في إطار دوره الرقابي على الحكومة، من المنتظر أن يشرع مجلس نواب الشعب بداية من جانفي 2026 في تنظيم جلستين عامتين كل أسبوع لطرح أسئلة شفاهية على أعضائها، وذلك طبقًا لمقتضيات الفصل 114 من الدستور والفصل 130 من نظامه الداخلي. وتم اتخاذ هذا القرار في اجتماع عقده مكتب المجلس يوم 30 أكتوبر 2025، وعبر العديد من النواب قبلها عن انزعاجهم الكبير من غياب التفاعل المباشر مع الحكومة.
ولم يعقد مجلس نواب الشعب منذ افتتاح أشغاله يوم 13 مارس 2023 إلى اليوم أي جلسة عامة حوارية مع رئيس أو رئيسة الحكومة، واقتصر الأمر على محاورة بعض الوزراء. ولم يقع التنصيص في دستور 2022 على أن الحوار يتم مع رئيس الحكومة، بل نصّ الدستور في فصله 114 المتعلق بالحكومة على ما يلي:«لمجلس نوّاب الشّعب وللمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم أن يدعو الحكومة أو عضوًا منها للحوار حول السّياسة التي تمّ اتّباعها والنّتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها».
في حين نصّ النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في الفصل 131 منه على أن:«يُخصّص المجلس طبقًا لأحكام الفصل 114 من الدستور جلسات دورية للحوار مع الحكومة أو عضوًا منها حول السياسة التي يتمّ اتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها مرة كل 45 يومًا على الأقل وكلما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو من أغلبية أعضاء المجلس. وتفتتح جلسات الحوار بعرض يُقدّمه عضو الحكومة، ثمّ يتولى الإجابة عن أسئلة النواب تباعًا، وله حقّ طلب إمهاله مدة لإعداد الردود».
تبليغ صوت المواطن
وفي اجتماع ندوة الرؤساء التي تضمّ مكتب مجلس نواب الشعب ورؤساء اللجان القارة ورؤساء الكتل وغير الممثلين عن كتل، المنعقد يوم 24 أكتوبر 2025، ورد في محضر هذه الجلسة أن الحاضرين تطرّقوا إلى التعاون القائم بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، وأثاروا عديد المشاغل المتصلة بالعلاقة بينهما سواء فيما يتعلق بالعمل التشريعي أو الرقابي، وشدّدوا في هذا الإطار على ضرورة حضور أعضاء الحكومة في اللجان والتفاعل مع ما يطرحه النواب من مشاغل واستفسارات، مؤكدين ضرورة أخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار بالنظر إلى أنها نابعة من متابعتهم اليومية وقربهم من مشاغل المواطن وتطلعاته.
ولم يتوقف امتعاض النواب على غياب الجلسات الحوارية المباشرة مع الحكومة لتبليغ مشاغل المواطنين، إذ أبدت عديد اللجان البرلمانية بدورها تململاً من مشكل التواصل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة على سبيل الذكر إلى أن الحكومة لم تُبدِ رأيها في مقترح القانون الذي حظي بمصادقة الجلسة العامة الأخيرة لمجلس نواب الشعب المنعقدة يوم 16 ديسمبر الجاري، وهو مقترح يتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية، وتم تقديمه منذ 28 جويلية 2023.
كما جاء في تقرير اللجنة حول هذه المبادرة الذي تمت تلاوته خلال الجلسة العامة المذكورة ما يلي:«بعد اتصالات ومشاورات، تلقت اللجنة بتاريخ 12 جوان 2025 ردا مكتوبا من قبل وزير التشغيل والتكوين المهني أفاد من خلاله أن الحكومة بصدد إعداد مشاريع مبادرات تشريعية تتعلق بالتشغيل والانتداب وضمان العمل اللائق، وذلك عملاً بالتوصيات الرئاسية بتكريس البعد الاجتماعي للدولة، وسيتم لاحقًا الاتفاق حول موعد لعقد جلسة استماع بعد إحالة هذه المبادرات على أنظار مجلس نواب الشعب لمزيد تعميق الحوار بشأنها».
