تقف خلفها عصابات نهب التاريخ.. قطع أثرية تهرب إلى دول أجنبية.. وبعضها في متاحف أوروبية
مقالات الصباح
النبش عن الآثار وحلم الوصول إلى الكنز المدفون في باطن الأرض يلهث خلفه الكثيرون ويجتذب الحالمين بالثراء السريع حتى وإن كان خارج القانون..فالبحث عن «اللويز» والتماثيل والمخطوطات والقطع النادرة أصبحت ظاهرة تتصدى لها الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، التي تضبط بصفة متواترة العديد من العصابات المنظمة التي تنقب عن الآثار وتتاجر فيها، أو الأفراد الذين يقومون بالتنقيب خلسة، تحت منازلهم أو في محيطها حتى ان بعضهم فقدوا حياتهم وهم يحاولون الوصول الى الكنز المزعوم.
21 قطعة نقدية أثرية من معدن الذهب (عيار 24 حسب تقرير أمين الصاغة) عثر عليها أمس الأول من قبل الديوانة بمطار جربة جرجيس وذلك في إطار حماية الموروث الثقافي والتاريخي للبلاد التونسية، القطع كانت مخفية داخل أغراض مسافر يحمل الجنسية التونسية، وبالقيام بالاختبارات اللازمة من قبل مصالح معهد التراث ثبت وأنها تعود إلى الحقبة البيزنطية.
فتم تحرير محضر حجز في الغرض وأذنت النيابة العمومية اثر استشارتها بإحالة الملف إلى المصالح الأمنية المختصة لمواصلة التحريات.
وخلال السنوات التي تلت الثورة، تمّ الكشف عن سرقة وتهريب قطع أثرية نادرة لعل أبرزها سرقة تمثال «غانيماد» سنة 2013 من متحف الفن المسيحي المبكر بقرطاج والذي تمّت استعادته لاحقا.
وكان المعهد الوطني للتراث أعلن أن مجهولين أقدموا على سرقة تمثال تاريخي ونادر يعود إلى القرن الخامس من متحف الفن المسيحي المبكر بقرطاج من الضاحية الشمالية،
ويحمل التمثال المسروق اسم «غانيماد»، وهو من المرمر الأبيض، ويبلغ طوله 49 سنتمترا ويعود تاريخه إلى القرن الخامس بعد الميلاد ويمثل الميثولوجيا الإغريقية.
إلى جانب ذلك تم إحباط محاولة سرقة تمثال القائد القرطاجي حنبعل وتهريبه على متن سفينة «قرطاج» إلى إحدى الدول الأوروبية من طرف مافيا الآثار في وقت سابق، ومحاولة سرقة تماثيل آلهة الحب والثقافة التي يعود تاريخها إلى العهد الروماني وعمرها 1800 سنة.
عصابات دولية على الخط..
إن عمليات تهريب الآثار ليست بالحديثة بل هي قديمة جدا ولم تتوقف حتى يومنا هذا، ففي سنة 1842 تم نهب معبد «دُقّة” القديم وسرقة نقوشه البونية، ومازالت القطع البونية محفوظة حتى الآن في المتحف البريطاني بلندن.
ولعل من ابرز عمليات تهريب الآثار تهريب مخطوط تونسي نادر كان عثر عليه بحوزة شيخ ستيني في الجزائر كان يريد بيعه متجاوزا في ذلك كل القوانين التي تمنع المتاجرة بالآثار.
والمثير في هذه العملية أن المخطوط الذي ضبط بحوزة الجزائري يعود إلى أكثر من 7 قرون مضت ويحتوي على300 صفحة مكتوبة بخط اليد المغربي القديم، وهو باللون الأصفر مزخرف بأشكال هندسية ويتضمن قانون العقوبات الجنائي الخاص بدولة تونس.
