إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزيرة الشؤون الثقافية في جلسة برلمانية: العمل على تسوية وضعيات المتعاقدين.. وملف المعزولين أمام القضاء

في إطار دوره الرقابي عقد مجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو جلسة عامة برئاسة رئيس المجلس إبراهيم بودربالة خصصت لتوجيه أسئلة شفاهية لوزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي تعلقت بالعديد من المسائل منها شبهات الفساد والمهرجانات الثقافية ووضعيات دور الثقافة والمعالم الأثرية في بعض جهات الجمهورية إضافة إلى الإجراءات التي سيتم إتباعها لتطبيق قانون منع المناولة وتنظيم عقود الشغل، كما تم الاستفسار حول سياسة الوزارة في دعم الإبداع والحد من العنف والتطرف وحول مدى التقدم في صياغة عدد من النصوص القانونية.

وأشارت الوزيرة إلى دور الثقافة الحيوي في بناء مجتمع متماسك ومتطور، وأكدت حرص الوزارة الثابت على إعلاء الشأن الثقافي في مختلف ولايات الجمهورية من خلال المتابعة المستمرة لدور الثقافة والمكتبات العمومية والمعاهد الموسيقية ومراكز الفنون الدرامية وغيرها سواء من حيث البنية التحتية أو من حيث البرامج والمضامين مع العمل على تقييمها وتطويرها بما يجعلها فضاءات جاذبة وناجعة ومستجيبة لخصوصيات كل جهة. وأكدت الصرارفي أنه رغم محدودية الميزانية المرصودة لوزارة الشؤون الثقافية وقلة الموارد البشرية فإنها تعمل على ضمان حد أدنى من العدالة الثقافية في توزيع الموارد والمشاريع وتبذل جهودا حثيثة لمعالجة النقائص وتجاوز الصعوبات التي تعترض تنفيذها بالتنسيق مع مختلف الوزارات والهياكل المتدخلة.

 وأكدت أن للتراث مكانة مركزية في أولويات الوزارة فهي حسب قولها حريصة على حماية هذا الرصيد الحضاري الثمين وتسعى دائما إلى إيجاد حلول مبتكرة وفعالة لصونه وتثمينه. وأضافت أنه في تناغم مع التوجه الوطني الذي أرساه رئيس الجمهورية تواصل الوزارة بلورة رؤية ثقافية متجددة تهدف إلى جعل الثقافة والتراث رافدين واعدين من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية القائمة ومزيد دعم الصناعات الثقافية والإبداعية باعتبارها محركا أساسيا للاقتصاد الجديد القائم على الإبداع والابتكار والتكنولوجيات الحديثة وتشجيع الاستثمار في المشاريع الثقافية الواعدة وتكوين جيل متمسك بهويته الوطنية منفتح على قيم الحداثة والتنوع الثقافي قادر على حمل مشروع مجتمعي متوازن مستنير. 

وتعقيبا عن سؤال حول مجلة حماية التراث بينت الوزيرة أنه تم تشكيل فريق عمل من المختصين لمراجعة هذه المجلة مراجعة شاملة بما يتماشى مع الرؤية الوطنية الجديدة الخاصة بالتراث التي تم الانتهاء من ضبطها في اتجاه تعزيز آليات الحماية والتثمين. وأكدت أنه من المنتظر الانتهاء من إعداد مشروع المجلة في موفى سنة 2025.

وفي علاقة بتوقيت مؤسسات العمل الثقافي، بينت الوزيرة أنه تم تقديم مشروع أمر مشترك بين وزيري الشؤون الثقافية والشباب والرياضة يتعلق بتنقيح الأمر عدد 1710 لسنة 2021 المتعلق بتوزيع أوقات وأيام العمل لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية يتضمن تنقيح الفصل 8 منه بما سيمكن الوزارة من اعتماد توقيت يراعي خصوصية القطاع.

ملفات الفساد

وإجابة عن أسئلة النائب أحمد بنور حول وجود شبهات فساد وإهدار للمال العام وسياسة تجويع وهرسلة وتنكيل بالمبلغين عن الفساد بوزارة الشؤون الثقافية، أشارت الوزيرة إلى أنه في علاقة بمدى متابعة الأعمال غير المنجزة الممولة من قبل صندوق التشجيع على الإبداع، تعمل الوزارة على متابعة انجاز المشاريع الثقافية التي تحصلت على دعم من هذا الصندوق واتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة في صورة ثبوت عدم انجاز الأعمال الفنية. وبلغ عدد الملفات التي تم في شأنها اتخاذ إجراءات استرجاع المنح المسندة حسب قولها 98 ملفا كما يتم حاليا دراسة استرجاع منح تتعلق بـ 27 ملفا. وأفادت أن الوزارة تعمل الآن على تحيين النصوص القانونية المتعلقة بالدعم مع دخول المنصة الرقمية للتصرف في الدعم العمومي حيز الاستغلال نهاية شهر جوان الماضي والتي تهدف إلى حوكمة التصرف في الأموال العمومية.

وتعقيبا عن سؤال يتعلق بدعم المهرجانات أجابت الصرارفي أن الدعم العمومي للمهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يتم منحه استنادا إلى الأمر المتعلق بضبط معايير وإجراءات إسناد التمويل العمومي للجمعيات الصادر سنة 2013 وهو ما يسمح بإخضاعها لمبادئ الحوكمة والتصرف السليم في الأموال العمومية، حيث يتم إسناد الدعم عن طريق لجان تحدث للغرض. وأضافت أن التقارير المالية للمهرجانات تخضع للتدقيق من قبل مراجعي الحسابات التي يتم إيداعها لدى محكمة المحاسبات فضلا عن عمليات المتابعة والتقييم التي تتكفل بها الأجهزة الرقابية الداخلية للمؤسسات المسندة للدعم. وبينت أنه سعيا إلى مزيد تنظيم المهرجانات والارتقاء بها تم منذ شهر سبتمبر 2024 وضع برنامج خاص لحوكمتها وهو يقوم أساسا على تصنيف المهرجانات وترشيد الدعم وتأهيل الفضاءات المحتضنة للمهرجانات.

وردا عن سؤال حول اللجوء إلى عقود إسداء الخدمات أوضحت الوزيرة أن المؤسسات العمومية غير الإدارية الخاضعة لإشراف الوزارة خاصة تلك التي تم إحداثها سنة 2018 تزامنا مع إحداث مدينة الثقافة دأبت على اللجوء للتعاقد بعقود إسداء خدمات لتوفير موارد بشرية في عدد من الاختصاصات التقنية والفنية والإدارية التي تفتقدها الوزارة. وذكرت أن هذه المؤسسات شرعت في استبدال عقود إسداء الخدمات بعقود عمل بداية من شهر أكتوبر 2023 بمقتضى ترخيص من وزارة المالية ووفق قائمة اسمية ضبطت للغرض تضمنت 245 عقد عمل وتواصل بصفة ظرفية واستثنائية التعاقد مع بعض مسدي الخدمات في اختصاصات مختلفة قصد سد الشغورات الحاصلة وتعويض من غادر منهم بحثا عن مواطن شغل أكثر استقرارا. وأوضحت أنه انسجاما مع تعليمات رئيس الجمهورية للقطع مع كافة آليات التشغيل الهش ونظرا للحاجة الماسة لوزارة الشؤون الثقافية ومؤسستها للحد المطلوب من الأعوان بما يكفل انجاز عديد المهام الموكولة إليها ستتولى الوزارة تسوية وضعيات المتعاقدين طبقا للنصوص النافذة والتراتيب الجاري بها العمل.

وعن سبب عدم تعاطي التفقدية العامة مع ملفات الفساد قالت وزيرة الشؤون الثقافية في ردها على سؤال  النائب أحمد بنور إن معالجة الملفات الخاصة بشبهات الفساد تتم بالتنسيق بين التفقدية العامة وإدارة الشؤون القانونية والنزاعات وخلية الحوكمة وبينت أنه لا مجال لعدم متابعتها وإنما تتم مراعاة درجة تعقيدها والآجال المرتبطة بمعالجتها طبقا للتراتيب الجاري بها العمل. وقالت إن التفقدية العامة تتولى البحث والتحري في مختلف الشكايات والعرائض الواردة عليها قصد التثبت من جدية الادعاءات وإثارة التتبعات المستوجبة وفق ما تقتضيه نتائج البحث وأضافت أن كل الملفات التي أفضت التحريات بخصوصها إلى وجود تجاوزات قانونية أو فساد إداري أو مالي فقد تمت إثارة التتتبعات التأديبية والقضائية بشأنها، وقالت إن مجال تدخل التفقدية العامة يشمل 782 إدارة ومؤسسة دون اعتبار الجمعيات المنتفعة بالتمويل العمومي وذكرت التفقدية أنجزت خلال سنة 2024 قرابة 125 مهمة منها 38 مهمة تفقد.

تضارب مصالح

وعن سؤال آخر طرحه النائب أحمد بنور حول وجود تضارب مصالح لبعض إطارات الوزارة أكدت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الضرارفي حرص خلية الحوكمة والتفقدية العامة على متابعة كل الوضعيات التي تثير شبهات تضارب مصالح واتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لها في صورة ثبوتها وذلك دعما للشفافية وترسيخا لمبادئ النزاهة والحياد. وبينت أن الوزارة أصدرت عددا من المناشير للتذكير بواجب الإعلام المحمول على العون العمومي عند وجود وضعية تضارب مصالح.

أما بخصوص الأكرية لفائدة هياكل الوزارة فسرت الوزيرة أمنية الصرارفي أن الوزارة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر تلجأ بصفة استثنائية إلى كراء مقرات إدارية وتعتمد في ذلك الإجراءات القانونية المستوجبة. وتعقيبا عن استفسارات أخرى حول مآل ملف صفاقس عاصمة للثقافة العربية، قالت إن هيئة تنظيم هذه التظاهرة خضعت للتفقد والتدقيق لوثائق الصرف ولم تفض هذه التقارير الرقابية على حد تأكيدها إلى وجود ملاحظات أو إحترازات بخصوص صدقيتها وتطابقها مع المعطيات المحاسبية والمالية المضمنة بميزانية التظاهرة. وبخصوص المكتبة الرقمية أشارت إلى أنه تمت برمجة مشروع تهيئة الكنيسة الكاثوليكية وتهيئتها لاستقبال مكتبة رقمية ضمن تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية وتم فسخ الصفقة بعد أن تقدم الانجاز بنسبة 15 بالمائة وذكرت أن الملف هو الآن محل نزاع قضائي مع الشركة المقاولة والمخلة بتعهداتها.

