يشهد الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة تحسنا ملحوظا، مدفوعا بسياسات اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية وتعزيز النمو المحلي. وتُعدّ استراتيجية التعويل على الذات أحد أبرز أوجه هذا التحسن، حيث يتم التركيز على تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، وتقليل الاعتماد على الخارج، وتحفيز القطاعات الاقتصادية الأساسية في البلاد.
وحققت تونس نموا اقتصاديا مدعوما بانتعاش بعض القطاعات الحيوية، وتراجع معدلات التضخم، واستقرار نسبي في السياسات النقدية والمالية. ووفقا لأحدث الأرقام، بلغ معدل النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من سنة 2025 نحو 2.4 بالمائة، بعد تسجيل نسبة 1.6 بالمائة في الثلاثي الأول من السنة، وارتفاعه إلى 3.2 بالمائة في الثلاثي الثاني من سنة 2025.
ولإعادة توجيه الاقتصاد الوطني نحو مزيد من الاستقلالية والمقاومة للصدمات الخارجية، انتهجت تونس سياسة اقتصادية محورها الأساسي هو التعويل على الذات. وتأتي هذه الاستراتيجية في إطار رؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى تقليص التبعية المفرطة للمساعدات الخارجية والاقتراض، وتعزيز الإنتاج الوطني في مختلف القطاعات الحيوية.
وتُظهر المؤشرات الاقتصادية في النصف الأول من سنة 2025 تحسنا ملحوظا في مجالات النمو الاقتصادي، وتوازن الميزانية، ومعدلات البطالة، حسب آخر البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء.
مؤشرات تعكس قدرة الحكومة على تجاوز الأزمات..
تعكس هذه المؤشرات قدرة الحكومة على تجاوز الأزمات المالية والاقتصادية التي مرت بها في السنوات السابقة، من خلال إرساء جملة من الإصلاحات الهيكلية. وفي إطار تعزيز النمو الاقتصادي، اعتمدت تونس على سياسة التعويل على الذات التي تهدف إلى تعزيز الاعتماد على الموارد المحلية ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية المحلية. كما تهدف هذه السياسة إلى تقليص الاعتماد على الدعم الخارجي، سواء من خلال القروض الدولية أو المساعدات المالية، وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للبلاد.
وفي هذا السياق، قال رئيس الجمهورية قيس سعيّد إنّ سياسة التعويل على الذات بعيدا عن أيّ إملاءات، مكّنت من التحكم في نسبة التضخم التي لم تتجاوز 5.2 بالمائة، وتحقيق نسبة نموّ في الأشهر الثلاثة الأخيرة تجاوزت 3 بالمائة، إلى جانب استقرار سعر الصرف، وارتفاع المخزون الاستراتيجي من العملة الأجنبية إلى 109 أيام توريد، وذلك خلال استقباله الاثنين الفارط بقصر قرطاج كلا من وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي ومحافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري.
وتم التعرّض خلال هذا اللقاء إلى تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفّى السداسي الأول من سنة 2025، والتوجهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة القادمة.
وأكد رئيس الدولة على دور البنك المركزي التونسي في دعم الاقتصاد الوطني، إلى جانب دور لجنة التحاليل المالية في مراقبة العمليات المالية المشبوهة، خاصة وأنّ عديد القرائن تدلّ على تدفّق مبالغ ضخمة خارج الأطر القانونية.
كما أكد، من جهة أخرى، أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي هو بصدد الإنجاز، يجب أن يعكس تطلعات الشعب التونسي، وخاصة في المجال الاجتماعي، وألاّ يكون مجرد أرقام لا تُلبي انتظاراته.
بوادر الانتعاش الاقتصادي
بدأت بوادر الانتعاش الاقتصادي تظهر في تونس خلال سنة 2025، بعد سنوات من الركود والتذبذب الاقتصادي، حيث سجلت البلاد نموا ملحوظا في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025، مدعوما بتحسن أداء عدد من القطاعات الحيوية، واستقرار نسبي في المؤشرات الاقتصادية الكبرى، لا سيما التضخم والطلب الداخلي.
