إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من‭ ‬المنصات‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي ..اتحاد‭ ‬إذاعات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬المستقبل‭ ‬التلفزيوني

●‭ ‬الباحثة‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭: ‬«‬في‭ ‬عصر‭ ‬القفزات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ترفا‭ ‬تكنولوجيا‮»‬‭.‬

●‭ ‬الباحثة‭ ‬راضية‭ ‬الشرعيبي‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التلفزيون‭ ‬مجرد‭ ‬شاشة‭ ‬لبث‭ ‬البرامج‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬منصة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬وأعاد‭ ‬صياغة‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬المتلقي‭.‬‮»

انعقدت‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬الأربعاء‭ ‬8‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري‭ ‬ندوة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬ورهانات‭ ‬تطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬وتوظيف‭ ‬التكنولوجيا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬اتحاد‭ ‬إذاعات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بمقره‭ ‬لمناقشة‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الإعلام‭ ‬السمعي‭ ‬البصري‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭. ‬فتقاطعت‭ ‬النقاشات‭ ‬والأسئلة‭ ‬بخصوص‭ ‬مكانة‭ ‬التلفزيون‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬سطوة‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬وحول‭ ‬كيفية‭ ‬استعادة‭ ‬الجمهور‭ ‬عبر‭ ‬محتوى‭ ‬مبتكر‭ ‬وتجارب‭ ‬تفاعلية‭ ‬جديدة‭.‬

تركّزت‭ ‬المداخلات‭ ‬والنقاشات‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬على‭ ‬تغيّر‭ ‬سلوك‭ ‬الجمهور‭ ‬التلفزيوني‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬المفهوم‭ ‬التقليدي‭ ‬للفئة‭ ‬المستهدفة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالعمر‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬بنمط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬وفضاء‭ ‬التلقي‭. ‬فالجيل‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬مواعيد‭ ‬البثّ،‭ ‬ولا‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬أوقات‭ ‬الذروة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬سابقا،‭ ‬بل‭ ‬تحولت‭ ‬الذروة‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬شخصي‭ ‬يختاره‭ ‬المستخدم‭ ‬وفق‭ ‬جدول‭ ‬حياته‭ ‬ومزاجه‭.‬

وتوقّف‭ ‬الحاضرون‭ ‬عند‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬المنصات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬فايسبوك‭ ‬ويوتيوب‭ ‬وتويتر‭ ‬عبر‭ ‬تقارير‭ ‬‮«‬Insights‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متاحة‭ ‬من‭ ‬قبل‭: ‬عدد‭ ‬المشاهدات،‭ ‬مدة‭ ‬التفاعل،‭ ‬الفئة‭ ‬العمرية،‭ ‬نوع‭ ‬الأجهزة‭ ‬المستخدمة،‭ ‬وحتى‭ ‬لحظات‭ ‬الانقطاع‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬المشاهدة‭. ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬بوصلة‭ ‬جديدة‭ ‬للمبرمجين‭ ‬ومديري‭ ‬القنوات‭ ‬لتصميم‭ ‬مضامين‭ ‬أكثر‭ ‬قربًا‭ ‬من‭ ‬ميولات‭ ‬المتلقي،‭ ‬وأكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الفوري‭ ‬معه‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أكّدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬بمعهد‭ ‬الصحافة‭ ‬وعلوم‭ ‬الإخبار‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬مداخلتها‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الإنتاج‭ ‬التلفزيوني‭ ‬والتحوّل‭ ‬الرقمي‭: ‬من‭ ‬التماثل‭ ‬إلى‭ ‬الاندماج‭ ‬والتقارب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬تقنياته‭ ‬مستقرة،‭ ‬بل‭ ‬تتطور‭ ‬أو‭ ‬يتمّ‭ ‬تحديثها‭ ‬بشكل‭ ‬مطّرد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضيف‭ ‬أشكالا‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬قوالب‭ ‬إنتاج‭ ‬وتطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬التلفزيوني‭ ‬وآليات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬الأخبار‮»‬‭.‬

