حملت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، للمبنى الذي سيكون مقرّا للمجلس الأعلى للتربية والتعليم- وإن كانت غير معلنةـ رسائل عديدة لعل أبرزها ما يفيد أن بعث هذه المؤسسة الدستورية أي المجلس الأعلى للتربية قد أدرك مراحل متقدمة في مسار التحضير له، لتكون السنة الدراسية القادمة منطلقا لمسار إصلاحي لطالما انتظره التونسيون، خاصة أن رئيس الدولة أوصى في نفس الزيارة «بالإسراع بترميم هذا المبنى وإدخال الإصلاحات الضرورية عليه في أقرب الآجال حتى يتمّ تركيز هذه المؤسسة الدستورية وتُباشر مهامها في أفضل الظروف بعد أن تمّ استكمال الإطار التشريعي والترتيبي كاملا بمقتضى المرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرخ في 16 سبتمبر 2024 والأمر عدد 246 لسنة 2025 المؤرّخ في 8 ماي 2025». والرسالة الأخرى التي حملتها نفس الزيارة هو أن مسألة إصلاح منظومة التربية والتعليم ليست شعارا وإنما اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيد وحرصه على تفعيل البرنامج الإصلاحي الذي لطالما نادى به ودعا له مختصون في المجال، تأكيد على أن إصلاح المنظومة التربوية في تونس هو مشروع دولة بامتياز.
تأتي هذه الزيارة بعد أسبوع تقريبا من إشراف رئيس الجمهورية بقصر قرطاج، على اجتماع ضمّ كلا من وزير التربية نور الدين النوري ووزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد ووزير التشغيل والتكوين المهني رياض شوّد ووزير الشباب والرياضة الصادق المورالي ووزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أسماء الجابري ووزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي في لقاء محوره إصلاح التربية والتعليم.
وكان رئيس الجمهورية قد أشار في نفس المناسبة إلى أنه «ليس من قبيل الصدفة على الإطلاق أن يكون تمّ التنصيص في الدستور على إنشاء المجلس الأعلى للتربية والتعليم. فهذا الاختيار الذي أقره الشعب نابع من القناعة الراسخة بأنّ من بين أهمّ الإصلاحات بل من أهمّ الجبهات في معركة التحرّر الوطني جبهة التربية والتعليم».
في سياق متصل أعلنت وزارة التربية مؤخرا عن إطلاق برنامج وطني شامل لتطوير البنية التحتية للمؤسسات التربوية، في مختلف جهات الجمهورية، ويشمل البرنامج أشغال بناء وصيانة وتجهيز وتهيئة عدد كبير من المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية والمبيتات والمطاعم المدرسية. وقد بلغت القيمة الجملية لمشاريع إحداث المؤسسات التربوية 159 مليون دينار من اعتمادات مالية ناهزت قيمتها ربع مليار دينار للمشاريع المرصودة من أجل تطوير البنية التحتية التربوية.
وكان وزير التربية نورالدين النوري سبق أن أكد أثناء حضوره في المجلس الوطني للجهات والأقاليم قبل موفى العام الماضي أن البرنامج الإصلاحي للتربية سيكون نابعا من مخرجات الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم التي انتظمت سنة 2023.
إذ شكلت هذه المؤسسة الدستورية محورا هاما لأبرز لقاءات رئيس الجمهورية بوزير التربية تحديدا وأثناء الخوض في السياقات الإصلاحية الشاملة والجذرية للدولة بما يتناغم وينسجم مع توجهات الجمهورية الجديدة والتغيرات والمشروع الإصلاحي الشامل.
ورغم ما عرفه قطاع التعليم والتربية من محطات إصلاحية في مراحل عديدة في تاريخ تونس المعاصر منذ مرحلة ما بعد الاستقلال، إلا أن موجبات تغيير ومراجعة نظام التربية والتعليم في تونس اليوم أصبحت مسألة ضرورية لا تحتمل التأخير لاسيما في ظل التغيرات التي عرفتها بلادنا والعالم على حد السواء وتغير المنظومات والقوانين وآليات التعليم والعمل من ناحية، ونظرا للرهانات والتحديات المطروحة في بلادنا من ناحية أخرى والتي تعد في أبعادها وتفاصيلها في علاقة مباشرة بنظام التربية والتعليم، كقطاع حيوي يشكل عاملا لتميز المجتمع التونسي وإحداث نقلة نوعية في المجتمع منذ اختيار الدولة تعميم التعليم في مرحلة ما بعد الاستقلال والاستثمار في بناء مجتمع متعلم وواع.
