إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

«أمير الراي» شعبيته ساطعة رغم طول الغياب.. الشاب مامي في سهرة لا تنسى بمهرجان الحمامات الدولي

 

  • شغف الشاب مامي بفنه على حاله.. وشعبيته عند جمهوره واسعة رغم طول الغياب
  • إقبال جماهيري يفوق طاقة استيعاب مسرح الحمامات ومعايير التنظيم لمثل هذه السهرات في حاجة إلى مراجعة

كان الانتظار طويلًا قبل ساعات من انطلاق سهرة الشاب مامي ليلة 8 أوت الحالي والحصرية على ركح مهرجان الحمامات. انتظار امتزج بالحماس والمشاعر المختلطة لجمهور خاص ومختلف لم يسبق أن شاهدناه كثيرًا في حفلات المهرجانات الصيفية في السنوات الأخيرة. هم محبو موسيقى الراي وتحديدًا أمير هذا الفن، الشاب مامي، وهم جمهور شغوف مطلع على موسيقى نجم فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي في عرضه الحصري، والذي سجل عودته لإحياء الحفلات والنشاط الفني بعد غياب.

الاحتراف على المستوى الموسيقي والتقني والاهتمام بتفاصيل العرض هو عنوان يلون خيارات الشاب مامي وفريقه. فالفنان الجزائري يمتهن الفن بعيدًا عن «النجومية الزائفة»، شارك مجموعته الموسيقية «بروفة» قبل العرض وارتفع صوته ذو النبرة الاستثنائية والمميزة بين زوايا المسرح. تشوب ملامحه علامات الخوف التي اختفت مع اعتلائه الركح ولقاءه - الذي طال انتظاره - الجمهور المتحمس للسهرة.

غنى الشاب مامي أشهر أعماله، رقص وتفاعل بكل حواسه مع كلمات مختصرة، ومع ذلك تعكس الكثير من المشاعر في لحظة فارقة في مسيرته. لحظة عودة الفنان الجزائري من بوابة مهرجان الحمامات الدولي وهي الخطوة التي تحسب لهذه التظاهرة العريقة. وعلمت «الصباح» أنه تم توجيه مقترح للشاب مامي منذ ثلاث سنوات لإحياء سهرة على ركح مسرح قرطاج أو الحمامات، ليوافق في النهاية على المشاركة في الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي.

التأني معيار للعودة وأجاد اختيار التوقيت

كان يمكن أن يعود الشاب مامي من قرطاج و(المتوقع أن يكون الحفل كذلك أمام شبابيك مغلقة على غرار الحمامات أو غيره من المهرجانات الدولية)، ومع ذلك يدرس أمير الراي هذه الخطوة جيدًا. الأحداث الشخصية والمفصلية في حياته أثرت بشكل كبير على مسيرته وإنتاجه للأعمال الفنية، ولكن من الواضح حسب تفاعلات جماهير الحمامات أنها لم تؤثر على شعبيته ومحبة المعجبين بفنه وموسيقاه.

الشاب مامي، طفل مدينة سعيدة بوهران بالجزائر، من نشأ على حب الفن وامتهنه على امتداد 45 سنة. فنان الراي الأول الذي سجل ألبومًا في فرنسا وحقق نجاحًا عالميًا وغنى مع أهم فناني العالم العربي والغرب. من صدح صوته في حفل توزيع جوائز غرامي (دورته 42) إلى جانب ستيغ مرددًا «Desert Rose»، ومن غنى إلى جانب سميرة سعيد واحدة من أشهر الأغنيات الثنائية في الموسيقى العربية «يوم ورا يوم» و»أجلس في المقهى» مع القيصر كاظم الساهر. لم يخب نجمه ولم يفقد شغفه بالإيقاع والفن وظل صوته كما عهده جمهوره غنائيًا وأمتع على ركح الحمامات متناغمًا مع جمهوره في أعمال على غرار «لزرق سعاني»، «LET ME Raï»، «مالي مالي»، «MA VIE 2 FOIS»، «مانتزوجشي»، «بلادي»، «فاطمة»، «HAOULOU» و»عمري ما ظنيت».

