إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وكالات التصنيف العالمية منحته جرعة أمل جديدة.. الدينار التونسي يستعيد عافيته.. و«الترقيات» الدولية تعزز استقراره

شهد الدينار التونسي خلال السنوات الأخيرة مسارا متقلبا بين فترات من التراجع الحاد وأخرى من التعافي التدريجي. فقد دفعت الأزمة الصحية العالمية في 2020 وما تبعها من ركود اقتصادي وعجز مالي إلى ضغوط قوية على العملة الوطنية، انعكست في تراجع قيمتها أمام اليورو والدولار. ومع تباطؤ النمو واقتراب نسبة البطالة من مستويات قياسية، تزايدت مخاوف الأسواق والمستثمرين من إمكانية تعثر تونس في تلبية التزاماتها الخارجية، الأمر الذي زاد من هشاشة الدينار.

لكن الصورة بدأت في التغير منذ 2023، حين شرعت الحكومة التونسية في إطلاق حزمة إصلاحات مالية وهيكلية بدعم من البنك الدولي ومؤسسات تمويلية أخرى. هذه الإصلاحات، التي استهدفت التحكم في عجز الميزانية، وإصلاح منظومة الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، شكلت رسالة قوية إلى الأسواق بأن تونس تسير نحو مسار أكثر انضباطا ماليا، وهو ما انعكس تدريجيا. على قيمة الدينار.

الإصلاحات الاقتصادية كرافعة للثقة

حسب ما كشفه بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن البرنامج الذي وضعته السلطات التونسية بالتعاون مع البنك الدولي وفر إطارا إصلاحيا واضحا وغطاءً تمويليا مطمئنا للأسواق. فالاتفاق على برنامج التسهيل الموسع، الذي أعلن عنه منذ أواخر 2022، مثّل نقطة تحول مهمة. إذ لم يقتصر دوره على سد فجوات التمويل قصيرة الأجل، بل منح أيضا دفعة قوية للثقة الدولية في قدرة تونس على تحقيق التوازنات الكبرى.

على الصعيد العملي، تضمنت الإصلاحات إجراءات للترشيد المالي عبر تقليص الدعم التدريجي للمواد الأساسية والطاقة، وتحسين النظام الجبائي، إلى جانب سياسات تهدف لتعزيز الحوكمة داخل المؤسسات العمومية. هذه الخطوات وإن كانت صعبة سياسيا واجتماعيا، فإنها أرسلت إشارات إيجابية إلى المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف العالمية التي تابعت عن كثب تنفيذ هذه الإصلاحات.

وكالات التصنيف تمنح تونس جرعة ثقة

تجلت ثمار الإصلاحات الاقتصادية في سلسلة من القرارات الإيجابية لوكالات التصنيف العالمية. ففي مارس 2025، رفعت وكالة «موديز» التصنيف السيادي لتونس إلى مستوى (Caa1) مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى تحسن القدرة المالية للدولة وتزايد فرص استدامة المديونية. هذه الخطوة كانت الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة من التراجعات المتتالية، وأكدت أن الإصلاحات بدأت تؤتي ثمارها على مستوى الثقة الدولية.

في سبتمبر من نفس العام، أعلنت وكالة «فيتش» بدورها عن مراجعة إيجابية لتصنيف تونس، معتبرة أن المخاطر المتعلقة بالسيولة الخارجية بدأت تتراجع بفضل ارتفاع الاحتياطات من العملة الأجنبية وتراجع الضغوط التضخمية. هذه الترقيات المتتابعة مثلت انعكاسا لمؤشرات اقتصادية ملموسة مثل تسجيل نمو إيجابي متواضع في 2024 بعد سنتين من الركود، وتراجع نسب التضخم تدريجيا خلال 2025، إضافة إلى تحسن آفاق التمويل الخارجي.

هذه التحركات من وكالات التصنيف لم تكن مجرد مؤشرات تقنية، بل لعبت دورا محوريا في تعزيز جاذبية الدينار لدى المستثمرين. فرفع التصنيف السيادي يقلل من تكلفة الاقتراض على تونس ويمنحها إمكانية الوصول إلى أسواق التمويل بشروط أفضل، مما يخفف الضغط على الاحتياطي من العملة الصعبة ويدعم استقرار سعر الصرف.

