إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في انتظار إحالتها إلى لجنة المالية والميزانية.. مبادرة تشريعية تتعلق بإصدار مجلة الصرف

بعد استكمال دراسة مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف داخل لجنة المالية والميزانية ونقاشه خلال اليوم الدراسي المنعقد يوم الاثنين الماضي بالأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب بحضور ممثلين عن الإدارة العامة للديوانة والبنك المركزي التونسي والمجلس البنكي والمالي، من المنتظر أن يتولى مكتب المجلس في الأيام القادمة إحالة مبادرة تشريعية جديدة على اللجنة وهي تتعلق بإصدار مجلة الصرف.

 وتم التنصيص في هذه المبادرة على أن أحكام هذه المجلة تدخل حيز التنفيذ في أجل ثلاثة أشهر بداية من تاريخ نشر القانون في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وعلى الأشخاص الطبيعيين الذين يمارسون نشاط الصرف اليدوي عن طريق مكاتب الصرف تسوية وضعيتهم وفقا لأحكام هذه المجلة في أجل ثلاث سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ. وتم بموجب مقترح القانون إلغاء الأحكام السابقة المخالفة لأحكام مجلة الصرف المذكورة، وخاصة القانون عدد 18 لسنة 1976 المؤرخ في 21 جانفي 1976 المتعلق بمراجعة وتدوين التشريع الخاص بالصرف وبالتجارة الخارجية والمنظم للعلاقات بين البلاد التونسية والبلدان الأجنبية، والأمر عدد 608 لسنة 1977 المؤرخ في 27 جويلية 1977 المتعلق بضبط شروط تطبيق القانون عدد 18 لسنة 1976، والفصل 54 من القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014. وبقيت النصوص التطبيقية للتشريع السابق سارية المفعول ما لم تتعارض مع أحكام هذه المجلة.

تنظيم العلاقات المالية

وفي الباب الأول الوارد تحت عنوان «الأحكام العامة» من المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة الصرف التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب، منهم ماهر الكتاري عن كتلة الأحرار، تمت الإشارة إلى أهداف هذه المجلة، وهي تتمثل في تنظيم العلاقات المالية للبلاد التونسية مع الخارج بما يساهم في مزيد تحرير الاقتصاد الوطني ودعم اندماجه في الاقتصاد العالمي وفقا للتوجهات الإستراتيجية التنموية الوطنية مع المحافظة على التوازنات الاقتصادية. كما تم التعريف بالعديد من المصطلحات، وتبيان كيفية تطبيق البنك المركزي التونسي للتشريع المتعلق بالصرف بواسطة إصدار مناشير أو منح تراخيص خاصة طبقا لنظامه الأساسي ولهذه المجلة. وتتم المدفوعات من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية عن طريق عمليات الصرف بواسطة البنك المركزي التونسي أو عن طريق الوسطاء المقبولين. ويضبط البنك المركزي التونسي عمليات الصرف التي تخضع لتعيين مقر إيداع لدى وسيط مقبول.

وتم من خلال الباب الثاني من مقترح القانون تعريف صفة المقيم وغير المقيم بالنسبة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين على أن يضبط البنك المركزي التونسي إجراءات ووسائل الإثبات المتعلقة بتحديد صفة «مقيم» أو «غير مقيم». أما الباب الثالث من مقترح القانون المتعلق بإصدار مجلة الصرف فتضمن أحكاما تتعلق بالمدفوعات من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية. وتم تخصيص الباب الرابع من المقترح للمدفوعات بين المقيمين. ونص الباب الخامس على أحكام عديدة حول الواجبات المتعلقة بالمكاسب والمداخيل والعائدات بالخارج وبالأصول المشفرة.

الإيداع والمسك والتجارة

وفي الباب السادس من المبادرة التشريعية التي بادر بتقديمها عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب رغبة منهم في التخلي عن التشريعات البالية، تم التنصيص على العديد من الفصول المتعلقة بإيداع ومسك وتجارة العملة بالبلاد التونسية. فنص على أن كل شخص مقيم أو غير مقيم عليه أن يودع لدى وسيط مقبول طبقا للشروط والآجال التي يضبطها البنك المركزي التونسي ما يمسكه ماديا بالتراب التونسي لحسابه أو لفائدة الغير من سندات تجارية وسندات دين وأوراق مالية أجنبية ووسائل دفع معنونة بالعملة، باستثناء وسائل الدفع الرقمية. وبصرف النظر عن ذلك، يمكن للأشخاص الطبيعيين الذين يقيمون عادة بالخارج أن يحتفظوا لديهم خلال مدة إقامتهم الظرفية بالبلاد التونسية بوسائل الدفع وكل سندات الدين المعنونة بالعملة والأوراق المالية الأجنبية التي يوردونها ماديا طبقا للتشريع المتعلق بالصرف، على أن يعيدوا تصديرها عند مغادرتهم للتراب التونسي. ويمكن لهؤلاء الأشخاص بيع الأوراق النقدية الأجنبية التي يوردونها ماديا مقابل الدينار في سوق الصرف المحلية لمجابهة نفقات إقامتهم بالدينار بالبلاد التونسية. ويجب عليهم عند مغادرتهم للبلاد التونسية إعادة تصدير ما بحوزتهم من أوراق نقدية أجنبية إلى الخارج طبقا للتشريع المتعلق بالصرف. كما تم التنصيص على أنه يتعين على الوسطاء المقبولين أن يصرحوا للبنك المركزي التونسي بوسائل الدفع وكل سندات الدين المعنونة بالعملة والأوراق المالية الأجنبية التي توجد لديهم لحسابهم أو لحساب حرفائهم وفقا للشروط والآجال التي يضبطها البنك المركزي التونسي.