ويُعدّ هذا التحسن خطوة مهمة نحو الخروج من الأزمة، ويعكس نتائج بعض الإجراءات والإصلاحات التي بدأت الحكومة في تنفيذها. وسجل الاقتصاد التونسي نموا بلغ 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري، وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء يوم 15 أوت 2025.
وأشار المعهد إلى أنّ التقديرات الأولية أظهرت أن النشاط الاقتصادي قد سجل نموا بنسبة 3.2 بالمائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي المعالج من تأثير التغيرات الموسمية خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025، وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل من سنة 2024، أي بحساب الانزلاق السنوي.
ومقارنة بالثلاثي الأول من السنة الحالية، فقد سجل حجم الناتج المحلي الإجمالي تحسنا بنسبة 1.8 بالمائة. وعلى هذا الأساس، يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نموا بنسبة 2.4 بالمائة خلال السداسي الأول من السنة الحالية.
ركائز تحسّن نسبة النمو
يُعدّ التحكم في التضخم من الركائز الأساسية لتحسن نسبة النمو، حيث تراجع معدل التضخم إلى 5.2 بالمائة في منتصف سنة 2025، بعد أن كان في حدود 6.2 بالمائة أواخر سنة 2024، وهو ما ساهم في استقرار القدرة الشرائية نسبيا، وتحفيز الطلب الداخلي.
وإلى جانب ذلك، شهدت السياسة النقدية استقرارا، حيث كشفت بيانات البنك المركزي عن استقرار معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية خلال شهر أوت 2025 في حدود 7.50 بالمائة، وذلك للشهر الخامس على التوالي.
وقد شهدت نسبة الفائدة في السوق النقدية منذ بداية السنة منحى تنازليا، حيث تحولت من 7.99 بالمائة خلال شهري جانفي وفيفري، إلى 7.91 بالمائة في مارس، لتستقر عند مستوى 7.50 بالمائة في الفترة الممتدة بين أفريل وأوت 2025. ويُذكر أن تطور نسبة الفائدة في السوق النقدية مرتبط بنسبة الفائدة المديرية لمؤسسة الإصدار، والتي استقرت عند 7.50 بالمائة منذ أشهر.
وتوقعت عدة هيئات دولية وإقليمية أن تواصل معدلات التضخم في تونس تراجعها تدريجيا، حيث رجّح صندوق النقد العربي أن تصل نسبة التضخم إلى 5.7 بالمائة في سنة 2025، وذلك في ظل استمرار جهود الحكومة والبنك المركزي لتطوير الأوضاع الاقتصادية.
وقال الصندوق إنّ البنك المركزي التونسي يسعى إلى الاستمرار في اعتماد سياسة نقدية حذرة، وتطوير أدوات وآليات التواصل حول قرارات السلطات النقدية، بغرض التحكم في التضخم واحتوائه في مستويات منخفضة، رغم العديد من المخاطر التضخمية النشطة على المدى القريب والمتوسط. ورغم أن الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق نمو شامل وعادل، فإن المؤشرات الحالية تعكس قدرة البلاد على استعادة توازنها الاقتصادي تدريجيا. وتمثل سنة 2025 بالنسبة لتونس سنة «التعافي» الاقتصادي؛ فهي لم تبلغ بعد مرحلة الانتعاش الكامل، لكنها نجحت في تحقيق مؤشرات إيجابية. وإذا ما واصلت الدولة اعتماد سياسة واقعية قائمة على الإنتاج والعدالة والاستثمار، فإن الاقتصاد التونسي قد يكون على طريق التعافي خلال السنوات القادمة.
جهاد الكلبوسي
يشهد الاقتصاد التونسي في السنوات الأخيرة تحسنا ملحوظا، مدفوعا بسياسات اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق الاستقلالية الاقتصادية وتعزيز النمو المحلي. وتُعدّ استراتيجية التعويل على الذات أحد أبرز أوجه هذا التحسن، حيث يتم التركيز على تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، وتقليل الاعتماد على الخارج، وتحفيز القطاعات الاقتصادية الأساسية في البلاد.
