بعد تنظيم الاستشارة الوطنية واستفتاء 25 جويلية، وبعد صدور الدستور الجديد ودخوله حيز النفاذ، لم يتبق من خارطة الطريق السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ يوم 14 ديسمبر 2021 سوى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها وفق قانون انتخابي جديد.
وكان سعيد أكد في أكثر من مناسبة أن هذه الانتخابات ستجري يوم 17 ديسمبر 2022، وهو ما يعني أن المدة المتبقية لتنظيم هذا الاستحقاق لا تتجاوز الأربعة أشهر فقط وهي مدة قصيرة جدا أمام الأحزاب لكي تستعد على أفضل وجه لخوض غمار الانتخابات، ولهذا السبب فإن بعض الأحزاب وفي مقدمتها "حركة الشعب" شرعت في الاستعداد لهذه المحطة في حين هناك أحزاب أخرى تترقب صدور المرسوم الانتخابي الجديد الذي كلف رئيس الجمهورية حكومة نجلاء بودن بإعداده، لكن في المقابل هناك أحزاب مثل "حركة النهضة" تتجه نحو مقاطعة الانتخابات التشريعية بعد أن كانت قد قاطعت الاستفتاء.
عبد الرزاق عويدات رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" بين أن حركته قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، وأنها ستعقد يوم 3 سبتمبر المقبل اجتماعا للمجلس الوطني وهو اجتماع يأتي بعد مرور ثلاثة أشهر عن موعد الاجتماع الأول وسيتم خلاله تقييم حملة التصويت بنعم على الدستور الذي عرض على الاستفتاء، والبت في الاستعدادات للانتخابات القادمة.
وأضاف أنه في جلسة المجلس الوطني السابق، وفي إطار دعم حركة الشعب لمسار 25 جويلية، تم تحديد الموقف النهائي من الانتخابات التشريعية إذ تقرر منذ 5 جوان الماضي أن تشارك الحركة في هذه الانتخابات مهما سيكون عليه القانون الانتخابي، فهي ستشارك في الانتخابات سواء كانت الانتخابات على الأفراد أو كانت على القائمات كما أنها ستشارك في الانتخابات في كل الدوائر الانتخابية محليا وجهويا. وذكر أن الاجتماع المقبل سيخصص للتباحث حول كيفية الاستعداد لهذه المحطة الانتخابية لوجيستيا وبشريا وحركيا وكيفية تنظيم الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية التي ستكون يوم 17 ديسمبر 2022، وذلك في انتظار التباحث في التفاصيل الدقيقة بعد صدور القانون الانتخابي الجديد.
وأشار عويدات إلى أنه قبل إصدار القانون الانتخابي الجديد ستعمل "حركة الشعب" على تحسيس أبنائها في الجهات والمحليات بضرورة الاستعداد اللازم للاستحقاق الانتخابي، كما أنها في صورة فتح حوار حول القانون الانتخابي، ستشارك في هذا الحوار وستعقد للغرض اجتماعا تخصصه لنقاش القانون وستكون للغرض لجانا تكلفها بصياغة موقفها منه وبتقديم مقترحات بشأنه وبدائل.
وبخصوص رؤية "حركة الشعب" للقانون الانتخابي، بين عويدات أن الحركة أكدت مرارا وتكرارا على أنه يمكن سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات على الأفراد ونبهت إلى أن هذه الانتخابات فيها ايجابيات وفيها أيضا سلبيات ونفس الشيء إذا كانت الانتخابات على القائمات إذ يمكن سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات التشريعية على القائمات لكن هذه الطريقة فيها سلبيات وايجابيات وبالتالي لا توجد طريقة مثالية، ولكن الأهم من ذلك هو المناخ الانتخابي. وذكر أن حركة الشعب تريد أن يكون هناك مناخ انتخابي يتسم بالشفافية ويضمن المساواة بين المترشحين.
