أعلنت وزارة البيئة عن الانطلاق في إعداد كراس شروط لإنجاز أربع وحدات لتثمين النفايات بولايات أريانة ومنوبة وبن عروس وتونس، مع الإعداد الفني لانطلاق العمل في هذه الوحدات، وتحديد طرق إنجازها ومتابعة المشروع.
وتندرج هذه الخطوة في إطار الاستراتيجية الوطنية للحدّ من النفايات وتثمينها، التي أعلنتها الحكومة في مارس الماضي، حيث أصبحت النفايات المنزلية في تونس الكبرى من أبرز الإشكالات البيئية التي تتطلّب إيجاد حلول عاجلة. ومن بين هذه الحلول تثمين النفايات، وهو خيار تعتمده اليوم العديد من الدول كأحد الحلول البيئية الناجحة والمستدامة، وبديلا عن الردم الذي يخلّف أضرارا خطيرة في التربة وفي الطبقات المائية.
وفي الجلسة الأخيرة التي خصصتها وزارة البيئة بحضور ولاة تونس الكبرى للنظر في ملف تثمين النفايات، أكّد وزير البيئة أنّ تركيز هذه الوحدات سيتم بالتنسيق الوثيق مع وزارة الداخلية، وذلك عقب دراسة الملفات ونشر طلبات العروض. كما أشار إلى أنّ الوزارة ستوفّر الإحاطة الفنية والدعم اللازم لضمان إنجاز هذه المشاريع في أفضل الظروف والآجال، مؤكدًا أنّ هذا المشروع يندرج ضمن مقاربة اجتماعية واقتصادية خضراء ودائرية تراعي الجوانب البيئية وتضمن تفادي أي تأثيرات سلبية على المحيط.
ومنظومة تثمين النفايات لا يمكن أن تنجح دون منظومة فرز ناجحة، وهو ما أكّده الخبير البيئي مهدي العبّدلي في تصريح لـ»الصباح»، حيث استعرض أهمية منظومة الفرز في إنجاح عملية التثمين وجعلها عملية فعلية وناجعة، لا مجرّد عناوين.
الاستراتيجية الوطنية لتثمين النفايات
أكّدت رئيسة جمعية النهوض بالثقافة البيئية، ألفة المدب، في تصريحات إعلامية مختلفة، أنّ تونس تنتج 6.5 مليون طن من النفايات الإلكترونية سنويًا، لا يُعاد تدوير سوى 7 % منها. ويُعد هذا الرقم الصادم مؤشرا على مدى أهمية بعث مشاريع في مجال إعادة تدوير ورسكلة النفايات بصفة عامة، وخاصة النفايات الإلكترونية، لما لها من قيمة اقتصادية. وهذا التثمين لا يمكن أن يتحقق دون وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد والأهداف، ومدعومة من المختصين والمصالح المعنية والمجتمع المدني.
وفي مارس الماضي، أشرف رئيس الحكومة السابق كمال المدّوري على مجلس وزاري مضيّق خُصص للنظر في الاستراتيجية الوطنية للحدّ من النفايات وتثمينها، وأصدر جملة من القرارات من أبرزها: إنجاز وحدات لمعالجة وتثمين النفايات المنزلية في صفاقس وجربة وسليانة والمهدية وقفصة، إلى جانب إنجاز مراكز خضراء لقبول وفرز النفايات بالبلديات، وتثمين النفايات لإنتاج البيوغاز من خلال إنجاز وحدات تخمير لاهوائية، بالإضافة إلى إنجاز وحدات لتسميد النفايات العضوية، وإنجاز خمسة مشاريع لجمع وتثمين البيوغاز من المصبات المراقبة، على غرار ما تم في سوسة، مع إعطاء الأولوية لضخ البيوغاز المنتج في الشبكة العمومية للغاز لدعم المردودية.
