكميائي التونسي على غرار إعادة تهيئة مواقع الاستخراج وتجميع مخلفات غسل الفسفاط وصيانة المعامل... لكن وأمام ضخامة حجم الانتدابات داخل الشركات أصبحت هذه المهام غير ممكنة، وشركتي فسفاط قفصة والمجمع الكميائي غير قادران على توفير تمويلات مالية لتفعيل نشاطها ليترك غالبية أعوانها دون نشاط، وتحصلون شهريا على أجور دون الإتيان على أي عمل منجز واضح.

وأمام عجز حكومات ما بعد الثورة عن إيجاد حلول لمعضلة البطالة، اعتمدت شركات البيئة والغراسة والبستنة كمسكن وكرشوة لشراء السلم الاجتماعية في تطاوين بعد تحركات الكامور وفي ولاية قبلي بعد التحركات التي سجلتها في نفس الفترة عدد من معتمدياتها حيث اتجه الفاعل الاجتماعي في الولايتين إلى غلق محطات الضخ التابعة للشركات النفطية المتمركزة هناك.

وما يجعل وضعية شركات البيئة والغراسة والبستنة في كل من تطاوين وقبلي أكثر تأزم وإمكانيات إيجاد حل لها ليس بالأمر السهل، حيث أنها إلى غاية اليوم هي شركات غير مصنفة لا تتبع أيا من الوزارات ولا يمكن اعتبارها مؤسسات عمومية وهي اقرب إلى شركات المناولة تعتمد آلية الافراق في الانتدابات التي اعتمدتها إلى غاية اليوم.

وتأتي شركات البيئة والغراسة والبستنة حسب تفسير الباحث في علم الاجتماع خالد الطبابي، في إطار رشوة اجتماعية والتشغيل الهش للدولة. وتتزامن مع صعود أو تنامي دينامكية الحراك الاجتماعي خاصة في المناطق التي تعيش على واقع صراعات الصناعات الاستخراجية، في الحوض المنجمي بقفصة أو في ولاية قبلي وتطاوين أو في ولايات صفاقس وقابس، وتكون كحلول تعتمدها الحكومات من اجل امتصاص الغضب الشعبي.

ويعتبر الطبابي أن الفكرة في إطارها العام جاءت ضمن آلية العمل بالمناولة ضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية والسعي إلى تقليص عدد العمال بشركة فسفاط قفصة عبر خلق شركة أخرى مشغلة في الجهة.

وحسب تقييمه يقول الباحث في علم الاجتماعي أن الأموال التي كانت موجهة لمكافحة التلوث البيئي لشركة فسفاط قفصة يبدو انه غيرت وجهتها نحو رأسمال هذه الشركات لصنع مؤسسات تشغيلية وهمية.

واعتبر أن هذه الشركات في إخراجها شبيهة بملف عمال وعاملات الحضائر، الذي وبعد أن تحول عددها إلى خزان ديمغرافي هام، اضطرت الدولة إلى البحث في حلول له. ويرى أن الدولة بصدد مواصلة تحيلها على المطالب الاجتماعية عبر اعتماد تشغيل وهمي وخلق مؤسسات البيئة والغراسة والبستنة في مناطق جديدة او فتح باب الانتدابات لها من جديد، آخرها كان في تطاوين منذ اكثر من سنة ولم يقع الى غاية اليوم الاعلان عن نتائج المناظرة التي تمت على الملفات.

وذكر ان طرق الانتداب الوهمي التي يتم اعتمدها وتاتي في سياق ازمة، هي بصدد اعادة انتاج الازمة في شكل مختلف ولذلك الدولة اليوم عبر شركات البيئة والغراسة والبستنة هي بصدد اعادة انتاج الازمات وليست بصدد ايجاد حلول اجتماعية. وفي حال واصلت الحكومة تعاملها الترقيعي وغير الجدي للملف الاجتماعي فستواصل انتاج الازمات.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى ان عملة وعمال شركة البيئة والغراسة والبستنة في مختلف معتمديات ولاية قبلي يخوضون تحركات احتجاجية منذ اكثر من شهر للمطالبة بصرف مستحقاتهم وأجورهم المتأخرة وبتصنيف الشركة باعتبار انها إلى غاية اليوم غير مصنفة.

اما بالنسبة إلى شركة البيئة والغراسة والبستنة في تطاوين فهناك قرار صدر في شانها منذ نوفمبر 2020، يقضي بإلحاقها بوزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية وتصنيفها كشركة ذات مساهمة عمومية لكن إلى غاية اليوم لم يصدر هذا القرار في الرائد الرسمي حتى يقع تنفيذه. وأمام محدودية الاعتمادات المرصودة لها تواجه الشركة إشكالية في سداد مساهماتها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنحو الـ9 مليون دينار.

