تتمتع بالصفة القضائية والاستقلالية الهيكلية وملحقة برئاسة الحكومة .. هيئة قضايا الدولة تلغي وتعوّض المكلف العام بنزاعات الدولة
مقالات الصباح
من المبادرات التشريعية المقترحة اللافتة اليوم في البرلمان نجد مقترح قانون أساسي تقدّم به 61 نائبا من كتل برلمانية مختلفة ويتعلّق بإحداث «هيئة قضايا الدولة»، وهي هيئة ستهتم بنزاعات الدولة وستلغي وتعوّض مؤسسة المكلّف العام بنزاعات الدولة في صيغتها الحالية.واقتراح متابعة نزاعات الدولة من طرف هيئة قائمة الذات كمؤسسة تتمتّع بالاستقلالية ولا تقوم على الشخصنة أو لا يُختزل وجودها في خطة موظّف سام هو المكلف العام، كانت مطلبا منذ سنوات من المعنيين بهذه النزاعات وهي نظام معمول به في أكثر من دولة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واسبانيا ولبنان والأردن.. ويرى أصحاب المبادرة أن عدم التنصيص سابقا على إحداث هيئة لقضايا الدولة حال دون الارتقاء بالمكلف العام إلى مؤسسة قائمة الذات وهو ما أعاق هذه المؤسسة لفترات طويلة عن أداء مهامها بشكل مثالي في الدفاع عن مصالح الدولة .
ويضطلع المكلف العام بدور محامي الدولة وممثلها في النزاعات، وهو يترأسّ جهازا يعمل ضمنه أعضاء ينتمون لسلك المستشارين المقررين لدى مصالح نزاعات الدولة. هذا السلك المنظم بمقتضى الأمر عدد 2016 لسنة 1990 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للسلك، وجملة من النصوص اللاحقة التي نقحته.
وينظم جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة القانون عدد 13 لسنة 1988، ويرجع بالنظر لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية. ولكن ما يطرحه اليوم أصحاب مبادرة «هيئة قضايا الدولة» هو أن تكون الهيئة عبارة عن هيئة قضائية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال الإداري والمالي والتسيير الذاتي وتكون ملحقة برئاسة الحكومة وتكون لها صلاحية رفع الدعاوى لدى المحاكم ولدى الهيئات القضائية سواء في تونس أو خارجها، في الحالات التي تكون فيها الدولة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها. كما يمنح مقترح مشروع القانون الجديد هذه الهيئة «وظيفة استشارية» لإبداء الرأي فيما يعرض عليها من نصوص تشريعية وترتيبية واتفاقيات دولية واقتراح التعديلات الضرورية.
هيئة قضايا الدولة
النواب الموقعون على مبادرة مشروع قانون إحداث هيئة قضايا الدولة أكدوا أن المقترح يهدف إلى تجاوز النقائض التي أبانتها مراكمة تجربة طويلة دامت نحو نصف قرن من ممارسة وظيفة إدارة نزاعات الدولة، كما وضّحوا أن منح الصفة القضائية للهيئة المقترحة لا يعني إرساء جهاز قضائي مواز للقضاء العدلي والإداري والمالي في تونس، بل يندرج في إطار تكريس صريح للصبغة القضائية للهيئة، ولاضفاء نجاعة وفاعلية على عمل الهيئة.
ولم يكن جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة يتمتع بهذه الصفة القضائية إذ كان عبارة عن إدارة عامة ضمن إدارات وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، وكانت نقابة المستشارين المقررين بنزاعات الدولة قد طالبت منذ 2018 بتكريس الاستقلالية الوظيفية والهيكلية لهذا الجهاز ..
النائب عن «كتلة الأحرار» بلجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة يسري بوّاب وهو من النواب المبادرين في اقتراح مشروع هذا القانون الجديد، أكّد في تصريح
لـ «الصباح» أن اقتراح إحداث هيئة قضايا الدولة يتنزّل في إطار السعي إلى تعزيز دولة القانون وإصلاح المنظومة القضائية والإدارية ويأتي ذلك كتتويج لمسار طويل من التقييم والتفكير المؤسساتي في واقع التمثيل القانوني للدولة أمام القضاء.
وفي تقديم مشروع قانون إحداث هيئة قضايا الدولة الذي أمدّ النائب يسري بواب به «الصباح» فإن مشروع القانون الجديد يلغي ويعوّض القانون عدد 13 لسنة 1988 المتعلّق بالمكلف العام بنزاعات الدولة،ويعيد صياغة المهام والأدوار في إطار هيكلي مستقل.
