في جلسة عامة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم.. المطالبة بترسيم عمال المناولة وتسوية وضعيات المتعاقدين
مقالات الصباح
توجه أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بباردو للحوار مع وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر بمطالب عديدة في مقدمتها ترسيم عمال المناولة والتسريع في تسوية وضعيات المتعاقدين.
وضمانا لحسن تطبيق القانون الجديد المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، أوصى العديد منهم بتكثيف الزيارات الرقابية والترفيع في عدد متفقدي الشغل، ودعا آخرون جهاز التفقد إلى التصدي بكل حزم لمحاولات من يريدون إفشال تطبيق هذا القانون الثوري حسب وصفهم والعبث بحقوق العمال.
كما عبر النواب عن تمسكهم بإدماج الفئات الهشة من خلال تمكينها اقتصاديا وتوسيع مظلة التغطية الاجتماعية، ودعوا إلى تشغيل ذوي الإعاقة، والترفيع في قيمة المساعدات الممنوحة للعائلات المعوزة ومحدودة الدخل وتمكينها من الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي، وهناك من اقترح الترفيع في قيمة المنحة العائلية التي تبلغ حاليا سبعة دنانير قصد تشجيع التونسيين على الإنجاب والتوقي من تبعات التهرم السكاني، في حين دعا آخرون إلى العناية بالمتقاعدين وهناك من اقترح تمكينهم من امتيازات جبائية أو مساعدات مالية.
وتطرق أعضاء الغرفة النيابية الثانية في مداخلاتهم إلى النقائص التي تشكوا منها الإدارات الراجعة بالنظر إلى وزارة الشؤون الاجتماعية في مختلف الجهات وطالبوا بدعمها بالموارد البشرية والمعدات والتجهيزات ووسائل النقل.
أما عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم فأشار إلى الجهود المبذولة من قبل أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في إطار إعداد مشروع المخطط التنموي 2026-2030، وذكر أن هذا المشروع يجب أن يكون مشروعا وطنيا شاملا يعكس تطلعات التونسيات والتونسيين ويكرس مبادئ العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين كل الجهات والفئات.
وأضاف أن الجلسة العامة للحوار مع وزير الشؤون الاجتماعية مناسبة لاستحضار معاناة الشعب التونسي على امتداد عقود من سياسات اقتصادية واجتماعية لا وطنية وظالمة لأنها سياسات كرست التفاوت بين الفئات وعمقت الفجوة بين الجهات وفاقمت نسب البطالة والفقر وأدت إلى تردي الأوضاع على كافة المستويات. وتحدث الدربالي عن التحولات التي حصلت بعد 25 جويلية في اتجاه بناء مشروع وطني بديل قوامه العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية وضمان العيش الكريم لكل التونسيين على قاعدة الإنصاف والعدل، وعبر عن ارتياح المجلس لما وصفه بالإجراءات الثورية ذات الطابع الاجتماعي التي تم اتخاذها خلال المرحلة الأخيرة، والتي مثلت انتصاراً حقيقيا للقوى العاملة في تكريس حقها في الشغل الكريم الذي يصون الكرامة الإنسانية. وأشار إلى رغبة المجلس في مزيد تعزيز الدور الاجتماعي للدولة خاصة بالنسبة إلى الشرائح الاجتماعية التي مازالت تواجه أوضاعا هشة ومن بينها النساء العاملات في القطاع الفلاحي والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخصوصية إضافة إلى العاملين في إطار آليات التشغيل الهش والعقود. وأكد الدربالي على ضرورة مواصلة دعم العائلات محدودة الدخل وذلك لكي ينسجم المشروع الوطني برمته مع المرحلة الراهنة، وهي مرحلة البناء والتأسيس لعدالة اجتماعية حقيقية حسب وصفه وعبر عن حرص مجلسه على مواصلة العمل المشترك في إطار وحدة الدولة وتكامل أدوار مؤسساتها، وبما تقتضيه المرحلة من تكافل وطني من أجل إرساء مخطط تنموي شعبي تكون فيه الدولة الاجتماعية حاضـرة بقوة، فهو يريده مخططا يكرس مبادئ الإنصاف ويحفظ الحقوق ويوفر للتونسيات وللتونسيين في كل الجهات نفس الفرص على قاعدة العدل والمساواة. وخلص رئيس المجلس النيابي إلى أن تونس تمضي قدما على درب الاستقرار، وهي مازالت تواجه العديد من التحديات المتراكمة الناتجة عن عقود من السياسات الفاشلة والخيارات غير العادلة غير أن المرحلة الراهنة بما تتيحه من مناخ وطني جديد قائم على الإرادة السياسية الصادقة تمثل، حسب قوله، فرصة حقيقية لتجاوز تلك التحديات شريطة أن يتواصل العمل الوطني بروح جماعية ومسؤولية تاريخية عالية يتم فيها تغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة، وأشار إلى وجود ضرورة قصوى وحاجة إلى تعزيز وحدة الصف الوطني ولعدم ترك المجال مفتوحا لمحاولات الإرباك والعودة إلى الوراء سواء من قبل جماعات الإرهاب التي دمرت النسيج المجتمعي أو من قبل لوبيات الفساد والإفساد التي عبثت بمصالح الشعب وتسعى إلى عرقلة كل المساعي الصادقة لبناء الدولة العادلة.
وأكد رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم على التزام المجلس الثابت بخيار السيادة الوطنية، باعتباره خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه. وبين أن تونس اليوم ماضية في ترسيخ حق شعبها في تقرير مصيره، ورسم سياساته واتخاذ قراراته بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل أو الوصاية، وبمنأى عن الضغوط والإملاءات التي كثيرا ما فرضتها دوائر الاستعمار والهيمنة على حساب السيادة الوطنية والمصلحة الشعبية، وفسر أن هذا الخيار الوطني لا يعني الانغلاق، بل يؤكد ضرورة أن تكون الشراكات على قاعدة الاحترام المتبادل وخدمة التنمية الوطنية، لا على حساب استقلال القرار الوطني أو في إطار شروط مجحفة تعيد إنتاج التبعية. وعبر عن دعم المجلس المتواصل لهذا المسار واستعداده لمواصلة العمل إلى جانب كل القوى الوطنية الصادقة، حسب وصفه، وذلك من أجل إرساء مشروع تنموي سيادي عادل وشامل يكرس حضور الدولة الاجتماعية، ويضمن للمواطنين حقهم الكامل في العيش الكريم على أساس المساواة والعدالة.