وفي وقت سابق تمكنت الوحدات الأمنية من الإطاحة بشبكة تتكوّن من تسعة أشخاص تنشط بين ولايات تونس العاصمة وأريانة والمهديّة ونابل وسوسة أعمار عناصرها تتراوح بين 23 و24 سنة وأحد أفرادها ينتمي إلى دولة مغاربيّة منخرطة في الاتّجار بالآثار وحجزت لديهم مبلغا ماليا من العملة التّونسيّة قدره 1000 دينار وورقة نقديّة من العملة الأجنبيّة من فئة 100 دولار وشاحنة خفيفة وسيّارة (يتمّ استعمالهما في تنقّلاتهم)، بالاضافة الى مخدرات.
أحلام انتهت بكوابيس..
وانتهت بعض عمليات التنقيب نهايات مأساوية حيث فارق مؤخرا شخصان الحياة بمدينة اوتيك من ولاية بنزرت، داخل حفرة عميقة بينما كانا بصدد التنقيب عن الآثار.
وكان الهالكان قد قاما بحفر حفرة عميقة اثناء التنقيب عن الآثار فوقع انزلاق أرضي ليسقطا داخلها مما تسبب لهما في كسور ورضوض بكامل جسميهما ليفارقا على اثرها الحياة.
الاستيلاء على نسخة من التوراة..
لم يسلم التوراة من النهب وكان هدفا لشبكات تهريب الآثار حيث أحبطت في وقت سابق الوحدات الأمنية محاولة لتهريب نسخة نادرة من التوراة مكتوبة بخط اليد على جلد ثور تعود للقرن الخامس عشر الميلادي.
وقد أكد خبراء المعهد الوطني للتراث أن المخطوطة قطعة فنية تاريخية نادرة ذات قيمة عالية لا تقدر بثمن وتعود إلى القرن الخامس عشر ميلادي، كما أن المخطوطة كتبت بحبر خاص على جلد ثور طوله 37 مترا وعرضه 47 سنتيمترا وتحتوي على كامل أجزاء التوراة بأسفارها الخمس في نسختها القديمة الأولى وهي سفر التكوين وسفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية.
وبعد عرض المخطوطة على مختصين في اللغة العبرية تبين أنها كتبت قبل ترتيب وتنظيم هذه الأسفار بالشكل الذي أضحت عليه في نسختها المتداولة حاليا وأما الخط الذي كتبت به هذه المخطوطة فهو خط لا يستعمل إلا في كتابة الآثار ذات المضامين المقدسة من نصوص التوراة وتفاسيرها الدينية».
ومنذ2011 وحتى نهاية 2017، بلغ مجموع القطع الأثرية المحتجزة التي عاينها المعهد الوطني للتراث نحو 33 ألفا و102، من بينها 6 آلاف قطعة مقلدة.
آثار تونسية في المتاحف الاوروبية..
تتواجد العديد من المخطوطات التونسية في متاحف أوروبية، ويعود ذلك إلى عدة عوامل تاريخية منها عمليات النهب والتهريب التي تعرضت لها البلاد عبر القرون بالإضافة إلى عمليات التبادل الثقافي والبحث العلمي.
ويجمع الباحثون على أن سياسة رينيه كانيات -وهو أحد أبرز العلماء الفرنسيين المكلفين بالآثار في تونس في فترة الاستعمال الفرنسي ارتكزت على إرسال أجمل القطع الأثرية المكتشفة في تونس إلى باريس، وذلك تحت مبررات علمية، فقد دأب كانيات على إرسال القطع القيّمة ذات البعد الحضاري العالمي إلى المتاحف الفرنسية والإبقاء على القطع ذات القيمة المحلية (حسب تقييمه) في تونس.
تم وضع مرسوم 1886 سلطة الإشراف على الآثار رسميا بيد فرنسا، وأشرف على مصلحة الآثار في تونس لا بلانشيير الذي تقرب من عدد من الأوروبيين الذين يملكون متاحف خاصة عُمّرت بقطع أثرية جمعوها من خلال القيام بحفريات.
وكان ضمن هؤلاء الجامعين الهواة لويس تيكسيرو، وهو المفتش العام للجمارك في تونس، حيث تكونت مجموعته من قطع أثرية تم اكتشافها في حفريات عشوائية قام بها مبعوثون من وزارة التعليم الفرنسية، وكان من ضمن تلك القطع فسيفساء مسروقة من مجموعة كانيات وقطع أخرى اكتشفت في قرية لمطة التونسية.
