لم يعد تحقيق الانتقال الطاقي في تونس خيارا بل ضرورة ملحة، ولبلوغ هذا الهدف من الضروري التركيز على إرساء سياسة طاقية جديدة تستجيب لمقتضيات وتحديات المرحلة من خلال التحول من النظم التقليدية للإنتاج والاستهلاك إلى نموذج طاقي جديد يرتكز على تنويع المصادر ومنظومات الإنتاج والاستهلاك والنفاذ إلى الطاقة والتحكم في الاستهلاك.
وعلى هذا الأساس تدعو عديد الأطراف الرسمية والمختصة إلى استغلال وتثمين الطاقات البديلة وخاصة منها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لمواجهة العجز الطاقي، الذي تعيشه البلاد، كما تدعو إلى التحسيس بأهمية استغلال الطاقات البديلة خاصة وأن كلفتها أقل بكثير من كلفة الطاقات التقليدية بالإضافة لمحافظتها على البيئة.
ونذكر أن عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس، سجل انخفاضا مع موفي ماي 2025، بنسبة 4 %، على أساس سنوي، ليبلغ 4382 مليون دينار مقابل 4572 مليون دينار تمّ تسجيلها مع موفي ماي 2024. وسجّلت صادرات الطاقة، وفق بيانات المرصد الوطني للطاقة والمناجم، مع موفى شهر ماي 2025، انخفاضا في القيمة بنسبة 36 % مرفقة بانخفاض في الواردات بنسبة 12 % مقارنة بموفى شهر ماي 2024. وأكّد المرصد، في سياق متّصل بالبيانات المتعلقة بالميزان التجاري الطاقي، على أنّ نسبة تغطية الواردات للصادرات لم تتجاوز 18 %، خلال الفترة نفسها، أي بالمقارنة بين ماي 2025 وماي 2024.
تكثيف الجهود لتنفيذ برامج الانتقال الطاقي
وكانت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت، قد دعت مؤخرا المؤسسات تحت الإشراف في قطاع إنتاج ونقل وتوزيع المحروقات والكهرباء، إلى تكثيف الجهود لتنفيذ برامج الانتقال الطاقي.
وشددت الوزيرة، خلال جلسة عمل موسّعة مع المشرفين على المؤسسات الناشطة في قطاع الطاقة (الإنتاج والنقل والتخزين والتكرير والتوزيع) إلى تسريع وتيرة إنجاز المشاريع ودعم الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة باعتباره ركيزة أساسية لبلوغ التنمية المستدامة ودفع بالاقتصاد. وشكلت الجلسة مناسبة لمتابعة نشاط المؤسسات تحت الإشراف في قطاع إنتاج ونقل وتوزيع مناسبة تمّ خلالها النّظر في الوضعية المالية والفنّية لهذه المؤسسات ومناقشة برنامج عملها خلال الفترة القادمة.
ويتنزل هذا الاجتماع في إطار متابعة نشاط شركات قطاع الطاقة علما وأنه تمّ التطرق إلى أهم التحديات التي تواجهها وأبرز تصوراتها الهادفة إلى تحقيق الإصلاحات الهيكلية ودعم الاستثمار وترشيد استخدام الموارد الطاقية.
حزمة من الإجراءات لدعم مسار الانتقال الطاقي
وفي خطوة تهدف إلى دعم مسار الانتقال الطاقي في البلاد، أعلنت الشركة التونسية للكهرباء والغاز مؤخرا عن حزمة من الإجراءات التنظيمية الجديدة تهدف إلى تبسيط وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتحدد الترتيبات الجديدة آجالاً زمنية واضحة للموافقات الفنية وتركيب العدادات، وتضع آليات تواصل مباشرة وفعالة بين الشركة ومركبي المحطات لضمان سلاسة معالجة الملفات من مرحلة تقديم الطلب وحتى التشغيل الفعلي.
وفي إطار تشجيع المواطنين والمستثمرين على التوجه نحو إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ودعم الأهداف الوطنية للانتقال الطاقي، أكدت الشركة التونسية للكهرباء والغاز عزمها على تنظيم جلسات تقنية دورية تجمع مصالحها الفنية بمركبي المحطات بهدف متابعة تقدم الملفات العالقة والعمل على تقليص آجال معالجتها.