كما تقرر إنجاز خمس وحدات لمعالجة وتثمين نفايات الهدم والبناء، بالتوازي مع استصدار نص ترتيبي يُلزم باستعمال نسبة معينة من المادة المرسكلة ضمن مشاريع الطرقات والبناء والمسالك الفلاحية وإنتاج مواد البناء. ويأتي ذلك في إطار دعم الشراكة والتعاون الدولي للاستفادة من الآليات والبرامج المتوفرة في مجال البيئة والتغيرات المناخية، على غرار الصناديق الأممية الداعمة للإنتاج النظيف والمدن الخضراء والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتأقلم مع التغيرات المناخية، إلى جانب إعداد دليل المستثمر في مجال التصرف في النفايات من طرف الشركات الخاصة بالتعاون مع الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والخاص.
كما تناول الاجتماع ملف النفايات الطبية التي تُعد من أخطر أنواع النفايات، وصدر قرار بضرورة التسريع في تمكين المستشفيات والمرافق الصحية من التجهيزات الضرورية لتعقيم النفايات الطبية قبل معالجتها وتثمينها بصفة نهائية، بما يضمن النجاعة والسرعة والتحكم في الكلفة.
وقد أكّد رئيس الحكومة كمال المدّوري في تلك الجلسة الوزارية أنّ هذه الاستراتيجية الوطنية تأتي في سياق تنزيل أحكام الفصل 47 من الدستور حيّز التنفيذ، والذي ينص على أنّ «الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ، وتوفّر الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي».
وباتت النفايات المنزلية اليوم تمثل عبئا كبيرا على كل الدول، التي سعت إلى إيجاد حلول مستدامة للتصرف فيها وتمويل تثمينها من خلال وضع أطر داعمة للاستثمار في مجال الحد من النفايات وتثمينها، خاصة عبر خلق نظام جبائي بيئي، والانتقال من منطق التصرف في النفايات إلى منطق الاقتصاد الدائري الذي يخلق مواطن شغل خضراء ويحقق الحماية الاجتماعية، مع تشجيع الاستهلاك الإيكولوجي والتصميم الإيكولوجي للمنتجات، والتحسيس بأهمية ذلك. وكل هذه الإجراءات قابلة للتنفيذ في تونس شرط وضع تصورات جادة وتفعيل الاستراتيجية الوطنية التي صادقت عليها حكومة المدّوري.
دعم المشاريع النموذجية
في فيفري الماضي، تم تدشين المشروع النموذجي لإنتاج الكهرباء من الفضلات المنزلية بالمصبّ المراقب للنفايات بمنطقة «وادي لاية» بسوسة، والمتمثل في تركيز أول وحدة لتوليد الطاقة الخضراء بكلفة تقدّر بنحو 400 ألف دينار، بتمويل من الحكومة اليابانية وتنفيذ من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وبالشراكة مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.
وقد أفاد مدير مشروع تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية لدى مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتونس، مجدي فريحي، بأنّ هذا المشروع يهدف إلى تثمين واستغلال غاز الميثان الحيوي المستخرج من الفضلات المنزلية، ثم تحويله إلى كهرباء قبل ضخه في الشبكة العمومية للشركة التونسية للكهرباء والغاز.
وسيساهم مشروع «وادي لاية» في تقليص العجز الطاقي وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء. وقد جاء تمويل هذا المشروع النموذجي الأول من نوعه في تونس ضمن مخرجات النسخة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا «تيكاد»، التي انعقدت في تونس سنة 2022.
وإلى جانب مشروع وادي لاية بسوسة، هناك أيضا مشروع المحطة النموذجية بجربة، الذي سيتولى معالجة قرابة 6 آلاف طن من النفايات المنزلية وتحويلها إلى غاز، ثم إلى كهرباء، بالإضافة إلى مشروعي سليانة والكاف، اللذين هما الآن قيد الدراسة.
وتُعد هذه المشاريع لتثمين النفايات المنزلية وتحويلها إلى أداة لإنتاج الكهرباء من المشاريع الرائدة عالميا، والتي تعتمدها دول كثيرة. وعلى تونس أن تضع سياسة متكاملة لإحداث مثل هذه المشاريع.