ترسانة من القوانين..
حرص المشرع التونسي على وضع ترسانة من القوانين لحماية الآثار وخصه بمجلة حماية التراث الأثري وعمل على حمايتها ومنع تهريبها ويتضمن عقوبات صارمة على كل من يقوم بالتنقيب غير القانوني أو التهريب وتتراوح العقوبات بين السجن والغرامة، وقد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف دينار وبحسب مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي فقد حرص القانون التونسي على حماية الآثار سواء في البر او حتى في أعماق البحار.
ونص الفصل 57 من مجلة حماية التراث على أنه يمنع تصدير المنقولات المحمية خارج حدود الوطن ويخضع التصدير الوقتي لترخيص من الوزير المكلف بالتراث.
ويحجز كل منقول محمي وقعت محاولة إخراجه من تراب الجمهورية بدون ترخيص من الوزير المكلف بالتراث ويصادر لفائدة الدولة دون التخلي عن التتبعات العدلية.
ويخضع للتجارة بالقطع الأثرية والتاريخية المحمية أو غيرها إلى ترخيص من الوزير المكلف بالتراث ويقع تجديده مرة كل عامين.
ولا يخول الترخيص لصاحبه تعاطي التجارة إلا في المكان المحدد في الترخيص.
أما بالنسبة للشركات المتخصصة في هذه التجارة فيتعين على الوكيل تقديم القانون الأساسي للشركة وأسماء الشركاء وعناوينهم عند طلب الترخيص وفق ما نص عليه الفصل 58.
ويجب على كل تاجر للقطع الثرية والتاريخية إعداد سجل مرقم يحتوي على جميع عمليات شراء وبيع القطع الأثرية والتاريخية مع ذكر هوية البائع أو المشتري وعنوانه وكذلك المعطيات الوصفية الدقيقة للقطع الأثرية والتاريخية المعنية.
كما يجب على تاجر القطع الأثرية والتاريخية تقديم السجل المذكور كلما طلبته منه المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث كما يتعين عليه السماح لهذه المصالح بمعاينة ومراقبة القطع الموجودة في حوزته وفق مقتضيات الفصل 69 من نفس المجلة.
الحفريات والاكتشافات البرية..
لا حق لمالك أرض في القيام بحفريات فيها, ولا حق له في المطالبة بملكية ما يمكن اكتشافه على أديمها أو في باطنها من مكتشفات أثرية, كما ليس له الحق في التمتع بهذه المكتشفات وفق ما نص عليه الفصل 60 من المجلة المذكورة.
وبقطع النظر عن أحكام الفصل 25 من مجلة الحقوق العينية يتمتع المكتشف العفوي وكذلك مالك الأرض التي تم فيها الاكتشاف في صورة ما إذا صرح بالأشياء المكتشفة لدى المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث بمكافأة يتم تحديدها من قبل لجنة مختصة يتم ضبط تركيبتها وسير أعمالها بأمر.
ووفق مجلة حماية التراث فلا يحق لأحد القيام بالتنقيب بأرض على ملكه أو على ملك غيره بهدف التفتيش عن الأثار المنقولة أو الثابتة بدون الحصول على الترخيص المسبق من طرف المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث.
كما لا يجوز الترخيص في ممارسة أعمال الحفر والتنقيب إلا للباحثين الأثريين المختصين الذين أثبتوا كفاءتهم وخبرتهم في هذا الميدان.
وفي صورة حصول اكتشاف بصفة عفوية لآثار ثابتة أو منقولة تخص فترات ما قبل التاريخ أو التاريخ أو الفنون أو التقاليد يتعين على المكتشف أن يعلم به فورا المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث أو أقرب سلطة بالجهة لتتولى بدورها إعلام تلك المصالح وذلك في أجل لا يتعدى خمسة أيام.
وتتخذ هذه الأخيرة كل الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على تلك الآثار كما تتولى بنفسها مراقبة الأشغال الجارية إن أقتضى الحال.