منع الوساطة
وتعقيبا على مداخلات أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية بالخصوص إلى أن قانون المناولة واضح وصريح وتجاوز حتى معايير منظمة العمل الدولية إذ أنه منع كافة أشكال الوساطة وهو خيار متميز وكان هذا الخيار محل تقدير المشاركين في ندوة منظمة العمل الدولية التي انعقدت خلال شهر جوان الماضي ومحل إشادة هذه المنظمة. ولاحظ أن هناك مؤسسات وجدت صعوبات في تطبيق هذا القانون لكن هناك صعوبات مفتعلة من قبل دعوة البعض إلى إصدار النصوص التطبيقية والحال أن القانون لم ينص على أوامر ترتيبية، وبالتالي فإن هذا القانون نافد منذ تاريخ صدوره. وأشار إلى أن الوزارة تعمل على متابعة تنفيذ القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة عن طريق تفقديات الشغل في كل الجهات. وذكر أن المصانع الكبرى قامت مباشرة بتطبيق هذا القانون لكن هناك مؤسسات أخرى وجدت صعوبات في التطبيق لذلك يقوم متفقدو الشغل على مساعدتها على حسن تطبيقه وعبر عن أمله في تجاوز كل الإشكاليات المطروحة. أما في ما يتعلق بتسوية وضعيات العمال غير القارين في القطاع العام، فقد أكد الأحمر أن هذا التوجه ثابت لأن العقود محددة المدة في القطاع الخاص انتهت وبين أنه بالنسبة إلى القطاع العام فهي مسألة وقت إذ يجري العمل على إعداد دراسات لتحديد الوضعيات لأن الانتدابات الظرفية فيها تنوع حسب الأنشطة وذكر أنه سيتم عرض الملف على رئيس الجمهورية ليتخذ القرار النهائي في شأنه.
وإجابة عن أسئلة أخرى حول منظومة الأمان أشار الوزير إلى أن هذه المنظومة تشتغل وفق معايير مضبوطة وأكد أنه جري العمل حاليا على تغيير بعض عناصر هذه المنظومة وحصر المنتفعين في المستحقين دون غيرهم، وذكر أن هذه المنظومة خاضعة للرقابة. وتعقيبا عن سؤال حول المنح العائلية قال إنه تم رصد موارد للغرض في قانون المالية وأن الوزارة بصدد انتظار صدور الأمر التطبيقي. وبخصوص إسناد بطاقات العلاج ذكر أنه يخضع لنفس مقاييس التحويلات المالية. ولاحظ أنه تم في السابق إسناد عدد كبير من بطاقات العلاج كما تم منح عدد كبير من بطاقات الإعاقة ويجب العودة إلى الجادة وذلك من خلال اعتماد الرقمنة. وقدم الوزير للنواب معطيات حول بطاقة «لاباس» وذكر أنه وقع توزيع 240 ألف بطاقة عن طريق البريد التونسي لكن تم إرجاع 90 ألف بطاقة وسيتم الاتصال بأصحابها عن طريق المؤجرين لتوزيع تلك البطاقات، أما بالنسبة إلى بطاقة الأمان فإن الصفقة جاهزة. وبالنسبة إلى منظومة بطاقات ذوي الإعاقة فهي جاهزة وتم اقتناء آلات الطباعة وتوزيعها على الإدارات الجهوية مع تنظيم دورات تكوينية لتسهيل منح البطاقات الجديدة.
وتفاعلا مع النواب الذين تحدثوا عن خدمات الصندوق الوطني للتأمين على المرض أكد الوزير أنه يتم العمل على توسيع الخدمات وتحسين السقف وأكد أن المشكل مع مسدي الخدمات بصدد الحل. وتعقيبا عن أسئلة حول القروض الاجتماعية بين أنها بصدد التقييم لأن الترفيع في المبالغ أدى إلى التقليص في عدد المنتفعين وذكر أنه حسب الدراسات التي تم القيام بها سيتم اعتماد معايير أخرى تسمح بالترفيع في عدد المنتفعين مع ضمان توازنات الصندوق، وبخصوص مراكز توزيع الأدوية الخصوصية بين أنه في صورة توفير مقرات يمكن بعث مركز في كل ولاية وتجنيب المواطن معاناة التنقل.
ولدى حديثه عن التهرم السكاني أكد أن الوضع ليس كارثيا، وبين أنه تم الترفيع في عطلة الأمومة وهو ما يمكن أن يحسن في نسبة الإنجاب في تونس. وبخصوص صندوق العاملات الفلاحيات أكد أن النصوص التطبيقية جاهزة وسيتم التداول بشأنها في مجلس وزاري.
عدالة اجتماعية
وفي بداية الجلسة العامة قدم عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية مداخلته أشار فيها إلى أن الوزارة تقدمت بعض الشيء في تنفيذ السياسة الاجتماعية الوطنية التي ضبطها رئيس الجمهورية بموجب الفصل 25 من الدستور. وذكر أن الخيار الذي أقره رئيس الجمهورية هو تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية لأن هذا المفهوم يقتضي التمييز بين مسألتين وهما المفهوم النظري للعدالة الاجتماعية والتكريس الحقيقي للعدالة الاجتماعية. وفسر أن الحديث عن العدالة الاجتماعية في مفهومها النظري هو حديث عن مقاييس ونسب ومجال التدخلات وتنوعها وتساءل هل أن ما يمكن تصوره من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية له أثر في الواقع؟ وأجاب الوزير عن هذا السؤال مشيرا إلى أنه على مستوى الواقع، تغفل المنظومات الاجتماعية عن بعض الأشخاص وتقصي أحيانا فئات أخرى فالمعايير الموضعية مهما كانت درجة دقتها فهي في كل الحالات تؤدي إلى إقصاء بل تؤدي أحيانا إلى تمكين أشخاص من امتيازات وخدمات لا يستحقونها.
وبين الأحمر أن تحقيق السياسة الاجتماعية يقتضي تحقيق سلم اجتماعية لكن السلم الاجتماعية مرتبطة باستقرار اجتماعي وهذا الاستقرار لن يتحقق إلا بعلاقات مهنية واجتماعية مستقرة، ولهذا الغرض فإن وزارة الشؤون الاجتماعية، على حد قوله، تشتغل على جملة من المحاور الأساسية من أجل تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحقيق علاقات اجتماعية سليمة وغير تنازعية سواء بين القطاعات أو بين الجهات أو على المستوى الوطني بين مختلف الطبقات الاجتماعية وكل ذلك يتطلب عملا ميدانيا.
