بعد الاجتماعات التمهيدية التي عقدتها لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها النائب عبد الجليل الهاني، ولجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها النائب سليم سالم كل على حدة استعدادا لدراسة مشروع قانون المالية لسنة 2026 المحال عليهما من قبل مكتبي المجلسين يوم الخميس 16 أكتوبر 2025، تم الانطلاق رسميا صباح أمس 23 أكتوبر 2025 بقصر باردو في النظر في المشروع في إطار جلسات مشتركة بين اللجنتين وفق الضوابط التي حددها المرسوم المنظم للعلاقات بين الغرفتين النيابيتين.
وتم خلال هذه الجلسة المشتركة ضبط جدول أعمال للفترة القادمة، وفي هذا الإطار سيتم خلال الأسبوع المقبل تنظيم جلستي استماع إلى وزيرة المالية، ستكون الأولى حول مدى تنفيذ أحكام قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2025 والثانية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 إذ تمسك نواب الغرفتين بإطلاعهم على مدى تنفيذ ميزانية العام الجاري قبل النظر في مشروع ميزانية العام القادم. كما سيتم تنظيم جلسة استماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026، ومن بين المقترحات التي قدمها بعض النواب فتح الباب أمام ممثلي وسائل الإعلام لمواكبة الجلسات المشتركة.
وكانت الاجتماعات التمهيدية قد أسفرت عن إثارة العديد من الملاحظات الأولوية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون وذلك في انتظار التعمق في نقاشه خلال الجلسات المشتركة. ففي لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم تم تنظيم عدة اجتماعات تحضيرية كان آخرها يوم الأربعاء 22 أكتوبر الجاري، وجاء في بلاغ صادر عنها أنه وقع استعراض ملخّص تضمن الملامح العامة لهذا المشروع انطلاقا من التشغيل ودعم القدرة الشرائية بالترفيع في أجور القطاعين العام والخاص والإجراءات المتعلقة بتحسين الخدمات الصحية وتعزيز موارد الصناديق الاجتماعية والنهوض بالسكن والنقل ودفع الاستثمار والتنمية، ووصولا إلى الإجراءات التي تمّ إقرارها لفائدة الشركات الأهلية بالإضافة إلى خطوط التمويل لفائدة صغار الفلاحين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، فضلا عن تدعيم الإدماج الاجتماعي لذوي الإعاقة ومساندة المؤسسات العمومية الناشطة في قطاعات الفسفاط والتجارة والصناعة من خلال إعفائها من بعض المعاليم الديوانية ومن الأداء على القيمة المضافة، والإجراءات المتعلقة بالانتقال الطاقي والبيئي بالتخفيض في المعاليم الديوانية على الألواح واللاقطات الشمسية والمركبات الهجينة القابلة للشحن، والإجراءات المتعلقة بالإصلاح الجبائي كالضريبة على ثروة الأشخاص الطبيعيين وتسوية المنقولات المحجوزة لدى الديوانة.
ومن بين المسائل التي أثارها نواب لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ما يتعلق بالقروض التي تعتزم الدولة الحصول عليها خلال سنة 2026 وما تطرحه من إشكاليات على مستوى التوازنات العامة لميزانية الدولة وتأثير سياسة الاقتراض على الاستثمار والتنمية، وكما تطرقوا إلى الإجراءات الممكن إضافتها إلى هذا المشروع تحقيقا للعدالة الجبائية ولكي تساهم الشركات الكبرى والمؤسسات المالية والبنكية في دعم ميزانية الدولة بمساهمات معتبرة وبقروض بنسب فائدة متدنّية، وطالب عدد من أعضاء اللجنة بتعديل الإجراء المتعلق بتوظيف معلوم إضافي على بطاقات شحن الهاتف الجوال لأنه قد يؤثّر على ذوي الدخل الضعيف.