 المعالم الأثرية والدينية

وتعقيبا عن أسئلة النائبة بثينة الغانمي حول خطة وزارة الشؤون الثقافية للتعهد بالمعالم الدينية والأثرية بولاية باجة قالت الوزيرة أمينة الصرارفي إن الوزارة تبذل جهودا للمحافظة على المواقع الأثرية رغم التحديات المتمثلة في عددها الكبير. وبينت أنه بالنسبة إلى باجة فإن المعالم الدينية ترجع بالنظر لوزارة الشؤون الدينية أما مهمة وزارة الشؤون الثقافية فتتمثل في الإشراف العلمي والفني أثناء عملية الصيانة والترميم باستثناء المعالم الدينية المرتبة حيث يساهم معهد التراث بقسط في عملية الصيانة والترميم. أما المعالم الأثرية والتاريخية فإن المعهد  الوطني للتراث يسعى جاهدا للمحافظة عليها بالصيانة والترميم ومنها على سبيل المثال معلم القصبة وهو معلم مرتب في طور الترميم ورصدت له ميزانية قدرها 150 ألف دينار. وذكرت أنه بخصوص قصر الرئيس فقد تم تكليف مكتب مراقبة لمعاينة حالته وتم رصد ميزانية قدرها عشرة آلاف دينار للقيام بدراسات لترميميه وحاليا يعمل فريق من الباحثين بمعهد التراث على إعداد البرنامج العلمي لهذا المركز، وبلغت التقديرات الأولية للمشروع 2 فاصل 5 مليون دينار.    وأشارت إلى أنه بالنسبة إلى المسلك السياحي للمدينة العتيقة بباجة فقد انطلقت الأشغال في فيفري الماضي ويقوم معهد التراث بالمتابعة العلمية والفنية كما يساهم المعهد في ترميم وصيانة عديد المعالم المرتبة والمحمية بتستور مثل الجامع الكبير، وبخصوص الحماية القانونية فقد تم منذ سنة 2022 إصدار 8 قرارات حماية لمعالم ومواقع بولاية باجة ليصبح العدد الجملي للمعالم المحمية والمرتبة 125 معلما وموقعا.

 وأجابت الوزيرة أمينة الصرارفي النائبة ريم المعشاوي  بالحديث عن الأعمال التي تم القيام بها لتهيئة عدد من المعالم الأثرية بالكاف وأشارت بالخصوص إلى معالجة بعض الوضعيات العقارية على غرار تخصيص عقار لمتحف العادات والتقاليد الشعبية بالكاف لفائدة المعهد الوطني للتراث الذي يعمل حاليا على إعداد برنامج عمل صيانة وترميم المتحف بهدف إعادة فتحه وتوظيفه، أما معلم القصبة فهو تحت تصرف بلدية الكاف. وذكرت أن بقية المعالم المرتبة التي هي تحت تصرف معهد التراث فقد تم رصد إعتمادات للقيام بأشغال الصيانة والترميم فيها مثل معلم البازيليك ومعلم حمام ملاق، وذكرت أن مائدة يوغرطة عرفت عدة تدخلات.   

وتعقيبا على  النائبة بسمة الهمامي التي طرحت العديد من الأسئلة منها ما تعلق بالحفريات الأثرية بموقع زاما بسليانة، قالت الوزيرة إن حماية وصيانة الموروث الأثري والحضاري بهذه الجهة يعد من أهم مشاغل الوزارة التي تسعى إلى الحفاظ المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمنقولات بشتى أنواعها. وأضافت أن الحفريات بالموقع  انطلقت سنة 1996 وتواصلت دون انقطاع وشملت 4 مناطق توزعت على جزء هام من مساحة الموقع الممتد على 60 هك وأسفرت الحفريات عن اكتشاف جزء هام من المكونات المعمارية التي تعود إلى حضارات مختلفة لكن هذه الحفريات رغم أهميتها لم تأخذ بعين الاعتبار جانب الاستغلال والتهيئة بالموقع واقتصرت على الهاجس العلمي، وسعيا لضبط حدود الموقع بدقة تمت برمجة حفريات جديدة في الناحية الشرقية للبحث عن امتداد الحفر البيزنطي الذي يحيط به إضافة إلى إبرام اتفاقية شراكة منذ سنة 2021 مع أكاديمية العلوم البولندية لاستكمال الأبحاث الأثرية بالموقع. وذكرت أنه تم جرد كل القطع الأثرية الموجودة بالمخازن والمتاحف بولاية سليانة عموما وموقع زاما خصوصا، وقدمت الوزيرة للنائبة مضامين اتفاقية تهم هذا الموقع مع منتزه أثري بروما. وقبل عرض أسئلتها رثت النائبة بسمة الهمامي الفنان زياد الرحباني قائلة :»يا وجع القلب الذي عشناه صباح موت زياد الرحباني إذ تكاد القلوب تنفطر من الحزن عليه فهو الذي قال أينما يوجد مضطهد شيعي سني مسيحي علماني أنا معه»، وأضافت أن موت زياد أبكاها وأوجعها لأن زياد الفنان والسياسي صنع كيانا لبنانيا من اللحن والكرامة وغنى لكل الإنسانية وهو ثلاثية الفكاهة والتمرد والعبثية وذكرت أن فيروز والدة زياد طالبت السلطات الفرنسية بإطلاق سراح المناضل الأممي جورج إبراهيم عبد الله أحد بناة الفعل الثوري في العالم والذي ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية وبالثبات على القيم الإنسانية في مواجهة الامبريالية الصهيونية وتم إطلاق سراحه من السجون الفرنسية ليعود إلى لبنان محققا ملحمة صمود فاقت 41 سنة سجنا معلنا أن المقاومة المستمرة بهذه الأرض وأنه لا يمكن اقتلاعها، وبينت أنه في سياق أحرار العالم فإن كل العيون متجهة إلى سفينة حنظلة ورحلتها نحو قطاع غزة لكسر الحصار وكيف قامت قوات الاحتلال باعتقال طاقمها ومنهم التونسي حاتم العويني الذي كان مع كل رفاقه في الرحلة صوتا عاليا ضد الاحتلال وجريمة الإبادة.

دور الثقافة

ومن بين الأسئلة الأخرى التي أجابت عنها وزيرة الشؤون الثقافية خلال الجلسة العامة الرقابية أسئلة النائب محمد علي فنيرة، إذ تحدث فنيرة عن النقائص التي تعاني منها دور الثقافة بولاية نابل وخاصة دار الثقافة قرمبالية وطالب بفتح قاعة العروض بهذه الدار وإصلاح شبكة الكهرباء بها وتوفير المعدات اللازمة لتأمين نشاطها والعناية بنظافة بيوت الراحة.  كما أشار إلى الوضع المزري الذي أضحى عليه الموقع الأثري عين طبرنق ودعا إلى ترميمه وصيانته و تسييجه لأنه من غير المعقول أن يجد الزائر خرفانا ترعى في هذه المنطقة الأثرية وطالب بدعم هيئة مهرجان قرمبالية.

وتعقيبا على النائب محمد علي فنيرة أشارت أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية إلى أنه تفعيلا للاستراتيجيات والمقاربات الجديدة التي أرستها الوزارة والتي تهدف إلى تطوير مؤشرات التنمية الثقافية بكافة ولايات الجمهورية، فإن مختلف التدخلات الثقافية بولاية نابل تندرج ضمن منهجية واضحة تقوم على التقييم المنتظم والإشراف البناء والدفع بالعمل الثقافي نحو الأفضل. وأضافت أنه في هذا الإطار تم التأكيد خلال الزيارة التي أدتها إلى جهة نابل يوم 19 أفريل 2025 على ضرورة الترفيع في مؤشرات التنمية الثقافية من خلال تقديم رؤية ثقافية مميزة ومقاربة جديدة ترتكز على إمكانيات الدعم العمومي بما يضمن ديمومة الأنشطة وتنوعها واستمراريتها على مدار السنة ويجعل من الجهة فضاء حيويا لاحتضان مشاريع ثقافية طموحة تلامس الجوانب الفكرية والفنية والإبداعية والاجتماعية والاقتصادية.

وقدمت الوزيرة عرضا حول المؤشرات التي تبرهن حسب وصفها  على ديناميكية المشهد الثقافي بنابل وبينت أن عدد الأنشطة الثقافية المنظمة بلغ خلال السداسي الأول من العام الجاري 968 نشاطا وهي موجهة إلى مختلف الشرائح منها 35 نشاطا موجها للطفل و365 نشاطا موجها للشباب واليافعين و45 نشاطا موجها للمرأة و28 نشاطا موجها لذوي الاحتياجات الخصوصية. وأضافت أن دور الثقافة البالغ عددها 12 مؤسسة تتوفر على 62 ناديا في عديد المجالات الفنية مثل المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والتصوير والسينما ويبلغ عدد المنخرطين في دور الثقافة في نابل 1016 منخرطا. وبينت أن المندوبية الجهوية والمؤسسات الراجعة لها بالنظر تنظم عدة محطات ثقافية سنوية هامة على غرار تظاهرة «تجلي» التي تم الاحتفال بدورتها الرابعة خلال شهر رمضان المنقضي وهناك تظاهرات وأنشطة نوعية وخصوصية بمناسبة الاحتفال بشهر التراث وقد تم افتتاح الدورة 34 لهذه السنة تحت شعار التراث والفن ذاكرة الحضارة بالموقع الأثري بكركوان، إضافة إلى «لقاءات عين» وهي ملتقيات حوارية مع الفاعلين الثقافيين.. وتحدثت الصرارفي عن المختبر الإبداعي للفنون والتراث وهو مشروع حاضنة إبداعية للمشاريع المشتركة بين فناني الجهة والمختصين في التراث والمندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية والسياحة والصناعات التقليدية ومراكز التكوين في مهن السياحة بنابل والحمامات ويهدف هذا المشروع إلى إحياء وتثمين المواقع والمعالم الأثرية قصد ترويجها كمنتوج سياحي وثقافي وبيئي واقتصادي. وأكدت أن ولاية نابل تحتضن عددا من المهرجانات الصيفية مثل مهرجان الحمامات الدولي ومهرجان نابل الدولي ومهرجان العنب بقرمبالية ومهرجان الفل والياسمين الحمامات إضافة إلى مهرجانات دولية وهي مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل ومهرجان الساف والتي تحظى هي بدورها بدعم هام من الوزارة. وذكرت أن عدد الجمعيات الناشطة في المجال الثقافي بنابل بلغ المائة جمعية منها 13 جمعية تحصلت على دعم من الوزارة.

