إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مناقشة ميزانية مهمة التشغيل والتكوين المهني.. المطالبة بانتداب من طالت بطالتهم وتأطير باعثي الشركات الأهلية ومرافقتهم

- اقتراح إحداث اختصاصات تكوينية جديدة وبعث مراكز تكوين مهني متنقلة

بحضور وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شوّد وكاتبة الدولة المكلفة بالشركات الأهلية حسناء جيب الله، ناقش أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة عامة مشتركة بقصر باردو مهمة التشغيل والتكوين المهني في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وطالبوا بالخصوص بإحداث مراكز تكوين جديدة عصرية في اختصاصات مطلوبة في سوق الشغل مع ضمان التوزيع العادل بين الجهات والأقاليم، وتأهيل مراكز التكوين الحالية وتحديثها وتوسيع طاقة استيعابها وتجهيزها بالمعدات اللازمة وتوفير الإعاشة والمبيتات للمتكونين والترفيع في قيمة المنح المسندة إليهم وإعادة هيكلة مراكز تكوين الفتاة الريفية. وهناك من اقترح توفير مراكز تكوينية متنقلة ومراكز تكوين مخصصة لذوي الإعاقة. كما دعوا الوزارة إلى دعم جهودها لتوفير مواطن شغل للمعطلين عن العمل والتقليص من أزمة البطالة في صفوف حاملي الشهادات العليا عبر إيجاد الموارد اللازمة لإدماجهم في الوظيفة العمومية والقطاع العام.

وتحدث العديد منهم عن الشركات الأهلية وطالبوا بتيسير سبيل الراغبين في بعثها وتكوينهم ومرافقتهم، وعدم الاكتفاء بالتعويل على الشركات الأهلية والقطاع الخاص، وما على الحكومة إلا أن تتحمل مسؤولياتها في توظيف من طالت بطالتهم من أصحاب الشهادات العليا، وبهذه الكيفية يتم رفع المظلمة عنهم والوفاء لشعار الثورة «شغل، حرية، كرامة وطنية». كما تم الاستفسار عن مدى التقدم في إعداد مشروع قانون مكاتب التوظيف بالخارج، ودعوة الوزارة للتصدي للمتحيلين الذين يتصيدون الراغبين في الهجرة للبحث عن فرص التشغيل، ويسندونهم عقودًا وهمية ليجد هؤلاء أنفسهم بعد الوصول إلى البلد المقصود على قارعة الطريق يتسولون.

وقبل النقاش، تمت تلاوة تقرير لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة التي يرأسها النائب كمال فرّاح، ولجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية التي يرأسها هيثم الطرابلسي، حول ميزانية وزارة التشغيل والتكوين المهني التي قدرت بمبلغ 1063.9 مليون دينار لسنة 2026، مقابل 1015.350 مليون دينار لسنة 2025، أي بزيادة قدرها 5 بالمائة. وتتوزع الاعتمادات حسب البرامج على النحو التالي: برامج التكوين المهني بمبلغ 494.324 مليون دينار، وبرنامج التشغيل بمبلغ 383.159 مليون دينار، وبرنامج تنمية المبادرة الخاصة بمبلغ 161.3 مليون دينار، وبرنامج القيادة والمساندة بمبلغ 25.117 مليون دينار.

وفي مداخلته حول مهمة التشغيل والتكوين المهني، وجه النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم جاب الله بن صالح رسالة إلى رئيس الجمهورية لإحاطته علمًا بأنه كلما تحدث عن مشاغل فلاحي التمور بقبلي إلا ويزداد التنكيل بهم، وقال إنهم في قبلي ليسوا دعاة للشغب بل أهل عزة وكرامة ولا يقبلون الإهانة. وأضاف أنهم ينتظرون موقفًا تاريخيًا من رئيس الجمهورية لأن التنكيل زاد عن حده. كما حذر من إمكانية حدوث نزوح جماعي من هذه الجهة بسبب التهميش الذي تعاني منه، بعد أن كانت في الماضي، حسب وصفه، عاصمة اقتصادية حتى أن المخابز والأكشاك تعجز عن توفير الكميات الكافية من الخبز والسجائر للوافدين عليها. وثمن بن صالح دور وزارة التشغيل والتكوين المهني في الحد من البطالة في البلاد، والقرار القاضي بالتخفيض في عدد المساهمين في الشركات الأهلية وتوفير الأراضي الفلاحية الدولية، فضلاً عن وضع مقرات على ذمة مساهمين في هذه الشركات، لكنه أشار في المقابل إلى أن المعضلة الكبرى تهم أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم، وبين أنه لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المعضلة، وعبر عن أمله في تمرير المبادرة الرامية إلى تشغيل هذه الفئة وعدم تعطيلها. وأثار النائب مشكل البطالة في قبلي ودعا إلى إحداث مناطق صناعية ومصانع وشركات بما من شأنه تعويض الفراغ الذي تسبب فيه تهميش فلاحة التمور بالجهة. كما يجب، حسب قوله، توفير اختصاصات تكوينية جديدة بما من شأنه خلق فرص أفضل للتشغيل. وطالب بدعم البنية التحتية والنقل بين الولايات قصد تشجيع الشركات على الاستثمار في قبلي. ولاحظ أن ما زاد الطين بلة هو اعتماد الجهة على التمور فقط في ظل صعوبات التسويق والترويج، إذ يجد الفلاح نفسه في مواجهة مع من لا رحمة في قلوبهم، كما أن الدولة لم تنصفهم.

هيئة مستقلة

وفي قراءة لأرقام ميزانية وزارة التشغيل والتكوين المهني لسنة 2026، قالت النائبة سنياء بن المبروك إن الأرقام الرسمية تفيد أن هذه الميزانية حققت زيادة بنسبة 5 بالمائة مقارنة بالعام الجاري. وعند النظر إلى توزيع الاعتمادات بين البرامج، يمكن ملاحظة أنه تم التركيز على التكوين المهني على حساب برامج التشغيل والمبادرة الخاصة، والحال أن الاستثمار في التكوين فقط لا يضمن إدماج الشباب في سوق الشغل، وهو ما يتطلب، حسب رأيها، إعادة نظر وفق إستراتيجية واضحة حتى لا تتواصل نفس المشاكل كل عام. وبينت أن المنظومة الوطنية للتكوين المهني والتشغيل تعاني من اختلالات هيكلية جوهرية تجعلها غير قادرة على أداء وظائفها الدستورية في تأهيل الشباب وضمان الحق في الشغل المكفول بالدستور. وذكرت أن الخطابات المتعلقة بالرقمنة والتطوير والإدماج تبقى للأسف مجرد توجهات سياسية غير مرفوقة بآليات تنفيذية واضحة أو إجراءات ذات أثر فعلي على المستفيدين، خاصة في الجهات ذات الأولوية التنموية.

