الاتفاق على قواعد تفضيلية أكثر مرونة للتصدير نحو أوروبا
حقق قطاع النسيج والملابس مؤخرًا نقلة نوعية على مستوى الصادرات، حيث سجّل، وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية، ارتفاعًا بنسبة 0.4 % خلال السداسي الأول من سنة 2025، رغم التحولات العالمية الكبرى التي تشهدها الصناعة، والتحديات المرتبطة بالمنافسة، وجذب الاستثمارات، والحفاظ على مواطن الشغل.
من بين المؤشرات الإيجابية المسجلة، تمكّن تونس من احتلال مراتب متقدمة ضمن قائمة الدول المصدّرة إلى الاتحاد الأوروبي، سواء في مجال سراويل الجينز أو ملابس العمل أو الملابس الجاهزة.
فقد زوّدت تونس، خلال سنة 2024، دول الفضاء الأوروبي بـ9.7 ملايين قطعة من ملابس العمل، ما جعلها تتصدّر قائمة الدول المزوّدة للاتحاد الأوروبي في هذا الصنف. كما احتلت المرتبة التاسعة ضمن أهم المورّدين للسوق الأوروبية في قطاع الملابس الجاهزة، بحصة سوقية تبلغ 2.6 %. وتُعدّ فرنسا وإيطاليا وألمانيا أبرز شركائها التجاريين في هذا الإطار. كما جاءت تونس في المرتبة الرابعة من حيث تزويد الاتحاد الأوروبي بسراويل الجينز.
ثاني قطاع مصدر في الصناعات المعملية
في يوم دراسي برلماني نظمه مجلس نواب الشعب بتاريخ 9 جويلية 2025 حول «قطاع النسيج في تونس»، أكّد صابر بن كيلاني، المدير العام للنسيج والملابس بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة، أن هذا القطاع يُعدّ ثاني قطاع مصدر ضمن الصناعات المعملية، ويُعتبر قطاعًا موجّهًا كليًا للتصدير. وأوضح أن قيمة الصادرات تطورت بشكل ملحوظ من 9.15 مليار دينار سنة 2022 إلى 9.18 مليار دينار سنة 2024.
وفي السياق ذاته، قدّمت بسمة الطرابلسي، المديرة العامة للتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، مداخلة بعنوان «قطاع النسيج بالسوق الداخلية: التوزيع ومراقبة الجودة»، أشارت فيها إلى أن عدد تجار الجملة في المنتجات النسيجية بلغ 704، وفي الملابس الجاهزة 694، بينما بلغ عدد تجار التفصيل 3950 في المنتجات النسيجية و14608 في الملابس الجاهزة.
كما استعرضت الإطار القانوني المنظم للقطاع، خاصة ما يتعلق بعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية (Franchise)، مؤكدة أن التوجه العام للوزارة يقوم على الانفتاح الخارجي من جهة، وحماية النسيج التجاري والصناعي المحلي من جهة أخرى، عبر حصر الاستثمار في هذا المجال على التونسيين فقط.
كما تناولت حالات الإعفاء من ترخيص الوزير المكلف بالتجارة لممارسة بعض الأنشطة التجارية في إطار هذه العقود، ومنها إعفاء الأنشطة التجارية للعلامات الوطنية في قطاع النسيج، وتشجيعها، إلى جانب إعفاء علامات الملابس الجاهزة الأجنبية من شرط الترخيص.
أهمية الانفتاح على أسواق جديدة
تُدرك تونس أن النجاحات التي يحققها القطاع تحتاج إلى تدعيم إضافي، أبرزها الانفتاح على أسواق جديدة وواعدة مثل الأسواق الإفريقية وأسواق أمريكا الشمالية، لتفادي التركيز المفرط على أسواق الاتحاد الأوروبي، خاصة مع التوجّه الأوروبي نحو إقرار معاليم جديدة للحدّ من الانبعاثات الكربونية على الواردات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إلزامية «الجواز الرقمي» لجميع المنتجات المعدّة للتصدير نحو هذه السوق.
قواعد تفضيلية على واردات الاتحاد الأوروبي
رغم ذلك، فقد أقرّ الشريك التجاري الأول لتونس، الاتحاد الأوروبي، لائحة تنفيذية جديدة تُحدد شروط تطبيق قواعد تفضيلية على واردات بعض المنتجات النسيجية والملابس التونسية. وتُطبق هذه اللائحة بأثر رجعي اعتبارًا من 22 جانفي 2025 إلى غاية 31 ديسمبر 2029، وتشمل أصنافًا مثل سراويل الجينز، الفساتين، القمصان، التيشيرتات، الملابس الداخلية، ملابس السباحة وملابس العمل.