حيث يهدف هذا المشروع إلى تحويل جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة من إدارة عامة إلى هيئة قضائية مستقلة تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي والوظيفي وذلك من خلال إرساء هيئة قضائية مستقلة تتولى الدفاع عن مصالح الدولة بصلاحيات موسعة تشمل التمثيل أمام المحاكم، وإصدار بطاقات الإلزام والإشراف على الصلح والتحكيم وتقديم الاستشارات القانونية وستقوم هذه الهيئة المقترحة لإخراج الجهاز من التبعية الإدارية لوزارة أملاك الدولة وإلحاقه برئاسة الحكومة بما يتماشى مع طبيعته ودوره الوطني العام.
أصحاب المبادرة من النواب قاموا أيضا بمراجعة وتوسيع صلاحيات الهيئة الجديدة لتشمل الوساطة وتسوية النزاعات بين الهياكل العمومية وكذلك الدفاع عن الأعوان العموميين وتمثيل الجماعات المحلية والمؤسسات بطلب منها وتتبع تنفيذ الأحكام الإدارية والقضائية وتيسير تنفيذها مع إقرار الطابع القضائي للهيئة عبر تمتيع أعضائها بضمانات القضاة ومنحها صفة هيئة قضائية ذات طابع مستقل ما يعزز من قوتها المعنوية ووظيفتها في الدفاع عن القانون والمصلحة العامة.
وقال يسري بواب إن هذه الهيئة تمثّل تجاوزا للنقائص التي ينبغي إصلاحها بعد أكثر من 30 سنة من العمل بالقانون القديم خاصة بعد استحداث أقضية جديدة معقدة ومتشعبة تهم خاصة مادة التحكيم الدولي والاستثمار والمصادرة واسترجاع الأموال المنهوبة بالخارج وتبييض الأموال والإرهاب وغيرها من القضايا المعقّدة كما وأن هذه الهيئة ستكون تفعيلا لتعهدات الحكومة ولمخططات التنمية التي نصت صراحة على إحداث هيئة مستقلة لقضايا الدولة إلى جانب أن هذه الهيئة ستكون إطارا فعّالا لحماية المال العام ومتابعة ملفات كبرى مثل قضايا الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة والتحكيم الدولي..
كما اعتبر النواب أصحاب هذه المبادرة أن هذا المشروع يمثّل نقلة نوعية في مسار إصلاح العدالة ويترجم تعهدات تونس إزاء المعايير الدولية، ويستجيب لتوصيات المؤتمرات العربية والجهوية في مجال قضايا الدولة، كما يُعدّ استحقاقا دستوريا يؤسس لتكافؤ حقيقي في الدفاع بين الأفراد والدولة أمام القضاء.
ورغم منطقية الدفوعات التي تقدّم بها النواب أصحاب هذه المبادرة التشريعية لإحداث هيئة قضايا الدولة لتعويض مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة إلا أنه من المتوقّع أن يثير هذا المشروع بعض التحفّظات في علاقة خاصة بالصبغة القضائية للهيئة خاصة وأن منح هذه الصفة سيصّعب بعد ذلك تصنيفها سواء كقضاء مالي أو إداري أو عدلي.
مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة
مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة في تونس هي جهة قضائية إدارية تتولى الدفاع عن مصالح الدولة في النزاعات القضائية دون أن تحمل الصفة الإدارية وهي تلعب دورا هاما في حماية المال العام والدفاع عن مصالح الدولة والمؤسسات العمومية عند تمثيلها أمام المحاكم حيث يمثّل المكلف العام الدولة في جميع الدعاوى القضائية التي تكون فيها الدولة طرفا سواء كانت مدعية أو مدعى عليها. كما تتولى مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة متابعة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في القضايا التي تكون الدولة طرفا فيها.
ومنذ سنوات يطالب المستشارون بجهاز نزاعات الدولة من خلال نقابة المستشارين المقررين بنزاعات الدولة التابعة لاتحاد الشغل بالاعتراف بسلطة المكلف العام بنزاعات الدولة في تقرير مآل النزاعات التي تنشر بطلب من الإدارة سواء من حيث رفعها أو عند تعهّد القضاء بها.