تمارس تجارة العملة من قبل الوسطاء المقبولين في الأسواق المحلية بالعملة. ويمكن للوسطاء المقبولين استعمال الموجودات بالعملة المتوفرة لديهم لتلبية حاجيات تدخلاتهم في الأسواق المحلية بالعملة والقيام بعمليات التغطية ضد مخاطر الصرف ونسب الفائدة ومخاطر أسعار المواد الأولية. وتتم تسوية الديون والمستحقات الناتجة عن عقود التغطية ضد مخاطر الصرف ونسب الفائدة ومخاطر أسعار المواد الأولية وفقا للشروط المحددة بين الأطراف المتعاقدة والممارسات الدولية السليمة. ويضبط البنك المركزي التونسي قواعد تنظيم وتسيير الأسواق المحلية بالعملة وشروط إنجاز العمليات المذكورة. كما يمكن لكل شخص طبيعي أو معنوي ينجز في إطار نشاطه الأصلي معاملات تجارية مع مسافرين غير مقيمين أن يقوم، تحت صفة مفوض ثانوي للصرف، بشراء أوراق نقدية أجنبية قابلة للتداول مقابل الدينار وبيعها لدى وسيط مقبول واحد بموجب اتفاقية مبرمة بينهما في الغرض. ويضبط البنك المركزي التونسي شروط إبرام الاتفاقية المذكورة وتعليق العمل بها وفسخها وشروط إنجاز عمليات شراء الأوراق النقدية الأجنبية القابلة للتداول مقابل الدينار من قبل المفوض الثانوي للصرف.

يمكن ممارسة نشاط الصرف اليدوي في شكل شراء وبيع أوراق نقدية أجنبية قابلة للتداول مقابل الدينار من قبل «مؤسسة الصرف» المحدثة في شكل شركة ذات مسؤولية محدودة أو خفية الاسم برأس مال أدنى. على أن يضبط بمقتضى أمر صادر باقتراح من الوزير المكلف بالمالية بعد أخذ رأي محافظ البنك المركزي التونسي، رأس المال الأدنى المحرر عند تكوين مؤسسة الصرف وشروط الكفاءة المهنية في مسيريها. وتخضع مؤسسة الصرف إلى أحكام مجلة الشركات التجارية ما لم تتعارض مع أحكام مجلة الصرف. وتضمن نفس الباب من مقترح القانون أحكاما تضبط شروط تكوين مؤسسة الصرف وتنظيم نشاطها وإجراءات الترخيص لها. في حين تم تخصيص الباب السابع لحسابات المقيمين وغير المقيمين.

التوريد والتصدير

وتضمن الباب الثامن من المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة الصرف أحكاما تتعلق بالتوريد والتصدير المادي لوسائل الدفع. ونصت الفصول الواردة فيه على أنه يمكن للوسطاء المقبولين والمسافرين المقيمين وغير المقيمين توريد وتصدير وسائل الدفع ماديا. وتضبط بقرار من الوزير المكلف بالمالية شروط إلزام المسافرين المقيمين وغير المقيمين بالتصريح إلى مصالح الديوانة التونسية بوسائل الدفع التي يمسكونها عند دخولهم إلى التراب التونسي أو مغادرته أو عبوره. ويخضع التوريد والتصدير المادي لوسائل الدفع وسندات الملكية والدين بواسطة طرد لترخيص البنك المركزي التونسي. ويحجر توريد وتصدير الدينار التونسي في شكل أوراق أو قطع نقدية، باستثناء الحالات المنصوص عليها بموجب اتفاقيات مبرمة بين البنك المركزي التونسي ونظرائه أو سلطة نقدية مختصة أخرى في بلد أجنبي، أو بموجب ترخيص فردي أو منشور صادر عنه.

