إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

عضو مجلس نواب الشعب عصام شوشان لـ«الصباح»: قريبا الحسم في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي

- لجنة المالية والميزانية متمسّكة بمقترح إحداث البنك البريدي

-لن نناقش تقرير تنفيذ ميزانية 2025 وتوجهات ميزانية 2026 إلا بحضور وزيرة المالية شخصيا

أكد عصام شوشان، نائب رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب، أنه سيتم الحسم عما قريب في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أنه، إضافة إلى هذا المشروع، تم إدراج ثلاث مبادرات تشريعية ضمن أولويات اللجنة للفترة القادمة.

وستستأنف اللجنة، بداية من اليوم 2 سبتمبر 2025، نقاش مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وهو مشروع تم تقديمه من قبل رئيس الجمهورية يوم 6 مارس 2024، وأحاله مكتب مجلس نواب الشعب إلى اللجنة يوم 7 مارس 2024، وشرعت اللجنة في دراسته يوم 18 مارس 2024، ونظّمت جلسات استماع بشأنه إلى ممثلين عن وزارات المالية، الشؤون الاجتماعية، تكنولوجيا الاتصال، رئاسة الحكومة، البنك المركزي التونسي، الديوان الوطني للبريد، بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، البنك التونسي للتضامن، الجمعية المهنية التونسية لمؤسسات التمويل الصغير، سلطة رقابة التمويل الصغير، والمجلس البنكي والمالي.

ثم بدأت بتاريخ 23 أفريل 2024 في مناقشة الفصول والتصويت عليها فصلًا فصلًا، لكن هذه العملية تعطّلت وبقي مشروع القانون في الرّفوف منذ 23 ماي 2023، تاريخ جلسة الاستماع إلى وزيرة المالية السابقة.

وقال شوشان إن لجنة المالية والميزانية قرّرت العودة إلى مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي من تلقاء نفسها، ولم يرد عليها أي طلب من رئاسة الجمهورية لاستعجال النظر فيه، وذلك لأنها رأت أنه آن الأوان لاستكمال دراسته، نظرا لتداعياته الاقتصادية الإيجابية، وللإمكانيات التي يمكن أن يتيحها للدولة من أجل مكافحة الإقصاء المالي الذي تعاني منه الفئات التي ليست لديها إمكانيات لفتح حسابات بنكية.

وأضاف أن السبب الوحيد الذي عطّل مسار مشروع هذا القانون هو الخلاف الذي حصل حول مقترح إحداث البنك البريدي. وفسّر أن أعضاء اللجنة تمسّكوا بهذا المقترح، لأنه، خلافًا للبنوك، فإن البريد التونسي منتشر في كامل أنحاء البلاد، حتى في القرى الصغيرة، وبالإمكان تخصيص شباك في كل مكتب بريدي لفروع البنك البريدي، لكي يتولى هذا البنك تقديم خدماته لفائدة المواطنين. ولاحظ أن البنوك موجودة في المدن فقط، بل هناك معتمديات لا توجد فيها مؤسسات بنكية.

وفي المقابل، أكد شوشان تجاوب وزارة تكنولوجيا الاتصال مع هذا المطلب، إذ في جلسة عقدتها اللجنة للاستماع إلى ممثلي الوزارة وإلى الرئيس المدير العام للبريد التونسي، رحّب هؤلاء بالمقترح، وقدّموا رؤية شاملة حول إحداث البنك البريدي، وحول بعض التجارب المقارنة مثل المغرب وفرنسا.

وقال نائب رئيس لجنة المالية والميزانية عصام شوشان، إنه أمام إصرار وزارة المالية على رفض مقترح التنصيص على إحداث بنك بريدي ضمن مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، رأت اللجنة التوقّف عن دراسة هذا المشروع، وتولّت إثر ذلك دراسة مشاريع قوانين عديدة ومبادرات تشريعية أخرى.

قررت اللجنة، انطلاقا من الأسبوع الجاري وإلى غاية موعد إحالة مشروع قانون المالية لسنة 2026، تنظيم جلسات مسترسلة من أجل استكمال النظر في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي بإدراج مقترح إحداث البنك البريدي، وكذلك في ثلاث مبادرات تشريعية تم تقديمها من قبل النواب، وهي تتعلّق بـ:

-الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع،

-تسوية مخالفات الصرف،

-تسوية الديون الفلاحية المتعثّرة.

