إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في ندوة «بلدان مغاربية دون تقتيل النساء».. دعوة إلى إطلاق خطط وبرامج وقاية مكثفة وتوفير حماية فعّالة

اتفق الحاضرون والحاضرات في الندوة الإعلامية لديناميكية «بلدان مغاربية دون تقتيل النساء»، على أن واقع الانتهاك والعنف والإقصاء والتمييز الذي تعيشه النساء داخل المجتمع بفعل سيطرة العقلية «الباترياركية»، يتشابه في الدول الثلاث: تونس، والجزائر والمغرب،.

واعتبرت المنظمات النسوية والتحالفات والمدافعات عن حقوق النساء أن واقع الحال في الدول الثلاث يتسم بتصاعد ظاهرة العنف بمختلف أشكاله، ما يستدعي دق ناقوس الخطر، وخاصة فيما يتعلق بجرائم تقتيل النساء والفتيات.

وتغيب الأرقام الرسمية فيما يتعلق بجرائم تقتيل النساء في المغرب والجزائر وتونس، كما لا تستجيب القوانين والتشريعات لمقاييس مكافحة الظاهرة. وترى كل من منية قاري ونبيلة حمزة من تونس، وسعيدة إدريس من المغرب، وأسمة آيت مسعود من الجزائر، وهن باحثات وممثلات عن جمعيات نسوية ساهمن في صياغة الدراسة المشتركة عن واقع النساء في الدول الثلاث، أن الظاهرة بصدد التفاقم في ظل تجاهل من قبل الهياكل الرسمية للدولة، وأن مكافحتها تتطلب تشريعات وقوانين خاصة بها، لا أن تُدرج ضمن قانون عام، باعتبار خصوصية الجريمة التي تستهدف النساء في نوعهن الاجتماعي كنساء.

واتجهت الديناميكية إلى إعداد دراسة مقارنة بين الدول الثلاث، تناولت الجانب التشريعي والتناول الإعلامي لظاهرة تقتيل النساء، وأُرفقت بتوصيات مشتركة للدول الثلاث.

واعتبرت الدراسة في جزئها الخاص بتونس أن السنوات الخمس الأخيرة قد سجلت تطورا واضحا في التناول الإعلامي لظاهرة تقتيل النساء، من قبل صحفيات، اتسم بالبحث والجدية والعمق، وهو ما يشكل، حسب نبيلة حمزة الباحثة النسوية، خطوة إيجابية للغاية في إطار مقاربة تقتيل النساء. وفي نفس السياق، أشارت إلى أن جزءا من التغطيات يواصل تصنيف هذه الجرائم ضمن المتفرقات، ويتناول الجريمة من زاوية القائم بالاعتداء أو الجريمة، مع إرفاقه بجزء من التبرير (كان في وضعية سكر أو في حالة غضب أو رد فعل على تصرفات المرأة…).

ذكرت الدراسة أن الجمعيات النسوية في تونس وثّقت، إلى حدود شهر أكتوبر 2025، وقوع 27 حالة تقتيل نساء، مقابل 26 حالة خلال سنة 2024. وفي الجزائر، سجلت الجمعيات النسوية أكثر من 48 حالة تقتيل نساء سنة 2024. أما في المغرب، فحسب معطيات النيابة العامة لسنة 2023، تم تسجيل 65 جريمة قتل عمد و18 حالة تقتيل نتيجة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.

وأمام هذه الأرقام، تعتبر المتدخلات من الدول الثلاث أن العنف الذي تتعرض له النساء في المنطقة لا يمكن اعتباره مجرد حالات معزولة، بل هو متجذر في منظومة اجتماعية تتسامح مع العنف الذكوري، وتبرره، وتعيد إنتاجه باستمرار. فكل جريمة تقتيل تُرتكب بحق امرأة تكشف عن فشل المنظومة الحمائية، وعن غياب تعهد مؤسساتي شامل وفعّال، كما تعكس الصمت المتعمد لأصحاب القرار وتقاعسهم في مواجهة هذه الظاهرة. يأتي ذلك في سياق عالمي تُسجل فيه هيئة الأمم المتحدة للمرأة مقتل 137 امرأة أو فتاة يوميا على يد قريب، أي ما يعادل امرأة كل عشر دقائق.