بخصوص الباب التاسع من مقترح القانون فقد تم إدخال صفة «متعامل الصرف المعتمد» التي تمكّن كل شخص معنوي في إطار نشاطه الاقتصادي من القيام بعمليات الصرف دون التقيد بشروط إنجازها وتنفيذ المدفوعات المتعلقة بها. ويمكن أن ينتفع بهذه الصفة الأشخاص المعنويون الآتي ذكرهم: الشركات المدرجة بالبورصة باستثناء البنوك والمؤسسات الناشطة في القطاع المالي وقطاع التأمين، والمؤسسات الناشئة المنظمة بالقانون عدد 20 لسنة 2018 المؤرخ في 17 أفريل 2018 بعد انقضاء مدة صلاحية العلامة الممنوحة لها، والشركات غير المقيمة التي ترغب في القيام بعمليات تندرج ضمن النظام المنطبق على الشركات المقيمة. وفي بقية الفصول تم التنصيص على الالتزامات المحمولة على المنتفعين بصفة «متعامل الصرف المعتمد» وشروط منح هذه الصفة، مع الإشارة إلى أن هذه الصفة تنتفع بها آليا الدولة والمؤسسات والمنشآت العمومية، باستثناء البنوك والمؤسسات العمومية الناشطة في القطاع المالي وقطاع التأمين، بصفة متعامل صرف معتمد.

وفي الباب العاشر من مقترح القانون الذي تم إيداعه بمكتب الضبط المركزي بمجلس نواب الشعب في انتظار إدراجه في جدول أعمال مكتب المجلس، تم التنصيص على أحكام تتعلق بالتونسيين غير المقيمين، في حين تضمن الباب الحادي عشر أحكاما عديدة تتعلق بمراقبة عمليات الصرف والواجبات المحمولة على مختلف الأطراف المعنية والعقوبات المستوجبة في حالة الإخلال بها. علما أنه تم التنصيص على وجوب أن تكون عمليات الصرف المنجزة من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية فعلية ومتناسبة مع طبيعة وحجم نشاط الأشخاص المعنويين وحاجيات الأشخاص الطبيعيين المقيمين، وأن تكون قيمتها قابلة للتحديد على أساس أسعار السوق السائدة وعلى قاعدة عناصر قابلة للتثبت بالنظر إلى الشروط.

أحكام جزائية

وخلافا لقانون الصرف الحالي الذي يضع مرتكبي جرائم الصرف في سلة واحدة مهما كانت درجة خطورة الجريمة، يمكن الإشارة إلى أن المبادرة التشريعية الجديدة جاءت بحلول عديدة لهذا المشكل واعتمدت في الباب الثاني عشر المتعلق بالأحكام الجزائية مبدأ التدرج في العقوبات مع مراعاة قاعدة التناسب بين الجريمة والعقوبة وتشديد العقوبة عند العود. وتتم معاينة الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف من قبل مأموري الضابطة العدلية وأعوان الديوانة، وأعوان وزارة المالية وأعوان البنك المركزي التونسي المحلفين، الذين لهم الصفة التي تؤهلهم لذلك. ويخول للأعوان المذكورين في إطار قيامهم بمهامهم وعند توفر قرائن تتعلق بارتكاب الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف التفتيش بجميع الأماكن والمحلات المهنية التي يمكن أن توجد بها أشياء تساعد على اكتشافها، وتفتيش محلات السكنى طبقا للشروط المنصوص عليها بمجلة الإجراءات الجزائية، ولا يجوز ذلك إلا بعد الحصول على إذن من وكيل الجمهورية المختص ترابيا. ويمكنهم القيام بكل المعاينات الضرورية والحصول عند أول طلب من الهياكل العمومية أو أي شخص معنوي أو طبيعي على الوثائق والمعلومات التي بحوزتهم مهما كان شكلها ودون معارضتهم بالسر المهني. ويمكنهم حجز الأشياء موضوع الجريمة وتحرير تقرير في الحجز. وتم إلزام هؤلاء الأعوان في إطار ممارستهم لمهامهم بالمحافظة على السر المهني وعدم استغلال ما أمكنهم الاطلاع عليه من معلومات لغير الأغراض التي تقتضيها المهام الموكلة إليهم.

