◄ رئيسة الحكومة: أهمية المنتدى في خلق ديناميكية اقتصادية شاملة تترجم علاقات التعاون والتقارب بين البلدين
◄ الوزير الأول الجزائري: المستوى الاستثنائي من الانسجام والتوافق الذي بلغته العلاقات الثنائية تحقق بفضل التوجيهات السديدة لقائدي بلدينا الشقيقين
أشرفت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري والوزير الأول الجزائري سيفي غريب أمس الخميس على افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري، الذي يتزامن مع الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، وذلك في لقاء رسمي بأحد النزل بالضاحية الشمالية للعاصمة، وسط حضور رفيع المستوى ضم وزراء من حكومتي البلدين وممثلي مؤسسات وهياكل في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، سمير ماجول، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، جمال مولى.
وأكد الطرفان الحكوميان التونسي والجزائري خلال هذه المناسبة على أهمية هذا المنتدى الاقتصادي، الذي يأتي بعد انعقاد المنتدى الاقتصادي السابق بالجزائر في جويلية 2023، ودوره في تجسيد الإرادة السياسية للبلدين وبلورة رؤية الرئيس قيس سعيد والرئيس عبد المجيد تبون، وبرامج ومبادرات تمكّن من توسيع دوائر التعاون والشراكة والاستثمار في عدة مجالات اقتصادية، على نحو يجعل من البلدين محورا سياسيا واقتصاديا هاما قادرا على كسب التحديات المطروحة بالنسبة للبلدين لتحقيق أهداف أمنية وتنموية واجتماعية واقتصادية شاملة، من خلال بعث أقطاب اقتصادية متعددة في الصناعة والفلاحة والخدمات والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والبنية التحتية والسياحة والصحة وغيرها. ليكون هذا المحور الاقتصادي الرائد دورا تتجاوز أهدافه ومزاياه البلدين ليضطلع بدور إقليمي وقاري ودولي.
وهو ما أيده كل من رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول ، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري جمال مولى، في تدخليهما في افتتاح هذا المنتدى الاقتصادي.
وشدّدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على أهمية المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري في خلق ديناميكية اقتصادية شاملة تترجم علاقات التعاون والتقارب بين البلدين، وتجسيدا للرؤية المشتركة لقيادتي الدولتين، كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد تبون، لاسيما في ظل حضور رفيع ومتميّز يجمع بين الوزراء وكبار المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين من تونس والجزائر، مما يؤكد «الحرص المشترك على تجسيم التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص الذي نعتبره شريكا أساسيا في خلق الثروة وتحقيق النمو ودفع عجلة الاقتصاد، وفي معاضدة جهود بلدينا من أجل توثيق علاقات التعاون الثنائي والارتقاء بها إلى أعلى المراتب».
واعتبرت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن توافق تنظيم منتدى اقتصادي مُخصّص لمحاور الصناعة والطاقة والسياحة بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، يُجسّد بوضوح الإرادة المشتركة في الارتقاء بالشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر في هذه القطاعات كرافعات أساسية للاستثمار المشترك.
ونوهت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بالمجهودات المبذولة من قبل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في تنظيم هذا المنتدى، ولدعوة نخبة من الفاعلين الاقتصاديين من القطاع الخاص من تونس والجزائر للمشاركة في أشغاله، وذلك بالتنسيق المحكم مع مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذي أوجه له كل عبارات التقدير.
وأوضحت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن خيار تونس هو توسيع شراكاتها الاستراتيجية على المستوى الدولي على أساس الاحترام المتبادل والندّية والمصلحة المشتركة، بما يخدم مصالح شعبها ويحقق انتظاراته وفق سيادتها واختياراتها الوطنية، تبعًا لتوجهات رئيس الجمهورية.
وتطرقت رئيسة الحكومة إلى سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمدها وفق رؤية وطنية شاملة لبناء اقتصاد وطني منيعة يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، ويكون قادرا على الصمود تجاه التقلّبات الخارجية وذي قدرة تنافسية عالية. وأكدت نجاح تونس في رفع عديد التحديات على درب استعادة تعافيها الاقتصادي، والتوفيق في تحقيق مؤشرات اقتصادية ونتائج إيجابية بما يعكس انتعاشا اقتصاديا مدعوما بتطور أداء القطاعات الحيوية على غرار الفلاحة والبناء والصناعات المعملية والخدمات.
كما تطرقت إلى اختيار بلادنا تنويع هيكلة الإنتاج والصادرات التي أصبحت تشمل قطاعات متعدّدة وذات قيمة مضافة عالية، على غرار المنتجات الفلاحية والغذائية وصناعة مكونات السيارات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية والميكانيكية وقطاع الخدمات والنسيج التقني والاقتصاد الأخضر والدائري.