وفسر رئيس المجلس الوطني لحركة الشعب قائلا:" نحن عندما نتحدث عن المناخ الانتخابي فإننا نتحدث بالضرورة عن عمليات سبر الآراء، فقبيل أي انتخابات تقوم شركات سبر الآراء بوضع من يدفع لها أكثر في مصاف الكبار ووضع من لا يدفع لها في مصاف الصغار، وبهذه الكيفية فهي تجر الجمهور إلى من موقعتهم هذه الشركات في مصاف الكبار، وهو ما يعني أن عمليات سبر الآراء في تونس تحولت إلى صناعة رأي عام انتخابي وإذا لم يقع سن قانون جديد ينظم عمليات سبر الآراء ويجعل من يقوم بمخالفات محل تتبعات فلن تكون هناك انتخابات شفافة".
وبين عويدات أن حركة الشعب ترغب في أن يكون هناك مناخ انتخابي يساوي بين المترشحين في وسائل الإعلام لأنه من غير المعقول أن تتاح لأحد المترشحين فرصة الظهور في منابر تلفزية لمدة 30 ساعة قبل الانتخابات في حين لا يتمتع مترشح آخر بهذه الفرصة سوى لخمس دقائق فقط.
وأشار محدثنا إلى أن حركته ترغب أيضا في تنقية المناخ الانتخابي من المال الفاسد وذلك من خلال ضمان مراقبة ناجعة للمال المتدفق على القائمات والأحزاب السياسية، وذكر أنه لا بد من ضمان المساواة بين التمترشحين في تمويل الحملات الانتخابية.
كما شدد رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" على أن المناخ الانتخابي هو الذي يجعل العملية الانتخابية ديمقراطية، ولهذا الغرض، ولتنقية المناخ الانتخابي يجب ألا يقع الاقتصار على سن قانون انتخابي بل لا بد من مراجعة التشريعات المتعلقة بسبر الآراء وشروط الترشح وتمويل الحياة السياسية، كما يجب حسب رأيه مراجعة آجال التقاضي المنصوص عليها في القانون الانتخابي لأنه من غير المقبول أن لا يقع البت نهائيا في الجرائم الانتخابية إلا بعد انتهاء المدة النيابية فبهذه الكيفية يفلت المخالف من العقاب. وخلص عويدات إلى وجود ضرورة لمراجعة كل التشريعات المتعلقة بالمناخ الانتخابي برمته.
مقاطعة كامل المسار
أما يمينة الزغلامي القيادية بحركة النهضة فأكدت أن حزبها لا يمكنه المشاركة في الانتخابات التشريعية المرتقبة لأن موقف مؤسساته من انقلاب 25 جويلية على الدستور وعلى المسار الديمقراطي كان واضحا، وخاصة موقفه من خارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد والتي قامت على آليات غير ديمقراطية بما فيها تكوين اللجنة التي كلفها بصياغة مشروع دستور أي تلك اللجنة التي ترأسها العميد الصادق بلعيد، والتي لم يقع أخذ رأيها بعين الاعتبار.
وأضافت الزغلامي أن خارطة الطريق التي على أساسها سيتم تنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022 غير ديمقراطية، ولهذا السبب فإن حركة النهضة لن تشارك في الانتخابات المرتقبة وفق تأكيدها، وعدم المشاركة ليس لهذا السبب فقط بل لأن هذه الانتخابات ستجري بناء على مرسوم انتخابي جديد سيصره رئيس الجمهورية في غياب لمبدأ التشاركية، فالمرسوم الانتخابي حسب رأيها سيكون مثله مثل ما سمي بدستور 25 جويلية 2022. وبينت الزغلامي أن هناك من يعتقد أن الانتخابات ستتم على أساس قانون انتخابي وهذا الاعتقاد خاطئ لأنه طبقا للأحكام الانتقالية المنصوص عليها في ما سمي بالدستور سيتواصل العمل بالمراسيم وهو ما يعني أن رئيس الجمهورية سيصدر مرسوما يتعلق بالانتخابات والاستفتاء ينزل فيه رؤيته الأحادية ومشروعه الفردي، ولعل أبرز دليل على ذلك هو أنه خلال موكب ختم دستوره كان بمفرده، وحتى الأحزاب والشخصيات التي ساندته ودافعت عنه فلم تقع دعوتها لهذا الموكب، وهذا فيه إهانة لهم واستهانة بدورهم. وذكرت القيادية بحركة النهضة أن سعيد طلب من رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تقوم بإعداد مشروع مرسوم يتعلق بالانتخابات، ولكنها تعتقد أنه حتى وإن قامت الحكومة بصياغة هذا المرسوم فإن الرئيس لديه مرسوم جاهز وسيخرجه من الدرج في الوقت الذي يرتئيه وهو لن يشرك أحدا في إعداده، وبالتالي فإن الدعوات الأخيرة لتكوين لجنة لصياغة هذا المرسوم لن تجد آذانا صاغية.