العنف ضد النساء والفتيات لا يمكن إلا أن يتواصل ما دام لم يتم اعتباره بعد في المنطقة أولوية وطنية تستوجب اتخاذ تدابير عاجلة، وصياغة سياسات متماسكة، واعتماد استراتيجيات متكاملة وخطط وطنية فعّالة، إلى جانب تخصيص ميزانيات كافية، والأهم من ذلك إظهار إرادة سياسية حقيقية.

وانتهت الندوة إلى جملة من التوصيات تم من خلالها الدعوة إلى الاعتراف بجريمة تقتيل النساء والفتيات باعتبارها جرائم تُرتكب بحق النساء فقط لكونهن نساء، وتسميتها بشكل صريح للدلالة عليها ورفع التستر عنها، مع تكريسها في القوانين الجزائية كجريمة خاصة ومستقلة عن جرائم القتل الأخرى، بما يتيح رصدها وتوثيقها ومتابعتها. ويكون ذلك بالتوازي مع إطلاق خطط وبرامج وقاية متواصلة ومكثفة، وتوفير حماية فعّالة، ومتاحة ومنسقة، ومدعومة بموارد بشرية ومالية كافية تضمن استدامتها ونجاعتها.

واعتبرت الباحثات أنه من الضروري توفير تكوين إلزامي ومستمر لجميع المتدخلين والمتدخلات، والمهنيين والمهنيات في مختلف القطاعات المعنية، بما يضمن استجابة فعّالة وسريعة ومنسقة عند التعهد بالضحايا. وتوفير حماية حقيقية للضحايا تقوم على تقييم المخاطر وإدارتها بما يضمن سلامتهن وأمنهن، ويحول دون تعرضهن للتقتيل.

وتم التشديد على ضرورة وأهمية إنشاء أنظمة رصد موثوقة لمتابعة جرائم تقتيل النساء بشكل متواصل، مع القيام بإحصائيات دورية ونشرها للعموم بما يضمن الاطلاع عليها ومساءلة الجهات المعنية. فدون أرقام، لا يمكن متابعة الظاهرة.

وتم التأكيد على أن المسار يتطلب أيضا تدعيم المنظمات النسوية المحلية الناشطة في مجال مناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بما يضمن تعزيز قدراتها واستدامة تدخلاتها وتأثيرها في حماية حقوق النساء.

ومن المهم أن تضع وسائل الإعلام، والمجالس المنتخبة، وغيرها من مراكز القرار، جرائم تقتيل النساء كأولوية في الحوارات التي تُدار، مع المطالبة بالتزامات واضحة، ملموسة، قابلة للقياس والمتابعة لضمان جدّيتها وفعاليتها. والعمل على إطلاق حملات توعية وتثقيف وتعبئة واسعة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بهدف كسر المبررات الثقافية التي تشرعن الهيمنة الذكورية وتعيد إنتاجها.

كما تم تثمين مسار العمل المشترك الذي انطلق منذ السنة الماضية بين تونس والجزائر والمغرب، واعتبر الحضور أنه من المهم تعزيز التضامن المسجل، عبر بناء شبكة نسوية إقليمية تُعنى بالرصد والإنذار والمناصرة، بهدف تحقيق الاعتراف القانوني والمجتمعي بجرائم تقتيل النساء والفتيات. والاعتراف بجرائم تقتيل النساء والفتيات بوصفها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تستهدف النساء لأنهن نساء، والتعامل معها بجدّية ومسؤولية في التغطية الإعلامية. وتشجيع الإعلام الاستقصائي على التخصص في جرائم تقتيل النساء والفتيات، بهدف الكشف عنها ورصدها ومتابعتها بشكل منهجي، بما يساهم في إنارة الرأي العام وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطرها.