وبيّنت أن نسق الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفع في تونس لتسجل خلال السداسي الأول من سنة 2025 تطورا بنسبة تفوق 21 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، مع تسجيل تقدم ملحوظ في نسق أشغال المشاريع الجارية، خاصة في مجالات النقل والطاقات المتجددة والبنية التحتية للطرق والصحة، مما يكرّس صورة تونس كوجهة جاذبة للاستثمار ويؤكد صواب الخيارات الوطنية لتحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار المالي.
كما أن اختيار أكثر من أربعة آلاف مؤسسة ذات مساهمة أجنبية للاستثمار في تونس وتوفير ما يناهز أربعمائة وستين ألف موطن شغل، إلى جانب النسق التصاعدي للاستثمار الخارجي في الآونة الأخيرة، يعكس جدّية الإصلاحات الهيكلية التي شرعت تونس في تنفيذها، والثقة المتنامية التي تحظى بها بلادنا لدى شركائنا الإقليميين والدوليين والرغبة المشتركة في تعميق التعاون والشراكة في مختلف المجالات الواعدة.
وهو ما تضمنته في إطار الرؤية الاقتصادية «تونس 2035». وذلك بعد أن استكملت بلادنا إعداد مشروع مخطّط التنمية للفترة 2026-2030 الذي يعتمد لأول مرة في تونس ووفق رؤية رئيس الجمهورية على منهج تصاعدي ينطلق من المستوى المحلي فالجهوي ثم الإقليمي وصولا إلى المستوى الوطني.
كما أكدت رئيسة الحكومة أن بلادنا تعمل على تهيئة مناخ استثمار مُحفّز على المستوى الداخلي والخارجي، وتوفر في هذا الإطار امتيازات وحوافز مالية وجبائية هامة، ومعاملة متساوية بالنسبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية، تشمل تطوير منظومة الاستثمار في اتجاه تبسيط الإجراءات الإدارية لتحسين مناخ الأعمال وتذليل العقبات أمام المستثمر، من منطلق الإيمان بأهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص الذي يعد السبيل الأمثل لتحويل التحديات إلى فرص جديدة للاستثمار.
في نفس الإطار، كان العمل على توفير بيئة استثمارية جاذبة تضمّ ثلاثة عشر قطبا تكنولوجيا في اختصاصات تضم الأنشطة الواعدة على غرار النسيج التقني وتكنولوجيات الاتصال والصناعات الغذائية والإعلامية والطاقات المتجددة.
وضعت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري القطاع الصناعي على رأس قائمة مجالات التعاون بين تونس والجزائر، ليبلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشرة مؤسسة تنشط في مجالات متنوعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في خلق ما يفوق ألف وثمانمائة موطن شغل في تونس.
ودعت إلى مزيد توسيع الاستثمارات المشتركة في القطاعات ذات القيمة المضافة، على غرار الصناعات الميكانيكية والإلكترونية والصيدلانية والغذائية والتحويلية وصناعات النسيج والملابس.
واعتبرت أنَّ تطوير المناطق الصناعية الحدودية النموذجية وفق الرؤية المستقبلية للجيل الجديد باحتضان مشاريع مشتركة في الصناعات التحويلية والطاقات المتجددة والمواد الإنشائية قادرة على أن تتحول إلى محركات حقيقية للتكامل الإقليمي ومراكز لجذب الاستثمار والتشغيل، بما يُحفّز خلق قيمة مضافة مشتركة ويُعزّز الاندماج الاقتصادي بين بلدينا.
وعبرت رئيسة الحكومة عن ارتياحها لنسق التعاون القائم بين تونس والجزائر في مجال الطاقة، والذي يُعدّ نموذجا ناجحا للتعاون المتبادل القائم على الثقة والتكامل. على اعتبار أن شركة سوناطراك الجزائرية تعد المزوّد الاستراتيجي للجمهورية التونسية من مادة الغاز الطبيعي، لإنتاج الكهرباء، إضافة إلى إمدادات الغاز الطبيعي عبر أنبوب «ترانسميد».
وأكدت العمل على تعزيز الرّبط الثلاثي بين تونس والجزائر وليبيا في خطوة استراتيجية نحو بناء شبكة طاقية إقليمية متكاملة. ودعت إلى عدم الاكتفاء ببرامج التعاون التقليدية والعمل على تعزيزها وتطويرها ليكون التوجه نحو التحول الطاقي، واستكشاف آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية تشمل مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع والطاقات المتجددة.
إضافة إلى تعزيز التعاون السياحي بين تونس والجزائر وتشجيع الاستثمار المشترك في مشاريع السياحة البديلة والعائلية والصحراوية، وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب في مجال التكوين السياحي. معتبرة أن التعاون التجاري يعد بدوره رافعة أساسية لدعم هذه التوجهات التنموية، تتطلب تيسير انسياب السلع وتبسيط إجراءات العبور مكونا مركزيا لتحقيق هذا التكامل الاقتصادي. بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار والشراكة بين البلدين لإنجاز مشاريع في مجال النقل وإحداث مناطق لوجستية بالمناطق الحدودية لتطوير التجارة البينية ولتكون نقاط توزيع نحو بلدان القارة الإفريقية والأوروبية، خاصة أن السوق التونسية الجزائرية تمتد نحو الفضاء الإفريقي الواسع.