ولاحظت الزغلامي أن الرئيس سعيد أظهر بالكاشف أنه ضد منظومة ما بعد 2011 برمتها بما فيها الأحزاب المساندة له وفي طليعتها حركة الشعب. وأضافت أن مساندي سعيد سيفاجأون يوم يصدر المرسوم الذي سينظم العملية الانتخابية وسيقتنعون وقتها أن الرئيس يسير في اتجاه تكريس الحكم الفردي وأنه لا يؤمن بالحياة الحزبية وهو ضد الأحزاب ويريد بناء مشروعه الخاص خارج الأطر والأنظمة الحزبية، والأكيد، حسب اعتقادها، أن الرئيس لن يكتفي بسن مرسوم الانتخابات بل ستكون هناك مراسيم أخرى تتعلق بالجمعيات والأحزاب والإعلام وستكون هزيمة ونكسة وخيبة أمل كبيرة للجميع ..
وعبرت الزغلامي عن استغرابها من صمت النخبة على الوثيقة التي سميت بدستور 25 جويلية، لأن هذه الوثيقة لا تؤمن بمدنية الدولة وتتضمن أحكاما رجعية مقارنة بدستور 2014 الذي شاركت في صياغته كل الحساسيات..
وأشارت القيادية بـ"حركة النهضة" إلى أن الأخطاء التي حصلت قبل 25 جويلية أوصلت للانقلاب وهو أمر لا ينكره أحد، ولكن بعد 25 جويلية نجد أن النخبة السياسية لم تستوعب الدرس وهي تهلل للحكم الفردي ولمسار 25 جويلية الذي فيه إقصاء لكل الأحزاب وتحجيم لدور المجتمع المدني، وترى الزغلامي أنه مثلما وقع التشكيك في نزاهة القضاة وتشويه السياسيين واتهام نواب الشعب بالارتشاء لصياغة القوانين، سيأتي عما قريب دور الاتحاد العام التونسي للشغل وسيقع ضربه وقد مهد الدستور الذي ضرب حق الإضراب لهذه العملية..
وخلصت يمينة الزغلامي إلى أن "النهضة" إذا أرادت عدم القضاء على ما تبقى من جسمها الانتخابي فعليها ألا تشارك في الانتخابات التشريعية لأنها رافضة منذ البداية للانقلاب ولا يمكنها بالتالي المشاركة في انتخابات تقام في إطار نظام انقلابي وفي إطار دستور رجعي غير ديمقراطي يضرب مدنية الدولة والحقوق والحريات، وذكرت أن "حركة النهضة" ستعقد اجتماعا لمجلس الشورى في مطلع شهر سبتمبر وهي تريد ترميم بيتها الداخلي وانجاز مؤتمرها الديمقراطي وخلصت على أن الحركة في الأصل غير معنية بانتخابات 17 ديسمبر.