سهرة الشاب مامي على مسرح الحمامات كانت سهرة للتاريخ في برمجة هذا المهرجان رغم بعض الإشكاليات التنظيمية والتي تتجاوز مهرجان الحمامات وتنسحب على معظم المهرجانات التونسية. ومن الحتمي اليوم الوقوف على الإشكاليات التنظيمية المتعلقة بتجاوز المسارح لطاقة الاستيعاب بسبب ولوج الكثيرين دون تذاكر للعرض مع ضرورة تحديد عدد بطاقات الدعوة في العروض الكبرى ومنح مكان خاص لصاحب التذكرة. فمن المعيب أن يدفع المواطن التونسي ثمن تذكرة عرض فني ويظل طيلة السهرة واقفًا، في حين يتمتع أشخاص محسوبون على عدد من الأطراف المشاركة في تنظيم المهرجان بامتيازات هي أساسًا لأصحاب التذاكر. المراجعة مطلوبة وإلزامية، فكيف نتحدث عن آليات تطوير القطاع الثقافي ودفعه ليكون قطاعًا تنمويًا وفي المقابل تظل التجاوزات والمحسوبية تنخر كيانه؟

مرتبطة بتجاوز طاقة الاستيعاب

يوم 8 أوت الحالي بمسرح الحمامات كان مدير المهرجان نجيب الكسراوي يحاول بكل الطرق إيجاد حلول مع فريقه لتمكين الجمهور من التمتع بفرجة تليق بمكانة المهرجان وحضوره النوعي وصيته على مستوى التنظيم، ومع ذلك حرم عدد كبير من الجمهور من الاستمتاع بموسيقى نجمهم العائد للغناء وإحياء الحفلات لعدة أسباب، معظمها كما سبق وذكرنا تتعلق بضرورة تحديد عدد الدعوات لكل الأطراف المشاركة في التنظيم والرعاية، خاصة في الحفلات الكبرى، احترامًا للجمهور المستهلك للفن والثقافة الذي يدفع من ماله الخاص لمشاهدة المنتوج الثقافي والإبداعي، وحرصًا على سلامة الحضور حتى لا نندم لاحقًا وحتى نكون في مأمن من كل الحوادث المرتبطة بتجاوز طاقة الاستيعاب بالأساس.

تدافعت الجماهير راكضة لتحجز المكان الأقرب لركح مسرح الحمامات لمشاهدة فنان غاب لسنوات عن محبيه... لعّل المشهد للبعض يعتبر عاديًا ورد فعل الجمهور منطقيًا، غير أن التقاط هذه اللحظة عن قرب لا يمكن وصفها إلا بالساحرة بين أمير الراي ومريديه. من يركضون لحجز المكان الأفضل ليسوا أطفالًا أو يافعين، هم آباء وأمهات ارتسمت في عيونهم حماسة المراهقة وذكريات عاشوها مع أغاني الشاب مامي. يصاحبون أطفالهم لاكتشاف فنان طالما أثر في قلوبهم، ينقلون محبته لجيل لا يدرك بعد أهمية هذا الفنان في تاريخ موسيقى الراي.

نجلاء قموع

«أمير الراي» شعبيته ساطعة رغم طول الغياب..   الشاب مامي في سهرة لا تنسى بمهرجان الحمامات الدولي

 

  • شغف الشاب مامي بفنه على حاله.. وشعبيته عند جمهوره واسعة رغم طول الغياب
  • إقبال جماهيري يفوق طاقة استيعاب مسرح الحمامات ومعايير التنظيم لمثل هذه السهرات في حاجة إلى مراجعة

كان الانتظار طويلًا قبل ساعات من انطلاق سهرة الشاب مامي ليلة 8 أوت الحالي والحصرية على ركح مهرجان الحمامات. انتظار امتزج بالحماس والمشاعر المختلطة لجمهور خاص ومختلف لم يسبق أن شاهدناه كثيرًا في حفلات المهرجانات الصيفية في السنوات الأخيرة. هم محبو موسيقى الراي وتحديدًا أمير هذا الفن، الشاب مامي، وهم جمهور شغوف مطلع على موسيقى نجم فعاليات الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي في عرضه الحصري، والذي سجل عودته لإحياء الحفلات والنشاط الفني بعد غياب.

الاحتراف على المستوى الموسيقي والتقني والاهتمام بتفاصيل العرض هو عنوان يلون خيارات الشاب مامي وفريقه. فالفنان الجزائري يمتهن الفن بعيدًا عن «النجومية الزائفة»، شارك مجموعته الموسيقية «بروفة» قبل العرض وارتفع صوته ذو النبرة الاستثنائية والمميزة بين زوايا المسرح. تشوب ملامحه علامات الخوف التي اختفت مع اعتلائه الركح ولقاءه - الذي طال انتظاره - الجمهور المتحمس للسهرة.

غنى الشاب مامي أشهر أعماله، رقص وتفاعل بكل حواسه مع كلمات مختصرة، ومع ذلك تعكس الكثير من المشاعر في لحظة فارقة في مسيرته. لحظة عودة الفنان الجزائري من بوابة مهرجان الحمامات الدولي وهي الخطوة التي تحسب لهذه التظاهرة العريقة. وعلمت «الصباح» أنه تم توجيه مقترح للشاب مامي منذ ثلاث سنوات لإحياء سهرة على ركح مسرح قرطاج أو الحمامات، ليوافق في النهاية على المشاركة في الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي.