وكان رئيس الدولة قد شدد أثناء خوضه في الموضوع في مناسبة سابقة «أنه لا مجال لأي خطأ في هذا المشروع الإصلاحي الحضاري لأن أية هفوة لا يمكن تدارك آثارها إلا بعد مدّة طويلة بعد أن تكون قد خلّفت ضحايا وسدّت أمامهم آفاق التحصيل والتشغيل». وذلك في تأكيده على أنه لا يمكن فصل مرحلة عن أخرى في مشروع الإصلاح للقطاع، على نحو يكون الإصلاح مراعيا لمسألة التخصصات ومتطلبات سوق الشغل والقدرة التشغيلية لتفادي ظاهرة البطالة أو وجود خريجين من أصحاب الشهائد العليا أو التكوينية غير قادرين على إيجاد مواطن شغل، على غرار ما كان عليه الأمر في السنوات الماضية.
والهام في هذا المشروع الإصلاحي الشامل لنظام التربية والتعليم أنه مبني في توجهه على منظومة متكاملة تتعلّق خاصة بالأنشطة داخل مؤسسات التربية والتعليم من دُور ثقافة ودُور شباب تزرع بذور الفكر الحرّ وتُمهّد لسُبل الإبداع.
لذلك تتجه الأنظار إلى دخول المجلس الأعلى للتربية حيز العمل مع منطلق السنة الدراسية 2025/ 2026، ليكون التلاميذ في مختلف المستويات التعليمية على قدر المساواة في تلقي التعليم والتأطير والترفيه في القطاعين العمومي كما الخاص باعتبار أن القطاع الخاص أصبح يستقطب أعدادا كبيرة من التلاميذ.
نزيهة الغضباني
حملت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد، أول أمس، للمبنى الذي سيكون مقرّا للمجلس الأعلى للتربية والتعليم- وإن كانت غير معلنةـ رسائل عديدة لعل أبرزها ما يفيد أن بعث هذه المؤسسة الدستورية أي المجلس الأعلى للتربية قد أدرك مراحل متقدمة في مسار التحضير له، لتكون السنة الدراسية القادمة منطلقا لمسار إصلاحي لطالما انتظره التونسيون، خاصة أن رئيس الدولة أوصى في نفس الزيارة «بالإسراع بترميم هذا المبنى وإدخال الإصلاحات الضرورية عليه في أقرب الآجال حتى يتمّ تركيز هذه المؤسسة الدستورية وتُباشر مهامها في أفضل الظروف بعد أن تمّ استكمال الإطار التشريعي والترتيبي كاملا بمقتضى المرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرخ في 16 سبتمبر 2024 والأمر عدد 246 لسنة 2025 المؤرّخ في 8 ماي 2025». والرسالة الأخرى التي حملتها نفس الزيارة هو أن مسألة إصلاح منظومة التربية والتعليم ليست شعارا وإنما اهتمام رئيس الجمهورية قيس سعيد وحرصه على تفعيل البرنامج الإصلاحي الذي لطالما نادى به ودعا له مختصون في المجال، تأكيد على أن إصلاح المنظومة التربوية في تونس هو مشروع دولة بامتياز.
تأتي هذه الزيارة بعد أسبوع تقريبا من إشراف رئيس الجمهورية بقصر قرطاج، على اجتماع ضمّ كلا من وزير التربية نور الدين النوري ووزير التعليم العالي والبحث العلمي منذر بلعيد ووزير التشغيل والتكوين المهني رياض شوّد ووزير الشباب والرياضة الصادق المورالي ووزير الشؤون الدينية أحمد البوهالي ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السنّ أسماء الجابري ووزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي في لقاء محوره إصلاح التربية والتعليم.
