إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تقف‭ ‬خلفها‭ ‬عصابات‭ ‬نهب‭ ‬التاريخ.. قطع‭ ‬أثرية‭ ‬تهرب‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭.. ‬وبعضها‭ ‬في‭ ‬متاحف‭ ‬أوروبية


النبش‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وحلم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الكنز‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬باطن‭ ‬الأرض‭ ‬يلهث‭ ‬خلفه‭ ‬الكثيرون‭ ‬ويجتذب‭ ‬الحالمين‭ ‬بالثراء‭ ‬السريع‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭..‬فالبحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬اللويز‮»‬‭ ‬والتماثيل‭ ‬والمخطوطات‭ ‬والقطع‭ ‬النادرة‭ ‬أصبحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬تتصدى‭ ‬لها‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬التي‭ ‬تضبط‭ ‬بصفة‭ ‬متواترة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تنقب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وتتاجر‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بالتنقيب‭ ‬خلسة،‭ ‬تحت‭ ‬منازلهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬بعضهم‭ ‬فقدوا‭ ‬حياتهم‭ ‬وهم‭ ‬يحاولون‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الكنز‭ ‬المزعوم‭.‬

‭ ‬21‭ ‬قطعة‭ ‬نقدية‭ ‬أثرية‭ ‬من‭ ‬معدن‭ ‬الذهب‭ (‬عيار‭ ‬24‭ ‬حسب‭ ‬تقرير‭ ‬أمين‭ ‬الصاغة‭) ‬عثر‭ ‬عليها‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الديوانة‭ ‬بمطار‭ ‬جربة‭ ‬جرجيس‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حماية‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬والتاريخي‭ ‬للبلاد‭ ‬التونسية،‭ ‬القطع‭ ‬كانت‭ ‬مخفية‭ ‬داخل‭ ‬أغراض‭ ‬مسافر‭ ‬يحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬التونسية،‭ ‬وبالقيام‭ ‬بالاختبارات‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬معهد‭ ‬التراث‭ ‬ثبت‭ ‬وأنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الحقبة‭ ‬البيزنطية‭. ‬
فتم‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬حجز‭ ‬في‭ ‬الغرض‭ ‬وأذنت‭ ‬النيابة‭ ‬العمومية‭ ‬اثر‭ ‬استشارتها‭ ‬بإحالة‭ ‬الملف‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬المختصة‭ ‬لمواصلة‭ ‬التحريات‭.‬
وخلال‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬الثورة،‭ ‬تمّ‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬وتهريب‭ ‬قطع‭ ‬أثرية‭ ‬نادرة‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬‮«‬غانيماد‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬من‭ ‬متحف‭ ‬الفن‭ ‬المسيحي‭ ‬المبكر‭ ‬بقرطاج‭ ‬والذي‭ ‬تمّت‭ ‬استعادته‭ ‬لاحقا‭. ‬
وكان‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬مجهولين‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬تاريخي‭ ‬ونادر‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬متحف‭ ‬الفن‭ ‬المسيحي‭ ‬المبكر‭ ‬بقرطاج‭ ‬من‭ ‬الضاحية‭ ‬الشمالية،‭ ‬
ويحمل‭ ‬التمثال‭ ‬المسروق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬غانيماد‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المرمر‭ ‬الأبيض،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طوله‭ ‬49‭ ‬سنتمترا‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬بعد‭ ‬الميلاد‭ ‬ويمثل‭ ‬الميثولوجيا‭ ‬الإغريقية‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬إحباط‭ ‬محاولة‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬القائد‭ ‬القرطاجي‭ ‬حنبعل‭ ‬وتهريبه‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سفينة‭ ‬‮«‬قرطاج‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مافيا‭ ‬الآثار‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬ومحاولة‭ ‬سرقة‭ ‬تماثيل‭ ‬آلهة‭ ‬الحب‭ ‬والثقافة‭ ‬التي‭ ‬يعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬العهد‭ ‬الروماني‭ ‬وعمرها‭ ‬1800‭ ‬سنة‭.‬
عصابات‭ ‬دولية‭ ‬على‭ ‬الخط‭..‬
إن‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬ليست‭ ‬بالحديثة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قديمة‭ ‬جدا‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬1842‭ ‬تم‭ ‬نهب‭ ‬معبد‭ ‬‮«‬دُقّة”‭ ‬القديم‭ ‬وسرقة‭ ‬نقوشه‭ ‬البونية،‭ ‬ومازالت‭ ‬القطع‭ ‬البونية‭ ‬محفوظة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬المتحف‭ ‬البريطاني‭ ‬بلندن‭.‬
ولعل‭ ‬من‭ ‬ابرز‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬تهريب‭ ‬مخطوط‭ ‬تونسي‭ ‬نادر‭ ‬كان‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬بحوزة‭ ‬شيخ‭ ‬ستيني‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬بيعه‭ ‬متجاوزا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالآثار‭.‬
والمثير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬أن‭ ‬المخطوط‭ ‬الذي‭ ‬ضبط‭ ‬بحوزة‭ ‬الجزائري‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬قرون‭ ‬مضت‭ ‬ويحتوي‭ ‬على300‭ ‬صفحة‭ ‬مكتوبة‭ ‬بخط‭ ‬اليد‭ ‬المغربي‭ ‬القديم،‭ ‬وهو‭ ‬باللون‭ ‬الأصفر‭ ‬مزخرف‭ ‬بأشكال‭ ‬هندسية‭ ‬ويتضمن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬الجنائي‭ ‬الخاص‭ ‬بدولة‭ ‬تونس‭.‬