عودة جاذبية الدينار للمستثمرين

تحسن التصنيف السيادي ساهم مباشرة في عودة الاهتمام الدولي بالسندات التونسية، سواء على مستوى المستثمرين أو على صعيد البنوك الإقليمية. ومع انخفاض تكلفة الاقتراض، تقلصت مخاطر اللجوء المفرط إلى الاحتياطيات النقدية، ما سمح للبنك المركزي التونسي بالتحرك بشكل أكثر مرونة في إدارة سوق الصرف.

كذلك، فإن رفع التصنيف منح تونس إشارات إيجابية نحو تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لاسيما في القطاعات التي ظلت تراهن على الاستقرار المالي والنقدي مثل السياحة والطاقة المتجددة والصناعات التحويلية. وبذلك، أصبحت العملة الوطنية أكثر جاذبية في المعاملات الاستثمارية، وهو ما انعكس تدريجيا في تحسن سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية.

البنك المركزي في خط الدفاع الأول

في موازاة ذلك، لعب البنك المركزي التونسي دورا أساسيا في حماية الدينار. فقد حافظ لسنوات على سياسة نقدية حذرة قوامها رفع أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية وصلت 8 %، بهدف كبح التضخم وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. ومع تراجع الضغوط التضخمية خلال 2025، بدأ البنك في تخفيف تدريجي للفائدة مع الحفاظ على التوازن المطلوب لمنع عودة الضغوط على العملة.

كما عمل البنك المركزي على إدارة أفضل للاحتياطيات من العملة الأجنبية، مستفيدا من تحسن شروط التمويل الخارجي لتقوية مخزونه من النقد الأجنبي. هذا المخزون وفر له القدرة على التدخل في السوق عند الحاجة، عبر آليات مدروسة لتفادي المضاربة وضمان استقرار سعر الصرف دون استنزاف الموارد.

إلى جانب ذلك، واصل البنك جهوده في تحديث أطر الحوكمة البنكية وتعزيز الشفافية المالية، ما أرسى بيئة أكثر استقرارا للقطاع المصرفي وأعطى إشارة قوية للمستثمرين حول جدية تونس في إصلاح منظومتها المالية.

من فترات الضعف إلى العودة التدريجية

التقلبات التي مر بها الدينار بين 2021 و2023 كشفت هشاشة الوضع المالي التونسي في غياب إصلاحات جذرية. فقد أدى العجز المزدوج (المالي والخارجي) إلى موجات فقدان ثقة من قبل الأسواق، وتزايد الضغط على سعر الصرف. لكن مع إطلاق الإصلاحات وتعويل تونس على تمويلها الذاتي ، تغيرت الصورة تدريجيا.

عودة النمو في 2024، ولو بنسب متواضعة، شكل دليلا على قدرة الاقتصاد على استعادة بعض حيويته، فيما ساهم التراجع التدريجي للتضخم خلال 2025 في تعزيز الاستقرار النقدي. هذه المؤشرات، التي وثقتها تقارير البنك الدولي وصندوق النقد، ساعدت على رفع ثقة وكالات التصنيف، وهو ما ترجم عمليا في تحسن وضعية الدينار.

تحديات مازالت قائمة

ورغم هذا التحسن الملحوظ، فإن الطريق نحو استقرار كامل للدينار لا يخلو من تحديات. فالاقتصاد التونسي ما زال معرضا لتقلبات أسعار السلع في الأسواق العالمية، ولاسيما النفط والحبوب، إضافة إلى تأثيرات الأوضاع الإقليمية على التجارة والسياحة. كما أن استدامة الإصلاحات المالية تظل رهينة التوافقات الاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد، وهو عامل يربطه خبراء الاقتصاد بمدى صلابة الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة لدفع عجلة الاقتصاد خلال السنوات القادمة.