واعتبر الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في الكلمة التي ألقاها أثناء إشرافه على افتتاح المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري أن هذه المناسبة تعد موعدا للوقوف على «التّقدّم الذي سجّله التعاون الاقتصادي بين بلدينا منذ دورته السابقة التي عُقدت بالجزائر في شهر جويلية 2023، وفرصة للمؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال من الجانبين، من أجل بحث الفرص الكبيرة والمتعددة للشراكة الثنائية، لاسيما في ضوء المستوى الاستثنائي من الانسجام والتّوافق الذي بلغته العلاقات الثنائية على المستوى السياسي، والذي تحقق بفضل التوجيهات السديدة لقائدي بلدينا الشقيقين، الرئيس عبد المجيد تبون والرئيس قيس سعيد، وعزمهما القوي على إحداث نقلة نوعية في التعاون الجزائري-التونسي في شتى مجالاته، والعمل على ترقيته إلى مستوى استراتيجي وفق مقاربة تشاركية وتكاملية».
وبين أن التقدم المسجل في التعاون الاقتصادي تجسد في بلوغ حجم المبادلات التجارية البينية خلال سنة 2024 أكثر من 2.3 مليار دولار، بارتفاع يقدر بنسبة 12 % مقارنة بالسنة السابقة، لتصبح بذلك تونس أحد أهم شركاء الجزائر التجاريين، من خلال التموين بالمنتجات نصف المصنعة من الفسفاط، والمواد الزجاجية، والمنتجات المصنوعة من الألمنيوم، والمركبات، والعربات، والمقطورات. كما تحتل المرتبة التاسعة في قائمة زبائنها، خصوصا ما تعلق بالغاز ومشتقات المواد البترولية والكهرباء، بالإضافة إلى السكر والمواد الغذائية، والإسمنت، والكلينكر.
وبين أنه بالنسبة لقطاع الاستثمار، فقد سجلت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، إلى غاية نهاية أكتوبر 2025، ستة وستين (66) مشروعا استثماريا بالجزائر يشارك فيه متعاملون اقتصاديون تونسيون، بقيمة تقارب 353 مليون دولار. يستحوذ قطاع الصناعة على نسبة 90 % من هذه المشاريع، خاصة في فروع الصناعات الصيدلانية والكهربائية، في الوقت الذي أحصى فيه المركز الجزائري للسجل التجاري، إلى غاية نهاية 2023، قرابة سبعمائة وخمسين (750) مؤسسة تونسية تنشط في مجالات عديدة، وهو ما يمثل أكثر من 9 % من إجمالي الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر.
وشدد الوزير الأول الجزائري على أن الواقع يفرض على حكومتي البلدين ومجتمع الأعمال تسريع الخطى واعتماد آليات ومناهج جديدة من شأنها إيجاد حلول عملية لضمان انسيابية أكبر للسلع والبضائع من الجانبين، وتحديد المزايا التنافسية لاقتصادي البلدين، والتركيز على كيفية الوصول إلى خلق التكامل بينهما، وكذالك العمل على مشاريع مشتركة في مختلف الميادين من أجل وضع أسس بنى تحتية مترابطة وبناء سلاسل إقليمية للقيمة.
واعتبر أنه يمكن «إدراج هذه المشاريع والمبادرات في إطار التعاون الثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا، بما يتماشى مع ما تشترك فيه دولنا الثلاث من اهتمامات ومقومات تكامل، تجسيدا للرؤية التي وضعها قادة الدول الثلاث في القمة التشاورية المنعقدة بتونس في 22 أفريل 2024، والتي يجري العمل حاليا على بلورة بعض المشاريع في إطارها، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والمياه».
ونوه سيفي غريب بالتعاون بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، مؤكدا أنه تدعم بالتوقيع على اتفاقية تعاون للمساهمة في تحفيز الشراكة بين البلدين، ويمكن أن يشكل لبنة أساسية لتطوير التواصل والتفاعل وتبادل المعلومات وبناء الشراكات بين المؤسسات الاقتصادية الجزائرية والتونسية، خصوصا عبر برمجة نشاطات منسقة تشمل تنظيم بعثات اقتصادية بين الجانبين والمشاركة الفعالة في المعارض والصالونات المنظمة في كلا البلدين، والعمل على تنظيم فعاليات اقتصادية مشتركة على المستوى الإفريقي.
كما أن الشراكات التي سيتم إبرامها بين متعاملين جزائريين وتونسيين في مجالات مختلفة تعكس مدى الحرص المشترك على ترقية الشراكة الاقتصادية، وتُبرز إمكانيات وفرص التعاون بين البلدين، التي يتعين استغلالها على النحو الذي يُمكّن من توظيفها في خدمة أهداف الشراكة والتكامل والاندماج المنشود.
