المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج، حلمي التليلي: الديوان يسعى إلى تعزيز انخراط التونسيين بالخارج في المنظومة الاقتصادية عبر دفع الاستثمار
المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي: مشاركة البنك الوطني الفلاحي في هذا اللقاء تعبير عن التزامه الراسخ بأن يكون في صف التوجه الوطني لتعزيز مساهمة الجالية التونسية في التنمية
تحت شعار «تحديث الرؤى من أجل مستقبل واعد»، انتظمت أمس الندوة الإقليمية الأولى لولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، حول دور التونسيين بالخارج في دفع الاستثمار المباشر، التي تم تنظيمها بالشراكة بين ديوان التونسيين بالخارج والبنك الوطني الفلاحي، وبحضور ولاة تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، إلى جانب ممثلين عن الوكالة الوطنية للنهوض بالصناعة والتجديد، ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، والسجل الوطني للمؤسسات.
وتهدف هذه الندوة الإقليمية الأولى إلى تشجيع التونسيين المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلادهم، من خلال التطرق إلى عدة مواضيع، من بينها أهمية تحويلات التونسيين بالخارج في دعم الاقتصاد التونسي، وتسهيل الإجراءات الإدارية للمستثمرين، بالإضافة إلى استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة في تونس.
وأكد حلمي التليلي، المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج، أنّ الديوان يسعى إلى تعزيز انخراط التونسيين بالخارج في المنظومة الاقتصادية عبر دفع الاستثمار، مضيفًا أن هذه الندوة الإقليمية الأولى هي فضاء للتعريف بفرص الاستثمار في ولايات تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس، ولتقريب الخدمات وتبسيط الإجراءات، والتعريف بالامتيازات الجبائية والمالية المقدّمة للتونسيين بالخارج.
وأفاد التليلي أنّ من الأهداف الاستراتيجية التي وضعها الديوان هي حماية حقوق الجالية التونسية ورعاية مصالحها في بلدان الإقامة، من خلال مراجعة العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الضمان الاجتماعي، التي تعتبر على رأس اهتماماتهم ومشاغلهم، مشيرًا إلى أنّ تركيبة الجالية تغيّرت، حيث أصبحت جلّها من الشباب ومن حاملي الجنسية المزدوجة.
تحويلات التونسيين بالخارج تجاوزت عائدات السياحة
وفي سياق حديثه، قال: «اليوم انخرطنا بسرعة في تنظيم هذه الندوة الإقليمية في دورتها الأولى التي تخص ولايات تونس، وستليها ندوات أخرى في عدد من الجهات»، مشددًا على أن الهدف هو تعزيز دور الجالية في الحركة الاقتصادية، خاصة وأن التحويلات المالية للتونسيين بالخارج تجاوزت مداخيل السياحة، وساهمت في استقرار التوازنات المالية للاقتصاد التونسي وفي استقرار سعر الصرف.
وفي السياق ذاته، أكد حلمي التليلي على تشجيع الجالية على توجيه جزء من التحويلات إلى استثمارات مباشرة، وفي هذا الإطار تم إبرام اتفاقية بين ديوان التونسيين بالخارج والبنك الوطني الفلاحي، إيمانًا بمساهمة التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر في القطاع الفلاحي، مضيفًا أن التحويلات المالية للتونسيين بالخارج تشهد نسقًا تصاعديًا، وتجاوزت 7 % من الناتج المحلي الخام، لذلك ندعو إلى تحويل جزء من هذه التحويلات إلى استثمارات في القطاعات الثلاثة: الخدمات، الفلاحة، والصناعة.
وأشار ممثل ديوان التونسيين بالخارج إلى أنّ الديوان يشرف على العديد من الملفات، منها الاجتماعية، ورعاية وحماية حقوق التونسيين بالخارج وعائلاتهم المقيمة في تونس، وكذلك حثّهم على مزيد المساهمة في الاستثمار، مشيرًا إلى تنظيم لقاءات إقليمية أخرى في جربة والمهدية للتعريف بالامتيازات الممنوحة للتونسيين بالخارج في ولاياتهم. ووفقًا لحلمي التليلي، فإن استثمارات التونسيين بالخارج تتركز أساسًا على قطاع الخدمات، تليها الفلاحة، ثم الصناعة.