ويمكن للوزير المكلف بالتراث أو المصالح التابعة له الإذن بإيقاف الأشغال الجارية بصفة تحفظية على أن لا تتجاوز مدة الإيقاف ستة أشهر تمنع فيها كل أنواع الأشغال منعا باتا باستثناء التي يأذن بها الوزير إذنا صريحا.
الآثار المدفونة في البحر..
تعد الممتلكات الأثرية المكتشفة بالمياه الداخلية أو المياه الإقليمية منقولة كانت أو غير منقولة ملكا للدولة.
وعلاوة على ما نص القانون عليه القانون عدد 21 لسنة 1989 المؤرخ في 22 فيفري 1989 المتعلق بالحطام البحري يتعين على كل من يكتشف ممتلكا أثريا بالبحر ان يتركه في مكانه وأن لا يلحق به أي ضرر أو تغيير وأن يصرح بوجوده فورا للمصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث أو لأقرب سلطة بالجهة لتتولى بنفسها إعلام تلك المصالح وذلك في ظرف لا يتجاوز الخمسة أيام من تاريخ اكتشافه.
كما يتعين على كل من رفع من البحر عن طريق الصدفة ممتلكا أثريا أن يعلم به وأن يسلمه في نفس الآجال إلى السلط الموجودة في أقرب ميناء لتتولى بدورها تسليمه إلى المصالح المختصة المكلفة بالتراث. ويقع تحرير محضر في ذلك يسلم منه نظير إلى صاحب الاكتشاف.
لصاحب الاكتشاف الحق في مكافأة تضبط حسب التراتيب المنصوص عليها بالفقرة الثانية من الفصل 60 من هذه المجلة.
كما يمنع التفتيش عن الممتلكات الأثرية والتاريخية البحرية ولا يسمح به إلا بترخيص يسلم من قبل الوزير المكلف بالتراث.
وإذا تعرض الممتلك الأثري البحري لأخطار يجوز للمصالح المختصة أن تتخذ في شأنه كل التدابير الوقائية والإستعجالية التي تراها صالحة.
مفيدة القيزاني
النبش عن الآثار وحلم الوصول إلى الكنز المدفون في باطن الأرض يلهث خلفه الكثيرون ويجتذب الحالمين بالثراء السريع حتى وإن كان خارج القانون..فالبحث عن «اللويز» والتماثيل والمخطوطات والقطع النادرة أصبحت ظاهرة تتصدى لها الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، التي تضبط بصفة متواترة العديد من العصابات المنظمة التي تنقب عن الآثار وتتاجر فيها، أو الأفراد الذين يقومون بالتنقيب خلسة، تحت منازلهم أو في محيطها حتى ان بعضهم فقدوا حياتهم وهم يحاولون الوصول الى الكنز المزعوم.
21 قطعة نقدية أثرية من معدن الذهب (عيار 24 حسب تقرير أمين الصاغة) عثر عليها أمس الأول من قبل الديوانة بمطار جربة جرجيس وذلك في إطار حماية الموروث الثقافي والتاريخي للبلاد التونسية، القطع كانت مخفية داخل أغراض مسافر يحمل الجنسية التونسية، وبالقيام بالاختبارات اللازمة من قبل مصالح معهد التراث ثبت وأنها تعود إلى الحقبة البيزنطية.
فتم تحرير محضر حجز في الغرض وأذنت النيابة العمومية اثر استشارتها بإحالة الملف إلى المصالح الأمنية المختصة لمواصلة التحريات.
وخلال السنوات التي تلت الثورة، تمّ الكشف عن سرقة وتهريب قطع أثرية نادرة لعل أبرزها سرقة تمثال «غانيماد» سنة 2013 من متحف الفن المسيحي المبكر بقرطاج والذي تمّت استعادته لاحقا.
وكان المعهد الوطني للتراث أعلن أن مجهولين أقدموا على سرقة تمثال تاريخي ونادر يعود إلى القرن الخامس من متحف الفن المسيحي المبكر بقرطاج من الضاحية الشمالية،
ويحمل التمثال المسروق اسم «غانيماد»، وهو من المرمر الأبيض، ويبلغ طوله 49 سنتمترا ويعود تاريخه إلى القرن الخامس بعد الميلاد ويمثل الميثولوجيا الإغريقية.