أما بخصوص مشاريع البنية التحتية الثقافية في نابل فتم حسب قولها انجاز خمسة مشاريع جديدة بكلفة قدرها 8 فاصل 9 مليون دينار ودخلت حيز الاستغلال وهي بناء دار الثقافة الميدة وبناء دار الثقافة سليمان وبناء دار الثقافة بوعرقوب وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية حي الرياض وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية ساحة الشباب بقيلبية، وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية بوعرقوب. أما المشاريع التي هي بصدد الانجاز فتتمثل في مشروع بناء دار الثقافة دار شعبان الفهري وقد تم إسناد الصفقة إلى شركة مقاولة بكلفة تناهز 6 ملايين دينار، وبينت أن المشاريع التي هي في طور الدراسات يبلغ عددها 10 مشاريع بكلفة أولية قدرها ستة ملايين دينار وهي تتمثل في صيانة المركب الثقافي نيابوليس نابل وتهيئة وصيانة دار الثقافة ومسرح الهواء الطلق بقربة وتهيئة وصيانة دار الثقافة تاكلسة وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية بمنزل حر وتجديد الشبكة الكهربائية وتهيئة وتوسعة المكتبة العمومية بحمام الغزاز وتهيئة وتوسعة المكتبة العمومية بتاكلسة وتهيئة وصيانة دار الثقافة بقرمبالية وتهيئة وصيانة فضاء سيدي عبد السلام حمام الغزاز وتهيئة وتوسعة المكتبة الجهوية بنابل وتجديد الشبكة الكهربائية بالمكتبة العمومية بمنزل تميم.

أما في ما يتعلق بالتراث فأشارت إلى أنه سعيا لتحسين ظروف استقبال الزوار تم انجاز عدة مشاريع بجهة نابل منها إعادة تهيئة هيكل الاستقبال بكل من موقع كركوان الأثري بكلفة 260 ألف دينار وإعادة تهيئة شباك تذاكر ودورة مياه بمعلم برج الحمامات بكلفة 210 آلاف دينار وإعادة تهيئة شباك التذاكر بمتحف نابل كما تم إطلاق طلب عروض لانجاز أشغال تركيز سياج حديدي وتهيئة مأوى سيارات بكلفة تقدر بستمائة ألف دينار. وبخصوص صيانة دار الثقافة قرمبالية قالت إن الوزارة متعهدة بمشروع في الغرض.

اهتمام بالمهرجانات

وتعلقت أسئلة النائب عزيز بن الأخضر بمهرجان أوذنة طالب بالتراجع الفوري عن قرار تغيير اسم المهرجان كمهرجان دولي ثقافي متنوع وبتوفير الدعم المالي اللازم لاستكمال الحفريات الأثرية المتوقفة ودعم التوثيق العلمي وإدراج أوذنة ضمن المسالك الوطنية وتهيئة البنية التحتية وتهيئة الموقع وتصنيفه تراثا عالميا نظرا لقيمته الحضارية ودعا إلى بعث متحف وورشات تراثية تسهم في تنشيط السياحة الثقافية وتفعيل دور الوزارة كشريك رئيسي في دعم التراث والتنمية الثقافية وإعادة فتح قاعة العروض بدار الثقافة بيرم التونسي بالخليدية التي قيل إنها آيلة للسقوط  كما طالب برد الاعتبار للتراث الثقافي في أوذنة خدمة لمستقبل الأجيال القادمة.

وأجابت أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية عن هذه الأسئلة بالإشارة إلى أنه في علاقة بدار الثقافة الخليدية فقد تم إعداد اختبار فني شامل من قبل الإدارة الجهوية للتجهيز ببن عروس أفضى إلى غلق قاعة العروض وتعطل مشروع تهيئة وصيانة دار الثقافة بسبب نزاع قضائي ضد أحد الخواص يدعي ملكيته لجزء من العقار. أما بالنسبة إلى مهرجان أوذنة فبينت الوزيرة أن المهرجانات الصيفية تكتسي أهمية إستراتيجية بارزة ضمن السياسة الثقافية التي تنتهجها الوزارة لأنها تساهم في إبراز مكونات الثقافة الوطنية والتعريف بالخصوصيات الجهوية المتنوعة في تونس. وأضافت أن الوزارة تعمل عن طريق المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ولجان الدعم العمومي للجمعيات التابعة لمؤسساتها المركزية والجهوية على دعم تنظيم المهرجانات بمختلف الجهات، حيث تم عام 2024 دعم  300 مهرجان صيفي سواء عبر المنح المالية أو من خلال العروض الفنية التي تجاوز عددها 719 عرضا مدعوما. وبلغت قيمة الدعم المسند من قبل الوزارة حسب قولها قرابة 9 فاصل 2 مليون دينار وهناك 14 مهرجانا تم تنظيمها بمواقع أثرية منها مهرجان أوذنة موضوع سؤال النائب.  وأوضحت أن الدورة الحالية لمهرجان أوذنة تمتد بين 26 جويلية و5 أوت 2025 وهي تتنزل في إطار إستراتجية الوزارة الرامية إلى حوكمة المهرجانات وإعادة تصنيفيها بما يضمن بلوغ القدر الأعلى من درجات حسن تنظيمها وإنجاحها والارتقاء بمضامينها وذلك باعتماد مقاربة جديدة أكثر دقة ونجاعة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الفنية والتاريخية والثقافية للمواقع والجهات، بما يمكّن من تفادي استنساخ نفس البرمجة الثقافية من مهرجان إلى آخر ويمنع تكرار المضامين ويضمن الجودة في التنظيم والمحتوى. وفسرت الوزيرة أن هذه المقاربة تقوم على جملة من المبادئ أبرزها احترام خصوصية كل مهرجان من حيث المضمون الفني والثقافي بما يرسخ هويته ويثمن مخزونه التراثي والتاريخي وتنويع البرمجة الموسيقية والفنية وتمكين الجمهور من اكتشاف أنماط موسيقية متعددة تقدم في فضاءات متنوعة بما في ذلك المواقع الأثرية ذات القيمة الرمزية العالية وتعزيز العلاقة بين الفنون وجمهورها، من خلال استهداف جماهير نوعية تتماهى مع خصوصية كل مهرجان، وتوفير أطر تنظيمية راقية للفنانين تضمن مزيدا من الوجاهة الفنية والاعتبار للمضامين المقدمة. وقالت إن الفن الشعبي هو فن راق وبينت أنه يتم دعم الترويج الثقافي لتونس دوليا عبر وضع رؤية واضحة للمهرجانات والتظاهرات بما يسهل الإطلاع عليها من قبل السياح وذكرت أنه في هذا الإطار تم توجيه مهرجان أوذنة ليكون مناسبة سنوية للاحتفال بالفنون الشعبية التونسية والعالمية بمختلف أشكالها التعبيرية ويرجع هذا التوجه أساسا لاعتبارات موضوعية أهمها الخصوصية التاريخية للموقع الأثري بأوذنة والذي يجعله فضاء ملائما للتعريف بالتراث اللامادي التونسي. وأوضحت الصرارفي أن التركيز على الفنون الشعبية يأتي دعما للهوية الثقافية الوطنية وسعيا لتثمين التراث التونسي الغنائي الراقص الذي تزخر به مختلف الجهات التونسية، ولإتاحة الفرصة أمام الفرق الأجنبية للمشاركة بما يمكن الجمهور من الإطلاع على ثقافات دول أخرى. وتحدثت الوزيرة عن إدراج المهرجان ضمن رؤية ترويجية شاملة تهدف إلى جعله عنصرا من عناصر الجذب السياحي ومساهما في التعريف بصورة تونس الثقافية لدى الزوار التونسيين والأجانب. وبينت أن مهرجان أوذنة للفنون الشعبية شهد ليلة أول أمس حضور أربعة آلاف متفرج من بينهم سياح. وذكرت أن هذا المهرجان ليس إلا حلقة ضمن حلقات مهرجانات خصوصية منها على سبيل الذكر مهرجان تستور الدولي المخصص للمالوف والموسيقى الأندلسية ومهرجان الجم للموسيقى السنفونية ومهرجان الجاز بطبرقة ومهرجان القيروان للموسيقى الروحية والصوفية. وبينت أن الدورة الحالية لمهرجان أوذنة شهدت برمجة 11 عرضا فنيا بكلفة تقارب 400 ألف دينار منها 9 عروض من تونس وحرصت الوزارة حسب تأكيدها على أن تكون العروض المبرمجة ذات قيمة تعكس تنوع وثراء الثقافة الشعبية بما يجعل المهرجان مهرجانا مرجعيا في اختصاصه على المستويين الوطني والدولي، وذكرت أن هذا الخيار لا يقصي بقية الأنماط الموسيقية الأخرى التي يتم عرضها في بقية مهرجانات ولاية بن عروس البالغ عددها 11 مهرجانا حيث تواصل الوزارة عملها على تطوير خارطة المهرجانات وحوكمتها بما يراعي التنوع الثقافي والبعد التنموي للجهات ويخدم صورة تونس كوجهة ثقافية وسياحية متميزة، حسب تعبيرها.