ولاحظت النائبة أن الوزارة تقوم كل سنة بتقديم مؤشرات حول المتكونين دون نشر نسب الإدماج الفعلي، وهو مخالف لمبادئ الشفافية والمساءلة المنصوص عليها بالقانون الأساسي للميزانية. أما مراكز التكوين فيعاني أغلبها من اهتراء البنية التحتية وغياب التجهيزات، وفيها مبيتات لا تستجيب للشروط الدنيا للصحة والسلامة مع غياب خدمات أساسية، الأمر الذي يتعارض مع مقتضيات كراس الشروط المنظم للمؤسسات التكوينية العمومية. وذكرت أنه في غياب التكوين المستمر والتحفيز للمكونين، تصبح المنظومة عاجزة عن توفير كفاءات مواكبة لتطور القطاعات المهنية. وطالبت النائبة بمجلس نواب الشعب بإحداث هيئة وطنية مستقلة لمراقبة جودة التكوين والتشغيل، مع منحها صلاحيات رقابية على أن تتكون تركيبتها من خبراء في القانون وممثلين عن المجتمع المدني وعن الهياكل المهنية ولجنة برلمانية مختصة، وتتولى وجوبًا نشر مخرجات أعمالها. كما يجب على الوزارة وضع خطة إصلاح عاجلة لجميع مراكز التكوين مع تحديد آجال لا تتجاوز ستة أشهر وتقديم تقارير دورية إلى لجنة رقابية برلمانية. واقترحت القيام بإصلاح هيكلي لمراكز التكوين للفتاة الريفية وتنقيح القانون المحدث لهذه المراكز وتحويلها إلى مراكز لريادة الأعمال. وطالبت برقمنة مكاتب التشغيل عبر إحداث منصة وطنية موحدة للباحثين عن الشغل، وقبول ملفات طالبي الشغل بصفة إلكترونية فردية وفق معايير حماية المعطيات الشخصية، وربطها مباشرة بعروض الشغل. كما دعت إلى إدراج منظومة تكوين وتحفيز للمكونين تضبط مسارهم المهني مع ضمان التكوين المستمر الإجباري. ومن المقترحات الأخرى التي قدمتها النائبة، إطلاق برامج وطنية متكاملة بداية من التكوين وصولًا إلى الاندماج الفعلي في سوق الشغل، وذلك بموجب اتفاقيات بين الدولة والمؤسسات الخاصة حتى يتم تشغيل آلاف الشباب في قطاعات واعدة مقابل حوافز جبائية وفق ما تنص عليه مجلة الاستثمار. وفي علاقة بالأشخاص ذوي الإعاقة الذين يتابعون تكوينا صلب الجمعيات، ترى بن المبروك أنه من حقهم التشغيل والإدماج. وتساءلت عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان إدماج فعلي لذوي الإعاقة في منظومة التكوين المهني العمومية بعد استكمالهم مرحلة التعليم في الجمعيات. وخلصت إلى أن المنظومة التكوينية والتشغيلية منفصلة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتعمل بمنطق التحسين الجزئي بدلًا من الإصلاح الجذري. ونبهت أنه في صورة عدم اتخاذ قرارات سيادية مبنية على أطر تشريعية واضحة، سيعاد كل سنة بمناسبة النظر في الميزانية الحديث عن نفس المشاكل وتكرار نفس الوعود، مقابل تراجع أمل الشباب في المستقبل. وذكرت أن أي زيادة في الموارد لن تكون لها أثر إذا لم ترافقها إجراءات تنفيذية واضحة ومتابعة دقيقة، ويقتضي الأمر بلورة رؤية شاملة تربط التكوين بالمبادرة الخاصة والتشغيل.

مراكز الفتاة الريفية

وتحدث النائب حمادي غيلاني عن أهمية التكوين المهني وطالب بإحداث مركز قطاعي في الفولتاييك بسبيبة، والتسريع في إنجاز مشروع بناء مبيت لرواد مركز التكوين المهني بسبيطلة، والعناية بمركز التكوين المهني الفلاحي بسبيبة الذي يعاني من الإهمال، وإعادة هيكلة مركز تكوين الفتاة الريفية بسبيبة. فهو، حسب قوله، يتعرض إلى عدة صعوبات، وتم حذف عدة اختصاصات، فضلاً عن النقص في عدد المكونين. ويرى أنه لا بد من إعادة هيكلة جميع مراكز الفتاة الريفية حتى تستجيب لمتطلبات الاقتصاد المحلي، وإيجاد ممول خاص لمركز سبيبة، وجعل هذا المركز تجربة نموذجية يتم تعميمها على مختلف المراكز الأخرى. وتحدث النائب عن برامج التمكين الاقتصادي، ولاحظ أنها مشتتة بين عدة وزارات، ويجب، حسب قوله، توحيدها في برنامج واحد تديره هيئة وطنية تتفرع إلى لجان جهوية، ويكون القرار الأخير على مستوى جهوي من صلاحيات المدير الجهوي للتكوين المهني. وطالب غيلاني وزارة التشغيل والتكوين المهني بالترفيع في قيمة المساعدة الممنوحة للباعثين الشبان، فهي حالياً في حدود 200 دينار. ودعا عضو مجلس نواب الشعب إلى مضاعفة هذا المبلغ أو التمديد في فترة إسنادها من عام إلى عامين. أما بخصوص الشركات الأهلية، فيجب، حسب قوله، إخضاع الراغب في إحداثها إلى تكوين في الشركات الأهلية، وعند الحصول على المؤهل المهني يمكنه تكوين شركة أهلية مع زملائه في الدورة التكوينية. وأضاف أنه يجب على الوزارة العمل على تحسيس الفلاحين بمنافع إنشاء شركة أهلية فيما بينهم، كما يتعين مزيد دعم التأطير والتكوين حول الآليات الجديدة للشركات الأهلية. وتطرق النائب إثر ذلك إلى عقود التشغيل والتربصات للدخول إلى الحياة المهنية، وطالب الوزارة بالتفكير في آليات جديدة قادرة على إدماج الشاب بعد التكوين والتربص بصفة فعلية في سوق الشغل.