وفي‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬تمكنت‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬الإطاحة‭ ‬بشبكة‭ ‬تتكوّن‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬أشخاص‭ ‬تنشط‭ ‬بين‭ ‬ولايات‭ ‬تونس‭ ‬العاصمة‭ ‬وأريانة‭ ‬والمهديّة‭ ‬ونابل‭ ‬وسوسة‭ ‬أعمار‭ ‬عناصرها‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬23‭ ‬و24‭ ‬سنة‭ ‬وأحد‭ ‬أفرادها‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مغاربيّة‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬الاتّجار‭ ‬بالآثار‭ ‬وحجزت‭ ‬لديهم‭ ‬مبلغا‭ ‬ماليا‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬التّونسيّة‭ ‬قدره‭ ‬1000‭ ‬دينار‭ ‬وورقة‭ ‬نقديّة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبيّة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬100‭ ‬دولار‭ ‬وشاحنة‭ ‬خفيفة‭ ‬وسيّارة‭ (‬يتمّ‭ ‬استعمالهما‭ ‬في‭ ‬تنقّلاتهم‭)‬،‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬مخدرات‭.‬
أحلام‭ ‬انتهت‭ ‬بكوابيس‭.. ‬
وانتهت‭ ‬بعض‭ ‬عمليات‭ ‬التنقيب‭ ‬نهايات‭ ‬مأساوية‭ ‬حيث‭ ‬فارق‭ ‬مؤخرا‭ ‬شخصان‭ ‬الحياة‭ ‬بمدينة‭ ‬اوتيك‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬داخل‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة‭ ‬بينما‭ ‬كانا‭ ‬بصدد‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭.‬
وكان‭ ‬الهالكان‭ ‬قد‭ ‬قاما‭ ‬بحفر‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة‭ ‬اثناء‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬فوقع‭ ‬انزلاق‭ ‬أرضي‭ ‬ليسقطا‭ ‬داخلها‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬لهما‭ ‬في‭ ‬كسور‭ ‬ورضوض‭ ‬بكامل‭ ‬جسميهما‭ ‬ليفارقا‭ ‬على‭ ‬اثرها‭ ‬الحياة‭.‬
الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬التوراة‭.. ‬
لم‭ ‬يسلم‭ ‬التوراة‭ ‬من‭ ‬النهب‭ ‬وكان‭ ‬هدفا‭ ‬لشبكات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬حيث‭ ‬أحبطت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬محاولة‭ ‬لتهريب‭ ‬نسخة‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬التوراة‭ ‬مكتوبة‭ ‬بخط‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬ثور‭ ‬تعود‭ ‬للقرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭.‬
‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬خبراء‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬أن‭ ‬المخطوطة‭ ‬قطعة‭ ‬فنية‭ ‬تاريخية‭ ‬نادرة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬ميلادي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المخطوطة‭ ‬كتبت‭ ‬بحبر‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬ثور‭ ‬طوله‭ ‬37‭ ‬مترا‭ ‬وعرضه‭ ‬47‭ ‬سنتيمترا‭ ‬وتحتوي‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬أجزاء‭ ‬التوراة‭ ‬بأسفارها‭ ‬الخمس‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬القديمة‭ ‬الأولى‭ ‬وهي‭ ‬سفر‭ ‬التكوين‭ ‬وسفر‭ ‬الخروج‭ ‬وسفر‭ ‬اللاويين‭ ‬وسفر‭ ‬العدد‭ ‬وسفر‭ ‬التثنية‭.‬
وبعد‭ ‬عرض‭ ‬المخطوطة‭ ‬على‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العبرية‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬كتبت‭ ‬قبل‭ ‬ترتيب‭ ‬وتنظيم‭ ‬هذه‭ ‬الأسفار‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬أضحت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬المتداولة‭ ‬حاليا‭ ‬وأما‭ ‬الخط‭ ‬الذي‭ ‬كتبت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المخطوطة‭ ‬فهو‭ ‬خط‭ ‬لا‭ ‬يستعمل‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الآثار‭ ‬ذات‭ ‬المضامين‭ ‬المقدسة‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬التوراة‭ ‬وتفاسيرها‭ ‬الدينية‮»‬‭.‬
ومنذ2011‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬2017،‭ ‬بلغ‭ ‬مجموع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬المحتجزة‭ ‬التي‭ ‬عاينها‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬نحو‭ ‬33‭ ‬ألفا‭ ‬و102،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬قطعة‭ ‬مقلدة‭.‬
آثار‭ ‬تونسية‭ ‬في‭ ‬المتاحف‭ ‬الاوروبية‭..‬
تتواجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬متاحف‭ ‬أوروبية،‭ ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬تاريخية‭ ‬منها‭ ‬عمليات‭ ‬النهب‭ ‬والتهريب‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬البلاد‭ ‬عبر‭ ‬القرون‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭. ‬
ويجمع‭ ‬الباحثون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬رينيه‭ ‬كانيات‭ -‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العلماء‭ ‬الفرنسيين‭ ‬المكلفين‭ ‬بالآثار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمال‭ ‬الفرنسي‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬أجمل‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬المكتشفة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬باريس،‭ ‬وذلك‭ ‬تحت‭ ‬مبررات‭ ‬علمية،‭ ‬فقد‭ ‬دأب‭ ‬كانيات‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬القطع‭ ‬القيّمة‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الحضاري‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬المتاحف‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬القطع‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المحلية‭ (‬حسب‭ ‬تقييمه‭) ‬في‭ ‬تونس‭.‬