الخبير البيئي مهدي العبدلي لـ«الصباح»: مرحلة الفرز.. الحلقة المفقودة في منظومة تثمين النفايات
يقول مهدي العبّدلي، الخبير البيئي والمستشار السابق بوزارة البيئة، في تقييمه لمنظومة تثمين النفايات في تونس: «إن الإشكال الأساسي يكمن في منظومة التصرّف في النفايات في حدّ ذاتها، حيث إن المنظومة ككل ليست ناجعة، ولو أخذنا على سبيل المثال وحدة معالجة النفايات بصفاقس، فلن نجد وحدات حقيقية لمعالجة النفايات والتصرّف فيها، بل مجرد خانات لردم تلك النفايات، وهي خانات على وشك الامتلاء».
ويفسّر العبّدلي تعثّر منظومة معالجة النفايات المنزلية والتصرّف فيها بقوله: «نسمع دائمًا تلك المقولة التي يتداولها المسؤولون والقائمون على هذه المنظومة: «لقد خرجنا من الردم إلى التثمين»، ولكننا عمليًا لم نخرج بعد. هناك دراسات أُنجزت على مدى ثلاث سنوات، ولكننا إلى اليوم ما زلنا في طور الردم. أعطيك مثالًا على ذلك: مصبّ برج شاكير الذي انتهت صلوحيته وعمره الافتراضي منذ سنة 2019، لكنه إلى اليوم ما يزال يشتغل في فترة تمديد، وهو ما يشكّل خطرًا بيئيًا كبيرًا».
ويضيف: «هنا لا بد من التأكيد على أن نجاح منظومة التثمين يرتبط عضوياً بمرحلة مهمة، هي مرحلة الفرز، أي فرز النفايات من المصدر. وهذه اليوم حلقة مفقودة، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للتسميد العضوي للنفايات، حتى يصبح تثمينها ذا جودة. وبالتالي، إذا لم تتوفّر كل هذه الحلقات، فلن تنجح منظومة التثمين لوحدها، وستبقى مجرد شعارات. حتى بالنسبة للوحدات النموذجية لإنتاج الطاقة من النفايات، فإنها لن تنجح إذا لم تكن هناك أسس متينة لمنظومة فرز ناجحة».
منية العرفاوي
أعلنت وزارة البيئة عن الانطلاق في إعداد كراس شروط لإنجاز أربع وحدات لتثمين النفايات بولايات أريانة ومنوبة وبن عروس وتونس، مع الإعداد الفني لانطلاق العمل في هذه الوحدات، وتحديد طرق إنجازها ومتابعة المشروع.
وتندرج هذه الخطوة في إطار الاستراتيجية الوطنية للحدّ من النفايات وتثمينها، التي أعلنتها الحكومة في مارس الماضي، حيث أصبحت النفايات المنزلية في تونس الكبرى من أبرز الإشكالات البيئية التي تتطلّب إيجاد حلول عاجلة. ومن بين هذه الحلول تثمين النفايات، وهو خيار تعتمده اليوم العديد من الدول كأحد الحلول البيئية الناجحة والمستدامة، وبديلا عن الردم الذي يخلّف أضرارا خطيرة في التربة وفي الطبقات المائية.
وفي الجلسة الأخيرة التي خصصتها وزارة البيئة بحضور ولاة تونس الكبرى للنظر في ملف تثمين النفايات، أكّد وزير البيئة أنّ تركيز هذه الوحدات سيتم بالتنسيق الوثيق مع وزارة الداخلية، وذلك عقب دراسة الملفات ونشر طلبات العروض. كما أشار إلى أنّ الوزارة ستوفّر الإحاطة الفنية والدعم اللازم لضمان إنجاز هذه المشاريع في أفضل الظروف والآجال، مؤكدًا أنّ هذا المشروع يندرج ضمن مقاربة اجتماعية واقتصادية خضراء ودائرية تراعي الجوانب البيئية وتضمن تفادي أي تأثيرات سلبية على المحيط.
ومنظومة تثمين النفايات لا يمكن أن تنجح دون منظومة فرز ناجحة، وهو ما أكّده الخبير البيئي مهدي العبّدلي في تصريح لـ»الصباح»، حيث استعرض أهمية منظومة الفرز في إنجاح عملية التثمين وجعلها عملية فعلية وناجعة، لا مجرّد عناوين.