المبادر الذاتي

وبين النائب حسام محجوب أنه بالنظر إلى طبيعة المرحلة التي ستعيشها تونس في قادم الأيام، ستكون وزارة التشغيل والتكوين المهني في قلب التحديات المستقبلية، وهي معادلة محمول على الوزارة الاشتغال عليها، إذ أن تونس على أبواب محطتين هامتين هما المخطط التنموي والانطلاق في إصلاح نظام التربية والتعليم. وفسر أنه من الضروري أن تستشرف هياكل الوزارة تنزيل العديد من المشاريع المقترحة في المخطط، تزامنًا مع التوجهات الكبرى لنتائج الاستشارة الوطنية لإصلاح التربية والتعليم. وأضاف أن الوزارة مدعوة أيضًا إلى التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط لتوفير خطوط تمويل لازمة لهذا الإصلاح وبناء نظام جديد للتربية والتعليم استجابة لحاجيات السوق. وذكر أن قطاع التكوين المهني في مساكن يقتصر على مركزين: الأول مختص في التكوين في السياقة، وقد تم إحداثه سنة 1982، وكان يشهد إقبالًا كبيرًا من طرف الشباب للحصول على شهادة سياقة حافلات وشاحنات كبرى، ويفتح لهم آفاقًا هامة للاندماج في المؤسسات العمومية والخاصة على مستوى جهوي ووطني وحتى دولي. ولاحظ أنه منذ سنة 2010 تم إغلاقه لإعادة هيكلته، وها قد مرت 15 سنة على الهيكلة، وفي الأثناء أتلفت جميع التجهيزات. وفي المقابل، تقوم مراكز التكوين الخاصة بالتكوين في نفس الاختصاص بأسعار مشطة. وتساءل النائب: هل يعقل غلق مركز تكوين طيلة خمسة عشر سنة لإعادة هيكلته؟ ولمصلحة من تم اتخاذ هذا القرار؟ وطالب بالتسريع في تنفيذ مشروع الهيكلة الرامي إلى تحويل المركز المذكور إلى مركز قطاعي للنقل واللوجستيك لأنه يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للجهة، خاصة وأنه يحتوي على مبيت، وليست فيه مشاكل عقارية. ودعا محجوب الوزير إلى العمل على تفعيل المركز النموذجي للتكوين في سياقة الحافلات والشاحنات بمساكن، وغلق الباب أمام المتربصين به الذين لا يهمهم سوى زيادة الأرباح. وأضاف أن المركز الثاني هو مركز التكوين والتدريب المهني بياضة بمساكن، الذي يشهد إقبالًا من الشباب خاصة من المناطق الداخلية، بحكم أنه يتوفر على مبيت واختصاصات مطلوبة في سوق الشغل وطنيا ودوليا. لكن التجهيزات تقادمت ولم تعد مواكبة للتطور، كما لم يقع إدراجه في برنامج تطوير أو إعادة هيكلة منذ إحداثه. وطالب بإدراج هذا المركز ضمن المشاريع ذات الأولوية بالجهة بهدف تطويره وإحداث اختصاصات جديدة. وتطرق عضو مجلس نواب الشعب إلى محدودية النتائج المحققة على مستوى برنامج المبادر الذاتي، وبين أن الهدف الذي ضبطته الوزارة في علاقة بهذا البرنامج يتمثل في بلوغ 25 ألف منخرط فيه مع موفى العام الجاري، لكن حسب معطيات معهد الإحصاء تم بلوغ 6 آلاف منخرط فقط. وتساءل عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لدعم الانخراط في القطاع المنظم. كما طالب النائب الوزارة بجرد جميع برامج التعاون الدولي في مجالي التكوين المهني والتشغيل، والتقدم في تنفيذها وعرضها على مجلس نواب الشعب طبقًا لمقتضيات الدستور.

مهن البحار

وبين النائب رياض بلال أن التكوين المهني هو أحد المكونات الأساسية في المنظومة الوطنية لتنمية رأس المال البشري، وهو يلعب دورًا هامًا في الاستجابة لجملة التحديات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة القادمة، وذلك عبر مساهمته في توفير المهارات وتأهيل الكفاءات، والمساهمة في التقليص من بطالة الشباب، والاستجابة لتطلعات الأفراد وتعزيز إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي. وثمن زيارة وزير التشغيل والتكوين المهني لمركز التدريب والتكوين المهني بطلبلة يوم 11 نوفمبر الماضي، واستحسن حضور المديرين العامين، خاصة المدير العام للوكالة التونسية للتكوين المهني، لما لمسه فيه من حرص على دعم هذا المرفق الحيوي والنهوض به. وثمن الإعلان عن قرار انتداب حارس وطباخ في القريب العاجل بما من شأنه تحسين ظروف العمل والإحاطة بالمتكونين داخل المركز والمبيت والمطعم. وعبر النائب عن أمله في استكمال بقية الانتدابات المدرجة في الإعلان وتعزيز الموارد البشرية حتى يتمكن المركز من أداء مهامه التكوينية في أفضل الظروف، خاصة مع قرب إعادة فتح المبيت والمطعم واستقبال عدد أكبر من المتكونين. وتحدث بلال عن «المجهودات الجبارة والتضحيات الجسام التي قام بها رئيس المركز منذ توليه المسؤولية في ظروف صعبة، إذ كان مثالا للصبر والمثابرة». وقال عضو مجلس نواب الشعب إنه في سنة 2019 تم الإعلان من قبل حكومة سابقة عن إحداث مركز قطاعي في مهن البحار بطلبلة، وتم الإذن بالقيام بدراسة المشروع وتكوين لجنة قيادة متعددة الاختصاصات تحت إشراف المدير العام لوكالة الإرشاد والتكوين الفلاحي، تضم مختلف الوزارات والمنظمات المعنية بالاقتصاد الأزرق، كما تم تنظيم جلسة بولاية المنستير لمتابعة هذا المشروع حيث تم التأكيد على تخصيص العقار من الملك العمومي البحري لإحداث المركز المذكور، ولكن بعدها توقفت المبادرة دون وجود سبب واضح. وطالب النائب رياض بلال من جديد بإحداث المركز القطاعي للتكوين في مهن البحار لما يمثله هذا المشروع من قيمة مضافة للجهة، ودعم مباشر لمنظومة الاقتصاد الأزرق، خاصة وأن ميناء الصيد البحري بطلبلة يعد من أهم الموانئ بالجمهورية التونسية، إذ يتوفر الأسطول البحري على 400 وحدة، فضلاً عن دوره في دعم صناعة السفن الخشبية والبلاستيكية وصيانتها وتوفير اليد العاملة المختصة.

تكوين فلاحي

وطالب النائب فتحي المشرقي بإحداث مركز تكوين مهني فلاحي بمعتمدية بنزرت الجنوبية بالنظر إلى مساحتها الشاسعة وتجاوز عدد سكانها 80 ألف نسمة. وبين أنه دعمًا لمسار تكريس مبدأ العدالة والمساواة، فإنه يدعو إلى تسوية وضعيات أعوان الخدمة المدنية التطوعية في القطاع العام المجمدة منذ إمضاء اتفاقية 7 جانفي 2014، وتحيين القائمة الاسمية التي تشمل من عمل سنتين متتاليتين في مؤسسات عمومية وفق محضر ممضى في شهر ماي 2013. وأوصى بالحرص على عدم تكرار الأخطاء التي وقعت سابقًا وعطلت مسار التسوية بما نجم عنه انتظار طال لمدة 11 سنة، وبطالة ومماطلة من قبل الحكومات السابقة. وأضاف أنه مع العلم أن عددهم خلال سنة 2014 تجاوز 1100 إطار حسب إحصائيات قامت بها وزارة التشغيل والتكوين المهني، وهو يتوقع أن العدد في الوقت الراهن انخفض. ودعا الوزير إلى دراسة هذا الملف الموجود على مكتبه لأن الأعوان ينتظرون من الوزارة تسوية وضعياتهم بصفة فورية، والقطع مع آليات التشغيل الهش، خاصة وأن بقية الوزارات مثل وزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك رئاسة الحكومة تنتظر من وزارة التشغيل والتكوين المهني تقديم القائمة المحينة لأعوان الخدمة المدنية التطوعية في القطاع العام. وتطرق عضو مجلس نواب الشعب في مداخلته إلى وضعية مراكز التكوين المهني، وأضاف أنه بعد إطلاعه على خارطة توزيع مراكز التكوين، لاحظ عدم التوازن ودعا إلى تعميمها خاصة على المناطق الداخلية مع تقريبها من المتكونين وتعصير برامجها لكي تكون جذابة للشباب. وإحداث وحدات تكوين مهني متنقلة نحو المناطق الداخلية باعتماد التكوين السريع لمواكبة سوق الشغل. كما أشار المشرقي إلى ارتفاع نسبة البطالة، ويرى أن ذلك يعكس عدم ملاءمة سياسات التشغيل مع متطلبات سوق الشغل والاستجابة إلى حاجيات المؤسسات الاقتصادية في مختلف القطاعات من موارد بشرية خاصة من أصحاب شهادات التعليم العالي. وبخصوص الشركات الأهلية، بين أنها تهدف إلى تحقيق التنمية الجهوية خاصة في المعتمديات وفق إرادة جماعية للأهالي، وذلك طبقا للمرسوم المحدث لها. ولاحظ أنه سبق له بتاريخ 20 نوفمبر 2024 بمناسبة نقاش مهمة التشغيل والتكوين المهني أن تحدث عن الصعوبات التي تعترض تكوين هذا الصنف من الشركات مثل طول مسار إحداثها وكثرة عدد المشاركين وغيرها، وتم بعد سنة تجاوز هذه الإشكاليات، وتمت مراجعة المرسوم والسجل الوطني للشركات الأهلية والقرارات المصاحبة المتعلقة باستغلال الأراضي الفلاحية الدولية والغابية من غير الخشبية، ومجال النقل وغيرها. وهي تنقيحات من شأنها تبسيط إجراءات إحداث الشركات الأهلية. وثمن النائب جهود الإدارة الجهوية للتشغيل والتكوين ببنزرت على العمل المبذول والسعي لدفع نسق إحداث الشركات الأهلية، ودعا الوزارة إلى تدعيم مراكز التكوين المهني ببنزرت بالمكونين، خاصة المركز القطاعي للتكوين في اللحام بمنزل بورقيبة.