تم‭ ‬وضع‭ ‬مرسوم‭ ‬1886‭ ‬سلطة‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬الآثار‭ ‬رسميا‭ ‬بيد‭ ‬فرنسا،‭ ‬وأشرف‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الآثار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬بلانشيير‭ ‬الذي‭ ‬تقرب‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬متاحف‭ ‬خاصة‭ ‬عُمّرت‭ ‬بقطع‭ ‬أثرية‭ ‬جمعوها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بحفريات‭.‬
وكان‭ ‬ضمن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجامعين‭ ‬الهواة‭ ‬لويس‭ ‬تيكسيرو،‭ ‬وهو‭ ‬المفتش‭ ‬العام‭ ‬للجمارك‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬تكونت‭ ‬مجموعته‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬أثرية‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬في‭ ‬حفريات‭ ‬عشوائية‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مبعوثون‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬القطع‭ ‬فسيفساء‭ ‬مسروقة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬كانيات‭ ‬وقطع‭ ‬أخرى‭ ‬اكتشفت‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬لمطة‭ ‬التونسية‭.‬
ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭..‬
حرص‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬لحماية‭ ‬الآثار‭ ‬وخصه‭ ‬بمجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬الأثري‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬حمايتها‭ ‬ومنع‭ ‬تهريبها‭ ‬ويتضمن‭ ‬عقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بالتنقيب‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬التهريب‭ ‬وتتراوح‭ ‬العقوبات‭ ‬بين‭ ‬السجن‭ ‬والغرامة،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬لمدة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬مالية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬وبحسب‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬الأثري‭ ‬والتاريخي‭ ‬فقد‭ ‬حرص‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الآثار‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭.‬
ونص‭ ‬الفصل‭ ‬57‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمنع‭ ‬تصدير‭ ‬المنقولات‭ ‬المحمية‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬الوطن‭ ‬ويخضع‭ ‬التصدير‭ ‬الوقتي‭ ‬لترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭.‬
ويحجز‭ ‬كل‭ ‬منقول‭ ‬محمي‭ ‬وقعت‭ ‬محاولة‭ ‬إخراجه‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬الجمهورية‭ ‬بدون‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬ويصادر‭ ‬لفائدة‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التتبعات‭ ‬العدلية‭.‬
ويخضع‭ ‬للتجارة‭ ‬بالقطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬المحمية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬إلى‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬ويقع‭ ‬تجديده‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬عامين‭.‬
ولا‭ ‬يخول‭ ‬الترخيص‭ ‬لصاحبه‭ ‬تعاطي‭ ‬التجارة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المحدد‭ ‬في‭ ‬الترخيص‭.‬
أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجارة‭ ‬فيتعين‭ ‬على‭ ‬الوكيل‭ ‬تقديم‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للشركة‭ ‬وأسماء‭ ‬الشركاء‭ ‬وعناوينهم‭ ‬عند‭ ‬طلب‭ ‬الترخيص‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬الفصل‭ ‬58‭.‬
ويجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تاجر‭ ‬للقطع‭ ‬الثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬إعداد‭ ‬سجل‭ ‬مرقم‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬عمليات‭ ‬شراء‭ ‬وبيع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬مع‭ ‬ذكر‭ ‬هوية‭ ‬البائع‭ ‬أو‭ ‬المشتري‭ ‬وعنوانه‭ ‬وكذلك‭ ‬المعطيات‭ ‬الوصفية‭ ‬الدقيقة‭ ‬للقطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬المعنية‭.‬
كما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬تاجر‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬تقديم‭ ‬السجل‭ ‬المذكور‭ ‬كلما‭ ‬طلبته‭ ‬منه‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬كما‭ ‬يتعين‭ ‬عليه‭ ‬السماح‭ ‬لهذه‭ ‬المصالح‭ ‬بمعاينة‭ ‬ومراقبة‭ ‬القطع‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬حوزته‭ ‬وفق‭ ‬مقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬69‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المجلة‭.‬
الحفريات‭ ‬والاكتشافات‭ ‬البرية‭.. ‬
‭ ‬لا‭ ‬حق‭ ‬لمالك‭ ‬أرض‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بحفريات‭ ‬فيها‭, ‬ولا‭ ‬حق‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بملكية‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اكتشافه‭ ‬على‭ ‬أديمها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬باطنها‭ ‬من‭ ‬مكتشفات‭ ‬أثرية‭, ‬كما‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بهذه‭ ‬المكتشفات‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬الفصل‭ ‬60‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬المذكورة‭.‬
وبقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أحكام‭ ‬الفصل‭ ‬25‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬الحقوق‭ ‬العينية‭ ‬يتمتع‭ ‬المكتشف‭ ‬العفوي‭ ‬وكذلك‭ ‬مالك‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬الاكتشاف‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬صرح‭ ‬بالأشياء‭ ‬المكتشفة‭ ‬لدى‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬بمكافأة‭ ‬يتم‭ ‬تحديدها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لجنة‭ ‬مختصة‭ ‬يتم‭ ‬ضبط‭ ‬تركيبتها‭ ‬وسير‭ ‬أعمالها‭ ‬بأمر‭.‬
ووفق‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬فلا‭ ‬يحق‭ ‬لأحد‭ ‬القيام‭ ‬بالتنقيب‭ ‬بأرض‭ ‬على‭ ‬ملكه‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬ملك‭ ‬غيره‭ ‬بهدف‭ ‬التفتيش‭ ‬عن‭ ‬الأثار‭ ‬المنقولة‭ ‬أو‭ ‬الثابتة‭ ‬بدون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الترخيص‭ ‬المسبق‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭.‬
كما‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬الترخيص‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬أعمال‭ ‬الحفر‭ ‬والتنقيب‭ ‬إلا‭ ‬للباحثين‭ ‬الأثريين‭ ‬المختصين‭ ‬الذين‭ ‬أثبتوا‭ ‬كفاءتهم‭ ‬وخبرتهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭.‬
وفي‭ ‬صورة‭ ‬حصول‭ ‬اكتشاف‭ ‬بصفة‭ ‬عفوية‭ ‬لآثار‭ ‬ثابتة‭ ‬أو‭ ‬منقولة‭ ‬تخص‭ ‬فترات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬الفنون‭ ‬أو‭ ‬التقاليد‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬المكتشف‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬فورا‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬أقرب‭ ‬سلطة‭ ‬بالجهة‭ ‬لتتولى‭ ‬بدورها‭ ‬إعلام‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أجل‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭.‬
وتتخذ‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الآثار‭ ‬كما‭ ‬تتولى‭ ‬بنفسها‭ ‬مراقبة‭ ‬الأشغال‭ ‬الجارية‭ ‬إن‭ ‬أقتضى‭ ‬الحال‭.‬
ويمكن‭ ‬للوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬المصالح‭ ‬التابعة‭ ‬له‭ ‬الإذن‭ ‬بإيقاف‭ ‬الأشغال‭ ‬الجارية‭ ‬بصفة‭ ‬تحفظية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬مدة‭ ‬الإيقاف‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تمنع‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الأشغال‭ ‬منعا‭ ‬باتا‭ ‬باستثناء‭ ‬التي‭ ‬يأذن‭ ‬بها‭ ‬الوزير‭ ‬إذنا‭ ‬صريحا‭.‬
الآثار‭ ‬المدفونة‭ ‬في‭ ‬البحر‭..‬
‭ ‬تعد‭ ‬الممتلكات‭ ‬الأثرية‭ ‬المكتشفة‭ ‬بالمياه‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬منقولة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬منقولة‭ ‬ملكا‭ ‬للدولة‭.‬
وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬القانون‭ ‬عليه‭ ‬القانون‭ ‬عدد‭ ‬21‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬المؤرخ‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬فيفري‭ ‬1989‭ ‬المتعلق‭ ‬بالحطام‭ ‬البحري‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يكتشف‭ ‬ممتلكا‭ ‬أثريا‭ ‬بالبحر‭ ‬ان‭ ‬يتركه‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يلحق‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬وأن‭ ‬يصرح‭ ‬بوجوده‭ ‬فورا‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬لأقرب‭ ‬سلطة‭ ‬بالجهة‭ ‬لتتولى‭ ‬بنفسها‭ ‬إعلام‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الخمسة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬اكتشافه‭.‬
كما‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصدفة‭ ‬ممتلكا‭ ‬أثريا‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬وأن‭ ‬يسلمه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الآجال‭ ‬إلى‭ ‬السلط‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬ميناء‭ ‬لتتولى‭ ‬بدورها‭ ‬تسليمه‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭. ‬ويقع‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يسلم‭ ‬منه‭ ‬نظير‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬الاكتشاف‭.‬
لصاحب‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬مكافأة‭ ‬تضبط‭ ‬حسب‭ ‬التراتيب‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬بالفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬60‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭.‬
كما‭ ‬يمنع‭ ‬التفتيش‭ ‬عن‭ ‬الممتلكات‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬البحرية‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬بترخيص‭ ‬يسلم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭.‬
وإذا‭ ‬تعرض‭ ‬الممتلك‭ ‬الأثري‭ ‬البحري‭ ‬لأخطار‭ ‬يجوز‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصة‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬الوقائية‭ ‬والإستعجالية‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬صالحة‭.‬

مفيدة‭ ‬القيزاني