أين شرح الأسباب؟
أما لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب فقد لاحظت خلال جلستها التمهيدية حول مشروع قانون المالية المنتظمة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 أن الإجراءات المضمّنة بهذا المشروع لا تترجم بصفة فعلية العناوين المدرجة بها خاصة فيما يتعلّق بالمجالين الاقتصادي والاجتماعي، كما تساءل نوابها عن سبب عدم إرفاق الأحكام الواردة بمشروع قانون المالية بوثائق شرح أسباب مثلما جرت عليه العادة بالنسبة إلى مشاريع قوانين المالية السابقة، ولهذا السبب قررت خلال اجتماعها المنعقد يوم الثلاثاء الماضي توجيه مراسلة رسمية إلى وزارة المالية لطلب مدّها بشروح أسباب كل الإجراءات المضمنة بمشروع قانون المالية لسنة 2026، إضافة إلى تقديم المردودية المرتقبة والانعكاس الاجتماعي والاقتصادي لكل هذه الإجراءات.
ويذكر أن الفصل 46 من القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية نص على أن يرفق مشروع قانون المالية بـ :
ــ تقرير حول ميزانية الدولة في إطار التوازنات العامة ويتضمن خاصة: تحليلا لتطور الموارد والتكاليف، تحليلا حول الآثار المالية للإجراءات الجبائية، تحليلا للوضعية الاقتصادية خلال السنة الجارية والسنة المعنية بقانون المالية، تحليلا لمختلف الفرضيات بما في ذلك وضعية الدينار التي تم اعتمادها في إعداد تقديرات مشروع قانون المالية،
- إطار الميزانية متوسط المدى الإجمالي وتوزيعه القطاعي.
- جدول التوازنات العامة لميزانية الدولة،
- جدول عمليات تمويل الميزانية،
- مذكرات تفصيلية تشرح نفقات كلّ مهمة حسب نوعيتها وكـذلك حسب البرامج والبرامج الفرعية،
- مشاريع الأداء حسب المهمة للسنة المالية المعنية بإعداد قانون المالية باستثناء المهمات الخاصة،
- تقرير حول الدين العمومي،
- تقرير يتضمن جدولا لمختلف التحويلات من الدولة لفائدة المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية وضمانات الدولة لفائدة هذه الهياكل،
- تقرير حول المنشآت العمومية،
- تقرير حول نشاط الصناديق الخاصة بعنوان السنة المعنية بإعداد قانون المالية،
- تقرير حول التوزيع الجهوي للاستثمار،
- تقرير حول النفقات الجبائية والامتيازات المالية الممنوحة،
- تقرير حول المشاريع الاستثمارية المنجزة في إطار عقود شراكة مع القطاع الخاص أو في شكل لزمة أو بواسطة آليات تمويل أخرى خارج إطار ميزانية الدولة».
وفي نفس السياق كانت الجامعة التونسية للحرفيين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة قد نبهت في بيان لها إثر إطلاعها على مشروع قانون المالية لسنة 2026 المنشور على موقع مجلس نواب الشعب إلى أن هذا المشروع جاء خاليا من شرح الأسباب وذلك في تجاهل للمنشور عدد 15 لسنة 2023 الصادر عن رئاسة الحكومة والمتعلق بمرفقات مشاريع القوانين الذي نص على ما يلي:»في إطار الحرص على تسريع النظر في مشاريع القوانين المعروضة على رئاسة الحكومة والتي تحال بعد مداولة مجلس الوزراء إلى مجلس نواب الشعب، فإنه يتعين على الوزارات أن تضمّن ملف مشروع القانون، إلى جانب نص المشروع وشرح أسبابه وترجمته كل التوضيحات حول التأطير السياسي والتقني للخيارات والتوجهات المعتمدة في ضبط أحكامه والوثائق التي تم الاستئناس بها والاستناد إليها في إعداده وذلك في صيغة إلكترونية، وخاصة ما يلي: نسخة مدمجة من القانون أو القوانين موضوع التنقيح أو الإتمام أو الإلغاء تكون محينة في ضوء آخر تنقيح شملها، وذلك بالنسبة إلى مشاريع القوانين المتعلقة بتنقيح أو إتمام أو إلغاء قوانين جاري بها العمل، نسخة من القوانين المقارنة والفقه وفقه القضاء والدراسات والبحوث التي تم الاستنارة بها أو اعتمادها في إعداد المشروع، عند الاقتضاء، آراء الخبراء والمنظمات المهنية والوطنية وغيرها من منظمات المجتمع المدني ونتائج الاستشارات والملتقيات والورشات التي تم تنظيمها في إطار الأعمال التحضيرية للمشروع، عند الاقتضاء، ملخص للدراسات المنجزة وبيبليوغرافيا للمراجع المعتمدة». وأكد نفس المنشور على أهميّة وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون والتي تُعدّ وثيقة تفسيرية تساعد على فهم أحكام المشروع ومقاصده وتمثل من الناحية القانونية وثيقة مكملة له ومرجعا في تأويل أحكامه، مما يتعيّن معه منحها العناية اللازمة والحرص على صياغتها بكل دقة.