وفسّر شوشان أن هذه المشاريع الأربعة تم إدراجها ضمن أولويات اللجنة للفترة القادمة، وسيتم تسريع النظر فيها، وإحالة تقارير بشأنها إلى مكتب مجلس نواب الشعب حتى يقع عرضها على أنظار الجلسة العامة.

الرقابة على الميزانية

وإجابة عن سؤال حول سبب عدم برمجة جلسة للنظر في التقارير التي أرسلتها الحكومة مؤخرًا إلى مجلس نواب الشعب حول تنفيذ ميزانية العام الجاري وتوجّهات وفَرَضيات ميزانية العام المقبل، أشار عصام شوشان إلى تمسّك لجنة المالية والميزانية بطلب حضور وزيرة المالية شخصيًا أشغال اللجنة، وذكر أنه لن يقع النظر في تلك الوثائق إلا بحضور الوزيرة رأسًا، لأن من يرسم الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية ومن يتولى إعداد هذا المشروع هو الوزير المكلّف بالمالية، ولأن المسؤول عن متابعة تنفيذ الميزانية من حيث تعهّدات الدولة والتزاماتها وتوازناتها المالية هو الوزير المكلف بالمالية، وليس إطارات الإدارة.

هذا ما ينص عليه بكل وضوح القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019، المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية نفسه.

بل ذهب شوشان إلى أبعد من ذلك، وقال إنه من المفروض أن تأتي رئيسة الحكومة ووزيرة المالية معًا إلى لجنة المالية والميزانية، على اعتبار أن رئيسة الحكومة، وفق ما ينص عليه القانون الأساسي للميزانية، هي التي تحدد التوجهات العامة لميزانية الدولة.

وبيّن أن النواب يريدون، في إطار دورهم الرقابي، معرفة جميع التفاصيل حول تنفيذ ميزانية الدولة التي صادق عليها مجلسهم، وحول مدى تنفيذ مختلف إجراءات قانون المالية، من قبيل مآل النفقات الموجّهة للدعم، مآل الأموال المرصودة لفائدة الشركات الأهلية وغيرها، وسبب عدم تحقيق نسبة النمو التي توقعتها الحكومة عند تقديم مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، والتي تم تقديرها بـ3.2%، أما معدل النمو الذي تم بلوغه خلال السداسية الأولى فهو في حدود 2.4% فقط.

وذكر أنه من المهم جدا أن تجيب وزيرة المالية على استفسارات اللجنة حول: ما الذي تم تحقيقه خلال الموسم الفلاحي والموسم السياحي؟  ما تم القيام به لخلاص الدين الخارجي والداخلي وخدمة الدين؟ من أين تم تمويل الميزانية، لأن المجلس النيابي لم يوافق إلى حد الآن إلا على قرض قدره 7 آلاف مليار، والحال أن الميزانية، في جانب منها، يقع تمويلها عبر الاقتراض، إذ تم ضبط حجم القروض الموجّهة لدعم الميزانية في حدود 28 ألف مليار، وبالتالي من حق النواب معرفة كيف سيتم توفير 22 ألف مليار المتبقية، ومن أين سيتم تمويل الميزانية في حال عدم الاقتراض؟

وخلص النائب إلى أنه اطلع، مثل غيره من النواب، على الوثائق التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس نواب الشعب، لكنه يعتبر أن المعطيات الواردة فيها، على أهميتها، لا تكفي للإجابة عن أسئلة اللجنة.

ويُذكر في هذا السياق أن لجنة المالية والميزانية كانت قد عقدت جلسة يوم غرّة سبتمبر الماضي للتداول حول تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية، التي تقتضي أن تعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب، قبل موفى شهر جويلية من كل سنة، الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة.

كما تداولت اللجنة حول عدم تطبيق مقتضيات الفصل 62 من نفس القانون، في فقرته الثالثة، التي تنص على أن تقدّم الحكومة لمجلس نواب الشعب، إثر انقضاء السداسية الأولى من كل سنة مالية، تقريرًا يتعلق بنتائج تنفيذ الميزانية وبتطبيق أحكام قانون المالية للسنة.

وبعد النقاش، قرّرت اللجنة عدم النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 ما لم تتدارك الحكومة الإخلالات المتعلقة بالفصلين 40 و62 من القانون الأساسي للميزانية.