تقف‭ ‬خلفها‭ ‬عصابات‭ ‬نهب‭ ‬التاريخ..  قطع‭ ‬أثرية‭ ‬تهرب‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬أجنبية‭.. ‬وبعضها‭ ‬في‭ ‬متاحف‭ ‬أوروبية


النبش‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وحلم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الكنز‭ ‬المدفون‭ ‬في‭ ‬باطن‭ ‬الأرض‭ ‬يلهث‭ ‬خلفه‭ ‬الكثيرون‭ ‬ويجتذب‭ ‬الحالمين‭ ‬بالثراء‭ ‬السريع‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭..‬فالبحث‭ ‬عن‭ ‬‮«‬اللويز‮»‬‭ ‬والتماثيل‭ ‬والمخطوطات‭ ‬والقطع‭ ‬النادرة‭ ‬أصبحت‭ ‬ظاهرة‭ ‬تتصدى‭ ‬لها‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬التي‭ ‬تضبط‭ ‬بصفة‭ ‬متواترة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬العصابات‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬تنقب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وتتاجر‭ ‬فيها،‭ ‬أو‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يقومون‭ ‬بالتنقيب‭ ‬خلسة،‭ ‬تحت‭ ‬منازلهم‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬محيطها‭ ‬حتى‭ ‬ان‭ ‬بعضهم‭ ‬فقدوا‭ ‬حياتهم‭ ‬وهم‭ ‬يحاولون‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬الكنز‭ ‬المزعوم‭.‬

‭ ‬21‭ ‬قطعة‭ ‬نقدية‭ ‬أثرية‭ ‬من‭ ‬معدن‭ ‬الذهب‭ (‬عيار‭ ‬24‭ ‬حسب‭ ‬تقرير‭ ‬أمين‭ ‬الصاغة‭) ‬عثر‭ ‬عليها‭ ‬أمس‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الديوانة‭ ‬بمطار‭ ‬جربة‭ ‬جرجيس‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬حماية‭ ‬الموروث‭ ‬الثقافي‭ ‬والتاريخي‭ ‬للبلاد‭ ‬التونسية،‭ ‬القطع‭ ‬كانت‭ ‬مخفية‭ ‬داخل‭ ‬أغراض‭ ‬مسافر‭ ‬يحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬التونسية،‭ ‬وبالقيام‭ ‬بالاختبارات‭ ‬اللازمة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬معهد‭ ‬التراث‭ ‬ثبت‭ ‬وأنها‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬الحقبة‭ ‬البيزنطية‭. ‬
فتم‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬حجز‭ ‬في‭ ‬الغرض‭ ‬وأذنت‭ ‬النيابة‭ ‬العمومية‭ ‬اثر‭ ‬استشارتها‭ ‬بإحالة‭ ‬الملف‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬المختصة‭ ‬لمواصلة‭ ‬التحريات‭.‬
وخلال‭ ‬السنوات‭ ‬التي‭ ‬تلت‭ ‬الثورة،‭ ‬تمّ‭ ‬الكشف‭ ‬عن‭ ‬سرقة‭ ‬وتهريب‭ ‬قطع‭ ‬أثرية‭ ‬نادرة‭ ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬‮«‬غانيماد‮»‬‭ ‬سنة‭ ‬2013‭ ‬من‭ ‬متحف‭ ‬الفن‭ ‬المسيحي‭ ‬المبكر‭ ‬بقرطاج‭ ‬والذي‭ ‬تمّت‭ ‬استعادته‭ ‬لاحقا‭. ‬
وكان‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬أعلن‭ ‬أن‭ ‬مجهولين‭ ‬أقدموا‭ ‬على‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬تاريخي‭ ‬ونادر‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬متحف‭ ‬الفن‭ ‬المسيحي‭ ‬المبكر‭ ‬بقرطاج‭ ‬من‭ ‬الضاحية‭ ‬الشمالية،‭ ‬
ويحمل‭ ‬التمثال‭ ‬المسروق‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬غانيماد‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬المرمر‭ ‬الأبيض،‭ ‬ويبلغ‭ ‬طوله‭ ‬49‭ ‬سنتمترا‭ ‬ويعود‭ ‬تاريخه‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬بعد‭ ‬الميلاد‭ ‬ويمثل‭ ‬الميثولوجيا‭ ‬الإغريقية‭.‬
إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك‭ ‬تم‭ ‬إحباط‭ ‬محاولة‭ ‬سرقة‭ ‬تمثال‭ ‬القائد‭ ‬القرطاجي‭ ‬حنبعل‭ ‬وتهريبه‭ ‬على‭ ‬متن‭ ‬سفينة‭ ‬‮«‬قرطاج‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مافيا‭ ‬الآثار‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق،‭ ‬ومحاولة‭ ‬سرقة‭ ‬تماثيل‭ ‬آلهة‭ ‬الحب‭ ‬والثقافة‭ ‬التي‭ ‬يعود‭ ‬تاريخها‭ ‬إلى‭ ‬العهد‭ ‬الروماني‭ ‬وعمرها‭ ‬1800‭ ‬سنة‭.‬
عصابات‭ ‬دولية‭ ‬على‭ ‬الخط‭..‬
إن‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬ليست‭ ‬بالحديثة‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬قديمة‭ ‬جدا‭ ‬ولم‭ ‬تتوقف‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا،‭ ‬ففي‭ ‬سنة‭ ‬1842‭ ‬تم‭ ‬نهب‭ ‬معبد‭ ‬‮«‬دُقّة”‭ ‬القديم‭ ‬وسرقة‭ ‬نقوشه‭ ‬البونية،‭ ‬ومازالت‭ ‬القطع‭ ‬البونية‭ ‬محفوظة‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬المتحف‭ ‬البريطاني‭ ‬بلندن‭.‬
ولعل‭ ‬من‭ ‬ابرز‭ ‬عمليات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬تهريب‭ ‬مخطوط‭ ‬تونسي‭ ‬نادر‭ ‬كان‭ ‬عثر‭ ‬عليه‭ ‬بحوزة‭ ‬شيخ‭ ‬ستيني‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬كان‭ ‬يريد‭ ‬بيعه‭ ‬متجاوزا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كل‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تمنع‭ ‬المتاجرة‭ ‬بالآثار‭.‬
والمثير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬أن‭ ‬المخطوط‭ ‬الذي‭ ‬ضبط‭ ‬بحوزة‭ ‬الجزائري‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬قرون‭ ‬مضت‭ ‬ويحتوي‭ ‬على300‭ ‬صفحة‭ ‬مكتوبة‭ ‬بخط‭ ‬اليد‭ ‬المغربي‭ ‬القديم،‭ ‬وهو‭ ‬باللون‭ ‬الأصفر‭ ‬مزخرف‭ ‬بأشكال‭ ‬هندسية‭ ‬ويتضمن‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬الجنائي‭ ‬الخاص‭ ‬بدولة‭ ‬تونس‭.‬