كما طالبت النقابة في مناسبات سابقة بضرورة استقلالية الجهاز الإدارية والمالية حيث شهدت بعض الفترات توتّرا كبيرا بين وزير أملاك الدولة التي تعود له مؤسسة نزاعات الدولة بالنظر ومستشاري نزاعات الدولة خاصة في بعض القضايا الكبرى التي تحوّلت إلى قضايا رأي عام.
ومنذ 2014 تعالت الأصوات داعية إلى مراجعة خطة المكلف العام بنزاعات الدولة نحو إرساء هيئة قضايا الدولة حيث طالب وقتها «المرصد التونسي لاستقلال القضاء» بضرورة إيجاد الإطار التشريعي الداعم للاستقلالية الوظيفية والهيكلية لجهاز المكلف العام وذلك بتنقيح القوانين الإطارية المنظّمة والاعتراف بسلطة المكلف العام بنزاعات الدولة في تقرير مآل النزاعات التي تنشر بطلب من الإدارة سواء من حيث رفعها أو عند تعهّد القضاء بها أو في مستوى ممارسة القانون كما اقترح المرصد وقتها أهمية إنهاء العمل بالصيغة المعتمدة حاليا في تمثيل الدولة بجعلها اختصاصا احتكاريا على المكلف العام بنزاعات الدولة مع ما يمثله ذلك من تغليب للاعتبار الشخصي لتلك الوظيفة والتوجّه إلى إرساء استقلالية حقيقية لذلك الجهاز. وقد طالب المرصد التونسي لاستقلال القضاء بضرورة عرض القانون المتعلق بهيئة قضايا الدولة على المجلس الوطني التأسيسي للتداول والمصادقة ليكون إطارا تشريعيا ضامنا للإستقلالية وتفعيلا للتوصيات الصّادرة عن اجتماع رؤساء هيئات قضايا الدولة الذي ينعقد بصفة دورية في إطار مجلس وزراء العدل العرب.
إلا أن ذلك لم يحدث خلال عهدة المجلس التأسيسي وتواصل تجاهل هذا الطلب لتعزيز صلاحيات واستقلالية جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة إلى أن كانت هذه المبادرة التشريعية لإحداث هيئة قضايا الدولة والتي تبدو اليوم خيارا جديدا تراهن عليه الدولة في حماية مصالحها.
منية العرفاوي
من المبادرات التشريعية المقترحة اللافتة اليوم في البرلمان نجد مقترح قانون أساسي تقدّم به 61 نائبا من كتل برلمانية مختلفة ويتعلّق بإحداث «هيئة قضايا الدولة»، وهي هيئة ستهتم بنزاعات الدولة وستلغي وتعوّض مؤسسة المكلّف العام بنزاعات الدولة في صيغتها الحالية.واقتراح متابعة نزاعات الدولة من طرف هيئة قائمة الذات كمؤسسة تتمتّع بالاستقلالية ولا تقوم على الشخصنة أو لا يُختزل وجودها في خطة موظّف سام هو المكلف العام، كانت مطلبا منذ سنوات من المعنيين بهذه النزاعات وهي نظام معمول به في أكثر من دولة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واسبانيا ولبنان والأردن.. ويرى أصحاب المبادرة أن عدم التنصيص سابقا على إحداث هيئة لقضايا الدولة حال دون الارتقاء بالمكلف العام إلى مؤسسة قائمة الذات وهو ما أعاق هذه المؤسسة لفترات طويلة عن أداء مهامها بشكل مثالي في الدفاع عن مصالح الدولة .
ويضطلع المكلف العام بدور محامي الدولة وممثلها في النزاعات، وهو يترأسّ جهازا يعمل ضمنه أعضاء ينتمون لسلك المستشارين المقررين لدى مصالح نزاعات الدولة. هذا السلك المنظم بمقتضى الأمر عدد 2016 لسنة 1990 والمتعلق بضبط النظام الأساسي للسلك، وجملة من النصوص اللاحقة التي نقحته.
وينظم جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة القانون عدد 13 لسنة 1988، ويرجع بالنظر لوزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية. ولكن ما يطرحه اليوم أصحاب مبادرة «هيئة قضايا الدولة» هو أن تكون الهيئة عبارة عن هيئة قضائية تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال الإداري والمالي والتسيير الذاتي وتكون ملحقة برئاسة الحكومة وتكون لها صلاحية رفع الدعاوى لدى المحاكم ولدى الهيئات القضائية سواء في تونس أو خارجها، في الحالات التي تكون فيها الدولة والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها. كما يمنح مقترح مشروع القانون الجديد هذه الهيئة «وظيفة استشارية» لإبداء الرأي فيما يعرض عليها من نصوص تشريعية وترتيبية واتفاقيات دولية واقتراح التعديلات الضرورية.