وفي نهاية المطاف استكملت اللجنة النظر في المبادرة المذكورة دون معرفة عدد المشمولين بها لعدم استطاعتها إعمال الفصل 63 من النظام الداخلي للمجلس، الذي ينص على أنه:«يُمكن للجان في نطاق تعميق النظر في المواضيع المعروضة عليها أن تستنير بمن ترى الاستفادة برأيهم، وذلك إمّا عن طريق طلب تقارير كتابية في نقاط محدّدة أو بدعوتهم لحضور جلسات استماع بمقرّ المجلس. يُمكن للجان طلب الاستماع إلى ممثل عن الحكومة أو أحد مسيّري المؤسسات والهيئات العمومية. وفي صورة تعذّر الحضور يجب إرسال تقرير كتابي في الغرض قبل موعد انعقاد اللجنة. وللجنة الاكتفاء بالتقرير أو تحديد جلسة استماع لاحقًا. كما يُمكن لأعضاء الحكومة طلب حضور جلسات اللجان لتوضيح مسألة ما. تسعى اللجان إلى التفاعل مع مقترحات المجتمع المدني المقدّمة عن طريق المنصّة الإلكترونية المُعدّة للغرض. كما يمكن دعوة المنظمات والجمعيات المتخصّصة في جلسات استماع أمام اللجنة».
إخلالات قانونية
وإضافة إلى عدم تمكن لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية من إعمال الفصل 63 من النظام الداخلي للمجلس، يمكن الإشارة إلى أن لجنة المالية والميزانية وجدت نفسها خلال الصائفة المنقضية عاجزة عن إلزام الحكومة باحترام مقتضيات القانون الأساسي للميزانية، وليس فقط النظام الداخلي للمجلس النيابي.
وللتذكير في هذا السياق، فقد أفادت اللجنة في بلاغ لها إثر جلستها المنعقدة يوم غرة سبتمبر 2025 أنها «خصّصت هذه الجلسة للتداول حول تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 المؤرخ في 13 فيفري 2019، والتي تقتضي أن تعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب قبل موفّى شهر جويلية من كل سنة الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة، باعتباره إجراء يكرّس دور مجلس نواب الشعب في مرحلة إعداد الميزانية».
كما تداولت اللجنة حول عدم تطبيق مقتضيات الفصل 62 من نفس القانون في فقرته الثالثة، التي تنص على أن تقدّم الحكومة لمجلس نواب الشعب إثر انقضاء السداسية الأولى من كل سنة مالية تقريرًا يتعلق بنتائج تنفيذ الميزانية وبتطبيق أحكام قانون المالية للسنة، في إطار تكريس الدور الرقابي للوظيفة التشريعية في مرحلة تنفيذ الميزانية.
وعبّر النواب عن استيائهم من عدم الالتزام بمقتضيات القانون الأساسي للميزانية باعتباره دستور المالية العمومية، وأكدوا ضرورة تشريكهم في مرحلة إعداد الميزانية وضرورة التعاطي الإيجابي من قبل الحكومة مع مقترحات الوظيفة التشريعية، باعتبار التكامل بين الوظيفتين والانتماء إلى مسار 25 جويلية الذي يقوم على الإرادة الشعبية.
وبمناسبة حضور وزيرة المالية أشغال الجلسة المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، عبّر نواب الغرفتين عن ضرورة سلك منهجية تشاركية. وجاء في تقرير اللجنتين الذي وقع عرضه على أنظار الجلسة العامة حول هذا المشروع ما يلي:«أكد النواب على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة في إعداد الميزانية قوامها الشراكة بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية، وذلك بهدف إيجاد حلول وآليات تمويل بديلة ومبتكرة لتوفير موارد إضافية للدولة، على غرار حسن استغلال ممتلكات الدولة من الأملاك المصادرة والأراضي الدولية، إضافة إلى الصلح الجزائي ومحاربة التهرب الضريبي، والتشجيع على انخراط الشركات العائلية في البورصة، والعمل على الإصلاح الهيكلي للمؤسسات العمومية حتى تتمكن من تحقيق أرباح وتوفير موارد، مما يؤدي إلى عدم اللجوء للاقتراض سواء كان داخليًا أو خارجيًا.
