إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في مناقشة ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة.. دعوات لبعث مناطق صناعية جديدة وسن مجلة للمحروقات

- ربط العديد من المدن والقرى بالغاز الطبيعي

-مطالبة بربط العديد من المدن والقرى بالغاز الطبيعي

-توصيات بمحاربة الفساد في قطاع المحروقات ونشر الأرقام المتعلقة بالبترول

-اقتراح توجيه بوصلة الاستثمار للطاقات المتجددة

بحضور وزيرة الصناعة والمناجم والطّاقة فاطمة ثابت شيبوب وكاتب الدولة للانتقال الطاقي وائل شوشان، تم أمس التداول حول مشروع ميزانية هذه الوزارة لسنة 2026 وذلك خلال جلسة عامة مشرتكة بقصر باردو بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبلغت هذه الميزانية 5.325.619 أ.د (332.619 أ.د دون دعم) مقابل 7.435.818 أ.د (323.818 أ.د دون دعم) سنة 2025، مسجلة نسبة تطوّر سلبية قدرها 38 فاصل 37 بالمائة.

وتتمثل أهم التوصيات التي تقدم بها أعضاء المجلسين، في وضع حد نهائي لمشاكل التلوث الناجم عن انبعاث الغازات السامة من المجمع الكميائي بقابس، وفرض تطبيق قانون منع المناولة على الشركات البترولية ومختلف المؤسسات والمنشآت الراجعة بالنظر إلى هذه الوزارة،  وإصلاح القطاع الصناعي وبعث مناطق صناعية جديدة متطورة خاصة في الجهات الداخلية، ومراجعة الأمر الحكومي عدد 389 لسنة 2017 المتعلق بالحوافز المالية الممنوحة للاستثمارات المنجزة في إطار قانون الاستثمار في اتجاه تمكين أصحاب الشهادات العليا والباعثين الشبان من الانتفاع بالحوافز المنصوص عليها بهذا الأمر مع توسيع قائمة الأنشطة المنتفعة لتشمل المشاريع الصغرى والمتوسطة والمبادرات التعاونية. وهناك العديد من النواب طالبوا الوزارة بربط جهاتهم بالغاز الطبيعي، ودعا غيرهم إلى توجيه بوصلة الاستثمارات الكبرى إلى قطاع الطاقات النظيفة والمتجددة والمستدامة قصد ضمان موقع استراتيجي لتونس في هذا المجال، واقترح بعضهم التسريع في إحالة مشروع مجلة المحروقات على أنظار البرلمان في حين تساءل البعض الآخر عن مدى التقدم في إعداد مشروع مجلة الاستثمار. وأكد العديد من النواب على ضرورة الحرص على الترفيع في إنتاج الفسفاط، وهناك من دعا إلى حلحلة المشاكل التي أخرت انطلاق مشروع استغلال الفسفاط في منجم سرا ورتان بالكاف وهناك من اقترح تشديد الرقابة على الشركات المستغلة لمقاطع الرخام بالقصرين وتم التأكيد خلال الجلسة على ضرورة استرجاع نسق البحث عن المحروقات ونشر معطيات دقيقة حول مناب الدولة التونسية من عائدات البترول الذي يتم استخراجه من قبل الشركات الأجنبية وهناك من النواب من أطلق صيحة فزع من التجاوزات المرتكبة من قبل هذه الشركات.

أسئلة حارقة

وقبل تلاوة تقرير حول مشروع ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026،  توجه شكري البحري رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب بعديد الأسئلة  وعبر عن رغبة اللجنة في الحصول عن إجابات عنها من قبل الوزيرة وهي الآتي ذكرها:  ما هو موقف الوزارة مما يحدث في قابس؟ وأين تفاعل الوزارة مع قانون عقود الشغل ومنع المناولة خاصة في ظل تشكيات العمال من المؤسسات الراجعة لها بالنظر؟ وأين الأرقام الرسمية ونسب التطور والمؤشرات وخطة تطوير إنتاج الفسفاط وإعادة تأهيل هذا القطاع الحيوي؟ وأين برنامج تطوير المحروقات وخطط استكشاف آبار النقط والغاز؟ وأين الحلول الكفيلة بالحد من الانخفاض المتواصل للاستثمار الصناعي؟. وبين البحري أنه في ظل تزايد الطلب على الطاقة وتقادم محطات إنتاج الكهرباء فالسؤال المطروح هو  أين الحلول السريعة والإجراءات اللازمة لتلافي تكرار الإنقطاعات التي حصلت في السابق؟

وبين شكري البحري أنه في ظل الركود الصناعي في أوروبا فالمطلوب من الوزيرة توضيح خطة تونس للبروز كوجهة لجذب الاستثمار الصناعي.  كما استفسر رئيس اللجنة عن الوثائق المتعلقة بالمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية الراجعة بالنظر لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة وعن عقود أهدافها وعقود البرامج والميزانيات التقديرية للتصرف والاستثمار وطرق تمويل المشاريع والقوائم المالية لهذه المؤسسات والمراجع القانونية للحسابات وفق ما ينص عليه الفصل 22 من الأمر عدد 1198 المؤرخ في 7 أكتوبر 2002.

وأما رئيسة لجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم دلال اللموشي، فأشارت إلى أن القطاعات التي تشرف عليها وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة تكتسي أهمية بالغة لأنها تمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ورافدا أساسيا للتشغيل والاستثمار، واستعرضت اللموشي في مداخلتها التوصيات التي تمخضت عن دراسة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2026 من قبل لجنة القطاعات الإنتاجية بالغرفة النيابية الثانية ولجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بالغرفة النيابية الأولى، وتتمثل هذه التوصيات حسب قولها في دعم مسارات الإصلاح في المؤسسات والمنشآت العمومية ذات الصلة، وتشجيع الابتكار والصناعات ذات القيمة المضافة، والارتقاء بإدارة الموارد المنجمية وحسن استغلالها، وتعزيز منظومة الانتقال الطاقي وتنويع المصادر بما يضمن الأمن الطاقي للبلاد.