هيئة قضايا الدولة
النواب الموقعون على مبادرة مشروع قانون إحداث هيئة قضايا الدولة أكدوا أن المقترح يهدف إلى تجاوز النقائض التي أبانتها مراكمة تجربة طويلة دامت نحو نصف قرن من ممارسة وظيفة إدارة نزاعات الدولة، كما وضّحوا أن منح الصفة القضائية للهيئة المقترحة لا يعني إرساء جهاز قضائي مواز للقضاء العدلي والإداري والمالي في تونس، بل يندرج في إطار تكريس صريح للصبغة القضائية للهيئة، ولاضفاء نجاعة وفاعلية على عمل الهيئة.
ولم يكن جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة يتمتع بهذه الصفة القضائية إذ كان عبارة عن إدارة عامة ضمن إدارات وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية، وكانت نقابة المستشارين المقررين بنزاعات الدولة قد طالبت منذ 2018 بتكريس الاستقلالية الوظيفية والهيكلية لهذا الجهاز ..
النائب عن «كتلة الأحرار» بلجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية والقوانين البرلمانية والوظيفة يسري بوّاب وهو من النواب المبادرين في اقتراح مشروع هذا القانون الجديد، أكّد في تصريح
لـ «الصباح» أن اقتراح إحداث هيئة قضايا الدولة يتنزّل في إطار السعي إلى تعزيز دولة القانون وإصلاح المنظومة القضائية والإدارية ويأتي ذلك كتتويج لمسار طويل من التقييم والتفكير المؤسساتي في واقع التمثيل القانوني للدولة أمام القضاء.
وفي تقديم مشروع قانون إحداث هيئة قضايا الدولة الذي أمدّ النائب يسري بواب به «الصباح» فإن مشروع القانون الجديد يلغي ويعوّض القانون عدد 13 لسنة 1988 المتعلّق بالمكلف العام بنزاعات الدولة،ويعيد صياغة المهام والأدوار في إطار هيكلي مستقل.
حيث يهدف هذا المشروع إلى تحويل جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة من إدارة عامة إلى هيئة قضائية مستقلة تتمتع بالاستقلال الإداري والمالي والوظيفي وذلك من خلال إرساء هيئة قضائية مستقلة تتولى الدفاع عن مصالح الدولة بصلاحيات موسعة تشمل التمثيل أمام المحاكم، وإصدار بطاقات الإلزام والإشراف على الصلح والتحكيم وتقديم الاستشارات القانونية وستقوم هذه الهيئة المقترحة لإخراج الجهاز من التبعية الإدارية لوزارة أملاك الدولة وإلحاقه برئاسة الحكومة بما يتماشى مع طبيعته ودوره الوطني العام.
أصحاب المبادرة من النواب قاموا أيضا بمراجعة وتوسيع صلاحيات الهيئة الجديدة لتشمل الوساطة وتسوية النزاعات بين الهياكل العمومية وكذلك الدفاع عن الأعوان العموميين وتمثيل الجماعات المحلية والمؤسسات بطلب منها وتتبع تنفيذ الأحكام الإدارية والقضائية وتيسير تنفيذها مع إقرار الطابع القضائي للهيئة عبر تمتيع أعضائها بضمانات القضاة ومنحها صفة هيئة قضائية ذات طابع مستقل ما يعزز من قوتها المعنوية ووظيفتها في الدفاع عن القانون والمصلحة العامة.
وقال يسري بواب إن هذه الهيئة تمثّل تجاوزا للنقائص التي ينبغي إصلاحها بعد أكثر من 30 سنة من العمل بالقانون القديم خاصة بعد استحداث أقضية جديدة معقدة ومتشعبة تهم خاصة مادة التحكيم الدولي والاستثمار والمصادرة واسترجاع الأموال المنهوبة بالخارج وتبييض الأموال والإرهاب وغيرها من القضايا المعقّدة كما وأن هذه الهيئة ستكون تفعيلا لتعهدات الحكومة ولمخططات التنمية التي نصت صراحة على إحداث هيئة مستقلة لقضايا الدولة إلى جانب أن هذه الهيئة ستكون إطارا فعّالا لحماية المال العام ومتابعة ملفات كبرى مثل قضايا الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة والتحكيم الدولي..