مشروع معطل

وإجابة عن أسئلة النائبة ماجدة الورغي حول مشروع تهيئة دار الثقافة منزل بورقيبة قالت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي إن هذا مشروع هو من صنف (أ- ث) وذلك وفقا لمقتضيات الفصل السادس من الأمر الحكومي عدد 967 لسنة 2017 المؤرخ في 31 جويلية 2017 المتعلق بتنظيم انجاز البنايات المدنية، وبالتالي فإن والي بنزرت هو صاحب المنشأة الذي ينجز لفائدته المشروع حسب التعريف الوارد بالفصل الثاني من الأمر المذكور وهو الآمر الأول بالصرف بالنسبة لهذا الصنف من البنايات المدنية. وذكرت أن الإدارة الجهوية للتجهيز ببنزرت هي صاحبة المنشأ المخول وهي التي تكلف من قبل الوالي بدارسة وتنفيذ هذه المشاريع. وفسرت أن دور وزارتها يتمثل أساسا في برمجة المشروع ورصد الإعتمادات الضرورية لانجازه مع المتابعة الفنية أثناء الدراسات والانجاز والاستلام الوقتي.  وتتمثل أبرز مكونات مشروع دار الثقافة منزل بورقيبة في تهيئة سقف قاعة العروض،  وتهيئة الهيكل الحامل للركح، وحماية البناية من تسرب مياه الأمطار، وصيانة الشبكة الكهربائية. وتبلغ كلفة المشروع 773 ألف دينار وتبلغ نسبة تقدم الأشغال حوالي 98 بالمائة. وبخصوص أسباب تعطل هذا المشروع بينت الوزيرة أن المصالح الفنية للوزارة قامت بزيارات ميدانية إلى حضيرة أشغال المشروع وتبينت أن التأخير الكبير في تنفيذ المشروع المذكور يعود أساسا إلى استبدال المهندس المستشار لقسط الكهرباء والحماية من الحرائق بمهندس مستشار جديد لأسباب صحية وعدم استكمال بقية أشغال قسط الكهرباء والحماية من الحرائق بسبب سوء التنسيق بين الشركة المقاولة والمهندس المستشار الجديد، وعدم قيام الشركة المقاولة باستكمال رفع بعض التحفظات الفنية التي تمت ملاحظتها من قبل الإدارة وسرقة أسلاك كهربائية ذات قطر كبير من البناية وهو ما يستوجب تحيين دراسات قسط الكهرباء والحماية من الحرائق. وأكدت حرص الوزارة على التنسيق المستمر مع المصالح الجهوية لحل الإشكاليات ومتابعة حيثيات استكمال الأشغال. وذكرت أن اللجنة الجهوية لتسريع انجاز المشاريع المعطلة المنعقدة يوم 17 جويلية ببنزرت نظرت في مشروع تهيئة دار الثقافة بمنزل بورقيبة وتم الاتفاق على فسخ الصفقة بعد رفع التحفظات، وقالت إن الوزارة قد تعهدت بتجهيز قاعة العروض بدار الثقافة بكلفة تقدر بحوالي 209 آلاف دينار حيث تم إدراجها ضمن الصفقات التي يتم انجازها حاليا. وتم إرجاء هذه الأشغال إلى حين استكمال المشروع واستلام المؤسسة بكامل مكوناتها. وتفاعلا مع انتقادات النائبة ماجدة الورغي أكدت الصرارفي أنها ستحرص على مزيد متابعة المشروع وتكثيف الجهود لتجاوز الصعوبات التي تعترضه بالتنسيق مع الأطراف المتدخلة كما ستبرمج زيارة إلى ولاية بنزرت للإطلاع عن كثب على الوضع الثقافي بالجهة وزيارة كل مشاريع البنية التحتية بما فيها مشروع دار الثقافة منزل بورقيبة.

وتطرقت الوزيرة في مداخلتها إلى إستراتجية الوزارة الرامية إلى تطوير البنية التحتية الثقافية وأكدت أنها تولي عناية خاصة لتوسيع شبكة المؤسسات الثقافية وتحسين ظروف استغلالها من خلال تصور مشاريع جديدة وتهيئة وصيانة المنشآت القائمة إلى جانب إرساء سياسة متكاملة لتأمين الأملاك العمومية الثقافية وتخصيص العقارات الضرورية لانجاز المشاريع بكامل تراب الجمهورية. وبينت أنه تم تسليم قائمة كاملة لوزارة أملاك الدولة تتعلق بالتخصيص وذلك سعيا منها لتحقيق تكامل وظيفي بين البنية التحتية والمضامين الثقافية الموجهة للمواطنين في مختلف الجهات، وأضافت أنه في هذا الإطار تم دعم التدخلات من خلال انجاز برنامج وطني شامل لتجهيز قاعات العروض شمل 82 مؤسسة ثقافية بين سنوات 2023 و2025 حيث تم تنفيذ صفقات متكاملة لإزالة الصدى وتغليف الركح وتركيب الستائر والشاشات وتغليف الأرضيات وتركيز الكراسي الثابتة بنسب انجاز تراوحت بين 37 و95 بالمائة. 

حضارات ما قبل التاريخ

وأجابت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي خلال الجلسة العامة عن أسئلة أخرى منها الأسئلة التي طرحها  النائب النوري الجريدي حول مشروع إحداث المتحف الوطني لحضارات ما قبل التاريخ، وذكرت أن برنامج إحداث هذا المتحف يعود إلى سنة 2016 حيث اقترح والي قفصة على وزير الشؤون الثقافية آنذاك إحداث هذا المتحف وحظي المقترح بموافقة المعهد الوطني للتراث الذي بارد بتكوين لجنة علمية متخصصة فيها باحثين ومحافظي تراث ومختصين في حضارات ما قبل التاريخ، وفي سنة 2018  وافق المعهد على تخصيص قطعة أرض تمتد على ستة آلاف متر مربع تقع على هضبة بقفصة التي تقرر انجاز المشروع عليها وبناء على ذلك تم الانطلاق في إعداد الملف العلمي والتقني ولكن في الأثناء تلقى المعهد الوطني للتراث مراسلة من رئيس بلدية القطار تضمنت مقترحا لإنشاء المتحف في معتمدية القطار وردا على هذا الطلب وجه المعهد مراسلة للبلدية أوضح فيها مراحل هذا المشروع. وقالت الوزيرة إن هذا المشروع يكتسي بعدا وطنيا وسيحتوي المتحف على مقتنيات أثرية نادرة تم اكتشافها خلال الحفريات العلمية التي أشرف عليها المعهد الوطني للتراث طيلة العقود الماضية. وأشارت إلى أنه أمام تباين الآراء حول مكان إحداث المتحف، ولحلحة هذا الملف ستعمل الوزارة على برمجة جلسة عمل بحضور والي قفصة قصد الحسم في هذه المسألة وفقا لما يخدم مصلحة الولاية ككل.

وبخصوص ما أشار إليه النائب النوري الجريدي من شبهات تضارب مصالح في مناظرة انتداب أساتذة سنة 2024 بينت الوزيرة أن هذا الكلام جاء دون الاستناد إلى ملفات أو تقديم أسماء محددة تمكن من التحقق من الأمر والرد عن السؤال بالدقة المطلوبة. وذكرت أن المناظرات الخارجية تشرف على تنظيمها لجان مختصة تتكون من إطارات من الوزارة ورئاسة الحكومة وهي تجرى وفقا للقرارات القانونية الصادرة بالرائد الرسمي كما يمكن للمترشحين الاعتراض على النتائج. وأكدت حرص الوزارة على الرد على جميع الاعتراضات والمطالب الواردة عليها تعزيزا لمبدأ الشفافية والإنصاف. وحول سبب تعطل مشروع دار الثقافة بالقطار بينت أنه نظرا للوضعية المتدهورة لدار الثقافة القديمة تم انجاز اختبار أسفر عن توصية بإخلاء المبنى لاعتبارات تتعلق بالسلامة. ونظرا لمحدودية مساحة المبنى القديم، تم اقتراح عقار جديد على ملك الدولة الخاص لانجاز المشروع. وذكرت أنه عملا بمقتضيات الأمر الحكومي لسنة 2017 المتعلق بتنظيم انجاز البنايات المدنية تولت المصالح المركزية بالوزارة إعداد ملف خاص بالعقار المقترح وإحالته إلى وزارة أملاك الدولة بتاريخ 6 فيفري 2024 لكن الإدارة الجهوية للتجهيز بقفصة أفادت أن العقار المقترح هو موضوع دراسة مائية باعتبار تواجد آثار مجرى قديم للوادي وخلصت إلى أن الوزارة تنتظر مآل الدراسة المائية الخاصة بالعقار وفي صورة ما إذا بينت الدراسة آن العقار ليس عرضة لخطر الفيضانات ويستوعب مشروع دار ثقافة بكافة مكوناته ستعمل الوزارة على الحصول على قرار تخصيص عقار لفائدتها واقتراح برمجة المشروع ضمن مخطط التنمية القادم وإدراج المشروع بميزانية الوزارة للسنة المقبلة بالتنسيق مع مصالح وزارة المالية.

دعم الفضاءات الخاصة

   وتفاعلا مع أسئلة أخرى طرحها النواب بينت الوزيرة أمينة الصرارفي أنه بخصوص التجهيزات الثابتة بالمؤسسات الثقافية، يتم بناء المؤسسات الثقافية ثم يتم إبرام صفقة أخرى لتجهيزها وهو ما دأبت عليه الوزارة مثل دار الثقافة بوعرقوب ودار الثقافة سليمان ودار الثقافة الميدة. وعن سؤال آخر حول كنيسة باجة قالت إنه تم وضع المعلم على ذمة المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية التي أبرمت اتفاقيات مع بعض الداعمين تحت إشراف والي باجة وتضبط هذه الاتفاقيات بدقة التزامات الأطراف الداعمة بما يضمن المحافظة على الموقع. وردا على مطلب دعم الفضاءات الثقافية الخاصة قالت إن الوزارة تقوم بدعم عدد من الفضاءات الخاصة منها خاصة الفضاءات المسرحية حيث ترشح لنيل منحة التسيير 35 فضاء تحصل منها 34 على الدعم. وتعقيبا على النائب عادل ضياف بينت الوزير أنه وعيا بدعم العمل الثقافي بالمؤسسات الثقافية بسيدي حسين فقد تم مؤخرا تعيين منشطة ثقافية بدار الثقافة سيدي حسين. 