كما دعت رئيسة اللجنة إلى مواصلة العمل المشترك بين اللجان البرلمانية والوزارة بما من شأنه الإسهام في تطوير هذه القطاعات والمحافظة على دورها الريادي في دفع النمو الاقتصادي.

خطة للانقاذ

خلال النقاش العام لمشروع ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026 قالت عضو مجلس نواب الشعب نور الهدى سبائطي إن أهالي قابس بكل معتمدياتها يرفضون رفضا قاطعا تركيز أي مشروع له علاقة بتخزين أو تثمين الفسفوجيبس ويرفضون تصدير أزمة التلوث من معتمدية إلى أخرى فهم بعد عقود من الانتظار نفذ صبرهم وخرجوا للتظاهر للمطالبة بالحق في الحياة وتفكيك الوحدات الملوثة بالمجمع الكميائي ويجب على الدولة حسب قولها ضمان حق أهالي قابس في بيئة سلمية وحقهم في الحياة.

وأشارت عضو مجلس نواب الشعب إلى أن وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة قالت إنه من المتوقع تحويل 4 فاصل 5 مليون طن من الفسفاط سنة 2026 و4 فاصل 9 مليون طن سنة 2027 و 5 فاصل 2 مليون طن سنة 2028  و6 فاصل 6 مليون طن سنة 2029  والسؤال المطروح أين سيتم تحويل الفسفاط فهل يحدث ذلك في المجمع الكميائي بقابس وهل ترى الوزيرة أن وضع المجمع الحالي ووضع الوحدات التي انتهى عمرها الافتراضي يسمح بتحقيق تلك الأرقام أم أن هذه الأرقام لن تتجاوز عتبة التوقعات. وأشارت إلى أن المطلوب التسريع في وضع خطة للإنقاذ. كما استفسرت عن أسباب التأخير لمدة تجاوزت السنة في تسمية مدير عام الشركة المختصة في صناعة الأسمدة الكيميائية التي تصل مساهمة المجمع الكيميائي فيها إلى 35 بالمائة بما أدى إلى تكليف إطار صيني للقيام بالمهمة وسد الشغور في هذه الخطة وهو ما يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على مصالح المجمع الكميائي التونسي في هذه الشركة وتساءلت عن سبب الاقتصار على تكليف مديرين بالنيابية دون المرور لتكليفهم بصفة رسمية وهو ما أثر سلبيا على مردودية المجمع لأن المديرين بالنيابية لا يمكنهم البت في الملفات.

منع المناولة

وأشار عضو مجلس نواب الشعب يوسف طرشون إلى وجود العديد من نقاط الاستفهام في علاقة بوزارة الصناعة والمناجم والطّاقة، وفسر أن دور الحكومة يتمثل في تجسيد السياسات العامة للدولة التي حددها رئيس الجمهورية وفق الدستور وبين أنه إذا كانت المبادئ الأساسية لهذه السياسة تتلخص في السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والفاسدين فما مدى انخراط الوزارة في تجسيد هذه الأهداف الثلاثة، وأين الوزارة من السيادة الوطنية والسعي إلى أن تكون ثروات الوطن بالفعل ثروات للشعب التونسي وأن يكون للشعب التونسي سيادة على تلك الثروات؟ وأين الوزارة من العدالة الاجتماعية ومن محاربة الفساد؟.

وأضاف أنه لا يمكن خوض نفس الحروب بنفس الأدوات بل لا بد من القيام بمراجعات عميقة، وفسر طرشون أنه عند متابعة مدى انخراط الوزارة في تحقيق مطلب أساسي وهو العدالة الاجتماعية وفي تكريس القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة فهو يلاحظ عمالا مطرودين من كل الشركات والمنشآت التابعة لهذه الوزارة. وأكد أنه لا توجد أي شركة أو منشأة لم يقع فيها طرد جزئي أو كلي للعمال وهناك عمال آخرون ينتظرون منذ خمسة أشهر أن تتم تسوية وضعياتهم الشغلية بناء على قانون الشغل الجديد. وتساءل النائب هل توجد إرادة حقيقة لتكريس العدالة الاجتماعية من قبل الوزارة. وذكر أنه بإمكانه منح الوزيرة قائمة كاملة بأسماء العمال الذين وقع طردهم والعمال الذين لم يقع خلاصهم في أجورهم ودعاها إلى التعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ورئاسة الحكومة من أجل تسوية وضعية العمال بالمؤسسات والمنشآت الراجعة بالنظر لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة من أجل تطبيق القانون الذي صدر في الرائد الرسمي وتم نشر أوامره الترتيبية منذ شهر جوان 2025. وبين أن العمال اعتصموا أكثر من مرة لكن لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم.

الشفافية ونشر الأرقام

وبين النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم  عادل ماجول  أن قطاع الطاقة والمناجم له وزن كبير في اقتصاد البلاد لكنه يعاني من العديد من النقائص فتونس فيها البترول والغاز والفسفاط والملح لكن المواطن لم ير انعكاسها على الواقع وهو يرى الثروات الباطنية تخرج من أرض جهته لكن في المقابل بقيت نسبة البطالة عالية والخدمات غير متوفرة. ودعا ماجول إلى توخي الشفافية ونشر الأرقام الحقيقية حول الثروات الوطنية. وذكر أن الجهات المنتجة يجب أن تستفيد من الثروات وذلك ببعث مشاريع تنموية وطرقات واستثمارات محلية وتحسين الخدمات الأساسية والعناية بالجانب البيئي خاصة في قابس لأن الثروة حسب رأيه يجب ألا تكون نقمة على البيئة والصحة بل يجب أن تكون في خدمة الإنسان والتنمية المستدامة. وخلص إلى التأكيد على الحاجة الكبيرة لتوفر الثقة بين الدولة والمواطن وهذا يتحقق باعتماد الشفافية وخدمة المواطن في جميع الجهات.