العالم الافتراضي سيكون الأداة الرسمية للتواصل
مع الجالية مستقبلاً
وشدّد حلمي التليلي على أنّ العالم الافتراضي سيكون مستقبلًا الأداة الرسمية للتواصل مع الجالية للاستفادة من خبراتهم، مؤكدًا وجود نقائص في المنظومة الاتصالية للديوان من حيث توفير المعلومة بشكل مبسط، مشددًا على أن خيار الرقمنة هو السبيل لإيصال وتقديم الخدمات للجالية التونسية بالخارج.
كما أفاد بأن الديوان يعمل على تطوير استراتيجيته الاتصالية للتعريف بالحوافز والإجراءات التي تم إقرارها لفائدة الجالية التونسية.
البنك الوطني الفلاحي.. طرح حلول مالية مبتكرة ومناسبة تسهّل أنشطتهم الاستثمارية وتعاملاتهم المالية
ومن جانبه، أكد أحمد بن مولاهم، المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي، على الدور المحوري الذي تلعبه كافة المؤسسات العمومية والمالية والإدارات والهياكل الجهوية في إنجاح هذا اللقاء الهام، الذي يُعقد في إطار الندوة الإقليمية الأولى حول دور التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر، تحت شعار «تحديث الرؤى من أجل مستقبل واعد»، والذي يجسّد إرادة وطنية صادقة في دعم دور الجالية التونسية في الاستثمار المباشر، ويترجم التوجّه المشترك نحو تمكينهم من الاندماج في الديناميكية الاقتصادية والتنموية لتونس، ليس فقط كمصدر للتحويلات، بل كشريك حقيقي في التنمية المستدامة.
مؤكدا على تحقيق هذا التوجّه من خلال توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البنك الوطني الفلاحي وديوان التونسيين بالخارج، يوم 16 جويلية 2025، تهدف إلى تقديم عروض بنكية مخصصة ومرنة، تجمع بين البساطة والامتيازات المالية، ورقمنة المسارات البنكية، بتيسير النفاذ عن بعد والتصرف الفوري في الحسابات، ومراقبة المشاريع الاستثمارية للتونسيين بالخارج، خاصة في مجالات العقارات والفلاحة والمبادرات الخاصة.
وقال أحمد بن مولاهم إن التزام البنك الوطني الفلاحي تجاه التونسيين المقيمين بالخارج يأتي كترجمة فعلية لرؤية شمولية تعتمد على القرب، والاستماع، والمرافقة، وقد تم وضع هذا المحور الاستراتيجي ضمن الأولويات، إيمانًا من البنك بأن الجالية لا تمثل فقط امتدادًا وطنيًا، بل شريكًا أساسيًا في التنمية.
لذلك يعمل البنك على تطوير عروض مخصصة، وتأهيل قنوات اتصال سلسة، وإرساء آليات تمويل وتشجيع الاستثمار، تمكن كل تونسي بالخارج من الحفاظ على جذوره الاقتصادية والإنسانية المتينة في بلاده. ولتحقيق هذه الأهداف، يضع مجمع البنك الوطني الفلاحي إمكانياته وخبراته على ذمة الجالية، من خلال منظومة موحدة تجمع بين خبرة الاستثمار، ومرونة التأمين، وفرص التملك العقاري، لتقديم تجربة مالية متكاملة للتونسيين بالداخل والخارج.
واعتبر أنّ مشاركة البنك الوطني الفلاحي في هذا اللقاء تُعدّ تعبيرًا عن التزامه الراسخ بأن يكون في صف التوجه الوطني لتعزيز مساهمة الجالية التونسية في التنمية، لأن رؤيتهم وتجاربهم تمثل قيمة مضافة لبلادنا، والشراكة معهم تمثل استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل تونس، مضيفًا أن تونس ليست بحاجة فقط إلى تحويلات الجالية بالخارج، بل إلى أفكارهم وتجاربهم ورؤاهم المستقبلية، لأن الوطن لا يُبنى فقط بالحاضرين فيه، بل بالمرتبطين به وجدانيًا وإنسانيًا من الخارج.
وفي إطار توجهه الاستراتيجي لاحتضان التونسيين المقيمين بالخارج وطرح حلول مالية مبتكرة ومناسبة تسهّل أنشطتهم الاستثمارية وتعاملاتهم المالية في تونس، قال أحمد بن مولاهم إن البنك الوطني الفلاحي أطلق عرضه المبتكر «توانسة» للخدمات المصرفية، ويوفر هذا العرض مجموعة من المزايا والحلول المصرفية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات التونسيين المقيمين بالخارج، وتساعدهم على تحقيق مشاريعهم في المجالين الفلاحي والعقاري.