ويتولى وزير المالية أو المدير العام للديوانة أو مديرو الإدارات المركزية والجهوية للديوانة إثارة التتبعات الجزائية وإحالة المحاضر والطلبات إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا، الذي يتولى إثارة الدعوى العمومية. ونص مقترح القانون على إمكانية إبرام صلح قبل صدور حكم نهائي أو بعده مع الأشخاص الذين يتم تتبعهم من أجل ارتكاب الجرائم الصرفية، باستثناء جريمة الامتناع عن التسوية. وإذا توفي مرتكب الجريمة قبل صدور حكم نهائي أو إبرام صلح، فلوزير المالية أو المدير العام للديوانة أو مديري الإدارات المركزية والجهوية للديوانة القيام ضد الورثة في حدود التركة أمام المحكمة المختصة بدعوى مدنية لاستصفاء الأشياء القابلة للمصادرة أو لأداء مبلغ يساوي قيمتها زمن ارتكاب الجريمة في حالة تعذر حجز الأشياء المعنية. وإذا توفي مرتكب الجريمة قبل الوفاء بالخطايا والغرامات التعويضية والمصادرات التي صدرت ضده بمقتضى حكم بات أو التي أبرم في شأنها صلح أو التزام، فإنه يمكن استخلاص المبالغ المستوجبة من المخلف أو من الورثة في حدود التركة. ويكون الشخص المعنوي، عدا الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والبنك المركزي التونسي، مسؤولا جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف، التي ترتكب لحسابه أو لمصلحته أو باسمه بواسطة أجهزته أو ممثليه القانونيين أو مسيريه الفعليين أو أعوانه، وتسلط عليه الغرامات والعقوبات المالية الأصلية والتكميلية المقررة لكل جريمة. ولا يمنع تتبع الشخص المعنوي من مساءلة أجهزته أو ممثليه القانونيين أو مسيريه الفعليين أو أعوانه كفاعلين أصليين أو كمشاركين إذا ثبت ارتكابهم لخطأ شخصي. كما نص مقترح القانون على أنه إذا تكوّن من الفعل الواحد في نفس الوقت عدة جرائم على معنى هذه المجلة وعلى معنى التشريع الديواني أو أي تشريع آخر، تقضي المحكمة بالعقاب المقرر للجريمة التي تستوجب العقاب الأشد. كما نص على إسقاط الدعوى العمومية في الجرائم المرتكبة المنصوص عليها بمجلة الصرف بمرور ثلاث سنوات مع ذكر آجال سريان سقوط الدعوى العمومية وموانع سقوطها وغيرها من الأحكام ذات العلاقة بهذا الشأن.

إعداد مشروع قانون

نظرا لضخامة هذه المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة جديدة للصرف، فلا شك أن دراستها ستتطلب من لجنة المالية والميزانية بذل جهود كبيرة والاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، خاصة البنك المركزي التونسي ووزارة المالية. وللتذكير، فقد كان العديد من النواب قد طالبوا الحكومة منذ الدورة النيابية الأولى بمراجعة مجلة الصرف، وكثيرا ما تساءلوا عن سبب كل هذا التأخير في إعداد مشروع قانون للغرض وإحالته إلى البرلمان. وأشارت وزيرة المالية مشكاة سلامة مؤخرا أثناء الجلسة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 إلى ضرورة مراجعة التشريعات المالية القديمة، وفي مقدمتها مجلة الصرف. وفي نفس السياق، أكدت المديرة العامة لعمليات الصرف بالبنك المركزي التونسي روضة بوقديدة خلال اليوم الدراسي المنعقد بالأكاديمية البرلمانية يوم 22 ديسمبر الجاري حول مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف أنه تم إعداد تصور بالتنسيق مع كل الهياكل المعنية حول تطوير منظومة العلاقات المالية مع الخارج عن طريق سن قانون صرف جديد، وذلك بهدف إدخال المزيد من المرونة عبر إجراءات آنية تأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت مقتضيات المتعاملين الاقتصاديين وواقع الاقتصاد التونسي، وكذلك بهدف فتح المجال لإصلاحات أكثر تقدما. وأوضحت أن البنك المركزي ليس هو الذي يشرّع، لكنه رغم ذلك حرص على سن مجلة صرف جديدة تم من خلالها القيام بعدة إصلاحات، منها تخفيف الأحكام الجزائية والحط من العقوبات مع مراجعة مفهوم الإقامة وتعديل المعاملات المالية المرتبطة بالاستثمار والاقتصاد. وأضافت أنه تمت دراسة هذه المجلة بصفة تشاركية، وهو نفس ما أشار إليه مدير النزاعات بالإدارة العامة للديوانة بوزارة المالية أنور السبيعي عندما تحدث عن التعاون الكبير بين مختلف الأطراف المعنية لدراسة مشروع قانون مجلة الصرف الجديدة. وذكر أنه في إطار هذا المشروع سيتم تجاوز العديد من الإشكاليات، منها مشكل التشدد في زجر الجرائم الصرفية وعدم التفريق في العقوبة بين الجرائم التافهة والجرائم الخطيرة، وأوضح أنه تم صلب المشروع ترتيب الجرائم من جرائم بسيطة وصولا إلى الجرائم الخطرة على الاقتصاد الوطني، وتختلف العقوبات حسب درجة خطورة الجريمة المرتكبة.