حوار جدي
في حين بين العياشي زمال رئيس "حركة عازمون" أن حركته أن طالبت رئيس الجمهورية بتعليق العمل بالدستور الجديد لأنه تسبب في انقسام كبير في الشارع التونسي الأمر الذي يقتضي العمل على توحيد التونسيين خاصة في ظل وجود مخاطر داخلية وخارجية فضلا عن المخاطر الاقتصادية والمالية.
وبين أن "حركة عازمون" دعت أيضا إلى تنظيم حوار جدي ومسؤول حول القانون الانتخابي حتى يكون عليه أكبر قدر من الإجماع، فهي تريد من هذا القانون أن يكون جامعا ولا يقصي أحدا مع محاسبة من تعلقت بهم مخالفات وجرائم انتخابية محاسبة عادلة ودون تشف..
وبين زمال أن الدستور الجديد دخل حيز النفاذ وتم تفعيله وبالتالي فإن المطلب الأول للحركة لم يتحقق وهي اليوم متمسكة بفتح باب الحوار حول القانون الانتخابي.
وإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت حركة عازمون ستشارك في الانتخابات التشريعية المرتقبة أم ستقاطعها، بين العياشي زمال أن الحركة كان لها موقف واضح من المسار الذي وضعه الرئيس قيس سعيد واعتبرته مسارا انفراديا ولم توافق عليه، ولكنها لم تكن عدمية وانتظرت صدور مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء وبعد الإطلاع على هذا المشروع قررت عدم الموافقة عليه ودعت إلى التصويت عليه بلا في الاستفتاء. وأشار زمال إلى أن حركته تتفاعل مع المتغيرات السياسية وأنه من المنطقي أن تشارك في الانتخابات التشريعية المرتقبة ولكن يبقى المحدد الأساسي لهذه المشاركة هو القانون الانتخابي. وأوضح أنهم في الحركة لا يرفضون هذه الانتخابات وإنما ينتظرون صدور القانون الانتخابي ويرغبون في أن يكون هذا القانون جامعا.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
بعد تنظيم الاستشارة الوطنية واستفتاء 25 جويلية، وبعد صدور الدستور الجديد ودخوله حيز النفاذ، لم يتبق من خارطة الطريق السياسية التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ يوم 14 ديسمبر 2021 سوى تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها وفق قانون انتخابي جديد.
وكان سعيد أكد في أكثر من مناسبة أن هذه الانتخابات ستجري يوم 17 ديسمبر 2022، وهو ما يعني أن المدة المتبقية لتنظيم هذا الاستحقاق لا تتجاوز الأربعة أشهر فقط وهي مدة قصيرة جدا أمام الأحزاب لكي تستعد على أفضل وجه لخوض غمار الانتخابات، ولهذا السبب فإن بعض الأحزاب وفي مقدمتها "حركة الشعب" شرعت في الاستعداد لهذه المحطة في حين هناك أحزاب أخرى تترقب صدور المرسوم الانتخابي الجديد الذي كلف رئيس الجمهورية حكومة نجلاء بودن بإعداده، لكن في المقابل هناك أحزاب مثل "حركة النهضة" تتجه نحو مقاطعة الانتخابات التشريعية بعد أن كانت قد قاطعت الاستفتاء.
عبد الرزاق عويدات رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" بين أن حركته قررت المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة، وأنها ستعقد يوم 3 سبتمبر المقبل اجتماعا للمجلس الوطني وهو اجتماع يأتي بعد مرور ثلاثة أشهر عن موعد الاجتماع الأول وسيتم خلاله تقييم حملة التصويت بنعم على الدستور الذي عرض على الاستفتاء، والبت في الاستعدادات للانتخابات القادمة.