إلى جانب ذلك تم إحباط محاولة سرقة تمثال القائد القرطاجي حنبعل وتهريبه على متن سفينة «قرطاج» إلى إحدى الدول الأوروبية من طرف مافيا الآثار في وقت سابق، ومحاولة سرقة تماثيل آلهة الحب والثقافة التي يعود تاريخها إلى العهد الروماني وعمرها 1800 سنة.
عصابات دولية على الخط..
إن عمليات تهريب الآثار ليست بالحديثة بل هي قديمة جدا ولم تتوقف حتى يومنا هذا، ففي سنة 1842 تم نهب معبد «دُقّة” القديم وسرقة نقوشه البونية، ومازالت القطع البونية محفوظة حتى الآن في المتحف البريطاني بلندن.
ولعل من ابرز عمليات تهريب الآثار تهريب مخطوط تونسي نادر كان عثر عليه بحوزة شيخ ستيني في الجزائر كان يريد بيعه متجاوزا في ذلك كل القوانين التي تمنع المتاجرة بالآثار.
والمثير في هذه العملية أن المخطوط الذي ضبط بحوزة الجزائري يعود إلى أكثر من 7 قرون مضت ويحتوي على300 صفحة مكتوبة بخط اليد المغربي القديم، وهو باللون الأصفر مزخرف بأشكال هندسية ويتضمن قانون العقوبات الجنائي الخاص بدولة تونس.
وفي وقت سابق تمكنت الوحدات الأمنية من الإطاحة بشبكة تتكوّن من تسعة أشخاص تنشط بين ولايات تونس العاصمة وأريانة والمهديّة ونابل وسوسة أعمار عناصرها تتراوح بين 23 و24 سنة وأحد أفرادها ينتمي إلى دولة مغاربيّة منخرطة في الاتّجار بالآثار وحجزت لديهم مبلغا ماليا من العملة التّونسيّة قدره 1000 دينار وورقة نقديّة من العملة الأجنبيّة من فئة 100 دولار وشاحنة خفيفة وسيّارة (يتمّ استعمالهما في تنقّلاتهم)، بالاضافة الى مخدرات.
أحلام انتهت بكوابيس..
وانتهت بعض عمليات التنقيب نهايات مأساوية حيث فارق مؤخرا شخصان الحياة بمدينة اوتيك من ولاية بنزرت، داخل حفرة عميقة بينما كانا بصدد التنقيب عن الآثار.
وكان الهالكان قد قاما بحفر حفرة عميقة اثناء التنقيب عن الآثار فوقع انزلاق أرضي ليسقطا داخلها مما تسبب لهما في كسور ورضوض بكامل جسميهما ليفارقا على اثرها الحياة.
الاستيلاء على نسخة من التوراة..
لم يسلم التوراة من النهب وكان هدفا لشبكات تهريب الآثار حيث أحبطت في وقت سابق الوحدات الأمنية محاولة لتهريب نسخة نادرة من التوراة مكتوبة بخط اليد على جلد ثور تعود للقرن الخامس عشر الميلادي.
وقد أكد خبراء المعهد الوطني للتراث أن المخطوطة قطعة فنية تاريخية نادرة ذات قيمة عالية لا تقدر بثمن وتعود إلى القرن الخامس عشر ميلادي، كما أن المخطوطة كتبت بحبر خاص على جلد ثور طوله 37 مترا وعرضه 47 سنتيمترا وتحتوي على كامل أجزاء التوراة بأسفارها الخمس في نسختها القديمة الأولى وهي سفر التكوين وسفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية.
وبعد عرض المخطوطة على مختصين في اللغة العبرية تبين أنها كتبت قبل ترتيب وتنظيم هذه الأسفار بالشكل الذي أضحت عليه في نسختها المتداولة حاليا وأما الخط الذي كتبت به هذه المخطوطة فهو خط لا يستعمل إلا في كتابة الآثار ذات المضامين المقدسة من نصوص التوراة وتفاسيرها الدينية».