وبعد الجلسة التي عقدتها اللجنة يوم غرّة سبتمبر، أرسلت الحكومة إلى مجلس نواب الشعب، وكذلك إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، تقريرًا حول نتائج تنفيذ ميزانية 2025 وحول الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية العام القادم.

إدماج اجتماعي

وتعقيبا على استفسار آخر حول سبب تمسّك لجنة المالية والميزانية بإحداث البنك البريدي، بيّن نائب رئيس اللجنة، عصام شوشان، أن هناك من يظن أنه سيتم تحويل البريد التونسي إلى بنك، وهو اعتقاد خاطئ، لأن كل ما في الأمر هو أنه سيتم إحداث فروع داخل البريد ترجع بالنظر إلى البنك البريدي.

ويخضع هذا البنك، مثل غيره من البنوك، إلى رقابة البنك المركزي التونسي، لكنه، خلافًا لبقية البنوك، سيقدّم خدماته للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، مثل المرأة التي تدّخر 2000 أو 3000 دينار وتريد فتح حساب بنكي من أجل الحصول على قرض لتمويل مشروعها الصغير.

وأكد شوشان أن غاية اللجنة الوحيدة من تمسّكها بمقترح إحداث البنك البريدي هي إدماج الفئات الاجتماعية التي لا تستطيع النفاذ إلى البنوك، وتقريب الخدمات البنكية من المواطن الذي يصعب عليه التنقل إلى المدن لإيداع أمواله في البنوك.

وذكر أن ممثلي القطاع البنكي أنفسهم أكدوا للجنة أنه ليس لديهم أي مشكل مع إحداث البنك البريدي، لأنه يهم فئات محدودة وضعيفة الدخل، وهذه الفئات ليست من حرفاء البنوك، وبالتالي ليس هناك أي مبرّر لرفض إدراج مقترح إحداث البنك البريدي في مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي.

القانون وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية

وشرعت لجنة المالية والميزانية منذ 18 مارس 2024 في نقاش مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وجاء في بلاغ صادر عنها أن النواب أكدوا أن هذا المشروع يكتسي أهمية بالغة، ويندرج في إطار استراتيجية بناء الدولة الاجتماعية، ويتيح لكل فئات الشعب، وخاصة محدودي الدخل، إمكانية الولوج إلى المنتجات والخدمات المالية، مما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف العيش.

وبيّنوا أن مشروع هذا القانون يتضمن إجراءات هامة تتعلّق بـالنفاذ إلى المنتجات والخدمات المالية واستعمالها، تعزيز دور السّلط الرقابية للقطاع المالي، دعم حماية مستهلكي الخدمات المالية، ترشيد التداول نقدًا،و النفاذ إلى خدمات الدفع.

واعتبروا أنه من المهم جدًا الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية، وتوسيع دائرة النقاش، باعتبار أن الإجراءات الواردة في المشروع تمسّ المعاملات المالية بين مختلف المتدخلين، من بنوك ومؤسسات مالية ومؤسسات التمويل الصغيرو مؤسسات التأمين والديوان الوطني للبريد. كما ستمكّن من تحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية، وتعزيز الاندماج في الدورة الاقتصادية.

وأشاروا إلى أن المشروع مرتبط بعديد النصوص القانونية، واقترحوا تنقيح نصوص أخرى، منها: المرسوم عدد 117 لسنة 2011 المتعلّق بتنظيم نشاط مؤسسات التمويل الصغير،مجلة الصرف، مجلة التأمين، قانون الاستثمار، القانون الأساسي للبنك المركزي.

وقررت اللجنة مواصلة النظر في مشروع هذا القانون، وبرمجة جلسات استماع في شأنه إلى الجهات المعنية، وهو ما قامت به اللجنة خلال الفترة الممتدة من 19 مارس 2024 إلى 23 ماي 2024.

سعيدة بوهلال

عضو مجلس نواب الشعب عصام شوشان لـ«الصباح»:   قريبا الحسم في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي

- لجنة المالية والميزانية متمسّكة بمقترح إحداث البنك البريدي

-لن نناقش تقرير تنفيذ ميزانية 2025 وتوجهات ميزانية 2026 إلا بحضور وزيرة المالية شخصيا

أكد عصام شوشان، نائب رئيس لجنة المالية والميزانية بمجلس نواب الشعب، أنه سيتم الحسم عما قريب في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وأضاف في تصريح لـ«الصباح» أنه، إضافة إلى هذا المشروع، تم إدراج ثلاث مبادرات تشريعية ضمن أولويات اللجنة للفترة القادمة.