سعيدة بوهلال

في انتظار إحالتها إلى لجنة المالية والميزانية..   مبادرة تشريعية تتعلق بإصدار مجلة الصرف

بعد استكمال دراسة مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف داخل لجنة المالية والميزانية ونقاشه خلال اليوم الدراسي المنعقد يوم الاثنين الماضي بالأكاديمية البرلمانية لمجلس نواب الشعب بحضور ممثلين عن الإدارة العامة للديوانة والبنك المركزي التونسي والمجلس البنكي والمالي، من المنتظر أن يتولى مكتب المجلس في الأيام القادمة إحالة مبادرة تشريعية جديدة على اللجنة وهي تتعلق بإصدار مجلة الصرف.

 وتم التنصيص في هذه المبادرة على أن أحكام هذه المجلة تدخل حيز التنفيذ في أجل ثلاثة أشهر بداية من تاريخ نشر القانون في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وعلى الأشخاص الطبيعيين الذين يمارسون نشاط الصرف اليدوي عن طريق مكاتب الصرف تسوية وضعيتهم وفقا لأحكام هذه المجلة في أجل ثلاث سنوات من تاريخ دخولها حيز التنفيذ. وتم بموجب مقترح القانون إلغاء الأحكام السابقة المخالفة لأحكام مجلة الصرف المذكورة، وخاصة القانون عدد 18 لسنة 1976 المؤرخ في 21 جانفي 1976 المتعلق بمراجعة وتدوين التشريع الخاص بالصرف وبالتجارة الخارجية والمنظم للعلاقات بين البلاد التونسية والبلدان الأجنبية، والأمر عدد 608 لسنة 1977 المؤرخ في 27 جويلية 1977 المتعلق بضبط شروط تطبيق القانون عدد 18 لسنة 1976، والفصل 54 من القانون عدد 54 لسنة 2014 المؤرخ في 19 أوت 2014 المتعلق بقانون المالية التكميلي لسنة 2014. وبقيت النصوص التطبيقية للتشريع السابق سارية المفعول ما لم تتعارض مع أحكام هذه المجلة.

تنظيم العلاقات المالية

وفي الباب الأول الوارد تحت عنوان «الأحكام العامة» من المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة الصرف التي تم تقديمها من قبل مجموعة من النواب، منهم ماهر الكتاري عن كتلة الأحرار، تمت الإشارة إلى أهداف هذه المجلة، وهي تتمثل في تنظيم العلاقات المالية للبلاد التونسية مع الخارج بما يساهم في مزيد تحرير الاقتصاد الوطني ودعم اندماجه في الاقتصاد العالمي وفقا للتوجهات الإستراتيجية التنموية الوطنية مع المحافظة على التوازنات الاقتصادية. كما تم التعريف بالعديد من المصطلحات، وتبيان كيفية تطبيق البنك المركزي التونسي للتشريع المتعلق بالصرف بواسطة إصدار مناشير أو منح تراخيص خاصة طبقا لنظامه الأساسي ولهذه المجلة. وتتم المدفوعات من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية عن طريق عمليات الصرف بواسطة البنك المركزي التونسي أو عن طريق الوسطاء المقبولين. ويضبط البنك المركزي التونسي عمليات الصرف التي تخضع لتعيين مقر إيداع لدى وسيط مقبول.

وتم من خلال الباب الثاني من مقترح القانون تعريف صفة المقيم وغير المقيم بالنسبة للأشخاص الطبيعيين والمعنويين على أن يضبط البنك المركزي التونسي إجراءات ووسائل الإثبات المتعلقة بتحديد صفة «مقيم» أو «غير مقيم». أما الباب الثالث من مقترح القانون المتعلق بإصدار مجلة الصرف فتضمن أحكاما تتعلق بالمدفوعات من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية. وتم تخصيص الباب الرابع من المقترح للمدفوعات بين المقيمين. ونص الباب الخامس على أحكام عديدة حول الواجبات المتعلقة بالمكاسب والمداخيل والعائدات بالخارج وبالأصول المشفرة.

الإيداع والمسك والتجارة

وفي الباب السادس من المبادرة التشريعية التي بادر بتقديمها عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب رغبة منهم في التخلي عن التشريعات البالية، تم التنصيص على العديد من الفصول المتعلقة بإيداع ومسك وتجارة العملة بالبلاد التونسية. فنص على أن كل شخص مقيم أو غير مقيم عليه أن يودع لدى وسيط مقبول طبقا للشروط والآجال التي يضبطها البنك المركزي التونسي ما يمسكه ماديا بالتراب التونسي لحسابه أو لفائدة الغير من سندات تجارية وسندات دين وأوراق مالية أجنبية ووسائل دفع معنونة بالعملة، باستثناء وسائل الدفع الرقمية. وبصرف النظر عن ذلك، يمكن للأشخاص الطبيعيين الذين يقيمون عادة بالخارج أن يحتفظوا لديهم خلال مدة إقامتهم الظرفية بالبلاد التونسية بوسائل الدفع وكل سندات الدين المعنونة بالعملة والأوراق المالية الأجنبية التي يوردونها ماديا طبقا للتشريع المتعلق بالصرف، على أن يعيدوا تصديرها عند مغادرتهم للتراب التونسي. ويمكن لهؤلاء الأشخاص بيع الأوراق النقدية الأجنبية التي يوردونها ماديا مقابل الدينار في سوق الصرف المحلية لمجابهة نفقات إقامتهم بالدينار بالبلاد التونسية. ويجب عليهم عند مغادرتهم للبلاد التونسية إعادة تصدير ما بحوزتهم من أوراق نقدية أجنبية إلى الخارج طبقا للتشريع المتعلق بالصرف. كما تم التنصيص على أنه يتعين على الوسطاء المقبولين أن يصرحوا للبنك المركزي التونسي بوسائل الدفع وكل سندات الدين المعنونة بالعملة والأوراق المالية الأجنبية التي توجد لديهم لحسابهم أو لحساب حرفائهم وفقا للشروط والآجال التي يضبطها البنك المركزي التونسي.