وشدد المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي على التزام البنك بأن يكون بنكًا موثوقًا، وشريكًا اقتصاديًا، وفاعلًا وطنيًا يؤمن بأن الجالية ركيزة وليست هامشًا، معتبرًا أنّ الجالية التونسية بالخارج تمتلك تجربة وخبرة في ميادينها، ولديها شبكات وعلاقات هامة يجب استغلالها.
وفي السياق ذاته، أفاد أحمد بن مولاهم أنه «يجب تغيير المعادلة الحالية المبنية على تحويلات الجالية بالخارج، وتشجيع سلاسل القيمة من الاستثمار في الفلاحة إلى التصدير والصناعات التحويلية»، مؤكدًا أنّ البنك الوطني الفلاحي يمتلك خبرة تفوق 65 سنة في هذا المجال، ولا يقتصر دوره على التمويل فقط، بل يلعب دورًا في الإحاطة والإرشاد والتنسيق مع الهياكل الموجودة، ليكون شريكًا حقيقيًا للتونسيين بالخارج.
وتمّ توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية بين البنك الوطني الفلاحي وديوان التونسيين بالخارج يوم 16 جويلية الجاري، تهدف إلى تعزيز الروابط بين تونس وجاليتها بالخارج، ضمن رؤية تشاركية تقوم على مبادئ التنمية المشتركة.
وتندرج هذه الشراكة في إطار جهود حثيثة لمرافقة التونسيين المقيمين بالخارج، وتسهيل اندماجهم في الدورة الاقتصادية الوطنية، من خلال تحفيزهم على الاستثمار في تونس، وتوفير آليات متطورة تُمكّنهم من الاطلاع على القوانين والفرص المتاحة، والتفاعل الإيجابي مع المنظومة الاقتصادية والمالية في البلاد.
وتنصّ مذكرة التفاهم على تطوير عروض بنكية مخصصة تتماشى مع الاحتياجات المتنوعة للتونسيين المقيمين بالخارج، من خلال جملة من الخدمات المصمّمة خصيصًا لفائدتهم، ومسارات رقمية مبسّطة، وحلول تمويل موجّهة للمشاريع الاستثمارية، لاسيما في القطاعات ذات الأولوية مثل الفلاحة والعقارات.
وتولي الاتفاقية أهمية قصوى لمحور التوعية وتيسير الوصول إلى المعلومة، عبر تنظيم ندوات رقمية متخصصة، وأيام مفتوحة، ولقاءات مباشرة بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية، ومن خلال شبكة الملحقين الاجتماعيين، بما يعزّز تواصل الجالية مع الهياكل الرسمية، ويمكّنها من الاستفادة من آليات الدعم والمؤسسات الموجودة.
وتجسد هذه المبادرة رؤية موحدة نحو توفير خدمة عمومية عصرية، ميسّرة، وأكثر تجاوبًا مع تطلعات التونسيين بالخارج، بما يعكس إيمان المؤسستين بدورهم المحوري في دعم مسار التنمية الوطنية، وتعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم.
إدماج التونسيين في الدورة الاقتصادية
من جانبه، قال والي تونس عماد بوخريص إن هذه الندوة الإقليمية الأولى انبثقت عن أشغال الملتقى الجهوي المنعقد بمقر ولاية تونس بتاريخ 23 ماي 2025، وجلسة العمل التحضيرية بحضور ممثلي كافة ولايات تونس الكبرى والهياكل المتداخلة بتاريخ 11 جويلية 2025. وتندرج هذه الندوة في إطار الحرص على إحكام التنسيق بين مختلف هياكل الدولة، بهدف إدماج التونسيين بالخارج في الدورة الاقتصادية، وتعزيز علاقتهم مع الوطن الأم، وتشجيعهم على الاستثمار والانخراط في مناخ الأعمال بما يسمح بالاستفادة من خبراتهم ودفع التنمية في كافة القطاعات.
وأضاف والي تونس: «إن هذه المناسبة تُعدّ فرصة لتبادل الأفكار مع الجالية التونسية بالخارج، والتعريف بمختلف الامتيازات التي يخولها لهم القانون التونسي، والاطلاع على مشاغلهم، والإجابة عن مختلف تساؤلاتهم.»