كما احتجّ النواب مرة أخرى على غياب التشاركية خلال الجلسة العامة المشتركة بين الغرفتين النيابيتين المنعقدة يوم 5 نوفمبر 2025، التي حضرتها رئيسة الحكومة سارة الزعفراني لتقديم بيان الحكومة حول مشاريع قوانين المالية والميزان الاقتصادي والميزانية.
وتمسّك العديد من نواب الشعب بحقهم في تقديم مقترحات فصول إضافية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، وهو ما أدى إلى إدخال تعديلات جوهرية على النص الأصلي المقترح من قبل الحكومة، وهو ما اعتبره بعض النواب خرقًا للدستور. وحتى وزيرة المالية نفسها نبهت إلى أن العديد من الفصول المضافة مخالفة لأحكام الدستور والقانون الأساسي للميزانية. ويُذكر أنه بعد أن كان عدد فصول مشروع قانون المالية في الصيغة الأصلية في حدود 57 فصلًا، أصبح عددها في الصيغة المصادق عليها في جلسة عامة برلمانية 110 فصول.
وفي علاقة بقانون المالية لسنة 2026 وما تم إدراجه فيه من أحكام، يُذكر أنه ما زال بإمكان مجلس نواب الشعب في إطار ممارسة الرقابة اللاحقة متابعة مدى تنفيذ هذا القانون وغيره من القوانين، سواء من خلال عقد جلسات استماع إلى الوزراء المعنيين أو عبر توجيه أسئلة شفاهية. كما توجد آلية رقابية أخرى وهي الأسئلة الكتابية، وسبق لبعض النواب أن توجّهوا بأسئلة كتابية إلى الحكومة لمعرفة الأسباب التي عطّلت تنفيذ بعض الفصول الواردة في قانون المالية لسنة 2025.
وأصبح نواب الشعب في الأشهر الأخيرة يلوذون إلى آلية الأسئلة الكتابية بشكل لافت نظرًا لتعطّل آليات الحوار المباشر في الجلسات العامة وأشغال اللجان، الأمر الذي يفسّر العدد الضخم من الأسئلة الكتابية التي يحيلها مكتب المجلس من اجتماع إلى آخر للحكومة. إذ تكفي الإشارة إلى أن عدد الأسئلة الكتابية المنشورة على موقع المجلس وغير المرفقة بأجوبة بلغ إلى غاية أمس 20 ديسمبر 966 سؤالًا، أما عدد الأسئلة المرفقة بأجوبة فقد بلغ 3872 سؤالًا. ومقارنة بالإجابات عن الأسئلة التي تم طرحها في الدورات النيابية السابقة من قبل النواب، يُذكر أن إجابات أعضاء الحكومة الحالية كثيرًا ما تكون مقتضبة وقصيرة، ورغم ذلك واصل النواب خلال الدورة النيابية الحالية اللجوء إلى هذه الآلية الرقابية.
إذ بالعودة إلى محاضر اجتماعات مكتب المجلس التي تم عقدها بعد العطلة البرلمانية، يمكن الإشارة إلى أن المكتب أحال خلال اجتماعه المنعقد يوم 18 سبتمبر الماضي 207 أسئلة كتابية لأعضاء الحكومة، وأحال في اجتماعه بتاريخ 2 أكتوبر 65 سؤالًا كتابيًا، أما في اجتماع المكتب المنعقد يوم 16 أكتوبر فقد تمت إحالة 101 سؤال كتابي، وأحال المكتب خلال اجتماعه المنعقد يوم 30 أكتوبر 145 سؤالًا كتابيًا لأعضاء الحكومة، ثم أحال في اجتماعه المنعقد يوم 26 نوفمبر 135 سؤالًا كتابيًا.
