إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كشفته‭ ‬مذكرة ‭ ‬‮"‬تطور‭ ‬مؤشرات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‮".. تونس‭ ‬بين‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬وتثبيت‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية

برهن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬مرونته‭ ‬إزاء‭ ‬إكراهات‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬الصعب،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬إثبات‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬التداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬للأزمات‭ ‬المتتالية‭ ‬والتقليص‭ ‬من‭ ‬تأثيراتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬اكتسب‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬لتجسيم‭ ‬الأولويات‭ ‬الوطنية‭ ‬وتكريس‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬المرحلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬تنشيط‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬واستعادة‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬والتحكم‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬عبر‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬للدولة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إيلاء‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬للتدخلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للدولة‭ ‬ومساندة‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الضعيفة‭ ‬وتكريس‭ ‬البعد‭ ‬التضامني‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وحفز‭ ‬الاستثمار‭ ‬العمومي‭ ‬وتسريع‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية‭ ‬ودفع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

وتعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والتقليص‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬التداين‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمشاريع‭ ‬الاستثمارية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتكريس‭ ‬سياسة‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬كركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬وإعلاء‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬استقلالية‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭.‬
تعزيز‭ ‬الاندماج‭ ‬الاجتماعي
ولمواصلة‭ ‬تثبيت‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬تم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬اجتماعية‭ ‬قوامها‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وتقليص‭ ‬الفوارق‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاندماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقرار‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمزيد‭ ‬الإحاطة‭ ‬بالفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬محدودة‭ ‬الدخل‭ ‬والطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬ودعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬وتحسين‭ ‬فاعلية‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وإحكام‭ ‬توظيف‭ ‬التمكين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬وذات‭ ‬الدخل‭ ‬الضعيف‭ ‬وتشجيع‭ ‬المبادرة‭ ‬وخلق‭ ‬مصادر‭ ‬الرزق‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية،‭ ‬أساسًا‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬مسار‭ ‬إحداث‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والنهوض‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والمالي،‭ ‬وفي‭ ‬امتصاص‭ ‬البطالة‭ ‬وتشغيل‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭.‬
وما‭ ‬انفك‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المرفق‭ ‬العام‭ ‬والتغطية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوانين،‭ ‬أهمها‭ ‬قانون‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬المناولة‭ ‬والفصل‭ ‬412‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالتخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفوائض‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬قروض‭ ‬السكن،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬إرساء‭ ‬خطوط‭ ‬عديدة‭ ‬تدعم‭ ‬برامج‭ ‬إحداث‭ ‬مساكن‭ ‬اجتماعية‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬محدودة‭ ‬الدخل‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬صدرت‭ ‬مذكرة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬تطور‭ ‬مؤشرات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬تونس‮»‬‭ ‬أصدرها،‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬لرؤساء‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وبينت‭ ‬المذكرة‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬بقي‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بصفة‭ ‬لصيقة‭ ‬بتطوير‭ ‬ثلاث‭ ‬فرضيات‭ ‬أساسية،‭ ‬وهي‭ ‬تتعلق‭ ‬خاصة‭ ‬بنسبة‭ ‬النمو‭ ‬وسعر‭ ‬برميل‭ ‬نفط‭ ‬‮«‬برانت‮»‬‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬ونسبة‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬مردودية‭ ‬استخلاص‭ ‬إيرادات‭ ‬الجباية‭ ‬ومؤشر‭ ‬تنفيذ‭ ‬النفقات‭ ‬العامة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تعبئة‭ ‬القروض‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬مخططات‭ ‬التمويل‭ ‬المرسومة‭ ‬مسبقًا‭.‬
ونوه‭ ‬المعهد‭ ‬بأن‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬اعتماد‭ ‬قانون‭ ‬مالية‭ ‬تكميلي‭ ‬عكس‭ ‬الفترة‭ ‬2021-2023،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬تنفيذًا‭ ‬أفضل‭ ‬لميزانية‭ ‬الدولة‭.‬
وأشارت‭ ‬المذكرة‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬تنفيذ‭ ‬الميزانية‭ ‬لسنتي‭ ‬2021‭ ‬و2022‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬المجمل‭ ‬إيجابية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬الغذائية،‭ ‬باعتبار‭ ‬شبه‭ ‬استقرار‭ ‬فرضية‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬جهود‭ ‬استخلاص‭ ‬إيرادات‭ ‬الميزانية‭.‬
تسجيل‭ ‬ديناميكية
وبيّنت‭ ‬المعطيات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬تسجيل‭ ‬ديناميكية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬نفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬مع‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نفقات‭ ‬الأجور‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬منخفض‭ ‬مقارنة‭ ‬بالتقديرات‭ ‬الأولية،‭ ‬إذ‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬نفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬114‭.‬4‭ % ‬من‭ ‬التقديرات‭ ‬المرسومة‭ ‬بالميزانية‭ ‬بعنوان‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬بينما‭ ‬قدرت‭ ‬نسبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬نفقات‭ ‬التأجير‭ ‬93‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭.‬
وسجلت‭ ‬الميزانية،‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬فائضًا‭ ‬بقيمة‭ ‬2078‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬اتسم‭ ‬بارتفاع‭ ‬عائدات‭ ‬الجباية‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭.‬7‭ % ‬مقارنة‭ ‬بنفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬12556‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬مدعومة‭ ‬بارتفاع‭ ‬الأداءات‭ ‬المباشرة‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭.‬4‭ %.‬
كما‭ ‬تشير‭ ‬بيانات‭ ‬تنفيذ‭ ‬الميزانية‭ ‬موفى‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬ارتفاع‭ ‬طفيف‭ ‬لنفقات‭ ‬الميزانية،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬10296.2‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بتطور‭ ‬حجم‭ ‬الأجور‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭ % ‬وزيادة‭ ‬نفقات‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬1527‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬تراجع‭ ‬نفقات‭ ‬التسيير‭ ‬التي‭ ‬انخفضت‭ ‬إلى‭ ‬267‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مسجلة‭ ‬بذلك‭ ‬تراجعًا‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬2024‭ ‬نسبته‭ ‬27‭.‬7‭ %.‬
وستواصل‭ ‬الدولة‭ ‬نفس‭ ‬التوجه‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬ملامحه‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬وذلك‭ ‬تناغمًا‭ ‬مع‭ ‬المخطط‭ ‬التنموي‭ ‬2026‭-‬2030‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الاختيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬المنطلق‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬سيتيح‭ ‬تحقيق‭ ‬انتظارات‭ ‬الشعب،‭ ‬وخاصة‭ ‬بمراجعة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجباية‭ ‬وتلك‭ ‬المتصلة‭ ‬بالعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وإعادة‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬الانتداب‭ ‬مجددًا‭ ‬أمام‭ ‬المعطّلين،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتوجهات‭ ‬سيادة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬الأستاذ‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭.‬