لكن ما يمكن تأكيده أن تونس اليوم باتت في وضع أفضل مقارنة بسنوات الأزمة السابقة. إذ تملك البلاد أساسا أقوى بفضل الإصلاحات المالية، ودعم المؤسسات الدولية، وقرارات وكالات التصنيف التي منحتها جرعة ثقة في الأسواق.

استقرار قابل للتعزيز

ولا يختلف أحد اليوم من خبراء الاقتصاد،أنه إذا ما استمرت تونس في نهجها الإصلاحي، وحافظ البنك المركزي على سياسته النقدية المتوازنة، فإن الدينار مرشح لمزيد من الاستقرار بل وربما لتحسن إضافي على المدى المتوسط. فالترقيات الأخيرة من وكالات التصنيف ليست سوى خطوة أولى، إذ من الممكن أن تواصل هذه المؤسسات تحسين تقييمها إذا التزمت تونس بمسار الإصلاح ونجحت في تعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي.

كما أن عودة النمو وتعافي قطاعات حيوية مثل السياحة والفسفاط والطاقة المتجددة ستدعم تدفقات العملة الصعبة، وهو ما سيزيد من قدرة الدينار على الصمود أمام تقلبات الأسواق العالمية.

جدير بالذكر، فإن رحلة الدينار التونسي من التراجع إلى التعافي لم تكن سهلة، لكنها تقدم مؤشرا واضحا على أن الإصلاحات الاقتصادية الجادة، حين تقترن بدعم المؤسسات المالية الدولية وسياسات نقدية صارمة، قادرة على إعادة الثقة للعملة الوطنية. ومع أن التحديات لم تنته بعد، فإن ما تحقق حتى الآن يشكل أرضية صلبة لمرحلة جديدة يمكن أن يستعيد فيها الدينار ليس فقط استقراره، بل أيضا مكانته كعملة جاذبة ومستقرة في منطقة تعج بالتقلبات.

سفيان المهداوي

وكالات التصنيف العالمية منحته جرعة أمل جديدة..   الدينار التونسي يستعيد عافيته.. و«الترقيات» الدولية تعزز استقراره

شهد الدينار التونسي خلال السنوات الأخيرة مسارا متقلبا بين فترات من التراجع الحاد وأخرى من التعافي التدريجي. فقد دفعت الأزمة الصحية العالمية في 2020 وما تبعها من ركود اقتصادي وعجز مالي إلى ضغوط قوية على العملة الوطنية، انعكست في تراجع قيمتها أمام اليورو والدولار. ومع تباطؤ النمو واقتراب نسبة البطالة من مستويات قياسية، تزايدت مخاوف الأسواق والمستثمرين من إمكانية تعثر تونس في تلبية التزاماتها الخارجية، الأمر الذي زاد من هشاشة الدينار.

لكن الصورة بدأت في التغير منذ 2023، حين شرعت الحكومة التونسية في إطلاق حزمة إصلاحات مالية وهيكلية بدعم من البنك الدولي ومؤسسات تمويلية أخرى. هذه الإصلاحات، التي استهدفت التحكم في عجز الميزانية، وإصلاح منظومة الدعم، وإعادة هيكلة المؤسسات العمومية، شكلت رسالة قوية إلى الأسواق بأن تونس تسير نحو مسار أكثر انضباطا ماليا، وهو ما انعكس تدريجيا. على قيمة الدينار.

الإصلاحات الاقتصادية كرافعة للثقة

حسب ما كشفه بعض خبراء الاقتصاد لـ«الصباح»، فإن البرنامج الذي وضعته السلطات التونسية بالتعاون مع البنك الدولي وفر إطارا إصلاحيا واضحا وغطاءً تمويليا مطمئنا للأسواق. فالاتفاق على برنامج التسهيل الموسع، الذي أعلن عنه منذ أواخر 2022، مثّل نقطة تحول مهمة. إذ لم يقتصر دوره على سد فجوات التمويل قصيرة الأجل، بل منح أيضا دفعة قوية للثقة الدولية في قدرة تونس على تحقيق التوازنات الكبرى.