ريم سوودي

في ندوة «بلدان مغاربية دون تقتيل النساء»..   دعوة إلى إطلاق خطط وبرامج وقاية مكثفة وتوفير حماية فعّالة

اتفق الحاضرون والحاضرات في الندوة الإعلامية لديناميكية «بلدان مغاربية دون تقتيل النساء»، على أن واقع الانتهاك والعنف والإقصاء والتمييز الذي تعيشه النساء داخل المجتمع بفعل سيطرة العقلية «الباترياركية»، يتشابه في الدول الثلاث: تونس، والجزائر والمغرب،.

واعتبرت المنظمات النسوية والتحالفات والمدافعات عن حقوق النساء أن واقع الحال في الدول الثلاث يتسم بتصاعد ظاهرة العنف بمختلف أشكاله، ما يستدعي دق ناقوس الخطر، وخاصة فيما يتعلق بجرائم تقتيل النساء والفتيات.

وتغيب الأرقام الرسمية فيما يتعلق بجرائم تقتيل النساء في المغرب والجزائر وتونس، كما لا تستجيب القوانين والتشريعات لمقاييس مكافحة الظاهرة. وترى كل من منية قاري ونبيلة حمزة من تونس، وسعيدة إدريس من المغرب، وأسمة آيت مسعود من الجزائر، وهن باحثات وممثلات عن جمعيات نسوية ساهمن في صياغة الدراسة المشتركة عن واقع النساء في الدول الثلاث، أن الظاهرة بصدد التفاقم في ظل تجاهل من قبل الهياكل الرسمية للدولة، وأن مكافحتها تتطلب تشريعات وقوانين خاصة بها، لا أن تُدرج ضمن قانون عام، باعتبار خصوصية الجريمة التي تستهدف النساء في نوعهن الاجتماعي كنساء.

واتجهت الديناميكية إلى إعداد دراسة مقارنة بين الدول الثلاث، تناولت الجانب التشريعي والتناول الإعلامي لظاهرة تقتيل النساء، وأُرفقت بتوصيات مشتركة للدول الثلاث.

واعتبرت الدراسة في جزئها الخاص بتونس أن السنوات الخمس الأخيرة قد سجلت تطورا واضحا في التناول الإعلامي لظاهرة تقتيل النساء، من قبل صحفيات، اتسم بالبحث والجدية والعمق، وهو ما يشكل، حسب نبيلة حمزة الباحثة النسوية، خطوة إيجابية للغاية في إطار مقاربة تقتيل النساء. وفي نفس السياق، أشارت إلى أن جزءا من التغطيات يواصل تصنيف هذه الجرائم ضمن المتفرقات، ويتناول الجريمة من زاوية القائم بالاعتداء أو الجريمة، مع إرفاقه بجزء من التبرير (كان في وضعية سكر أو في حالة غضب أو رد فعل على تصرفات المرأة…).

ذكرت الدراسة أن الجمعيات النسوية في تونس وثّقت، إلى حدود شهر أكتوبر 2025، وقوع 27 حالة تقتيل نساء، مقابل 26 حالة خلال سنة 2024. وفي الجزائر، سجلت الجمعيات النسوية أكثر من 48 حالة تقتيل نساء سنة 2024. أما في المغرب، فحسب معطيات النيابة العامة لسنة 2023، تم تسجيل 65 جريمة قتل عمد و18 حالة تقتيل نتيجة الضرب والجرح المفضي إلى الموت.

وأمام هذه الأرقام، تعتبر المتدخلات من الدول الثلاث أن العنف الذي تتعرض له النساء في المنطقة لا يمكن اعتباره مجرد حالات معزولة، بل هو متجذر في منظومة اجتماعية تتسامح مع العنف الذكوري، وتبرره، وتعيد إنتاجه باستمرار. فكل جريمة تقتيل تُرتكب بحق امرأة تكشف عن فشل المنظومة الحمائية، وعن غياب تعهد مؤسساتي شامل وفعّال، كما تعكس الصمت المتعمد لأصحاب القرار وتقاعسهم في مواجهة هذه الظاهرة. يأتي ذلك في سياق عالمي تُسجل فيه هيئة الأمم المتحدة للمرأة مقتل 137 امرأة أو فتاة يوميا على يد قريب، أي ما يعادل امرأة كل عشر دقائق.