سعيدة بوهلال

 

وزيرة الشؤون الثقافية في جلسة برلمانية:   العمل على تسوية وضعيات المتعاقدين.. وملف المعزولين أمام القضاء

في إطار دوره الرقابي عقد مجلس نواب الشعب أمس بقصر باردو جلسة عامة برئاسة رئيس المجلس إبراهيم بودربالة خصصت لتوجيه أسئلة شفاهية لوزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي تعلقت بالعديد من المسائل منها شبهات الفساد والمهرجانات الثقافية ووضعيات دور الثقافة والمعالم الأثرية في بعض جهات الجمهورية إضافة إلى الإجراءات التي سيتم إتباعها لتطبيق قانون منع المناولة وتنظيم عقود الشغل، كما تم الاستفسار حول سياسة الوزارة في دعم الإبداع والحد من العنف والتطرف وحول مدى التقدم في صياغة عدد من النصوص القانونية.

وأشارت الوزيرة إلى دور الثقافة الحيوي في بناء مجتمع متماسك ومتطور، وأكدت حرص الوزارة الثابت على إعلاء الشأن الثقافي في مختلف ولايات الجمهورية من خلال المتابعة المستمرة لدور الثقافة والمكتبات العمومية والمعاهد الموسيقية ومراكز الفنون الدرامية وغيرها سواء من حيث البنية التحتية أو من حيث البرامج والمضامين مع العمل على تقييمها وتطويرها بما يجعلها فضاءات جاذبة وناجعة ومستجيبة لخصوصيات كل جهة. وأكدت الصرارفي أنه رغم محدودية الميزانية المرصودة لوزارة الشؤون الثقافية وقلة الموارد البشرية فإنها تعمل على ضمان حد أدنى من العدالة الثقافية في توزيع الموارد والمشاريع وتبذل جهودا حثيثة لمعالجة النقائص وتجاوز الصعوبات التي تعترض تنفيذها بالتنسيق مع مختلف الوزارات والهياكل المتدخلة.

 وأكدت أن للتراث مكانة مركزية في أولويات الوزارة فهي حسب قولها حريصة على حماية هذا الرصيد الحضاري الثمين وتسعى دائما إلى إيجاد حلول مبتكرة وفعالة لصونه وتثمينه. وأضافت أنه في تناغم مع التوجه الوطني الذي أرساه رئيس الجمهورية تواصل الوزارة بلورة رؤية ثقافية متجددة تهدف إلى جعل الثقافة والتراث رافدين واعدين من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الثقافية القائمة ومزيد دعم الصناعات الثقافية والإبداعية باعتبارها محركا أساسيا للاقتصاد الجديد القائم على الإبداع والابتكار والتكنولوجيات الحديثة وتشجيع الاستثمار في المشاريع الثقافية الواعدة وتكوين جيل متمسك بهويته الوطنية منفتح على قيم الحداثة والتنوع الثقافي قادر على حمل مشروع مجتمعي متوازن مستنير. 

وتعقيبا عن سؤال حول مجلة حماية التراث بينت الوزيرة أنه تم تشكيل فريق عمل من المختصين لمراجعة هذه المجلة مراجعة شاملة بما يتماشى مع الرؤية الوطنية الجديدة الخاصة بالتراث التي تم الانتهاء من ضبطها في اتجاه تعزيز آليات الحماية والتثمين. وأكدت أنه من المنتظر الانتهاء من إعداد مشروع المجلة في موفى سنة 2025.

وفي علاقة بتوقيت مؤسسات العمل الثقافي، بينت الوزيرة أنه تم تقديم مشروع أمر مشترك بين وزيري الشؤون الثقافية والشباب والرياضة يتعلق بتنقيح الأمر عدد 1710 لسنة 2021 المتعلق بتوزيع أوقات وأيام العمل لأعوان الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية يتضمن تنقيح الفصل 8 منه بما سيمكن الوزارة من اعتماد توقيت يراعي خصوصية القطاع.

ملفات الفساد

وإجابة عن أسئلة النائب أحمد بنور حول وجود شبهات فساد وإهدار للمال العام وسياسة تجويع وهرسلة وتنكيل بالمبلغين عن الفساد بوزارة الشؤون الثقافية، أشارت الوزيرة إلى أنه في علاقة بمدى متابعة الأعمال غير المنجزة الممولة من قبل صندوق التشجيع على الإبداع، تعمل الوزارة على متابعة انجاز المشاريع الثقافية التي تحصلت على دعم من هذا الصندوق واتخاذ الإجراءات الإدارية والقانونية اللازمة في صورة ثبوت عدم انجاز الأعمال الفنية. وبلغ عدد الملفات التي تم في شأنها اتخاذ إجراءات استرجاع المنح المسندة حسب قولها 98 ملفا كما يتم حاليا دراسة استرجاع منح تتعلق بـ 27 ملفا. وأفادت أن الوزارة تعمل الآن على تحيين النصوص القانونية المتعلقة بالدعم مع دخول المنصة الرقمية للتصرف في الدعم العمومي حيز الاستغلال نهاية شهر جوان الماضي والتي تهدف إلى حوكمة التصرف في الأموال العمومية.

وتعقيبا عن سؤال يتعلق بدعم المهرجانات أجابت الصرارفي أن الدعم العمومي للمهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية يتم منحه استنادا إلى الأمر المتعلق بضبط معايير وإجراءات إسناد التمويل العمومي للجمعيات الصادر سنة 2013 وهو ما يسمح بإخضاعها لمبادئ الحوكمة والتصرف السليم في الأموال العمومية، حيث يتم إسناد الدعم عن طريق لجان تحدث للغرض. وأضافت أن التقارير المالية للمهرجانات تخضع للتدقيق من قبل مراجعي الحسابات التي يتم إيداعها لدى محكمة المحاسبات فضلا عن عمليات المتابعة والتقييم التي تتكفل بها الأجهزة الرقابية الداخلية للمؤسسات المسندة للدعم. وبينت أنه سعيا إلى مزيد تنظيم المهرجانات والارتقاء بها تم منذ شهر سبتمبر 2024 وضع برنامج خاص لحوكمتها وهو يقوم أساسا على تصنيف المهرجانات وترشيد الدعم وتأهيل الفضاءات المحتضنة للمهرجانات.

وردا عن سؤال حول اللجوء إلى عقود إسداء الخدمات أوضحت الوزيرة أن المؤسسات العمومية غير الإدارية الخاضعة لإشراف الوزارة خاصة تلك التي تم إحداثها سنة 2018 تزامنا مع إحداث مدينة الثقافة دأبت على اللجوء للتعاقد بعقود إسداء خدمات لتوفير موارد بشرية في عدد من الاختصاصات التقنية والفنية والإدارية التي تفتقدها الوزارة. وذكرت أن هذه المؤسسات شرعت في استبدال عقود إسداء الخدمات بعقود عمل بداية من شهر أكتوبر 2023 بمقتضى ترخيص من وزارة المالية ووفق قائمة اسمية ضبطت للغرض تضمنت 245 عقد عمل وتواصل بصفة ظرفية واستثنائية التعاقد مع بعض مسدي الخدمات في اختصاصات مختلفة قصد سد الشغورات الحاصلة وتعويض من غادر منهم بحثا عن مواطن شغل أكثر استقرارا. وأوضحت أنه انسجاما مع تعليمات رئيس الجمهورية للقطع مع كافة آليات التشغيل الهش ونظرا للحاجة الماسة لوزارة الشؤون الثقافية ومؤسستها للحد المطلوب من الأعوان بما يكفل انجاز عديد المهام الموكولة إليها ستتولى الوزارة تسوية وضعيات المتعاقدين طبقا للنصوص النافذة والتراتيب الجاري بها العمل.

وعن سبب عدم تعاطي التفقدية العامة مع ملفات الفساد قالت وزيرة الشؤون الثقافية في ردها على سؤال  النائب أحمد بنور إن معالجة الملفات الخاصة بشبهات الفساد تتم بالتنسيق بين التفقدية العامة وإدارة الشؤون القانونية والنزاعات وخلية الحوكمة وبينت أنه لا مجال لعدم متابعتها وإنما تتم مراعاة درجة تعقيدها والآجال المرتبطة بمعالجتها طبقا للتراتيب الجاري بها العمل. وقالت إن التفقدية العامة تتولى البحث والتحري في مختلف الشكايات والعرائض الواردة عليها قصد التثبت من جدية الادعاءات وإثارة التتبعات المستوجبة وفق ما تقتضيه نتائج البحث وأضافت أن كل الملفات التي أفضت التحريات بخصوصها إلى وجود تجاوزات قانونية أو فساد إداري أو مالي فقد تمت إثارة التتتبعات التأديبية والقضائية بشأنها، وقالت إن مجال تدخل التفقدية العامة يشمل 782 إدارة ومؤسسة دون اعتبار الجمعيات المنتفعة بالتمويل العمومي وذكرت التفقدية أنجزت خلال سنة 2024 قرابة 125 مهمة منها 38 مهمة تفقد.

تضارب مصالح

وعن سؤال آخر طرحه النائب أحمد بنور حول وجود تضارب مصالح لبعض إطارات الوزارة أكدت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الضرارفي حرص خلية الحوكمة والتفقدية العامة على متابعة كل الوضعيات التي تثير شبهات تضارب مصالح واتخاذ الإجراءات الضرورية لوضع حد لها في صورة ثبوتها وذلك دعما للشفافية وترسيخا لمبادئ النزاهة والحياد. وبينت أن الوزارة أصدرت عددا من المناشير للتذكير بواجب الإعلام المحمول على العون العمومي عند وجود وضعية تضارب مصالح.

أما بخصوص الأكرية لفائدة هياكل الوزارة فسرت الوزيرة أمنية الصرارفي أن الوزارة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر تلجأ بصفة استثنائية إلى كراء مقرات إدارية وتعتمد في ذلك الإجراءات القانونية المستوجبة. وتعقيبا عن استفسارات أخرى حول مآل ملف صفاقس عاصمة للثقافة العربية، قالت إن هيئة تنظيم هذه التظاهرة خضعت للتفقد والتدقيق لوثائق الصرف ولم تفض هذه التقارير الرقابية على حد تأكيدها إلى وجود ملاحظات أو إحترازات بخصوص صدقيتها وتطابقها مع المعطيات المحاسبية والمالية المضمنة بميزانية التظاهرة. وبخصوص المكتبة الرقمية أشارت إلى أنه تمت برمجة مشروع تهيئة الكنيسة الكاثوليكية وتهيئتها لاستقبال مكتبة رقمية ضمن تظاهرة صفاقس عاصمة للثقافة العربية وتم فسخ الصفقة بعد أن تقدم الانجاز بنسبة 15 بالمائة وذكرت أن الملف هو الآن محل نزاع قضائي مع الشركة المقاولة والمخلة بتعهداتها.