الاستقلال الطاقي «إستراتيجية وطنية»
وفي نفس الإطار كان المرصد التونسي للاقتصاد، قد دعا إلى القيام بتغيير جذري في النموذج المعتمد، حتى تتمكن من تجاوز الصدمات العالمية المتتالية، ولاسيما الجيوسياسية، التي تبرز بشكل دائم الاختلالات والمخاطر المرتبطة بإصلاحات تحرير الأسعار التي تشجع عليها بقوة المؤسسات المالية الدولية.
وطالب في مذكرة نشرها مؤخرا، بوضع إستراتيجية وطنية تتمحور حول الاستقلال الطاقي كمحور رئيسي.
وترتكز هذه الإستراتيجية أساساً على ضرورة استئناف الإنتاج الوطني من خلال عقود جديدة للاستكشاف والاستغلال، وفق ما جاء في المذكرة التي وردت تحت عنوان “في تونس، محطات الوقود تخشى الحروب».
ولاحظ المرصد، أنه خلال سنة 2024، لم تغطّ الإنتاجية الداخلية من النفط سوى 36 % من الطلب السنوي على المنتجات البترولية، مشيرا إلى أن كميات كبيرة من النفط تم استيرادها أساساً من أذربيجان (بقيمة 1960 مليون دينار)، وهو ما يمثل أكثر من 99.9 % من واردات النفط خلال نفس السنة، مما يعكس اعتماداً كبيراً على الطاقة الخارجية.
وتبقى تونس من هذا المنطلق، عرضة لتقلبات السوق الدولية، وقد تواجه قرارات مجحفة، وتأخيرات في التزود، بل وارتفاعاً مفاجئاً في التكاليف في حال حدوث توترات جيوسياسية أو اضطرابات لوجستية، وفق المصدر ذاته.
ويعتبر المرصد أنه ينبغي أن تترافق هذه الإستراتيجية مع مراجعة مجلة المحروقات والعقود الحالية أو التي أوشكت على الانتهاء، بهدف إعادة التفاوض بشأنها وفق رؤية وطنية ترتكز على السيادة الطاقية.
كما شدد من جهة أخرى على أهمية منح اهتمام أكبر للشركة التونسية لصناعات التكرير عبر تخصيص مزيد من الموارد المالية والبشرية لها، باعتبار أن المنتجات البترولية تمثل العبء الأكبر والتكلفة الطاقية الأعلى التي تتحملها الدولة.
واقتصر إنتاج الشركة على 25 % من حاجيات البلاد من المنتجات البترولية سنة 2024، وينخفض هذا المعدل إلى 11 % إذا ما تم اعتماد الإنتاج المخصص للسوق المحلية فقط، حسب ما أفاد به المرصد، مشيراً إلى أن وحدة “البلاتفورمينغ” الأساسية لإنتاج البنزين الخالي من الرصاص توقفت كلياً خلال نفس السنة، هذا ما يعزز الحاجة الإستراتيجية للاستثمار في تكرير النفط، وإدراج ذلك ضمن خطة التنمية 2026-2030، حسب ما لاحظه المرصد.
من جهة أخرى، من الضروري وضع إستراتيجية انتقال نحو تنقل “أخضر” لتقليص استهلاك المنتجات البترولية، وفقاً لتوصيات المرصد.
ويشمل هذا الانتقال من جهة، تعزيز وسائل النقل العمومي لتقليص استعمال السيارات الفردية، ومن جهة أخرى، وضع توجهات إستراتيجية واضحة بخصوص السيارات ذات الدفع البديل (الكهربائية، الهجينة، الهيدروجينية…).
كما يجب العمل على تسهيل اقتناء هذه السيارات من قبل المواطنين من خلال دعم القدرة الشرائية، وتطوير البنية التحتية اللازمة خاصة محطات الشحن، من أجل دعم فعلي لهذا التوجه نحو تنقل أكثر استدامة، وفق تقدير المرصد التونسي للاقتصاد.
