إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تجاوزات وإشكاليات تواجه المعتمرين.. مطالبة بتنظيم القطاع وتعزيز هياكل الرقابة للتصدي للدخلاء

- نائب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار لـ«الصباح»: الوسطاء استحوذوا على 70 بالمائة من «سوق العمرة» في غياب حماية المعتمر

يتزايد عدد المعتمرين التونسيين في البقاع المقدسة في هذه الفترات من أشهر السنة، ويشهد نسق رحلات العمرة تصاعدًا خلال الأشهر التي تسبق شهر رمضان المعظم بشكل خاص، لكن هذا النشاط مازال يواجه إشكاليات كبيرة لدى المعتمرين والمهنيين على حد سواء.

وتشمل التجاوزات أساسا النقل، الإعاشة، الإقامة، والأسعار وجودة الخدمات المقدمة للمعتمرين في البقاع المقدسة، والتي تتسبب فيها أطراف باتت معروفة لدى أغلب التونسيين جراء سوء التصرف في هذا المنتج السياحي الديني الأكثر استقطابًا لهم من قبل جهات غير مرخص لها قانونيا.

في هذا السياق، أفاد نائب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، سامي بن سعيدان، بأن توغل الوسطاء واستحواذهم على نسبة تصل إلى 70 بالمائة من السوق في منتج العمرة فقط يعد من أهم الإشكاليات التي تواجه مهنيي القطاع، مشيرا إلى أن أكثر من 1500 وكالة أسفار اليوم تواجه مشكلة ما يعرف بالوسيط.

الدخلاء والقوانين القديمة أبرز الأسباب

وأضاف بن سعيدان في تصريحه لـ»الصباح» أن وكالات الأسفار مضطرة للتعامل مع الوسطاء في ظل تغير عقلية المعتمر التونسي وتوجهه إلى المسلك الأسهل، وهو الوسيط، معتبرا أن تغيير هذا السلوك يتطلب حملات تحسيسية وتوعوية لتوجيه المعتمر نحو وكالة الأسفار مباشرة، وإبرام عقد قانوني يضمن جميع حقوقه في ما يتعلق بالأسعار والخدمات المقدمة في البقاع المقدسة حتى لا يتفاجأ المعتمر فيما بعد.

كما أكد بن سعيدان أن العديد من وكالات الأسفار وضعت نفسها في موقف صعب نتيجة نظام التسهيلات في الدفع عبر الكمبيالات التي عوضت الشيكات، لاستقطاب المعتمرين عبر المسالك القانونية المتمثلة في وكالات الأسفار، مبينا أن الوكالات تقدم تحفيزات للمعتمر، أهمها التخفيضات الآنية التي لا يجدها مع الوسيط.

من جهته، أكد الكاتب العام السابق للجامعة التونسية لوكالات الأسفار، ظافر لطيف، في تصريحه لـ»الصباح» أن الأطر التشريعية والقانونية التي ينشط القطاع على أساسها قد تآكلت ولم تعد مواكبة للتطورات والتغيرات الحاصلة، مما أدى إلى انتشار الدخلاء، الذين يمثلون أساسا شركات الخدمات السياحية والوسطاء الذين لا ينضوون تحت نظام القطاع المنظم.

وأضاف لطيف أن هذه الفئة تمثل خطرا كبيرا على وكالات الأسفار والمعتمرين في ظل توسعها وتطور استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تتطلب أعباء مالية وبشرية، على عكس ما تتحمله وكالات الأسفار اليوم، مشيرا إلى ضرورة تعزيز هياكل الرقابة للتصدي لهذه الفئة.

واعتبر لطيف أن الحل بيد الدولة من خلال تحيين الأطر التشريعية من جهة، وإطلاق مشاريع جديدة تواكب التغيرات وتضمن حقوق المعتمر والمهنيين من جهة ثانية. كما أشار في هذا الصدد إلى ضرورة إطلاق بوابة إلكترونية تونسية على غرار تلك التي أطلقتها السعودية لتنظيم رحلات العمرة.

هذه البوابة التي يتم اعتمادها في عدد من البلدان المجاورة مثل مصر، أكد لطيف في تصريحه لـ»الصباح» أنها من أهم الحلول لتنظيم القطاع من جهة، ومصدر من مصادر توفير عائدات جديدة للدولة من جهة ثانية، خاصة أن البنك المركزي حدد التمويلات المسموح بها في كل موسم للعمرة ألا تتجاوز الـ50 مليار دينار.

بين الأسعار المرتفعة والخدمات

فيما يتعلق بالتكلفة الفعلية للعمرة خلال هذه السنة، أكد لطيف أن المعدل يتراوح بين 4 و5 آلاف دينار للعمرة الاقتصادية وقد تتجاوز هذا المعدل بالنسبة للعمرة المميزة أو الرفاهية.