وكان بعض المختصين في القانون نبهوا بدورهم خلال أيام دراسية نظمتها الأكاديمية البرلمانية إلى ضرورة إيلاء أهمية قصوى لوثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون أو بالمبادرة التي يتم تقديمها من قبل نواب الشعب.
تقديم موجز
وجاء مشروع قانون المالية لسنة 2026 خاليا من شروح أسباب الإجراءات الواردة فيه، حيث تم الاقتصار في وثيقة المشروع في الصيغة المقدمة لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم بتاريخ 14 أكتوبر 2025 على ذكر العنوان والمحاور الكبرى والعناوين الفرعية والفصول البالغ عددها 57 فصلا مع تقديم موجز لهذا المشروع في صفحتين فقط، حيث تمت الإشارة بالخصوص إلى أن «مشروع قانون المالية لسنة 2026 يعد آلية أساسية لتجسيم قيم ثابتة كرسها دستور الجمهورية التونسية وضبط ملامحها في إطار خيار الشعب يريد البناء والتشييد»، وإلى أن هذا المشروع يتنزل في إطار التوجهات الكبرى الإستراتجية لمخطط التنمية 2026ـ 2030 الذي هو بصدد الإعداد بعد عقد سلسلة من الاجتماعات مع المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وإلى أن المشروع يهدف إلى إرساء نموذج تنموي جديد يقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف ويعكس خيارات المواطنين وتطلعاتهم المشروعة للتنمية العادلة والمتوازنة، وإلى أن هذا المشروع يقوم على جملة من الأولويات الأساسية أبرزها: تكريس الدور الاجتماعي للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكريس عدد من الخيارات الإستراتيجية، وتكريس العدالة الجبائية، وتبسيط الخدمات الإدارية. وتم تفسير هذه الأولويات بالإشارة بصفة مقتضبة إلى مختلف الإجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية خاصة ما تعلق منها بدفع التشغيل وإحداث خطوط تمويل لتيسير بعث المشاريع التنموية وتطوير أنظمة الضمان الاجتماعي وتوفير السكن اللائق ودعم صغار الفلاحين ودعم منظومة الانتقال الطاقي والإيكولوجي وتوسيع مجال تطبيق نظام الضريبة التصاعدية باعتماد ضريبة على الثروة، والرقمنة..
وأمام خلو مشروع قانون المالية من وثائق شرح أسباب الإجراءات الواردة فيه فإن فهم العديد منها يتطلب من نواب الغرفتين بذل مجهود إضافي للإطلاع على عدة نصوص قانونية أخرى في علاقة بأحكام هذا المشروع المعروض على أنظار مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم منها قوانين مالية قوانين مالية تكميلية لسنوات عديدة مضت و مجلة الأداء على القيمة المضافة ومجلة الحقوق والإجراءات الجبائية ومجلة الضريبة على الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات ومجلة الديوانة ومجلة معاليم التسجيل الطابع الجبائي ومجلة الاتصالات والقانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية والقانون المتعلق بإحداث نظام التحكم في الطاقة والقانون المتعلق بمراجعة المعلوم على الاستهلاك والقانون المتعلق بإحداث صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء..
ودأبت وزارة المالية منذ سنوات عديدة على أن ترفق أي فصل من فصول مشروع قانون المالية باستثناء أحكام الميزانية بشرح أسبابه وإن اقتضى الأمر إضافة جدول مقارن يتضمن بشكل واضح ومقروء الصيغة الأصلية للأحكام القانونية المراد تنقيحها أو إتمامها بمقتضى ذلك الفصل، ونص مقترحات التعديل مع نص الفصل في صيغته المعدلة وهو ما يسهل على نواب الشعب دراسة مشاريع قوانين المالية.