وأضاف أنه في جلسة المجلس الوطني السابق، وفي إطار دعم حركة الشعب لمسار 25 جويلية، تم تحديد الموقف النهائي من الانتخابات التشريعية إذ تقرر منذ 5 جوان الماضي أن تشارك الحركة في هذه الانتخابات مهما سيكون عليه القانون الانتخابي، فهي ستشارك في الانتخابات سواء كانت الانتخابات على الأفراد أو كانت على القائمات كما أنها ستشارك في الانتخابات في كل الدوائر الانتخابية محليا وجهويا. وذكر أن الاجتماع المقبل سيخصص للتباحث حول كيفية الاستعداد لهذه المحطة الانتخابية لوجيستيا وبشريا وحركيا وكيفية تنظيم الحملة الانتخابية للانتخابات التشريعية التي ستكون يوم 17 ديسمبر 2022، وذلك في انتظار التباحث في التفاصيل الدقيقة بعد صدور القانون الانتخابي الجديد.
وأشار عويدات إلى أنه قبل إصدار القانون الانتخابي الجديد ستعمل "حركة الشعب" على تحسيس أبنائها في الجهات والمحليات بضرورة الاستعداد اللازم للاستحقاق الانتخابي، كما أنها في صورة فتح حوار حول القانون الانتخابي، ستشارك في هذا الحوار وستعقد للغرض اجتماعا تخصصه لنقاش القانون وستكون للغرض لجانا تكلفها بصياغة موقفها منه وبتقديم مقترحات بشأنه وبدائل.
وبخصوص رؤية "حركة الشعب" للقانون الانتخابي، بين عويدات أن الحركة أكدت مرارا وتكرارا على أنه يمكن سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات على الأفراد ونبهت إلى أن هذه الانتخابات فيها ايجابيات وفيها أيضا سلبيات ونفس الشيء إذا كانت الانتخابات على القائمات إذ يمكن سن قانون انتخابي تكون فيه الانتخابات التشريعية على القائمات لكن هذه الطريقة فيها سلبيات وايجابيات وبالتالي لا توجد طريقة مثالية، ولكن الأهم من ذلك هو المناخ الانتخابي. وذكر أن حركة الشعب تريد أن يكون هناك مناخ انتخابي يتسم بالشفافية ويضمن المساواة بين المترشحين.
وفسر رئيس المجلس الوطني لحركة الشعب قائلا:" نحن عندما نتحدث عن المناخ الانتخابي فإننا نتحدث بالضرورة عن عمليات سبر الآراء، فقبيل أي انتخابات تقوم شركات سبر الآراء بوضع من يدفع لها أكثر في مصاف الكبار ووضع من لا يدفع لها في مصاف الصغار، وبهذه الكيفية فهي تجر الجمهور إلى من موقعتهم هذه الشركات في مصاف الكبار، وهو ما يعني أن عمليات سبر الآراء في تونس تحولت إلى صناعة رأي عام انتخابي وإذا لم يقع سن قانون جديد ينظم عمليات سبر الآراء ويجعل من يقوم بمخالفات محل تتبعات فلن تكون هناك انتخابات شفافة".
وبين عويدات أن حركة الشعب ترغب في أن يكون هناك مناخ انتخابي يساوي بين المترشحين في وسائل الإعلام لأنه من غير المعقول أن تتاح لأحد المترشحين فرصة الظهور في منابر تلفزية لمدة 30 ساعة قبل الانتخابات في حين لا يتمتع مترشح آخر بهذه الفرصة سوى لخمس دقائق فقط.
وأشار محدثنا إلى أن حركته ترغب أيضا في تنقية المناخ الانتخابي من المال الفاسد وذلك من خلال ضمان مراقبة ناجعة للمال المتدفق على القائمات والأحزاب السياسية، وذكر أنه لا بد من ضمان المساواة بين التمترشحين في تمويل الحملات الانتخابية.
كما شدد رئيس المجلس الوطني لـ"حركة الشعب" على أن المناخ الانتخابي هو الذي يجعل العملية الانتخابية ديمقراطية، ولهذا الغرض، ولتنقية المناخ الانتخابي يجب ألا يقع الاقتصار على سن قانون انتخابي بل لا بد من مراجعة التشريعات المتعلقة بسبر الآراء وشروط الترشح وتمويل الحياة السياسية، كما يجب حسب رأيه مراجعة آجال التقاضي المنصوص عليها في القانون الانتخابي لأنه من غير المقبول أن لا يقع البت نهائيا في الجرائم الانتخابية إلا بعد انتهاء المدة النيابية فبهذه الكيفية يفلت المخالف من العقاب. وخلص عويدات إلى وجود ضرورة لمراجعة كل التشريعات المتعلقة بالمناخ الانتخابي برمته.
