إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سجلت ارتفاعا بـ3.8 مليار دينار.. حجم الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة يقفز إلى 25.8 مليار دينار

سجّلت الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة ارتفاعا كبيرا، إذ قفزت من 22 مليار دينار في 27 نوفمبر 2024 إلى 25.8 مليار دينار في الفترة ذاتها من العام الحالي 2025، مُحققة زيادة بـ3.8 مليار دينار، وفق المؤشرات النقدية والمالية الصادرة عن البنك المركزي التونسي.

وتأتي هذه الأرقام بالتوازي مع وصول مداخيل السياحة والعمل المتراكمة «أساسًا تحويلات التونسيين بالخارج»، إلى مستويات طيبة.

وحسب بيانات مؤسسة الإصدار، بلغت مداخيل السياحة 7.3 مليار دينار، بزيادة بـ6.96 بالمائة، ومداخيل العمل المتراكمة 7.7 مليار دينار بارتفاع بـ6.94 بالمائة، وذلك إلى غاية 20 نوفمبر 2025.

ومن الملاحظ أن تحويلات التونسيين في الخارج تساهم بقوة ليس فقط في رفع رصيد مخزون العملة الصعبة الذي بلغ 24594 مليون دينار، وهو ما يُمثل 105 يوم توريد بتاريخ 28 نوفمبر، بحسب ذات المؤشرات التي أصدرها البنك المركزي، بل أيضًا في تطور الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة، من خلال توفير سيولة في السوق المحلية مُوجّهة بدرجة أساسية للاستهلاك الداخلي، بما أن هذه التحويلات يستفيد منها في المرتبة الأولى عائلات وأقارب المُغتربين التونسيين. وعلى الرغم من ذلك، تعتبر هذه التحويلات رافدا أساسيا لزيادة القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي ارتفاع نسق الاستهلاك.

وينجم زيادة السيولة النقدية عادة عن زيادة الاستهلاك المحلي، إذ من اللافت أن ارتفاع الاستهلاك المحلي لم يعد مقتصرًا على فترات محددة في السنة، على غرار الأعياد والمناسبات الدينية والعطل المدرسية والإجازات، وبات هذا الاستهلاك يُلازم العديد من العائلات التونسية على امتداد أشهر طويلة من السنة. خاصة وأن الاستهلاك المحلي قد توسع بصفة تدريجية وأصبح يشمل العديد من السلع والبضائع والمنتجات ذات الضرورة غير القصوى بل الثانوية.

كما لعبت مداخيل السياحة دورا فعالا في تطور العديد من القطاعات الاقتصادية المرتبطة بزيادة الاستهلاك المحلي، على غرار قطاع الفندقة والإقامات والخدمات والنقل والمطاعم والمقاهي والصناعات التقليدية، خاصة مع تحقيق القطاع لانتعاشة قوية مقارنة بالسنوات السابقة، وتدفق السياح على العديد من المناطق السياحية سواء الشاطئية أو الصحراوية.

وتتوقع تونس زيادة في عدد السياح الوافدين إليها بنهاية 2025، لتتجاوز عتبة 11 مليون سائح، في حين بلغ عدد الزائرين العام الفارط 2024، 10 ملايين و264 ألف سائح، فيما حققت عائدات السياحة في العام نفسه 7.94 مليار دينار.

انخفاض في اعتماد الشيكات كوسيلة للدفع

ومن العوامل الأخرى التي أدت إلى ارتفاع السيولة النقدية في السوق المحلية، الانخفاض الملحوظ في اعتماد الشيكات كآلية للدفع الآني.

وبيّنت معطيات أصدرها البنك المركزي التونسي، مؤخرًا، في نشرية حول وسائل الدفع، وجود تغييرات هامة تشهدها منظومة الدفع في تونس في الفترة الحالية، بما أن عمليات الشيكات قد بلغت 5.9 مليون عملية، بحجم 40.2 مليار دينار، بانخفاض يُقدّر بـ68 بالمائة في عمليات الشيكات خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى موفى سبتمبر 2025، وهو ما يُحيل إلى أن تأثيرات واضحة قد ألقت بظلالها على منظومة الدفع وطرق الاستخلاص في تونس، ليس من خلال التوجه فقط إلى الدفع الإلكتروني، بل أيضا لا تزال منظومة الدفع الفوري «الكاش» تحتفظ بمكانة هامة لدى التونسيين، خاصة بعد دخول قانون الشيكات الجديد وهو القانون المعروف بالقانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024، والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، ودخوله حيّز النفاذ منذ 2 فيفري 2025. ولم يعد الشيك منظومة دفع ذات أولوية قصوى لدى التونسيين على خلفية تحوله إلى وسيلة دفع مؤجل وليس فوري.

تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي

ويشكل ارتفاع حجم السيولة المتداولة حجر الزاوية لتنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي وزيادة الطلب على السلع، عبر ارتفاع الاستهلاك وتسجيل طلب متزايد على الخدمات والسلع، وبالتالي ابتعاد الاقتصاد عن شبه الركود، في ظل توقعات بأن يتم تحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي خلال كامل العام القادم 2026، بـ3.3 % مقارنة بـ2.6 % متوقعة بنهاية 2025.