وحققت تونس نموا اقتصاديا مدعوما بانتعاش بعض القطاعات الحيوية، وتراجع معدلات التضخم، واستقرار نسبي في السياسات النقدية والمالية. ووفقا لأحدث الأرقام، بلغ معدل النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من سنة 2025 نحو 2.4 بالمائة، بعد تسجيل نسبة 1.6 بالمائة في الثلاثي الأول من السنة، وارتفاعه إلى 3.2 بالمائة في الثلاثي الثاني من سنة 2025.
ولإعادة توجيه الاقتصاد الوطني نحو مزيد من الاستقلالية والمقاومة للصدمات الخارجية، انتهجت تونس سياسة اقتصادية محورها الأساسي هو التعويل على الذات. وتأتي هذه الاستراتيجية في إطار رؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى تقليص التبعية المفرطة للمساعدات الخارجية والاقتراض، وتعزيز الإنتاج الوطني في مختلف القطاعات الحيوية.
وتُظهر المؤشرات الاقتصادية في النصف الأول من سنة 2025 تحسنا ملحوظا في مجالات النمو الاقتصادي، وتوازن الميزانية، ومعدلات البطالة، حسب آخر البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء.
مؤشرات تعكس قدرة الحكومة على تجاوز الأزمات..
تعكس هذه المؤشرات قدرة الحكومة على تجاوز الأزمات المالية والاقتصادية التي مرت بها في السنوات السابقة، من خلال إرساء جملة من الإصلاحات الهيكلية. وفي إطار تعزيز النمو الاقتصادي، اعتمدت تونس على سياسة التعويل على الذات التي تهدف إلى تعزيز الاعتماد على الموارد المحلية ورفع القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية المحلية. كما تهدف هذه السياسة إلى تقليص الاعتماد على الدعم الخارجي، سواء من خلال القروض الدولية أو المساعدات المالية، وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للبلاد.
وفي هذا السياق، قال رئيس الجمهورية قيس سعيّد إنّ سياسة التعويل على الذات بعيدا عن أيّ إملاءات، مكّنت من التحكم في نسبة التضخم التي لم تتجاوز 5.2 بالمائة، وتحقيق نسبة نموّ في الأشهر الثلاثة الأخيرة تجاوزت 3 بالمائة، إلى جانب استقرار سعر الصرف، وارتفاع المخزون الاستراتيجي من العملة الأجنبية إلى 109 أيام توريد، وذلك خلال استقباله الاثنين الفارط بقصر قرطاج كلا من وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي ومحافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري.
وتم التعرّض خلال هذا اللقاء إلى تنفيذ ميزانية الدولة إلى موفّى السداسي الأول من سنة 2025، والتوجهات الكبرى لميزانية الدولة للسنة القادمة.
وأكد رئيس الدولة على دور البنك المركزي التونسي في دعم الاقتصاد الوطني، إلى جانب دور لجنة التحاليل المالية في مراقبة العمليات المالية المشبوهة، خاصة وأنّ عديد القرائن تدلّ على تدفّق مبالغ ضخمة خارج الأطر القانونية.
كما أكد، من جهة أخرى، أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي هو بصدد الإنجاز، يجب أن يعكس تطلعات الشعب التونسي، وخاصة في المجال الاجتماعي، وألاّ يكون مجرد أرقام لا تُلبي انتظاراته.
بوادر الانتعاش الاقتصادي
بدأت بوادر الانتعاش الاقتصادي تظهر في تونس خلال سنة 2025، بعد سنوات من الركود والتذبذب الاقتصادي، حيث سجلت البلاد نموا ملحوظا في الناتج المحلي الإجمالي بلغ 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025، مدعوما بتحسن أداء عدد من القطاعات الحيوية، واستقرار نسبي في المؤشرات الاقتصادية الكبرى، لا سيما التضخم والطلب الداخلي.