وفي نفس السياق، يبقى المعتمر التونسي المتضرر الأكبر إلى جانب مهنيي القطاع، مما يتطلب من الدولة حمايته من كل التجاوزات التي لا علاقة له بها، والتي تكون عادة نتيجة سوء التصرف في هذا المنتج الأكثر استقطابا للتونسيين بين المهنيين والوسطاء والدخلاء.

ويبقى بالتالي الحل في تعزيز الرقابة وتنظيم القطاع عبر تعديلات في كراس شروط الوكالات، فضلا عن تكثيف البرامج التوعوية والتحسيسية لفائدة المعتمر، وتوجيهه نحو المسالك القانونية التي تضمن له حقوقه المالية والبدنية لأداء مناسك العمرة مستقبلا.

وكانت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك قد أصدرت مؤخرا بيانا رسميا، أكدت فيه وجود تجاوزات لبعض مسدي خدمات العمرة، إذ أعربت عن «قلقها الشديد إزاء تواصل استدراج عدد كبير من المعتمرين من قبل وسطاء غير مرخصين يقدمون وعودا مضللة تؤدي إلى نزاعات مرتبطة بالسكن والتنقل وجودة الخدمات، كما يستمر غياب العقود المكتوبة مما يضعف ضمانات المعتمر عند التقاضي ويفتح المجال للإفلات من المساءلة».

وأكدت منظمة إرشاد المستهلك، وفق بيانها الممضى من رئيسها لطفي الرياحي، أن «أي تلاعب بخدمات العمرة يعد مساسا بحق ديني واعتداء على كرامة المعتمر والحاج»، منبهة إلى «خطورة الغش في المعاملات وخاصة حين يتعلق الأمر بشعيرة دينية».

كما أوصت المنظمة في هذا الإطار، بإدراج بنود جزائية صريحة ونافذة لفائدة المعتمر لضمان حماية فعلية لحقوقه، داعية الهياكل الرقابية إلى إرساء منصة رقمية موحدة تمكّن من التبليغ والمتابعة الفورية للشكاوى مع الإعلام بنتائج المعالجة في آجال شفافة ومعلومة.

وفاء بن محمد

تجاوزات وإشكاليات تواجه المعتمرين..   مطالبة بتنظيم القطاع وتعزيز هياكل الرقابة للتصدي للدخلاء

- نائب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار لـ«الصباح»: الوسطاء استحوذوا على 70 بالمائة من «سوق العمرة» في غياب حماية المعتمر

يتزايد عدد المعتمرين التونسيين في البقاع المقدسة في هذه الفترات من أشهر السنة، ويشهد نسق رحلات العمرة تصاعدًا خلال الأشهر التي تسبق شهر رمضان المعظم بشكل خاص، لكن هذا النشاط مازال يواجه إشكاليات كبيرة لدى المعتمرين والمهنيين على حد سواء.

وتشمل التجاوزات أساسا النقل، الإعاشة، الإقامة، والأسعار وجودة الخدمات المقدمة للمعتمرين في البقاع المقدسة، والتي تتسبب فيها أطراف باتت معروفة لدى أغلب التونسيين جراء سوء التصرف في هذا المنتج السياحي الديني الأكثر استقطابًا لهم من قبل جهات غير مرخص لها قانونيا.

في هذا السياق، أفاد نائب رئيس الجامعة التونسية لوكالات الأسفار، سامي بن سعيدان، بأن توغل الوسطاء واستحواذهم على نسبة تصل إلى 70 بالمائة من السوق في منتج العمرة فقط يعد من أهم الإشكاليات التي تواجه مهنيي القطاع، مشيرا إلى أن أكثر من 1500 وكالة أسفار اليوم تواجه مشكلة ما يعرف بالوسيط.

الدخلاء والقوانين القديمة أبرز الأسباب

وأضاف بن سعيدان في تصريحه لـ»الصباح» أن وكالات الأسفار مضطرة للتعامل مع الوسطاء في ظل تغير عقلية المعتمر التونسي وتوجهه إلى المسلك الأسهل، وهو الوسيط، معتبرا أن تغيير هذا السلوك يتطلب حملات تحسيسية وتوعوية لتوجيه المعتمر نحو وكالة الأسفار مباشرة، وإبرام عقد قانوني يضمن جميع حقوقه في ما يتعلق بالأسعار والخدمات المقدمة في البقاع المقدسة حتى لا يتفاجأ المعتمر فيما بعد.