حق دستوري

وخلال افتتاح الجلسة العامة، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن وزارة التشغيل والتكوين المهني هي وزارة أفقية تضطلع بأدوار هامة. وذكر أن دستور 25 جويلية 2022 نص في الفصل 46 على الحق في العمل لكل مواطن ومواطنة، وعلى أن تتخذ الدولة لضمانه التدابير الضرورية في كنف احترام مقتضيات الكفاءة والإنصاف. وبين أنه في إطار تكريس وحدة الدولة والتكامل بين وظائفها، فإن المسؤولية في هذا المجال تعد مسؤولية مشتركة ومتضامنة تتقاسمها مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها هذه الوزارة التي تتمحور مهامها وصلاحياتها بالخصوص حول المسائل المتعلقة بالتكوين المهني وبالتشغيل، وبالإشراف على الهياكل المختصة، وهي من هذا المنطلق تتولى وضع استراتيجيات التشغيل الوطنية، وإعداد برامج التكوين التي تلبي احتياجات سوق الشغل، ودعم الباحثين عن عمل عبر برامج التأهيل والتدريب المهني، بالإضافة إلى تحسين آليات التكوين المستمر وتطويرها، ودعم المبادرات الخاصة. وأشار رئيس المجلس إلى أن الانتظارات من وزارة التشغيل والتكوين المهني كبيرة خاصة في مجال التشغيل، وهو ما يستدعي متابعة تطورات سوق العمل، ووضع استراتيجيات ناجعة وبرامج من أجل تأهيل الباحثين عن عمل وتحسين تشغيليتهم. وأضاف أن الفصل 18 من الدستور قد حمّل الدولة مسؤولية توفير كل الوسائل القانونية والمادية للعاطلين عن العمل لبعث مشاريع تنموية، ولا بد حسب قوله من البحث عن الآليات الكفيلة بتشغيل العاطلين وبدعم انتداب حاملي الشهادات العليا وتشجيع المؤسسات الخاصة على ذلك، فضلاً عن دعم المبادرات الخاصة وتنميتها من خلال تسهيل النفاذ إلى مصادر التمويل، وتقديم مسارات مرافقة متكاملة خاصة لفائدة الشركات الأهلية. ويرى رئيس المجلس النيابي أن التكوين المهني يبقى رافدًا أساسيًا للنفاذ إلى سوق الشغل، وهو ما يحتّم مزيد السعي من أجل توفير البرامج الرامية إلى التأهيل المهني للباحثين عن فرص للتوظيف قصد تيسير اندماجهم في الحياة المهنية من جهة، وتنفيذ برامج التكوين المهني الأساسي والمستمر التي تتناسب مع الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من جهة أخرى.

أما رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي، فأشار إلى المبادئ التي قامت عليها ثورة 17 ديسمبر، التي عبرت عن الإرادة الشعبية في بناء مجتمع قائم على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتي كان مطلب الشغل والعدالة أحد أبرز مكوناتها لما عانته الجهات والفئات من تهميش وهيمنة منظومات قديمة عطلت طموحات الشباب. وتحدث عن السياسات السابقة للتشغيل القائمة على المحاصصة وتقاسم النفوذ، مما حال دون إرساء مناخ عادل وشفاف يضمن تكافؤ الفرص، وأدى ذلك حسب قوله إلى تراجع ثقة المواطن وتعميق الإحباط لدى شباب قضى سنوات طويلة في البحث عن الشغل. وذكر أن مؤشرات البطالة مازالت مقلقة، وهو ما يدعو إلى إعادة التفكير في السياسات التشغيلية وفق رؤية وطنية جديدة شاملة وتشاركية، وعبر استعداد المجلس للمساهمة في صياغة هذه الرؤية. وفي علاقة بالشركات الأهلية، أكد على أهمية هذا التوجه الوطني، معتبرا إياه ركيزة أساسية لبناء اقتصاد شعبي قائم على العمل التشاركي والتضامن المجتمعي. وذكر أن هذه الشركات هي آلية اقتصادية لبناء مشروع وطني يعيد للمواطن مكانته في إنتاج الثروة واستثمار طاقاته بعيدًا عن منطق الاحتكار والريع. واستدل في ذلك بالعوائق التي تواجه الفلاحين، ويرى أن الحل يكمن في بعث شركات أهلية من قبل الفلاحين تتكفل بالإنتاج والتصنيع والتوزيع وحتى التصدير. وفي هذه الحالة، يتم القطع مع هيمنة المحتكرين والسماسرة وإعادة الاعتبار للمنتج الحقيقي. أما بالنسبة إلى قطاع التكوين المهني، فيعتبره الدربالي حجر الأساس لكل إصلاح اقتصادي اجتماعي، وبين أنه لا يمكن تحقيق العدالة دون تعميم مؤسسات التكوين على مختلف الجهات والأقاليم، وربط الاختصاصات بالحاجيات التنموية لكل منطقة حتى يواكب التكوين متطلبات سوق الشغل على أن يكون للجهات الدور المحوري في تحديد حاجياتها من الاختصاصات. وأكد التزام المجلس النيابي بالعمل مع بقية هياكل الدولة من أجل المضي قدمًا نحو بناء اقتصاد عادل يعيد الاعتبار للشغل كحق دستوري وكأساس للكرامة الإنسانية ويضع الجهات في صدارة مسارات التنمية والإصلاح.