ودعا الوزير الأول الجزائري رجال الأعمال في تونس إلى استكشاف مقومات وفرص الاستثمار الكبيرة التي توفرها الجزائر في مجالات عدة، وخص بالذكر الصناعة بمختلف شعبها، لاسيما قطع الغيار، وصناعات النسيج وتثمين الجلود، والطاقة، والسياحة، والفلاحة والصيد البحري، والطاقات المتجددة، والشركات الناشئة، والبناء والأشغال العمومية، والنقل وغيرها، سواء تعلق الأمر بعدد المشاريع التي بالإمكان بعثها وطنيا، أو تلك التي تكتسي بعدًا إقليميًا، بالنظر إلى الموارد المتاحة، البشرية كما المادية، أو المناخ القانوني والمؤسساتي التحفيزي الذي تم وضعه لفائدة المستثمرين.
وتطرق إلى أهم الإصلاحات الاقتصادية التي بادر بها رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، وعلى رأسها قانون الاستثمار لسنة 2022، معتبرا أنه «جاء بمزايا وتسهيلات وضمانات حقيقية لفائدة المستثمرين، يدعمها إطار مؤسساتي عصري ومُحيّن، يرمي إلى مرافقة المستثمرين وتوجيههم خلال جميع المراحل المتعلقة بإنجاز وتنفيذ مشاريعهم».
فضلا عن تسهيلات وإجراءات أخرى تتعلق بقانون الاستثمار وإصدار سلسلة من القوانين القطاعية التي تهدف جميعها إلى وضع إطار شامل ومتكامل لجعل عمليات الاستثمار في منتهى السلاسة، على غرار تلك المتعلقة بالنقد والصرف، وبالصفقات العمومية، وبالعقار الاقتصادي، وبالمناجم وغيرها.
واعتبر أن الوضع اليوم يتطلب العمل على تفعيل الأفكار والمبادرات المطروحة لتنمية المناطق الحدودية، على غرار إقامة مشاريع اقتصادية على طول الشريط الحدودي، وكذا التشجيع على تكثيف التواصل وتبادل الخبرات بين رواد الأعمال الشباب في هذه المناطق، فضلا عن تنظيم تظاهرات اقتصادية بما يحقق المنفعة المتبادلة والمشتركة.
ونوه رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، بالمستوى المتميز للعلاقات بين البلدين التونسي والجزائري، بحرص من رئيسي البلدين، وأكد في الكلمة التي ألقاها في مفتتح المنتدى على أهمية استشراف آفاق التعاون بين الاقتصادين الشامل والهادف بين البلدين والعمل على ترجمتها في مشاريع اقتصادية بالجملة تساهم في تحقيق الأهداف التنموية والاستثمارية والاجتماعية المنشودة من قبل البلدين.
ودعا إلى ضرورة المرور بالسرعة القصوى في وضع برامج تعاون اقتصادية كفيلة بتحقيق المصلحة المشتركة للبلدين، لاسيما في ظل ما تتيحه آليات التعاون من انفتاح بين القطاعين العام والخاص في ظل الإرادة السياسية للبلدين في تحقيق التكامل بين القطاعين في مسار الإصلاحات التي تنتهجها والتي كشفتها سلسلة اللقاءات والمشاورات الماراطونية التي سبقت هذا المنتدى، وذلك عبر وضع مبادرات اقتصادية وتجارية واستثمارية مشتركة تكون وفق مقاربات تراعي المصلحة المشتركة لتونس والجزائر وما يمتلكانه من ثروات وإمكانيات وقدرات وخصوصيات كفيلة بتحويل برامج التعاون إلى فرص رائدة وهادفة.
وهو تقريبا ما أكده رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذي نزل هذه الرغبة والإرادة في توسيع وتدعيم التعاون المشترك في سياق وضع إقليمي ودولي دقيق. مبينا أن هذا المنتدى يعد انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون التونسي الجزائري وذلك عبر إنشاء قطب صناعي نسيجي مشترك في المناطق الحدودية إضافة إلى الاستثمار المشترك في صناعة وإنشاء منظومة متكاملة في المجال تراهن على نقاط قوة كل بلد، وتوسيع التعاون في السياحة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إثر هذا اللقاء إمضاء 7 اتفاقيات تعاون بين مؤسسات تونسية جزائرية، وذلك بإشراف رئيسة الحكومة التونسية والوزير الأول الجزائري، الذي جاء مرفوقا بوفد رفيع المستوى ضم تسعة وزراء من حكومته، إضافة إلى ممثلي مؤسسات وهياكل في القطاعين العام والخاص.
نزيهة الغضباني
◄ رئيسة الحكومة: أهمية المنتدى في خلق ديناميكية اقتصادية شاملة تترجم علاقات التعاون والتقارب بين البلدين
◄ الوزير الأول الجزائري: المستوى الاستثنائي من الانسجام والتوافق الذي بلغته العلاقات الثنائية تحقق بفضل التوجيهات السديدة لقائدي بلدينا الشقيقين
أشرفت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري والوزير الأول الجزائري سيفي غريب أمس الخميس على افتتاح أشغال المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري، الذي يتزامن مع الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، وذلك في لقاء رسمي بأحد النزل بالضاحية الشمالية للعاصمة، وسط حضور رفيع المستوى ضم وزراء من حكومتي البلدين وممثلي مؤسسات وهياكل في القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، سمير ماجول، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، جمال مولى.