سنغافورة شمال إفريقيا

وبين عضو مجلس نواب الشعب عبد الحليم بوسمة أنه لا يمكن الانطلاق في نقاش هذه الميزانية بينما قابس تنتفض منذ أكثر من شهر للمطالبة بالحق في بيئة سليمة وسط صمت الوزارة تجاه كارثة بيئية تتفاقم يوما بعد يوم والحال أن رئيس الجمهورية أعلن بوضوح أن ما يحدث في قابس جريمة دولة، وبالتالي كان يجب على الوزارة حسب رأيه التدخل العاجل لتحديد المسؤوليات واقتراح الحلول وتوفير التمويلات الضرورية لوقف التلوث البيئي البري والبحري وتوفير هواء نظيف وحياة كريمة لأهالي قابس. وقال إنه على الوزارة تقديم برنامج استثماري واضح متكامل فيه الحلول التقنية والبيئية والفنية الكفيلة بإيقاف مشكل التلوث بقابس.

وأشار النائب إلى أن تونس تورد 60 بالمائة من حاجيتها الطاقية ووصل العجز في شهر جويلية إلى  4 آلاف مليون دينار ويعود ذلك لضعف الاستثمار في الطاقات المتجددة التي لم تتجاوز 5 بالمائة من إنتاج الكهرباء في تونس. وذكر أنه بناء على إطلاعه المباشر على الملفات من منطلق عضويته بلجنة الصناعة فهو يطالب الوزيرة بالتسريع في انجاز هذه المشاريع وعدم تحميل المسؤولية لأي طرف خارج الوزارة. ولاحظ أنه يجب ألا يتم النظر إلى  الاستثمار في الطاقات المتجددة من زاوية تقليص العجز الطاقي بل يجب اعتباره مدخلا استراتيجيا لتحول الاقتصاد الوطني، لأن العالم اليوم يتجه نحو الثورة الرقمية الكبرى حيث أصبحت الطاقات النظيفة شرطا أساسيا لتمركز شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومراكز تخزين البيانات. وتمتلك تونس حسب رأي النائب عبد الحليم بوسمة فرصة تاريخية لكي تتحول إلى قطب إقليمي في هذا المجال بفضل امتلاكها واحدة من أرخص الطاقات الشمسية والريحية في المنطقة، وذكر أن مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي تحتاج قبل كل شيء طاقة مستدامة ونظيفة ومنخفضة الكلفة وهي ميزة يمكن أن تجعل تونس حسب وصفه سنغافورة شمال إفريقيا في الاقتصاد الرقمي إذا ما أحسنت الوزارة إدارة هذا الملف وتسريع الاستثمار فيه. أما بالنسبة إلى هدف الوزارة المتمثل في بلوغ خمسين بالمائة من إنتاج الكهرباء بالطاقات المتجددة بحلول 2035 .

معطيات دقيقة

وطالب النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أكرم بن سالم وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بتقديم معطيات دقيقة حول المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. وبين أن رئيس الجمهورية عاين المؤسسة وصرح بوجود الكثير من الفساد صلب هذه المؤسسة وهو يرى أن الفساد يتمثل في أكثر من 1200 بئر بترول و50 حقل منتج فهذا البترول ترتع فيه المؤسسات الخاصة والشركات الأجنبية واستعرض النائب أسماء بعض هذه الشركات المتمعشة من الثروات الوطنية. وطالب الوزيرة بمده بمعلومات دقيقة حول حقل البرمة، ومعلومات حول حقل نوارة للغاز. وذكر أنه لن يصمت على ما يحدث في هذا القطاع.

منطقة صناعية

وبين عضو مجلس نواب الشعب يوسف التومي أنه سبق أن وجه أسئلة كتابية إلى الوزيرة حول إحداث فرع للشركة التونسية للكهرباء والغاز بالزاوية والقصيبة والثريات بولاية سوسة لأن المواطنين يعانون من التنقل إلى مساكن ولهذا السبب وردت الكثير من التشكيات واستجابت الوزارة لمطلب إحداث وكالة الكهرباء والغاز لكن هناك بطء على مستوى الإجراءات رغم اختيار مكان العقار بناء على مقترح تم تقديمه من قبل بلدية سوسة كما قام خبير من أملاك الدولة بإجراء اختبار فني لهذا العقار وتولت البلدية إعلام مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز بهذا الموضوع. وعبر عن رغبته في أن يتم فتح الفرع في الآجال المعلن عنها وهي شهر ديسمبر. وطالب التومي بإزالة سلك الضغط العالي الذي تم تركيزه منذ الستينات فإضافة إلى مخاطره فإنه منع المواطنين من بناء مساكن ذات طوابق، وأشار إلى وجود مشروع للغرض يهدف إلى إزالة خط الضغط العالي من بير الحلو إلى حي المندرة زاوية سوسة لكنه لم ير النور وطالب بالتسريع في انجاز هذا المشروع. كما دعا الوزيرة إلى إحداث منطقة صناعية بمنطقة قصيبة سوسة الثريات خاصة وأنه من المنتظر فتح طريق في الجهة إضافة إلى أن المنطقة تقع على مقربة من سيدي عبد الحميد.

قطاع ينزف

وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إن قطاع الصناعي ينزف والثروة تضيع بسبب خيارات سابقة وهي مازالت متواصلة على حساب التونسيين وعلى حساب مستقبل الأجيال القادمة. وبين أن مسؤولية الوزارة تنطلق من قطاعات حيوية وهي الطاقة والمناجم وتساءل عن أزمة الفسفاط . وبين أنه لا يمكن تطوير القطاع في غياب رؤية لتسوية وضعية الجهات خاصة البيئية والاجتماعية وفي غياب تأهيل بيئي صناعي شامل يواكب التطور التقني. وأضاف أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعاني والعجز الطاقي يتفاقم والحل حسب رأي النائب يكمن في الهيكلة وضخ التمويلات مقابل تحسين الأداء ودفع الاستثمار الوطني في الطاقة البديلة. وتطرق الكو إلى الأزمة الحالية في قابس وقال إنه سبق لنواب الشعب أن نبهوا الوزارة من خطورة الوضع.. وذكر أن السيادة الوطنية تقتضي اختيار سياسة جيدة تقوم على الاقتصاد الأخضر وحماية الصناعات الوطنية والاستثمار فيها من أجل تثبيت سيادتها الوطنية وحماية المنتوج التونسي في قطاع الطاقة الجديدة. ولا بد حسب رأيه من العمل على حل مشاكل المناطق الصناعية التي تعاني من غياب التهيئة ونقص البنية التحتية والعمل على تحويلها إلى مناطق صناعية خضراء وذكية.