سعيدة بوهلال
في إطار دوره الرقابي على الحكومة، من المنتظر أن يشرع مجلس نواب الشعب بداية من جانفي 2026 في تنظيم جلستين عامتين كل أسبوع لطرح أسئلة شفاهية على أعضائها، وذلك طبقًا لمقتضيات الفصل 114 من الدستور والفصل 130 من نظامه الداخلي. وتم اتخاذ هذا القرار في اجتماع عقده مكتب المجلس يوم 30 أكتوبر 2025، وعبر العديد من النواب قبلها عن انزعاجهم الكبير من غياب التفاعل المباشر مع الحكومة.
ولم يعقد مجلس نواب الشعب منذ افتتاح أشغاله يوم 13 مارس 2023 إلى اليوم أي جلسة عامة حوارية مع رئيس أو رئيسة الحكومة، واقتصر الأمر على محاورة بعض الوزراء. ولم يقع التنصيص في دستور 2022 على أن الحوار يتم مع رئيس الحكومة، بل نصّ الدستور في فصله 114 المتعلق بالحكومة على ما يلي:«لمجلس نوّاب الشّعب وللمجلس الوطنيّ للجهات والأقاليم أن يدعو الحكومة أو عضوًا منها للحوار حول السّياسة التي تمّ اتّباعها والنّتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها».
في حين نصّ النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب في الفصل 131 منه على أن:«يُخصّص المجلس طبقًا لأحكام الفصل 114 من الدستور جلسات دورية للحوار مع الحكومة أو عضوًا منها حول السياسة التي يتمّ اتباعها والنتائج التي وقع تحقيقها أو يجري العمل من أجل الوصول إليها مرة كل 45 يومًا على الأقل وكلما دعت الحاجة بطلب من المكتب أو من أغلبية أعضاء المجلس. وتفتتح جلسات الحوار بعرض يُقدّمه عضو الحكومة، ثمّ يتولى الإجابة عن أسئلة النواب تباعًا، وله حقّ طلب إمهاله مدة لإعداد الردود».
تبليغ صوت المواطن
وفي اجتماع ندوة الرؤساء التي تضمّ مكتب مجلس نواب الشعب ورؤساء اللجان القارة ورؤساء الكتل وغير الممثلين عن كتل، المنعقد يوم 24 أكتوبر 2025، ورد في محضر هذه الجلسة أن الحاضرين تطرّقوا إلى التعاون القائم بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية، وأثاروا عديد المشاغل المتصلة بالعلاقة بينهما سواء فيما يتعلق بالعمل التشريعي أو الرقابي، وشدّدوا في هذا الإطار على ضرورة حضور أعضاء الحكومة في اللجان والتفاعل مع ما يطرحه النواب من مشاغل واستفسارات، مؤكدين ضرورة أخذ مقترحاتهم بعين الاعتبار بالنظر إلى أنها نابعة من متابعتهم اليومية وقربهم من مشاغل المواطن وتطلعاته.
ولم يتوقف امتعاض النواب على غياب الجلسات الحوارية المباشرة مع الحكومة لتبليغ مشاغل المواطنين، إذ أبدت عديد اللجان البرلمانية بدورها تململاً من مشكل التواصل بين الوظيفتين التشريعية والتنفيذية.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة على سبيل الذكر إلى أن الحكومة لم تُبدِ رأيها في مقترح القانون الذي حظي بمصادقة الجلسة العامة الأخيرة لمجلس نواب الشعب المنعقدة يوم 16 ديسمبر الجاري، وهو مقترح يتعلق بأحكام استثنائية لانتداب خريجي التعليم العالي ممن طالت بطالتهم بالقطاع العام والوظيفة العمومية، وتم تقديمه منذ 28 جويلية 2023.
كما جاء في تقرير اللجنة حول هذه المبادرة الذي تمت تلاوته خلال الجلسة العامة المذكورة ما يلي:«بعد اتصالات ومشاورات، تلقت اللجنة بتاريخ 12 جوان 2025 ردا مكتوبا من قبل وزير التشغيل والتكوين المهني أفاد من خلاله أن الحكومة بصدد إعداد مشاريع مبادرات تشريعية تتعلق بالتشغيل والانتداب وضمان العمل اللائق، وذلك عملاً بالتوصيات الرئاسية بتكريس البعد الاجتماعي للدولة، وسيتم لاحقًا الاتفاق حول موعد لعقد جلسة استماع بعد إحالة هذه المبادرات على أنظار مجلس نواب الشعب لمزيد تعميق الحوار بشأنها».