عمل ميداني
وأكد الوزير عصام الأحمر أن رئيس الجمهورية أسدى مؤخرا تعليماته بتكثيف العمل الاجتماعي، وبين أن العمل الاجتماعي ليس عملا نظريا في المكاتب بل هو عمل ميداني يتطلب الوقوف على الإخلالات التي تؤدي إلى الإضرار بالمواطنين وتحول دون تمتعهم بحقوقهم. وذكر أنه في إطار العمل الميداني توجد ثلاثة محاور تشتغل عليها وزارة الشؤون الاجتماعية وهي: العلاقات المهنية، والنهوض الاجتماعي، والتونسيون بالخارج والهجرة.
وقدم الوزير لنواب الشعب معطيات حول بعض الإصلاحات التي تم القيام بها على مستوى الوزارة، وقال إن خيار رئيس الجمهورية يقوم على القطع مع المنظومات التقليدية ومع الإملاءات الخارجية وهو خيار وطني ويكون التنفيذ بأياد تونسية، وأكد أن المشاريع المنجزة هي تونسية مائة بالمائة وخرجت في بعض الأحيان عن المنظومات الجاهزة التي يتم اعتمادها في بعض بلدان العالم.
وللقضاء على عدم الاستقرار في العمل، بين أنه تم وضع برنامج متكامل يتم تنفيذه في إطار جملة من المحاور وشمل المحور الأول الأساتذة والمعلمين النواب وقد تم غلق هذا الملف بصفة تكاد تكون شبه كلية فحتى الخدمات الاجتماعية تم فتحها أمامهم قبل الانتهاء من تسوية وضعياتهم المهنية والمالية، وهناك محور آخر وهو عملة الحضائر وتم في نوفمبر 2024 منح مستحقات من تفوق أعمارهم 60 سنة مع مواصلة التدقيق في القائمات، وبالنسبة إلى من تقل أعمارهم عن 45 سنة فقد تمت تسوية وضعياتهم المهنية وهي مستقرة، أما عمال الحضائر الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة فقد تم إعداد مشروع أمر فيه تصور متكامل لحل المشكل كما صدر أمر بمنع المناولة في القطاع العام وبالتالي فإن جميع المؤسسات التي تقوم بوساطة لتوفير اليد العاملة وتتعامل مع مؤسسات وإدارات عمومية ستنتهي تماما لأنه سيتم تسوية وضعيات هؤلاء الأعوان وترسيمهم في المؤسسات التي يشتغلون بها. وأوضح أن قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة نص على منع عقود الشعل محددة المدة ومن يقع انتدابه في إطار مجلة الشغل أصبح عمله قارا وحتى في غياب الكتابة فإن العون مترسم لأن العلاقة الشغلية يتم إثباتها بكل الوسائل وبمقتضى القانون تم ترسيم الجميع. وأضاف أنه بمقتضى نفس القانون وقع منع المناولة في المؤسسات الخاصة وقامت العديد من المؤسسات بتسوية وضعيات أعوانها لكن هناك بعض المؤسسات مازالت تطرح أسئلة حول كيفية تطبيقه ويعمل إطارات الوزارة على مساعدتها على حسن تطبيق هذا القانون، وأكد أنه تم تحقيق تقدم تدريجي في تطبيق القانون المذكور.
الأدوية الخصوصية
وإضافة إلى العمل الميداني الذي قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل القضاء على عدم الاستقرار في العمل، أشار الوزير عصام الأحمر إلى القيام بعمل ميداني آخر لم يقع الإعلان عنه في وسائل الإعلام وهو يتمثل في بعث مراكز لتوزيع الأدوية الخصوصية. وذكر أنه في شهر أوت 2024 كانت توجد خمسة مراكز أما اليوم فقد وصل العدد إلى 10 مراكز وهناك 4 مراكز بصدد الانجاز وسيتم فتحها في شهر سبتمبر أو شهر أكتوبر 2025 وبهذه الكيفية لم تعد الأدوية الخصوصية حكرا على مصحات حي الخضراء وسوسة وصفاقس، إذ تم بعث مركز في ولاية جندوبة ومركز في ولاية القصرين أما مركز مدنين فهو جاهز وسينطلق العمل به خلال هذه الصائفة حال مباشرة الإطار الطبي كما يوجد مركز آخر جاهز وهو مركز قصور الساف ونفس الشيء بالنسبة إلى سليانة فقد تم وضع مقر الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية على ذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض لتحويله إلى مركز لتوزيع الأدوية الخصوصية.
تقريب الخدمات
ويتمثل الإصلاح الموالي حسب قول وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر في تقريب خدمات مصحات الضمان الاجتماعي من المواطن وضمان انتشار عادل بين الولايات والمعتمديات، وبين أنه في هذا الصدد تم فتح بعض المصحات على مستوى معتمديات أو على مستوى ولايات، وذكر أن المقر في الكاف جاهز وتم الانطلاق في تأثيثه وتجهيزه بالمعدات، أما في الرديف فإن الوزارة تنتظر من وزارة أملاك الدولة تحديد معين كراء مقر يتم تخصيصه لتركيز مصحة للضمان الاجتماعي.
وعلى مستوى التربية المختصة بين أن هناك مراكز منتشرة على كامل تراب الجمهورية كما هناك مجموعة من المراكز الخاصة بالتوحد وتم الحصول على مقرات ويجري العمل على تركيزها على مستوى جميع الولايات ويتمثل الهدف المراد بلوغه تدريجيا في بعث مركز توحد في كل ولاية أو معتمدية.
أما على مستوى الصحة والسلامة المهنية، فأشار وزير الشؤون الاجتماعية إلى الانطلاق في تنفيذ برنامج رقابي، وذكر أنه يتم القيام بعملية تدقيق للمراكز خاصة المراكز المخصصة للأشخاص من ذوي الإعاقة أو دور إعاشة لأنه لا يمكن تعريض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر بل لابد من ضمان احترام المقاييس الوطنية والمعايير المعمول بها.
إصلاح المنظومة
وتطرق وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر في مداخلته أمام أعضاء الغرفة النيابية الثانية إلى التحديات المطروحة على الوزارة وفي مقدمتها إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي الذي أذن به رئيس الجمهورية وذلك في إطار مقاربة تستجيب للوضع القائم في تونس مع التخلي عن كل المنظومات القديمة بما فيها من مصطلحات وأفكار واستبعاد هذه المنظومات لأنها أدت، حسب قوله، إلى فشل منظومة الضمان الاجتماعي في تونس من حيث التوازنات المالية.
