إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تراجع بـ5 بالمائة خلال جويلية 2025.. تونس تسير بخُطى ثابتة نحو التخفيف من عجزها الطاقي

تراجع العجز الطاقي له تأثيرات إيجابية في تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وميزانية الدولة

للحدّ من ارتفاع فاتورة واردات الطاقة، كثّفت الحكومة منذ بداية السنة جهودها لتقليص العجز الطاقي الذي مثّل لسنوات مصدر قلق كبير للمالية العمومية وللاستقرار الاقتصادي الوطني. وتشير المؤشرات الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم إلى أنّ هذه الجهود بدأت تُؤتي ثمارها تدريجيّا.

وقد جاء في النشرية الظرفية الصادرة أمس عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم التابع لوزارة الصناعة والطاقة والمناجم، تراجعُ عجز الميزان التجاري الطاقي من 6723 مليون دينار مع موفى جويلية 2024 إلى 6414 مليون دينار مع موفى جويلية 2025، أي بانخفاض قدره 5 بالمائة (مع احتساب إتاوة الغاز الجزائري المُصدّر).

وسجّلت صادرات المنتجات الطاقية انخفاضًا في القيمة بنسبة 39 بالمائة، رافقه تراجع في الواردات بالقيمة بنسبة 13 بالمائة.

ويُعزى تراجع عجز الميزان التجاري الطاقي أساسا إلى انخفاض المعدّل الشهري لسعر خام برنت بنسبة 15 بالمائة بين موفى جويلية 2024 وموفى جويلية 2025، إلى جانب تحسُّن المعدّل الشهري لقيمة الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، وانخفاض السعر المتوسّط للغاز الجزائري بنسبة 13 بالمائة بالدينار خلال الفترة نفسها.

تراجع واردات المنتجات البترولية..

كما يُفسّر تراجع العجز الطاقي بانخفاض واردات المنتجات البترولية بالقيمة بنسبة 9 بالمائة مع موفى جويلية 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024، فضلا عن تراجع واردات النفط الخام من حيث الكميات بنسبة 45 بالمائة، ومن حيث القيمة بنسبة 58 بالمائة خلال الفترة ذاتها.

وقد شهد الميزان الطاقي في تونس خلال الأشهر الأولى من سنة 2025 تراجعا ملحوظا في حجم العجز، وكشفت بيانات رسمية صادرة عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم أنّ عجز الميزان الطاقي بلغ حوالي 4.32 مليون دينار مع موفى ماي 2025، مقابل 4.572 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بتراجع بنسبة تقارب 4 بالمائة.

يعود هذا التراجع أساسا إلى انخفاض نسبي في أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، إلى جانب تراجع طفيف في الواردات الطاقية مقارنة بالسنة الفارطة. كما ساهم التحسّن النسبي في سعر صرف الدينار مقابل الدولار في تقليص كلفة الفاتورة الطاقية، لا سيما وأنّ تونس تعتمد على التوريد الخارجي لتغطية أكثر من 60 بالمائة من حاجياتها من الطاقة.

تحوّلات جذرية في السياسة الطاقية

ورغم هذا التقدّم، فقد أشار المرصد إلى أنّ نسبة تغطية الواردات الطاقية بالصادرات لم تتجاوز 18 بالمائة مع نهاية شهر أفريل 2025، وهو ما يعكس هشاشة المنظومة الطاقية واعتمادها المتواصل على السوق الخارجية.

ويرى مختصّون في الشأن الطاقي أنّ استمرار هذا التراجع يتطلّب تحوّلات جذرية في السياسة الطاقية، من خلال تسريع مشاريع الطاقات المتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في قطاعات الصناعة والنقل والبناء، مع إعادة هيكلة منظومة الدعم وتوجيهه نحو الفئات المستحقّة، إلى جانب تشجيع الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية.

التقليل من الحاجة إلى الاقتراض..

إذا استمرّ هذا الاتجاه في التراجع في العجز الطاقي، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية كبيرة في تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وميزانية الدولة، إذ إنّ عجز الطاقة كان أحد أبرز مكوّنات العجز التجاري العام، مع تحسين الوضع المالي الخارجي للدولة، والتقليل من الحاجة إلى الاقتراض أو الدعم للتعويض عن واردات الطاقة. كما سيُمكّن ذلك من إعادة توجيه جزء من الموارد إلى استثمارات في قطاع الطاقة المتجددة أو البنية التحتية الطاقية لتحسين الاكتفاء الذاتي.

وتُسجّل تونس منذ أكثر من عقد عجزا طاقيّا هيكليّا، نتيجة تراجع الإنتاج المحلي من المحروقات، مقابل تزايد الاستهلاك الطاقي، خصوصا في قطاعات النقل والصناعة والسكن. ونظرا لعدم استقرار أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، تزايدت الضغوط على المالية العمومية، خاصة في ظل دعم حكومي مرتفع للمحروقات والكهرباء.