الشاشة‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬غامر

كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬التحدّيات‭ ‬اللوجستية‭ ‬التقنية،‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬‮«‬توفير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬رقمية‭ ‬وبناء‭ ‬ثقافة‭ ‬رقمية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬مع‭ ‬التغييرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬واللحاق‭ ‬بركبها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬المحطات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التقليدية‭ ‬نفسها‭ ‬خارج‭ ‬متطلبات‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أنّه‭ ‬‮«‬في‭ ‬عصر‭ ‬القفزات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ترفا‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬أو‭ ‬خيارا‭ ‬يمكن‭ ‬تأجيله،‭ ‬بل‭ ‬استراتيجية‭ ‬ملحّة‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحوّل‭ ‬البنيوي‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الإعلانات،‭ ‬أكّدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الإنفاق‭ ‬الإعلاني‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬تحولا‭ ‬جذريا‭ ‬من‭ ‬التلفزيون‭ ‬التقليدي‭ ‬نحو‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬مدفوعا‭ ‬بعوامل‭ ‬عدة،‭ ‬أبرزها‭ ‬القدرة‭ ‬الدقيقة‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الجمهور‭ ‬وسهولة‭ ‬قياس‭ ‬عائدات‭ ‬الاستثمار‭. ‬وقد‭ ‬استحوذت‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العملاقة‭ ‬مثل‭ ‬ميتا‭ ‬وغوغل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الميزات‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬المشاهدة‭ ‬والسلوك‭ ‬الرقمي،‭ ‬مستقطبة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬إعلانات‭ ‬فعّالة‭ ‬ومنخفضة‭ ‬التكلفة‮»‬‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬واسعا‭ ‬أمام‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬المحطّات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬ومنصّات‭ ‬البثّ‭ ‬الرقمي،‭ ‬التي‭ ‬توفّر‭ ‬خدمات‭ ‬تندمج‭ ‬فيها‭ ‬الأنظمة‭ ‬الإعلامية‭ ‬والحاسوبية‭ ‬والاتصالية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تنافس‭ ‬التلفزيون‭ ‬التقليدي‭ ‬بقوة‭ ‬لما‭ ‬تتّسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كثافة‭ ‬وتنوّع‭ ‬وتخصيص،‭ ‬ممّا‭ ‬أفرز‭ ‬خيارات‭ ‬مشاهدة‭ ‬متنوعة،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬برنامج‭ ‬أو‭ ‬قناة‭ ‬جذب‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‮»‬‭. ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬خلق‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلّق‭ ‬بالجمهور‭ ‬وأنماط‭ ‬الاستخدام،‭ ‬إذ‭ ‬أدّى‭ ‬تعدّد‭ ‬الشاشات‭ ‬والمحامل‭ ‬إلى‭ ‬تشظّي‭ ‬وتشتّت‭ ‬جمهور‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وأصبح‭ ‬استقطابه‭ ‬عملية‭ ‬معقّدة‭ ‬تتطلّب‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬أنماط‭ ‬استهلاكه‭ ‬المتغيّرة‭.‬

‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭: ‬من‭ ‬أداة‭ ‬ترويج‭ ‬إلى‭ ‬مختبر‭ ‬للمحتوى

أما‭ ‬في‭ ‬المداخلة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لتعزيز‭ ‬تجربة‭ ‬المشاهد‭ ‬من‭ ‬التلقي‭ ‬إلى‭ ‬التفاعل‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬الأستاذة‭ ‬بمعهد‭ ‬الصحافة‭ ‬وعلوم‭ ‬الإخبار‭ ‬راضية‭ ‬الشرعيبي‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬صناعة‭ ‬التلفزيون‭ ‬تشهد‭ ‬تحوّلا‭ ‬جذريا‭ ‬مع‭ ‬دمج‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدّمتها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فأعاد‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬تشكيل‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنتاج‭ ‬والمشاهدة‭ ‬التلفزيونية‭. ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬التلفزيون‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬كونه‭ ‬شاشة‭ ‬لبثّ‭ ‬البرامج‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬منصة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬المشاهد‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وفعّال،‭ ‬ممّا‭ ‬أعاد‭ ‬صياغة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المتلقي‭ ‬والمحتوى‮»‬‭.‬