العنف ضد النساء والفتيات لا يمكن إلا أن يتواصل ما دام لم يتم اعتباره بعد في المنطقة أولوية وطنية تستوجب اتخاذ تدابير عاجلة، وصياغة سياسات متماسكة، واعتماد استراتيجيات متكاملة وخطط وطنية فعّالة، إلى جانب تخصيص ميزانيات كافية، والأهم من ذلك إظهار إرادة سياسية حقيقية.

وانتهت الندوة إلى جملة من التوصيات تم من خلالها الدعوة إلى الاعتراف بجريمة تقتيل النساء والفتيات باعتبارها جرائم تُرتكب بحق النساء فقط لكونهن نساء، وتسميتها بشكل صريح للدلالة عليها ورفع التستر عنها، مع تكريسها في القوانين الجزائية كجريمة خاصة ومستقلة عن جرائم القتل الأخرى، بما يتيح رصدها وتوثيقها ومتابعتها. ويكون ذلك بالتوازي مع إطلاق خطط وبرامج وقاية متواصلة ومكثفة، وتوفير حماية فعّالة، ومتاحة ومنسقة، ومدعومة بموارد بشرية ومالية كافية تضمن استدامتها ونجاعتها.

واعتبرت الباحثات أنه من الضروري توفير تكوين إلزامي ومستمر لجميع المتدخلين والمتدخلات، والمهنيين والمهنيات في مختلف القطاعات المعنية، بما يضمن استجابة فعّالة وسريعة ومنسقة عند التعهد بالضحايا. وتوفير حماية حقيقية للضحايا تقوم على تقييم المخاطر وإدارتها بما يضمن سلامتهن وأمنهن، ويحول دون تعرضهن للتقتيل.

وتم التشديد على ضرورة وأهمية إنشاء أنظمة رصد موثوقة لمتابعة جرائم تقتيل النساء بشكل متواصل، مع القيام بإحصائيات دورية ونشرها للعموم بما يضمن الاطلاع عليها ومساءلة الجهات المعنية. فدون أرقام، لا يمكن متابعة الظاهرة.

وتم التأكيد على أن المسار يتطلب أيضا تدعيم المنظمات النسوية المحلية الناشطة في مجال مناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بما يضمن تعزيز قدراتها واستدامة تدخلاتها وتأثيرها في حماية حقوق النساء.

ومن المهم أن تضع وسائل الإعلام، والمجالس المنتخبة، وغيرها من مراكز القرار، جرائم تقتيل النساء كأولوية في الحوارات التي تُدار، مع المطالبة بالتزامات واضحة، ملموسة، قابلة للقياس والمتابعة لضمان جدّيتها وفعاليتها. والعمل على إطلاق حملات توعية وتثقيف وتعبئة واسعة لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، بهدف كسر المبررات الثقافية التي تشرعن الهيمنة الذكورية وتعيد إنتاجها.

كما تم تثمين مسار العمل المشترك الذي انطلق منذ السنة الماضية بين تونس والجزائر والمغرب، واعتبر الحضور أنه من المهم تعزيز التضامن المسجل، عبر بناء شبكة نسوية إقليمية تُعنى بالرصد والإنذار والمناصرة، بهدف تحقيق الاعتراف القانوني والمجتمعي بجرائم تقتيل النساء والفتيات. والاعتراف بجرائم تقتيل النساء والفتيات بوصفها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تستهدف النساء لأنهن نساء، والتعامل معها بجدّية ومسؤولية في التغطية الإعلامية. وتشجيع الإعلام الاستقصائي على التخصص في جرائم تقتيل النساء والفتيات، بهدف الكشف عنها ورصدها ومتابعتها بشكل منهجي، بما يساهم في إنارة الرأي العام وتعزيز الوعي المجتمعي بمخاطرها.

ريم سوودي