وأردف قائلًا: «تكريسًا لهذا التوجه، تولّى ديوان التونسيين بالخارج إبرام اتفاقية إطارية مع البنك الوطني الفلاحي، تهدف إلى العمل وفق مقاربة تشاركية للتعريف بمناخ الاستثمار، وتيسير سبل انخراط الجالية في بعث المشاريع وخلق مواطن شغل، بالإضافة إلى تنظيم ندوات في ولايات تونس تحت إشراف الولاة، وبمشاركة مختلف الهياكل العمومية المعنية، قصد تدارس محورين أساسيين: أولهما دور الرقمنة في دفع الاستثمار، وثانيهما تحفيز التونسيين بالخارج على المساهمة الفعلية في الدورة الاقتصادية ببلادهم.»
وأكد والي تونس أنّ هذه المبادرة تندرج ضمن استراتيجية وطنية شاملة تسعى لاستقطاب المستثمرين من أبناء الجالية التونسية بالخارج، الذين يمثلون ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتشير آخر الإحصائيات إلى أنّ عدد التونسيين المقيمين بالخارج يقدّر بأكثر من 1.7 مليون تونسي، موزّعين على أكثر من 90 دولة، وتقدّر تحويلاتهم المالية إلى تونس بحوالي 7.5 مليار دينار، أي أكثر من 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس الأهمية البالغة لهذه الجالية، التي تشكّل قوة دافعة للتنمية، وتلعب دورًا حيويًا في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلاد. لذلك، نؤكد عزمنا على مواصلة الإصغاء لمشاغل التونسيين بالخارج، والتفاعل الفوري مع طلباتهم، والسعي للاستجابة لتطلعاتهم، والعمل سويًا لتجاوز العقبات التي قد تعترضهم، وتبسيط الإجراءات وتحسين الحوكمة، بما يساهم في الارتقاء بمناخ الأعمال.
وفي ختام كلمته، قال والي تونس: «نأمل أن يكون هذا اللقاء فرصة لإقامة شراكات فاعلة ومبادرات مشاريع نموذجية في ولايات تونس الكبرى وبقية الولايات.»
دور الجالية في تألق تونس خارجيًا
وفي كلمته، أشار والي بن عروس، عبد الحميد بوقديدة، إلى دور الجالية التونسية في إشعاع تونس وتألقها خارجيًا، داعيًا كافة المصالح الإدارية والمؤسسات المالية إلى الإسراع برقمنة خدماتها، وخاصة تلك الموجهة للتونسيين بالخارج، وتعريفهم بفرص الاستثمار المتوفرة. كما دعا جميع الهياكل إلى تذليل الصعوبات والعراقيل التي تحول دون مساهمة التونسيين المقيمين بالخارج في التنمية، والنهوض بالاستثمار، والاستفادة من خبراتهم، وخاصة في نقل التكنولوجيا واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
ولاية منوبة.. موقع استراتيجي وإمكانات بشرية واعدة
كما أكد والي منوبة، محمود شعيب، أن هذه التظاهرة تُعدّ فرصة استراتيجية لتعزيز مساهمة التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر، باعتبارهم شركاء أساسيين يحملون في قلوبهم حب الوطن، وفي أيديهم مفاتيح النجاح والخبرة والانفتاح على العالم.
وأضاف والي منوبة قائلًا: «تتميّز ولاية منوبة بموقع استراتيجي يجمع بين الطابع الفلاحي والخدماتي، فضلًا عن توفر رصيد هام من الموارد البشرية ذات الخبرة والكفاءة العالية.»
ولاية أريانة.. مقاربة جديدة تتجاوز البيروقراطية
ومن جانبه، شدّد المعتمد الأول بولاية أريانة، فارس الماجري، على ضرورة تغيير نمط العلاقة بين الدولة والتونسيين بالخارج نحو مقاربة تقوم على الدعم العملي، وتجاوز العراقيل البيروقراطية، بما يضمن انخراطًا فعليًا في الدورة الاقتصادية الوطنية.
وكالة النهوض بالصناعة والتجديد.. التزام بمرافقة التونسيين بالخارج
كما أكد المدير العام المساعد لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد، كمال الورفلي، الدور المحوري للتونسيين بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، مشددًا على حرص الوكالة والتزامها بمرافقة التونسيين بالخارج، وتوفير الظروف الملائمة لتحويل أفكارهم ومبادراتهم إلى مشاريع استثمارية ناجحة.