على الصعيد العملي، تضمنت الإصلاحات إجراءات للترشيد المالي عبر تقليص الدعم التدريجي للمواد الأساسية والطاقة، وتحسين النظام الجبائي، إلى جانب سياسات تهدف لتعزيز الحوكمة داخل المؤسسات العمومية. هذه الخطوات وإن كانت صعبة سياسيا واجتماعيا، فإنها أرسلت إشارات إيجابية إلى المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف العالمية التي تابعت عن كثب تنفيذ هذه الإصلاحات.

وكالات التصنيف تمنح تونس جرعة ثقة

تجلت ثمار الإصلاحات الاقتصادية في سلسلة من القرارات الإيجابية لوكالات التصنيف العالمية. ففي مارس 2025، رفعت وكالة «موديز» التصنيف السيادي لتونس إلى مستوى (Caa1) مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى تحسن القدرة المالية للدولة وتزايد فرص استدامة المديونية. هذه الخطوة كانت الأولى من نوعها منذ سنوات طويلة من التراجعات المتتالية، وأكدت أن الإصلاحات بدأت تؤتي ثمارها على مستوى الثقة الدولية.

في سبتمبر من نفس العام، أعلنت وكالة «فيتش» بدورها عن مراجعة إيجابية لتصنيف تونس، معتبرة أن المخاطر المتعلقة بالسيولة الخارجية بدأت تتراجع بفضل ارتفاع الاحتياطات من العملة الأجنبية وتراجع الضغوط التضخمية. هذه الترقيات المتتابعة مثلت انعكاسا لمؤشرات اقتصادية ملموسة مثل تسجيل نمو إيجابي متواضع في 2024 بعد سنتين من الركود، وتراجع نسب التضخم تدريجيا خلال 2025، إضافة إلى تحسن آفاق التمويل الخارجي.

هذه التحركات من وكالات التصنيف لم تكن مجرد مؤشرات تقنية، بل لعبت دورا محوريا في تعزيز جاذبية الدينار لدى المستثمرين. فرفع التصنيف السيادي يقلل من تكلفة الاقتراض على تونس ويمنحها إمكانية الوصول إلى أسواق التمويل بشروط أفضل، مما يخفف الضغط على الاحتياطي من العملة الصعبة ويدعم استقرار سعر الصرف.

عودة جاذبية الدينار للمستثمرين

تحسن التصنيف السيادي ساهم مباشرة في عودة الاهتمام الدولي بالسندات التونسية، سواء على مستوى المستثمرين أو على صعيد البنوك الإقليمية. ومع انخفاض تكلفة الاقتراض، تقلصت مخاطر اللجوء المفرط إلى الاحتياطيات النقدية، ما سمح للبنك المركزي التونسي بالتحرك بشكل أكثر مرونة في إدارة سوق الصرف.

كذلك، فإن رفع التصنيف منح تونس إشارات إيجابية نحو تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، لاسيما في القطاعات التي ظلت تراهن على الاستقرار المالي والنقدي مثل السياحة والطاقة المتجددة والصناعات التحويلية. وبذلك، أصبحت العملة الوطنية أكثر جاذبية في المعاملات الاستثمارية، وهو ما انعكس تدريجيا في تحسن سعر صرف الدينار مقابل العملات الرئيسية.

البنك المركزي في خط الدفاع الأول

في موازاة ذلك، لعب البنك المركزي التونسي دورا أساسيا في حماية الدينار. فقد حافظ لسنوات على سياسة نقدية حذرة قوامها رفع أسعار الفائدة إلى مستويات تاريخية وصلت 8 %، بهدف كبح التضخم وحماية القدرة الشرائية للمواطنين. ومع تراجع الضغوط التضخمية خلال 2025، بدأ البنك في تخفيف تدريجي للفائدة مع الحفاظ على التوازن المطلوب لمنع عودة الضغوط على العملة.

كما عمل البنك المركزي على إدارة أفضل للاحتياطيات من العملة الأجنبية، مستفيدا من تحسن شروط التمويل الخارجي لتقوية مخزونه من النقد الأجنبي. هذا المخزون وفر له القدرة على التدخل في السوق عند الحاجة، عبر آليات مدروسة لتفادي المضاربة وضمان استقرار سعر الصرف دون استنزاف الموارد.