وفي نهاية المطاف استكملت اللجنة النظر في المبادرة المذكورة دون معرفة عدد المشمولين بها لعدم استطاعتها إعمال الفصل 63 من النظام الداخلي للمجلس، الذي ينص على أنه:«يُمكن للجان في نطاق تعميق النظر في المواضيع المعروضة عليها أن تستنير بمن ترى الاستفادة برأيهم، وذلك إمّا عن طريق طلب تقارير كتابية في نقاط محدّدة أو بدعوتهم لحضور جلسات استماع بمقرّ المجلس. يُمكن للجان طلب الاستماع إلى ممثل عن الحكومة أو أحد مسيّري المؤسسات والهيئات العمومية. وفي صورة تعذّر الحضور يجب إرسال تقرير كتابي في الغرض قبل موعد انعقاد اللجنة. وللجنة الاكتفاء بالتقرير أو تحديد جلسة استماع لاحقًا. كما يُمكن لأعضاء الحكومة طلب حضور جلسات اللجان لتوضيح مسألة ما. تسعى اللجان إلى التفاعل مع مقترحات المجتمع المدني المقدّمة عن طريق المنصّة الإلكترونية المُعدّة للغرض. كما يمكن دعوة المنظمات والجمعيات المتخصّصة في جلسات استماع أمام اللجنة».
إخلالات قانونية
وإضافة إلى عدم تمكن لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية من إعمال الفصل 63 من النظام الداخلي للمجلس، يمكن الإشارة إلى أن لجنة المالية والميزانية وجدت نفسها خلال الصائفة المنقضية عاجزة عن إلزام الحكومة باحترام مقتضيات القانون الأساسي للميزانية، وليس فقط النظام الداخلي للمجلس النيابي.
وللتذكير في هذا السياق، فقد أفادت اللجنة في بلاغ لها إثر جلستها المنعقدة يوم غرة سبتمبر 2025 أنها «خصّصت هذه الجلسة للتداول حول تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 المؤرخ في 13 فيفري 2019، والتي تقتضي أن تعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب قبل موفّى شهر جويلية من كل سنة الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة، باعتباره إجراء يكرّس دور مجلس نواب الشعب في مرحلة إعداد الميزانية».
كما تداولت اللجنة حول عدم تطبيق مقتضيات الفصل 62 من نفس القانون في فقرته الثالثة، التي تنص على أن تقدّم الحكومة لمجلس نواب الشعب إثر انقضاء السداسية الأولى من كل سنة مالية تقريرًا يتعلق بنتائج تنفيذ الميزانية وبتطبيق أحكام قانون المالية للسنة، في إطار تكريس الدور الرقابي للوظيفة التشريعية في مرحلة تنفيذ الميزانية.
وعبّر النواب عن استيائهم من عدم الالتزام بمقتضيات القانون الأساسي للميزانية باعتباره دستور المالية العمومية، وأكدوا ضرورة تشريكهم في مرحلة إعداد الميزانية وضرورة التعاطي الإيجابي من قبل الحكومة مع مقترحات الوظيفة التشريعية، باعتبار التكامل بين الوظيفتين والانتماء إلى مسار 25 جويلية الذي يقوم على الإرادة الشعبية.
وبمناسبة حضور وزيرة المالية أشغال الجلسة المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، عبّر نواب الغرفتين عن ضرورة سلك منهجية تشاركية. وجاء في تقرير اللجنتين الذي وقع عرضه على أنظار الجلسة العامة حول هذا المشروع ما يلي:«أكد النواب على ضرورة اعتماد مقاربة جديدة في إعداد الميزانية قوامها الشراكة بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية، وذلك بهدف إيجاد حلول وآليات تمويل بديلة ومبتكرة لتوفير موارد إضافية للدولة، على غرار حسن استغلال ممتلكات الدولة من الأملاك المصادرة والأراضي الدولية، إضافة إلى الصلح الجزائي ومحاربة التهرب الضريبي، والتشجيع على انخراط الشركات العائلية في البورصة، والعمل على الإصلاح الهيكلي للمؤسسات العمومية حتى تتمكن من تحقيق أرباح وتوفير موارد، مما يؤدي إلى عدم اللجوء للاقتراض سواء كان داخليًا أو خارجيًا.