وحسب بيانات المرصد الوطني للطاقة، فقد بلغ عجز الميزان التجاري الطاقي مع موفى جوان 2025 نحو 5.188 مليار دينار، مسجّلا انخفاضا طفيفا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، لكنه ما يزال يُشكّل ثقلا على الاقتصاد الوطني.

تنفيذ سلسلة من الإجراءات

وفي ظلّ التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، شرعت تونس في تنفيذ سلسلة من الإجراءات للحد من العجز الطاقي المزمن، الذي ظلّ لسنوات يُشكّل عبئا على ميزانها التجاري وميزان المدفوعات. يأتي هذا في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تقليص الاعتماد على الواردات، وتعزيز الاستقلالية الطاقية، وتوجيه الاستثمارات نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة.

ومن بين الإجراءات المتّخذة لتخفيف العجز الطاقي دعم الطاقات المتجددة، حيث تم إطلاق مشاريع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح بقدرة إجمالية تفوق 500 ميغاواط، من بينها مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص.

وتسعى تونس لبلوغ نسبة 30 بالمائة من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة في أفق سنة 2030.

كما تمّ وضع جملة من التحفيزات الجبائية والمالية لفائدة المؤسسات والمواطنين لتركيب الألواح الشمسية وخفض الاعتماد على الكهرباء التقليدية.

ولتحسين نجاعة الطاقة وترشيد الاستهلاك، تمّ اعتماد برنامج وطني لتحسين النجاعة الطاقية، يستهدف القطاع السكني والخدماتي والصناعي، من خلال دعم العزل الحراري، وتشجيع استعمال التجهيزات ذات الاستهلاك المنخفض. هذا إلى جانب تفعيل صندوق الانتقال الطاقي لتمويل المشاريع المبتكرة في مجال ترشيد الطاقة.

تسير تونس بخُطى ثابتة نحو التخفيف من عجزها الطاقي، عبر إصلاحات متعددة تقوم على ترشيد الاستهلاك، دعم الطاقات المتجددة، مراجعة الدعم، وتحفيز الإنتاج المحلي.

جهاد الكلبوسي

تراجع بـ5 بالمائة خلال جويلية 2025..   تونس تسير بخُطى ثابتة نحو التخفيف من عجزها الطاقي

تراجع العجز الطاقي له تأثيرات إيجابية في تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وميزانية الدولة

للحدّ من ارتفاع فاتورة واردات الطاقة، كثّفت الحكومة منذ بداية السنة جهودها لتقليص العجز الطاقي الذي مثّل لسنوات مصدر قلق كبير للمالية العمومية وللاستقرار الاقتصادي الوطني. وتشير المؤشرات الصادرة عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم إلى أنّ هذه الجهود بدأت تُؤتي ثمارها تدريجيّا.

وقد جاء في النشرية الظرفية الصادرة أمس عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم التابع لوزارة الصناعة والطاقة والمناجم، تراجعُ عجز الميزان التجاري الطاقي من 6723 مليون دينار مع موفى جويلية 2024 إلى 6414 مليون دينار مع موفى جويلية 2025، أي بانخفاض قدره 5 بالمائة (مع احتساب إتاوة الغاز الجزائري المُصدّر).

وسجّلت صادرات المنتجات الطاقية انخفاضًا في القيمة بنسبة 39 بالمائة، رافقه تراجع في الواردات بالقيمة بنسبة 13 بالمائة.

ويُعزى تراجع عجز الميزان التجاري الطاقي أساسا إلى انخفاض المعدّل الشهري لسعر خام برنت بنسبة 15 بالمائة بين موفى جويلية 2024 وموفى جويلية 2025، إلى جانب تحسُّن المعدّل الشهري لقيمة الدينار التونسي أمام الدولار الأمريكي، وانخفاض السعر المتوسّط للغاز الجزائري بنسبة 13 بالمائة بالدينار خلال الفترة نفسها.

تراجع واردات المنتجات البترولية..

كما يُفسّر تراجع العجز الطاقي بانخفاض واردات المنتجات البترولية بالقيمة بنسبة 9 بالمائة مع موفى جويلية 2025 مقارنة بالفترة نفسها من 2024، فضلا عن تراجع واردات النفط الخام من حيث الكميات بنسبة 45 بالمائة، ومن حيث القيمة بنسبة 58 بالمائة خلال الفترة ذاتها.

وقد شهد الميزان الطاقي في تونس خلال الأشهر الأولى من سنة 2025 تراجعا ملحوظا في حجم العجز، وكشفت بيانات رسمية صادرة عن المرصد الوطني للطاقة والمناجم أنّ عجز الميزان الطاقي بلغ حوالي 4.32 مليون دينار مع موفى ماي 2025، مقابل 4.572 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، أي بتراجع بنسبة تقارب 4 بالمائة.