جهاد الكلبوسي
لم يعد تحقيق الانتقال الطاقي في تونس خيارا بل ضرورة ملحة، ولبلوغ هذا الهدف من الضروري التركيز على إرساء سياسة طاقية جديدة تستجيب لمقتضيات وتحديات المرحلة من خلال التحول من النظم التقليدية للإنتاج والاستهلاك إلى نموذج طاقي جديد يرتكز على تنويع المصادر ومنظومات الإنتاج والاستهلاك والنفاذ إلى الطاقة والتحكم في الاستهلاك.
وعلى هذا الأساس تدعو عديد الأطراف الرسمية والمختصة إلى استغلال وتثمين الطاقات البديلة وخاصة منها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لمواجهة العجز الطاقي، الذي تعيشه البلاد، كما تدعو إلى التحسيس بأهمية استغلال الطاقات البديلة خاصة وأن كلفتها أقل بكثير من كلفة الطاقات التقليدية بالإضافة لمحافظتها على البيئة.
ونذكر أن عجز الميزان التجاري الطاقي لتونس، سجل انخفاضا مع موفي ماي 2025، بنسبة 4 %، على أساس سنوي، ليبلغ 4382 مليون دينار مقابل 4572 مليون دينار تمّ تسجيلها مع موفي ماي 2024. وسجّلت صادرات الطاقة، وفق بيانات المرصد الوطني للطاقة والمناجم، مع موفى شهر ماي 2025، انخفاضا في القيمة بنسبة 36 % مرفقة بانخفاض في الواردات بنسبة 12 % مقارنة بموفى شهر ماي 2024. وأكّد المرصد، في سياق متّصل بالبيانات المتعلقة بالميزان التجاري الطاقي، على أنّ نسبة تغطية الواردات للصادرات لم تتجاوز 18 %، خلال الفترة نفسها، أي بالمقارنة بين ماي 2025 وماي 2024.
تكثيف الجهود لتنفيذ برامج الانتقال الطاقي
وكانت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت، قد دعت مؤخرا المؤسسات تحت الإشراف في قطاع إنتاج ونقل وتوزيع المحروقات والكهرباء، إلى تكثيف الجهود لتنفيذ برامج الانتقال الطاقي.
وشددت الوزيرة، خلال جلسة عمل موسّعة مع المشرفين على المؤسسات الناشطة في قطاع الطاقة (الإنتاج والنقل والتخزين والتكرير والتوزيع) إلى تسريع وتيرة إنجاز المشاريع ودعم الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة باعتباره ركيزة أساسية لبلوغ التنمية المستدامة ودفع بالاقتصاد. وشكلت الجلسة مناسبة لمتابعة نشاط المؤسسات تحت الإشراف في قطاع إنتاج ونقل وتوزيع مناسبة تمّ خلالها النّظر في الوضعية المالية والفنّية لهذه المؤسسات ومناقشة برنامج عملها خلال الفترة القادمة.
ويتنزل هذا الاجتماع في إطار متابعة نشاط شركات قطاع الطاقة علما وأنه تمّ التطرق إلى أهم التحديات التي تواجهها وأبرز تصوراتها الهادفة إلى تحقيق الإصلاحات الهيكلية ودعم الاستثمار وترشيد استخدام الموارد الطاقية.
حزمة من الإجراءات لدعم مسار الانتقال الطاقي
وفي خطوة تهدف إلى دعم مسار الانتقال الطاقي في البلاد، أعلنت الشركة التونسية للكهرباء والغاز مؤخرا عن حزمة من الإجراءات التنظيمية الجديدة تهدف إلى تبسيط وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، وتحدد الترتيبات الجديدة آجالاً زمنية واضحة للموافقات الفنية وتركيب العدادات، وتضع آليات تواصل مباشرة وفعالة بين الشركة ومركبي المحطات لضمان سلاسة معالجة الملفات من مرحلة تقديم الطلب وحتى التشغيل الفعلي.
وفي إطار تشجيع المواطنين والمستثمرين على التوجه نحو إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ودعم الأهداف الوطنية للانتقال الطاقي، أكدت الشركة التونسية للكهرباء والغاز عزمها على تنظيم جلسات تقنية دورية تجمع مصالحها الفنية بمركبي المحطات بهدف متابعة تقدم الملفات العالقة والعمل على تقليص آجال معالجتها.