وأكد الطرفان الحكوميان التونسي والجزائري خلال هذه المناسبة على أهمية هذا المنتدى الاقتصادي، الذي يأتي بعد انعقاد المنتدى الاقتصادي السابق بالجزائر في جويلية 2023، ودوره في تجسيد الإرادة السياسية للبلدين وبلورة رؤية الرئيس قيس سعيد والرئيس عبد المجيد تبون، وبرامج ومبادرات تمكّن من توسيع دوائر التعاون والشراكة والاستثمار في عدة مجالات اقتصادية، على نحو يجعل من البلدين محورا سياسيا واقتصاديا هاما قادرا على كسب التحديات المطروحة بالنسبة للبلدين لتحقيق أهداف أمنية وتنموية واجتماعية واقتصادية شاملة، من خلال بعث أقطاب اقتصادية متعددة في الصناعة والفلاحة والخدمات والتكنولوجيا والذكاء الصناعي والبنية التحتية والسياحة والصحة وغيرها. ليكون هذا المحور الاقتصادي الرائد دورا تتجاوز أهدافه ومزاياه البلدين ليضطلع بدور إقليمي وقاري ودولي.
وهو ما أيده كل من رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول ، ورئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري جمال مولى، في تدخليهما في افتتاح هذا المنتدى الاقتصادي.
وشدّدت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري على أهمية المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري في خلق ديناميكية اقتصادية شاملة تترجم علاقات التعاون والتقارب بين البلدين، وتجسيدا للرؤية المشتركة لقيادتي الدولتين، كل من رئيس الجمهورية قيس سعيد ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد المجيد تبون، لاسيما في ظل حضور رفيع ومتميّز يجمع بين الوزراء وكبار المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين من تونس والجزائر، مما يؤكد «الحرص المشترك على تجسيم التكامل بين القطاع العام والقطاع الخاص الذي نعتبره شريكا أساسيا في خلق الثروة وتحقيق النمو ودفع عجلة الاقتصاد، وفي معاضدة جهود بلدينا من أجل توثيق علاقات التعاون الثنائي والارتقاء بها إلى أعلى المراتب».
واعتبرت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن توافق تنظيم منتدى اقتصادي مُخصّص لمحاور الصناعة والطاقة والسياحة بمناسبة انعقاد الدورة الثالثة والعشرين للجنة الكبرى المشتركة التونسية الجزائرية، يُجسّد بوضوح الإرادة المشتركة في الارتقاء بالشراكة الاستراتيجية بين تونس والجزائر في هذه القطاعات كرافعات أساسية للاستثمار المشترك.
ونوهت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري بالمجهودات المبذولة من قبل الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في تنظيم هذا المنتدى، ولدعوة نخبة من الفاعلين الاقتصاديين من القطاع الخاص من تونس والجزائر للمشاركة في أشغاله، وذلك بالتنسيق المحكم مع مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذي أوجه له كل عبارات التقدير.
وأوضحت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري أن خيار تونس هو توسيع شراكاتها الاستراتيجية على المستوى الدولي على أساس الاحترام المتبادل والندّية والمصلحة المشتركة، بما يخدم مصالح شعبها ويحقق انتظاراته وفق سيادتها واختياراتها الوطنية، تبعًا لتوجهات رئيس الجمهورية.
وتطرقت رئيسة الحكومة إلى سياسة الدولة الاقتصادية والاجتماعية التي تعتمدها وفق رؤية وطنية شاملة لبناء اقتصاد وطني منيعة يحقق التوازن بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي، ويكون قادرا على الصمود تجاه التقلّبات الخارجية وذي قدرة تنافسية عالية. وأكدت نجاح تونس في رفع عديد التحديات على درب استعادة تعافيها الاقتصادي، والتوفيق في تحقيق مؤشرات اقتصادية ونتائج إيجابية بما يعكس انتعاشا اقتصاديا مدعوما بتطور أداء القطاعات الحيوية على غرار الفلاحة والبناء والصناعات المعملية والخدمات.
كما تطرقت إلى اختيار بلادنا تنويع هيكلة الإنتاج والصادرات التي أصبحت تشمل قطاعات متعدّدة وذات قيمة مضافة عالية، على غرار المنتجات الفلاحية والغذائية وصناعة مكونات السيارات والمنتجات الكهربائية والإلكترونية والميكانيكية وقطاع الخدمات والنسيج التقني والاقتصاد الأخضر والدائري.
وبيّنت أن نسق الاستثمارات الأجنبية المباشرة ارتفع في تونس لتسجل خلال السداسي الأول من سنة 2025 تطورا بنسبة تفوق 21 ٪ مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، مع تسجيل تقدم ملحوظ في نسق أشغال المشاريع الجارية، خاصة في مجالات النقل والطاقات المتجددة والبنية التحتية للطرق والصحة، مما يكرّس صورة تونس كوجهة جاذبة للاستثمار ويؤكد صواب الخيارات الوطنية لتحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار المالي.