سعيدة بوهلال

في مناقشة ميزانية مهمة التشغيل والتكوين المهني..   المطالبة بانتداب من طالت بطالتهم وتأطير باعثي الشركات الأهلية ومرافقتهم

- اقتراح إحداث اختصاصات تكوينية جديدة وبعث مراكز تكوين مهني متنقلة

بحضور وزير التشغيل والتكوين المهني رياض شوّد وكاتبة الدولة المكلفة بالشركات الأهلية حسناء جيب الله، ناقش أعضاء مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلسة عامة مشتركة بقصر باردو مهمة التشغيل والتكوين المهني في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وطالبوا بالخصوص بإحداث مراكز تكوين جديدة عصرية في اختصاصات مطلوبة في سوق الشغل مع ضمان التوزيع العادل بين الجهات والأقاليم، وتأهيل مراكز التكوين الحالية وتحديثها وتوسيع طاقة استيعابها وتجهيزها بالمعدات اللازمة وتوفير الإعاشة والمبيتات للمتكونين والترفيع في قيمة المنح المسندة إليهم وإعادة هيكلة مراكز تكوين الفتاة الريفية. وهناك من اقترح توفير مراكز تكوينية متنقلة ومراكز تكوين مخصصة لذوي الإعاقة. كما دعوا الوزارة إلى دعم جهودها لتوفير مواطن شغل للمعطلين عن العمل والتقليص من أزمة البطالة في صفوف حاملي الشهادات العليا عبر إيجاد الموارد اللازمة لإدماجهم في الوظيفة العمومية والقطاع العام.

وتحدث العديد منهم عن الشركات الأهلية وطالبوا بتيسير سبيل الراغبين في بعثها وتكوينهم ومرافقتهم، وعدم الاكتفاء بالتعويل على الشركات الأهلية والقطاع الخاص، وما على الحكومة إلا أن تتحمل مسؤولياتها في توظيف من طالت بطالتهم من أصحاب الشهادات العليا، وبهذه الكيفية يتم رفع المظلمة عنهم والوفاء لشعار الثورة «شغل، حرية، كرامة وطنية». كما تم الاستفسار عن مدى التقدم في إعداد مشروع قانون مكاتب التوظيف بالخارج، ودعوة الوزارة للتصدي للمتحيلين الذين يتصيدون الراغبين في الهجرة للبحث عن فرص التشغيل، ويسندونهم عقودًا وهمية ليجد هؤلاء أنفسهم بعد الوصول إلى البلد المقصود على قارعة الطريق يتسولون.

وقبل النقاش، تمت تلاوة تقرير لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة التي يرأسها النائب كمال فرّاح، ولجنة الخدمات والتنمية الاجتماعية التي يرأسها هيثم الطرابلسي، حول ميزانية وزارة التشغيل والتكوين المهني التي قدرت بمبلغ 1063.9 مليون دينار لسنة 2026، مقابل 1015.350 مليون دينار لسنة 2025، أي بزيادة قدرها 5 بالمائة. وتتوزع الاعتمادات حسب البرامج على النحو التالي: برامج التكوين المهني بمبلغ 494.324 مليون دينار، وبرنامج التشغيل بمبلغ 383.159 مليون دينار، وبرنامج تنمية المبادرة الخاصة بمبلغ 161.3 مليون دينار، وبرنامج القيادة والمساندة بمبلغ 25.117 مليون دينار.

وفي مداخلته حول مهمة التشغيل والتكوين المهني، وجه النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم جاب الله بن صالح رسالة إلى رئيس الجمهورية لإحاطته علمًا بأنه كلما تحدث عن مشاغل فلاحي التمور بقبلي إلا ويزداد التنكيل بهم، وقال إنهم في قبلي ليسوا دعاة للشغب بل أهل عزة وكرامة ولا يقبلون الإهانة. وأضاف أنهم ينتظرون موقفًا تاريخيًا من رئيس الجمهورية لأن التنكيل زاد عن حده. كما حذر من إمكانية حدوث نزوح جماعي من هذه الجهة بسبب التهميش الذي تعاني منه، بعد أن كانت في الماضي، حسب وصفه، عاصمة اقتصادية حتى أن المخابز والأكشاك تعجز عن توفير الكميات الكافية من الخبز والسجائر للوافدين عليها. وثمن بن صالح دور وزارة التشغيل والتكوين المهني في الحد من البطالة في البلاد، والقرار القاضي بالتخفيض في عدد المساهمين في الشركات الأهلية وتوفير الأراضي الفلاحية الدولية، فضلاً عن وضع مقرات على ذمة مساهمين في هذه الشركات، لكنه أشار في المقابل إلى أن المعضلة الكبرى تهم أصحاب الشهادات العليا ممن طالت بطالتهم، وبين أنه لا بد من إيجاد حل جذري لهذه المعضلة، وعبر عن أمله في تمرير المبادرة الرامية إلى تشغيل هذه الفئة وعدم تعطيلها. وأثار النائب مشكل البطالة في قبلي ودعا إلى إحداث مناطق صناعية ومصانع وشركات بما من شأنه تعويض الفراغ الذي تسبب فيه تهميش فلاحة التمور بالجهة. كما يجب، حسب قوله، توفير اختصاصات تكوينية جديدة بما من شأنه خلق فرص أفضل للتشغيل. وطالب بدعم البنية التحتية والنقل بين الولايات قصد تشجيع الشركات على الاستثمار في قبلي. ولاحظ أن ما زاد الطين بلة هو اعتماد الجهة على التمور فقط في ظل صعوبات التسويق والترويج، إذ يجد الفلاح نفسه في مواجهة مع من لا رحمة في قلوبهم، كما أن الدولة لم تنصفهم.

هيئة مستقلة

وفي قراءة لأرقام ميزانية وزارة التشغيل والتكوين المهني لسنة 2026، قالت النائبة سنياء بن المبروك إن الأرقام الرسمية تفيد أن هذه الميزانية حققت زيادة بنسبة 5 بالمائة مقارنة بالعام الجاري. وعند النظر إلى توزيع الاعتمادات بين البرامج، يمكن ملاحظة أنه تم التركيز على التكوين المهني على حساب برامج التشغيل والمبادرة الخاصة، والحال أن الاستثمار في التكوين فقط لا يضمن إدماج الشباب في سوق الشغل، وهو ما يتطلب، حسب رأيها، إعادة نظر وفق إستراتيجية واضحة حتى لا تتواصل نفس المشاكل كل عام. وبينت أن المنظومة الوطنية للتكوين المهني والتشغيل تعاني من اختلالات هيكلية جوهرية تجعلها غير قادرة على أداء وظائفها الدستورية في تأهيل الشباب وضمان الحق في الشغل المكفول بالدستور. وذكرت أن الخطابات المتعلقة بالرقمنة والتطوير والإدماج تبقى للأسف مجرد توجهات سياسية غير مرفوقة بآليات تنفيذية واضحة أو إجراءات ذات أثر فعلي على المستفيدين، خاصة في الجهات ذات الأولوية التنموية.