وأضافت‭: ‬‮«‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬أحادي‭ ‬الاتجاه،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬فضاء‭ ‬مفتوحا‭ ‬للتجربة‭ ‬المشتركة،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للمشاهد‭ ‬التصويت،‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬البرامجي،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الاندماج‭ ‬افتراضيا‭ ‬داخل‭ ‬الأحداث‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬دراسة‭ ‬دور‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬تمثل‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬لفهم‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للإعلام‭ ‬المرئي‭ ‬أن‭ ‬يعزّز‭ ‬تجربة‭ ‬المشاهد،‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬جاذبيته‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‮»‬‭.‬

التحدي‭ ‬الجديد‭.. ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬التجربة

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬تكرّرت‭ ‬خلال‭ ‬الندوة،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬على‭ ‬وفرة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬المحتوى‭. ‬فالتلفزيون‭ ‬في‭ ‬صورته‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬المتابعين‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬تفاعلية‭ ‬وديناميكية‭ ‬معهم‭.‬

طرح‭ ‬المتحدثون‭ ‬كذلك‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬المحتوى‭ ‬الغامر‭ ‬والتفاعلي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعيد‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬العمومي‭ ‬تحديدًا،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬القيم‭ ‬التحريرية‭ ‬والمهنية،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬استعراض‭ ‬تقني‭ ‬فارغ‭.‬

وبينما‭ ‬أبدى‭ ‬بعض‭ ‬المشاركين‭ ‬تفاؤلهم‭ ‬بمستقبل‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إذا‭ ‬تمّ‭ ‬دمج‭ ‬تقنيات‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬والبيانات‭ ‬الذكية‭ ‬بذكاء،‭ ‬عبّر‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬تخوّفهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬الإبهار‭ ‬التقني‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاته،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬رؤية‭ ‬سردية‭ ‬قوية‭ ‬أو‭ ‬حسّ‭ ‬ثقافي‭ ‬أصيل‭. ‬

في‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬فُتح‭ ‬نقاش‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬تجارب‭ ‬عربية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬التلفزة‭ ‬الوطنية‭ ‬التونسية‭ ‬وتلفزيون‭ ‬العراق‭ ‬وتلفزيون‭ ‬قطر،‭ ‬حول‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬قناعة‭ ‬مفادها‭ ‬أنّه‭ ‬ليس‭ ‬خيارا‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬وجودية‭ ‬أمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬جمهورها‭ ‬الشاب‭ ‬المتّصل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭.‬

 

إيمان‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف

 

من‭ ‬المنصات‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي ..اتحاد‭ ‬إذاعات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يطرح‭ ‬أسئلة‭ ‬المستقبل‭ ‬التلفزيوني

●‭ ‬الباحثة‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭: ‬«‬في‭ ‬عصر‭ ‬القفزات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ترفا‭ ‬تكنولوجيا‮»‬‭.‬

●‭ ‬الباحثة‭ ‬راضية‭ ‬الشرعيبي‭: ‬‮«‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التلفزيون‭ ‬مجرد‭ ‬شاشة‭ ‬لبث‭ ‬البرامج‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬منصة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬وأعاد‭ ‬صياغة‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬المتلقي‭.‬‮»

انعقدت‭ ‬صباح‭ ‬أمس‭ ‬الأربعاء‭ ‬8‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجاري‭ ‬ندوة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬ورهانات‭ ‬تطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬وتوظيف‭ ‬التكنولوجيا‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬نظمها‭ ‬اتحاد‭ ‬إذاعات‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بمقره‭ ‬لمناقشة‭ ‬التحولات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الإعلام‭ ‬السمعي‭ ‬البصري‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الثورة‭ ‬الرقمية‭. ‬فتقاطعت‭ ‬النقاشات‭ ‬والأسئلة‭ ‬بخصوص‭ ‬مكانة‭ ‬التلفزيون‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬سطوة‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬وحول‭ ‬كيفية‭ ‬استعادة‭ ‬الجمهور‭ ‬عبر‭ ‬محتوى‭ ‬مبتكر‭ ‬وتجارب‭ ‬تفاعلية‭ ‬جديدة‭.‬