كما أن اختيار أكثر من أربعة آلاف مؤسسة ذات مساهمة أجنبية للاستثمار في تونس وتوفير ما يناهز أربعمائة وستين ألف موطن شغل، إلى جانب النسق التصاعدي للاستثمار الخارجي في الآونة الأخيرة، يعكس جدّية الإصلاحات الهيكلية التي شرعت تونس في تنفيذها، والثقة المتنامية التي تحظى بها بلادنا لدى شركائنا الإقليميين والدوليين والرغبة المشتركة في تعميق التعاون والشراكة في مختلف المجالات الواعدة.
وهو ما تضمنته في إطار الرؤية الاقتصادية «تونس 2035». وذلك بعد أن استكملت بلادنا إعداد مشروع مخطّط التنمية للفترة 2026-2030 الذي يعتمد لأول مرة في تونس ووفق رؤية رئيس الجمهورية على منهج تصاعدي ينطلق من المستوى المحلي فالجهوي ثم الإقليمي وصولا إلى المستوى الوطني.
كما أكدت رئيسة الحكومة أن بلادنا تعمل على تهيئة مناخ استثمار مُحفّز على المستوى الداخلي والخارجي، وتوفر في هذا الإطار امتيازات وحوافز مالية وجبائية هامة، ومعاملة متساوية بالنسبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية، تشمل تطوير منظومة الاستثمار في اتجاه تبسيط الإجراءات الإدارية لتحسين مناخ الأعمال وتذليل العقبات أمام المستثمر، من منطلق الإيمان بأهمية التكامل بين القطاعين العام والخاص الذي يعد السبيل الأمثل لتحويل التحديات إلى فرص جديدة للاستثمار.
في نفس الإطار، كان العمل على توفير بيئة استثمارية جاذبة تضمّ ثلاثة عشر قطبا تكنولوجيا في اختصاصات تضم الأنشطة الواعدة على غرار النسيج التقني وتكنولوجيات الاتصال والصناعات الغذائية والإعلامية والطاقات المتجددة.
وضعت رئيسة الحكومة سارة الزعفراني الزنزري القطاع الصناعي على رأس قائمة مجالات التعاون بين تونس والجزائر، ليبلغ عدد المؤسسات الصناعية ذات المساهمة الجزائرية ثمانية عشرة مؤسسة تنشط في مجالات متنوعة، على غرار الصناعات الغذائية والميكانيكية ومواد البناء والنسيج والملابس والجلود. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في خلق ما يفوق ألف وثمانمائة موطن شغل في تونس.
ودعت إلى مزيد توسيع الاستثمارات المشتركة في القطاعات ذات القيمة المضافة، على غرار الصناعات الميكانيكية والإلكترونية والصيدلانية والغذائية والتحويلية وصناعات النسيج والملابس.
واعتبرت أنَّ تطوير المناطق الصناعية الحدودية النموذجية وفق الرؤية المستقبلية للجيل الجديد باحتضان مشاريع مشتركة في الصناعات التحويلية والطاقات المتجددة والمواد الإنشائية قادرة على أن تتحول إلى محركات حقيقية للتكامل الإقليمي ومراكز لجذب الاستثمار والتشغيل، بما يُحفّز خلق قيمة مضافة مشتركة ويُعزّز الاندماج الاقتصادي بين بلدينا.
وعبرت رئيسة الحكومة عن ارتياحها لنسق التعاون القائم بين تونس والجزائر في مجال الطاقة، والذي يُعدّ نموذجا ناجحا للتعاون المتبادل القائم على الثقة والتكامل. على اعتبار أن شركة سوناطراك الجزائرية تعد المزوّد الاستراتيجي للجمهورية التونسية من مادة الغاز الطبيعي، لإنتاج الكهرباء، إضافة إلى إمدادات الغاز الطبيعي عبر أنبوب «ترانسميد».
وأكدت العمل على تعزيز الرّبط الثلاثي بين تونس والجزائر وليبيا في خطوة استراتيجية نحو بناء شبكة طاقية إقليمية متكاملة. ودعت إلى عدم الاكتفاء ببرامج التعاون التقليدية والعمل على تعزيزها وتطويرها ليكون التوجه نحو التحول الطاقي، واستكشاف آفاق جديدة للشراكة الاستراتيجية تشمل مجالات الإنتاج والنقل والتوزيع والطاقات المتجددة.