ولاحظت النائبة أن الوزارة تقوم كل سنة بتقديم مؤشرات حول المتكونين دون نشر نسب الإدماج الفعلي، وهو مخالف لمبادئ الشفافية والمساءلة المنصوص عليها بالقانون الأساسي للميزانية. أما مراكز التكوين فيعاني أغلبها من اهتراء البنية التحتية وغياب التجهيزات، وفيها مبيتات لا تستجيب للشروط الدنيا للصحة والسلامة مع غياب خدمات أساسية، الأمر الذي يتعارض مع مقتضيات كراس الشروط المنظم للمؤسسات التكوينية العمومية. وذكرت أنه في غياب التكوين المستمر والتحفيز للمكونين، تصبح المنظومة عاجزة عن توفير كفاءات مواكبة لتطور القطاعات المهنية. وطالبت النائبة بمجلس نواب الشعب بإحداث هيئة وطنية مستقلة لمراقبة جودة التكوين والتشغيل، مع منحها صلاحيات رقابية على أن تتكون تركيبتها من خبراء في القانون وممثلين عن المجتمع المدني وعن الهياكل المهنية ولجنة برلمانية مختصة، وتتولى وجوبًا نشر مخرجات أعمالها. كما يجب على الوزارة وضع خطة إصلاح عاجلة لجميع مراكز التكوين مع تحديد آجال لا تتجاوز ستة أشهر وتقديم تقارير دورية إلى لجنة رقابية برلمانية. واقترحت القيام بإصلاح هيكلي لمراكز التكوين للفتاة الريفية وتنقيح القانون المحدث لهذه المراكز وتحويلها إلى مراكز لريادة الأعمال. وطالبت برقمنة مكاتب التشغيل عبر إحداث منصة وطنية موحدة للباحثين عن الشغل، وقبول ملفات طالبي الشغل بصفة إلكترونية فردية وفق معايير حماية المعطيات الشخصية، وربطها مباشرة بعروض الشغل. كما دعت إلى إدراج منظومة تكوين وتحفيز للمكونين تضبط مسارهم المهني مع ضمان التكوين المستمر الإجباري. ومن المقترحات الأخرى التي قدمتها النائبة، إطلاق برامج وطنية متكاملة بداية من التكوين وصولًا إلى الاندماج الفعلي في سوق الشغل، وذلك بموجب اتفاقيات بين الدولة والمؤسسات الخاصة حتى يتم تشغيل آلاف الشباب في قطاعات واعدة مقابل حوافز جبائية وفق ما تنص عليه مجلة الاستثمار. وفي علاقة بالأشخاص ذوي الإعاقة الذين يتابعون تكوينا صلب الجمعيات، ترى بن المبروك أنه من حقهم التشغيل والإدماج. وتساءلت عن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة لضمان إدماج فعلي لذوي الإعاقة في منظومة التكوين المهني العمومية بعد استكمالهم مرحلة التعليم في الجمعيات. وخلصت إلى أن المنظومة التكوينية والتشغيلية منفصلة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي وتعمل بمنطق التحسين الجزئي بدلًا من الإصلاح الجذري. ونبهت أنه في صورة عدم اتخاذ قرارات سيادية مبنية على أطر تشريعية واضحة، سيعاد كل سنة بمناسبة النظر في الميزانية الحديث عن نفس المشاكل وتكرار نفس الوعود، مقابل تراجع أمل الشباب في المستقبل. وذكرت أن أي زيادة في الموارد لن تكون لها أثر إذا لم ترافقها إجراءات تنفيذية واضحة ومتابعة دقيقة، ويقتضي الأمر بلورة رؤية شاملة تربط التكوين بالمبادرة الخاصة والتشغيل.

مراكز الفتاة الريفية

وتحدث النائب حمادي غيلاني عن أهمية التكوين المهني وطالب بإحداث مركز قطاعي في الفولتاييك بسبيبة، والتسريع في إنجاز مشروع بناء مبيت لرواد مركز التكوين المهني بسبيطلة، والعناية بمركز التكوين المهني الفلاحي بسبيبة الذي يعاني من الإهمال، وإعادة هيكلة مركز تكوين الفتاة الريفية بسبيبة. فهو، حسب قوله، يتعرض إلى عدة صعوبات، وتم حذف عدة اختصاصات، فضلاً عن النقص في عدد المكونين. ويرى أنه لا بد من إعادة هيكلة جميع مراكز الفتاة الريفية حتى تستجيب لمتطلبات الاقتصاد المحلي، وإيجاد ممول خاص لمركز سبيبة، وجعل هذا المركز تجربة نموذجية يتم تعميمها على مختلف المراكز الأخرى. وتحدث النائب عن برامج التمكين الاقتصادي، ولاحظ أنها مشتتة بين عدة وزارات، ويجب، حسب قوله، توحيدها في برنامج واحد تديره هيئة وطنية تتفرع إلى لجان جهوية، ويكون القرار الأخير على مستوى جهوي من صلاحيات المدير الجهوي للتكوين المهني. وطالب غيلاني وزارة التشغيل والتكوين المهني بالترفيع في قيمة المساعدة الممنوحة للباعثين الشبان، فهي حالياً في حدود 200 دينار. ودعا عضو مجلس نواب الشعب إلى مضاعفة هذا المبلغ أو التمديد في فترة إسنادها من عام إلى عامين. أما بخصوص الشركات الأهلية، فيجب، حسب قوله، إخضاع الراغب في إحداثها إلى تكوين في الشركات الأهلية، وعند الحصول على المؤهل المهني يمكنه تكوين شركة أهلية مع زملائه في الدورة التكوينية. وأضاف أنه يجب على الوزارة العمل على تحسيس الفلاحين بمنافع إنشاء شركة أهلية فيما بينهم، كما يتعين مزيد دعم التأطير والتكوين حول الآليات الجديدة للشركات الأهلية. وتطرق النائب إثر ذلك إلى عقود التشغيل والتربصات للدخول إلى الحياة المهنية، وطالب الوزارة بالتفكير في آليات جديدة قادرة على إدماج الشاب بعد التكوين والتربص بصفة فعلية في سوق الشغل.