وقد أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس أن المفوضية الأوروبية اعتمدت هذه اللائحة بتاريخ 24 جويلية، بعد الاتفاق على قواعد منشأ أكثر مرونة تتضمن استثناءات من القواعد القياسية المعتمدة ضمن اتفاقية «بان-أورومتوسط».
وقد شملت اللائحة أهم المنتجات النسيجية والملابس التي يورّدها الاتحاد الأوروبي من تونس، ما من شأنه أن يمنح هذه المنتجات آفاقًا أوسع للنفاذ إلى السوق الأوروبية، ويُعزز حضورها عبر تسهيلات جمركية واضحة.
المركز الفني للنسيج شريك استراتيجي
تعوّل تونس على الخدمات الجديدة التي يوفرها المركز الفني للنسيج والملابس، التابع لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة، من أجل مزيد النهوض بالقطاع، لا سيما باعتباره شريكًا استراتيجيًا في مجالات الابتكار، التكوين، والتطوير التكنولوجي.
وتشمل هذه الخدمات: التكوين، الدعم الفني، التحاليل المخبرية، خدمات الميترولوجيا، محطة معالجة المياه، تطوير النماذج الصناعية والتقنيات الحديثة، وإجراء دراسات لتحديد الخدمات الجديدة، بما يعزز قدرة القطاع على مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة، ويدعم الانتقال نحو صناعة مستدامة.
ترشيد استهلاك المياه.. رهان بيئي ضروري
لا تقتصر التحديات على الجوانب التكنولوجية فقط، بل تمتد إلى الجوانب البيئية، وعلى رأسها ترشيد استهلاك المياه.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، فاطمة الثابت شيبوب، خلال ندوة وطنية انعقدت بالمنستير في ماي 2025 بعنوان «قطاع النسيج والتصرف الدائم في الموارد المائية»، أن هناك حرصًا من مختلف الأطراف الفاعلة في القطاع على القيام بعمليات توعوية للحفاظ على المياه وتحسين التصرف فيها داخل المؤسسات الصناعية، مشيرة إلى أن استهلاك القطاع الصناعي للمياه في تونس لا يتجاوز 2 % من الاستهلاك الوطني. ودعت الوزيرة الفاعلين الاقتصاديين إلى تبني مقاربة علمية لترشيد الاستهلاك وإعادة تثمين المياه المستعملة، بما يدعم مسار الانتقال نحو صناعة نسيج أكثر استدامة ويُحقق توازنًا بين التنمية الصناعية وحماية البيئة.
وشددت على أهمية قطاع النسيج في دعم الاقتصاد الوطني من خلال دوره في تعديل الميزان التجاري، تطوير الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ويُسهم القطاع بـ30 % من مواطن الشغل الصناعية، مع أكثر من 150 ألف موطن شغل، ويضم نحو 1400 مؤسسة صناعية تمثل 31 % من إجمالي المؤسسات، منها 200 مؤسسة مندمجة ذات تموقع عالمي. كما تبلغ مساهمته في الصادرات الصناعية الوطنية 15 %، بقيمة صادرات بلغت حوالي 3000 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025.
نحو اقتصاد دائري وتحول طاقي
يكتسي البُعد البيئي أهمية متزايدة في رؤية الدولة لتطوير القطاع، من خلال دفع المؤسسات الصناعية التونسية في قطاع النسيج نحو الانخراط في الاقتصاد الدائري ومسار التحول الطاقي.
وفي هذا الإطار، استفادت أكثر من 32 مؤسسة صغرى ومتوسطة من المرحلة الثانية لبرنامج «جيتاكس – مينا تاكس» الذي انطلق في 2024 ويتواصل إلى 2027، باستثمارات قدرها 2.5 مليون دولار.
أما المرحلة الأولى من البرنامج، والتي امتدت من 2018 إلى 2023، فقد ساهمت في رفع صادرات 44 مؤسسة إلى نحو 45.5 مليون دولار، وتمكّنت 42 مؤسسة من اعتماد مسارات تطوير فعّالة، بينما تبنت 19 مؤسسة حلولاً رقمية، وعملت 30 مؤسسة على تحسين أدائها البيئي والاجتماعي.