تركّزت‭ ‬المداخلات‭ ‬والنقاشات‭ ‬في‭ ‬مجملها‭ ‬على‭ ‬تغيّر‭ ‬سلوك‭ ‬الجمهور‭ ‬التلفزيوني‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنّ‭ ‬المفهوم‭ ‬التقليدي‭ ‬للفئة‭ ‬المستهدفة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالعمر‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬بنمط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬وفضاء‭ ‬التلقي‭. ‬فالجيل‭ ‬الجديد‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬مواعيد‭ ‬البثّ،‭ ‬ولا‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬مفهوم‭ ‬‮«‬أوقات‭ ‬الذروة‮»‬‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬سابقا،‭ ‬بل‭ ‬تحولت‭ ‬الذروة‭ ‬إلى‭ ‬زمن‭ ‬شخصي‭ ‬يختاره‭ ‬المستخدم‭ ‬وفق‭ ‬جدول‭ ‬حياته‭ ‬ومزاجه‭.‬

وتوقّف‭ ‬الحاضرون‭ ‬عند‭ ‬الأرقام‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬المنصات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مثل‭ ‬فايسبوك‭ ‬ويوتيوب‭ ‬وتويتر‭ ‬عبر‭ ‬تقارير‭ ‬‮«‬Insights‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬دقيقة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متاحة‭ ‬من‭ ‬قبل‭: ‬عدد‭ ‬المشاهدات،‭ ‬مدة‭ ‬التفاعل،‭ ‬الفئة‭ ‬العمرية،‭ ‬نوع‭ ‬الأجهزة‭ ‬المستخدمة،‭ ‬وحتى‭ ‬لحظات‭ ‬الانقطاع‭ ‬أو‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬المشاهدة‭. ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬باتت‭ ‬تمثل‭ ‬بوصلة‭ ‬جديدة‭ ‬للمبرمجين‭ ‬ومديري‭ ‬القنوات‭ ‬لتصميم‭ ‬مضامين‭ ‬أكثر‭ ‬قربًا‭ ‬من‭ ‬ميولات‭ ‬المتلقي،‭ ‬وأكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الفوري‭ ‬معه‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬أكّدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬بمعهد‭ ‬الصحافة‭ ‬وعلوم‭ ‬الإخبار‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله،‭ ‬في‭ ‬مداخلتها‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬الإنتاج‭ ‬التلفزيوني‭ ‬والتحوّل‭ ‬الرقمي‭: ‬من‭ ‬التماثل‭ ‬إلى‭ ‬الاندماج‭ ‬والتقارب‮»‬،‭ ‬على‭ ‬تسارع‭ ‬وتيرة‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬تقنياته‭ ‬مستقرة،‭ ‬بل‭ ‬تتطور‭ ‬أو‭ ‬يتمّ‭ ‬تحديثها‭ ‬بشكل‭ ‬مطّرد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يضيف‭ ‬أشكالا‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬قوالب‭ ‬إنتاج‭ ‬وتطوير‭ ‬المحتوى‭ ‬التلفزيوني‭ ‬وآليات‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬الأخبار‮»‬‭.‬