الاستراتيجية الوطنية لتثمين النفايات
أكّدت رئيسة جمعية النهوض بالثقافة البيئية، ألفة المدب، في تصريحات إعلامية مختلفة، أنّ تونس تنتج 6.5 مليون طن من النفايات الإلكترونية سنويًا، لا يُعاد تدوير سوى 7 % منها. ويُعد هذا الرقم الصادم مؤشرا على مدى أهمية بعث مشاريع في مجال إعادة تدوير ورسكلة النفايات بصفة عامة، وخاصة النفايات الإلكترونية، لما لها من قيمة اقتصادية. وهذا التثمين لا يمكن أن يتحقق دون وضع استراتيجية وطنية متعددة الأبعاد والأهداف، ومدعومة من المختصين والمصالح المعنية والمجتمع المدني.
وفي مارس الماضي، أشرف رئيس الحكومة السابق كمال المدّوري على مجلس وزاري مضيّق خُصص للنظر في الاستراتيجية الوطنية للحدّ من النفايات وتثمينها، وأصدر جملة من القرارات من أبرزها: إنجاز وحدات لمعالجة وتثمين النفايات المنزلية في صفاقس وجربة وسليانة والمهدية وقفصة، إلى جانب إنجاز مراكز خضراء لقبول وفرز النفايات بالبلديات، وتثمين النفايات لإنتاج البيوغاز من خلال إنجاز وحدات تخمير لاهوائية، بالإضافة إلى إنجاز وحدات لتسميد النفايات العضوية، وإنجاز خمسة مشاريع لجمع وتثمين البيوغاز من المصبات المراقبة، على غرار ما تم في سوسة، مع إعطاء الأولوية لضخ البيوغاز المنتج في الشبكة العمومية للغاز لدعم المردودية.
كما تقرر إنجاز خمس وحدات لمعالجة وتثمين نفايات الهدم والبناء، بالتوازي مع استصدار نص ترتيبي يُلزم باستعمال نسبة معينة من المادة المرسكلة ضمن مشاريع الطرقات والبناء والمسالك الفلاحية وإنتاج مواد البناء. ويأتي ذلك في إطار دعم الشراكة والتعاون الدولي للاستفادة من الآليات والبرامج المتوفرة في مجال البيئة والتغيرات المناخية، على غرار الصناديق الأممية الداعمة للإنتاج النظيف والمدن الخضراء والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة والتأقلم مع التغيرات المناخية، إلى جانب إعداد دليل المستثمر في مجال التصرف في النفايات من طرف الشركات الخاصة بالتعاون مع الهيئة العامة للشراكة بين القطاع العام والخاص.
كما تناول الاجتماع ملف النفايات الطبية التي تُعد من أخطر أنواع النفايات، وصدر قرار بضرورة التسريع في تمكين المستشفيات والمرافق الصحية من التجهيزات الضرورية لتعقيم النفايات الطبية قبل معالجتها وتثمينها بصفة نهائية، بما يضمن النجاعة والسرعة والتحكم في الكلفة.
وقد أكّد رئيس الحكومة كمال المدّوري في تلك الجلسة الوزارية أنّ هذه الاستراتيجية الوطنية تأتي في سياق تنزيل أحكام الفصل 47 من الدستور حيّز التنفيذ، والذي ينص على أنّ «الدولة تضمن الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ، وتوفّر الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي».
وباتت النفايات المنزلية اليوم تمثل عبئا كبيرا على كل الدول، التي سعت إلى إيجاد حلول مستدامة للتصرف فيها وتمويل تثمينها من خلال وضع أطر داعمة للاستثمار في مجال الحد من النفايات وتثمينها، خاصة عبر خلق نظام جبائي بيئي، والانتقال من منطق التصرف في النفايات إلى منطق الاقتصاد الدائري الذي يخلق مواطن شغل خضراء ويحقق الحماية الاجتماعية، مع تشجيع الاستهلاك الإيكولوجي والتصميم الإيكولوجي للمنتجات، والتحسيس بأهمية ذلك. وكل هذه الإجراءات قابلة للتنفيذ في تونس شرط وضع تصورات جادة وتفعيل الاستراتيجية الوطنية التي صادقت عليها حكومة المدّوري.