وإضافة إلى الجلسات المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي من المنتظر أن تتولى مختلف لجان المجلسين عقد اجتماعات مشتركة للنظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة، وفي هذا السياق تم أمس بقصر باردو عقد جلسة مشتركة بين لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب التي يرأسها أيمن البوغديري ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها بلال السعيدي تم خلالها ضبط منهجية العمل التي سيتم اعتمادها عند مناقشة مهمتي رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 والاتفاق على ضبط النقاط التي ستتم إثارتها خلال جلسات الاستماع إلى ممثلي رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وتحديد التوقيت المخصّص لمداخلات النواب سواء من أعضاء اللجنتين أو من غيرهم من النواب الحاضرين خلال جلسات الاستماع، كما تمّ ضبط برمجة مبدئية لمواعيد جلسات الاستماع والمصادقة على تقريري المهمتين قبل عرضهما على الجلسة العامة.
و في يوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 ستعقد لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب جلسة عمل مشتركة مع لجنة الاستثمار والتعاون الدولي لمجلس الجهات والأقاليم لضبط منهجية عملهما في إطار النظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وفي نفس اليوم ستعقد لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب جلسة مشتركة مع لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم لضبط منهجية عمل اللجنتين بمناسبة النظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية مرجع نظر اللجنتين.
سعيدة بوهلال
بعد الاجتماعات التمهيدية التي عقدتها لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب التي يرأسها النائب عبد الجليل الهاني، ولجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها النائب سليم سالم كل على حدة استعدادا لدراسة مشروع قانون المالية لسنة 2026 المحال عليهما من قبل مكتبي المجلسين يوم الخميس 16 أكتوبر 2025، تم الانطلاق رسميا صباح أمس 23 أكتوبر 2025 بقصر باردو في النظر في المشروع في إطار جلسات مشتركة بين اللجنتين وفق الضوابط التي حددها المرسوم المنظم للعلاقات بين الغرفتين النيابيتين.
وتم خلال هذه الجلسة المشتركة ضبط جدول أعمال للفترة القادمة، وفي هذا الإطار سيتم خلال الأسبوع المقبل تنظيم جلستي استماع إلى وزيرة المالية، ستكون الأولى حول مدى تنفيذ أحكام قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2025 والثانية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 إذ تمسك نواب الغرفتين بإطلاعهم على مدى تنفيذ ميزانية العام الجاري قبل النظر في مشروع ميزانية العام القادم. كما سيتم تنظيم جلسة استماع إلى وزير الاقتصاد والتخطيط حول مشروع الميزان الاقتصادي لسنة 2026، ومن بين المقترحات التي قدمها بعض النواب فتح الباب أمام ممثلي وسائل الإعلام لمواكبة الجلسات المشتركة.
وكانت الاجتماعات التمهيدية قد أسفرت عن إثارة العديد من الملاحظات الأولوية حول مشروع قانون المالية لسنة 2026 سواء من حيث الشكل أو من حيث المضمون وذلك في انتظار التعمق في نقاشه خلال الجلسات المشتركة. ففي لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم تم تنظيم عدة اجتماعات تحضيرية كان آخرها يوم الأربعاء 22 أكتوبر الجاري، وجاء في بلاغ صادر عنها أنه وقع استعراض ملخّص تضمن الملامح العامة لهذا المشروع انطلاقا من التشغيل ودعم القدرة الشرائية بالترفيع في أجور القطاعين العام والخاص والإجراءات المتعلقة بتحسين الخدمات الصحية وتعزيز موارد الصناديق الاجتماعية والنهوض بالسكن والنقل ودفع الاستثمار والتنمية، ووصولا إلى الإجراءات التي تمّ إقرارها لفائدة الشركات الأهلية بالإضافة إلى خطوط التمويل لفائدة صغار الفلاحين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، فضلا عن تدعيم الإدماج الاجتماعي لذوي الإعاقة ومساندة المؤسسات العمومية الناشطة في قطاعات الفسفاط والتجارة والصناعة من خلال إعفائها من بعض المعاليم الديوانية ومن الأداء على القيمة المضافة، والإجراءات المتعلقة بالانتقال الطاقي والبيئي بالتخفيض في المعاليم الديوانية على الألواح واللاقطات الشمسية والمركبات الهجينة القابلة للشحن، والإجراءات المتعلقة بالإصلاح الجبائي كالضريبة على ثروة الأشخاص الطبيعيين وتسوية المنقولات المحجوزة لدى الديوانة.