تمارس تجارة العملة من قبل الوسطاء المقبولين في الأسواق المحلية بالعملة. ويمكن للوسطاء المقبولين استعمال الموجودات بالعملة المتوفرة لديهم لتلبية حاجيات تدخلاتهم في الأسواق المحلية بالعملة والقيام بعمليات التغطية ضد مخاطر الصرف ونسب الفائدة ومخاطر أسعار المواد الأولية. وتتم تسوية الديون والمستحقات الناتجة عن عقود التغطية ضد مخاطر الصرف ونسب الفائدة ومخاطر أسعار المواد الأولية وفقا للشروط المحددة بين الأطراف المتعاقدة والممارسات الدولية السليمة. ويضبط البنك المركزي التونسي قواعد تنظيم وتسيير الأسواق المحلية بالعملة وشروط إنجاز العمليات المذكورة. كما يمكن لكل شخص طبيعي أو معنوي ينجز في إطار نشاطه الأصلي معاملات تجارية مع مسافرين غير مقيمين أن يقوم، تحت صفة مفوض ثانوي للصرف، بشراء أوراق نقدية أجنبية قابلة للتداول مقابل الدينار وبيعها لدى وسيط مقبول واحد بموجب اتفاقية مبرمة بينهما في الغرض. ويضبط البنك المركزي التونسي شروط إبرام الاتفاقية المذكورة وتعليق العمل بها وفسخها وشروط إنجاز عمليات شراء الأوراق النقدية الأجنبية القابلة للتداول مقابل الدينار من قبل المفوض الثانوي للصرف.

يمكن ممارسة نشاط الصرف اليدوي في شكل شراء وبيع أوراق نقدية أجنبية قابلة للتداول مقابل الدينار من قبل «مؤسسة الصرف» المحدثة في شكل شركة ذات مسؤولية محدودة أو خفية الاسم برأس مال أدنى. على أن يضبط بمقتضى أمر صادر باقتراح من الوزير المكلف بالمالية بعد أخذ رأي محافظ البنك المركزي التونسي، رأس المال الأدنى المحرر عند تكوين مؤسسة الصرف وشروط الكفاءة المهنية في مسيريها. وتخضع مؤسسة الصرف إلى أحكام مجلة الشركات التجارية ما لم تتعارض مع أحكام مجلة الصرف. وتضمن نفس الباب من مقترح القانون أحكاما تضبط شروط تكوين مؤسسة الصرف وتنظيم نشاطها وإجراءات الترخيص لها. في حين تم تخصيص الباب السابع لحسابات المقيمين وغير المقيمين.

التوريد والتصدير

وتضمن الباب الثامن من المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة الصرف أحكاما تتعلق بالتوريد والتصدير المادي لوسائل الدفع. ونصت الفصول الواردة فيه على أنه يمكن للوسطاء المقبولين والمسافرين المقيمين وغير المقيمين توريد وتصدير وسائل الدفع ماديا. وتضبط بقرار من الوزير المكلف بالمالية شروط إلزام المسافرين المقيمين وغير المقيمين بالتصريح إلى مصالح الديوانة التونسية بوسائل الدفع التي يمسكونها عند دخولهم إلى التراب التونسي أو مغادرته أو عبوره. ويخضع التوريد والتصدير المادي لوسائل الدفع وسندات الملكية والدين بواسطة طرد لترخيص البنك المركزي التونسي. ويحجر توريد وتصدير الدينار التونسي في شكل أوراق أو قطع نقدية، باستثناء الحالات المنصوص عليها بموجب اتفاقيات مبرمة بين البنك المركزي التونسي ونظرائه أو سلطة نقدية مختصة أخرى في بلد أجنبي، أو بموجب ترخيص فردي أو منشور صادر عنه.