وفسر أنه يوجد فرق بين التوازنات المالية وديمومة الخدمات، فالصناديق الاجتماعية بإمكانياتها الحالية قادرة على ضمان استمرار الخدمات لكن دون تحقيق التوازنات المالية أي أنه بكل الوسائل يمكن مواصلة إسداء الخدمات لكن في ظل اختلال التوازنات المالية بسبب الديون المتقاطعة فالمهم بالنسبة للوزارة هو الاستمرار في إسداء الخدمات وليست الأرقام وأضاف أنه رغم أهمية الأرقام فإن الهدف الأساسي هو تأمين استمرارية الخدمة الاجتماعية.
الأمان الاجتماعي
ولدى حديثه عن برنامج الأمان الاجتماعي وما يثيره من جدل على المستوى الجهوي، أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية خلال الجلسة العامة الحوارية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، إلى أن هذا البرامج يعد تجربة رائدة في تونس تم الاقتداء بها من قبل دول أخرى لكن ليس بنفس الشكل وذلك لأن المعايير الموجودة حاليا في تونس تفتح الحق لفئة كبيرة من الأشخاص وهو ما جعل منظومة الأمان الاجتماعي تثير العديد من الإشكاليات من جانبين. وفسر أن الجانب الأول هو أن الحق في الصحة حق دستوري وبالتالي فإن تسعين بالمائة من الحالات التي تستحق تدخلات يتم منحها بطاقة علاج سواء كانت بطاقة علاج مجاني أو علاج بتعريفة منخفضة، أما الجانب الثاني فيتمثل في التحويلات المالية التي يتم منحها في صورة عدم وجود عائل والمعيار المعتمد حاليا يتجاوز الأجر الأدنى أي أن من يتقاضى الأجر الأدني ينتفع بخدمات برنامج الأمان الاجتماعي وفي نفس الوقت بتمتع بمساعدات اجتماعية. وذكر أن الوزارة بصدد القيام بمراجعات لتلافي الإخلالات وذلك بالتثبت من الوضعية المالية للشخص لأنه أحيانا يكون لديه دخل آخر متأت من نشاط تجاري أو لديه عقارات أو رصيد مالي وعندما تتوفر المعلومات يقع مد الأخصائيين الاجتماعيين بتلك المعطيات للتثبت من وضعيات الأشخاص المعنيين.
وبخصوص وضعية العاملات الفلاحيات بين أنه تم في بداية الأمر إصدار المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المنظم للوضعية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وستنتفعن بمنظومة مساهماتية، وفسر أنه سيتم تدريجيا إخراجهن من منظومة الأمان الاجتماعي ولكن في الأثناء يمكن للعاملة الفلاحية أن تنفع في نفس الوقت بالمنحة وبطاقة العلاج وأن تكون منخرطة في الصندوق وتتحمل الدولة تكاليف الانخراط وأوضح الوزير قائلا :»سنحاول القيام بانتقال هادئ وبكيفية تجعل العاملة الفلاحية لا تخاف من الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي». أما بالنسبة إلى صندوق تأمين مواطن الشغل الذي تم إقراره في إطار قانون المالية أشار الوزير عصام الأحمر إلى أن المشروع جاهز وسيعرض على رئيس الجمهورية لتحديد الخيارات الأساسية لهذا المشروع، وذكر أن هذا الصندوق سيؤمن الأشخاص الذين يفقدون مواطن الشغل وذلك لأن فقدان مواطن الشغل فيه خطر الارتداد للفقر. وقال إنه في حالات فقدان مواطن الشغل يتوجه العامل إلى نظام خاص يتمثل في حصوله على منحة تعويضية عن فقدان مواطن الشغل وبهذه الكيفية يقع التعهد به لتلافي الفقر والاحتياج ولإعادة تأهيله للاندماج في سوق الشغل من جديد. وخلال حديثه عن المساعدات الاجتماعية التي يتم منحها خلال العودة المدرسية أشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعمل على التنسيق وزارة التجارة ووزارة التربية بهدف توحيد التدخل في علاقة بتوزيع المساعدات المدرسية.
التمكين الاقتصادي
وتحدث الوزير عصام الأحمر عن مجال تدخل الوزارة في علاقة بالتمكين الاقتصادي للفئات محدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة. وذكر أن برامج التمكين الاقتصادي يتم في إطاره إسناد منح للأشخاص ثم يتم التثبت مع وزارة التشغيل والتكوين المهني من جدوى المشروع وقابلية انجازه في الجهة وفي صورة مصادقتها على الانجاز يقع تمكين المعني بالأمر من منحة لكن يبقى بإمكانه التوجه إلى جهات أخرى للحصول على قرض لتنمية مشروعه . وذكر أن الوزارة تعمل من أجل الإدماج الكلي لذوي الإعاقة لأنهم لا يحتاجون فقط إلى الإعاشة بل لابد من العمل على إدماجهم بشكل كامل وفي هذا الإطار تم الاشتغال على مشروع قرار يتعلق بالسياحة الميسرة لذوي الإعاقة وتم عرضه على وزارة السياحة، وذكر أن ذوي الإعاقة لديهم الحق في الصحة والعمل وكذلك الترفيه وتشتغل الوزارة على تحقيق ذلك. وأضاف أنه توجد قاعدة بيانات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وصنف الإعاقة لمساعدتهم على التشغيل وقد قام متفقدو الشغل بحملات لتوعية المؤسسات بتشغيل ذوي الإعاقة ودعم الالتزام بتخصيص 2 بالمائة من مواطن الشغل لفائدة هذه الفئة كما يتم التنسيق مع وزارة الشباب والرياضة للإحاطة بذوي الإعاقة. وبخصوص الهياكل المؤسسات الناشطة في مجال الإعاقة فيوجد تصور لتجديد هذه الهياكل فهي مقسمة بين جمعيات ومؤسسات عمومية ومؤسسات خاصة وهو ما يتسبب في إحداث نوع من الاضطراب في نوعية الخدمات وهو ما يقضي حسب قول الوزير توحيد نظام العمل وإيجاد آلية للتنسيق بين التدخلات لأن الغاية لا تتمثل في الهيكلة في حد ذاتها بل في جودة الإحاطة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
وقدم الوزير عصام الأحمر للنواب بسطة حول ما تقوم به مراكز الدفاع الاجتماعي من عمل لمقاومة الجريمة وتطبيق السياسات الاجتماعية في علاقة بالانقطاع المدرسي وظاهرة المخدرات وظاهرة العنف لدى الشباب والأطفال الذين هم في خلاف مع القانون فجميع هذه الظواهر يتم تدارسها في تلك المراكز التي تتوفر على أخصائيين اجتماعيين وأخصائيين نفسيين وأغلبهم من المستشارين بالدوائر الجنائية والدوائر القضائية للأطفال. وأضاف أنه توجد شبكة من المؤسسات العمومية الراجعة بالنظر للوزارة تضم 48 مؤسسة منها 24 مؤسسة للدفاع الاجتماعي وذلك بمعدل مركز بكل ولاية، وذكر أنه بالتنسيق مع وزارة المرأة ومندوب حماية الطفولة يتم التعهد بالأطفال المهدديين والإحاطة بهم. وأضاف أنه يوجد كذلك برنامج الفرصة الثانية للمراهقين بمركز الدفاع والإدماج الاجتماعي بقابس وهو بالتعاون بين وزارتي التربية والتكوين المهني ويتمثل الهدف منه في مقاومة الانقطاع أو التسرب المدرسي.