وفي‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬تمكنت‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬من‭ ‬الإطاحة‭ ‬بشبكة‭ ‬تتكوّن‭ ‬من‭ ‬تسعة‭ ‬أشخاص‭ ‬تنشط‭ ‬بين‭ ‬ولايات‭ ‬تونس‭ ‬العاصمة‭ ‬وأريانة‭ ‬والمهديّة‭ ‬ونابل‭ ‬وسوسة‭ ‬أعمار‭ ‬عناصرها‭ ‬تتراوح‭ ‬بين‭ ‬23‭ ‬و24‭ ‬سنة‭ ‬وأحد‭ ‬أفرادها‭ ‬ينتمي‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬مغاربيّة‭ ‬منخرطة‭ ‬في‭ ‬الاتّجار‭ ‬بالآثار‭ ‬وحجزت‭ ‬لديهم‭ ‬مبلغا‭ ‬ماليا‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬التّونسيّة‭ ‬قدره‭ ‬1000‭ ‬دينار‭ ‬وورقة‭ ‬نقديّة‭ ‬من‭ ‬العملة‭ ‬الأجنبيّة‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬100‭ ‬دولار‭ ‬وشاحنة‭ ‬خفيفة‭ ‬وسيّارة‭ (‬يتمّ‭ ‬استعمالهما‭ ‬في‭ ‬تنقّلاتهم‭)‬،‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬مخدرات‭.‬
أحلام‭ ‬انتهت‭ ‬بكوابيس‭.. ‬
وانتهت‭ ‬بعض‭ ‬عمليات‭ ‬التنقيب‭ ‬نهايات‭ ‬مأساوية‭ ‬حيث‭ ‬فارق‭ ‬مؤخرا‭ ‬شخصان‭ ‬الحياة‭ ‬بمدينة‭ ‬اوتيك‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬داخل‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة‭ ‬بينما‭ ‬كانا‭ ‬بصدد‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭.‬
وكان‭ ‬الهالكان‭ ‬قد‭ ‬قاما‭ ‬بحفر‭ ‬حفرة‭ ‬عميقة‭ ‬اثناء‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬فوقع‭ ‬انزلاق‭ ‬أرضي‭ ‬ليسقطا‭ ‬داخلها‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬لهما‭ ‬في‭ ‬كسور‭ ‬ورضوض‭ ‬بكامل‭ ‬جسميهما‭ ‬ليفارقا‭ ‬على‭ ‬اثرها‭ ‬الحياة‭.‬
الاستيلاء‭ ‬على‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬التوراة‭.. ‬
لم‭ ‬يسلم‭ ‬التوراة‭ ‬من‭ ‬النهب‭ ‬وكان‭ ‬هدفا‭ ‬لشبكات‭ ‬تهريب‭ ‬الآثار‭ ‬حيث‭ ‬أحبطت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬الوحدات‭ ‬الأمنية‭ ‬محاولة‭ ‬لتهريب‭ ‬نسخة‭ ‬نادرة‭ ‬من‭ ‬التوراة‭ ‬مكتوبة‭ ‬بخط‭ ‬اليد‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬ثور‭ ‬تعود‭ ‬للقرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬الميلادي‭.‬
‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬خبراء‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬أن‭ ‬المخطوطة‭ ‬قطعة‭ ‬فنية‭ ‬تاريخية‭ ‬نادرة‭ ‬ذات‭ ‬قيمة‭ ‬عالية‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭ ‬وتعود‭ ‬إلى‭ ‬القرن‭ ‬الخامس‭ ‬عشر‭ ‬ميلادي،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المخطوطة‭ ‬كتبت‭ ‬بحبر‭ ‬خاص‭ ‬على‭ ‬جلد‭ ‬ثور‭ ‬طوله‭ ‬37‭ ‬مترا‭ ‬وعرضه‭ ‬47‭ ‬سنتيمترا‭ ‬وتحتوي‭ ‬على‭ ‬كامل‭ ‬أجزاء‭ ‬التوراة‭ ‬بأسفارها‭ ‬الخمس‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬القديمة‭ ‬الأولى‭ ‬وهي‭ ‬سفر‭ ‬التكوين‭ ‬وسفر‭ ‬الخروج‭ ‬وسفر‭ ‬اللاويين‭ ‬وسفر‭ ‬العدد‭ ‬وسفر‭ ‬التثنية‭.‬
وبعد‭ ‬عرض‭ ‬المخطوطة‭ ‬على‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬العبرية‭ ‬تبين‭ ‬أنها‭ ‬كتبت‭ ‬قبل‭ ‬ترتيب‭ ‬وتنظيم‭ ‬هذه‭ ‬الأسفار‭ ‬بالشكل‭ ‬الذي‭ ‬أضحت‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬نسختها‭ ‬المتداولة‭ ‬حاليا‭ ‬وأما‭ ‬الخط‭ ‬الذي‭ ‬كتبت‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬المخطوطة‭ ‬فهو‭ ‬خط‭ ‬لا‭ ‬يستعمل‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬كتابة‭ ‬الآثار‭ ‬ذات‭ ‬المضامين‭ ‬المقدسة‭ ‬من‭ ‬نصوص‭ ‬التوراة‭ ‬وتفاسيرها‭ ‬الدينية‮»‬‭.‬
ومنذ2011‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬2017،‭ ‬بلغ‭ ‬مجموع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬المحتجزة‭ ‬التي‭ ‬عاينها‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للتراث‭ ‬نحو‭ ‬33‭ ‬ألفا‭ ‬و102،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬قطعة‭ ‬مقلدة‭.‬
آثار‭ ‬تونسية‭ ‬في‭ ‬المتاحف‭ ‬الاوروبية‭..‬
تتواجد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المخطوطات‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬متاحف‭ ‬أوروبية،‭ ‬ويعود‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬تاريخية‭ ‬منها‭ ‬عمليات‭ ‬النهب‭ ‬والتهريب‭ ‬التي‭ ‬تعرضت‭ ‬لها‭ ‬البلاد‭ ‬عبر‭ ‬القرون‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عمليات‭ ‬التبادل‭ ‬الثقافي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭. ‬
ويجمع‭ ‬الباحثون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬سياسة‭ ‬رينيه‭ ‬كانيات‭ -‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العلماء‭ ‬الفرنسيين‭ ‬المكلفين‭ ‬بالآثار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمال‭ ‬الفرنسي‭ ‬ارتكزت‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬أجمل‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬المكتشفة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬باريس،‭ ‬وذلك‭ ‬تحت‭ ‬مبررات‭ ‬علمية،‭ ‬فقد‭ ‬دأب‭ ‬كانيات‭ ‬على‭ ‬إرسال‭ ‬القطع‭ ‬القيّمة‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الحضاري‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬المتاحف‭ ‬الفرنسية‭ ‬والإبقاء‭ ‬على‭ ‬القطع‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬المحلية‭ (‬حسب‭ ‬تقييمه‭) ‬في‭ ‬تونس‭.‬