الربط بالغاز الطبيعي

وبين عضو مجلس نواب الشعب  محمد اليحياوي أن التونسيين يتساءلون دائما عن اللغز المحيط بالطاقة في تونس إذ لا توجد معطيات واضحة حول الإنتاج وهو مدخل للتشكيك في إنتاج الفسفاط وفي إنتاج الطاقة وفي دور الشركات الأجنبية المنتصبة في البلاد. وذكر أن أرقام وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بالمتعلقة بالعجز الطاقي وبتقديرات إنتاج الفسفاط بستة مليون طن وتحقيق الانتقال الطاقي بخمسة وثلاثين بالمائة تبعث على التساؤل هل بهذه الميزانية يمكن فعلا تحقيق الانتقال الطاقي. ولاحظ أن قطاع الفسفاط يعاني منذ سنة 2011 من نفس المشاكل الهيكلية حيث تم تسجيل انهيار تام للإنتاج لأنه لم تقع معالجة المشاكل الناجمة عن تقادم التجهيزات ومشاكل نقل المنتوج وبين أنه توجد دول كانت تنتج كميات أقل مما تنتجه تونس وأصبحت تستعمل تكنولوجيات متطورة.

ولاحظ غياب الشفافية في علاقة بقطاع المحروقات وبالمنابات التي تتحصل عليها تونس من الشركات الأجنبية وتساءل عن دور الشركات البترولية الأجنبية في الاستكشاف والإنتاج وعن حصة تونس منه. وتحدث النائب عن الصراع الموجود في المنطقة حول أنبوب الغاز الذي سيربط دول شمال إفريقيا والمتوسط في اتجاه أوروبا وتساءل عن دور تونس. وفي علاقة بالمناطق الصناعية يرى اليحياوي أن العمل في هذه المناطق الصناعية مازال يتم بنظام تقليدي فالوكالة العقارية الصناعية تقتني الأراضي وتبيعها بالدينار الرمزي قبل البحث عن صاحب المشروع في حين أن العديد من الدول هي التي تتحكم في المناطق الصناعية إذ تقوم بانجازها ثم بكرائها إلى المستثمرين وليس التفويت في العقارات بالدينار الرمزي وتساءل ألم يحن الوقت لمراجعة قانون الوكالة العقارية الصناعية في اتجاه يمكن من دفع الصناعة في البلاد. وخلص النائب إلى تقديم مطالب تهم جهته وبين أنه لا توجد بعين دراهم منطقة صناعية لذلك تمت المطالبة في إطار إعداد مشروع المخطط الخماسي للتنمية بتركيز منطقة صناعية قرب المطار. واستفسر النائب عن موعد إنجاز مشروع تزويد طبرقة وعين دراهم بالغاز الطبيعي وقال إن المشروع معطل رغم أن هذه المناطق باردة وتحتاج  إلى الربط بالغاز الطبيعي. كما دعا إلى توسيع شبكة الكهرباء وربط حي الكرنيش 2  لأن المتساكنين مازالوا يستعلمون الشموع للإنارة. وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أنه بالنظر إلى أهمية القطاعات التي تشرف عليها هذه الوزارة فهي قادرة على أن تلعب دورا كبيرا في التنمية والإنعاش الاقتصادي المنشود لذلك فإن إحكام استغلال الثروات الوطنية والمقدرات التي أكد الفصل 16 من الدستور أنها ملك للشعب التونسي من شأنه أن يسهم في توفير موارد هامة لتمويل خزينة الدولة وتنشيط الاقتصاد ودفع الاستثمار والتحكم في الطاقة باعتبارها من أبرز محركات النمو وذلك في كنف احترام مقتضيات الحوكمة والشفافية والمساءلة. وأضاف أن المرتقب من هذه الوزارة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر، أن تضطلع بدورها كاملا في استرجاع نسق الإنتاج لأهم القطاعات الاستخراجية ووضع البرامج الكفيلة بتنويع مصادر الطاقة واستشراف أنجع السبل لبلوغ الانتقال الطاقي الناجع ودفع القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية والنهوض بالاستثمار الصناعي وتحفيز التصدير. ويرى رئيس المجلس النيابي أنه لا بد من تكثيف الجهد لدعم الاستثمار بمختلف ربوع البلاد واستنباط طرق مبتكرة لدعم المستثمر الجديد ومساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعرضت ومازالت تتعرض لصعوبات عديدة ولن تكون هذه المهمة يسيرة دون تحقيق التنسيق والتكامل بين مختلف الأطراف ودون العمل على تطوير البنية التحتية الصناعية بالجهات الداخلية وتمويل أشغال التهيئة الخارجية للأقطاب التكنولوجية والفضاءات الصناعية المساندة لها واستقطاب المستثمرين والإحاطة بهم وتشجيعهم على الاستثمار وتذليل الصعوبات التي تعترضهم. وقال بودربالة إن التوق إلى الأفضل يجعل الوظيفة التشريعية بمجلسيها تؤكد على حرصها على التفاعل الايجابي مع كل ما يعرض عليها من نصوص تشريعية ومشاريع وبرامج قادرة على تلافي الإشكاليات القائمة وتحقيق النقلة النوعية لهذه القطاعات التي تعد قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

سعيدة بوهلال

في مناقشة ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة..   دعوات لبعث مناطق صناعية جديدة وسن مجلة للمحروقات

- ربط العديد من المدن والقرى بالغاز الطبيعي

-مطالبة بربط العديد من المدن والقرى بالغاز الطبيعي

-توصيات بمحاربة الفساد في قطاع المحروقات ونشر الأرقام المتعلقة بالبترول

-اقتراح توجيه بوصلة الاستثمار للطاقات المتجددة

بحضور وزيرة الصناعة والمناجم والطّاقة فاطمة ثابت شيبوب وكاتب الدولة للانتقال الطاقي وائل شوشان، تم أمس التداول حول مشروع ميزانية هذه الوزارة لسنة 2026 وذلك خلال جلسة عامة مشرتكة بقصر باردو بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم. وبلغت هذه الميزانية 5.325.619 أ.د (332.619 أ.د دون دعم) مقابل 7.435.818 أ.د (323.818 أ.د دون دعم) سنة 2025، مسجلة نسبة تطوّر سلبية قدرها 38 فاصل 37 بالمائة.