ومنذ2011 وحتى نهاية 2017، بلغ مجموع القطع الأثرية المحتجزة التي عاينها المعهد الوطني للتراث نحو 33 ألفا و102، من بينها 6 آلاف قطعة مقلدة.
آثار تونسية في المتاحف الاوروبية..
تتواجد العديد من المخطوطات التونسية في متاحف أوروبية، ويعود ذلك إلى عدة عوامل تاريخية منها عمليات النهب والتهريب التي تعرضت لها البلاد عبر القرون بالإضافة إلى عمليات التبادل الثقافي والبحث العلمي.
ويجمع الباحثون على أن سياسة رينيه كانيات -وهو أحد أبرز العلماء الفرنسيين المكلفين بالآثار في تونس في فترة الاستعمال الفرنسي ارتكزت على إرسال أجمل القطع الأثرية المكتشفة في تونس إلى باريس، وذلك تحت مبررات علمية، فقد دأب كانيات على إرسال القطع القيّمة ذات البعد الحضاري العالمي إلى المتاحف الفرنسية والإبقاء على القطع ذات القيمة المحلية (حسب تقييمه) في تونس.
تم وضع مرسوم 1886 سلطة الإشراف على الآثار رسميا بيد فرنسا، وأشرف على مصلحة الآثار في تونس لا بلانشيير الذي تقرب من عدد من الأوروبيين الذين يملكون متاحف خاصة عُمّرت بقطع أثرية جمعوها من خلال القيام بحفريات.
وكان ضمن هؤلاء الجامعين الهواة لويس تيكسيرو، وهو المفتش العام للجمارك في تونس، حيث تكونت مجموعته من قطع أثرية تم اكتشافها في حفريات عشوائية قام بها مبعوثون من وزارة التعليم الفرنسية، وكان من ضمن تلك القطع فسيفساء مسروقة من مجموعة كانيات وقطع أخرى اكتشفت في قرية لمطة التونسية.
ترسانة من القوانين..
حرص المشرع التونسي على وضع ترسانة من القوانين لحماية الآثار وخصه بمجلة حماية التراث الأثري وعمل على حمايتها ومنع تهريبها ويتضمن عقوبات صارمة على كل من يقوم بالتنقيب غير القانوني أو التهريب وتتراوح العقوبات بين السجن والغرامة، وقد تصل إلى السجن لمدة خمس سنوات وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف دينار وبحسب مجلة حماية التراث الأثري والتاريخي فقد حرص القانون التونسي على حماية الآثار سواء في البر او حتى في أعماق البحار.
ونص الفصل 57 من مجلة حماية التراث على أنه يمنع تصدير المنقولات المحمية خارج حدود الوطن ويخضع التصدير الوقتي لترخيص من الوزير المكلف بالتراث.
ويحجز كل منقول محمي وقعت محاولة إخراجه من تراب الجمهورية بدون ترخيص من الوزير المكلف بالتراث ويصادر لفائدة الدولة دون التخلي عن التتبعات العدلية.
ويخضع للتجارة بالقطع الأثرية والتاريخية المحمية أو غيرها إلى ترخيص من الوزير المكلف بالتراث ويقع تجديده مرة كل عامين.
ولا يخول الترخيص لصاحبه تعاطي التجارة إلا في المكان المحدد في الترخيص.
أما بالنسبة للشركات المتخصصة في هذه التجارة فيتعين على الوكيل تقديم القانون الأساسي للشركة وأسماء الشركاء وعناوينهم عند طلب الترخيص وفق ما نص عليه الفصل 58.
ويجب على كل تاجر للقطع الثرية والتاريخية إعداد سجل مرقم يحتوي على جميع عمليات شراء وبيع القطع الأثرية والتاريخية مع ذكر هوية البائع أو المشتري وعنوانه وكذلك المعطيات الوصفية الدقيقة للقطع الأثرية والتاريخية المعنية.