جهاد الكلبوسي
المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج، حلمي التليلي: الديوان يسعى إلى تعزيز انخراط التونسيين بالخارج في المنظومة الاقتصادية عبر دفع الاستثمار
المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي: مشاركة البنك الوطني الفلاحي في هذا اللقاء تعبير عن التزامه الراسخ بأن يكون في صف التوجه الوطني لتعزيز مساهمة الجالية التونسية في التنمية
تحت شعار «تحديث الرؤى من أجل مستقبل واعد»، انتظمت أمس الندوة الإقليمية الأولى لولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، حول دور التونسيين بالخارج في دفع الاستثمار المباشر، التي تم تنظيمها بالشراكة بين ديوان التونسيين بالخارج والبنك الوطني الفلاحي، وبحضور ولاة تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة، إلى جانب ممثلين عن الوكالة الوطنية للنهوض بالصناعة والتجديد، ووكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية، والسجل الوطني للمؤسسات.
وتهدف هذه الندوة الإقليمية الأولى إلى تشجيع التونسيين المقيمين بالخارج على الاستثمار في بلادهم، من خلال التطرق إلى عدة مواضيع، من بينها أهمية تحويلات التونسيين بالخارج في دعم الاقتصاد التونسي، وتسهيل الإجراءات الإدارية للمستثمرين، بالإضافة إلى استعراض الفرص الاستثمارية المتاحة في تونس.
وأكد حلمي التليلي، المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج، أنّ الديوان يسعى إلى تعزيز انخراط التونسيين بالخارج في المنظومة الاقتصادية عبر دفع الاستثمار، مضيفًا أن هذه الندوة الإقليمية الأولى هي فضاء للتعريف بفرص الاستثمار في ولايات تونس ومنوبة وأريانة وبن عروس، ولتقريب الخدمات وتبسيط الإجراءات، والتعريف بالامتيازات الجبائية والمالية المقدّمة للتونسيين بالخارج.
وأفاد التليلي أنّ من الأهداف الاستراتيجية التي وضعها الديوان هي حماية حقوق الجالية التونسية ورعاية مصالحها في بلدان الإقامة، من خلال مراجعة العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الضمان الاجتماعي، التي تعتبر على رأس اهتماماتهم ومشاغلهم، مشيرًا إلى أنّ تركيبة الجالية تغيّرت، حيث أصبحت جلّها من الشباب ومن حاملي الجنسية المزدوجة.
تحويلات التونسيين بالخارج تجاوزت عائدات السياحة
وفي سياق حديثه، قال: «اليوم انخرطنا بسرعة في تنظيم هذه الندوة الإقليمية في دورتها الأولى التي تخص ولايات تونس، وستليها ندوات أخرى في عدد من الجهات»، مشددًا على أن الهدف هو تعزيز دور الجالية في الحركة الاقتصادية، خاصة وأن التحويلات المالية للتونسيين بالخارج تجاوزت مداخيل السياحة، وساهمت في استقرار التوازنات المالية للاقتصاد التونسي وفي استقرار سعر الصرف.
وفي السياق ذاته، أكد حلمي التليلي على تشجيع الجالية على توجيه جزء من التحويلات إلى استثمارات مباشرة، وفي هذا الإطار تم إبرام اتفاقية بين ديوان التونسيين بالخارج والبنك الوطني الفلاحي، إيمانًا بمساهمة التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر في القطاع الفلاحي، مضيفًا أن التحويلات المالية للتونسيين بالخارج تشهد نسقًا تصاعديًا، وتجاوزت 7 % من الناتج المحلي الخام، لذلك ندعو إلى تحويل جزء من هذه التحويلات إلى استثمارات في القطاعات الثلاثة: الخدمات، الفلاحة، والصناعة.
وأشار ممثل ديوان التونسيين بالخارج إلى أنّ الديوان يشرف على العديد من الملفات، منها الاجتماعية، ورعاية وحماية حقوق التونسيين بالخارج وعائلاتهم المقيمة في تونس، وكذلك حثّهم على مزيد المساهمة في الاستثمار، مشيرًا إلى تنظيم لقاءات إقليمية أخرى في جربة والمهدية للتعريف بالامتيازات الممنوحة للتونسيين بالخارج في ولاياتهم. ووفقًا لحلمي التليلي، فإن استثمارات التونسيين بالخارج تتركز أساسًا على قطاع الخدمات، تليها الفلاحة، ثم الصناعة.
العالم الافتراضي سيكون الأداة الرسمية للتواصل
مع الجالية مستقبلاً
وشدّد حلمي التليلي على أنّ العالم الافتراضي سيكون مستقبلًا الأداة الرسمية للتواصل مع الجالية للاستفادة من خبراتهم، مؤكدًا وجود نقائص في المنظومة الاتصالية للديوان من حيث توفير المعلومة بشكل مبسط، مشددًا على أن خيار الرقمنة هو السبيل لإيصال وتقديم الخدمات للجالية التونسية بالخارج.