الاستقلال الطاقي «إستراتيجية وطنية»
وفي نفس الإطار كان المرصد التونسي للاقتصاد، قد دعا إلى القيام بتغيير جذري في النموذج المعتمد، حتى تتمكن من تجاوز الصدمات العالمية المتتالية، ولاسيما الجيوسياسية، التي تبرز بشكل دائم الاختلالات والمخاطر المرتبطة بإصلاحات تحرير الأسعار التي تشجع عليها بقوة المؤسسات المالية الدولية.
وطالب في مذكرة نشرها مؤخرا، بوضع إستراتيجية وطنية تتمحور حول الاستقلال الطاقي كمحور رئيسي.
وترتكز هذه الإستراتيجية أساساً على ضرورة استئناف الإنتاج الوطني من خلال عقود جديدة للاستكشاف والاستغلال، وفق ما جاء في المذكرة التي وردت تحت عنوان “في تونس، محطات الوقود تخشى الحروب».
ولاحظ المرصد، أنه خلال سنة 2024، لم تغطّ الإنتاجية الداخلية من النفط سوى 36 % من الطلب السنوي على المنتجات البترولية، مشيرا إلى أن كميات كبيرة من النفط تم استيرادها أساساً من أذربيجان (بقيمة 1960 مليون دينار)، وهو ما يمثل أكثر من 99.9 % من واردات النفط خلال نفس السنة، مما يعكس اعتماداً كبيراً على الطاقة الخارجية.
وتبقى تونس من هذا المنطلق، عرضة لتقلبات السوق الدولية، وقد تواجه قرارات مجحفة، وتأخيرات في التزود، بل وارتفاعاً مفاجئاً في التكاليف في حال حدوث توترات جيوسياسية أو اضطرابات لوجستية، وفق المصدر ذاته.
ويعتبر المرصد أنه ينبغي أن تترافق هذه الإستراتيجية مع مراجعة مجلة المحروقات والعقود الحالية أو التي أوشكت على الانتهاء، بهدف إعادة التفاوض بشأنها وفق رؤية وطنية ترتكز على السيادة الطاقية.
كما شدد من جهة أخرى على أهمية منح اهتمام أكبر للشركة التونسية لصناعات التكرير عبر تخصيص مزيد من الموارد المالية والبشرية لها، باعتبار أن المنتجات البترولية تمثل العبء الأكبر والتكلفة الطاقية الأعلى التي تتحملها الدولة.
واقتصر إنتاج الشركة على 25 % من حاجيات البلاد من المنتجات البترولية سنة 2024، وينخفض هذا المعدل إلى 11 % إذا ما تم اعتماد الإنتاج المخصص للسوق المحلية فقط، حسب ما أفاد به المرصد، مشيراً إلى أن وحدة “البلاتفورمينغ” الأساسية لإنتاج البنزين الخالي من الرصاص توقفت كلياً خلال نفس السنة، هذا ما يعزز الحاجة الإستراتيجية للاستثمار في تكرير النفط، وإدراج ذلك ضمن خطة التنمية 2026-2030، حسب ما لاحظه المرصد.
من جهة أخرى، من الضروري وضع إستراتيجية انتقال نحو تنقل “أخضر” لتقليص استهلاك المنتجات البترولية، وفقاً لتوصيات المرصد.
ويشمل هذا الانتقال من جهة، تعزيز وسائل النقل العمومي لتقليص استعمال السيارات الفردية، ومن جهة أخرى، وضع توجهات إستراتيجية واضحة بخصوص السيارات ذات الدفع البديل (الكهربائية، الهجينة، الهيدروجينية…).
كما يجب العمل على تسهيل اقتناء هذه السيارات من قبل المواطنين من خلال دعم القدرة الشرائية، وتطوير البنية التحتية اللازمة خاصة محطات الشحن، من أجل دعم فعلي لهذا التوجه نحو تنقل أكثر استدامة، وفق تقدير المرصد التونسي للاقتصاد.