ضرورة دمج الاقتصاد الموازي في الدورة الرسمية

وتظهر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي بخصوص نمو النقد المتداول في السوق المحلية أنه لابد من مزيد إحكام الرقابة على القطاع غير الرسمي، خاصة بالنسبة للعديد من الأنشطة الاقتصادية الموازية، والتي قد تكون أحد الأسباب التي دفعت نحو تطور الكتلة النقدية المتداولة في السوق النقدية التونسية.

وتسعى تونس إلى دمج الاقتصاد الموازي في الدورة الرسمية لضمان مداخيل إضافية لخزينة الدولة، عبر رسم سياسات جبائية تحفيزية ووضع خارطة جبائية شفافة وعادلة، وتبسيط هذه الإجراءات ومختلف الإجراءات الإدارية، مع تكثيف آليات الرقابة والمراقبة الإلكترونية.

وتخطط وزارة المالية من خلال المخطط التنموي للفترة 2026-2030 إلى مقاومة التهرب الجبائي والتهريب والفساد وإدماج الاقتصاد الموازي.

وبالإمكان العمل على استغلال طفرة السيولة المتواجدة في السوق لمُعاضدة جهود الدولة المتواصلة لتمويل العديد من المشاريع التنموية التي ستكون لها إسهامات عالية وإيجابية في سوق الشغل عبر خلق المزيد من فرص العمل، وفي سبيل تحقيق التنمية المستدامة.

في المقابل، يفرض هذا التوسع العميق لحجم الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة التعجيل بتحسين المعاملات البنكية والمالية ومراجعة كلفة الخدمات المالية وتسريع نسق التحول الرقمي لحزمة من الخدمات المالية والإدارية، لتعزيز الإقبال على التحويلات البنكية، بدل الإقبال على النقد المحلي المباشر.

كما أن تضخم النقد المتداول يؤدي إلى ضرورة وضع سياسة نقدية حمائية وناجعة تحول دون عودة نسبة التضخم إلى الارتفاع مجددًا، بالنظر إلى أن زيادة الاستهلاك قد يؤدي إلى تطور نسبة التضخم.

جدير بالذكر أن نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي قد بلغت في شهر أكتوبر 2025، نسبة 4.9 % بعد أن كانت في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

 درصاف اللموشي

سجلت ارتفاعا بـ3.8 مليار دينار..   حجم الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة يقفز إلى 25.8 مليار دينار

سجّلت الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة ارتفاعا كبيرا، إذ قفزت من 22 مليار دينار في 27 نوفمبر 2024 إلى 25.8 مليار دينار في الفترة ذاتها من العام الحالي 2025، مُحققة زيادة بـ3.8 مليار دينار، وفق المؤشرات النقدية والمالية الصادرة عن البنك المركزي التونسي.

وتأتي هذه الأرقام بالتوازي مع وصول مداخيل السياحة والعمل المتراكمة «أساسًا تحويلات التونسيين بالخارج»، إلى مستويات طيبة.

وحسب بيانات مؤسسة الإصدار، بلغت مداخيل السياحة 7.3 مليار دينار، بزيادة بـ6.96 بالمائة، ومداخيل العمل المتراكمة 7.7 مليار دينار بارتفاع بـ6.94 بالمائة، وذلك إلى غاية 20 نوفمبر 2025.

ومن الملاحظ أن تحويلات التونسيين في الخارج تساهم بقوة ليس فقط في رفع رصيد مخزون العملة الصعبة الذي بلغ 24594 مليون دينار، وهو ما يُمثل 105 يوم توريد بتاريخ 28 نوفمبر، بحسب ذات المؤشرات التي أصدرها البنك المركزي، بل أيضًا في تطور الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة، من خلال توفير سيولة في السوق المحلية مُوجّهة بدرجة أساسية للاستهلاك الداخلي، بما أن هذه التحويلات يستفيد منها في المرتبة الأولى عائلات وأقارب المُغتربين التونسيين. وعلى الرغم من ذلك، تعتبر هذه التحويلات رافدا أساسيا لزيادة القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي ارتفاع نسق الاستهلاك.

وينجم زيادة السيولة النقدية عادة عن زيادة الاستهلاك المحلي، إذ من اللافت أن ارتفاع الاستهلاك المحلي لم يعد مقتصرًا على فترات محددة في السنة، على غرار الأعياد والمناسبات الدينية والعطل المدرسية والإجازات، وبات هذا الاستهلاك يُلازم العديد من العائلات التونسية على امتداد أشهر طويلة من السنة. خاصة وأن الاستهلاك المحلي قد توسع بصفة تدريجية وأصبح يشمل العديد من السلع والبضائع والمنتجات ذات الضرورة غير القصوى بل الثانوية.