تعليم الكبار
ومن البرامج الأخرى التي تؤمنها وزارة الشؤون الاجتماعية أشار الوزير عصام الأحمر إلى برنامج تعليم الكبار وأكد أنه تم المرور من تعليم القراءة والكتابة إلى تنمية المكتسبات فالشخص الذي لم يتعلم يجب أن يكون قادرا على استخدام التكنولوجيا، والمتقاعد الذي يتم مده ببطاقة سحب بريدي وهو غير قادر على استخدامها فلا جدوى من تلك البطاقة، لذلك تم، حسب قوله، إدراج المكتسبات الحياتية في برنامج تعليم الكبار وهناك برنامج رقمنة معتمد من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض وسيفتح هذا الأخير أمام المنتفعين ببرنامج تعليم الكبار المجال للتواصل عن بعد.
إعادة هيكلة
مسألة أخرى لا تقل أهمية تطرق إليها عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية خلال الجلسة العامة المنعقدة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهي تتعلق بالضمان الاجتماعي. وذكر أن رئيس الجمهورية يطالب دائما بإعادة الهيكلة بمفهوم يتجاوز التعديلات التي تعتمد على المقاييس، لأن كل التعديلات التي تم القيام بها في تونس عبر التاريخ لم تكن مهمة باستثناء بعض التعديلات الجزئية مثل إحداث صندوق الشيخوخة ثم حذفه. وفسر أن رئيس الجمهورية لا يريد إضافة مساهمة اجتماعية بنسبة صفر فاصل خمسة أو التقليص في المنافع بل يريد المرور إلى مرحلة جديدة تقوم على مفاهيم جديدة وتصور جديد بكيفية تكون فيها أنظمة الضمان الاجتماعي ذات مردودية وأن تكون هذه الأنظمة موجهة وواضحة ومقيسة ومتناسبة مع المساهمات والأهم من ذلك أن المساهمات لا تكون المصدر الوحيد للتمويل ولا يتم الاقتصار عليها. وأعلن الوزير عن وجود توجه نحو تنويع مصادر التمويل وذكر أنه تم القيام بعديد التجارب في هذا الغرض ومثلما تم في قانون المالية إحداث صندوق لفائدة المرأة العاملة في القطاع الفلاحي بتنويع مصادر التمويل وعدم الاقتصار على المساهمات، ونفس الشيء بالنسبة إلى صندوق ضمان التعويض على فقدان مواطن الشغل فقد تم اعتماد أنظمة مساهماتية وأنظمة أخرى مساندة وبالتالي فإنه في صورة انعدام التوازن المالي للصندوق تكون هناك مصادر ثانية تكميلية وهي ليست لتمويل الخدمات بل للاستثمار وبهذه الكيفية يساعد الاستثمار على إخراج الصندوق من العجز المالي ويمكن من تحقيق موارد أخرى أي أنه يقع إيجاد آلية للتمويل الذاتي للأنظمة دون اللجوء إلى دعم الدولة.
وبخصوص الصندوق الوطني للتأمين على المرض بين أن هناك من يقول إن الصندوق في عجز لكن على مستوى الحسابات الصندوق سجل أرباحا وذكر أن النظام قادر على تحقيق توازناته، وأشار إلى أنه لابد من التذكير بما قام به هذا الصندوق خلال السنة الأخيرة حيث تم الترفيع في السقف من 200 د إلى 400 د وتم تقييس الخدمات بحسب عدد أفراد العائلة إذ في بعض الحالات تتجاوز سلة العلاج والأدوية ألف دينار لكل عائلة، كما تم بالنسبة إلى النظارات الطبية الترفيع في المبلغ المسترجع من 50 دينارا إلى 200 دينار مع التعهد بالخلاص وهو ما ترتبت عنه مصاريف إضافية. كما لاحظ الوزير تسجيل ارتفاع في عدد المرضى الذين هم في حاجة إلى تصفية الدم وفي مبالغ الأدوية الخصوصية فحتى من يتم رفض مطالبهم من قبل لجنة صندوق التأمين على المرض يتم قبول مطالبهم من طرف اللجنة المركزية وعندما يؤكد الطبيب في الوصفة على حاجة المريض للعلاج يتم توفير العلاج والدواء وهذا فيه كلفة مرتفعة ولكن من واجب الدولة توفير العلاج والدواء وهنا تكمن العدالة الاجتماعية الحقيقة، حسب تعبيره، لأنه عند إقصاء البعض بسبب ارتفاع كلفة العلاج فهذا ليس من باب العدالة الاجتماعية. وذكر أنه توجد منظومة متكاملة للتأمين على المرض ويوجد تصور لإعادة الهيكلة بما يمكن من تجاوز النقص وتعطل إسداء الخدمات، وأكد أنه يتم أحيانا التأخير في الخلاص لكن في نهاية الأمر يقع خلاص الجميع.
وبالنسبة إلى المنافع المقدمة في إطار الضمان الاجتماعي فهي بصدد التنوع والتطور حسب قول الوزير وتطرق في هذا السياق إلى مشروع القانون المتعلق بالسكن الاجتماعي المعروض حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب وتم من خلاله اقتراح فتح المجال أمام الكراء المملك وهي آلية تجمع بين عقدي الكراء ومعين الكراء الذي يتم دفعه بعنوان كراء حالي وبعنوان جزء من ثمن العقار وبالتالي فإنه عند خلاص كامل الثمن يحال العقار للشخص المكتري. وأضاف أنه يوجد برنامج للسكن الاجتماعي لفائدة المنخرطين في صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.