وتختلف معدلات أجور شركات البيئة والغراسة والبستنة، ويسجل أضعفها في ولاية قبلي أين يتراوح بين 520 و620 دينارا، في الوقت الذي تتراوح الأجور بين 680 و1120 دينارا في تطاوين وتكون حسب جدول أجور واضح في ولايات قفصة وصفاقس وقابس ويتراوح بين 850 و1300 دينار ويكون ذلك حسب تصنيفاتهم المهنية من أعوان التنفيذ وأعوان التسيير والإطارات.

ريم سوودي

 

 

 

الحكومة تتجه نحو حل عدد منها..  15600 انتداب وهمي خلقتها حكومات ما بعد الثورة في شركات البيئة والغراسة والبستنة

باحث في علم الاجتماع:"شركات البيئة والغراسة والبستنة تأتي في إطار رشوة اجتماعية والتشغيل الهش للدولة"

تونس- الصباح

حسب الكواليس التي تحصلت عليها "الصباح" في علاقة بجلسة العمل الوزارية المنعقدة مؤخرا بإشراف رئاسة الحكومة حول وضعية شركات البيئة والغراسة والبستنة، فان الحلول ستنقسم إلى نوعين حسب تصنيف الشركة. ومبدئيا تم الاتفاق على التوجه نحو حل شركات البيئة والغراسة المتركزة منذ سنة2011 في الحوض المنجمي وتوسعت إلى قفصة المدينة وبقية معتمدياتها ورأسمالها من شركة فسفاط قفصة وشركات البيئة والغراسة المتواجدة في ولاية صفاقس وقابس ورأسمالها من المجمع الكيميائي والتي تعد نحو 12 ألفا و500 عون.

وسيكون حل هذه الشركات في إطار برنامج إعادة إدماج جزء من عمالها وإطاراتها سواء في شركة فسفاط قفصة والمجمع الكيميائي وفي شركة نقل المواد المنجمية أو في الخطط الشاغرة في الوزارات المختلفة وإداراتها العائدة لها بالنظر. هذا ومن المنتظر أن يتم فتح باب التسريح الاختياري للأعوان الذين سنهم فوق الـ55 عاما مع إمكانية توسيع دائرة المعنيين بالتسريح والحصول على التعويضات المالية إلى غاية سن الـ45 سنة، وهو إجراء قد يمكن هذه الشركات من التخفيف من عدد أعوانها إلى اقل من النصف حيث وطبقا للمعطيات الإحصائية فإن نحو الـ50% من أعوان شركات البيئة والغراسة بولاية قفصة مثلا سنهم فوق 50 سنة.

وبخصوص شركات البيئة والغراسة والبستنة التي تم بعثها سنوات 2016 و2017 في كل من قبلي وتطاوين فان مشكل تصنيفها مازال قائما ويبدو أن الحكومة تتجه نحو تركها على حالها علما وأنهما مجتمعتان يشغلان أكثر من 3 آلاف عون( شركة البيئة والغراسة والبستنة في قبلي تعد نحو 600 عامل وعاملة في حين يبلغ عدد أعوان شركة البيئة والغراسة والبستنة في تطاوين 2500 عون).

وبداية ظهور شركات البيئة والغراسة كان حسب مشايخي كاتب عام إطارات البيئة والغراسة في الرديف سنة 2008، عقب انتفاضة الحوض المنجمي أين تم بعثها في إطار شركات مناولة لشبان من حاملي الشهائد العليا في المنطقة وبدعم من شركة فسفاط قفصة، ليتم إدماجها بعد ثورة 2011 داخل شركة فسفاط قفصة في إطار إلغاء آلية العمل بالمناولة كشركة فرعية. وتدريجيا وفي إطار شراء السلم الاجتماعية في المنطقة تم الترفيع في عدد العاملين فيها ليصل اليوم إلى نحو 7500 عون. وتم سحب هذه السياسة التشغيلية الهشة على ولايات صفاقس وقابس بإشراف من المجمع الكميائي التونسي بطاقة تشغيلية في حدود الـ 5000 عون.

وحسب الرائد الرسمي فان المهمة الموكولة لشركات البيئة والغراسة في ولايات قفصة وقابس وصفاقس هي القيام بجميع الأنشطة البيئية الناجمة عن الأنشطة الصناعية لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكميائي التونسي على غرار إعادة تهيئة مواقع الاستخراج وتجميع مخلفات غسل الفسفاط وصيانة المعامل... لكن وأمام ضخامة حجم الانتدابات داخل الشركات أصبحت هذه المهام غير ممكنة، وشركتي فسفاط قفصة والمجمع الكميائي غير قادران على توفير تمويلات مالية لتفعيل نشاطها ليترك غالبية أعوانها دون نشاط، وتحصلون شهريا على أجور دون الإتيان على أي عمل منجز واضح.