درصاف اللموشي
الاتفاق على قواعد تفضيلية أكثر مرونة للتصدير نحو أوروبا
حقق قطاع النسيج والملابس مؤخرًا نقلة نوعية على مستوى الصادرات، حيث سجّل، وفق مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء حول التجارة الخارجية، ارتفاعًا بنسبة 0.4 % خلال السداسي الأول من سنة 2025، رغم التحولات العالمية الكبرى التي تشهدها الصناعة، والتحديات المرتبطة بالمنافسة، وجذب الاستثمارات، والحفاظ على مواطن الشغل.
من بين المؤشرات الإيجابية المسجلة، تمكّن تونس من احتلال مراتب متقدمة ضمن قائمة الدول المصدّرة إلى الاتحاد الأوروبي، سواء في مجال سراويل الجينز أو ملابس العمل أو الملابس الجاهزة.
فقد زوّدت تونس، خلال سنة 2024، دول الفضاء الأوروبي بـ9.7 ملايين قطعة من ملابس العمل، ما جعلها تتصدّر قائمة الدول المزوّدة للاتحاد الأوروبي في هذا الصنف. كما احتلت المرتبة التاسعة ضمن أهم المورّدين للسوق الأوروبية في قطاع الملابس الجاهزة، بحصة سوقية تبلغ 2.6 %. وتُعدّ فرنسا وإيطاليا وألمانيا أبرز شركائها التجاريين في هذا الإطار. كما جاءت تونس في المرتبة الرابعة من حيث تزويد الاتحاد الأوروبي بسراويل الجينز.
ثاني قطاع مصدر في الصناعات المعملية
في يوم دراسي برلماني نظمه مجلس نواب الشعب بتاريخ 9 جويلية 2025 حول «قطاع النسيج في تونس»، أكّد صابر بن كيلاني، المدير العام للنسيج والملابس بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة، أن هذا القطاع يُعدّ ثاني قطاع مصدر ضمن الصناعات المعملية، ويُعتبر قطاعًا موجّهًا كليًا للتصدير. وأوضح أن قيمة الصادرات تطورت بشكل ملحوظ من 9.15 مليار دينار سنة 2022 إلى 9.18 مليار دينار سنة 2024.
وفي السياق ذاته، قدّمت بسمة الطرابلسي، المديرة العامة للتجارة الداخلية بوزارة التجارة وتنمية الصادرات، مداخلة بعنوان «قطاع النسيج بالسوق الداخلية: التوزيع ومراقبة الجودة»، أشارت فيها إلى أن عدد تجار الجملة في المنتجات النسيجية بلغ 704، وفي الملابس الجاهزة 694، بينما بلغ عدد تجار التفصيل 3950 في المنتجات النسيجية و14608 في الملابس الجاهزة.
كما استعرضت الإطار القانوني المنظم للقطاع، خاصة ما يتعلق بعقود الاستغلال تحت التسمية الأصلية (Franchise)، مؤكدة أن التوجه العام للوزارة يقوم على الانفتاح الخارجي من جهة، وحماية النسيج التجاري والصناعي المحلي من جهة أخرى، عبر حصر الاستثمار في هذا المجال على التونسيين فقط.
كما تناولت حالات الإعفاء من ترخيص الوزير المكلف بالتجارة لممارسة بعض الأنشطة التجارية في إطار هذه العقود، ومنها إعفاء الأنشطة التجارية للعلامات الوطنية في قطاع النسيج، وتشجيعها، إلى جانب إعفاء علامات الملابس الجاهزة الأجنبية من شرط الترخيص.
أهمية الانفتاح على أسواق جديدة
تُدرك تونس أن النجاحات التي يحققها القطاع تحتاج إلى تدعيم إضافي، أبرزها الانفتاح على أسواق جديدة وواعدة مثل الأسواق الإفريقية وأسواق أمريكا الشمالية، لتفادي التركيز المفرط على أسواق الاتحاد الأوروبي، خاصة مع التوجّه الأوروبي نحو إقرار معاليم جديدة للحدّ من الانبعاثات الكربونية على الواردات بحلول عام 2030، بالإضافة إلى إلزامية «الجواز الرقمي» لجميع المنتجات المعدّة للتصدير نحو هذه السوق.
قواعد تفضيلية على واردات الاتحاد الأوروبي
رغم ذلك، فقد أقرّ الشريك التجاري الأول لتونس، الاتحاد الأوروبي، لائحة تنفيذية جديدة تُحدد شروط تطبيق قواعد تفضيلية على واردات بعض المنتجات النسيجية والملابس التونسية. وتُطبق هذه اللائحة بأثر رجعي اعتبارًا من 22 جانفي 2025 إلى غاية 31 ديسمبر 2029، وتشمل أصنافًا مثل سراويل الجينز، الفساتين، القمصان، التيشيرتات، الملابس الداخلية، ملابس السباحة وملابس العمل.