وتطرق الأحمر إلى موضوع الشغل والعلاقات المهنية وأكد على منح أولوية قصوى لمتابعة تنفيذ منع المناولة في القطاع الخاص وكذلك المصالحة وفض النزاعات المهنية الجماعية.
وبخصوص ديوان التونسيين بالخارج أشار إلى أنه تم الاشتغال على ملف عودة التونسيين بالخارج بالاشتراك مع وزارة النقل حيث تدخلت وزارة الشؤون الاجتماعية مع وزارة النقل لتوفير تذاكر بسعر معقول للعائلات متعددة الأفراد أو لفائدة الطلبة وعددها 20 ألف تذكرة ويجري العمل على توزيعها بصفة منتظمة إلى غاية موفى شهر أوت. وبالنسبة إلى الملحقين الاجتماعيين أشار إلى عودة 25 ملحقا وذكر أنه سيتم تعيين مجموعة أخرى مع العمل على إعادة الانتشار للحد من التكلفة لأن تواجد الملحقين الاجتماعيين يعتمد على معيارين وهما كثافة عدد التونسيين بالخارج ونوعية العلاقات مع البلدان إذ هناك بعض الأماكن التي تتطلب تدخلات وإحاطة اجتماعية مكثفة بحالات المرض والعودة إلى الوطن وغيرها ولكن هناك مناطق أخرى ليست في حاجة لتدخل اجتماعي ويكفي تعيين ملحق وحيد لأن نوعية الخدمات المطلوبة تكون إدارية بالأساس وأشار إلى التوجه نحو تكثيف عدد الملحقين الاجتماعيين في المناطق التي تكون فيها حاجة التونسيين بالخارج أكبر للخدمة الاجتماعية.
وخلص الوزير إلى التأكيد على تمسكه بتحقيق الدور الاجتماعي للدولة وبين أن هذا الدور لا يقوم على التواكل بل على العمل النشيط والممارسة المهنية، وأكد على الحرص على التقليص قدر الإمكان في عدد المنتفعين في ببرنامج الأمان الاجتماعي وحصره في الأشخاص غير القادرين على العمل أما البقية فسيتم إخراجهم نحو منظومات أخرى قادرة على العمل أو على الإحاطة الاجتماعية مع التكوين والرسكلة والإحاطة والإدماج المهني من أجل إعادتهم للحياة النشيطة من جديد وفسر أن المسار يتجه نحو الخروج من حالة الاحتياج والدعم المالي المباشر إلى العمل النشيط والإحاطة الاجتماعية في إطار منظومات اجتماعية قارة وثابتة تقوم على النظام المساهماتي والنظام غير المساهماتي ومن خلال النظام غير المساهماتي يقع تنويع مصادر التمويل وبهذه الطريقة يتم ضمان ديمومة أنظمة الضمان الاجتماعي واستقرارها وبلوغ المعرف الاجتماعي الوحيد أي أن كل تونسي يكون لديه رقم اجتماعي يعرف من خلاله حقوقه وتعرف الإدارة ما عليها تقديمه لصاحب المعرف الوحيد وبهذه الكيفية تصبح الإدارة مرقمنة ويتم التعامل بين المواطن والإدارة في إطار الشفافية والمسؤولية.
سعيدة بوهلال
توجه أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بباردو للحوار مع وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر بمطالب عديدة في مقدمتها ترسيم عمال المناولة والتسريع في تسوية وضعيات المتعاقدين.
وضمانا لحسن تطبيق القانون الجديد المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة، أوصى العديد منهم بتكثيف الزيارات الرقابية والترفيع في عدد متفقدي الشغل، ودعا آخرون جهاز التفقد إلى التصدي بكل حزم لمحاولات من يريدون إفشال تطبيق هذا القانون الثوري حسب وصفهم والعبث بحقوق العمال.
كما عبر النواب عن تمسكهم بإدماج الفئات الهشة من خلال تمكينها اقتصاديا وتوسيع مظلة التغطية الاجتماعية، ودعوا إلى تشغيل ذوي الإعاقة، والترفيع في قيمة المساعدات الممنوحة للعائلات المعوزة ومحدودة الدخل وتمكينها من الانتفاع ببرامج السكن الاجتماعي، وهناك من اقترح الترفيع في قيمة المنحة العائلية التي تبلغ حاليا سبعة دنانير قصد تشجيع التونسيين على الإنجاب والتوقي من تبعات التهرم السكاني، في حين دعا آخرون إلى العناية بالمتقاعدين وهناك من اقترح تمكينهم من امتيازات جبائية أو مساعدات مالية.
وتطرق أعضاء الغرفة النيابية الثانية في مداخلاتهم إلى النقائص التي تشكوا منها الإدارات الراجعة بالنظر إلى وزارة الشؤون الاجتماعية في مختلف الجهات وطالبوا بدعمها بالموارد البشرية والمعدات والتجهيزات ووسائل النقل.
أما عماد الدربالي رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم فأشار إلى الجهود المبذولة من قبل أعضاء المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجالس الأقاليم في إطار إعداد مشروع المخطط التنموي 2026-2030، وذكر أن هذا المشروع يجب أن يكون مشروعا وطنيا شاملا يعكس تطلعات التونسيات والتونسيين ويكرس مبادئ العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة بين كل الجهات والفئات.