دعم المشاريع النموذجية
في فيفري الماضي، تم تدشين المشروع النموذجي لإنتاج الكهرباء من الفضلات المنزلية بالمصبّ المراقب للنفايات بمنطقة «وادي لاية» بسوسة، والمتمثل في تركيز أول وحدة لتوليد الطاقة الخضراء بكلفة تقدّر بنحو 400 ألف دينار، بتمويل من الحكومة اليابانية وتنفيذ من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وبالشراكة مع الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات.
وقد أفاد مدير مشروع تحويل النفايات إلى طاقة كهربائية لدى مكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بتونس، مجدي فريحي، بأنّ هذا المشروع يهدف إلى تثمين واستغلال غاز الميثان الحيوي المستخرج من الفضلات المنزلية، ثم تحويله إلى كهرباء قبل ضخه في الشبكة العمومية للشركة التونسية للكهرباء والغاز.
وسيساهم مشروع «وادي لاية» في تقليص العجز الطاقي وتنويع مصادر إنتاج الكهرباء. وقد جاء تمويل هذا المشروع النموذجي الأول من نوعه في تونس ضمن مخرجات النسخة الثامنة لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا «تيكاد»، التي انعقدت في تونس سنة 2022.
وإلى جانب مشروع وادي لاية بسوسة، هناك أيضا مشروع المحطة النموذجية بجربة، الذي سيتولى معالجة قرابة 6 آلاف طن من النفايات المنزلية وتحويلها إلى غاز، ثم إلى كهرباء، بالإضافة إلى مشروعي سليانة والكاف، اللذين هما الآن قيد الدراسة.
وتُعد هذه المشاريع لتثمين النفايات المنزلية وتحويلها إلى أداة لإنتاج الكهرباء من المشاريع الرائدة عالميا، والتي تعتمدها دول كثيرة. وعلى تونس أن تضع سياسة متكاملة لإحداث مثل هذه المشاريع.
الخبير البيئي مهدي العبدلي لـ«الصباح»: مرحلة الفرز.. الحلقة المفقودة في منظومة تثمين النفايات
يقول مهدي العبّدلي، الخبير البيئي والمستشار السابق بوزارة البيئة، في تقييمه لمنظومة تثمين النفايات في تونس: «إن الإشكال الأساسي يكمن في منظومة التصرّف في النفايات في حدّ ذاتها، حيث إن المنظومة ككل ليست ناجعة، ولو أخذنا على سبيل المثال وحدة معالجة النفايات بصفاقس، فلن نجد وحدات حقيقية لمعالجة النفايات والتصرّف فيها، بل مجرد خانات لردم تلك النفايات، وهي خانات على وشك الامتلاء».
ويفسّر العبّدلي تعثّر منظومة معالجة النفايات المنزلية والتصرّف فيها بقوله: «نسمع دائمًا تلك المقولة التي يتداولها المسؤولون والقائمون على هذه المنظومة: «لقد خرجنا من الردم إلى التثمين»، ولكننا عمليًا لم نخرج بعد. هناك دراسات أُنجزت على مدى ثلاث سنوات، ولكننا إلى اليوم ما زلنا في طور الردم. أعطيك مثالًا على ذلك: مصبّ برج شاكير الذي انتهت صلوحيته وعمره الافتراضي منذ سنة 2019، لكنه إلى اليوم ما يزال يشتغل في فترة تمديد، وهو ما يشكّل خطرًا بيئيًا كبيرًا».
ويضيف: «هنا لا بد من التأكيد على أن نجاح منظومة التثمين يرتبط عضوياً بمرحلة مهمة، هي مرحلة الفرز، أي فرز النفايات من المصدر. وهذه اليوم حلقة مفقودة، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للتسميد العضوي للنفايات، حتى يصبح تثمينها ذا جودة. وبالتالي، إذا لم تتوفّر كل هذه الحلقات، فلن تنجح منظومة التثمين لوحدها، وستبقى مجرد شعارات. حتى بالنسبة للوحدات النموذجية لإنتاج الطاقة من النفايات، فإنها لن تنجح إذا لم تكن هناك أسس متينة لمنظومة فرز ناجحة».