 المعالم الأثرية والدينية

وتعقيبا عن أسئلة النائبة بثينة الغانمي حول خطة وزارة الشؤون الثقافية للتعهد بالمعالم الدينية والأثرية بولاية باجة قالت الوزيرة أمينة الصرارفي إن الوزارة تبذل جهودا للمحافظة على المواقع الأثرية رغم التحديات المتمثلة في عددها الكبير. وبينت أنه بالنسبة إلى باجة فإن المعالم الدينية ترجع بالنظر لوزارة الشؤون الدينية أما مهمة وزارة الشؤون الثقافية فتتمثل في الإشراف العلمي والفني أثناء عملية الصيانة والترميم باستثناء المعالم الدينية المرتبة حيث يساهم معهد التراث بقسط في عملية الصيانة والترميم. أما المعالم الأثرية والتاريخية فإن المعهد  الوطني للتراث يسعى جاهدا للمحافظة عليها بالصيانة والترميم ومنها على سبيل المثال معلم القصبة وهو معلم مرتب في طور الترميم ورصدت له ميزانية قدرها 150 ألف دينار. وذكرت أنه بخصوص قصر الرئيس فقد تم تكليف مكتب مراقبة لمعاينة حالته وتم رصد ميزانية قدرها عشرة آلاف دينار للقيام بدراسات لترميميه وحاليا يعمل فريق من الباحثين بمعهد التراث على إعداد البرنامج العلمي لهذا المركز، وبلغت التقديرات الأولية للمشروع 2 فاصل 5 مليون دينار.    وأشارت إلى أنه بالنسبة إلى المسلك السياحي للمدينة العتيقة بباجة فقد انطلقت الأشغال في فيفري الماضي ويقوم معهد التراث بالمتابعة العلمية والفنية كما يساهم المعهد في ترميم وصيانة عديد المعالم المرتبة والمحمية بتستور مثل الجامع الكبير، وبخصوص الحماية القانونية فقد تم منذ سنة 2022 إصدار 8 قرارات حماية لمعالم ومواقع بولاية باجة ليصبح العدد الجملي للمعالم المحمية والمرتبة 125 معلما وموقعا.

 وأجابت الوزيرة أمينة الصرارفي النائبة ريم المعشاوي  بالحديث عن الأعمال التي تم القيام بها لتهيئة عدد من المعالم الأثرية بالكاف وأشارت بالخصوص إلى معالجة بعض الوضعيات العقارية على غرار تخصيص عقار لمتحف العادات والتقاليد الشعبية بالكاف لفائدة المعهد الوطني للتراث الذي يعمل حاليا على إعداد برنامج عمل صيانة وترميم المتحف بهدف إعادة فتحه وتوظيفه، أما معلم القصبة فهو تحت تصرف بلدية الكاف. وذكرت أن بقية المعالم المرتبة التي هي تحت تصرف معهد التراث فقد تم رصد إعتمادات للقيام بأشغال الصيانة والترميم فيها مثل معلم البازيليك ومعلم حمام ملاق، وذكرت أن مائدة يوغرطة عرفت عدة تدخلات.   

وتعقيبا على  النائبة بسمة الهمامي التي طرحت العديد من الأسئلة منها ما تعلق بالحفريات الأثرية بموقع زاما بسليانة، قالت الوزيرة إن حماية وصيانة الموروث الأثري والحضاري بهذه الجهة يعد من أهم مشاغل الوزارة التي تسعى إلى الحفاظ المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمنقولات بشتى أنواعها. وأضافت أن الحفريات بالموقع  انطلقت سنة 1996 وتواصلت دون انقطاع وشملت 4 مناطق توزعت على جزء هام من مساحة الموقع الممتد على 60 هك وأسفرت الحفريات عن اكتشاف جزء هام من المكونات المعمارية التي تعود إلى حضارات مختلفة لكن هذه الحفريات رغم أهميتها لم تأخذ بعين الاعتبار جانب الاستغلال والتهيئة بالموقع واقتصرت على الهاجس العلمي، وسعيا لضبط حدود الموقع بدقة تمت برمجة حفريات جديدة في الناحية الشرقية للبحث عن امتداد الحفر البيزنطي الذي يحيط به إضافة إلى إبرام اتفاقية شراكة منذ سنة 2021 مع أكاديمية العلوم البولندية لاستكمال الأبحاث الأثرية بالموقع. وذكرت أنه تم جرد كل القطع الأثرية الموجودة بالمخازن والمتاحف بولاية سليانة عموما وموقع زاما خصوصا، وقدمت الوزيرة للنائبة مضامين اتفاقية تهم هذا الموقع مع منتزه أثري بروما. وقبل عرض أسئلتها رثت النائبة بسمة الهمامي الفنان زياد الرحباني قائلة :»يا وجع القلب الذي عشناه صباح موت زياد الرحباني إذ تكاد القلوب تنفطر من الحزن عليه فهو الذي قال أينما يوجد مضطهد شيعي سني مسيحي علماني أنا معه»، وأضافت أن موت زياد أبكاها وأوجعها لأن زياد الفنان والسياسي صنع كيانا لبنانيا من اللحن والكرامة وغنى لكل الإنسانية وهو ثلاثية الفكاهة والتمرد والعبثية وذكرت أن فيروز والدة زياد طالبت السلطات الفرنسية بإطلاق سراح المناضل الأممي جورج إبراهيم عبد الله أحد بناة الفعل الثوري في العالم والذي ارتبط اسمه بالقضية الفلسطينية وبالثبات على القيم الإنسانية في مواجهة الامبريالية الصهيونية وتم إطلاق سراحه من السجون الفرنسية ليعود إلى لبنان محققا ملحمة صمود فاقت 41 سنة سجنا معلنا أن المقاومة المستمرة بهذه الأرض وأنه لا يمكن اقتلاعها، وبينت أنه في سياق أحرار العالم فإن كل العيون متجهة إلى سفينة حنظلة ورحلتها نحو قطاع غزة لكسر الحصار وكيف قامت قوات الاحتلال باعتقال طاقمها ومنهم التونسي حاتم العويني الذي كان مع كل رفاقه في الرحلة صوتا عاليا ضد الاحتلال وجريمة الإبادة.

دور الثقافة

ومن بين الأسئلة الأخرى التي أجابت عنها وزيرة الشؤون الثقافية خلال الجلسة العامة الرقابية أسئلة النائب محمد علي فنيرة، إذ تحدث فنيرة عن النقائص التي تعاني منها دور الثقافة بولاية نابل وخاصة دار الثقافة قرمبالية وطالب بفتح قاعة العروض بهذه الدار وإصلاح شبكة الكهرباء بها وتوفير المعدات اللازمة لتأمين نشاطها والعناية بنظافة بيوت الراحة.  كما أشار إلى الوضع المزري الذي أضحى عليه الموقع الأثري عين طبرنق ودعا إلى ترميمه وصيانته و تسييجه لأنه من غير المعقول أن يجد الزائر خرفانا ترعى في هذه المنطقة الأثرية وطالب بدعم هيئة مهرجان قرمبالية.

وتعقيبا على النائب محمد علي فنيرة أشارت أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية إلى أنه تفعيلا للاستراتيجيات والمقاربات الجديدة التي أرستها الوزارة والتي تهدف إلى تطوير مؤشرات التنمية الثقافية بكافة ولايات الجمهورية، فإن مختلف التدخلات الثقافية بولاية نابل تندرج ضمن منهجية واضحة تقوم على التقييم المنتظم والإشراف البناء والدفع بالعمل الثقافي نحو الأفضل. وأضافت أنه في هذا الإطار تم التأكيد خلال الزيارة التي أدتها إلى جهة نابل يوم 19 أفريل 2025 على ضرورة الترفيع في مؤشرات التنمية الثقافية من خلال تقديم رؤية ثقافية مميزة ومقاربة جديدة ترتكز على إمكانيات الدعم العمومي بما يضمن ديمومة الأنشطة وتنوعها واستمراريتها على مدار السنة ويجعل من الجهة فضاء حيويا لاحتضان مشاريع ثقافية طموحة تلامس الجوانب الفكرية والفنية والإبداعية والاجتماعية والاقتصادية.

وقدمت الوزيرة عرضا حول المؤشرات التي تبرهن حسب وصفها  على ديناميكية المشهد الثقافي بنابل وبينت أن عدد الأنشطة الثقافية المنظمة بلغ خلال السداسي الأول من العام الجاري 968 نشاطا وهي موجهة إلى مختلف الشرائح منها 35 نشاطا موجها للطفل و365 نشاطا موجها للشباب واليافعين و45 نشاطا موجها للمرأة و28 نشاطا موجها لذوي الاحتياجات الخصوصية. وأضافت أن دور الثقافة البالغ عددها 12 مؤسسة تتوفر على 62 ناديا في عديد المجالات الفنية مثل المسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والتصوير والسينما ويبلغ عدد المنخرطين في دور الثقافة في نابل 1016 منخرطا. وبينت أن المندوبية الجهوية والمؤسسات الراجعة لها بالنظر تنظم عدة محطات ثقافية سنوية هامة على غرار تظاهرة «تجلي» التي تم الاحتفال بدورتها الرابعة خلال شهر رمضان المنقضي وهناك تظاهرات وأنشطة نوعية وخصوصية بمناسبة الاحتفال بشهر التراث وقد تم افتتاح الدورة 34 لهذه السنة تحت شعار التراث والفن ذاكرة الحضارة بالموقع الأثري بكركوان، إضافة إلى «لقاءات عين» وهي ملتقيات حوارية مع الفاعلين الثقافيين.. وتحدثت الصرارفي عن المختبر الإبداعي للفنون والتراث وهو مشروع حاضنة إبداعية للمشاريع المشتركة بين فناني الجهة والمختصين في التراث والمندوبيات الجهوية للشؤون الثقافية والسياحة والصناعات التقليدية ومراكز التكوين في مهن السياحة بنابل والحمامات ويهدف هذا المشروع إلى إحياء وتثمين المواقع والمعالم الأثرية قصد ترويجها كمنتوج سياحي وثقافي وبيئي واقتصادي. وأكدت أن ولاية نابل تحتضن عددا من المهرجانات الصيفية مثل مهرجان الحمامات الدولي ومهرجان نابل الدولي ومهرجان العنب بقرمبالية ومهرجان الفل والياسمين الحمامات إضافة إلى مهرجانات دولية وهي مهرجان نيابوليس لمسرح الطفل ومهرجان الساف والتي تحظى هي بدورها بدعم هام من الوزارة. وذكرت أن عدد الجمعيات الناشطة في المجال الثقافي بنابل بلغ المائة جمعية منها 13 جمعية تحصلت على دعم من الوزارة.