كما أفاد بأن الديوان يعمل على تطوير استراتيجيته الاتصالية للتعريف بالحوافز والإجراءات التي تم إقرارها لفائدة الجالية التونسية.
البنك الوطني الفلاحي.. طرح حلول مالية مبتكرة ومناسبة تسهّل أنشطتهم الاستثمارية وتعاملاتهم المالية
ومن جانبه، أكد أحمد بن مولاهم، المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي، على الدور المحوري الذي تلعبه كافة المؤسسات العمومية والمالية والإدارات والهياكل الجهوية في إنجاح هذا اللقاء الهام، الذي يُعقد في إطار الندوة الإقليمية الأولى حول دور التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر، تحت شعار «تحديث الرؤى من أجل مستقبل واعد»، والذي يجسّد إرادة وطنية صادقة في دعم دور الجالية التونسية في الاستثمار المباشر، ويترجم التوجّه المشترك نحو تمكينهم من الاندماج في الديناميكية الاقتصادية والتنموية لتونس، ليس فقط كمصدر للتحويلات، بل كشريك حقيقي في التنمية المستدامة.
مؤكدا على تحقيق هذا التوجّه من خلال توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البنك الوطني الفلاحي وديوان التونسيين بالخارج، يوم 16 جويلية 2025، تهدف إلى تقديم عروض بنكية مخصصة ومرنة، تجمع بين البساطة والامتيازات المالية، ورقمنة المسارات البنكية، بتيسير النفاذ عن بعد والتصرف الفوري في الحسابات، ومراقبة المشاريع الاستثمارية للتونسيين بالخارج، خاصة في مجالات العقارات والفلاحة والمبادرات الخاصة.
وقال أحمد بن مولاهم إن التزام البنك الوطني الفلاحي تجاه التونسيين المقيمين بالخارج يأتي كترجمة فعلية لرؤية شمولية تعتمد على القرب، والاستماع، والمرافقة، وقد تم وضع هذا المحور الاستراتيجي ضمن الأولويات، إيمانًا من البنك بأن الجالية لا تمثل فقط امتدادًا وطنيًا، بل شريكًا أساسيًا في التنمية.
لذلك يعمل البنك على تطوير عروض مخصصة، وتأهيل قنوات اتصال سلسة، وإرساء آليات تمويل وتشجيع الاستثمار، تمكن كل تونسي بالخارج من الحفاظ على جذوره الاقتصادية والإنسانية المتينة في بلاده. ولتحقيق هذه الأهداف، يضع مجمع البنك الوطني الفلاحي إمكانياته وخبراته على ذمة الجالية، من خلال منظومة موحدة تجمع بين خبرة الاستثمار، ومرونة التأمين، وفرص التملك العقاري، لتقديم تجربة مالية متكاملة للتونسيين بالداخل والخارج.
واعتبر أنّ مشاركة البنك الوطني الفلاحي في هذا اللقاء تُعدّ تعبيرًا عن التزامه الراسخ بأن يكون في صف التوجه الوطني لتعزيز مساهمة الجالية التونسية في التنمية، لأن رؤيتهم وتجاربهم تمثل قيمة مضافة لبلادنا، والشراكة معهم تمثل استثمارًا استراتيجيًا لمستقبل تونس، مضيفًا أن تونس ليست بحاجة فقط إلى تحويلات الجالية بالخارج، بل إلى أفكارهم وتجاربهم ورؤاهم المستقبلية، لأن الوطن لا يُبنى فقط بالحاضرين فيه، بل بالمرتبطين به وجدانيًا وإنسانيًا من الخارج.
وفي إطار توجهه الاستراتيجي لاحتضان التونسيين المقيمين بالخارج وطرح حلول مالية مبتكرة ومناسبة تسهّل أنشطتهم الاستثمارية وتعاملاتهم المالية في تونس، قال أحمد بن مولاهم إن البنك الوطني الفلاحي أطلق عرضه المبتكر «توانسة» للخدمات المصرفية، ويوفر هذا العرض مجموعة من المزايا والحلول المصرفية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات التونسيين المقيمين بالخارج، وتساعدهم على تحقيق مشاريعهم في المجالين الفلاحي والعقاري.