وأضاف أن الجلسة العامة للحوار مع وزير الشؤون الاجتماعية مناسبة لاستحضار معاناة الشعب التونسي على امتداد عقود من سياسات اقتصادية واجتماعية لا وطنية وظالمة لأنها سياسات كرست التفاوت بين الفئات وعمقت الفجوة بين الجهات وفاقمت نسب البطالة والفقر وأدت إلى تردي الأوضاع على كافة المستويات. وتحدث الدربالي عن التحولات التي حصلت بعد 25 جويلية في اتجاه بناء مشروع وطني بديل قوامه العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية وضمان العيش الكريم لكل التونسيين على قاعدة الإنصاف والعدل، وعبر عن ارتياح المجلس لما وصفه بالإجراءات الثورية ذات الطابع الاجتماعي التي تم اتخاذها خلال المرحلة الأخيرة، والتي مثلت انتصاراً حقيقيا للقوى العاملة في تكريس حقها في الشغل الكريم الذي يصون الكرامة الإنسانية. وأشار إلى رغبة المجلس في مزيد تعزيز الدور الاجتماعي للدولة خاصة بالنسبة إلى الشرائح الاجتماعية التي مازالت تواجه أوضاعا هشة ومن بينها النساء العاملات في القطاع الفلاحي والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخصوصية إضافة إلى العاملين في إطار آليات التشغيل الهش والعقود. وأكد الدربالي على ضرورة مواصلة دعم العائلات محدودة الدخل وذلك لكي ينسجم المشروع الوطني برمته مع المرحلة الراهنة، وهي مرحلة البناء والتأسيس لعدالة اجتماعية حقيقية حسب وصفه وعبر عن حرص مجلسه على مواصلة العمل المشترك في إطار وحدة الدولة وتكامل أدوار مؤسساتها، وبما تقتضيه المرحلة من تكافل وطني من أجل إرساء مخطط تنموي شعبي تكون فيه الدولة الاجتماعية حاضـرة بقوة، فهو يريده مخططا يكرس مبادئ الإنصاف ويحفظ الحقوق ويوفر للتونسيات وللتونسيين في كل الجهات نفس الفرص على قاعدة العدل والمساواة. وخلص رئيس المجلس النيابي إلى أن تونس تمضي قدما على درب الاستقرار، وهي مازالت تواجه العديد من التحديات المتراكمة الناتجة عن عقود من السياسات الفاشلة والخيارات غير العادلة غير أن المرحلة الراهنة بما تتيحه من مناخ وطني جديد قائم على الإرادة السياسية الصادقة تمثل، حسب قوله، فرصة حقيقية لتجاوز تلك التحديات شريطة أن يتواصل العمل الوطني بروح جماعية ومسؤولية تاريخية عالية يتم فيها تغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة، وأشار إلى وجود ضرورة قصوى وحاجة إلى تعزيز وحدة الصف الوطني ولعدم ترك المجال مفتوحا لمحاولات الإرباك والعودة إلى الوراء سواء من قبل جماعات الإرهاب التي دمرت النسيج المجتمعي أو من قبل لوبيات الفساد والإفساد التي عبثت بمصالح الشعب وتسعى إلى عرقلة كل المساعي الصادقة لبناء الدولة العادلة.
وأكد رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم على التزام المجلس الثابت بخيار السيادة الوطنية، باعتباره خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه. وبين أن تونس اليوم ماضية في ترسيخ حق شعبها في تقرير مصيره، ورسم سياساته واتخاذ قراراته بعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل أو الوصاية، وبمنأى عن الضغوط والإملاءات التي كثيرا ما فرضتها دوائر الاستعمار والهيمنة على حساب السيادة الوطنية والمصلحة الشعبية، وفسر أن هذا الخيار الوطني لا يعني الانغلاق، بل يؤكد ضرورة أن تكون الشراكات على قاعدة الاحترام المتبادل وخدمة التنمية الوطنية، لا على حساب استقلال القرار الوطني أو في إطار شروط مجحفة تعيد إنتاج التبعية. وعبر عن دعم المجلس المتواصل لهذا المسار واستعداده لمواصلة العمل إلى جانب كل القوى الوطنية الصادقة، حسب وصفه، وذلك من أجل إرساء مشروع تنموي سيادي عادل وشامل يكرس حضور الدولة الاجتماعية، ويضمن للمواطنين حقهم الكامل في العيش الكريم على أساس المساواة والعدالة.
منع الوساطة
وتعقيبا على مداخلات أعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية بالخصوص إلى أن قانون المناولة واضح وصريح وتجاوز حتى معايير منظمة العمل الدولية إذ أنه منع كافة أشكال الوساطة وهو خيار متميز وكان هذا الخيار محل تقدير المشاركين في ندوة منظمة العمل الدولية التي انعقدت خلال شهر جوان الماضي ومحل إشادة هذه المنظمة. ولاحظ أن هناك مؤسسات وجدت صعوبات في تطبيق هذا القانون لكن هناك صعوبات مفتعلة من قبل دعوة البعض إلى إصدار النصوص التطبيقية والحال أن القانون لم ينص على أوامر ترتيبية، وبالتالي فإن هذا القانون نافد منذ تاريخ صدوره. وأشار إلى أن الوزارة تعمل على متابعة تنفيذ القانون المتعلق بتنظيم عقود الشغل ومنع المناولة عن طريق تفقديات الشغل في كل الجهات. وذكر أن المصانع الكبرى قامت مباشرة بتطبيق هذا القانون لكن هناك مؤسسات أخرى وجدت صعوبات في التطبيق لذلك يقوم متفقدو الشغل على مساعدتها على حسن تطبيقه وعبر عن أمله في تجاوز كل الإشكاليات المطروحة. أما في ما يتعلق بتسوية وضعيات العمال غير القارين في القطاع العام، فقد أكد الأحمر أن هذا التوجه ثابت لأن العقود محددة المدة في القطاع الخاص انتهت وبين أنه بالنسبة إلى القطاع العام فهي مسألة وقت إذ يجري العمل على إعداد دراسات لتحديد الوضعيات لأن الانتدابات الظرفية فيها تنوع حسب الأنشطة وذكر أنه سيتم عرض الملف على رئيس الجمهورية ليتخذ القرار النهائي في شأنه.
وإجابة عن أسئلة أخرى حول منظومة الأمان أشار الوزير إلى أن هذه المنظومة تشتغل وفق معايير مضبوطة وأكد أنه جري العمل حاليا على تغيير بعض عناصر هذه المنظومة وحصر المنتفعين في المستحقين دون غيرهم، وذكر أن هذه المنظومة خاضعة للرقابة. وتعقيبا عن سؤال حول المنح العائلية قال إنه تم رصد موارد للغرض في قانون المالية وأن الوزارة بصدد انتظار صدور الأمر التطبيقي. وبخصوص إسناد بطاقات العلاج ذكر أنه يخضع لنفس مقاييس التحويلات المالية. ولاحظ أنه تم في السابق إسناد عدد كبير من بطاقات العلاج كما تم منح عدد كبير من بطاقات الإعاقة ويجب العودة إلى الجادة وذلك من خلال اعتماد الرقمنة. وقدم الوزير للنواب معطيات حول بطاقة «لاباس» وذكر أنه وقع توزيع 240 ألف بطاقة عن طريق البريد التونسي لكن تم إرجاع 90 ألف بطاقة وسيتم الاتصال بأصحابها عن طريق المؤجرين لتوزيع تلك البطاقات، أما بالنسبة إلى بطاقة الأمان فإن الصفقة جاهزة. وبالنسبة إلى منظومة بطاقات ذوي الإعاقة فهي جاهزة وتم اقتناء آلات الطباعة وتوزيعها على الإدارات الجهوية مع تنظيم دورات تكوينية لتسهيل منح البطاقات الجديدة.