أما بخصوص مشاريع البنية التحتية الثقافية في نابل فتم حسب قولها انجاز خمسة مشاريع جديدة بكلفة قدرها 8 فاصل 9 مليون دينار ودخلت حيز الاستغلال وهي بناء دار الثقافة الميدة وبناء دار الثقافة سليمان وبناء دار الثقافة بوعرقوب وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية حي الرياض وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية ساحة الشباب بقيلبية، وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية بوعرقوب. أما المشاريع التي هي بصدد الانجاز فتتمثل في مشروع بناء دار الثقافة دار شعبان الفهري وقد تم إسناد الصفقة إلى شركة مقاولة بكلفة تناهز 6 ملايين دينار، وبينت أن المشاريع التي هي في طور الدراسات يبلغ عددها 10 مشاريع بكلفة أولية قدرها ستة ملايين دينار وهي تتمثل في صيانة المركب الثقافي نيابوليس نابل وتهيئة وصيانة دار الثقافة ومسرح الهواء الطلق بقربة وتهيئة وصيانة دار الثقافة تاكلسة وتهيئة وصيانة المكتبة العمومية بمنزل حر وتجديد الشبكة الكهربائية وتهيئة وتوسعة المكتبة العمومية بحمام الغزاز وتهيئة وتوسعة المكتبة العمومية بتاكلسة وتهيئة وصيانة دار الثقافة بقرمبالية وتهيئة وصيانة فضاء سيدي عبد السلام حمام الغزاز وتهيئة وتوسعة المكتبة الجهوية بنابل وتجديد الشبكة الكهربائية بالمكتبة العمومية بمنزل تميم.

أما في ما يتعلق بالتراث فأشارت إلى أنه سعيا لتحسين ظروف استقبال الزوار تم انجاز عدة مشاريع بجهة نابل منها إعادة تهيئة هيكل الاستقبال بكل من موقع كركوان الأثري بكلفة 260 ألف دينار وإعادة تهيئة شباك تذاكر ودورة مياه بمعلم برج الحمامات بكلفة 210 آلاف دينار وإعادة تهيئة شباك التذاكر بمتحف نابل كما تم إطلاق طلب عروض لانجاز أشغال تركيز سياج حديدي وتهيئة مأوى سيارات بكلفة تقدر بستمائة ألف دينار. وبخصوص صيانة دار الثقافة قرمبالية قالت إن الوزارة متعهدة بمشروع في الغرض.

اهتمام بالمهرجانات

وتعلقت أسئلة النائب عزيز بن الأخضر بمهرجان أوذنة طالب بالتراجع الفوري عن قرار تغيير اسم المهرجان كمهرجان دولي ثقافي متنوع وبتوفير الدعم المالي اللازم لاستكمال الحفريات الأثرية المتوقفة ودعم التوثيق العلمي وإدراج أوذنة ضمن المسالك الوطنية وتهيئة البنية التحتية وتهيئة الموقع وتصنيفه تراثا عالميا نظرا لقيمته الحضارية ودعا إلى بعث متحف وورشات تراثية تسهم في تنشيط السياحة الثقافية وتفعيل دور الوزارة كشريك رئيسي في دعم التراث والتنمية الثقافية وإعادة فتح قاعة العروض بدار الثقافة بيرم التونسي بالخليدية التي قيل إنها آيلة للسقوط  كما طالب برد الاعتبار للتراث الثقافي في أوذنة خدمة لمستقبل الأجيال القادمة.

وأجابت أمينة الصرارفي وزيرة الشؤون الثقافية عن هذه الأسئلة بالإشارة إلى أنه في علاقة بدار الثقافة الخليدية فقد تم إعداد اختبار فني شامل من قبل الإدارة الجهوية للتجهيز ببن عروس أفضى إلى غلق قاعة العروض وتعطل مشروع تهيئة وصيانة دار الثقافة بسبب نزاع قضائي ضد أحد الخواص يدعي ملكيته لجزء من العقار. أما بالنسبة إلى مهرجان أوذنة فبينت الوزيرة أن المهرجانات الصيفية تكتسي أهمية إستراتيجية بارزة ضمن السياسة الثقافية التي تنتهجها الوزارة لأنها تساهم في إبراز مكونات الثقافة الوطنية والتعريف بالخصوصيات الجهوية المتنوعة في تونس. وأضافت أن الوزارة تعمل عن طريق المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية ولجان الدعم العمومي للجمعيات التابعة لمؤسساتها المركزية والجهوية على دعم تنظيم المهرجانات بمختلف الجهات، حيث تم عام 2024 دعم  300 مهرجان صيفي سواء عبر المنح المالية أو من خلال العروض الفنية التي تجاوز عددها 719 عرضا مدعوما. وبلغت قيمة الدعم المسند من قبل الوزارة حسب قولها قرابة 9 فاصل 2 مليون دينار وهناك 14 مهرجانا تم تنظيمها بمواقع أثرية منها مهرجان أوذنة موضوع سؤال النائب.  وأوضحت أن الدورة الحالية لمهرجان أوذنة تمتد بين 26 جويلية و5 أوت 2025 وهي تتنزل في إطار إستراتجية الوزارة الرامية إلى حوكمة المهرجانات وإعادة تصنيفيها بما يضمن بلوغ القدر الأعلى من درجات حسن تنظيمها وإنجاحها والارتقاء بمضامينها وذلك باعتماد مقاربة جديدة أكثر دقة ونجاعة تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الفنية والتاريخية والثقافية للمواقع والجهات، بما يمكّن من تفادي استنساخ نفس البرمجة الثقافية من مهرجان إلى آخر ويمنع تكرار المضامين ويضمن الجودة في التنظيم والمحتوى. وفسرت الوزيرة أن هذه المقاربة تقوم على جملة من المبادئ أبرزها احترام خصوصية كل مهرجان من حيث المضمون الفني والثقافي بما يرسخ هويته ويثمن مخزونه التراثي والتاريخي وتنويع البرمجة الموسيقية والفنية وتمكين الجمهور من اكتشاف أنماط موسيقية متعددة تقدم في فضاءات متنوعة بما في ذلك المواقع الأثرية ذات القيمة الرمزية العالية وتعزيز العلاقة بين الفنون وجمهورها، من خلال استهداف جماهير نوعية تتماهى مع خصوصية كل مهرجان، وتوفير أطر تنظيمية راقية للفنانين تضمن مزيدا من الوجاهة الفنية والاعتبار للمضامين المقدمة. وقالت إن الفن الشعبي هو فن راق وبينت أنه يتم دعم الترويج الثقافي لتونس دوليا عبر وضع رؤية واضحة للمهرجانات والتظاهرات بما يسهل الإطلاع عليها من قبل السياح وذكرت أنه في هذا الإطار تم توجيه مهرجان أوذنة ليكون مناسبة سنوية للاحتفال بالفنون الشعبية التونسية والعالمية بمختلف أشكالها التعبيرية ويرجع هذا التوجه أساسا لاعتبارات موضوعية أهمها الخصوصية التاريخية للموقع الأثري بأوذنة والذي يجعله فضاء ملائما للتعريف بالتراث اللامادي التونسي. وأوضحت الصرارفي أن التركيز على الفنون الشعبية يأتي دعما للهوية الثقافية الوطنية وسعيا لتثمين التراث التونسي الغنائي الراقص الذي تزخر به مختلف الجهات التونسية، ولإتاحة الفرصة أمام الفرق الأجنبية للمشاركة بما يمكن الجمهور من الإطلاع على ثقافات دول أخرى. وتحدثت الوزيرة عن إدراج المهرجان ضمن رؤية ترويجية شاملة تهدف إلى جعله عنصرا من عناصر الجذب السياحي ومساهما في التعريف بصورة تونس الثقافية لدى الزوار التونسيين والأجانب. وبينت أن مهرجان أوذنة للفنون الشعبية شهد ليلة أول أمس حضور أربعة آلاف متفرج من بينهم سياح. وذكرت أن هذا المهرجان ليس إلا حلقة ضمن حلقات مهرجانات خصوصية منها على سبيل الذكر مهرجان تستور الدولي المخصص للمالوف والموسيقى الأندلسية ومهرجان الجم للموسيقى السنفونية ومهرجان الجاز بطبرقة ومهرجان القيروان للموسيقى الروحية والصوفية. وبينت أن الدورة الحالية لمهرجان أوذنة شهدت برمجة 11 عرضا فنيا بكلفة تقارب 400 ألف دينار منها 9 عروض من تونس وحرصت الوزارة حسب تأكيدها على أن تكون العروض المبرمجة ذات قيمة تعكس تنوع وثراء الثقافة الشعبية بما يجعل المهرجان مهرجانا مرجعيا في اختصاصه على المستويين الوطني والدولي، وذكرت أن هذا الخيار لا يقصي بقية الأنماط الموسيقية الأخرى التي يتم عرضها في بقية مهرجانات ولاية بن عروس البالغ عددها 11 مهرجانا حيث تواصل الوزارة عملها على تطوير خارطة المهرجانات وحوكمتها بما يراعي التنوع الثقافي والبعد التنموي للجهات ويخدم صورة تونس كوجهة ثقافية وسياحية متميزة، حسب تعبيرها.