وشدد المدير العام بالنيابة للبنك الوطني الفلاحي على التزام البنك بأن يكون بنكًا موثوقًا، وشريكًا اقتصاديًا، وفاعلًا وطنيًا يؤمن بأن الجالية ركيزة وليست هامشًا، معتبرًا أنّ الجالية التونسية بالخارج تمتلك تجربة وخبرة في ميادينها، ولديها شبكات وعلاقات هامة يجب استغلالها.
وفي السياق ذاته، أفاد أحمد بن مولاهم أنه «يجب تغيير المعادلة الحالية المبنية على تحويلات الجالية بالخارج، وتشجيع سلاسل القيمة من الاستثمار في الفلاحة إلى التصدير والصناعات التحويلية»، مؤكدًا أنّ البنك الوطني الفلاحي يمتلك خبرة تفوق 65 سنة في هذا المجال، ولا يقتصر دوره على التمويل فقط، بل يلعب دورًا في الإحاطة والإرشاد والتنسيق مع الهياكل الموجودة، ليكون شريكًا حقيقيًا للتونسيين بالخارج.
وتمّ توقيع مذكرة تفاهم استراتيجية بين البنك الوطني الفلاحي وديوان التونسيين بالخارج يوم 16 جويلية الجاري، تهدف إلى تعزيز الروابط بين تونس وجاليتها بالخارج، ضمن رؤية تشاركية تقوم على مبادئ التنمية المشتركة.
وتندرج هذه الشراكة في إطار جهود حثيثة لمرافقة التونسيين المقيمين بالخارج، وتسهيل اندماجهم في الدورة الاقتصادية الوطنية، من خلال تحفيزهم على الاستثمار في تونس، وتوفير آليات متطورة تُمكّنهم من الاطلاع على القوانين والفرص المتاحة، والتفاعل الإيجابي مع المنظومة الاقتصادية والمالية في البلاد.
وتنصّ مذكرة التفاهم على تطوير عروض بنكية مخصصة تتماشى مع الاحتياجات المتنوعة للتونسيين المقيمين بالخارج، من خلال جملة من الخدمات المصمّمة خصيصًا لفائدتهم، ومسارات رقمية مبسّطة، وحلول تمويل موجّهة للمشاريع الاستثمارية، لاسيما في القطاعات ذات الأولوية مثل الفلاحة والعقارات.
وتولي الاتفاقية أهمية قصوى لمحور التوعية وتيسير الوصول إلى المعلومة، عبر تنظيم ندوات رقمية متخصصة، وأيام مفتوحة، ولقاءات مباشرة بالتعاون مع البعثات الدبلوماسية والقنصلية، ومن خلال شبكة الملحقين الاجتماعيين، بما يعزّز تواصل الجالية مع الهياكل الرسمية، ويمكّنها من الاستفادة من آليات الدعم والمؤسسات الموجودة.
وتجسد هذه المبادرة رؤية موحدة نحو توفير خدمة عمومية عصرية، ميسّرة، وأكثر تجاوبًا مع تطلعات التونسيين بالخارج، بما يعكس إيمان المؤسستين بدورهم المحوري في دعم مسار التنمية الوطنية، وتعزيز ارتباطهم بوطنهم الأم.
إدماج التونسيين في الدورة الاقتصادية
من جانبه، قال والي تونس عماد بوخريص إن هذه الندوة الإقليمية الأولى انبثقت عن أشغال الملتقى الجهوي المنعقد بمقر ولاية تونس بتاريخ 23 ماي 2025، وجلسة العمل التحضيرية بحضور ممثلي كافة ولايات تونس الكبرى والهياكل المتداخلة بتاريخ 11 جويلية 2025. وتندرج هذه الندوة في إطار الحرص على إحكام التنسيق بين مختلف هياكل الدولة، بهدف إدماج التونسيين بالخارج في الدورة الاقتصادية، وتعزيز علاقتهم مع الوطن الأم، وتشجيعهم على الاستثمار والانخراط في مناخ الأعمال بما يسمح بالاستفادة من خبراتهم ودفع التنمية في كافة القطاعات.
وأضاف والي تونس: «إن هذه المناسبة تُعدّ فرصة لتبادل الأفكار مع الجالية التونسية بالخارج، والتعريف بمختلف الامتيازات التي يخولها لهم القانون التونسي، والاطلاع على مشاغلهم، والإجابة عن مختلف تساؤلاتهم.»