ومن بين المسائل التي أثارها نواب لجنة المالية والميزانية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم ما يتعلق بالقروض التي تعتزم الدولة الحصول عليها خلال سنة 2026 وما تطرحه من إشكاليات على مستوى التوازنات العامة لميزانية الدولة وتأثير سياسة الاقتراض على الاستثمار والتنمية، وكما تطرقوا إلى الإجراءات الممكن إضافتها إلى هذا المشروع تحقيقا للعدالة الجبائية ولكي تساهم الشركات الكبرى والمؤسسات المالية والبنكية في دعم ميزانية الدولة بمساهمات معتبرة وبقروض بنسب فائدة متدنّية، وطالب عدد من أعضاء اللجنة بتعديل الإجراء المتعلق بتوظيف معلوم إضافي على بطاقات شحن الهاتف الجوال لأنه قد يؤثّر على ذوي الدخل الضعيف.
أين شرح الأسباب؟
أما لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب فقد لاحظت خلال جلستها التمهيدية حول مشروع قانون المالية المنتظمة يوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025 أن الإجراءات المضمّنة بهذا المشروع لا تترجم بصفة فعلية العناوين المدرجة بها خاصة فيما يتعلّق بالمجالين الاقتصادي والاجتماعي، كما تساءل نوابها عن سبب عدم إرفاق الأحكام الواردة بمشروع قانون المالية بوثائق شرح أسباب مثلما جرت عليه العادة بالنسبة إلى مشاريع قوانين المالية السابقة، ولهذا السبب قررت خلال اجتماعها المنعقد يوم الثلاثاء الماضي توجيه مراسلة رسمية إلى وزارة المالية لطلب مدّها بشروح أسباب كل الإجراءات المضمنة بمشروع قانون المالية لسنة 2026، إضافة إلى تقديم المردودية المرتقبة والانعكاس الاجتماعي والاقتصادي لكل هذه الإجراءات.
ويذكر أن الفصل 46 من القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية نص على أن يرفق مشروع قانون المالية بـ :
ــ تقرير حول ميزانية الدولة في إطار التوازنات العامة ويتضمن خاصة: تحليلا لتطور الموارد والتكاليف، تحليلا حول الآثار المالية للإجراءات الجبائية، تحليلا للوضعية الاقتصادية خلال السنة الجارية والسنة المعنية بقانون المالية، تحليلا لمختلف الفرضيات بما في ذلك وضعية الدينار التي تم اعتمادها في إعداد تقديرات مشروع قانون المالية،
- إطار الميزانية متوسط المدى الإجمالي وتوزيعه القطاعي.
- جدول التوازنات العامة لميزانية الدولة،
- جدول عمليات تمويل الميزانية،
- مذكرات تفصيلية تشرح نفقات كلّ مهمة حسب نوعيتها وكـذلك حسب البرامج والبرامج الفرعية،
- مشاريع الأداء حسب المهمة للسنة المالية المعنية بإعداد قانون المالية باستثناء المهمات الخاصة،
- تقرير حول الدين العمومي،
- تقرير يتضمن جدولا لمختلف التحويلات من الدولة لفائدة المنشآت العمومية والمؤسسات العمومية غير الإدارية وضمانات الدولة لفائدة هذه الهياكل،
- تقرير حول المنشآت العمومية،
- تقرير حول نشاط الصناديق الخاصة بعنوان السنة المعنية بإعداد قانون المالية،
- تقرير حول التوزيع الجهوي للاستثمار،
- تقرير حول النفقات الجبائية والامتيازات المالية الممنوحة،
- تقرير حول المشاريع الاستثمارية المنجزة في إطار عقود شراكة مع القطاع الخاص أو في شكل لزمة أو بواسطة آليات تمويل أخرى خارج إطار ميزانية الدولة».
