إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خنقته المناسبات وحاصرته الضغوطات: التونسي.. مكبّل.. تائه وكئيب

 

 

تونس-الصباح

تائه.. حائر... كئيب... وعصبي.. هي ليست أعراض مرض نفسي ما، وإنما هو المزاج العام أو الحالة النفسية التي أضحى عليها شق كبير من التونسيين جراء تواتر المناسبات وكثرة المصاريف التي تخنق التونسي وتكبله، بما أن سلم الأجور اليوم لا يتماشى مطلقا مع الغلاء الفاحش في الأسعار والذي طال جميع المجالات والقطاعات دون استثناء... حتى أن غالبية العائلات التونسية أضحت وعلى حد المثل العامي:"تشهق ما تلحق"، وسط كثرة المصاريف التي لا تنتهي..

فمن "علوش العيد" وصولا الى موسم "الخلاعة" وما يتطلبه من مصاريف استهلاكية يجد "بو العيلة" نفسه في الوقت الراهن مطالبا بتأمين متطلبات ومستلزمات العودة المدرسية التي تقتضي هي الأخرى مصاريف جمة لتأمينها من ذلك الكتب والكراسات والمحفظات وغيرها من المستلزمات الأخرى التي يتوقع أن تكون أسعارها هذه السنة خيالية..، أما العودة الجامعية "فحدث ولا حرج" بما أن فئة كبيرة من الموظفين ممن لا يتجاوز دخلهم الشهري الـ700 دينار يجدون أنفسهم مٌطالبين بكراء مسكن لأبنائهم لمواصلة دراستهم الجامعية يبلغ ثمنه أكثر من نصف المبلغ السالف الذكر...

من هذا المنطلق وأمام الغلاء الفاحش للأسعار خاصة المواد الغذائية (من خضر وغلال ولحوم بيضاء وحمراء) لم يعد التونسي يقوى على مجابهة "تسونامي" المصاريف و"تسونامي" المناسبات المتواترة ليجد نفسه مكبّلا بالديون وبالاقتراض لتسديد حاجياته اليومية...، حتى أن أقصى طموحاته تتلخص في أن لا تقطع عنه البنوك حبل "الروج" كي لا يغرق في مستنقع التداين...

في هذا الخضم وبما أن فئة هامة من التونسيين تتنفس بصعوبة من كثرة الالتزامات التي تقابلها قلة ذات اليد فان السواد الأعظم بات متشائما ولا يتوقع مطلقا تحسن الأوضاع وهو ما تكشفه لغة الأرقام حيث بلغت نسبة التشاؤم السنة الماضية معدلات قياسية، وفي هذا الاتجاه كشفت نتائج ''الباروميتر'' السياسي الذي تتابعه مؤسسة "سيغما كونساي" بالتعاون مع جريدة المغرب، أن نسبة تشاؤم التونسيين بلغت مستوى قياسيا لم يتم تسجيله من قبل حيث يرى 92,8 بالمائة من التونسيين بان البلاد تسير في الطريق الخطأ علما أن فئة الشباب بين 18-25 سنة تعد الأكثر تشاؤما بـ95.2% حسب نتائج "الباروميتر" السياسي كما كشفت الإحصائيات أيضا أن النساء أكثر تشاؤما نسبيا من الرجال، فيما سجلت النسبة الأضعف للتشاؤم في الجنوب الشرقي للبلاد بـ83.3%، ولعل هذه الأرقام تقدم تفسيرا واضحا لإصرار الآلاف على "الحرقة من شباب ونساء ورجال وحتى عائلات، وعلى ركوب قوارب الموت كلفهم ذلك ما كلف..

 من جهة أخرى وفي نفس الإطار جدير بالذكر أن مؤشرات بعض التقارير العالمية تعكس مدى تدني الواقع المعيشي للتونسي كما الواقع الاجتماعي والاقتصادي حيث كشف المؤشر العالمي الأخير للسعادة لسنة 2022 الصادر الجمعة 18 مارس 2022 عن تراجع بلادنا بعد أن حلت في الترتيب 120 من بين 146 دولة، علما أن تونس كانت في المرتبة 86 من بين 149 دولة سنة 2021، ليكون بذلك الشعب التونسي من أقل شعوب العالم سعادة. فقد حُدد مستوى السعادة فيها على أساس مؤشرات عديدة، أبرزها متوسط العمر المتوقع للسكان ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتفشي الفساد،وثقة الجمهور، والكرم داخل المجتمع..

في هذا الاتجاه لا يسعنا إلا التأكيد على أن الدساتير الجديدة لا تصنع شعوبا سعيدة كما لا تصنع شعوبا جيوبها ملأى ومقدرتها الشرائية عالية.. وبالتالي وإزاء هذا الانحدار الصاروخي للطبقة الوسطى والمقدرة الشرائية فانه يتعين على صناع القرار الالتفات الى "قفة الزوالي" التي لم تعد صامدة أمام الارتفاع اليومي لأسعار بعض المواد الاستهلاكية دون حسيب أو رقيب..

منال حرزي.