إلى جانب ذلك، واصل البنك جهوده في تحديث أطر الحوكمة البنكية وتعزيز الشفافية المالية، ما أرسى بيئة أكثر استقرارا للقطاع المصرفي وأعطى إشارة قوية للمستثمرين حول جدية تونس في إصلاح منظومتها المالية.

من فترات الضعف إلى العودة التدريجية

التقلبات التي مر بها الدينار بين 2021 و2023 كشفت هشاشة الوضع المالي التونسي في غياب إصلاحات جذرية. فقد أدى العجز المزدوج (المالي والخارجي) إلى موجات فقدان ثقة من قبل الأسواق، وتزايد الضغط على سعر الصرف. لكن مع إطلاق الإصلاحات وتعويل تونس على تمويلها الذاتي ، تغيرت الصورة تدريجيا.

عودة النمو في 2024، ولو بنسب متواضعة، شكل دليلا على قدرة الاقتصاد على استعادة بعض حيويته، فيما ساهم التراجع التدريجي للتضخم خلال 2025 في تعزيز الاستقرار النقدي. هذه المؤشرات، التي وثقتها تقارير البنك الدولي وصندوق النقد، ساعدت على رفع ثقة وكالات التصنيف، وهو ما ترجم عمليا في تحسن وضعية الدينار.

تحديات مازالت قائمة

ورغم هذا التحسن الملحوظ، فإن الطريق نحو استقرار كامل للدينار لا يخلو من تحديات. فالاقتصاد التونسي ما زال معرضا لتقلبات أسعار السلع في الأسواق العالمية، ولاسيما النفط والحبوب، إضافة إلى تأثيرات الأوضاع الإقليمية على التجارة والسياحة. كما أن استدامة الإصلاحات المالية تظل رهينة التوافقات الاقتصادية والاجتماعية داخل البلاد، وهو عامل يربطه خبراء الاقتصاد بمدى صلابة الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة لدفع عجلة الاقتصاد خلال السنوات القادمة.

لكن ما يمكن تأكيده أن تونس اليوم باتت في وضع أفضل مقارنة بسنوات الأزمة السابقة. إذ تملك البلاد أساسا أقوى بفضل الإصلاحات المالية، ودعم المؤسسات الدولية، وقرارات وكالات التصنيف التي منحتها جرعة ثقة في الأسواق.

استقرار قابل للتعزيز

ولا يختلف أحد اليوم من خبراء الاقتصاد،أنه إذا ما استمرت تونس في نهجها الإصلاحي، وحافظ البنك المركزي على سياسته النقدية المتوازنة، فإن الدينار مرشح لمزيد من الاستقرار بل وربما لتحسن إضافي على المدى المتوسط. فالترقيات الأخيرة من وكالات التصنيف ليست سوى خطوة أولى، إذ من الممكن أن تواصل هذه المؤسسات تحسين تقييمها إذا التزمت تونس بمسار الإصلاح ونجحت في تعزيز احتياطياتها من النقد الأجنبي.

كما أن عودة النمو وتعافي قطاعات حيوية مثل السياحة والفسفاط والطاقة المتجددة ستدعم تدفقات العملة الصعبة، وهو ما سيزيد من قدرة الدينار على الصمود أمام تقلبات الأسواق العالمية.

جدير بالذكر، فإن رحلة الدينار التونسي من التراجع إلى التعافي لم تكن سهلة، لكنها تقدم مؤشرا واضحا على أن الإصلاحات الاقتصادية الجادة، حين تقترن بدعم المؤسسات المالية الدولية وسياسات نقدية صارمة، قادرة على إعادة الثقة للعملة الوطنية. ومع أن التحديات لم تنته بعد، فإن ما تحقق حتى الآن يشكل أرضية صلبة لمرحلة جديدة يمكن أن يستعيد فيها الدينار ليس فقط استقراره، بل أيضا مكانته كعملة جاذبة ومستقرة في منطقة تعج بالتقلبات.

سفيان المهداوي