وستستأنف اللجنة، بداية من اليوم 2 سبتمبر 2025، نقاش مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وهو مشروع تم تقديمه من قبل رئيس الجمهورية يوم 6 مارس 2024، وأحاله مكتب مجلس نواب الشعب إلى اللجنة يوم 7 مارس 2024، وشرعت اللجنة في دراسته يوم 18 مارس 2024، ونظّمت جلسات استماع بشأنه إلى ممثلين عن وزارات المالية، الشؤون الاجتماعية، تكنولوجيا الاتصال، رئاسة الحكومة، البنك المركزي التونسي، الديوان الوطني للبريد، بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة، البنك التونسي للتضامن، الجمعية المهنية التونسية لمؤسسات التمويل الصغير، سلطة رقابة التمويل الصغير، والمجلس البنكي والمالي.

ثم بدأت بتاريخ 23 أفريل 2024 في مناقشة الفصول والتصويت عليها فصلًا فصلًا، لكن هذه العملية تعطّلت وبقي مشروع القانون في الرّفوف منذ 23 ماي 2023، تاريخ جلسة الاستماع إلى وزيرة المالية السابقة.

وقال شوشان إن لجنة المالية والميزانية قرّرت العودة إلى مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي من تلقاء نفسها، ولم يرد عليها أي طلب من رئاسة الجمهورية لاستعجال النظر فيه، وذلك لأنها رأت أنه آن الأوان لاستكمال دراسته، نظرا لتداعياته الاقتصادية الإيجابية، وللإمكانيات التي يمكن أن يتيحها للدولة من أجل مكافحة الإقصاء المالي الذي تعاني منه الفئات التي ليست لديها إمكانيات لفتح حسابات بنكية.

وأضاف أن السبب الوحيد الذي عطّل مسار مشروع هذا القانون هو الخلاف الذي حصل حول مقترح إحداث البنك البريدي. وفسّر أن أعضاء اللجنة تمسّكوا بهذا المقترح، لأنه، خلافًا للبنوك، فإن البريد التونسي منتشر في كامل أنحاء البلاد، حتى في القرى الصغيرة، وبالإمكان تخصيص شباك في كل مكتب بريدي لفروع البنك البريدي، لكي يتولى هذا البنك تقديم خدماته لفائدة المواطنين. ولاحظ أن البنوك موجودة في المدن فقط، بل هناك معتمديات لا توجد فيها مؤسسات بنكية.

وفي المقابل، أكد شوشان تجاوب وزارة تكنولوجيا الاتصال مع هذا المطلب، إذ في جلسة عقدتها اللجنة للاستماع إلى ممثلي الوزارة وإلى الرئيس المدير العام للبريد التونسي، رحّب هؤلاء بالمقترح، وقدّموا رؤية شاملة حول إحداث البنك البريدي، وحول بعض التجارب المقارنة مثل المغرب وفرنسا.

وقال نائب رئيس لجنة المالية والميزانية عصام شوشان، إنه أمام إصرار وزارة المالية على رفض مقترح التنصيص على إحداث بنك بريدي ضمن مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، رأت اللجنة التوقّف عن دراسة هذا المشروع، وتولّت إثر ذلك دراسة مشاريع قوانين عديدة ومبادرات تشريعية أخرى.

قررت اللجنة، انطلاقا من الأسبوع الجاري وإلى غاية موعد إحالة مشروع قانون المالية لسنة 2026، تنظيم جلسات مسترسلة من أجل استكمال النظر في مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي بإدراج مقترح إحداث البنك البريدي، وكذلك في ثلاث مبادرات تشريعية تم تقديمها من قبل النواب، وهي تتعلّق بـ:

-الحرية الاقتصادية ومكافحة اقتصاد الريع،

-تسوية مخالفات الصرف،

-تسوية الديون الفلاحية المتعثّرة.

وفسّر شوشان أن هذه المشاريع الأربعة تم إدراجها ضمن أولويات اللجنة للفترة القادمة، وسيتم تسريع النظر فيها، وإحالة تقارير بشأنها إلى مكتب مجلس نواب الشعب حتى يقع عرضها على أنظار الجلسة العامة.