إضافة إلى تعزيز التعاون السياحي بين تونس والجزائر وتشجيع الاستثمار المشترك في مشاريع السياحة البديلة والعائلية والصحراوية، وتعزيز تبادل الخبرات والتجارب في مجال التكوين السياحي. معتبرة أن التعاون التجاري يعد بدوره رافعة أساسية لدعم هذه التوجهات التنموية، تتطلب تيسير انسياب السلع وتبسيط إجراءات العبور مكونا مركزيا لتحقيق هذا التكامل الاقتصادي. بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار والشراكة بين البلدين لإنجاز مشاريع في مجال النقل وإحداث مناطق لوجستية بالمناطق الحدودية لتطوير التجارة البينية ولتكون نقاط توزيع نحو بلدان القارة الإفريقية والأوروبية، خاصة أن السوق التونسية الجزائرية تمتد نحو الفضاء الإفريقي الواسع.
واعتبر الوزير الأول الجزائري سيفي غريب في الكلمة التي ألقاها أثناء إشرافه على افتتاح المنتدى الاقتصادي التونسي الجزائري أن هذه المناسبة تعد موعدا للوقوف على «التّقدّم الذي سجّله التعاون الاقتصادي بين بلدينا منذ دورته السابقة التي عُقدت بالجزائر في شهر جويلية 2023، وفرصة للمؤسسات الاقتصادية ورجال الأعمال من الجانبين، من أجل بحث الفرص الكبيرة والمتعددة للشراكة الثنائية، لاسيما في ضوء المستوى الاستثنائي من الانسجام والتّوافق الذي بلغته العلاقات الثنائية على المستوى السياسي، والذي تحقق بفضل التوجيهات السديدة لقائدي بلدينا الشقيقين، الرئيس عبد المجيد تبون والرئيس قيس سعيد، وعزمهما القوي على إحداث نقلة نوعية في التعاون الجزائري-التونسي في شتى مجالاته، والعمل على ترقيته إلى مستوى استراتيجي وفق مقاربة تشاركية وتكاملية».
وبين أن التقدم المسجل في التعاون الاقتصادي تجسد في بلوغ حجم المبادلات التجارية البينية خلال سنة 2024 أكثر من 2.3 مليار دولار، بارتفاع يقدر بنسبة 12 % مقارنة بالسنة السابقة، لتصبح بذلك تونس أحد أهم شركاء الجزائر التجاريين، من خلال التموين بالمنتجات نصف المصنعة من الفسفاط، والمواد الزجاجية، والمنتجات المصنوعة من الألمنيوم، والمركبات، والعربات، والمقطورات. كما تحتل المرتبة التاسعة في قائمة زبائنها، خصوصا ما تعلق بالغاز ومشتقات المواد البترولية والكهرباء، بالإضافة إلى السكر والمواد الغذائية، والإسمنت، والكلينكر.
وبين أنه بالنسبة لقطاع الاستثمار، فقد سجلت الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، إلى غاية نهاية أكتوبر 2025، ستة وستين (66) مشروعا استثماريا بالجزائر يشارك فيه متعاملون اقتصاديون تونسيون، بقيمة تقارب 353 مليون دولار. يستحوذ قطاع الصناعة على نسبة 90 % من هذه المشاريع، خاصة في فروع الصناعات الصيدلانية والكهربائية، في الوقت الذي أحصى فيه المركز الجزائري للسجل التجاري، إلى غاية نهاية 2023، قرابة سبعمائة وخمسين (750) مؤسسة تونسية تنشط في مجالات عديدة، وهو ما يمثل أكثر من 9 % من إجمالي الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر.
وشدد الوزير الأول الجزائري على أن الواقع يفرض على حكومتي البلدين ومجتمع الأعمال تسريع الخطى واعتماد آليات ومناهج جديدة من شأنها إيجاد حلول عملية لضمان انسيابية أكبر للسلع والبضائع من الجانبين، وتحديد المزايا التنافسية لاقتصادي البلدين، والتركيز على كيفية الوصول إلى خلق التكامل بينهما، وكذالك العمل على مشاريع مشتركة في مختلف الميادين من أجل وضع أسس بنى تحتية مترابطة وبناء سلاسل إقليمية للقيمة.
واعتبر أنه يمكن «إدراج هذه المشاريع والمبادرات في إطار التعاون الثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا، بما يتماشى مع ما تشترك فيه دولنا الثلاث من اهتمامات ومقومات تكامل، تجسيدا للرؤية التي وضعها قادة الدول الثلاث في القمة التشاورية المنعقدة بتونس في 22 أفريل 2024، والتي يجري العمل حاليا على بلورة بعض المشاريع في إطارها، خاصة في مجالات الطاقة والنقل والمياه».
ونوه سيفي غريب بالتعاون بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، مؤكدا أنه تدعم بالتوقيع على اتفاقية تعاون للمساهمة في تحفيز الشراكة بين البلدين، ويمكن أن يشكل لبنة أساسية لتطوير التواصل والتفاعل وتبادل المعلومات وبناء الشراكات بين المؤسسات الاقتصادية الجزائرية والتونسية، خصوصا عبر برمجة نشاطات منسقة تشمل تنظيم بعثات اقتصادية بين الجانبين والمشاركة الفعالة في المعارض والصالونات المنظمة في كلا البلدين، والعمل على تنظيم فعاليات اقتصادية مشتركة على المستوى الإفريقي.