تم‭ ‬وضع‭ ‬مرسوم‭ ‬1886‭ ‬سلطة‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬الآثار‭ ‬رسميا‭ ‬بيد‭ ‬فرنسا،‭ ‬وأشرف‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الآثار‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لا‭ ‬بلانشيير‭ ‬الذي‭ ‬تقرب‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأوروبيين‭ ‬الذين‭ ‬يملكون‭ ‬متاحف‭ ‬خاصة‭ ‬عُمّرت‭ ‬بقطع‭ ‬أثرية‭ ‬جمعوها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القيام‭ ‬بحفريات‭.‬
وكان‭ ‬ضمن‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجامعين‭ ‬الهواة‭ ‬لويس‭ ‬تيكسيرو،‭ ‬وهو‭ ‬المفتش‭ ‬العام‭ ‬للجمارك‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حيث‭ ‬تكونت‭ ‬مجموعته‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬أثرية‭ ‬تم‭ ‬اكتشافها‭ ‬في‭ ‬حفريات‭ ‬عشوائية‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬مبعوثون‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التعليم‭ ‬الفرنسية،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬تلك‭ ‬القطع‭ ‬فسيفساء‭ ‬مسروقة‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬كانيات‭ ‬وقطع‭ ‬أخرى‭ ‬اكتشفت‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬لمطة‭ ‬التونسية‭.‬
ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭..‬
حرص‭ ‬المشرع‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬القوانين‭ ‬لحماية‭ ‬الآثار‭ ‬وخصه‭ ‬بمجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬الأثري‭ ‬وعمل‭ ‬على‭ ‬حمايتها‭ ‬ومنع‭ ‬تهريبها‭ ‬ويتضمن‭ ‬عقوبات‭ ‬صارمة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بالتنقيب‭ ‬غير‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬التهريب‭ ‬وتتراوح‭ ‬العقوبات‭ ‬بين‭ ‬السجن‭ ‬والغرامة،‭ ‬وقد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬السجن‭ ‬لمدة‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬وغرامة‭ ‬مالية‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬50‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬وبحسب‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬الأثري‭ ‬والتاريخي‭ ‬فقد‭ ‬حرص‭ ‬القانون‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬الآثار‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬البر‭ ‬او‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬البحار‭.‬
ونص‭ ‬الفصل‭ ‬57‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يمنع‭ ‬تصدير‭ ‬المنقولات‭ ‬المحمية‭ ‬خارج‭ ‬حدود‭ ‬الوطن‭ ‬ويخضع‭ ‬التصدير‭ ‬الوقتي‭ ‬لترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭.‬
ويحجز‭ ‬كل‭ ‬منقول‭ ‬محمي‭ ‬وقعت‭ ‬محاولة‭ ‬إخراجه‭ ‬من‭ ‬تراب‭ ‬الجمهورية‭ ‬بدون‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬ويصادر‭ ‬لفائدة‭ ‬الدولة‭ ‬دون‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬التتبعات‭ ‬العدلية‭.‬
ويخضع‭ ‬للتجارة‭ ‬بالقطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬المحمية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬إلى‭ ‬ترخيص‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬ويقع‭ ‬تجديده‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬عامين‭.‬
ولا‭ ‬يخول‭ ‬الترخيص‭ ‬لصاحبه‭ ‬تعاطي‭ ‬التجارة‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المحدد‭ ‬في‭ ‬الترخيص‭.‬
أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للشركات‭ ‬المتخصصة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التجارة‭ ‬فيتعين‭ ‬على‭ ‬الوكيل‭ ‬تقديم‭ ‬القانون‭ ‬الأساسي‭ ‬للشركة‭ ‬وأسماء‭ ‬الشركاء‭ ‬وعناوينهم‭ ‬عند‭ ‬طلب‭ ‬الترخيص‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬الفصل‭ ‬58‭.‬
ويجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تاجر‭ ‬للقطع‭ ‬الثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬إعداد‭ ‬سجل‭ ‬مرقم‭ ‬يحتوي‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬عمليات‭ ‬شراء‭ ‬وبيع‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬مع‭ ‬ذكر‭ ‬هوية‭ ‬البائع‭ ‬أو‭ ‬المشتري‭ ‬وعنوانه‭ ‬وكذلك‭ ‬المعطيات‭ ‬الوصفية‭ ‬الدقيقة‭ ‬للقطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬المعنية‭.‬
كما‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬تاجر‭ ‬القطع‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬تقديم‭ ‬السجل‭ ‬المذكور‭ ‬كلما‭ ‬طلبته‭ ‬منه‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬كما‭ ‬يتعين‭ ‬عليه‭ ‬السماح‭ ‬لهذه‭ ‬المصالح‭ ‬بمعاينة‭ ‬ومراقبة‭ ‬القطع‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬حوزته‭ ‬وفق‭ ‬مقتضيات‭ ‬الفصل‭ ‬69‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬المجلة‭.‬
الحفريات‭ ‬والاكتشافات‭ ‬البرية‭.. ‬
‭ ‬لا‭ ‬حق‭ ‬لمالك‭ ‬أرض‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بحفريات‭ ‬فيها‭, ‬ولا‭ ‬حق‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بملكية‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬اكتشافه‭ ‬على‭ ‬أديمها‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬باطنها‭ ‬من‭ ‬مكتشفات‭ ‬أثرية‭, ‬كما‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التمتع‭ ‬بهذه‭ ‬المكتشفات‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬الفصل‭ ‬60‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬المذكورة‭.‬
وبقطع‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أحكام‭ ‬الفصل‭ ‬25‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬الحقوق‭ ‬العينية‭ ‬يتمتع‭ ‬المكتشف‭ ‬العفوي‭ ‬وكذلك‭ ‬مالك‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬فيها‭ ‬الاكتشاف‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬صرح‭ ‬بالأشياء‭ ‬المكتشفة‭ ‬لدى‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬بمكافأة‭ ‬يتم‭ ‬تحديدها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لجنة‭ ‬مختصة‭ ‬يتم‭ ‬ضبط‭ ‬تركيبتها‭ ‬وسير‭ ‬أعمالها‭ ‬بأمر‭.‬
ووفق‭ ‬مجلة‭ ‬حماية‭ ‬التراث‭ ‬فلا‭ ‬يحق‭ ‬لأحد‭ ‬القيام‭ ‬بالتنقيب‭ ‬بأرض‭ ‬على‭ ‬ملكه‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬ملك‭ ‬غيره‭ ‬بهدف‭ ‬التفتيش‭ ‬عن‭ ‬الأثار‭ ‬المنقولة‭ ‬أو‭ ‬الثابتة‭ ‬بدون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الترخيص‭ ‬المسبق‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭.‬
كما‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬الترخيص‭ ‬في‭ ‬ممارسة‭ ‬أعمال‭ ‬الحفر‭ ‬والتنقيب‭ ‬إلا‭ ‬للباحثين‭ ‬الأثريين‭ ‬المختصين‭ ‬الذين‭ ‬أثبتوا‭ ‬كفاءتهم‭ ‬وخبرتهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الميدان‭.‬
وفي‭ ‬صورة‭ ‬حصول‭ ‬اكتشاف‭ ‬بصفة‭ ‬عفوية‭ ‬لآثار‭ ‬ثابتة‭ ‬أو‭ ‬منقولة‭ ‬تخص‭ ‬فترات‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬التاريخ‭ ‬أو‭ ‬الفنون‭ ‬أو‭ ‬التقاليد‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬المكتشف‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬فورا‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬أقرب‭ ‬سلطة‭ ‬بالجهة‭ ‬لتتولى‭ ‬بدورها‭ ‬إعلام‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أجل‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬خمسة‭ ‬أيام‭.‬
وتتخذ‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬كل‭ ‬الإجراءات‭ ‬الكفيلة‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الآثار‭ ‬كما‭ ‬تتولى‭ ‬بنفسها‭ ‬مراقبة‭ ‬الأشغال‭ ‬الجارية‭ ‬إن‭ ‬أقتضى‭ ‬الحال‭.‬
ويمكن‭ ‬للوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬المصالح‭ ‬التابعة‭ ‬له‭ ‬الإذن‭ ‬بإيقاف‭ ‬الأشغال‭ ‬الجارية‭ ‬بصفة‭ ‬تحفظية‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬مدة‭ ‬الإيقاف‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تمنع‭ ‬فيها‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬الأشغال‭ ‬منعا‭ ‬باتا‭ ‬باستثناء‭ ‬التي‭ ‬يأذن‭ ‬بها‭ ‬الوزير‭ ‬إذنا‭ ‬صريحا‭.‬
الآثار‭ ‬المدفونة‭ ‬في‭ ‬البحر‭..‬
‭ ‬تعد‭ ‬الممتلكات‭ ‬الأثرية‭ ‬المكتشفة‭ ‬بالمياه‭ ‬الداخلية‭ ‬أو‭ ‬المياه‭ ‬الإقليمية‭ ‬منقولة‭ ‬كانت‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬منقولة‭ ‬ملكا‭ ‬للدولة‭.‬
وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬نص‭ ‬القانون‭ ‬عليه‭ ‬القانون‭ ‬عدد‭ ‬21‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬المؤرخ‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬فيفري‭ ‬1989‭ ‬المتعلق‭ ‬بالحطام‭ ‬البحري‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يكتشف‭ ‬ممتلكا‭ ‬أثريا‭ ‬بالبحر‭ ‬ان‭ ‬يتركه‭ ‬في‭ ‬مكانه‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يلحق‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬ضرر‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬وأن‭ ‬يصرح‭ ‬بوجوده‭ ‬فورا‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصة‭ ‬بالوزارة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭ ‬أو‭ ‬لأقرب‭ ‬سلطة‭ ‬بالجهة‭ ‬لتتولى‭ ‬بنفسها‭ ‬إعلام‭ ‬تلك‭ ‬المصالح‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الخمسة‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬اكتشافه‭.‬
كما‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الصدفة‭ ‬ممتلكا‭ ‬أثريا‭ ‬أن‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬وأن‭ ‬يسلمه‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الآجال‭ ‬إلى‭ ‬السلط‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬ميناء‭ ‬لتتولى‭ ‬بدورها‭ ‬تسليمه‭ ‬إلى‭ ‬المصالح‭ ‬المختصة‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتراث‭. ‬ويقع‭ ‬تحرير‭ ‬محضر‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يسلم‭ ‬منه‭ ‬نظير‭ ‬إلى‭ ‬صاحب‭ ‬الاكتشاف‭.‬
لصاحب‭ ‬الاكتشاف‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬مكافأة‭ ‬تضبط‭ ‬حسب‭ ‬التراتيب‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬بالفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬60‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجلة‭.‬
كما‭ ‬يمنع‭ ‬التفتيش‭ ‬عن‭ ‬الممتلكات‭ ‬الأثرية‭ ‬والتاريخية‭ ‬البحرية‭ ‬ولا‭ ‬يسمح‭ ‬به‭ ‬إلا‭ ‬بترخيص‭ ‬يسلم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الوزير‭ ‬المكلف‭ ‬بالتراث‭.‬
وإذا‭ ‬تعرض‭ ‬الممتلك‭ ‬الأثري‭ ‬البحري‭ ‬لأخطار‭ ‬يجوز‭ ‬للمصالح‭ ‬المختصة‭ ‬أن‭ ‬تتخذ‭ ‬في‭ ‬شأنه‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬الوقائية‭ ‬والإستعجالية‭ ‬التي‭ ‬تراها‭ ‬صالحة‭.‬

مفيدة‭ ‬القيزاني