الرقابة على الميزانية

وإجابة عن سؤال حول سبب عدم برمجة جلسة للنظر في التقارير التي أرسلتها الحكومة مؤخرًا إلى مجلس نواب الشعب حول تنفيذ ميزانية العام الجاري وتوجّهات وفَرَضيات ميزانية العام المقبل، أشار عصام شوشان إلى تمسّك لجنة المالية والميزانية بطلب حضور وزيرة المالية شخصيًا أشغال اللجنة، وذكر أنه لن يقع النظر في تلك الوثائق إلا بحضور الوزيرة رأسًا، لأن من يرسم الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية ومن يتولى إعداد هذا المشروع هو الوزير المكلّف بالمالية، ولأن المسؤول عن متابعة تنفيذ الميزانية من حيث تعهّدات الدولة والتزاماتها وتوازناتها المالية هو الوزير المكلف بالمالية، وليس إطارات الإدارة.

هذا ما ينص عليه بكل وضوح القانون الأساسي عدد 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019، المتعلق بالقانون الأساسي للميزانية نفسه.

بل ذهب شوشان إلى أبعد من ذلك، وقال إنه من المفروض أن تأتي رئيسة الحكومة ووزيرة المالية معًا إلى لجنة المالية والميزانية، على اعتبار أن رئيسة الحكومة، وفق ما ينص عليه القانون الأساسي للميزانية، هي التي تحدد التوجهات العامة لميزانية الدولة.

وبيّن أن النواب يريدون، في إطار دورهم الرقابي، معرفة جميع التفاصيل حول تنفيذ ميزانية الدولة التي صادق عليها مجلسهم، وحول مدى تنفيذ مختلف إجراءات قانون المالية، من قبيل مآل النفقات الموجّهة للدعم، مآل الأموال المرصودة لفائدة الشركات الأهلية وغيرها، وسبب عدم تحقيق نسبة النمو التي توقعتها الحكومة عند تقديم مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025، والتي تم تقديرها بـ3.2%، أما معدل النمو الذي تم بلوغه خلال السداسية الأولى فهو في حدود 2.4% فقط.

وذكر أنه من المهم جدا أن تجيب وزيرة المالية على استفسارات اللجنة حول: ما الذي تم تحقيقه خلال الموسم الفلاحي والموسم السياحي؟  ما تم القيام به لخلاص الدين الخارجي والداخلي وخدمة الدين؟ من أين تم تمويل الميزانية، لأن المجلس النيابي لم يوافق إلى حد الآن إلا على قرض قدره 7 آلاف مليار، والحال أن الميزانية، في جانب منها، يقع تمويلها عبر الاقتراض، إذ تم ضبط حجم القروض الموجّهة لدعم الميزانية في حدود 28 ألف مليار، وبالتالي من حق النواب معرفة كيف سيتم توفير 22 ألف مليار المتبقية، ومن أين سيتم تمويل الميزانية في حال عدم الاقتراض؟

وخلص النائب إلى أنه اطلع، مثل غيره من النواب، على الوثائق التي أرسلتها الحكومة إلى مجلس نواب الشعب، لكنه يعتبر أن المعطيات الواردة فيها، على أهميتها، لا تكفي للإجابة عن أسئلة اللجنة.

ويُذكر في هذا السياق أن لجنة المالية والميزانية كانت قد عقدت جلسة يوم غرّة سبتمبر الماضي للتداول حول تطبيق مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 40 من القانون الأساسي للميزانية، التي تقتضي أن تعرض الحكومة على مجلس نواب الشعب، قبل موفى شهر جويلية من كل سنة، الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة المالية المقبلة.

كما تداولت اللجنة حول عدم تطبيق مقتضيات الفصل 62 من نفس القانون، في فقرته الثالثة، التي تنص على أن تقدّم الحكومة لمجلس نواب الشعب، إثر انقضاء السداسية الأولى من كل سنة مالية، تقريرًا يتعلق بنتائج تنفيذ الميزانية وبتطبيق أحكام قانون المالية للسنة.

وبعد النقاش، قرّرت اللجنة عدم النظر في مشروع قانون المالية لسنة 2026 ما لم تتدارك الحكومة الإخلالات المتعلقة بالفصلين 40 و62 من القانون الأساسي للميزانية.