وكان رئيس الجمهورية قد أشار في نفس المناسبة إلى أنه «ليس من قبيل الصدفة على الإطلاق أن يكون تمّ التنصيص في الدستور على إنشاء المجلس الأعلى للتربية والتعليم. فهذا الاختيار الذي أقره الشعب نابع من القناعة الراسخة بأنّ من بين أهمّ الإصلاحات بل من أهمّ الجبهات في معركة التحرّر الوطني جبهة التربية والتعليم».
في سياق متصل أعلنت وزارة التربية مؤخرا عن إطلاق برنامج وطني شامل لتطوير البنية التحتية للمؤسسات التربوية، في مختلف جهات الجمهورية، ويشمل البرنامج أشغال بناء وصيانة وتجهيز وتهيئة عدد كبير من المدارس الابتدائية والمعاهد الثانوية والمبيتات والمطاعم المدرسية. وقد بلغت القيمة الجملية لمشاريع إحداث المؤسسات التربوية 159 مليون دينار من اعتمادات مالية ناهزت قيمتها ربع مليار دينار للمشاريع المرصودة من أجل تطوير البنية التحتية التربوية.
وكان وزير التربية نورالدين النوري سبق أن أكد أثناء حضوره في المجلس الوطني للجهات والأقاليم قبل موفى العام الماضي أن البرنامج الإصلاحي للتربية سيكون نابعا من مخرجات الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم التي انتظمت سنة 2023.
إذ شكلت هذه المؤسسة الدستورية محورا هاما لأبرز لقاءات رئيس الجمهورية بوزير التربية تحديدا وأثناء الخوض في السياقات الإصلاحية الشاملة والجذرية للدولة بما يتناغم وينسجم مع توجهات الجمهورية الجديدة والتغيرات والمشروع الإصلاحي الشامل.
ورغم ما عرفه قطاع التعليم والتربية من محطات إصلاحية في مراحل عديدة في تاريخ تونس المعاصر منذ مرحلة ما بعد الاستقلال، إلا أن موجبات تغيير ومراجعة نظام التربية والتعليم في تونس اليوم أصبحت مسألة ضرورية لا تحتمل التأخير لاسيما في ظل التغيرات التي عرفتها بلادنا والعالم على حد السواء وتغير المنظومات والقوانين وآليات التعليم والعمل من ناحية، ونظرا للرهانات والتحديات المطروحة في بلادنا من ناحية أخرى والتي تعد في أبعادها وتفاصيلها في علاقة مباشرة بنظام التربية والتعليم، كقطاع حيوي يشكل عاملا لتميز المجتمع التونسي وإحداث نقلة نوعية في المجتمع منذ اختيار الدولة تعميم التعليم في مرحلة ما بعد الاستقلال والاستثمار في بناء مجتمع متعلم وواع.
وكان رئيس الدولة قد شدد أثناء خوضه في الموضوع في مناسبة سابقة «أنه لا مجال لأي خطأ في هذا المشروع الإصلاحي الحضاري لأن أية هفوة لا يمكن تدارك آثارها إلا بعد مدّة طويلة بعد أن تكون قد خلّفت ضحايا وسدّت أمامهم آفاق التحصيل والتشغيل». وذلك في تأكيده على أنه لا يمكن فصل مرحلة عن أخرى في مشروع الإصلاح للقطاع، على نحو يكون الإصلاح مراعيا لمسألة التخصصات ومتطلبات سوق الشغل والقدرة التشغيلية لتفادي ظاهرة البطالة أو وجود خريجين من أصحاب الشهائد العليا أو التكوينية غير قادرين على إيجاد مواطن شغل، على غرار ما كان عليه الأمر في السنوات الماضية.
والهام في هذا المشروع الإصلاحي الشامل لنظام التربية والتعليم أنه مبني في توجهه على منظومة متكاملة تتعلّق خاصة بالأنشطة داخل مؤسسات التربية والتعليم من دُور ثقافة ودُور شباب تزرع بذور الفكر الحرّ وتُمهّد لسُبل الإبداع.
لذلك تتجه الأنظار إلى دخول المجلس الأعلى للتربية حيز العمل مع منطلق السنة الدراسية 2025/ 2026، ليكون التلاميذ في مختلف المستويات التعليمية على قدر المساواة في تلقي التعليم والتأطير والترفيه في القطاعين العمومي كما الخاص باعتبار أن القطاع الخاص أصبح يستقطب أعدادا كبيرة من التلاميذ.