كما احتجّ النواب مرة أخرى على غياب التشاركية خلال الجلسة العامة المشتركة بين الغرفتين النيابيتين المنعقدة يوم 5 نوفمبر 2025، التي حضرتها رئيسة الحكومة سارة الزعفراني لتقديم بيان الحكومة حول مشاريع قوانين المالية والميزان الاقتصادي والميزانية.
وتمسّك العديد من نواب الشعب بحقهم في تقديم مقترحات فصول إضافية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، وهو ما أدى إلى إدخال تعديلات جوهرية على النص الأصلي المقترح من قبل الحكومة، وهو ما اعتبره بعض النواب خرقًا للدستور. وحتى وزيرة المالية نفسها نبهت إلى أن العديد من الفصول المضافة مخالفة لأحكام الدستور والقانون الأساسي للميزانية. ويُذكر أنه بعد أن كان عدد فصول مشروع قانون المالية في الصيغة الأصلية في حدود 57 فصلًا، أصبح عددها في الصيغة المصادق عليها في جلسة عامة برلمانية 110 فصول.
وفي علاقة بقانون المالية لسنة 2026 وما تم إدراجه فيه من أحكام، يُذكر أنه ما زال بإمكان مجلس نواب الشعب في إطار ممارسة الرقابة اللاحقة متابعة مدى تنفيذ هذا القانون وغيره من القوانين، سواء من خلال عقد جلسات استماع إلى الوزراء المعنيين أو عبر توجيه أسئلة شفاهية. كما توجد آلية رقابية أخرى وهي الأسئلة الكتابية، وسبق لبعض النواب أن توجّهوا بأسئلة كتابية إلى الحكومة لمعرفة الأسباب التي عطّلت تنفيذ بعض الفصول الواردة في قانون المالية لسنة 2025.
وأصبح نواب الشعب في الأشهر الأخيرة يلوذون إلى آلية الأسئلة الكتابية بشكل لافت نظرًا لتعطّل آليات الحوار المباشر في الجلسات العامة وأشغال اللجان، الأمر الذي يفسّر العدد الضخم من الأسئلة الكتابية التي يحيلها مكتب المجلس من اجتماع إلى آخر للحكومة. إذ تكفي الإشارة إلى أن عدد الأسئلة الكتابية المنشورة على موقع المجلس وغير المرفقة بأجوبة بلغ إلى غاية أمس 20 ديسمبر 966 سؤالًا، أما عدد الأسئلة المرفقة بأجوبة فقد بلغ 3872 سؤالًا. ومقارنة بالإجابات عن الأسئلة التي تم طرحها في الدورات النيابية السابقة من قبل النواب، يُذكر أن إجابات أعضاء الحكومة الحالية كثيرًا ما تكون مقتضبة وقصيرة، ورغم ذلك واصل النواب خلال الدورة النيابية الحالية اللجوء إلى هذه الآلية الرقابية.
إذ بالعودة إلى محاضر اجتماعات مكتب المجلس التي تم عقدها بعد العطلة البرلمانية، يمكن الإشارة إلى أن المكتب أحال خلال اجتماعه المنعقد يوم 18 سبتمبر الماضي 207 أسئلة كتابية لأعضاء الحكومة، وأحال في اجتماعه بتاريخ 2 أكتوبر 65 سؤالًا كتابيًا، أما في اجتماع المكتب المنعقد يوم 16 أكتوبر فقد تمت إحالة 101 سؤال كتابي، وأحال المكتب خلال اجتماعه المنعقد يوم 30 أكتوبر 145 سؤالًا كتابيًا لأعضاء الحكومة، ثم أحال في اجتماعه المنعقد يوم 26 نوفمبر 135 سؤالًا كتابيًا.