بخصوص الباب التاسع من مقترح القانون فقد تم إدخال صفة «متعامل الصرف المعتمد» التي تمكّن كل شخص معنوي في إطار نشاطه الاقتصادي من القيام بعمليات الصرف دون التقيد بشروط إنجازها وتنفيذ المدفوعات المتعلقة بها. ويمكن أن ينتفع بهذه الصفة الأشخاص المعنويون الآتي ذكرهم: الشركات المدرجة بالبورصة باستثناء البنوك والمؤسسات الناشطة في القطاع المالي وقطاع التأمين، والمؤسسات الناشئة المنظمة بالقانون عدد 20 لسنة 2018 المؤرخ في 17 أفريل 2018 بعد انقضاء مدة صلاحية العلامة الممنوحة لها، والشركات غير المقيمة التي ترغب في القيام بعمليات تندرج ضمن النظام المنطبق على الشركات المقيمة. وفي بقية الفصول تم التنصيص على الالتزامات المحمولة على المنتفعين بصفة «متعامل الصرف المعتمد» وشروط منح هذه الصفة، مع الإشارة إلى أن هذه الصفة تنتفع بها آليا الدولة والمؤسسات والمنشآت العمومية، باستثناء البنوك والمؤسسات العمومية الناشطة في القطاع المالي وقطاع التأمين، بصفة متعامل صرف معتمد.

وفي الباب العاشر من مقترح القانون الذي تم إيداعه بمكتب الضبط المركزي بمجلس نواب الشعب في انتظار إدراجه في جدول أعمال مكتب المجلس، تم التنصيص على أحكام تتعلق بالتونسيين غير المقيمين، في حين تضمن الباب الحادي عشر أحكاما عديدة تتعلق بمراقبة عمليات الصرف والواجبات المحمولة على مختلف الأطراف المعنية والعقوبات المستوجبة في حالة الإخلال بها. علما أنه تم التنصيص على وجوب أن تكون عمليات الصرف المنجزة من وإلى الخارج أو مع غير مقيمين منتصبين بالبلاد التونسية فعلية ومتناسبة مع طبيعة وحجم نشاط الأشخاص المعنويين وحاجيات الأشخاص الطبيعيين المقيمين، وأن تكون قيمتها قابلة للتحديد على أساس أسعار السوق السائدة وعلى قاعدة عناصر قابلة للتثبت بالنظر إلى الشروط.

أحكام جزائية

وخلافا لقانون الصرف الحالي الذي يضع مرتكبي جرائم الصرف في سلة واحدة مهما كانت درجة خطورة الجريمة، يمكن الإشارة إلى أن المبادرة التشريعية الجديدة جاءت بحلول عديدة لهذا المشكل واعتمدت في الباب الثاني عشر المتعلق بالأحكام الجزائية مبدأ التدرج في العقوبات مع مراعاة قاعدة التناسب بين الجريمة والعقوبة وتشديد العقوبة عند العود. وتتم معاينة الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف من قبل مأموري الضابطة العدلية وأعوان الديوانة، وأعوان وزارة المالية وأعوان البنك المركزي التونسي المحلفين، الذين لهم الصفة التي تؤهلهم لذلك. ويخول للأعوان المذكورين في إطار قيامهم بمهامهم وعند توفر قرائن تتعلق بارتكاب الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف التفتيش بجميع الأماكن والمحلات المهنية التي يمكن أن توجد بها أشياء تساعد على اكتشافها، وتفتيش محلات السكنى طبقا للشروط المنصوص عليها بمجلة الإجراءات الجزائية، ولا يجوز ذلك إلا بعد الحصول على إذن من وكيل الجمهورية المختص ترابيا. ويمكنهم القيام بكل المعاينات الضرورية والحصول عند أول طلب من الهياكل العمومية أو أي شخص معنوي أو طبيعي على الوثائق والمعلومات التي بحوزتهم مهما كان شكلها ودون معارضتهم بالسر المهني. ويمكنهم حجز الأشياء موضوع الجريمة وتحرير تقرير في الحجز. وتم إلزام هؤلاء الأعوان في إطار ممارستهم لمهامهم بالمحافظة على السر المهني وعدم استغلال ما أمكنهم الاطلاع عليه من معلومات لغير الأغراض التي تقتضيها المهام الموكلة إليهم.