وأمام عجز حكومات ما بعد الثورة عن إيجاد حلول لمعضلة البطالة، اعتمدت شركات البيئة والغراسة والبستنة كمسكن وكرشوة لشراء السلم الاجتماعية في تطاوين بعد تحركات الكامور وفي ولاية قبلي بعد التحركات التي سجلتها في نفس الفترة عدد من معتمدياتها حيث اتجه الفاعل الاجتماعي في الولايتين إلى غلق محطات الضخ التابعة للشركات النفطية المتمركزة هناك.

وما يجعل وضعية شركات البيئة والغراسة والبستنة في كل من تطاوين وقبلي أكثر تأزم وإمكانيات إيجاد حل لها ليس بالأمر السهل، حيث أنها إلى غاية اليوم هي شركات غير مصنفة لا تتبع أيا من الوزارات ولا يمكن اعتبارها مؤسسات عمومية وهي اقرب إلى شركات المناولة تعتمد آلية الافراق في الانتدابات التي اعتمدتها إلى غاية اليوم.

وتأتي شركات البيئة والغراسة والبستنة حسب تفسير الباحث في علم الاجتماع خالد الطبابي، في إطار رشوة اجتماعية والتشغيل الهش للدولة. وتتزامن مع صعود أو تنامي دينامكية الحراك الاجتماعي خاصة في المناطق التي تعيش على واقع صراعات الصناعات الاستخراجية، في الحوض المنجمي بقفصة أو في ولاية قبلي وتطاوين أو في ولايات صفاقس وقابس، وتكون كحلول تعتمدها الحكومات من اجل امتصاص الغضب الشعبي.

ويعتبر الطبابي أن الفكرة في إطارها العام جاءت ضمن آلية العمل بالمناولة ضمن برنامج الإصلاحات الهيكلية والسعي إلى تقليص عدد العمال بشركة فسفاط قفصة عبر خلق شركة أخرى مشغلة في الجهة.

وحسب تقييمه يقول الباحث في علم الاجتماعي أن الأموال التي كانت موجهة لمكافحة التلوث البيئي لشركة فسفاط قفصة يبدو انه غيرت وجهتها نحو رأسمال هذه الشركات لصنع مؤسسات تشغيلية وهمية.

واعتبر أن هذه الشركات في إخراجها شبيهة بملف عمال وعاملات الحضائر، الذي وبعد أن تحول عددها إلى خزان ديمغرافي هام، اضطرت الدولة إلى البحث في حلول له. ويرى أن الدولة بصدد مواصلة تحيلها على المطالب الاجتماعية عبر اعتماد تشغيل وهمي وخلق مؤسسات البيئة والغراسة والبستنة في مناطق جديدة او فتح باب الانتدابات لها من جديد، آخرها كان في تطاوين منذ اكثر من سنة ولم يقع الى غاية اليوم الاعلان عن نتائج المناظرة التي تمت على الملفات.

وذكر ان طرق الانتداب الوهمي التي يتم اعتمدها وتاتي في سياق ازمة، هي بصدد اعادة انتاج الازمة في شكل مختلف ولذلك الدولة اليوم عبر شركات البيئة والغراسة والبستنة هي بصدد اعادة انتاج الازمات وليست بصدد ايجاد حلول اجتماعية. وفي حال واصلت الحكومة تعاملها الترقيعي وغير الجدي للملف الاجتماعي فستواصل انتاج الازمات.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى ان عملة وعمال شركة البيئة والغراسة والبستنة في مختلف معتمديات ولاية قبلي يخوضون تحركات احتجاجية منذ اكثر من شهر للمطالبة بصرف مستحقاتهم وأجورهم المتأخرة وبتصنيف الشركة باعتبار انها إلى غاية اليوم غير مصنفة.

اما بالنسبة إلى شركة البيئة والغراسة والبستنة في تطاوين فهناك قرار صدر في شانها منذ نوفمبر 2020، يقضي بإلحاقها بوزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية وتصنيفها كشركة ذات مساهمة عمومية لكن إلى غاية اليوم لم يصدر هذا القرار في الرائد الرسمي حتى يقع تنفيذه. وأمام محدودية الاعتمادات المرصودة لها تواجه الشركة إشكالية في سداد مساهماتها في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنحو الـ9 مليون دينار.

وتختلف معدلات أجور شركات البيئة والغراسة والبستنة، ويسجل أضعفها في ولاية قبلي أين يتراوح بين 520 و620 دينارا، في الوقت الذي تتراوح الأجور بين 680 و1120 دينارا في تطاوين وتكون حسب جدول أجور واضح في ولايات قفصة وصفاقس وقابس ويتراوح بين 850 و1300 دينار ويكون ذلك حسب تصنيفاتهم المهنية من أعوان التنفيذ وأعوان التسيير والإطارات.

ريم سوودي