وأردف قائلًا: «تكريسًا لهذا التوجه، تولّى ديوان التونسيين بالخارج إبرام اتفاقية إطارية مع البنك الوطني الفلاحي، تهدف إلى العمل وفق مقاربة تشاركية للتعريف بمناخ الاستثمار، وتيسير سبل انخراط الجالية في بعث المشاريع وخلق مواطن شغل، بالإضافة إلى تنظيم ندوات في ولايات تونس تحت إشراف الولاة، وبمشاركة مختلف الهياكل العمومية المعنية، قصد تدارس محورين أساسيين: أولهما دور الرقمنة في دفع الاستثمار، وثانيهما تحفيز التونسيين بالخارج على المساهمة الفعلية في الدورة الاقتصادية ببلادهم.»
وأكد والي تونس أنّ هذه المبادرة تندرج ضمن استراتيجية وطنية شاملة تسعى لاستقطاب المستثمرين من أبناء الجالية التونسية بالخارج، الذين يمثلون ركيزة أساسية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وتشير آخر الإحصائيات إلى أنّ عدد التونسيين المقيمين بالخارج يقدّر بأكثر من 1.7 مليون تونسي، موزّعين على أكثر من 90 دولة، وتقدّر تحويلاتهم المالية إلى تونس بحوالي 7.5 مليار دينار، أي أكثر من 6 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعكس الأهمية البالغة لهذه الجالية، التي تشكّل قوة دافعة للتنمية، وتلعب دورًا حيويًا في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي في البلاد. لذلك، نؤكد عزمنا على مواصلة الإصغاء لمشاغل التونسيين بالخارج، والتفاعل الفوري مع طلباتهم، والسعي للاستجابة لتطلعاتهم، والعمل سويًا لتجاوز العقبات التي قد تعترضهم، وتبسيط الإجراءات وتحسين الحوكمة، بما يساهم في الارتقاء بمناخ الأعمال.
وفي ختام كلمته، قال والي تونس: «نأمل أن يكون هذا اللقاء فرصة لإقامة شراكات فاعلة ومبادرات مشاريع نموذجية في ولايات تونس الكبرى وبقية الولايات.»
دور الجالية في تألق تونس خارجيًا
وفي كلمته، أشار والي بن عروس، عبد الحميد بوقديدة، إلى دور الجالية التونسية في إشعاع تونس وتألقها خارجيًا، داعيًا كافة المصالح الإدارية والمؤسسات المالية إلى الإسراع برقمنة خدماتها، وخاصة تلك الموجهة للتونسيين بالخارج، وتعريفهم بفرص الاستثمار المتوفرة. كما دعا جميع الهياكل إلى تذليل الصعوبات والعراقيل التي تحول دون مساهمة التونسيين المقيمين بالخارج في التنمية، والنهوض بالاستثمار، والاستفادة من خبراتهم، وخاصة في نقل التكنولوجيا واستقطاب الاستثمارات الأجنبية.
ولاية منوبة.. موقع استراتيجي وإمكانات بشرية واعدة
كما أكد والي منوبة، محمود شعيب، أن هذه التظاهرة تُعدّ فرصة استراتيجية لتعزيز مساهمة التونسيين بالخارج في الاستثمار المباشر، باعتبارهم شركاء أساسيين يحملون في قلوبهم حب الوطن، وفي أيديهم مفاتيح النجاح والخبرة والانفتاح على العالم.
وأضاف والي منوبة قائلًا: «تتميّز ولاية منوبة بموقع استراتيجي يجمع بين الطابع الفلاحي والخدماتي، فضلًا عن توفر رصيد هام من الموارد البشرية ذات الخبرة والكفاءة العالية.»
ولاية أريانة.. مقاربة جديدة تتجاوز البيروقراطية
ومن جانبه، شدّد المعتمد الأول بولاية أريانة، فارس الماجري، على ضرورة تغيير نمط العلاقة بين الدولة والتونسيين بالخارج نحو مقاربة تقوم على الدعم العملي، وتجاوز العراقيل البيروقراطية، بما يضمن انخراطًا فعليًا في الدورة الاقتصادية الوطنية.
وكالة النهوض بالصناعة والتجديد.. التزام بمرافقة التونسيين بالخارج
كما أكد المدير العام المساعد لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد، كمال الورفلي، الدور المحوري للتونسيين بالخارج في دعم الاقتصاد الوطني، مشددًا على حرص الوكالة والتزامها بمرافقة التونسيين بالخارج، وتوفير الظروف الملائمة لتحويل أفكارهم ومبادراتهم إلى مشاريع استثمارية ناجحة.