ويتولى وزير المالية أو المدير العام للديوانة أو مديرو الإدارات المركزية والجهوية للديوانة إثارة التتبعات الجزائية وإحالة المحاضر والطلبات إلى وكيل الجمهورية المختص ترابيا، الذي يتولى إثارة الدعوى العمومية. ونص مقترح القانون على إمكانية إبرام صلح قبل صدور حكم نهائي أو بعده مع الأشخاص الذين يتم تتبعهم من أجل ارتكاب الجرائم الصرفية، باستثناء جريمة الامتناع عن التسوية. وإذا توفي مرتكب الجريمة قبل صدور حكم نهائي أو إبرام صلح، فلوزير المالية أو المدير العام للديوانة أو مديري الإدارات المركزية والجهوية للديوانة القيام ضد الورثة في حدود التركة أمام المحكمة المختصة بدعوى مدنية لاستصفاء الأشياء القابلة للمصادرة أو لأداء مبلغ يساوي قيمتها زمن ارتكاب الجريمة في حالة تعذر حجز الأشياء المعنية. وإذا توفي مرتكب الجريمة قبل الوفاء بالخطايا والغرامات التعويضية والمصادرات التي صدرت ضده بمقتضى حكم بات أو التي أبرم في شأنها صلح أو التزام، فإنه يمكن استخلاص المبالغ المستوجبة من المخلف أو من الورثة في حدود التركة. ويكون الشخص المعنوي، عدا الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية والبنك المركزي التونسي، مسؤولا جزائيا عن الجرائم المنصوص عليها بمجلة الصرف، التي ترتكب لحسابه أو لمصلحته أو باسمه بواسطة أجهزته أو ممثليه القانونيين أو مسيريه الفعليين أو أعوانه، وتسلط عليه الغرامات والعقوبات المالية الأصلية والتكميلية المقررة لكل جريمة. ولا يمنع تتبع الشخص المعنوي من مساءلة أجهزته أو ممثليه القانونيين أو مسيريه الفعليين أو أعوانه كفاعلين أصليين أو كمشاركين إذا ثبت ارتكابهم لخطأ شخصي. كما نص مقترح القانون على أنه إذا تكوّن من الفعل الواحد في نفس الوقت عدة جرائم على معنى هذه المجلة وعلى معنى التشريع الديواني أو أي تشريع آخر، تقضي المحكمة بالعقاب المقرر للجريمة التي تستوجب العقاب الأشد. كما نص على إسقاط الدعوى العمومية في الجرائم المرتكبة المنصوص عليها بمجلة الصرف بمرور ثلاث سنوات مع ذكر آجال سريان سقوط الدعوى العمومية وموانع سقوطها وغيرها من الأحكام ذات العلاقة بهذا الشأن.

إعداد مشروع قانون

نظرا لضخامة هذه المبادرة التشريعية المتعلقة بإصدار مجلة جديدة للصرف، فلا شك أن دراستها ستتطلب من لجنة المالية والميزانية بذل جهود كبيرة والاستماع إلى جميع الأطراف المعنية، خاصة البنك المركزي التونسي ووزارة المالية. وللتذكير، فقد كان العديد من النواب قد طالبوا الحكومة منذ الدورة النيابية الأولى بمراجعة مجلة الصرف، وكثيرا ما تساءلوا عن سبب كل هذا التأخير في إعداد مشروع قانون للغرض وإحالته إلى البرلمان. وأشارت وزيرة المالية مشكاة سلامة مؤخرا أثناء الجلسة المشتركة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 إلى ضرورة مراجعة التشريعات المالية القديمة، وفي مقدمتها مجلة الصرف. وفي نفس السياق، أكدت المديرة العامة لعمليات الصرف بالبنك المركزي التونسي روضة بوقديدة خلال اليوم الدراسي المنعقد بالأكاديمية البرلمانية يوم 22 ديسمبر الجاري حول مقترح القانون المتعلق بتسوية مخالفات الصرف أنه تم إعداد تصور بالتنسيق مع كل الهياكل المعنية حول تطوير منظومة العلاقات المالية مع الخارج عن طريق سن قانون صرف جديد، وذلك بهدف إدخال المزيد من المرونة عبر إجراءات آنية تأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت مقتضيات المتعاملين الاقتصاديين وواقع الاقتصاد التونسي، وكذلك بهدف فتح المجال لإصلاحات أكثر تقدما. وأوضحت أن البنك المركزي ليس هو الذي يشرّع، لكنه رغم ذلك حرص على سن مجلة صرف جديدة تم من خلالها القيام بعدة إصلاحات، منها تخفيف الأحكام الجزائية والحط من العقوبات مع مراجعة مفهوم الإقامة وتعديل المعاملات المالية المرتبطة بالاستثمار والاقتصاد. وأضافت أنه تمت دراسة هذه المجلة بصفة تشاركية، وهو نفس ما أشار إليه مدير النزاعات بالإدارة العامة للديوانة بوزارة المالية أنور السبيعي عندما تحدث عن التعاون الكبير بين مختلف الأطراف المعنية لدراسة مشروع قانون مجلة الصرف الجديدة. وذكر أنه في إطار هذا المشروع سيتم تجاوز العديد من الإشكاليات، منها مشكل التشدد في زجر الجرائم الصرفية وعدم التفريق في العقوبة بين الجرائم التافهة والجرائم الخطيرة، وأوضح أنه تم صلب المشروع ترتيب الجرائم من جرائم بسيطة وصولا إلى الجرائم الخطرة على الاقتصاد الوطني، وتختلف العقوبات حسب درجة خطورة الجريمة المرتكبة.

سعيدة بوهلال