مقاطعة كامل المسار
أما يمينة الزغلامي القيادية بحركة النهضة فأكدت أن حزبها لا يمكنه المشاركة في الانتخابات التشريعية المرتقبة لأن موقف مؤسساته من انقلاب 25 جويلية على الدستور وعلى المسار الديمقراطي كان واضحا، وخاصة موقفه من خارطة الطريق التي أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد والتي قامت على آليات غير ديمقراطية بما فيها تكوين اللجنة التي كلفها بصياغة مشروع دستور أي تلك اللجنة التي ترأسها العميد الصادق بلعيد، والتي لم يقع أخذ رأيها بعين الاعتبار.
وأضافت الزغلامي أن خارطة الطريق التي على أساسها سيتم تنظيم انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر 2022 غير ديمقراطية، ولهذا السبب فإن حركة النهضة لن تشارك في الانتخابات المرتقبة وفق تأكيدها، وعدم المشاركة ليس لهذا السبب فقط بل لأن هذه الانتخابات ستجري بناء على مرسوم انتخابي جديد سيصره رئيس الجمهورية في غياب لمبدأ التشاركية، فالمرسوم الانتخابي حسب رأيها سيكون مثله مثل ما سمي بدستور 25 جويلية 2022. وبينت الزغلامي أن هناك من يعتقد أن الانتخابات ستتم على أساس قانون انتخابي وهذا الاعتقاد خاطئ لأنه طبقا للأحكام الانتقالية المنصوص عليها في ما سمي بالدستور سيتواصل العمل بالمراسيم وهو ما يعني أن رئيس الجمهورية سيصدر مرسوما يتعلق بالانتخابات والاستفتاء ينزل فيه رؤيته الأحادية ومشروعه الفردي، ولعل أبرز دليل على ذلك هو أنه خلال موكب ختم دستوره كان بمفرده، وحتى الأحزاب والشخصيات التي ساندته ودافعت عنه فلم تقع دعوتها لهذا الموكب، وهذا فيه إهانة لهم واستهانة بدورهم. وذكرت القيادية بحركة النهضة أن سعيد طلب من رئيسة الحكومة نجلاء بودن أن تقوم بإعداد مشروع مرسوم يتعلق بالانتخابات، ولكنها تعتقد أنه حتى وإن قامت الحكومة بصياغة هذا المرسوم فإن الرئيس لديه مرسوم جاهز وسيخرجه من الدرج في الوقت الذي يرتئيه وهو لن يشرك أحدا في إعداده، وبالتالي فإن الدعوات الأخيرة لتكوين لجنة لصياغة هذا المرسوم لن تجد آذانا صاغية.
ولاحظت الزغلامي أن الرئيس سعيد أظهر بالكاشف أنه ضد منظومة ما بعد 2011 برمتها بما فيها الأحزاب المساندة له وفي طليعتها حركة الشعب. وأضافت أن مساندي سعيد سيفاجأون يوم يصدر المرسوم الذي سينظم العملية الانتخابية وسيقتنعون وقتها أن الرئيس يسير في اتجاه تكريس الحكم الفردي وأنه لا يؤمن بالحياة الحزبية وهو ضد الأحزاب ويريد بناء مشروعه الخاص خارج الأطر والأنظمة الحزبية، والأكيد، حسب اعتقادها، أن الرئيس لن يكتفي بسن مرسوم الانتخابات بل ستكون هناك مراسيم أخرى تتعلق بالجمعيات والأحزاب والإعلام وستكون هزيمة ونكسة وخيبة أمل كبيرة للجميع ..