وتتمثل أهم التوصيات التي تقدم بها أعضاء المجلسين، في وضع حد نهائي لمشاكل التلوث الناجم عن انبعاث الغازات السامة من المجمع الكميائي بقابس، وفرض تطبيق قانون منع المناولة على الشركات البترولية ومختلف المؤسسات والمنشآت الراجعة بالنظر إلى هذه الوزارة،  وإصلاح القطاع الصناعي وبعث مناطق صناعية جديدة متطورة خاصة في الجهات الداخلية، ومراجعة الأمر الحكومي عدد 389 لسنة 2017 المتعلق بالحوافز المالية الممنوحة للاستثمارات المنجزة في إطار قانون الاستثمار في اتجاه تمكين أصحاب الشهادات العليا والباعثين الشبان من الانتفاع بالحوافز المنصوص عليها بهذا الأمر مع توسيع قائمة الأنشطة المنتفعة لتشمل المشاريع الصغرى والمتوسطة والمبادرات التعاونية. وهناك العديد من النواب طالبوا الوزارة بربط جهاتهم بالغاز الطبيعي، ودعا غيرهم إلى توجيه بوصلة الاستثمارات الكبرى إلى قطاع الطاقات النظيفة والمتجددة والمستدامة قصد ضمان موقع استراتيجي لتونس في هذا المجال، واقترح بعضهم التسريع في إحالة مشروع مجلة المحروقات على أنظار البرلمان في حين تساءل البعض الآخر عن مدى التقدم في إعداد مشروع مجلة الاستثمار. وأكد العديد من النواب على ضرورة الحرص على الترفيع في إنتاج الفسفاط، وهناك من دعا إلى حلحلة المشاكل التي أخرت انطلاق مشروع استغلال الفسفاط في منجم سرا ورتان بالكاف وهناك من اقترح تشديد الرقابة على الشركات المستغلة لمقاطع الرخام بالقصرين وتم التأكيد خلال الجلسة على ضرورة استرجاع نسق البحث عن المحروقات ونشر معطيات دقيقة حول مناب الدولة التونسية من عائدات البترول الذي يتم استخراجه من قبل الشركات الأجنبية وهناك من النواب من أطلق صيحة فزع من التجاوزات المرتكبة من قبل هذه الشركات.

أسئلة حارقة

وقبل تلاوة تقرير حول مشروع ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026،  توجه شكري البحري رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب بعديد الأسئلة  وعبر عن رغبة اللجنة في الحصول عن إجابات عنها من قبل الوزيرة وهي الآتي ذكرها:  ما هو موقف الوزارة مما يحدث في قابس؟ وأين تفاعل الوزارة مع قانون عقود الشغل ومنع المناولة خاصة في ظل تشكيات العمال من المؤسسات الراجعة لها بالنظر؟ وأين الأرقام الرسمية ونسب التطور والمؤشرات وخطة تطوير إنتاج الفسفاط وإعادة تأهيل هذا القطاع الحيوي؟ وأين برنامج تطوير المحروقات وخطط استكشاف آبار النقط والغاز؟ وأين الحلول الكفيلة بالحد من الانخفاض المتواصل للاستثمار الصناعي؟. وبين البحري أنه في ظل تزايد الطلب على الطاقة وتقادم محطات إنتاج الكهرباء فالسؤال المطروح هو  أين الحلول السريعة والإجراءات اللازمة لتلافي تكرار الإنقطاعات التي حصلت في السابق؟

وبين شكري البحري أنه في ظل الركود الصناعي في أوروبا فالمطلوب من الوزيرة توضيح خطة تونس للبروز كوجهة لجذب الاستثمار الصناعي.  كما استفسر رئيس اللجنة عن الوثائق المتعلقة بالمؤسسات العمومية التي لا تكتسي صبغة إدارية الراجعة بالنظر لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة وعن عقود أهدافها وعقود البرامج والميزانيات التقديرية للتصرف والاستثمار وطرق تمويل المشاريع والقوائم المالية لهذه المؤسسات والمراجع القانونية للحسابات وفق ما ينص عليه الفصل 22 من الأمر عدد 1198 المؤرخ في 7 أكتوبر 2002.

وأما رئيسة لجنة القطاعات الإنتاجية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم دلال اللموشي، فأشارت إلى أن القطاعات التي تشرف عليها وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة تكتسي أهمية بالغة لأنها تمثل أحد أعمدة الاقتصاد الوطني ورافدا أساسيا للتشغيل والاستثمار، واستعرضت اللموشي في مداخلتها التوصيات التي تمخضت عن دراسة مشروع ميزانية الوزارة لسنة 2026 من قبل لجنة القطاعات الإنتاجية بالغرفة النيابية الثانية ولجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بالغرفة النيابية الأولى، وتتمثل هذه التوصيات حسب قولها في دعم مسارات الإصلاح في المؤسسات والمنشآت العمومية ذات الصلة، وتشجيع الابتكار والصناعات ذات القيمة المضافة، والارتقاء بإدارة الموارد المنجمية وحسن استغلالها، وتعزيز منظومة الانتقال الطاقي وتنويع المصادر بما يضمن الأمن الطاقي للبلاد.