كما لعبت مداخيل السياحة دورا فعالا في تطور العديد من القطاعات الاقتصادية المرتبطة بزيادة الاستهلاك المحلي، على غرار قطاع الفندقة والإقامات والخدمات والنقل والمطاعم والمقاهي والصناعات التقليدية، خاصة مع تحقيق القطاع لانتعاشة قوية مقارنة بالسنوات السابقة، وتدفق السياح على العديد من المناطق السياحية سواء الشاطئية أو الصحراوية.

وتتوقع تونس زيادة في عدد السياح الوافدين إليها بنهاية 2025، لتتجاوز عتبة 11 مليون سائح، في حين بلغ عدد الزائرين العام الفارط 2024، 10 ملايين و264 ألف سائح، فيما حققت عائدات السياحة في العام نفسه 7.94 مليار دينار.

انخفاض في اعتماد الشيكات كوسيلة للدفع

ومن العوامل الأخرى التي أدت إلى ارتفاع السيولة النقدية في السوق المحلية، الانخفاض الملحوظ في اعتماد الشيكات كآلية للدفع الآني.

وبيّنت معطيات أصدرها البنك المركزي التونسي، مؤخرًا، في نشرية حول وسائل الدفع، وجود تغييرات هامة تشهدها منظومة الدفع في تونس في الفترة الحالية، بما أن عمليات الشيكات قد بلغت 5.9 مليون عملية، بحجم 40.2 مليار دينار، بانخفاض يُقدّر بـ68 بالمائة في عمليات الشيكات خلال الفترة الممتدة من جانفي إلى موفى سبتمبر 2025، وهو ما يُحيل إلى أن تأثيرات واضحة قد ألقت بظلالها على منظومة الدفع وطرق الاستخلاص في تونس، ليس من خلال التوجه فقط إلى الدفع الإلكتروني، بل أيضا لا تزال منظومة الدفع الفوري «الكاش» تحتفظ بمكانة هامة لدى التونسيين، خاصة بعد دخول قانون الشيكات الجديد وهو القانون المعروف بالقانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024، والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها، ودخوله حيّز النفاذ منذ 2 فيفري 2025. ولم يعد الشيك منظومة دفع ذات أولوية قصوى لدى التونسيين على خلفية تحوله إلى وسيلة دفع مؤجل وليس فوري.

تنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي

ويشكل ارتفاع حجم السيولة المتداولة حجر الزاوية لتنشيط الدورة الاقتصادية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي وزيادة الطلب على السلع، عبر ارتفاع الاستهلاك وتسجيل طلب متزايد على الخدمات والسلع، وبالتالي ابتعاد الاقتصاد عن شبه الركود، في ظل توقعات بأن يتم تحقيق نسبة نمو للناتج المحلي الإجمالي خلال كامل العام القادم 2026، بـ3.3 % مقارنة بـ2.6 % متوقعة بنهاية 2025.

ضرورة دمج الاقتصاد الموازي في الدورة الرسمية

وتظهر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي بخصوص نمو النقد المتداول في السوق المحلية أنه لابد من مزيد إحكام الرقابة على القطاع غير الرسمي، خاصة بالنسبة للعديد من الأنشطة الاقتصادية الموازية، والتي قد تكون أحد الأسباب التي دفعت نحو تطور الكتلة النقدية المتداولة في السوق النقدية التونسية.

وتسعى تونس إلى دمج الاقتصاد الموازي في الدورة الرسمية لضمان مداخيل إضافية لخزينة الدولة، عبر رسم سياسات جبائية تحفيزية ووضع خارطة جبائية شفافة وعادلة، وتبسيط هذه الإجراءات ومختلف الإجراءات الإدارية، مع تكثيف آليات الرقابة والمراقبة الإلكترونية.

وتخطط وزارة المالية من خلال المخطط التنموي للفترة 2026-2030 إلى مقاومة التهرب الجبائي والتهريب والفساد وإدماج الاقتصاد الموازي.

وبالإمكان العمل على استغلال طفرة السيولة المتواجدة في السوق لمُعاضدة جهود الدولة المتواصلة لتمويل العديد من المشاريع التنموية التي ستكون لها إسهامات عالية وإيجابية في سوق الشغل عبر خلق المزيد من فرص العمل، وفي سبيل تحقيق التنمية المستدامة.

في المقابل، يفرض هذا التوسع العميق لحجم الأوراق النقدية والمسكوكات المتداولة التعجيل بتحسين المعاملات البنكية والمالية ومراجعة كلفة الخدمات المالية وتسريع نسق التحول الرقمي لحزمة من الخدمات المالية والإدارية، لتعزيز الإقبال على التحويلات البنكية، بدل الإقبال على النقد المحلي المباشر.

كما أن تضخم النقد المتداول يؤدي إلى ضرورة وضع سياسة نقدية حمائية وناجعة تحول دون عودة نسبة التضخم إلى الارتفاع مجددًا، بالنظر إلى أن زيادة الاستهلاك قد يؤدي إلى تطور نسبة التضخم.

جدير بالذكر أن نسبة التضخم عند الاستهلاك العائلي قد بلغت في شهر أكتوبر 2025، نسبة 4.9 % بعد أن كانت في حدود 5 % خلال شهر سبتمبر، وفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

 درصاف اللموشي