مشروع معطل

وإجابة عن أسئلة النائبة ماجدة الورغي حول مشروع تهيئة دار الثقافة منزل بورقيبة قالت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي إن هذا مشروع هو من صنف (أ- ث) وذلك وفقا لمقتضيات الفصل السادس من الأمر الحكومي عدد 967 لسنة 2017 المؤرخ في 31 جويلية 2017 المتعلق بتنظيم انجاز البنايات المدنية، وبالتالي فإن والي بنزرت هو صاحب المنشأة الذي ينجز لفائدته المشروع حسب التعريف الوارد بالفصل الثاني من الأمر المذكور وهو الآمر الأول بالصرف بالنسبة لهذا الصنف من البنايات المدنية. وذكرت أن الإدارة الجهوية للتجهيز ببنزرت هي صاحبة المنشأ المخول وهي التي تكلف من قبل الوالي بدارسة وتنفيذ هذه المشاريع. وفسرت أن دور وزارتها يتمثل أساسا في برمجة المشروع ورصد الإعتمادات الضرورية لانجازه مع المتابعة الفنية أثناء الدراسات والانجاز والاستلام الوقتي.  وتتمثل أبرز مكونات مشروع دار الثقافة منزل بورقيبة في تهيئة سقف قاعة العروض،  وتهيئة الهيكل الحامل للركح، وحماية البناية من تسرب مياه الأمطار، وصيانة الشبكة الكهربائية. وتبلغ كلفة المشروع 773 ألف دينار وتبلغ نسبة تقدم الأشغال حوالي 98 بالمائة. وبخصوص أسباب تعطل هذا المشروع بينت الوزيرة أن المصالح الفنية للوزارة قامت بزيارات ميدانية إلى حضيرة أشغال المشروع وتبينت أن التأخير الكبير في تنفيذ المشروع المذكور يعود أساسا إلى استبدال المهندس المستشار لقسط الكهرباء والحماية من الحرائق بمهندس مستشار جديد لأسباب صحية وعدم استكمال بقية أشغال قسط الكهرباء والحماية من الحرائق بسبب سوء التنسيق بين الشركة المقاولة والمهندس المستشار الجديد، وعدم قيام الشركة المقاولة باستكمال رفع بعض التحفظات الفنية التي تمت ملاحظتها من قبل الإدارة وسرقة أسلاك كهربائية ذات قطر كبير من البناية وهو ما يستوجب تحيين دراسات قسط الكهرباء والحماية من الحرائق. وأكدت حرص الوزارة على التنسيق المستمر مع المصالح الجهوية لحل الإشكاليات ومتابعة حيثيات استكمال الأشغال. وذكرت أن اللجنة الجهوية لتسريع انجاز المشاريع المعطلة المنعقدة يوم 17 جويلية ببنزرت نظرت في مشروع تهيئة دار الثقافة بمنزل بورقيبة وتم الاتفاق على فسخ الصفقة بعد رفع التحفظات، وقالت إن الوزارة قد تعهدت بتجهيز قاعة العروض بدار الثقافة بكلفة تقدر بحوالي 209 آلاف دينار حيث تم إدراجها ضمن الصفقات التي يتم انجازها حاليا. وتم إرجاء هذه الأشغال إلى حين استكمال المشروع واستلام المؤسسة بكامل مكوناتها. وتفاعلا مع انتقادات النائبة ماجدة الورغي أكدت الصرارفي أنها ستحرص على مزيد متابعة المشروع وتكثيف الجهود لتجاوز الصعوبات التي تعترضه بالتنسيق مع الأطراف المتدخلة كما ستبرمج زيارة إلى ولاية بنزرت للإطلاع عن كثب على الوضع الثقافي بالجهة وزيارة كل مشاريع البنية التحتية بما فيها مشروع دار الثقافة منزل بورقيبة.

وتطرقت الوزيرة في مداخلتها إلى إستراتجية الوزارة الرامية إلى تطوير البنية التحتية الثقافية وأكدت أنها تولي عناية خاصة لتوسيع شبكة المؤسسات الثقافية وتحسين ظروف استغلالها من خلال تصور مشاريع جديدة وتهيئة وصيانة المنشآت القائمة إلى جانب إرساء سياسة متكاملة لتأمين الأملاك العمومية الثقافية وتخصيص العقارات الضرورية لانجاز المشاريع بكامل تراب الجمهورية. وبينت أنه تم تسليم قائمة كاملة لوزارة أملاك الدولة تتعلق بالتخصيص وذلك سعيا منها لتحقيق تكامل وظيفي بين البنية التحتية والمضامين الثقافية الموجهة للمواطنين في مختلف الجهات، وأضافت أنه في هذا الإطار تم دعم التدخلات من خلال انجاز برنامج وطني شامل لتجهيز قاعات العروض شمل 82 مؤسسة ثقافية بين سنوات 2023 و2025 حيث تم تنفيذ صفقات متكاملة لإزالة الصدى وتغليف الركح وتركيب الستائر والشاشات وتغليف الأرضيات وتركيز الكراسي الثابتة بنسب انجاز تراوحت بين 37 و95 بالمائة. 

حضارات ما قبل التاريخ

وأجابت وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي خلال الجلسة العامة عن أسئلة أخرى منها الأسئلة التي طرحها  النائب النوري الجريدي حول مشروع إحداث المتحف الوطني لحضارات ما قبل التاريخ، وذكرت أن برنامج إحداث هذا المتحف يعود إلى سنة 2016 حيث اقترح والي قفصة على وزير الشؤون الثقافية آنذاك إحداث هذا المتحف وحظي المقترح بموافقة المعهد الوطني للتراث الذي بارد بتكوين لجنة علمية متخصصة فيها باحثين ومحافظي تراث ومختصين في حضارات ما قبل التاريخ، وفي سنة 2018  وافق المعهد على تخصيص قطعة أرض تمتد على ستة آلاف متر مربع تقع على هضبة بقفصة التي تقرر انجاز المشروع عليها وبناء على ذلك تم الانطلاق في إعداد الملف العلمي والتقني ولكن في الأثناء تلقى المعهد الوطني للتراث مراسلة من رئيس بلدية القطار تضمنت مقترحا لإنشاء المتحف في معتمدية القطار وردا على هذا الطلب وجه المعهد مراسلة للبلدية أوضح فيها مراحل هذا المشروع. وقالت الوزيرة إن هذا المشروع يكتسي بعدا وطنيا وسيحتوي المتحف على مقتنيات أثرية نادرة تم اكتشافها خلال الحفريات العلمية التي أشرف عليها المعهد الوطني للتراث طيلة العقود الماضية. وأشارت إلى أنه أمام تباين الآراء حول مكان إحداث المتحف، ولحلحة هذا الملف ستعمل الوزارة على برمجة جلسة عمل بحضور والي قفصة قصد الحسم في هذه المسألة وفقا لما يخدم مصلحة الولاية ككل.

وبخصوص ما أشار إليه النائب النوري الجريدي من شبهات تضارب مصالح في مناظرة انتداب أساتذة سنة 2024 بينت الوزيرة أن هذا الكلام جاء دون الاستناد إلى ملفات أو تقديم أسماء محددة تمكن من التحقق من الأمر والرد عن السؤال بالدقة المطلوبة. وذكرت أن المناظرات الخارجية تشرف على تنظيمها لجان مختصة تتكون من إطارات من الوزارة ورئاسة الحكومة وهي تجرى وفقا للقرارات القانونية الصادرة بالرائد الرسمي كما يمكن للمترشحين الاعتراض على النتائج. وأكدت حرص الوزارة على الرد على جميع الاعتراضات والمطالب الواردة عليها تعزيزا لمبدأ الشفافية والإنصاف. وحول سبب تعطل مشروع دار الثقافة بالقطار بينت أنه نظرا للوضعية المتدهورة لدار الثقافة القديمة تم انجاز اختبار أسفر عن توصية بإخلاء المبنى لاعتبارات تتعلق بالسلامة. ونظرا لمحدودية مساحة المبنى القديم، تم اقتراح عقار جديد على ملك الدولة الخاص لانجاز المشروع. وذكرت أنه عملا بمقتضيات الأمر الحكومي لسنة 2017 المتعلق بتنظيم انجاز البنايات المدنية تولت المصالح المركزية بالوزارة إعداد ملف خاص بالعقار المقترح وإحالته إلى وزارة أملاك الدولة بتاريخ 6 فيفري 2024 لكن الإدارة الجهوية للتجهيز بقفصة أفادت أن العقار المقترح هو موضوع دراسة مائية باعتبار تواجد آثار مجرى قديم للوادي وخلصت إلى أن الوزارة تنتظر مآل الدراسة المائية الخاصة بالعقار وفي صورة ما إذا بينت الدراسة آن العقار ليس عرضة لخطر الفيضانات ويستوعب مشروع دار ثقافة بكافة مكوناته ستعمل الوزارة على الحصول على قرار تخصيص عقار لفائدتها واقتراح برمجة المشروع ضمن مخطط التنمية القادم وإدراج المشروع بميزانية الوزارة للسنة المقبلة بالتنسيق مع مصالح وزارة المالية.

دعم الفضاءات الخاصة

   وتفاعلا مع أسئلة أخرى طرحها النواب بينت الوزيرة أمينة الصرارفي أنه بخصوص التجهيزات الثابتة بالمؤسسات الثقافية، يتم بناء المؤسسات الثقافية ثم يتم إبرام صفقة أخرى لتجهيزها وهو ما دأبت عليه الوزارة مثل دار الثقافة بوعرقوب ودار الثقافة سليمان ودار الثقافة الميدة. وعن سؤال آخر حول كنيسة باجة قالت إنه تم وضع المعلم على ذمة المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية التي أبرمت اتفاقيات مع بعض الداعمين تحت إشراف والي باجة وتضبط هذه الاتفاقيات بدقة التزامات الأطراف الداعمة بما يضمن المحافظة على الموقع. وردا على مطلب دعم الفضاءات الثقافية الخاصة قالت إن الوزارة تقوم بدعم عدد من الفضاءات الخاصة منها خاصة الفضاءات المسرحية حيث ترشح لنيل منحة التسيير 35 فضاء تحصل منها 34 على الدعم. وتعقيبا على النائب عادل ضياف بينت الوزير أنه وعيا بدعم العمل الثقافي بالمؤسسات الثقافية بسيدي حسين فقد تم مؤخرا تعيين منشطة ثقافية بدار الثقافة سيدي حسين. 

سعيدة بوهلال