كما دعت رئيسة اللجنة إلى مواصلة العمل المشترك بين اللجان البرلمانية والوزارة بما من شأنه الإسهام في تطوير هذه القطاعات والمحافظة على دورها الريادي في دفع النمو الاقتصادي.

خطة للانقاذ

خلال النقاش العام لمشروع ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطاقة لسنة 2026 قالت عضو مجلس نواب الشعب نور الهدى سبائطي إن أهالي قابس بكل معتمدياتها يرفضون رفضا قاطعا تركيز أي مشروع له علاقة بتخزين أو تثمين الفسفوجيبس ويرفضون تصدير أزمة التلوث من معتمدية إلى أخرى فهم بعد عقود من الانتظار نفذ صبرهم وخرجوا للتظاهر للمطالبة بالحق في الحياة وتفكيك الوحدات الملوثة بالمجمع الكميائي ويجب على الدولة حسب قولها ضمان حق أهالي قابس في بيئة سلمية وحقهم في الحياة.

وأشارت عضو مجلس نواب الشعب إلى أن وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة قالت إنه من المتوقع تحويل 4 فاصل 5 مليون طن من الفسفاط سنة 2026 و4 فاصل 9 مليون طن سنة 2027 و 5 فاصل 2 مليون طن سنة 2028  و6 فاصل 6 مليون طن سنة 2029  والسؤال المطروح أين سيتم تحويل الفسفاط فهل يحدث ذلك في المجمع الكميائي بقابس وهل ترى الوزيرة أن وضع المجمع الحالي ووضع الوحدات التي انتهى عمرها الافتراضي يسمح بتحقيق تلك الأرقام أم أن هذه الأرقام لن تتجاوز عتبة التوقعات. وأشارت إلى أن المطلوب التسريع في وضع خطة للإنقاذ. كما استفسرت عن أسباب التأخير لمدة تجاوزت السنة في تسمية مدير عام الشركة المختصة في صناعة الأسمدة الكيميائية التي تصل مساهمة المجمع الكيميائي فيها إلى 35 بالمائة بما أدى إلى تكليف إطار صيني للقيام بالمهمة وسد الشغور في هذه الخطة وهو ما يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية على مصالح المجمع الكميائي التونسي في هذه الشركة وتساءلت عن سبب الاقتصار على تكليف مديرين بالنيابية دون المرور لتكليفهم بصفة رسمية وهو ما أثر سلبيا على مردودية المجمع لأن المديرين بالنيابية لا يمكنهم البت في الملفات.

منع المناولة

وأشار عضو مجلس نواب الشعب يوسف طرشون إلى وجود العديد من نقاط الاستفهام في علاقة بوزارة الصناعة والمناجم والطّاقة، وفسر أن دور الحكومة يتمثل في تجسيد السياسات العامة للدولة التي حددها رئيس الجمهورية وفق الدستور وبين أنه إذا كانت المبادئ الأساسية لهذه السياسة تتلخص في السيادة الوطنية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والفاسدين فما مدى انخراط الوزارة في تجسيد هذه الأهداف الثلاثة، وأين الوزارة من السيادة الوطنية والسعي إلى أن تكون ثروات الوطن بالفعل ثروات للشعب التونسي وأن يكون للشعب التونسي سيادة على تلك الثروات؟ وأين الوزارة من العدالة الاجتماعية ومن محاربة الفساد؟.

وأضاف أنه لا يمكن خوض نفس الحروب بنفس الأدوات بل لا بد من القيام بمراجعات عميقة، وفسر طرشون أنه عند متابعة مدى انخراط الوزارة في تحقيق مطلب أساسي وهو العدالة الاجتماعية وفي تكريس القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة فهو يلاحظ عمالا مطرودين من كل الشركات والمنشآت التابعة لهذه الوزارة. وأكد أنه لا توجد أي شركة أو منشأة لم يقع فيها طرد جزئي أو كلي للعمال وهناك عمال آخرون ينتظرون منذ خمسة أشهر أن تتم تسوية وضعياتهم الشغلية بناء على قانون الشغل الجديد. وتساءل النائب هل توجد إرادة حقيقة لتكريس العدالة الاجتماعية من قبل الوزارة. وذكر أنه بإمكانه منح الوزيرة قائمة كاملة بأسماء العمال الذين وقع طردهم والعمال الذين لم يقع خلاصهم في أجورهم ودعاها إلى التعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ورئاسة الحكومة من أجل تسوية وضعية العمال بالمؤسسات والمنشآت الراجعة بالنظر لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة من أجل تطبيق القانون الذي صدر في الرائد الرسمي وتم نشر أوامره الترتيبية منذ شهر جوان 2025. وبين أن العمال اعتصموا أكثر من مرة لكن لم تقع الاستجابة إلى مطالبهم.

الشفافية ونشر الأرقام

وبين النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم  عادل ماجول  أن قطاع الطاقة والمناجم له وزن كبير في اقتصاد البلاد لكنه يعاني من العديد من النقائص فتونس فيها البترول والغاز والفسفاط والملح لكن المواطن لم ير انعكاسها على الواقع وهو يرى الثروات الباطنية تخرج من أرض جهته لكن في المقابل بقيت نسبة البطالة عالية والخدمات غير متوفرة. ودعا ماجول إلى توخي الشفافية ونشر الأرقام الحقيقية حول الثروات الوطنية. وذكر أن الجهات المنتجة يجب أن تستفيد من الثروات وذلك ببعث مشاريع تنموية وطرقات واستثمارات محلية وتحسين الخدمات الأساسية والعناية بالجانب البيئي خاصة في قابس لأن الثروة حسب رأيه يجب ألا تكون نقمة على البيئة والصحة بل يجب أن تكون في خدمة الإنسان والتنمية المستدامة. وخلص إلى التأكيد على الحاجة الكبيرة لتوفر الثقة بين الدولة والمواطن وهذا يتحقق باعتماد الشفافية وخدمة المواطن في جميع الجهات.