الشاشة‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬غامر

كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬التحدّيات‭ ‬اللوجستية‭ ‬التقنية،‭ ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬‮«‬توفير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬رقمية‭ ‬وبناء‭ ‬ثقافة‭ ‬رقمية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التكيّف‭ ‬مع‭ ‬التغييرات‭ ‬المتسارعة‭ ‬واللحاق‭ ‬بركبها‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬المحطات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬التقليدية‭ ‬نفسها‭ ‬خارج‭ ‬متطلبات‭ ‬هذه‭ ‬البيئة‮»‬،‭ ‬مضيفة‭ ‬أنّه‭ ‬‮«‬في‭ ‬عصر‭ ‬القفزات‭ ‬الرقمية‭ ‬المتسارعة،‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬ترفا‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬أو‭ ‬خيارا‭ ‬يمكن‭ ‬تأجيله،‭ ‬بل‭ ‬استراتيجية‭ ‬ملحّة‮»‬‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتحوّل‭ ‬البنيوي‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الإعلانات،‭ ‬أكّدت‭ ‬الدكتورة‭ ‬شهيرة‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الله‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬الإنفاق‭ ‬الإعلاني‭ ‬قد‭ ‬شهد‭ ‬تحولا‭ ‬جذريا‭ ‬من‭ ‬التلفزيون‭ ‬التقليدي‭ ‬نحو‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية،‭ ‬مدفوعا‭ ‬بعوامل‭ ‬عدة،‭ ‬أبرزها‭ ‬القدرة‭ ‬الدقيقة‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الجمهور‭ ‬وسهولة‭ ‬قياس‭ ‬عائدات‭ ‬الاستثمار‭. ‬وقد‭ ‬استحوذت‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬العملاقة‭ ‬مثل‭ ‬ميتا‭ ‬وغوغل‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الميزات‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬المشاهدة‭ ‬والسلوك‭ ‬الرقمي،‭ ‬مستقطبة‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة‭ ‬الباحثة‭ ‬عن‭ ‬إعلانات‭ ‬فعّالة‭ ‬ومنخفضة‭ ‬التكلفة‮»‬‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭ ‬فتح‭ ‬المجال‭ ‬واسعا‭ ‬أمام‭ ‬ازدياد‭ ‬عدد‭ ‬المحطّات‭ ‬التلفزيونية‭ ‬ومنصّات‭ ‬البثّ‭ ‬الرقمي،‭ ‬التي‭ ‬توفّر‭ ‬خدمات‭ ‬تندمج‭ ‬فيها‭ ‬الأنظمة‭ ‬الإعلامية‭ ‬والحاسوبية‭ ‬والاتصالية،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تنافس‭ ‬التلفزيون‭ ‬التقليدي‭ ‬بقوة‭ ‬لما‭ ‬تتّسم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬كثافة‭ ‬وتنوّع‭ ‬وتخصيص،‭ ‬ممّا‭ ‬أفرز‭ ‬خيارات‭ ‬مشاهدة‭ ‬متنوعة،‭ ‬وأصبح‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬برنامج‭ ‬أو‭ ‬قناة‭ ‬جذب‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجمهور‮»‬‭. ‬كلّ‭ ‬ذلك‭ ‬خلق‭ ‬تحديات‭ ‬تتعلّق‭ ‬بالجمهور‭ ‬وأنماط‭ ‬الاستخدام،‭ ‬إذ‭ ‬أدّى‭ ‬تعدّد‭ ‬الشاشات‭ ‬والمحامل‭ ‬إلى‭ ‬تشظّي‭ ‬وتشتّت‭ ‬جمهور‭ ‬التلفزيون،‭ ‬وأصبح‭ ‬استقطابه‭ ‬عملية‭ ‬معقّدة‭ ‬تتطلّب‭ ‬إنتاج‭ ‬محتوى‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬أنماط‭ ‬استهلاكه‭ ‬المتغيّرة‭.‬