ويُعدّ هذا التحسن خطوة مهمة نحو الخروج من الأزمة، ويعكس نتائج بعض الإجراءات والإصلاحات التي بدأت الحكومة في تنفيذها. وسجل الاقتصاد التونسي نموا بلغ 3.2 بالمائة خلال الثلاثي الثاني من العام الجاري، وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء يوم 15 أوت 2025.
وأشار المعهد إلى أنّ التقديرات الأولية أظهرت أن النشاط الاقتصادي قد سجل نموا بنسبة 3.2 بالمائة في حجم الناتج المحلي الإجمالي المعالج من تأثير التغيرات الموسمية خلال الثلاثي الثاني من سنة 2025، وذلك مقارنة بالثلاثي المماثل من سنة 2024، أي بحساب الانزلاق السنوي.
ومقارنة بالثلاثي الأول من السنة الحالية، فقد سجل حجم الناتج المحلي الإجمالي تحسنا بنسبة 1.8 بالمائة. وعلى هذا الأساس، يكون الاقتصاد التونسي قد سجل نموا بنسبة 2.4 بالمائة خلال السداسي الأول من السنة الحالية.
ركائز تحسّن نسبة النمو
يُعدّ التحكم في التضخم من الركائز الأساسية لتحسن نسبة النمو، حيث تراجع معدل التضخم إلى 5.2 بالمائة في منتصف سنة 2025، بعد أن كان في حدود 6.2 بالمائة أواخر سنة 2024، وهو ما ساهم في استقرار القدرة الشرائية نسبيا، وتحفيز الطلب الداخلي.
وإلى جانب ذلك، شهدت السياسة النقدية استقرارا، حيث كشفت بيانات البنك المركزي عن استقرار معدل نسبة الفائدة في السوق النقدية خلال شهر أوت 2025 في حدود 7.50 بالمائة، وذلك للشهر الخامس على التوالي.
وقد شهدت نسبة الفائدة في السوق النقدية منذ بداية السنة منحى تنازليا، حيث تحولت من 7.99 بالمائة خلال شهري جانفي وفيفري، إلى 7.91 بالمائة في مارس، لتستقر عند مستوى 7.50 بالمائة في الفترة الممتدة بين أفريل وأوت 2025. ويُذكر أن تطور نسبة الفائدة في السوق النقدية مرتبط بنسبة الفائدة المديرية لمؤسسة الإصدار، والتي استقرت عند 7.50 بالمائة منذ أشهر.
وتوقعت عدة هيئات دولية وإقليمية أن تواصل معدلات التضخم في تونس تراجعها تدريجيا، حيث رجّح صندوق النقد العربي أن تصل نسبة التضخم إلى 5.7 بالمائة في سنة 2025، وذلك في ظل استمرار جهود الحكومة والبنك المركزي لتطوير الأوضاع الاقتصادية.
وقال الصندوق إنّ البنك المركزي التونسي يسعى إلى الاستمرار في اعتماد سياسة نقدية حذرة، وتطوير أدوات وآليات التواصل حول قرارات السلطات النقدية، بغرض التحكم في التضخم واحتوائه في مستويات منخفضة، رغم العديد من المخاطر التضخمية النشطة على المدى القريب والمتوسط. ورغم أن الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق نمو شامل وعادل، فإن المؤشرات الحالية تعكس قدرة البلاد على استعادة توازنها الاقتصادي تدريجيا. وتمثل سنة 2025 بالنسبة لتونس سنة «التعافي» الاقتصادي؛ فهي لم تبلغ بعد مرحلة الانتعاش الكامل، لكنها نجحت في تحقيق مؤشرات إيجابية. وإذا ما واصلت الدولة اعتماد سياسة واقعية قائمة على الإنتاج والعدالة والاستثمار، فإن الاقتصاد التونسي قد يكون على طريق التعافي خلال السنوات القادمة.