التوجهات‭ ‬الكبرى
وتتمثل‭ ‬التوجهات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬سيتضمنها‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬ركائز‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مزيد‭ ‬العناية‭ ‬بالفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الهشة‭ ‬وذات‭ ‬الدخل‭ ‬الضعيف‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬التمكين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خاصة‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬للدولة‭ ‬عبر‭ ‬تكريس‭ ‬سياسة‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وذلك‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬التهرّب‭ ‬الجبائي‭ ‬ودمج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬التشغيل‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬العيش‭ ‬وتعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتثمين‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري،‭ ‬سيّما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬عدة‭ ‬إجراءات‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬ومتوسّطة‭ ‬الدخل‭ ‬ومزيد‭ ‬دعم‭ ‬الإحاطة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالفئات‭ ‬الهشة‭ ‬والتأطير‭ ‬والمرافقة‭ ‬لبعث‭ ‬المشاريع‭.‬
هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بتحسين‭ ‬الدخل‭ ‬وتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬الاندماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬وتوفير‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬مظاهر‭ ‬العمل‭ ‬الهشّ‭ ‬وتيسير‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬السّكن‭ ‬وتعزيز‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتحسين‭ ‬كل‭ ‬خدمات‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وتطوير‭ ‬منظومة‭ ‬الضمان‭ ‬والتغطية‭ ‬الاجتماعية‭.‬
ودفع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬وتحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الاستثمار‭ ‬العمومي‭ ‬محركًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬الخاص‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬نسق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وكذلك‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭ ‬للإدارة‭ ‬مع‭ ‬تسريع‭ ‬الترابط‭ ‬البيني‭ ‬أداة‭ ‬لتحديث‭ ‬الإدارة‭ ‬وتكريس‭ ‬الشفافية‭ ‬وتيسير‭ ‬المعاملات‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭.‬
تصور‭ ‬جديد‭...‬
وكانت‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬سارة‭ ‬الزعفراني‭ ‬الزنزري‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬بلورة‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬وفق‭ ‬تصوّر‭ ‬جديد‭ ‬يقطع‭ ‬مع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الترقيعية‭ ‬الوقتية‭ ‬وأنصاف‭ ‬الحلول،‭ ‬ويعكس‭ ‬رؤية‭ ‬الدولة‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬والمتمثلة‭ ‬أساسًا‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتكريس‭ ‬خيار‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والترفيع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حفز‭ ‬الاستثمار‭ ‬وبناء‭ ‬إطار‭ ‬اجتماعي‭ ‬واقتصادي‭ ‬ملائم‭ ‬لمرحلة‭ ‬البناء‭ ‬والتشييد‭.‬
كما‭ ‬نوّهت‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬كل‭ ‬الخيارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدولة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحترم‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الثوابت،‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬واستقلالية‭ ‬القرار‭ ‬الوطني،‭ ‬والتعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬مع‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬محيط‭ ‬تونس‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬بما‭ ‬يدعم‭ ‬ويكرّس‭ ‬الخيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة‭ ‬وتعزيز‭ ‬البعد‭ ‬المحلي‭ ‬والجهوي‭ ‬والإقليمي‭ ‬للتنمية‭.‬

جهاد‭ ‬الكلبوسي

كشفته‭ ‬مذكرة ‭ ‬‮"‬تطور‭ ‬مؤشرات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‮"..  تونس‭ ‬بين‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬وتثبيت‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية

برهن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي‭ ‬طوال‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬مرونته‭ ‬إزاء‭ ‬إكراهات‭ ‬السياق‭ ‬الدولي‭ ‬الصعب،‭ ‬وتمكن‭ ‬من‭ ‬إثبات‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬الصمود‭ ‬أمام‭ ‬التداعيات‭ ‬السلبية‭ ‬للأزمات‭ ‬المتتالية‭ ‬والتقليص‭ ‬من‭ ‬تأثيراتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬اكتسب‭ ‬مشروع‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬لسنة‭ ‬2025‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬لتجسيم‭ ‬الأولويات‭ ‬الوطنية‭ ‬وتكريس‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬المرحلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬تنشيط‭ ‬الدورة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬واستعادة‭ ‬ثقة‭ ‬المستثمرين‭ ‬والتحكم‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬عبر‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬للدولة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إيلاء‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬للتدخلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للدولة‭ ‬ومساندة‭ ‬الطبقات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الضعيفة‭ ‬وتكريس‭ ‬البعد‭ ‬التضامني‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وحفز‭ ‬الاستثمار‭ ‬العمومي‭ ‬وتسريع‭ ‬إنجاز‭ ‬المشاريع‭ ‬العمومية‭ ‬ودفع‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

وتعمل‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬التحكم‭ ‬التدريجي‭ ‬في‭ ‬التوازنات‭ ‬المالية‭ ‬والتقليص‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬من‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬التداين‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمشاريع‭ ‬الاستثمارية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وتكريس‭ ‬سياسة‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬كركيزة‭ ‬أساسية‭ ‬لضمان‭ ‬استدامة‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬وإعلاء‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬استقلالية‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭.‬
تعزيز‭ ‬الاندماج‭ ‬الاجتماعي
ولمواصلة‭ ‬تثبيت‭ ‬مقومات‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬تم‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬اجتماعية‭ ‬قوامها‭ ‬مبدأ‭ ‬تكافؤ‭ ‬الفرص‭ ‬وتقليص‭ ‬الفوارق‭ ‬بين‭ ‬فئات‭ ‬المجتمع،‭ ‬وضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الاندماج‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقرار‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬لمزيد‭ ‬الإحاطة‭ ‬بالفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬محدودة‭ ‬الدخل‭ ‬والطبقة‭ ‬الوسطى‭ ‬ودعم‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬وتحسين‭ ‬فاعلية‭ ‬البرامج‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬وإحكام‭ ‬توظيف‭ ‬التمكين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬وذات‭ ‬الدخل‭ ‬الضعيف‭ ‬وتشجيع‭ ‬المبادرة‭ ‬وخلق‭ ‬مصادر‭ ‬الرزق‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية،‭ ‬أساسًا‭ ‬عبر‭ ‬دعم‭ ‬مسار‭ ‬إحداث‭ ‬الشركات‭ ‬الأهلية‭ ‬وتعزيز‭ ‬مساهمتها‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬والنهوض‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والمالي،‭ ‬وفي‭ ‬امتصاص‭ ‬البطالة‭ ‬وتشغيل‭ ‬الباحثين‭ ‬عن‭ ‬عمل‭.‬
وما‭ ‬انفك‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬قيس‭ ‬سعيد،‭ ‬يؤكد‭ ‬أهمية‭ ‬الدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬المرفق‭ ‬العام‭ ‬والتغطية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬إذ‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬اتخاذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬القوانين،‭ ‬أهمها‭ ‬قانون‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬المناولة‭ ‬والفصل‭ ‬412‭ ‬من‭ ‬المجلة‭ ‬التجارية‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالتخفيض‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬الفوائض‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬طويلة‭ ‬المدى،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬قروض‭ ‬السكن،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬إرساء‭ ‬خطوط‭ ‬عديدة‭ ‬تدعم‭ ‬برامج‭ ‬إحداث‭ ‬مساكن‭ ‬اجتماعية‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬محدودة‭ ‬الدخل‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬صدرت‭ ‬مذكرة‭ ‬حول‭ ‬‮«‬تطور‭ ‬مؤشرات‭ ‬المالية‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬تونس‮»‬‭ ‬أصدرها،‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬المعهد‭ ‬العربي‭ ‬لرؤساء‭ ‬المؤسسات،‭ ‬وبينت‭ ‬المذكرة‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬بقي‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بصفة‭ ‬لصيقة‭ ‬بتطوير‭ ‬ثلاث‭ ‬فرضيات‭ ‬أساسية،‭ ‬وهي‭ ‬تتعلق‭ ‬خاصة‭ ‬بنسبة‭ ‬النمو‭ ‬وسعر‭ ‬برميل‭ ‬نفط‭ ‬‮«‬برانت‮»‬‭ ‬بالدولار‭ ‬الأمريكي‭ ‬ونسبة‭ ‬صرف‭ ‬العملة‭ ‬الوطنية‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار،‭ ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬مردودية‭ ‬استخلاص‭ ‬إيرادات‭ ‬الجباية‭ ‬ومؤشر‭ ‬تنفيذ‭ ‬النفقات‭ ‬العامة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تعبئة‭ ‬القروض‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬مخططات‭ ‬التمويل‭ ‬المرسومة‭ ‬مسبقًا‭.‬
ونوه‭ ‬المعهد‭ ‬بأن‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬اعتماد‭ ‬قانون‭ ‬مالية‭ ‬تكميلي‭ ‬عكس‭ ‬الفترة‭ ‬2021-2023،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬تنفيذًا‭ ‬أفضل‭ ‬لميزانية‭ ‬الدولة‭.‬
وأشارت‭ ‬المذكرة‭ ‬في‭ ‬السياق‭ ‬ذاته‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نتائج‭ ‬تنفيذ‭ ‬الميزانية‭ ‬لسنتي‭ ‬2021‭ ‬و2022‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬المجمل‭ ‬إيجابية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬الغذائية،‭ ‬باعتبار‭ ‬شبه‭ ‬استقرار‭ ‬فرضية‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وذلك‭ ‬بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬جهود‭ ‬استخلاص‭ ‬إيرادات‭ ‬الميزانية‭.‬
تسجيل‭ ‬ديناميكية
وبيّنت‭ ‬المعطيات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬تسجيل‭ ‬ديناميكية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬نفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬مع‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬نفقات‭ ‬الأجور‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬منخفض‭ ‬مقارنة‭ ‬بالتقديرات‭ ‬الأولية،‭ ‬إذ‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬نفقات‭ ‬الاستثمار‭ ‬114‭.‬4‭ % ‬من‭ ‬التقديرات‭ ‬المرسومة‭ ‬بالميزانية‭ ‬بعنوان‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬بينما‭ ‬قدرت‭ ‬نسبة‭ ‬تنفيذ‭ ‬نفقات‭ ‬التأجير‭ ‬93‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭.‬
وسجلت‭ ‬الميزانية،‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الحالي،‭ ‬فائضًا‭ ‬بقيمة‭ ‬2078‭.‬5‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬اتسم‭ ‬بارتفاع‭ ‬عائدات‭ ‬الجباية‭ ‬بنسبة‭ ‬7‭.‬7‭ % ‬مقارنة‭ ‬بنفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2024،‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬12556‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬مدعومة‭ ‬بارتفاع‭ ‬الأداءات‭ ‬المباشرة‭ ‬بنسبة‭ ‬10‭.‬4‭ %.‬
كما‭ ‬تشير‭ ‬بيانات‭ ‬تنفيذ‭ ‬الميزانية‭ ‬موفى‭ ‬مارس‭ ‬2025‭ ‬إلى‭ ‬تسجيل‭ ‬ارتفاع‭ ‬طفيف‭ ‬لنفقات‭ ‬الميزانية،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬10296.2‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بتطور‭ ‬حجم‭ ‬الأجور‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭ % ‬وزيادة‭ ‬نفقات‭ ‬الدعم‭ ‬التي‭ ‬ناهزت‭ ‬1527‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مقابل‭ ‬تراجع‭ ‬نفقات‭ ‬التسيير‭ ‬التي‭ ‬انخفضت‭ ‬إلى‭ ‬267‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬دينار،‭ ‬مسجلة‭ ‬بذلك‭ ‬تراجعًا‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬مستواها‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬2024‭ ‬نسبته‭ ‬27‭.‬7‭ %.‬
وستواصل‭ ‬الدولة‭ ‬نفس‭ ‬التوجه‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬ملامحه‭ ‬مؤخرًا،‭ ‬وذلك‭ ‬تناغمًا‭ ‬مع‭ ‬المخطط‭ ‬التنموي‭ ‬2026‭-‬2030‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب،‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬الاختيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬هي‭ ‬المنطلق‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬سيتيح‭ ‬تحقيق‭ ‬انتظارات‭ ‬الشعب،‭ ‬وخاصة‭ ‬بمراجعة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬التشريعات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالجباية‭ ‬وتلك‭ ‬المتصلة‭ ‬بالعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وإعادة‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬الانتداب‭ ‬مجددًا‭ ‬أمام‭ ‬المعطّلين،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لتوجهات‭ ‬سيادة‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية،‭ ‬الأستاذ‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭.‬