سنغافورة شمال إفريقيا

وبين عضو مجلس نواب الشعب عبد الحليم بوسمة أنه لا يمكن الانطلاق في نقاش هذه الميزانية بينما قابس تنتفض منذ أكثر من شهر للمطالبة بالحق في بيئة سليمة وسط صمت الوزارة تجاه كارثة بيئية تتفاقم يوما بعد يوم والحال أن رئيس الجمهورية أعلن بوضوح أن ما يحدث في قابس جريمة دولة، وبالتالي كان يجب على الوزارة حسب رأيه التدخل العاجل لتحديد المسؤوليات واقتراح الحلول وتوفير التمويلات الضرورية لوقف التلوث البيئي البري والبحري وتوفير هواء نظيف وحياة كريمة لأهالي قابس. وقال إنه على الوزارة تقديم برنامج استثماري واضح متكامل فيه الحلول التقنية والبيئية والفنية الكفيلة بإيقاف مشكل التلوث بقابس.

وأشار النائب إلى أن تونس تورد 60 بالمائة من حاجيتها الطاقية ووصل العجز في شهر جويلية إلى  4 آلاف مليون دينار ويعود ذلك لضعف الاستثمار في الطاقات المتجددة التي لم تتجاوز 5 بالمائة من إنتاج الكهرباء في تونس. وذكر أنه بناء على إطلاعه المباشر على الملفات من منطلق عضويته بلجنة الصناعة فهو يطالب الوزيرة بالتسريع في انجاز هذه المشاريع وعدم تحميل المسؤولية لأي طرف خارج الوزارة. ولاحظ أنه يجب ألا يتم النظر إلى  الاستثمار في الطاقات المتجددة من زاوية تقليص العجز الطاقي بل يجب اعتباره مدخلا استراتيجيا لتحول الاقتصاد الوطني، لأن العالم اليوم يتجه نحو الثورة الرقمية الكبرى حيث أصبحت الطاقات النظيفة شرطا أساسيا لتمركز شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومراكز تخزين البيانات. وتمتلك تونس حسب رأي النائب عبد الحليم بوسمة فرصة تاريخية لكي تتحول إلى قطب إقليمي في هذا المجال بفضل امتلاكها واحدة من أرخص الطاقات الشمسية والريحية في المنطقة، وذكر أن مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي تحتاج قبل كل شيء طاقة مستدامة ونظيفة ومنخفضة الكلفة وهي ميزة يمكن أن تجعل تونس حسب وصفه سنغافورة شمال إفريقيا في الاقتصاد الرقمي إذا ما أحسنت الوزارة إدارة هذا الملف وتسريع الاستثمار فيه. أما بالنسبة إلى هدف الوزارة المتمثل في بلوغ خمسين بالمائة من إنتاج الكهرباء بالطاقات المتجددة بحلول 2035 .

معطيات دقيقة

وطالب النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم أكرم بن سالم وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بتقديم معطيات دقيقة حول المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. وبين أن رئيس الجمهورية عاين المؤسسة وصرح بوجود الكثير من الفساد صلب هذه المؤسسة وهو يرى أن الفساد يتمثل في أكثر من 1200 بئر بترول و50 حقل منتج فهذا البترول ترتع فيه المؤسسات الخاصة والشركات الأجنبية واستعرض النائب أسماء بعض هذه الشركات المتمعشة من الثروات الوطنية. وطالب الوزيرة بمده بمعلومات دقيقة حول حقل البرمة، ومعلومات حول حقل نوارة للغاز. وذكر أنه لن يصمت على ما يحدث في هذا القطاع.

منطقة صناعية

وبين عضو مجلس نواب الشعب يوسف التومي أنه سبق أن وجه أسئلة كتابية إلى الوزيرة حول إحداث فرع للشركة التونسية للكهرباء والغاز بالزاوية والقصيبة والثريات بولاية سوسة لأن المواطنين يعانون من التنقل إلى مساكن ولهذا السبب وردت الكثير من التشكيات واستجابت الوزارة لمطلب إحداث وكالة الكهرباء والغاز لكن هناك بطء على مستوى الإجراءات رغم اختيار مكان العقار بناء على مقترح تم تقديمه من قبل بلدية سوسة كما قام خبير من أملاك الدولة بإجراء اختبار فني لهذا العقار وتولت البلدية إعلام مصالح الشركة التونسية للكهرباء والغاز بهذا الموضوع. وعبر عن رغبته في أن يتم فتح الفرع في الآجال المعلن عنها وهي شهر ديسمبر. وطالب التومي بإزالة سلك الضغط العالي الذي تم تركيزه منذ الستينات فإضافة إلى مخاطره فإنه منع المواطنين من بناء مساكن ذات طوابق، وأشار إلى وجود مشروع للغرض يهدف إلى إزالة خط الضغط العالي من بير الحلو إلى حي المندرة زاوية سوسة لكنه لم ير النور وطالب بالتسريع في انجاز هذا المشروع. كما دعا الوزيرة إلى إحداث منطقة صناعية بمنطقة قصيبة سوسة الثريات خاصة وأنه من المنتظر فتح طريق في الجهة إضافة إلى أن المنطقة تقع على مقربة من سيدي عبد الحميد.

قطاع ينزف

وقال النائب بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم محمد الكو إن قطاع الصناعي ينزف والثروة تضيع بسبب خيارات سابقة وهي مازالت متواصلة على حساب التونسيين وعلى حساب مستقبل الأجيال القادمة. وبين أن مسؤولية الوزارة تنطلق من قطاعات حيوية وهي الطاقة والمناجم وتساءل عن أزمة الفسفاط . وبين أنه لا يمكن تطوير القطاع في غياب رؤية لتسوية وضعية الجهات خاصة البيئية والاجتماعية وفي غياب تأهيل بيئي صناعي شامل يواكب التطور التقني. وأضاف أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تعاني والعجز الطاقي يتفاقم والحل حسب رأي النائب يكمن في الهيكلة وضخ التمويلات مقابل تحسين الأداء ودفع الاستثمار الوطني في الطاقة البديلة. وتطرق الكو إلى الأزمة الحالية في قابس وقال إنه سبق لنواب الشعب أن نبهوا الوزارة من خطورة الوضع.. وذكر أن السيادة الوطنية تقتضي اختيار سياسة جيدة تقوم على الاقتصاد الأخضر وحماية الصناعات الوطنية والاستثمار فيها من أجل تثبيت سيادتها الوطنية وحماية المنتوج التونسي في قطاع الطاقة الجديدة. ولا بد حسب رأيه من العمل على حل مشاكل المناطق الصناعية التي تعاني من غياب التهيئة ونقص البنية التحتية والعمل على تحويلها إلى مناطق صناعية خضراء وذكية.