المبادر الذاتي

وبين النائب حسام محجوب أنه بالنظر إلى طبيعة المرحلة التي ستعيشها تونس في قادم الأيام، ستكون وزارة التشغيل والتكوين المهني في قلب التحديات المستقبلية، وهي معادلة محمول على الوزارة الاشتغال عليها، إذ أن تونس على أبواب محطتين هامتين هما المخطط التنموي والانطلاق في إصلاح نظام التربية والتعليم. وفسر أنه من الضروري أن تستشرف هياكل الوزارة تنزيل العديد من المشاريع المقترحة في المخطط، تزامنًا مع التوجهات الكبرى لنتائج الاستشارة الوطنية لإصلاح التربية والتعليم. وأضاف أن الوزارة مدعوة أيضًا إلى التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتخطيط لتوفير خطوط تمويل لازمة لهذا الإصلاح وبناء نظام جديد للتربية والتعليم استجابة لحاجيات السوق. وذكر أن قطاع التكوين المهني في مساكن يقتصر على مركزين: الأول مختص في التكوين في السياقة، وقد تم إحداثه سنة 1982، وكان يشهد إقبالًا كبيرًا من طرف الشباب للحصول على شهادة سياقة حافلات وشاحنات كبرى، ويفتح لهم آفاقًا هامة للاندماج في المؤسسات العمومية والخاصة على مستوى جهوي ووطني وحتى دولي. ولاحظ أنه منذ سنة 2010 تم إغلاقه لإعادة هيكلته، وها قد مرت 15 سنة على الهيكلة، وفي الأثناء أتلفت جميع التجهيزات. وفي المقابل، تقوم مراكز التكوين الخاصة بالتكوين في نفس الاختصاص بأسعار مشطة. وتساءل النائب: هل يعقل غلق مركز تكوين طيلة خمسة عشر سنة لإعادة هيكلته؟ ولمصلحة من تم اتخاذ هذا القرار؟ وطالب بالتسريع في تنفيذ مشروع الهيكلة الرامي إلى تحويل المركز المذكور إلى مركز قطاعي للنقل واللوجستيك لأنه يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للجهة، خاصة وأنه يحتوي على مبيت، وليست فيه مشاكل عقارية. ودعا محجوب الوزير إلى العمل على تفعيل المركز النموذجي للتكوين في سياقة الحافلات والشاحنات بمساكن، وغلق الباب أمام المتربصين به الذين لا يهمهم سوى زيادة الأرباح. وأضاف أن المركز الثاني هو مركز التكوين والتدريب المهني بياضة بمساكن، الذي يشهد إقبالًا من الشباب خاصة من المناطق الداخلية، بحكم أنه يتوفر على مبيت واختصاصات مطلوبة في سوق الشغل وطنيا ودوليا. لكن التجهيزات تقادمت ولم تعد مواكبة للتطور، كما لم يقع إدراجه في برنامج تطوير أو إعادة هيكلة منذ إحداثه. وطالب بإدراج هذا المركز ضمن المشاريع ذات الأولوية بالجهة بهدف تطويره وإحداث اختصاصات جديدة. وتطرق عضو مجلس نواب الشعب إلى محدودية النتائج المحققة على مستوى برنامج المبادر الذاتي، وبين أن الهدف الذي ضبطته الوزارة في علاقة بهذا البرنامج يتمثل في بلوغ 25 ألف منخرط فيه مع موفى العام الجاري، لكن حسب معطيات معهد الإحصاء تم بلوغ 6 آلاف منخرط فقط. وتساءل عن الإجراءات التي سيتم اتخاذها لدعم الانخراط في القطاع المنظم. كما طالب النائب الوزارة بجرد جميع برامج التعاون الدولي في مجالي التكوين المهني والتشغيل، والتقدم في تنفيذها وعرضها على مجلس نواب الشعب طبقًا لمقتضيات الدستور.

مهن البحار

وبين النائب رياض بلال أن التكوين المهني هو أحد المكونات الأساسية في المنظومة الوطنية لتنمية رأس المال البشري، وهو يلعب دورًا هامًا في الاستجابة لجملة التحديات الاقتصادية والاجتماعية للمرحلة القادمة، وذلك عبر مساهمته في توفير المهارات وتأهيل الكفاءات، والمساهمة في التقليص من بطالة الشباب، والاستجابة لتطلعات الأفراد وتعزيز إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي. وثمن زيارة وزير التشغيل والتكوين المهني لمركز التدريب والتكوين المهني بطلبلة يوم 11 نوفمبر الماضي، واستحسن حضور المديرين العامين، خاصة المدير العام للوكالة التونسية للتكوين المهني، لما لمسه فيه من حرص على دعم هذا المرفق الحيوي والنهوض به. وثمن الإعلان عن قرار انتداب حارس وطباخ في القريب العاجل بما من شأنه تحسين ظروف العمل والإحاطة بالمتكونين داخل المركز والمبيت والمطعم. وعبر النائب عن أمله في استكمال بقية الانتدابات المدرجة في الإعلان وتعزيز الموارد البشرية حتى يتمكن المركز من أداء مهامه التكوينية في أفضل الظروف، خاصة مع قرب إعادة فتح المبيت والمطعم واستقبال عدد أكبر من المتكونين. وتحدث بلال عن «المجهودات الجبارة والتضحيات الجسام التي قام بها رئيس المركز منذ توليه المسؤولية في ظروف صعبة، إذ كان مثالا للصبر والمثابرة». وقال عضو مجلس نواب الشعب إنه في سنة 2019 تم الإعلان من قبل حكومة سابقة عن إحداث مركز قطاعي في مهن البحار بطلبلة، وتم الإذن بالقيام بدراسة المشروع وتكوين لجنة قيادة متعددة الاختصاصات تحت إشراف المدير العام لوكالة الإرشاد والتكوين الفلاحي، تضم مختلف الوزارات والمنظمات المعنية بالاقتصاد الأزرق، كما تم تنظيم جلسة بولاية المنستير لمتابعة هذا المشروع حيث تم التأكيد على تخصيص العقار من الملك العمومي البحري لإحداث المركز المذكور، ولكن بعدها توقفت المبادرة دون وجود سبب واضح. وطالب النائب رياض بلال من جديد بإحداث المركز القطاعي للتكوين في مهن البحار لما يمثله هذا المشروع من قيمة مضافة للجهة، ودعم مباشر لمنظومة الاقتصاد الأزرق، خاصة وأن ميناء الصيد البحري بطلبلة يعد من أهم الموانئ بالجمهورية التونسية، إذ يتوفر الأسطول البحري على 400 وحدة، فضلاً عن دوره في دعم صناعة السفن الخشبية والبلاستيكية وصيانتها وتوفير اليد العاملة المختصة.

تكوين فلاحي

وطالب النائب فتحي المشرقي بإحداث مركز تكوين مهني فلاحي بمعتمدية بنزرت الجنوبية بالنظر إلى مساحتها الشاسعة وتجاوز عدد سكانها 80 ألف نسمة. وبين أنه دعمًا لمسار تكريس مبدأ العدالة والمساواة، فإنه يدعو إلى تسوية وضعيات أعوان الخدمة المدنية التطوعية في القطاع العام المجمدة منذ إمضاء اتفاقية 7 جانفي 2014، وتحيين القائمة الاسمية التي تشمل من عمل سنتين متتاليتين في مؤسسات عمومية وفق محضر ممضى في شهر ماي 2013. وأوصى بالحرص على عدم تكرار الأخطاء التي وقعت سابقًا وعطلت مسار التسوية بما نجم عنه انتظار طال لمدة 11 سنة، وبطالة ومماطلة من قبل الحكومات السابقة. وأضاف أنه مع العلم أن عددهم خلال سنة 2014 تجاوز 1100 إطار حسب إحصائيات قامت بها وزارة التشغيل والتكوين المهني، وهو يتوقع أن العدد في الوقت الراهن انخفض. ودعا الوزير إلى دراسة هذا الملف الموجود على مكتبه لأن الأعوان ينتظرون من الوزارة تسوية وضعياتهم بصفة فورية، والقطع مع آليات التشغيل الهش، خاصة وأن بقية الوزارات مثل وزارة الشؤون الاجتماعية وكذلك رئاسة الحكومة تنتظر من وزارة التشغيل والتكوين المهني تقديم القائمة المحينة لأعوان الخدمة المدنية التطوعية في القطاع العام. وتطرق عضو مجلس نواب الشعب في مداخلته إلى وضعية مراكز التكوين المهني، وأضاف أنه بعد إطلاعه على خارطة توزيع مراكز التكوين، لاحظ عدم التوازن ودعا إلى تعميمها خاصة على المناطق الداخلية مع تقريبها من المتكونين وتعصير برامجها لكي تكون جذابة للشباب. وإحداث وحدات تكوين مهني متنقلة نحو المناطق الداخلية باعتماد التكوين السريع لمواكبة سوق الشغل. كما أشار المشرقي إلى ارتفاع نسبة البطالة، ويرى أن ذلك يعكس عدم ملاءمة سياسات التشغيل مع متطلبات سوق الشغل والاستجابة إلى حاجيات المؤسسات الاقتصادية في مختلف القطاعات من موارد بشرية خاصة من أصحاب شهادات التعليم العالي. وبخصوص الشركات الأهلية، بين أنها تهدف إلى تحقيق التنمية الجهوية خاصة في المعتمديات وفق إرادة جماعية للأهالي، وذلك طبقا للمرسوم المحدث لها. ولاحظ أنه سبق له بتاريخ 20 نوفمبر 2024 بمناسبة نقاش مهمة التشغيل والتكوين المهني أن تحدث عن الصعوبات التي تعترض تكوين هذا الصنف من الشركات مثل طول مسار إحداثها وكثرة عدد المشاركين وغيرها، وتم بعد سنة تجاوز هذه الإشكاليات، وتمت مراجعة المرسوم والسجل الوطني للشركات الأهلية والقرارات المصاحبة المتعلقة باستغلال الأراضي الفلاحية الدولية والغابية من غير الخشبية، ومجال النقل وغيرها. وهي تنقيحات من شأنها تبسيط إجراءات إحداث الشركات الأهلية. وثمن النائب جهود الإدارة الجهوية للتشغيل والتكوين ببنزرت على العمل المبذول والسعي لدفع نسق إحداث الشركات الأهلية، ودعا الوزارة إلى تدعيم مراكز التكوين المهني ببنزرت بالمكونين، خاصة المركز القطاعي للتكوين في اللحام بمنزل بورقيبة.