وفي نفس السياق كانت الجامعة التونسية للحرفيين والمؤسسات الصغرى والمتوسطة قد نبهت في بيان لها إثر إطلاعها على مشروع قانون المالية لسنة 2026 المنشور على موقع مجلس نواب الشعب إلى أن هذا المشروع جاء خاليا من شرح الأسباب وذلك في تجاهل للمنشور عدد 15 لسنة 2023 الصادر عن رئاسة الحكومة والمتعلق بمرفقات مشاريع القوانين الذي نص على ما يلي:»في إطار الحرص على تسريع النظر في مشاريع القوانين المعروضة على رئاسة الحكومة والتي تحال بعد مداولة مجلس الوزراء إلى مجلس نواب الشعب، فإنه يتعين على الوزارات أن تضمّن ملف مشروع القانون، إلى جانب نص المشروع وشرح أسبابه وترجمته كل التوضيحات حول التأطير السياسي والتقني للخيارات والتوجهات المعتمدة في ضبط أحكامه والوثائق التي تم الاستئناس بها والاستناد إليها في إعداده وذلك في صيغة إلكترونية، وخاصة ما يلي: نسخة مدمجة من القانون أو القوانين موضوع التنقيح أو الإتمام أو الإلغاء تكون محينة في ضوء آخر تنقيح شملها، وذلك بالنسبة إلى مشاريع القوانين المتعلقة بتنقيح أو إتمام أو إلغاء قوانين جاري بها العمل، نسخة من القوانين المقارنة والفقه وفقه القضاء والدراسات والبحوث التي تم الاستنارة بها أو اعتمادها في إعداد المشروع، عند الاقتضاء، آراء الخبراء والمنظمات المهنية والوطنية وغيرها من منظمات المجتمع المدني ونتائج الاستشارات والملتقيات والورشات التي تم تنظيمها في إطار الأعمال التحضيرية للمشروع، عند الاقتضاء، ملخص للدراسات المنجزة وبيبليوغرافيا للمراجع المعتمدة». وأكد نفس المنشور على أهميّة وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون والتي تُعدّ وثيقة تفسيرية تساعد على فهم أحكام المشروع ومقاصده وتمثل من الناحية القانونية وثيقة مكملة له ومرجعا في تأويل أحكامه، مما يتعيّن معه منحها العناية اللازمة والحرص على صياغتها بكل دقة.
وكان بعض المختصين في القانون نبهوا بدورهم خلال أيام دراسية نظمتها الأكاديمية البرلمانية إلى ضرورة إيلاء أهمية قصوى لوثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون أو بالمبادرة التي يتم تقديمها من قبل نواب الشعب.
تقديم موجز
وجاء مشروع قانون المالية لسنة 2026 خاليا من شروح أسباب الإجراءات الواردة فيه، حيث تم الاقتصار في وثيقة المشروع في الصيغة المقدمة لمجلس نواب الشعب وللمجلس الوطني للجهات والأقاليم بتاريخ 14 أكتوبر 2025 على ذكر العنوان والمحاور الكبرى والعناوين الفرعية والفصول البالغ عددها 57 فصلا مع تقديم موجز لهذا المشروع في صفحتين فقط، حيث تمت الإشارة بالخصوص إلى أن «مشروع قانون المالية لسنة 2026 يعد آلية أساسية لتجسيم قيم ثابتة كرسها دستور الجمهورية التونسية وضبط ملامحها في إطار خيار الشعب يريد البناء والتشييد»، وإلى أن هذا المشروع يتنزل في إطار التوجهات الكبرى الإستراتجية لمخطط التنمية 2026ـ 2030 الذي هو بصدد الإعداد بعد عقد سلسلة من الاجتماعات مع المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم، وإلى أن المشروع يهدف إلى إرساء نموذج تنموي جديد يقوم على مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف ويعكس خيارات المواطنين وتطلعاتهم المشروعة للتنمية العادلة والمتوازنة، وإلى أن هذا المشروع يقوم على جملة من الأولويات الأساسية أبرزها: تكريس الدور الاجتماعي للدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتكريس عدد من الخيارات الإستراتيجية، وتكريس العدالة الجبائية، وتبسيط الخدمات الإدارية. وتم تفسير هذه الأولويات بالإشارة بصفة مقتضبة إلى مختلف الإجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية خاصة ما تعلق منها بدفع التشغيل وإحداث خطوط تمويل لتيسير بعث المشاريع التنموية وتطوير أنظمة الضمان الاجتماعي وتوفير السكن اللائق ودعم صغار الفلاحين ودعم منظومة الانتقال الطاقي والإيكولوجي وتوسيع مجال تطبيق نظام الضريبة التصاعدية باعتماد ضريبة على الثروة، والرقمنة..