كما يجب على تاجر القطع الأثرية والتاريخية تقديم السجل المذكور كلما طلبته منه المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث كما يتعين عليه السماح لهذه المصالح بمعاينة ومراقبة القطع الموجودة في حوزته وفق مقتضيات الفصل 69 من نفس المجلة.
الحفريات والاكتشافات البرية..
لا حق لمالك أرض في القيام بحفريات فيها, ولا حق له في المطالبة بملكية ما يمكن اكتشافه على أديمها أو في باطنها من مكتشفات أثرية, كما ليس له الحق في التمتع بهذه المكتشفات وفق ما نص عليه الفصل 60 من المجلة المذكورة.
وبقطع النظر عن أحكام الفصل 25 من مجلة الحقوق العينية يتمتع المكتشف العفوي وكذلك مالك الأرض التي تم فيها الاكتشاف في صورة ما إذا صرح بالأشياء المكتشفة لدى المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث بمكافأة يتم تحديدها من قبل لجنة مختصة يتم ضبط تركيبتها وسير أعمالها بأمر.
ووفق مجلة حماية التراث فلا يحق لأحد القيام بالتنقيب بأرض على ملكه أو على ملك غيره بهدف التفتيش عن الأثار المنقولة أو الثابتة بدون الحصول على الترخيص المسبق من طرف المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث.
كما لا يجوز الترخيص في ممارسة أعمال الحفر والتنقيب إلا للباحثين الأثريين المختصين الذين أثبتوا كفاءتهم وخبرتهم في هذا الميدان.
وفي صورة حصول اكتشاف بصفة عفوية لآثار ثابتة أو منقولة تخص فترات ما قبل التاريخ أو التاريخ أو الفنون أو التقاليد يتعين على المكتشف أن يعلم به فورا المصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث أو أقرب سلطة بالجهة لتتولى بدورها إعلام تلك المصالح وذلك في أجل لا يتعدى خمسة أيام.
وتتخذ هذه الأخيرة كل الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على تلك الآثار كما تتولى بنفسها مراقبة الأشغال الجارية إن أقتضى الحال.
ويمكن للوزير المكلف بالتراث أو المصالح التابعة له الإذن بإيقاف الأشغال الجارية بصفة تحفظية على أن لا تتجاوز مدة الإيقاف ستة أشهر تمنع فيها كل أنواع الأشغال منعا باتا باستثناء التي يأذن بها الوزير إذنا صريحا.
الآثار المدفونة في البحر..
تعد الممتلكات الأثرية المكتشفة بالمياه الداخلية أو المياه الإقليمية منقولة كانت أو غير منقولة ملكا للدولة.
وعلاوة على ما نص القانون عليه القانون عدد 21 لسنة 1989 المؤرخ في 22 فيفري 1989 المتعلق بالحطام البحري يتعين على كل من يكتشف ممتلكا أثريا بالبحر ان يتركه في مكانه وأن لا يلحق به أي ضرر أو تغيير وأن يصرح بوجوده فورا للمصالح المختصة بالوزارة المكلفة بالتراث أو لأقرب سلطة بالجهة لتتولى بنفسها إعلام تلك المصالح وذلك في ظرف لا يتجاوز الخمسة أيام من تاريخ اكتشافه.
كما يتعين على كل من رفع من البحر عن طريق الصدفة ممتلكا أثريا أن يعلم به وأن يسلمه في نفس الآجال إلى السلط الموجودة في أقرب ميناء لتتولى بدورها تسليمه إلى المصالح المختصة المكلفة بالتراث. ويقع تحرير محضر في ذلك يسلم منه نظير إلى صاحب الاكتشاف.
لصاحب الاكتشاف الحق في مكافأة تضبط حسب التراتيب المنصوص عليها بالفقرة الثانية من الفصل 60 من هذه المجلة.
كما يمنع التفتيش عن الممتلكات الأثرية والتاريخية البحرية ولا يسمح به إلا بترخيص يسلم من قبل الوزير المكلف بالتراث.
وإذا تعرض الممتلك الأثري البحري لأخطار يجوز للمصالح المختصة أن تتخذ في شأنه كل التدابير الوقائية والإستعجالية التي تراها صالحة.
مفيدة القيزاني