حق دستوري

وخلال افتتاح الجلسة العامة، أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أن وزارة التشغيل والتكوين المهني هي وزارة أفقية تضطلع بأدوار هامة. وذكر أن دستور 25 جويلية 2022 نص في الفصل 46 على الحق في العمل لكل مواطن ومواطنة، وعلى أن تتخذ الدولة لضمانه التدابير الضرورية في كنف احترام مقتضيات الكفاءة والإنصاف. وبين أنه في إطار تكريس وحدة الدولة والتكامل بين وظائفها، فإن المسؤولية في هذا المجال تعد مسؤولية مشتركة ومتضامنة تتقاسمها مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها هذه الوزارة التي تتمحور مهامها وصلاحياتها بالخصوص حول المسائل المتعلقة بالتكوين المهني وبالتشغيل، وبالإشراف على الهياكل المختصة، وهي من هذا المنطلق تتولى وضع استراتيجيات التشغيل الوطنية، وإعداد برامج التكوين التي تلبي احتياجات سوق الشغل، ودعم الباحثين عن عمل عبر برامج التأهيل والتدريب المهني، بالإضافة إلى تحسين آليات التكوين المستمر وتطويرها، ودعم المبادرات الخاصة. وأشار رئيس المجلس إلى أن الانتظارات من وزارة التشغيل والتكوين المهني كبيرة خاصة في مجال التشغيل، وهو ما يستدعي متابعة تطورات سوق العمل، ووضع استراتيجيات ناجعة وبرامج من أجل تأهيل الباحثين عن عمل وتحسين تشغيليتهم. وأضاف أن الفصل 18 من الدستور قد حمّل الدولة مسؤولية توفير كل الوسائل القانونية والمادية للعاطلين عن العمل لبعث مشاريع تنموية، ولا بد حسب قوله من البحث عن الآليات الكفيلة بتشغيل العاطلين وبدعم انتداب حاملي الشهادات العليا وتشجيع المؤسسات الخاصة على ذلك، فضلاً عن دعم المبادرات الخاصة وتنميتها من خلال تسهيل النفاذ إلى مصادر التمويل، وتقديم مسارات مرافقة متكاملة خاصة لفائدة الشركات الأهلية. ويرى رئيس المجلس النيابي أن التكوين المهني يبقى رافدًا أساسيًا للنفاذ إلى سوق الشغل، وهو ما يحتّم مزيد السعي من أجل توفير البرامج الرامية إلى التأهيل المهني للباحثين عن فرص للتوظيف قصد تيسير اندماجهم في الحياة المهنية من جهة، وتنفيذ برامج التكوين المهني الأساسي والمستمر التي تتناسب مع الحاجيات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد من جهة أخرى.

أما رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم عماد الدربالي، فأشار إلى المبادئ التي قامت عليها ثورة 17 ديسمبر، التي عبرت عن الإرادة الشعبية في بناء مجتمع قائم على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، والتي كان مطلب الشغل والعدالة أحد أبرز مكوناتها لما عانته الجهات والفئات من تهميش وهيمنة منظومات قديمة عطلت طموحات الشباب. وتحدث عن السياسات السابقة للتشغيل القائمة على المحاصصة وتقاسم النفوذ، مما حال دون إرساء مناخ عادل وشفاف يضمن تكافؤ الفرص، وأدى ذلك حسب قوله إلى تراجع ثقة المواطن وتعميق الإحباط لدى شباب قضى سنوات طويلة في البحث عن الشغل. وذكر أن مؤشرات البطالة مازالت مقلقة، وهو ما يدعو إلى إعادة التفكير في السياسات التشغيلية وفق رؤية وطنية جديدة شاملة وتشاركية، وعبر استعداد المجلس للمساهمة في صياغة هذه الرؤية. وفي علاقة بالشركات الأهلية، أكد على أهمية هذا التوجه الوطني، معتبرا إياه ركيزة أساسية لبناء اقتصاد شعبي قائم على العمل التشاركي والتضامن المجتمعي. وذكر أن هذه الشركات هي آلية اقتصادية لبناء مشروع وطني يعيد للمواطن مكانته في إنتاج الثروة واستثمار طاقاته بعيدًا عن منطق الاحتكار والريع. واستدل في ذلك بالعوائق التي تواجه الفلاحين، ويرى أن الحل يكمن في بعث شركات أهلية من قبل الفلاحين تتكفل بالإنتاج والتصنيع والتوزيع وحتى التصدير. وفي هذه الحالة، يتم القطع مع هيمنة المحتكرين والسماسرة وإعادة الاعتبار للمنتج الحقيقي. أما بالنسبة إلى قطاع التكوين المهني، فيعتبره الدربالي حجر الأساس لكل إصلاح اقتصادي اجتماعي، وبين أنه لا يمكن تحقيق العدالة دون تعميم مؤسسات التكوين على مختلف الجهات والأقاليم، وربط الاختصاصات بالحاجيات التنموية لكل منطقة حتى يواكب التكوين متطلبات سوق الشغل على أن يكون للجهات الدور المحوري في تحديد حاجياتها من الاختصاصات. وأكد التزام المجلس النيابي بالعمل مع بقية هياكل الدولة من أجل المضي قدمًا نحو بناء اقتصاد عادل يعيد الاعتبار للشغل كحق دستوري وكأساس للكرامة الإنسانية ويضع الجهات في صدارة مسارات التنمية والإصلاح.

سعيدة بوهلال