وأمام خلو مشروع قانون المالية من وثائق شرح أسباب الإجراءات الواردة فيه فإن فهم العديد منها يتطلب من نواب الغرفتين بذل مجهود إضافي للإطلاع على عدة نصوص قانونية أخرى في علاقة بأحكام هذا المشروع المعروض على أنظار مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم منها قوانين مالية قوانين مالية تكميلية لسنوات عديدة مضت و مجلة الأداء على القيمة المضافة ومجلة الحقوق والإجراءات الجبائية ومجلة الضريبة على الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات ومجلة الديوانة ومجلة معاليم التسجيل الطابع الجبائي ومجلة الاتصالات والقانون المتعلق بالبنوك والمؤسسات المالية والقانون المتعلق بإحداث نظام التحكم في الطاقة والقانون المتعلق بمراجعة المعلوم على الاستهلاك والقانون المتعلق بإحداث صندوق النهوض بالمسكن لفائدة الأجراء..
ودأبت وزارة المالية منذ سنوات عديدة على أن ترفق أي فصل من فصول مشروع قانون المالية باستثناء أحكام الميزانية بشرح أسبابه وإن اقتضى الأمر إضافة جدول مقارن يتضمن بشكل واضح ومقروء الصيغة الأصلية للأحكام القانونية المراد تنقيحها أو إتمامها بمقتضى ذلك الفصل، ونص مقترحات التعديل مع نص الفصل في صيغته المعدلة وهو ما يسهل على نواب الشعب دراسة مشاريع قوانين المالية.
وإضافة إلى الجلسات المشتركة بين لجنتي المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم حول مشروع قانون المالية ومشروع الميزان الاقتصادي من المنتظر أن تتولى مختلف لجان المجلسين عقد اجتماعات مشتركة للنظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع ميزانية الدولة، وفي هذا السياق تم أمس بقصر باردو عقد جلسة مشتركة بين لجنة العلاقات الخارجية والتعاون الدولي وشؤون التونسيين بالخارج والهجرة بمجلس نواب الشعب التي يرأسها أيمن البوغديري ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم التي يرأسها بلال السعيدي تم خلالها ضبط منهجية العمل التي سيتم اعتمادها عند مناقشة مهمتي رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026 والاتفاق على ضبط النقاط التي ستتم إثارتها خلال جلسات الاستماع إلى ممثلي رئاسة الجمهورية ووزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، وتحديد التوقيت المخصّص لمداخلات النواب سواء من أعضاء اللجنتين أو من غيرهم من النواب الحاضرين خلال جلسات الاستماع، كما تمّ ضبط برمجة مبدئية لمواعيد جلسات الاستماع والمصادقة على تقريري المهمتين قبل عرضهما على الجلسة العامة.
و في يوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 ستعقد لجنة الحقوق والحريات بمجلس نواب الشعب جلسة عمل مشتركة مع لجنة الاستثمار والتعاون الدولي لمجلس الجهات والأقاليم لضبط منهجية عملهما في إطار النظر في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2026، وفي نفس اليوم ستعقد لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بمجلس نواب الشعب جلسة مشتركة مع لجنة المخططات التنموية والمشاريع الكبرى بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم لضبط منهجية عمل اللجنتين بمناسبة النظر في المهمات والمهمات الخاصة بمشروع الميزانية مرجع نظر اللجنتين.