كما أن الشراكات التي سيتم إبرامها بين متعاملين جزائريين وتونسيين في مجالات مختلفة تعكس مدى الحرص المشترك على ترقية الشراكة الاقتصادية، وتُبرز إمكانيات وفرص التعاون بين البلدين، التي يتعين استغلالها على النحو الذي يُمكّن من توظيفها في خدمة أهداف الشراكة والتكامل والاندماج المنشود.
ودعا الوزير الأول الجزائري رجال الأعمال في تونس إلى استكشاف مقومات وفرص الاستثمار الكبيرة التي توفرها الجزائر في مجالات عدة، وخص بالذكر الصناعة بمختلف شعبها، لاسيما قطع الغيار، وصناعات النسيج وتثمين الجلود، والطاقة، والسياحة، والفلاحة والصيد البحري، والطاقات المتجددة، والشركات الناشئة، والبناء والأشغال العمومية، والنقل وغيرها، سواء تعلق الأمر بعدد المشاريع التي بالإمكان بعثها وطنيا، أو تلك التي تكتسي بعدًا إقليميًا، بالنظر إلى الموارد المتاحة، البشرية كما المادية، أو المناخ القانوني والمؤسساتي التحفيزي الذي تم وضعه لفائدة المستثمرين.
وتطرق إلى أهم الإصلاحات الاقتصادية التي بادر بها رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون، وعلى رأسها قانون الاستثمار لسنة 2022، معتبرا أنه «جاء بمزايا وتسهيلات وضمانات حقيقية لفائدة المستثمرين، يدعمها إطار مؤسساتي عصري ومُحيّن، يرمي إلى مرافقة المستثمرين وتوجيههم خلال جميع المراحل المتعلقة بإنجاز وتنفيذ مشاريعهم».
فضلا عن تسهيلات وإجراءات أخرى تتعلق بقانون الاستثمار وإصدار سلسلة من القوانين القطاعية التي تهدف جميعها إلى وضع إطار شامل ومتكامل لجعل عمليات الاستثمار في منتهى السلاسة، على غرار تلك المتعلقة بالنقد والصرف، وبالصفقات العمومية، وبالعقار الاقتصادي، وبالمناجم وغيرها.
واعتبر أن الوضع اليوم يتطلب العمل على تفعيل الأفكار والمبادرات المطروحة لتنمية المناطق الحدودية، على غرار إقامة مشاريع اقتصادية على طول الشريط الحدودي، وكذا التشجيع على تكثيف التواصل وتبادل الخبرات بين رواد الأعمال الشباب في هذه المناطق، فضلا عن تنظيم تظاهرات اقتصادية بما يحقق المنفعة المتبادلة والمشتركة.
ونوه رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، بالمستوى المتميز للعلاقات بين البلدين التونسي والجزائري، بحرص من رئيسي البلدين، وأكد في الكلمة التي ألقاها في مفتتح المنتدى على أهمية استشراف آفاق التعاون بين الاقتصادين الشامل والهادف بين البلدين والعمل على ترجمتها في مشاريع اقتصادية بالجملة تساهم في تحقيق الأهداف التنموية والاستثمارية والاجتماعية المنشودة من قبل البلدين.
ودعا إلى ضرورة المرور بالسرعة القصوى في وضع برامج تعاون اقتصادية كفيلة بتحقيق المصلحة المشتركة للبلدين، لاسيما في ظل ما تتيحه آليات التعاون من انفتاح بين القطاعين العام والخاص في ظل الإرادة السياسية للبلدين في تحقيق التكامل بين القطاعين في مسار الإصلاحات التي تنتهجها والتي كشفتها سلسلة اللقاءات والمشاورات الماراطونية التي سبقت هذا المنتدى، وذلك عبر وضع مبادرات اقتصادية وتجارية واستثمارية مشتركة تكون وفق مقاربات تراعي المصلحة المشتركة لتونس والجزائر وما يمتلكانه من ثروات وإمكانيات وقدرات وخصوصيات كفيلة بتحويل برامج التعاون إلى فرص رائدة وهادفة.
وهو تقريبا ما أكده رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري الذي نزل هذه الرغبة والإرادة في توسيع وتدعيم التعاون المشترك في سياق وضع إقليمي ودولي دقيق. مبينا أن هذا المنتدى يعد انطلاقة جديدة لتعزيز التعاون التونسي الجزائري وذلك عبر إنشاء قطب صناعي نسيجي مشترك في المناطق الحدودية إضافة إلى الاستثمار المشترك في صناعة وإنشاء منظومة متكاملة في المجال تراهن على نقاط قوة كل بلد، وتوسيع التعاون في السياحة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إثر هذا اللقاء إمضاء 7 اتفاقيات تعاون بين مؤسسات تونسية جزائرية، وذلك بإشراف رئيسة الحكومة التونسية والوزير الأول الجزائري، الذي جاء مرفوقا بوفد رفيع المستوى ضم تسعة وزراء من حكومته، إضافة إلى ممثلي مؤسسات وهياكل في القطاعين العام والخاص.