وبعد الجلسة التي عقدتها اللجنة يوم غرّة سبتمبر، أرسلت الحكومة إلى مجلس نواب الشعب، وكذلك إلى المجلس الوطني للجهات والأقاليم، تقريرًا حول نتائج تنفيذ ميزانية 2025 وحول الفرضيات والتوجّهات الكبرى لميزانية العام القادم.

إدماج اجتماعي

وتعقيبا على استفسار آخر حول سبب تمسّك لجنة المالية والميزانية بإحداث البنك البريدي، بيّن نائب رئيس اللجنة، عصام شوشان، أن هناك من يظن أنه سيتم تحويل البريد التونسي إلى بنك، وهو اعتقاد خاطئ، لأن كل ما في الأمر هو أنه سيتم إحداث فروع داخل البريد ترجع بالنظر إلى البنك البريدي.

ويخضع هذا البنك، مثل غيره من البنوك، إلى رقابة البنك المركزي التونسي، لكنه، خلافًا لبقية البنوك، سيقدّم خدماته للفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، مثل المرأة التي تدّخر 2000 أو 3000 دينار وتريد فتح حساب بنكي من أجل الحصول على قرض لتمويل مشروعها الصغير.

وأكد شوشان أن غاية اللجنة الوحيدة من تمسّكها بمقترح إحداث البنك البريدي هي إدماج الفئات الاجتماعية التي لا تستطيع النفاذ إلى البنوك، وتقريب الخدمات البنكية من المواطن الذي يصعب عليه التنقل إلى المدن لإيداع أمواله في البنوك.

وذكر أن ممثلي القطاع البنكي أنفسهم أكدوا للجنة أنه ليس لديهم أي مشكل مع إحداث البنك البريدي، لأنه يهم فئات محدودة وضعيفة الدخل، وهذه الفئات ليست من حرفاء البنوك، وبالتالي ليس هناك أي مبرّر لرفض إدراج مقترح إحداث البنك البريدي في مشروع القانون المتعلق بمكافحة الإقصاء المالي.

القانون وأبعاده الاجتماعية والاقتصادية

وشرعت لجنة المالية والميزانية منذ 18 مارس 2024 في نقاش مشروع القانون المتعلّق بمكافحة الإقصاء المالي، وجاء في بلاغ صادر عنها أن النواب أكدوا أن هذا المشروع يكتسي أهمية بالغة، ويندرج في إطار استراتيجية بناء الدولة الاجتماعية، ويتيح لكل فئات الشعب، وخاصة محدودي الدخل، إمكانية الولوج إلى المنتجات والخدمات المالية، مما يساهم في تعزيز التمكين الاقتصادي والإدماج الاجتماعي وتحسين ظروف العيش.

وبيّنوا أن مشروع هذا القانون يتضمن إجراءات هامة تتعلّق بـالنفاذ إلى المنتجات والخدمات المالية واستعمالها، تعزيز دور السّلط الرقابية للقطاع المالي، دعم حماية مستهلكي الخدمات المالية، ترشيد التداول نقدًا،و النفاذ إلى خدمات الدفع.

واعتبروا أنه من المهم جدًا الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية، وتوسيع دائرة النقاش، باعتبار أن الإجراءات الواردة في المشروع تمسّ المعاملات المالية بين مختلف المتدخلين، من بنوك ومؤسسات مالية ومؤسسات التمويل الصغيرو مؤسسات التأمين والديوان الوطني للبريد. كما ستمكّن من تحقيق العدالة الاجتماعية والتنموية، وتعزيز الاندماج في الدورة الاقتصادية.

وأشاروا إلى أن المشروع مرتبط بعديد النصوص القانونية، واقترحوا تنقيح نصوص أخرى، منها: المرسوم عدد 117 لسنة 2011 المتعلّق بتنظيم نشاط مؤسسات التمويل الصغير،مجلة الصرف، مجلة التأمين، قانون الاستثمار، القانون الأساسي للبنك المركزي.

وقررت اللجنة مواصلة النظر في مشروع هذا القانون، وبرمجة جلسات استماع في شأنه إلى الجهات المعنية، وهو ما قامت به اللجنة خلال الفترة الممتدة من 19 مارس 2024 إلى 23 ماي 2024.

سعيدة بوهلال