كما اعتبر النواب أصحاب هذه المبادرة أن هذا المشروع يمثّل نقلة نوعية في مسار إصلاح العدالة ويترجم تعهدات تونس إزاء المعايير الدولية، ويستجيب لتوصيات المؤتمرات العربية والجهوية في مجال قضايا الدولة، كما يُعدّ استحقاقا دستوريا يؤسس لتكافؤ حقيقي في الدفاع بين الأفراد والدولة أمام القضاء.
ورغم منطقية الدفوعات التي تقدّم بها النواب أصحاب هذه المبادرة التشريعية لإحداث هيئة قضايا الدولة لتعويض مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة إلا أنه من المتوقّع أن يثير هذا المشروع بعض التحفّظات في علاقة خاصة بالصبغة القضائية للهيئة خاصة وأن منح هذه الصفة سيصّعب بعد ذلك تصنيفها سواء كقضاء مالي أو إداري أو عدلي.
مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة
مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة في تونس هي جهة قضائية إدارية تتولى الدفاع عن مصالح الدولة في النزاعات القضائية دون أن تحمل الصفة الإدارية وهي تلعب دورا هاما في حماية المال العام والدفاع عن مصالح الدولة والمؤسسات العمومية عند تمثيلها أمام المحاكم حيث يمثّل المكلف العام الدولة في جميع الدعاوى القضائية التي تكون فيها الدولة طرفا سواء كانت مدعية أو مدعى عليها. كما تتولى مؤسسة المكلف العام بنزاعات الدولة متابعة تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في القضايا التي تكون الدولة طرفا فيها.
ومنذ سنوات يطالب المستشارون بجهاز نزاعات الدولة من خلال نقابة المستشارين المقررين بنزاعات الدولة التابعة لاتحاد الشغل بالاعتراف بسلطة المكلف العام بنزاعات الدولة في تقرير مآل النزاعات التي تنشر بطلب من الإدارة سواء من حيث رفعها أو عند تعهّد القضاء بها.
كما طالبت النقابة في مناسبات سابقة بضرورة استقلالية الجهاز الإدارية والمالية حيث شهدت بعض الفترات توتّرا كبيرا بين وزير أملاك الدولة التي تعود له مؤسسة نزاعات الدولة بالنظر ومستشاري نزاعات الدولة خاصة في بعض القضايا الكبرى التي تحوّلت إلى قضايا رأي عام.
ومنذ 2014 تعالت الأصوات داعية إلى مراجعة خطة المكلف العام بنزاعات الدولة نحو إرساء هيئة قضايا الدولة حيث طالب وقتها «المرصد التونسي لاستقلال القضاء» بضرورة إيجاد الإطار التشريعي الداعم للاستقلالية الوظيفية والهيكلية لجهاز المكلف العام وذلك بتنقيح القوانين الإطارية المنظّمة والاعتراف بسلطة المكلف العام بنزاعات الدولة في تقرير مآل النزاعات التي تنشر بطلب من الإدارة سواء من حيث رفعها أو عند تعهّد القضاء بها أو في مستوى ممارسة القانون كما اقترح المرصد وقتها أهمية إنهاء العمل بالصيغة المعتمدة حاليا في تمثيل الدولة بجعلها اختصاصا احتكاريا على المكلف العام بنزاعات الدولة مع ما يمثله ذلك من تغليب للاعتبار الشخصي لتلك الوظيفة والتوجّه إلى إرساء استقلالية حقيقية لذلك الجهاز. وقد طالب المرصد التونسي لاستقلال القضاء بضرورة عرض القانون المتعلق بهيئة قضايا الدولة على المجلس الوطني التأسيسي للتداول والمصادقة ليكون إطارا تشريعيا ضامنا للإستقلالية وتفعيلا للتوصيات الصّادرة عن اجتماع رؤساء هيئات قضايا الدولة الذي ينعقد بصفة دورية في إطار مجلس وزراء العدل العرب.
إلا أن ذلك لم يحدث خلال عهدة المجلس التأسيسي وتواصل تجاهل هذا الطلب لتعزيز صلاحيات واستقلالية جهاز المكلف العام بنزاعات الدولة إلى أن كانت هذه المبادرة التشريعية لإحداث هيئة قضايا الدولة والتي تبدو اليوم خيارا جديدا تراهن عليه الدولة في حماية مصالحها.
منية العرفاوي