‮«‬السوشيال‭ ‬ميديا‮»‬‭: ‬من‭ ‬أداة‭ ‬ترويج‭ ‬إلى‭ ‬مختبر‭ ‬للمحتوى

أما‭ ‬في‭ ‬المداخلة‭ ‬الثانية‭ ‬التي‭ ‬جاءت‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لتعزيز‭ ‬تجربة‭ ‬المشاهد‭ ‬من‭ ‬التلقي‭ ‬إلى‭ ‬التفاعل‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬أوضحت‭ ‬الأستاذة‭ ‬بمعهد‭ ‬الصحافة‭ ‬وعلوم‭ ‬الإخبار‭ ‬راضية‭ ‬الشرعيبي‭ ‬أنّ‭ ‬‮«‬صناعة‭ ‬التلفزيون‭ ‬تشهد‭ ‬تحوّلا‭ ‬جذريا‭ ‬مع‭ ‬دمج‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الجديدة،‭ ‬وفي‭ ‬مقدّمتها‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬فأعاد‭ ‬الإعلام‭ ‬الجديد‭ ‬تشكيل‭ ‬مفهوم‭ ‬الإنتاج‭ ‬والمشاهدة‭ ‬التلفزيونية‭. ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬التلفزيون‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬كونه‭ ‬شاشة‭ ‬لبثّ‭ ‬البرامج‭ ‬التقليدية،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬منصة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬المشاهد‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬وفعّال،‭ ‬ممّا‭ ‬أعاد‭ ‬صياغة‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المتلقي‭ ‬والمحتوى‮»‬‭.‬

وأضافت‭: ‬‮«‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬محصورة‭ ‬في‭ ‬قالب‭ ‬أحادي‭ ‬الاتجاه،‭ ‬بل‭ ‬صارت‭ ‬فضاء‭ ‬مفتوحا‭ ‬للتجربة‭ ‬المشتركة،‭ ‬حيث‭ ‬يمكن‭ ‬للمشاهد‭ ‬التصويت،‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬القرار‭ ‬البرامجي،‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الاندماج‭ ‬افتراضيا‭ ‬داخل‭ ‬الأحداث‭. ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬دراسة‭ ‬دور‭ ‬هذه‭ ‬التقنيات‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬تمثل‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬لفهم‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للإعلام‭ ‬المرئي‭ ‬أن‭ ‬يعزّز‭ ‬تجربة‭ ‬المشاهد،‭ ‬ويحافظ‭ ‬على‭ ‬جاذبيته‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المنافسة‭ ‬الشديدة‭ ‬من‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‮»‬‭.‬

التحدي‭ ‬الجديد‭.. ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬إلى‭ ‬التجربة

ومن‭ ‬أبرز‭ ‬النقاط‭ ‬التي‭ ‬تكرّرت‭ ‬خلال‭ ‬الندوة،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الرهان‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬على‭ ‬وفرة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬المحتوى‭. ‬فالتلفزيون‭ ‬في‭ ‬صورته‭ ‬الجديدة‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬المتابعين‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬علاقة‭ ‬تفاعلية‭ ‬وديناميكية‭ ‬معهم‭.‬

طرح‭ ‬المتحدثون‭ ‬كذلك‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬المحتوى‭ ‬الغامر‭ ‬والتفاعلي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُعيد‭ ‬ثقة‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬العمومي‭ ‬تحديدًا،‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬توظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬القيم‭ ‬التحريرية‭ ‬والمهنية،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬استعراض‭ ‬تقني‭ ‬فارغ‭.‬

وبينما‭ ‬أبدى‭ ‬بعض‭ ‬المشاركين‭ ‬تفاؤلهم‭ ‬بمستقبل‭ ‬البرامج‭ ‬التلفزيونية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إذا‭ ‬تمّ‭ ‬دمج‭ ‬تقنيات‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬والبيانات‭ ‬الذكية‭ ‬بذكاء،‭ ‬عبّر‭ ‬آخرون‭ ‬عن‭ ‬تخوّفهم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬الإبهار‭ ‬التقني‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬حدّ‭ ‬ذاته،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬رؤية‭ ‬سردية‭ ‬قوية‭ ‬أو‭ ‬حسّ‭ ‬ثقافي‭ ‬أصيل‭. ‬

في‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬فُتح‭ ‬نقاش‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عرض‭ ‬تجارب‭ ‬عربية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬التلفزة‭ ‬الوطنية‭ ‬التونسية‭ ‬وتلفزيون‭ ‬العراق‭ ‬وتلفزيون‭ ‬قطر،‭ ‬حول‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي،‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬قناعة‭ ‬مفادها‭ ‬أنّه‭ ‬ليس‭ ‬خيارا‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬ضرورة‭ ‬وجودية‭ ‬أمام‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬جمهورها‭ ‬الشاب‭ ‬المتّصل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭.‬

 

إيمان‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف