إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كشفها تقرير جمعية المرأة والمواطنة.. 78.04 % من العنف المُسلَّط على النساء "زوجي"

 

- حالة الهشاشة تجبر الضحية على البقاء داخل دائرة العنف

يسلط التقرير السنوي الخاص بمسارات التعهد بضحايا العنف في ولاية الكاف الضوء على الإشكاليات التي تتعرض لها النساء ضحايا العنف في الجهة، ويعتبر أن هذه الإشكاليات عامة وتشمل النساء في مختلف ولايات الجمهورية، ومن المهم أن تُرفق برؤية شاملة وتوصيات كفيلة بتحسين تطبيقات القانون الأساسي عدد 58، ودعم قدرات التعهد بضحايا العنف، حتى تكون هذه المسارات آمنة وسريعة وتستجيب لحاجيات الضحايا.

وأفاد إلياس الجبالي، المكلف بمشروع حماية النساء ضحايا العنف ومنع قتل النساء في تونس، ضمن جمعية المرأة والمواطنة بالكاف، خلال الندوة الصحفية المخصصة لعرض تقرير سنة 2024، بأن التقرير يتناول جانبًا كيفيًا، وذلك بعد قيام الجمعية بسلسلة من اللقاءات مع مجموعات نسائية وفتح فضاءات لنقل أصوات النساء وعرض المشاكل التي يتعرضن لها خلال مسارات التعهد. كما تناول التقرير جانبًا كميًا مستندًا إلى معطيات مركز «منارة»، الذي تم إحداثه سنة 2014، ويقدّم خدمات مساندة ومرافقة لضحايا العنف.

وبيّن الجبالي أن عملية التعهد تنطلق من الاستقبال، ثم الاستماع والإنصات الآمن، وصولًا إلى الخدمات القانونية بجميع مراحلها، بما في ذلك توفير محامين وعدول تنفيذ، بالإضافة إلى الخدمة الاجتماعية والنفسية، التي تشمل تقديم المساعدات الاجتماعية والتنسيق مع مختلف الأطراف والهياكل المتدخلة، خاصة في ما يخص النساء ضحايا العنف.

ووصف إلياس الجبالي، في تصريحه لـ»الصباح»، الأرقام الصادرة عن التقرير بـ»الخطيرة»، مشيرًا إلى أهمية الوقوف عندها. فحسب معطيات مركز منارة (عينة النساء من ولاية الكاف)، يشكّل العنف الزوجي نسبة 78.04 % من مجموع حالات العنف المسلّط على النساء (مقابل 80.20 % سنة 2023)، وهو من أخطر أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة، باعتباره عنفًا في الفضاء الحميمي الخاص، وله تداعيات كبيرة على الفرد والأسرة.

وأشار الجبالي في السياق ذاته إلى أن عددًا لا بأس به من النساء ضحايا العنف الزوجي يعشن لفترات طويلة داخل دائرة العنف، ويجهلن أن ما يتعرضن له يُصنّف عنفًا، متأثرات في ذلك بثقافة اجتماعية وعادات وتقاليد تمنعهن من الخروج من تلك الدائرة. إذ تعتبر المرأة نفسها عماد الأسرة، وترى أنه من واجبها التحمل حفاظًا على أطفالها وعائلتها.

ورأى الجبالي أن الأعداد والنسب الكبيرة، رغم تقلصها، تعكس حجم العنف الزوجي في الجهة، وهو لا يمكن حصره فقط في البعد الإحصائي أو الكمي، بل يجب قراءته بطريقة تقاطعية تتضمن مؤشرات سوسيولوجية مركبة، تأخذ بعين الاعتبار العوامل البنيوية والثقافية والاقتصادية التي تشكّل المشهد اليومي للعنف الموجّه ضد النساء في الكاف. وشدّد على أن جهة الكاف لا تختلف عن باقي جهات البلاد من حيث ارتفاع نسبة العنف الزوجي بمختلف أشكاله، كما أظهرت دراسة المعهد الوطني للإحصاء سنة 2022 حول العنف المسلط على النساء.

وذكر الجبالي أن هذه المقاربات الاجتماعية تسهم في ارتفاع نسبة قتل النساء في تونس سنويًا، إذ أن العديد من النساء غير قادرات على الخروج من حلقات العنف المسلط عليهن.

وأشار التقرير إلى أن 70.3 % من النساء ضحايا العنف هنّ عاطلات عن العمل، ما يعكس أن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية تعزّز احتمالات تعرّضهن للعنف. في حين أن 13.88 % من الضحايا أميات، و21.52 % منهن بمستوى تعليم ابتدائي.

وتبيّن معطيات مركز منارة أن جميع أشكال العنف المنصوص عليها في القانون الأساسي عدد 58 مورست في جهة الكاف على الضحايا اللاتي تم استقبالهن في المركز بنسب متفاوتة، وهي: العنف المادي، المعنوي أو النفسي، الجنسي، الاقتصادي، والسياسي.

وحسب الإحصائيات الصادرة عن المركز، يحتل العنف المعنوي أو النفسي المرتبة الأولى بنسبة 93.75 %، يليه العنف الاقتصادي بنسبة 79.16 %، ثم العنف المادي بنسبة 53.47 %، فالعنف الجنسي بنسبة 11.80 %، وأخيرًا العنف السياسي بنسبة 0.69 %.

وتظهر المعطيات أن غالبية النساء الوافدات الجدد على المركز ينتمين إلى وسط حضري بنسبة 72.91 %، مقابل 27 % من مناطق ريفية، وهو ما يدل على صعوبة التنقل وكلفته بالنسبة لهذا الصنف من الضحايا.

وتتعرض النساء في جميع الفئات العمرية للعنف، بما في ذلك الفئات الأصغر والأكبر سنًّا، ولكن بنسب أقل، إذ يرتفع عدد الضحايا في الفئة العمرية ما بين 30 و44 سنة، حيث تجاوزت النصف من بين مجموع النساء الوافدات على الجمعية، تليها الفئة بين 45 و59 عامًا، ثم فئة 19 إلى 29 سنة، فيما تتعرض النساء فوق 60 عامًا أيضًا للعنف الزوجي.

ويشير التقرير إلى أن غالبية النساء الوافدات على مركز منارة يعشن هشاشة اقتصادية، إذ بلغت نسبة العاطلات عن العمل 70.13 %، وهي نسبة مرتفعة للغاية، خاصة عند إضافة نسبة العاملات المنزليات
(1.38 %)، والعاملات في القطاع العام (6.25 %)، وفي القطاع الخاص (11.11 %).

ويؤكد الجبالي أن الهشاشة الاقتصادية تُعدّ عائقًا كبيرًا أمام الضحايا في سعيهن للخروج من دائرة العنف، إذ تجد المرأة نفسها مجبرة على تحمّل العنف لتجنّب فقدان الدعم المالي أو المأوى. فالتبعية المالية للمُعنّف تُعرّضها إلى مزيد من الأذى، بسبب صعوبة الانفصال عنه، وعجزها عن إعالة نفسها وأطفالها.

ويقوم مركز منارة بتوثيق الممارسات الفضلى، وكذلك الإخلالات من قبل الهياكل المتعهّدة بالنساء ضحايا العنف، استنادًا إلى ملفات الضحايا أو من خلال تصريحاتهن. وتشير النساء المستجوبات إلى وجود صعوبات في مسار التقاضي المتعلق بهذا النوع من العنف، وإلى غياب الحماية.

وتقدّم جمعية المرأة والمواطنة بالكاف، ضمن تقريرها حول العنف المسلط على النساء، جملة من التوصيات تهدف إلى تحسين التدخل الأمني، وفي قطاعي العدل والصحة. كما تؤكد على ضرورة وضع استراتيجية وطنية لمناهضة العنف الزوجي، والوقاية من ظاهرة قتل النساء بصفة خاصة.

وطالبت الجمعية بالترفيع في عدد الأعوان في الوحدات المختصة في مراكز الأمن والحرس الوطني، وتوفير الدعم المالي واللوجستي والموارد البشرية المتخصصة لمراكز الإيواء، فضلًا عن دعم التنسيقيات الجهوية وتعزيز تبادل الخبرات بين الجهات.

كما شددت الجمعية على أهمية إحداث برنامج أو خطة لتأهيل المعنفين لإدماجهم مجددًا في الأسرة والمجتمع، والتوقف عن نقل القضاة المختصين أو الأعوان ورؤساء الفرق المختصة الذين تلقّوا تكوينًا واكتسبوا خبرة في مجال العنف ضد المرأة، مع التأكيد على ضرورة التفرغ والتخصص لقضاة الأسرة والوحدات المختصة، وتدعيم القدرات البشرية والمادية لكافة القطاعات المتدخلة.

ريم سوودي

كشفها تقرير جمعية المرأة والمواطنة..    78.04 % من العنف المُسلَّط على النساء "زوجي"

 

- حالة الهشاشة تجبر الضحية على البقاء داخل دائرة العنف

يسلط التقرير السنوي الخاص بمسارات التعهد بضحايا العنف في ولاية الكاف الضوء على الإشكاليات التي تتعرض لها النساء ضحايا العنف في الجهة، ويعتبر أن هذه الإشكاليات عامة وتشمل النساء في مختلف ولايات الجمهورية، ومن المهم أن تُرفق برؤية شاملة وتوصيات كفيلة بتحسين تطبيقات القانون الأساسي عدد 58، ودعم قدرات التعهد بضحايا العنف، حتى تكون هذه المسارات آمنة وسريعة وتستجيب لحاجيات الضحايا.

وأفاد إلياس الجبالي، المكلف بمشروع حماية النساء ضحايا العنف ومنع قتل النساء في تونس، ضمن جمعية المرأة والمواطنة بالكاف، خلال الندوة الصحفية المخصصة لعرض تقرير سنة 2024، بأن التقرير يتناول جانبًا كيفيًا، وذلك بعد قيام الجمعية بسلسلة من اللقاءات مع مجموعات نسائية وفتح فضاءات لنقل أصوات النساء وعرض المشاكل التي يتعرضن لها خلال مسارات التعهد. كما تناول التقرير جانبًا كميًا مستندًا إلى معطيات مركز «منارة»، الذي تم إحداثه سنة 2014، ويقدّم خدمات مساندة ومرافقة لضحايا العنف.

وبيّن الجبالي أن عملية التعهد تنطلق من الاستقبال، ثم الاستماع والإنصات الآمن، وصولًا إلى الخدمات القانونية بجميع مراحلها، بما في ذلك توفير محامين وعدول تنفيذ، بالإضافة إلى الخدمة الاجتماعية والنفسية، التي تشمل تقديم المساعدات الاجتماعية والتنسيق مع مختلف الأطراف والهياكل المتدخلة، خاصة في ما يخص النساء ضحايا العنف.

ووصف إلياس الجبالي، في تصريحه لـ»الصباح»، الأرقام الصادرة عن التقرير بـ»الخطيرة»، مشيرًا إلى أهمية الوقوف عندها. فحسب معطيات مركز منارة (عينة النساء من ولاية الكاف)، يشكّل العنف الزوجي نسبة 78.04 % من مجموع حالات العنف المسلّط على النساء (مقابل 80.20 % سنة 2023)، وهو من أخطر أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة، باعتباره عنفًا في الفضاء الحميمي الخاص، وله تداعيات كبيرة على الفرد والأسرة.

وأشار الجبالي في السياق ذاته إلى أن عددًا لا بأس به من النساء ضحايا العنف الزوجي يعشن لفترات طويلة داخل دائرة العنف، ويجهلن أن ما يتعرضن له يُصنّف عنفًا، متأثرات في ذلك بثقافة اجتماعية وعادات وتقاليد تمنعهن من الخروج من تلك الدائرة. إذ تعتبر المرأة نفسها عماد الأسرة، وترى أنه من واجبها التحمل حفاظًا على أطفالها وعائلتها.

ورأى الجبالي أن الأعداد والنسب الكبيرة، رغم تقلصها، تعكس حجم العنف الزوجي في الجهة، وهو لا يمكن حصره فقط في البعد الإحصائي أو الكمي، بل يجب قراءته بطريقة تقاطعية تتضمن مؤشرات سوسيولوجية مركبة، تأخذ بعين الاعتبار العوامل البنيوية والثقافية والاقتصادية التي تشكّل المشهد اليومي للعنف الموجّه ضد النساء في الكاف. وشدّد على أن جهة الكاف لا تختلف عن باقي جهات البلاد من حيث ارتفاع نسبة العنف الزوجي بمختلف أشكاله، كما أظهرت دراسة المعهد الوطني للإحصاء سنة 2022 حول العنف المسلط على النساء.

وذكر الجبالي أن هذه المقاربات الاجتماعية تسهم في ارتفاع نسبة قتل النساء في تونس سنويًا، إذ أن العديد من النساء غير قادرات على الخروج من حلقات العنف المسلط عليهن.

وأشار التقرير إلى أن 70.3 % من النساء ضحايا العنف هنّ عاطلات عن العمل، ما يعكس أن الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية تعزّز احتمالات تعرّضهن للعنف. في حين أن 13.88 % من الضحايا أميات، و21.52 % منهن بمستوى تعليم ابتدائي.

وتبيّن معطيات مركز منارة أن جميع أشكال العنف المنصوص عليها في القانون الأساسي عدد 58 مورست في جهة الكاف على الضحايا اللاتي تم استقبالهن في المركز بنسب متفاوتة، وهي: العنف المادي، المعنوي أو النفسي، الجنسي، الاقتصادي، والسياسي.

وحسب الإحصائيات الصادرة عن المركز، يحتل العنف المعنوي أو النفسي المرتبة الأولى بنسبة 93.75 %، يليه العنف الاقتصادي بنسبة 79.16 %، ثم العنف المادي بنسبة 53.47 %، فالعنف الجنسي بنسبة 11.80 %، وأخيرًا العنف السياسي بنسبة 0.69 %.

وتظهر المعطيات أن غالبية النساء الوافدات الجدد على المركز ينتمين إلى وسط حضري بنسبة 72.91 %، مقابل 27 % من مناطق ريفية، وهو ما يدل على صعوبة التنقل وكلفته بالنسبة لهذا الصنف من الضحايا.

وتتعرض النساء في جميع الفئات العمرية للعنف، بما في ذلك الفئات الأصغر والأكبر سنًّا، ولكن بنسب أقل، إذ يرتفع عدد الضحايا في الفئة العمرية ما بين 30 و44 سنة، حيث تجاوزت النصف من بين مجموع النساء الوافدات على الجمعية، تليها الفئة بين 45 و59 عامًا، ثم فئة 19 إلى 29 سنة، فيما تتعرض النساء فوق 60 عامًا أيضًا للعنف الزوجي.

ويشير التقرير إلى أن غالبية النساء الوافدات على مركز منارة يعشن هشاشة اقتصادية، إذ بلغت نسبة العاطلات عن العمل 70.13 %، وهي نسبة مرتفعة للغاية، خاصة عند إضافة نسبة العاملات المنزليات
(1.38 %)، والعاملات في القطاع العام (6.25 %)، وفي القطاع الخاص (11.11 %).

ويؤكد الجبالي أن الهشاشة الاقتصادية تُعدّ عائقًا كبيرًا أمام الضحايا في سعيهن للخروج من دائرة العنف، إذ تجد المرأة نفسها مجبرة على تحمّل العنف لتجنّب فقدان الدعم المالي أو المأوى. فالتبعية المالية للمُعنّف تُعرّضها إلى مزيد من الأذى، بسبب صعوبة الانفصال عنه، وعجزها عن إعالة نفسها وأطفالها.

ويقوم مركز منارة بتوثيق الممارسات الفضلى، وكذلك الإخلالات من قبل الهياكل المتعهّدة بالنساء ضحايا العنف، استنادًا إلى ملفات الضحايا أو من خلال تصريحاتهن. وتشير النساء المستجوبات إلى وجود صعوبات في مسار التقاضي المتعلق بهذا النوع من العنف، وإلى غياب الحماية.

وتقدّم جمعية المرأة والمواطنة بالكاف، ضمن تقريرها حول العنف المسلط على النساء، جملة من التوصيات تهدف إلى تحسين التدخل الأمني، وفي قطاعي العدل والصحة. كما تؤكد على ضرورة وضع استراتيجية وطنية لمناهضة العنف الزوجي، والوقاية من ظاهرة قتل النساء بصفة خاصة.

وطالبت الجمعية بالترفيع في عدد الأعوان في الوحدات المختصة في مراكز الأمن والحرس الوطني، وتوفير الدعم المالي واللوجستي والموارد البشرية المتخصصة لمراكز الإيواء، فضلًا عن دعم التنسيقيات الجهوية وتعزيز تبادل الخبرات بين الجهات.

كما شددت الجمعية على أهمية إحداث برنامج أو خطة لتأهيل المعنفين لإدماجهم مجددًا في الأسرة والمجتمع، والتوقف عن نقل القضاة المختصين أو الأعوان ورؤساء الفرق المختصة الذين تلقّوا تكوينًا واكتسبوا خبرة في مجال العنف ضد المرأة، مع التأكيد على ضرورة التفرغ والتخصص لقضاة الأسرة والوحدات المختصة، وتدعيم القدرات البشرية والمادية لكافة القطاعات المتدخلة.

ريم سوودي