كما أكد بن سعيدان أن العديد من وكالات الأسفار وضعت نفسها في موقف صعب نتيجة نظام التسهيلات في الدفع عبر الكمبيالات التي عوضت الشيكات، لاستقطاب المعتمرين عبر المسالك القانونية المتمثلة في وكالات الأسفار، مبينا أن الوكالات تقدم تحفيزات للمعتمر، أهمها التخفيضات الآنية التي لا يجدها مع الوسيط.

من جهته، أكد الكاتب العام السابق للجامعة التونسية لوكالات الأسفار، ظافر لطيف، في تصريحه لـ»الصباح» أن الأطر التشريعية والقانونية التي ينشط القطاع على أساسها قد تآكلت ولم تعد مواكبة للتطورات والتغيرات الحاصلة، مما أدى إلى انتشار الدخلاء، الذين يمثلون أساسا شركات الخدمات السياحية والوسطاء الذين لا ينضوون تحت نظام القطاع المنظم.

وأضاف لطيف أن هذه الفئة تمثل خطرا كبيرا على وكالات الأسفار والمعتمرين في ظل توسعها وتطور استخدامها لمواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تتطلب أعباء مالية وبشرية، على عكس ما تتحمله وكالات الأسفار اليوم، مشيرا إلى ضرورة تعزيز هياكل الرقابة للتصدي لهذه الفئة.

واعتبر لطيف أن الحل بيد الدولة من خلال تحيين الأطر التشريعية من جهة، وإطلاق مشاريع جديدة تواكب التغيرات وتضمن حقوق المعتمر والمهنيين من جهة ثانية. كما أشار في هذا الصدد إلى ضرورة إطلاق بوابة إلكترونية تونسية على غرار تلك التي أطلقتها السعودية لتنظيم رحلات العمرة.

هذه البوابة التي يتم اعتمادها في عدد من البلدان المجاورة مثل مصر، أكد لطيف في تصريحه لـ»الصباح» أنها من أهم الحلول لتنظيم القطاع من جهة، ومصدر من مصادر توفير عائدات جديدة للدولة من جهة ثانية، خاصة أن البنك المركزي حدد التمويلات المسموح بها في كل موسم للعمرة ألا تتجاوز الـ50 مليار دينار.

بين الأسعار المرتفعة والخدمات

فيما يتعلق بالتكلفة الفعلية للعمرة خلال هذه السنة، أكد لطيف أن المعدل يتراوح بين 4 و5 آلاف دينار للعمرة الاقتصادية وقد تتجاوز هذا المعدل بالنسبة للعمرة المميزة أو الرفاهية.

وفي نفس السياق، يبقى المعتمر التونسي المتضرر الأكبر إلى جانب مهنيي القطاع، مما يتطلب من الدولة حمايته من كل التجاوزات التي لا علاقة له بها، والتي تكون عادة نتيجة سوء التصرف في هذا المنتج الأكثر استقطابا للتونسيين بين المهنيين والوسطاء والدخلاء.

ويبقى بالتالي الحل في تعزيز الرقابة وتنظيم القطاع عبر تعديلات في كراس شروط الوكالات، فضلا عن تكثيف البرامج التوعوية والتحسيسية لفائدة المعتمر، وتوجيهه نحو المسالك القانونية التي تضمن له حقوقه المالية والبدنية لأداء مناسك العمرة مستقبلا.

وكانت المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك قد أصدرت مؤخرا بيانا رسميا، أكدت فيه وجود تجاوزات لبعض مسدي خدمات العمرة، إذ أعربت عن «قلقها الشديد إزاء تواصل استدراج عدد كبير من المعتمرين من قبل وسطاء غير مرخصين يقدمون وعودا مضللة تؤدي إلى نزاعات مرتبطة بالسكن والتنقل وجودة الخدمات، كما يستمر غياب العقود المكتوبة مما يضعف ضمانات المعتمر عند التقاضي ويفتح المجال للإفلات من المساءلة».

وأكدت منظمة إرشاد المستهلك، وفق بيانها الممضى من رئيسها لطفي الرياحي، أن «أي تلاعب بخدمات العمرة يعد مساسا بحق ديني واعتداء على كرامة المعتمر والحاج»، منبهة إلى «خطورة الغش في المعاملات وخاصة حين يتعلق الأمر بشعيرة دينية».

كما أوصت المنظمة في هذا الإطار، بإدراج بنود جزائية صريحة ونافذة لفائدة المعتمر لضمان حماية فعلية لحقوقه، داعية الهياكل الرقابية إلى إرساء منصة رقمية موحدة تمكّن من التبليغ والمتابعة الفورية للشكاوى مع الإعلام بنتائج المعالجة في آجال شفافة ومعلومة.

وفاء بن محمد