 

 

خنقته  المناسبات وحاصرته الضغوطات: التونسي.. مكبّل.. تائه وكئيب

 

 

تونس-الصباح

تائه.. حائر... كئيب... وعصبي.. هي ليست أعراض مرض نفسي ما، وإنما هو المزاج العام أو الحالة النفسية التي أضحى عليها شق كبير من التونسيين جراء تواتر المناسبات وكثرة المصاريف التي تخنق التونسي وتكبله، بما أن سلم الأجور اليوم لا يتماشى مطلقا مع الغلاء الفاحش في الأسعار والذي طال جميع المجالات والقطاعات دون استثناء... حتى أن غالبية العائلات التونسية أضحت وعلى حد المثل العامي:"تشهق ما تلحق"، وسط كثرة المصاريف التي لا تنتهي..

فمن "علوش العيد" وصولا الى موسم "الخلاعة" وما يتطلبه من مصاريف استهلاكية يجد "بو العيلة" نفسه في الوقت الراهن مطالبا بتأمين متطلبات ومستلزمات العودة المدرسية التي تقتضي هي الأخرى مصاريف جمة لتأمينها من ذلك الكتب والكراسات والمحفظات وغيرها من المستلزمات الأخرى التي يتوقع أن تكون أسعارها هذه السنة خيالية..، أما العودة الجامعية "فحدث ولا حرج" بما أن فئة كبيرة من الموظفين ممن لا يتجاوز دخلهم الشهري الـ700 دينار يجدون أنفسهم مٌطالبين بكراء مسكن لأبنائهم لمواصلة دراستهم الجامعية يبلغ ثمنه أكثر من نصف المبلغ السالف الذكر...

من هذا المنطلق وأمام الغلاء الفاحش للأسعار خاصة المواد الغذائية (من خضر وغلال ولحوم بيضاء وحمراء) لم يعد التونسي يقوى على مجابهة "تسونامي" المصاريف و"تسونامي" المناسبات المتواترة ليجد نفسه مكبّلا بالديون وبالاقتراض لتسديد حاجياته اليومية...، حتى أن أقصى طموحاته تتلخص في أن لا تقطع عنه البنوك حبل "الروج" كي لا يغرق في مستنقع التداين...

في هذا الخضم وبما أن فئة هامة من التونسيين تتنفس بصعوبة من كثرة الالتزامات التي تقابلها قلة ذات اليد فان السواد الأعظم بات متشائما ولا يتوقع مطلقا تحسن الأوضاع وهو ما تكشفه لغة الأرقام حيث بلغت نسبة التشاؤم السنة الماضية معدلات قياسية، وفي هذا الاتجاه كشفت نتائج ''الباروميتر'' السياسي الذي تتابعه مؤسسة "سيغما كونساي" بالتعاون مع جريدة المغرب، أن نسبة تشاؤم التونسيين بلغت مستوى قياسيا لم يتم تسجيله من قبل حيث يرى 92,8 بالمائة من التونسيين بان البلاد تسير في الطريق الخطأ علما أن فئة الشباب بين 18-25 سنة تعد الأكثر تشاؤما بـ95.2% حسب نتائج "الباروميتر" السياسي كما كشفت الإحصائيات أيضا أن النساء أكثر تشاؤما نسبيا من الرجال، فيما سجلت النسبة الأضعف للتشاؤم في الجنوب الشرقي للبلاد بـ83.3%، ولعل هذه الأرقام تقدم تفسيرا واضحا لإصرار الآلاف على "الحرقة من شباب ونساء ورجال وحتى عائلات، وعلى ركوب قوارب الموت كلفهم ذلك ما كلف..

 من جهة أخرى وفي نفس الإطار جدير بالذكر أن مؤشرات بعض التقارير العالمية تعكس مدى تدني الواقع المعيشي للتونسي كما الواقع الاجتماعي والاقتصادي حيث كشف المؤشر العالمي الأخير للسعادة لسنة 2022 الصادر الجمعة 18 مارس 2022 عن تراجع بلادنا بعد أن حلت في الترتيب 120 من بين 146 دولة، علما أن تونس كانت في المرتبة 86 من بين 149 دولة سنة 2021، ليكون بذلك الشعب التونسي من أقل شعوب العالم سعادة. فقد حُدد مستوى السعادة فيها على أساس مؤشرات عديدة، أبرزها متوسط العمر المتوقع للسكان ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وتفشي الفساد،وثقة الجمهور، والكرم داخل المجتمع..

في هذا الاتجاه لا يسعنا إلا التأكيد على أن الدساتير الجديدة لا تصنع شعوبا سعيدة كما لا تصنع شعوبا جيوبها ملأى ومقدرتها الشرائية عالية.. وبالتالي وإزاء هذا الانحدار الصاروخي للطبقة الوسطى والمقدرة الشرائية فانه يتعين على صناع القرار الالتفات الى "قفة الزوالي" التي لم تعد صامدة أمام الارتفاع اليومي لأسعار بعض المواد الاستهلاكية دون حسيب أو رقيب..

منال حرزي.