الربط بالغاز الطبيعي

وبين عضو مجلس نواب الشعب  محمد اليحياوي أن التونسيين يتساءلون دائما عن اللغز المحيط بالطاقة في تونس إذ لا توجد معطيات واضحة حول الإنتاج وهو مدخل للتشكيك في إنتاج الفسفاط وفي إنتاج الطاقة وفي دور الشركات الأجنبية المنتصبة في البلاد. وذكر أن أرقام وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بالمتعلقة بالعجز الطاقي وبتقديرات إنتاج الفسفاط بستة مليون طن وتحقيق الانتقال الطاقي بخمسة وثلاثين بالمائة تبعث على التساؤل هل بهذه الميزانية يمكن فعلا تحقيق الانتقال الطاقي. ولاحظ أن قطاع الفسفاط يعاني منذ سنة 2011 من نفس المشاكل الهيكلية حيث تم تسجيل انهيار تام للإنتاج لأنه لم تقع معالجة المشاكل الناجمة عن تقادم التجهيزات ومشاكل نقل المنتوج وبين أنه توجد دول كانت تنتج كميات أقل مما تنتجه تونس وأصبحت تستعمل تكنولوجيات متطورة.

ولاحظ غياب الشفافية في علاقة بقطاع المحروقات وبالمنابات التي تتحصل عليها تونس من الشركات الأجنبية وتساءل عن دور الشركات البترولية الأجنبية في الاستكشاف والإنتاج وعن حصة تونس منه. وتحدث النائب عن الصراع الموجود في المنطقة حول أنبوب الغاز الذي سيربط دول شمال إفريقيا والمتوسط في اتجاه أوروبا وتساءل عن دور تونس. وفي علاقة بالمناطق الصناعية يرى اليحياوي أن العمل في هذه المناطق الصناعية مازال يتم بنظام تقليدي فالوكالة العقارية الصناعية تقتني الأراضي وتبيعها بالدينار الرمزي قبل البحث عن صاحب المشروع في حين أن العديد من الدول هي التي تتحكم في المناطق الصناعية إذ تقوم بانجازها ثم بكرائها إلى المستثمرين وليس التفويت في العقارات بالدينار الرمزي وتساءل ألم يحن الوقت لمراجعة قانون الوكالة العقارية الصناعية في اتجاه يمكن من دفع الصناعة في البلاد. وخلص النائب إلى تقديم مطالب تهم جهته وبين أنه لا توجد بعين دراهم منطقة صناعية لذلك تمت المطالبة في إطار إعداد مشروع المخطط الخماسي للتنمية بتركيز منطقة صناعية قرب المطار. واستفسر النائب عن موعد إنجاز مشروع تزويد طبرقة وعين دراهم بالغاز الطبيعي وقال إن المشروع معطل رغم أن هذه المناطق باردة وتحتاج  إلى الربط بالغاز الطبيعي. كما دعا إلى توسيع شبكة الكهرباء وربط حي الكرنيش 2  لأن المتساكنين مازالوا يستعلمون الشموع للإنارة. وقبل الشروع في النقاش العام لمهمة ميزانية وزارة الصناعة والمناجم والطّاقة أشار رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة إلى أنه بالنظر إلى أهمية القطاعات التي تشرف عليها هذه الوزارة فهي قادرة على أن تلعب دورا كبيرا في التنمية والإنعاش الاقتصادي المنشود لذلك فإن إحكام استغلال الثروات الوطنية والمقدرات التي أكد الفصل 16 من الدستور أنها ملك للشعب التونسي من شأنه أن يسهم في توفير موارد هامة لتمويل خزينة الدولة وتنشيط الاقتصاد ودفع الاستثمار والتحكم في الطاقة باعتبارها من أبرز محركات النمو وذلك في كنف احترام مقتضيات الحوكمة والشفافية والمساءلة. وأضاف أن المرتقب من هذه الوزارة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر، أن تضطلع بدورها كاملا في استرجاع نسق الإنتاج لأهم القطاعات الاستخراجية ووضع البرامج الكفيلة بتنويع مصادر الطاقة واستشراف أنجع السبل لبلوغ الانتقال الطاقي الناجع ودفع القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية والنهوض بالاستثمار الصناعي وتحفيز التصدير. ويرى رئيس المجلس النيابي أنه لا بد من تكثيف الجهد لدعم الاستثمار بمختلف ربوع البلاد واستنباط طرق مبتكرة لدعم المستثمر الجديد ومساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعرضت ومازالت تتعرض لصعوبات عديدة ولن تكون هذه المهمة يسيرة دون تحقيق التنسيق والتكامل بين مختلف الأطراف ودون العمل على تطوير البنية التحتية الصناعية بالجهات الداخلية وتمويل أشغال التهيئة الخارجية للأقطاب التكنولوجية والفضاءات الصناعية المساندة لها واستقطاب المستثمرين والإحاطة بهم وتشجيعهم على الاستثمار وتذليل الصعوبات التي تعترضهم. وقال بودربالة إن التوق إلى الأفضل يجعل الوظيفة التشريعية بمجلسيها تؤكد على حرصها على التفاعل الايجابي مع كل ما يعرض عليها من نصوص تشريعية ومشاريع وبرامج قادرة على تلافي الإشكاليات القائمة وتحقيق النقلة النوعية لهذه القطاعات التي تعد قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

سعيدة بوهلال