وقد أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس أن المفوضية الأوروبية اعتمدت هذه اللائحة بتاريخ 24 جويلية، بعد الاتفاق على قواعد منشأ أكثر مرونة تتضمن استثناءات من القواعد القياسية المعتمدة ضمن اتفاقية «بان-أورومتوسط».
وقد شملت اللائحة أهم المنتجات النسيجية والملابس التي يورّدها الاتحاد الأوروبي من تونس، ما من شأنه أن يمنح هذه المنتجات آفاقًا أوسع للنفاذ إلى السوق الأوروبية، ويُعزز حضورها عبر تسهيلات جمركية واضحة.
المركز الفني للنسيج شريك استراتيجي
تعوّل تونس على الخدمات الجديدة التي يوفرها المركز الفني للنسيج والملابس، التابع لوزارة الصناعة والمناجم والطاقة، من أجل مزيد النهوض بالقطاع، لا سيما باعتباره شريكًا استراتيجيًا في مجالات الابتكار، التكوين، والتطوير التكنولوجي.
وتشمل هذه الخدمات: التكوين، الدعم الفني، التحاليل المخبرية، خدمات الميترولوجيا، محطة معالجة المياه، تطوير النماذج الصناعية والتقنيات الحديثة، وإجراء دراسات لتحديد الخدمات الجديدة، بما يعزز قدرة القطاع على مواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة، ويدعم الانتقال نحو صناعة مستدامة.
ترشيد استهلاك المياه.. رهان بيئي ضروري
لا تقتصر التحديات على الجوانب التكنولوجية فقط، بل تمتد إلى الجوانب البيئية، وعلى رأسها ترشيد استهلاك المياه.
وفي هذا السياق، أكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، فاطمة الثابت شيبوب، خلال ندوة وطنية انعقدت بالمنستير في ماي 2025 بعنوان «قطاع النسيج والتصرف الدائم في الموارد المائية»، أن هناك حرصًا من مختلف الأطراف الفاعلة في القطاع على القيام بعمليات توعوية للحفاظ على المياه وتحسين التصرف فيها داخل المؤسسات الصناعية، مشيرة إلى أن استهلاك القطاع الصناعي للمياه في تونس لا يتجاوز 2 % من الاستهلاك الوطني. ودعت الوزيرة الفاعلين الاقتصاديين إلى تبني مقاربة علمية لترشيد الاستهلاك وإعادة تثمين المياه المستعملة، بما يدعم مسار الانتقال نحو صناعة نسيج أكثر استدامة ويُحقق توازنًا بين التنمية الصناعية وحماية البيئة.
وشددت على أهمية قطاع النسيج في دعم الاقتصاد الوطني من خلال دوره في تعديل الميزان التجاري، تطوير الصادرات، وجذب الاستثمارات الأجنبية. ويُسهم القطاع بـ30 % من مواطن الشغل الصناعية، مع أكثر من 150 ألف موطن شغل، ويضم نحو 1400 مؤسسة صناعية تمثل 31 % من إجمالي المؤسسات، منها 200 مؤسسة مندمجة ذات تموقع عالمي. كما تبلغ مساهمته في الصادرات الصناعية الوطنية 15 %، بقيمة صادرات بلغت حوالي 3000 مليون دينار خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2025.
نحو اقتصاد دائري وتحول طاقي
يكتسي البُعد البيئي أهمية متزايدة في رؤية الدولة لتطوير القطاع، من خلال دفع المؤسسات الصناعية التونسية في قطاع النسيج نحو الانخراط في الاقتصاد الدائري ومسار التحول الطاقي.
وفي هذا الإطار، استفادت أكثر من 32 مؤسسة صغرى ومتوسطة من المرحلة الثانية لبرنامج «جيتاكس – مينا تاكس» الذي انطلق في 2024 ويتواصل إلى 2027، باستثمارات قدرها 2.5 مليون دولار.
أما المرحلة الأولى من البرنامج، والتي امتدت من 2018 إلى 2023، فقد ساهمت في رفع صادرات 44 مؤسسة إلى نحو 45.5 مليون دولار، وتمكّنت 42 مؤسسة من اعتماد مسارات تطوير فعّالة، بينما تبنت 19 مؤسسة حلولاً رقمية، وعملت 30 مؤسسة على تحسين أدائها البيئي والاجتماعي.