التوجهات‭ ‬الكبرى
وتتمثل‭ ‬التوجهات‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬سيتضمنها‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬ركائز‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مزيد‭ ‬العناية‭ ‬بالفئات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الهشة‭ ‬وذات‭ ‬الدخل‭ ‬الضعيف‭ ‬مع‭ ‬تعزيز‭ ‬آليات‭ ‬التمكين‭ ‬الاقتصادي‭ ‬خاصة‭ ‬لفائدة‭ ‬الفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحسين‭ ‬الظروف‭ ‬المعيشية‭ ‬وتنمية‭ ‬الموارد‭ ‬الذاتية‭ ‬للدولة‭ ‬عبر‭ ‬تكريس‭ ‬سياسة‭ ‬التعويل‭ ‬على‭ ‬الذات،‭ ‬وذلك‭ ‬بالحد‭ ‬من‭ ‬التهرّب‭ ‬الجبائي‭ ‬ودمج‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الموازي‭ ‬وتنويع‭ ‬مصادر‭ ‬تمويل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وفق‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة،‭ ‬وكذلك‭ ‬التشغيل‭ ‬وتحسين‭ ‬مستوى‭ ‬العيش‭ ‬وتعزيز‭ ‬منظومة‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتثمين‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬البشري،‭ ‬سيّما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطوير‭ ‬السياسات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬اعتماد‭ ‬عدة‭ ‬إجراءات‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للفئات‭ ‬الضعيفة‭ ‬ومتوسّطة‭ ‬الدخل‭ ‬ومزيد‭ ‬دعم‭ ‬الإحاطة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بالفئات‭ ‬الهشة‭ ‬والتأطير‭ ‬والمرافقة‭ ‬لبعث‭ ‬المشاريع‭.‬
هذا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بتحسين‭ ‬الدخل‭ ‬وتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬الاندماج‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬وخلق‭ ‬مواطن‭ ‬شغل‭ ‬وتوفير‭ ‬ظروف‭ ‬العمل‭ ‬اللائق‭ ‬والقطع‭ ‬مع‭ ‬مظاهر‭ ‬العمل‭ ‬الهشّ‭ ‬وتيسير‭ ‬النفاذ‭ ‬إلى‭ ‬السّكن‭ ‬وتعزيز‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتحسين‭ ‬كل‭ ‬خدمات‭ ‬المرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وتطوير‭ ‬منظومة‭ ‬الضمان‭ ‬والتغطية‭ ‬الاجتماعية‭.‬
ودفع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬تستند‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬المبادرة‭ ‬الخاصة‭ ‬وتحسين‭ ‬مناخ‭ ‬الأعمال،‭ ‬بحيث‭ ‬يكون‭ ‬الاستثمار‭ ‬العمومي‭ ‬محركًا‭ ‬للاستثمار‭ ‬الخاص‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬رفع‭ ‬نسق‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬وكذلك‭ ‬التحوّل‭ ‬الرقمي‭ ‬للإدارة‭ ‬مع‭ ‬تسريع‭ ‬الترابط‭ ‬البيني‭ ‬أداة‭ ‬لتحديث‭ ‬الإدارة‭ ‬وتكريس‭ ‬الشفافية‭ ‬وتيسير‭ ‬المعاملات‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬لدعم‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭.‬
تصور‭ ‬جديد‭...‬
وكانت‭ ‬رئيسة‭ ‬الحكومة‭ ‬سارة‭ ‬الزعفراني‭ ‬الزنزري‭ ‬أكدت‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬بلورة‭ ‬قانون‭ ‬المالية‭ ‬لسنة‭ ‬2026‭ ‬وفق‭ ‬تصوّر‭ ‬جديد‭ ‬يقطع‭ ‬مع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الترقيعية‭ ‬الوقتية‭ ‬وأنصاف‭ ‬الحلول،‭ ‬ويعكس‭ ‬رؤية‭ ‬الدولة‭ ‬وتوجهاتها‭ ‬والمتمثلة‭ ‬أساسًا‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬أسس‭ ‬الدولة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬مع‭ ‬ضمان‭ ‬العدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬وتكريس‭ ‬خيار‭ ‬العدالة‭ ‬الجبائية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الشرائية،‭ ‬وتحقيق‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والترفيع‭ ‬في‭ ‬نسبة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حفز‭ ‬الاستثمار‭ ‬وبناء‭ ‬إطار‭ ‬اجتماعي‭ ‬واقتصادي‭ ‬ملائم‭ ‬لمرحلة‭ ‬البناء‭ ‬والتشييد‭.‬
كما‭ ‬نوّهت‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬كل‭ ‬الخيارات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للدولة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تحترم‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الثوابت،‭ ‬خاصة‭ ‬منها‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭ ‬واستقلالية‭ ‬القرار‭ ‬الوطني،‭ ‬والتعويل‭ ‬على‭ ‬الذات‭ ‬مع‭ ‬الانفتاح‭ ‬على‭ ‬محيط‭ ‬تونس‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬بما‭ ‬يدعم‭ ‬ويكرّس‭ ‬الخيارات‭ ‬الوطنية‭ ‬فيما‭ ‬يتعلّق‭ ‬بالدور‭ ‬الاجتماعي‭ ‬للدولة‭ ‬وتعزيز‭ ‬البعد‭ ‬المحلي‭ ‬والجهوي‭ ‬والإقليمي‭ ‬للتنمية‭.‬

جهاد‭ ‬الكلبوسي