يعود هذا التراجع أساسا إلى انخفاض نسبي في أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، إلى جانب تراجع طفيف في الواردات الطاقية مقارنة بالسنة الفارطة. كما ساهم التحسّن النسبي في سعر صرف الدينار مقابل الدولار في تقليص كلفة الفاتورة الطاقية، لا سيما وأنّ تونس تعتمد على التوريد الخارجي لتغطية أكثر من 60 بالمائة من حاجياتها من الطاقة.

تحوّلات جذرية في السياسة الطاقية

ورغم هذا التقدّم، فقد أشار المرصد إلى أنّ نسبة تغطية الواردات الطاقية بالصادرات لم تتجاوز 18 بالمائة مع نهاية شهر أفريل 2025، وهو ما يعكس هشاشة المنظومة الطاقية واعتمادها المتواصل على السوق الخارجية.

ويرى مختصّون في الشأن الطاقي أنّ استمرار هذا التراجع يتطلّب تحوّلات جذرية في السياسة الطاقية، من خلال تسريع مشاريع الطاقات المتجددة، وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في قطاعات الصناعة والنقل والبناء، مع إعادة هيكلة منظومة الدعم وتوجيهه نحو الفئات المستحقّة، إلى جانب تشجيع الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي والطاقة الكهربائية.

التقليل من الحاجة إلى الاقتراض..

إذا استمرّ هذا الاتجاه في التراجع في العجز الطاقي، يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية كبيرة في تخفيف الضغط على ميزان المدفوعات وميزانية الدولة، إذ إنّ عجز الطاقة كان أحد أبرز مكوّنات العجز التجاري العام، مع تحسين الوضع المالي الخارجي للدولة، والتقليل من الحاجة إلى الاقتراض أو الدعم للتعويض عن واردات الطاقة. كما سيُمكّن ذلك من إعادة توجيه جزء من الموارد إلى استثمارات في قطاع الطاقة المتجددة أو البنية التحتية الطاقية لتحسين الاكتفاء الذاتي.

وتُسجّل تونس منذ أكثر من عقد عجزا طاقيّا هيكليّا، نتيجة تراجع الإنتاج المحلي من المحروقات، مقابل تزايد الاستهلاك الطاقي، خصوصا في قطاعات النقل والصناعة والسكن. ونظرا لعدم استقرار أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، تزايدت الضغوط على المالية العمومية، خاصة في ظل دعم حكومي مرتفع للمحروقات والكهرباء.

وحسب بيانات المرصد الوطني للطاقة، فقد بلغ عجز الميزان التجاري الطاقي مع موفى جوان 2025 نحو 5.188 مليار دينار، مسجّلا انخفاضا طفيفا مقارنة بنفس الفترة من سنة 2024، لكنه ما يزال يُشكّل ثقلا على الاقتصاد الوطني.

تنفيذ سلسلة من الإجراءات

وفي ظلّ التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، شرعت تونس في تنفيذ سلسلة من الإجراءات للحد من العجز الطاقي المزمن، الذي ظلّ لسنوات يُشكّل عبئا على ميزانها التجاري وميزان المدفوعات. يأتي هذا في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تقليص الاعتماد على الواردات، وتعزيز الاستقلالية الطاقية، وتوجيه الاستثمارات نحو مصادر طاقة أنظف وأكثر استدامة.

ومن بين الإجراءات المتّخذة لتخفيف العجز الطاقي دعم الطاقات المتجددة، حيث تم إطلاق مشاريع لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح بقدرة إجمالية تفوق 500 ميغاواط، من بينها مشاريع شراكة بين القطاعين العام والخاص.

وتسعى تونس لبلوغ نسبة 30 بالمائة من إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة في أفق سنة 2030.

كما تمّ وضع جملة من التحفيزات الجبائية والمالية لفائدة المؤسسات والمواطنين لتركيب الألواح الشمسية وخفض الاعتماد على الكهرباء التقليدية.

ولتحسين نجاعة الطاقة وترشيد الاستهلاك، تمّ اعتماد برنامج وطني لتحسين النجاعة الطاقية، يستهدف القطاع السكني والخدماتي والصناعي، من خلال دعم العزل الحراري، وتشجيع استعمال التجهيزات ذات الاستهلاك المنخفض. هذا إلى جانب تفعيل صندوق الانتقال الطاقي لتمويل المشاريع المبتكرة في مجال ترشيد الطاقة.

تسير تونس بخُطى ثابتة نحو التخفيف من عجزها الطاقي، عبر إصلاحات متعددة تقوم على ترشيد الاستهلاك، دعم الطاقات المتجددة، مراجعة الدعم، وتحفيز الإنتاج المحلي.

جهاد الكلبوسي