التأني معيار للعودة وأجاد اختيار التوقيت

كان يمكن أن يعود الشاب مامي من قرطاج و(المتوقع أن يكون الحفل كذلك أمام شبابيك مغلقة على غرار الحمامات أو غيره من المهرجانات الدولية)، ومع ذلك يدرس أمير الراي هذه الخطوة جيدًا. الأحداث الشخصية والمفصلية في حياته أثرت بشكل كبير على مسيرته وإنتاجه للأعمال الفنية، ولكن من الواضح حسب تفاعلات جماهير الحمامات أنها لم تؤثر على شعبيته ومحبة المعجبين بفنه وموسيقاه.

الشاب مامي، طفل مدينة سعيدة بوهران بالجزائر، من نشأ على حب الفن وامتهنه على امتداد 45 سنة. فنان الراي الأول الذي سجل ألبومًا في فرنسا وحقق نجاحًا عالميًا وغنى مع أهم فناني العالم العربي والغرب. من صدح صوته في حفل توزيع جوائز غرامي (دورته 42) إلى جانب ستيغ مرددًا «Desert Rose»، ومن غنى إلى جانب سميرة سعيد واحدة من أشهر الأغنيات الثنائية في الموسيقى العربية «يوم ورا يوم» و»أجلس في المقهى» مع القيصر كاظم الساهر. لم يخب نجمه ولم يفقد شغفه بالإيقاع والفن وظل صوته كما عهده جمهوره غنائيًا وأمتع على ركح الحمامات متناغمًا مع جمهوره في أعمال على غرار «لزرق سعاني»، «LET ME Raï»، «مالي مالي»، «MA VIE 2 FOIS»، «مانتزوجشي»، «بلادي»، «فاطمة»، «HAOULOU» و»عمري ما ظنيت».

سهرة الشاب مامي على مسرح الحمامات كانت سهرة للتاريخ في برمجة هذا المهرجان رغم بعض الإشكاليات التنظيمية والتي تتجاوز مهرجان الحمامات وتنسحب على معظم المهرجانات التونسية. ومن الحتمي اليوم الوقوف على الإشكاليات التنظيمية المتعلقة بتجاوز المسارح لطاقة الاستيعاب بسبب ولوج الكثيرين دون تذاكر للعرض مع ضرورة تحديد عدد بطاقات الدعوة في العروض الكبرى ومنح مكان خاص لصاحب التذكرة. فمن المعيب أن يدفع المواطن التونسي ثمن تذكرة عرض فني ويظل طيلة السهرة واقفًا، في حين يتمتع أشخاص محسوبون على عدد من الأطراف المشاركة في تنظيم المهرجان بامتيازات هي أساسًا لأصحاب التذاكر. المراجعة مطلوبة وإلزامية، فكيف نتحدث عن آليات تطوير القطاع الثقافي ودفعه ليكون قطاعًا تنمويًا وفي المقابل تظل التجاوزات والمحسوبية تنخر كيانه؟

مرتبطة بتجاوز طاقة الاستيعاب

يوم 8 أوت الحالي بمسرح الحمامات كان مدير المهرجان نجيب الكسراوي يحاول بكل الطرق إيجاد حلول مع فريقه لتمكين الجمهور من التمتع بفرجة تليق بمكانة المهرجان وحضوره النوعي وصيته على مستوى التنظيم، ومع ذلك حرم عدد كبير من الجمهور من الاستمتاع بموسيقى نجمهم العائد للغناء وإحياء الحفلات لعدة أسباب، معظمها كما سبق وذكرنا تتعلق بضرورة تحديد عدد الدعوات لكل الأطراف المشاركة في التنظيم والرعاية، خاصة في الحفلات الكبرى، احترامًا للجمهور المستهلك للفن والثقافة الذي يدفع من ماله الخاص لمشاهدة المنتوج الثقافي والإبداعي، وحرصًا على سلامة الحضور حتى لا نندم لاحقًا وحتى نكون في مأمن من كل الحوادث المرتبطة بتجاوز طاقة الاستيعاب بالأساس.

تدافعت الجماهير راكضة لتحجز المكان الأقرب لركح مسرح الحمامات لمشاهدة فنان غاب لسنوات عن محبيه... لعّل المشهد للبعض يعتبر عاديًا ورد فعل الجمهور منطقيًا، غير أن التقاط هذه اللحظة عن قرب لا يمكن وصفها إلا بالساحرة بين أمير الراي ومريديه. من يركضون لحجز المكان الأفضل ليسوا أطفالًا أو يافعين، هم آباء وأمهات ارتسمت في عيونهم حماسة المراهقة وذكريات عاشوها مع أغاني الشاب مامي. يصاحبون أطفالهم لاكتشاف فنان طالما أثر في قلوبهم، ينقلون محبته لجيل لا يدرك بعد أهمية هذا الفنان في تاريخ موسيقى الراي.

نجلاء قموع