وعبرت الزغلامي عن استغرابها من صمت النخبة على الوثيقة التي سميت بدستور 25 جويلية، لأن هذه الوثيقة لا تؤمن بمدنية الدولة وتتضمن أحكاما رجعية مقارنة بدستور 2014 الذي شاركت في صياغته كل الحساسيات..
وأشارت القيادية بـ"حركة النهضة" إلى أن الأخطاء التي حصلت قبل 25 جويلية أوصلت للانقلاب وهو أمر لا ينكره أحد، ولكن بعد 25 جويلية نجد أن النخبة السياسية لم تستوعب الدرس وهي تهلل للحكم الفردي ولمسار 25 جويلية الذي فيه إقصاء لكل الأحزاب وتحجيم لدور المجتمع المدني، وترى الزغلامي أنه مثلما وقع التشكيك في نزاهة القضاة وتشويه السياسيين واتهام نواب الشعب بالارتشاء لصياغة القوانين، سيأتي عما قريب دور الاتحاد العام التونسي للشغل وسيقع ضربه وقد مهد الدستور الذي ضرب حق الإضراب لهذه العملية..
وخلصت يمينة الزغلامي إلى أن "النهضة" إذا أرادت عدم القضاء على ما تبقى من جسمها الانتخابي فعليها ألا تشارك في الانتخابات التشريعية لأنها رافضة منذ البداية للانقلاب ولا يمكنها بالتالي المشاركة في انتخابات تقام في إطار نظام انقلابي وفي إطار دستور رجعي غير ديمقراطي يضرب مدنية الدولة والحقوق والحريات، وذكرت أن "حركة النهضة" ستعقد اجتماعا لمجلس الشورى في مطلع شهر سبتمبر وهي تريد ترميم بيتها الداخلي وانجاز مؤتمرها الديمقراطي وخلصت على أن الحركة في الأصل غير معنية بانتخابات 17 ديسمبر.
حوار جدي
في حين بين العياشي زمال رئيس "حركة عازمون" أن حركته أن طالبت رئيس الجمهورية بتعليق العمل بالدستور الجديد لأنه تسبب في انقسام كبير في الشارع التونسي الأمر الذي يقتضي العمل على توحيد التونسيين خاصة في ظل وجود مخاطر داخلية وخارجية فضلا عن المخاطر الاقتصادية والمالية.
وبين أن "حركة عازمون" دعت أيضا إلى تنظيم حوار جدي ومسؤول حول القانون الانتخابي حتى يكون عليه أكبر قدر من الإجماع، فهي تريد من هذا القانون أن يكون جامعا ولا يقصي أحدا مع محاسبة من تعلقت بهم مخالفات وجرائم انتخابية محاسبة عادلة ودون تشف..
وبين زمال أن الدستور الجديد دخل حيز النفاذ وتم تفعيله وبالتالي فإن المطلب الأول للحركة لم يتحقق وهي اليوم متمسكة بفتح باب الحوار حول القانون الانتخابي.
وإجابة عن سؤال حول ما إذا كانت حركة عازمون ستشارك في الانتخابات التشريعية المرتقبة أم ستقاطعها، بين العياشي زمال أن الحركة كان لها موقف واضح من المسار الذي وضعه الرئيس قيس سعيد واعتبرته مسارا انفراديا ولم توافق عليه، ولكنها لم تكن عدمية وانتظرت صدور مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء وبعد الإطلاع على هذا المشروع قررت عدم الموافقة عليه ودعت إلى التصويت عليه بلا في الاستفتاء. وأشار زمال إلى أن حركته تتفاعل مع المتغيرات السياسية وأنه من المنطقي أن تشارك في الانتخابات التشريعية المرتقبة ولكن يبقى المحدد الأساسي لهذه المشاركة هو القانون الانتخابي. وأوضح أنهم في الحركة لا يرفضون هذه الانتخابات وإنما ينتظرون صدور القانون الانتخابي ويرغبون في أن يكون هذا القانون جامعا.