وتفاعلا مع النواب الذين تحدثوا عن خدمات الصندوق الوطني للتأمين على المرض أكد الوزير أنه يتم العمل على توسيع الخدمات وتحسين السقف وأكد أن المشكل مع مسدي الخدمات بصدد الحل. وتعقيبا عن أسئلة حول القروض الاجتماعية بين أنها بصدد التقييم لأن الترفيع في المبالغ أدى إلى التقليص في عدد المنتفعين وذكر أنه حسب الدراسات التي تم القيام بها سيتم اعتماد معايير أخرى تسمح بالترفيع في عدد المنتفعين مع ضمان توازنات الصندوق، وبخصوص مراكز توزيع الأدوية الخصوصية بين أنه في صورة توفير مقرات يمكن بعث مركز في كل ولاية وتجنيب المواطن معاناة التنقل.
ولدى حديثه عن التهرم السكاني أكد أن الوضع ليس كارثيا، وبين أنه تم الترفيع في عطلة الأمومة وهو ما يمكن أن يحسن في نسبة الإنجاب في تونس. وبخصوص صندوق العاملات الفلاحيات أكد أن النصوص التطبيقية جاهزة وسيتم التداول بشأنها في مجلس وزاري.
عدالة اجتماعية
وفي بداية الجلسة العامة قدم عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية مداخلته أشار فيها إلى أن الوزارة تقدمت بعض الشيء في تنفيذ السياسة الاجتماعية الوطنية التي ضبطها رئيس الجمهورية بموجب الفصل 25 من الدستور. وذكر أن الخيار الذي أقره رئيس الجمهورية هو تحقيق العدالة الاجتماعية الحقيقية لأن هذا المفهوم يقتضي التمييز بين مسألتين وهما المفهوم النظري للعدالة الاجتماعية والتكريس الحقيقي للعدالة الاجتماعية. وفسر أن الحديث عن العدالة الاجتماعية في مفهومها النظري هو حديث عن مقاييس ونسب ومجال التدخلات وتنوعها وتساءل هل أن ما يمكن تصوره من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية له أثر في الواقع؟ وأجاب الوزير عن هذا السؤال مشيرا إلى أنه على مستوى الواقع، تغفل المنظومات الاجتماعية عن بعض الأشخاص وتقصي أحيانا فئات أخرى فالمعايير الموضعية مهما كانت درجة دقتها فهي في كل الحالات تؤدي إلى إقصاء بل تؤدي أحيانا إلى تمكين أشخاص من امتيازات وخدمات لا يستحقونها.
وبين الأحمر أن تحقيق السياسة الاجتماعية يقتضي تحقيق سلم اجتماعية لكن السلم الاجتماعية مرتبطة باستقرار اجتماعي وهذا الاستقرار لن يتحقق إلا بعلاقات مهنية واجتماعية مستقرة، ولهذا الغرض فإن وزارة الشؤون الاجتماعية، على حد قوله، تشتغل على جملة من المحاور الأساسية من أجل تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحقيق علاقات اجتماعية سليمة وغير تنازعية سواء بين القطاعات أو بين الجهات أو على المستوى الوطني بين مختلف الطبقات الاجتماعية وكل ذلك يتطلب عملا ميدانيا.
عمل ميداني
وأكد الوزير عصام الأحمر أن رئيس الجمهورية أسدى مؤخرا تعليماته بتكثيف العمل الاجتماعي، وبين أن العمل الاجتماعي ليس عملا نظريا في المكاتب بل هو عمل ميداني يتطلب الوقوف على الإخلالات التي تؤدي إلى الإضرار بالمواطنين وتحول دون تمتعهم بحقوقهم. وذكر أنه في إطار العمل الميداني توجد ثلاثة محاور تشتغل عليها وزارة الشؤون الاجتماعية وهي: العلاقات المهنية، والنهوض الاجتماعي، والتونسيون بالخارج والهجرة.
وقدم الوزير لنواب الشعب معطيات حول بعض الإصلاحات التي تم القيام بها على مستوى الوزارة، وقال إن خيار رئيس الجمهورية يقوم على القطع مع المنظومات التقليدية ومع الإملاءات الخارجية وهو خيار وطني ويكون التنفيذ بأياد تونسية، وأكد أن المشاريع المنجزة هي تونسية مائة بالمائة وخرجت في بعض الأحيان عن المنظومات الجاهزة التي يتم اعتمادها في بعض بلدان العالم.
وللقضاء على عدم الاستقرار في العمل، بين أنه تم وضع برنامج متكامل يتم تنفيذه في إطار جملة من المحاور وشمل المحور الأول الأساتذة والمعلمين النواب وقد تم غلق هذا الملف بصفة تكاد تكون شبه كلية فحتى الخدمات الاجتماعية تم فتحها أمامهم قبل الانتهاء من تسوية وضعياتهم المهنية والمالية، وهناك محور آخر وهو عملة الحضائر وتم في نوفمبر 2024 منح مستحقات من تفوق أعمارهم 60 سنة مع مواصلة التدقيق في القائمات، وبالنسبة إلى من تقل أعمارهم عن 45 سنة فقد تمت تسوية وضعياتهم المهنية وهي مستقرة، أما عمال الحضائر الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و55 سنة فقد تم إعداد مشروع أمر فيه تصور متكامل لحل المشكل كما صدر أمر بمنع المناولة في القطاع العام وبالتالي فإن جميع المؤسسات التي تقوم بوساطة لتوفير اليد العاملة وتتعامل مع مؤسسات وإدارات عمومية ستنتهي تماما لأنه سيتم تسوية وضعيات هؤلاء الأعوان وترسيمهم في المؤسسات التي يشتغلون بها. وأوضح أن قانون تنظيم عقود الشغل ومنع المناولة نص على منع عقود الشعل محددة المدة ومن يقع انتدابه في إطار مجلة الشغل أصبح عمله قارا وحتى في غياب الكتابة فإن العون مترسم لأن العلاقة الشغلية يتم إثباتها بكل الوسائل وبمقتضى القانون تم ترسيم الجميع. وأضاف أنه بمقتضى نفس القانون وقع منع المناولة في المؤسسات الخاصة وقامت العديد من المؤسسات بتسوية وضعيات أعوانها لكن هناك بعض المؤسسات مازالت تطرح أسئلة حول كيفية تطبيقه ويعمل إطارات الوزارة على مساعدتها على حسن تطبيق هذا القانون، وأكد أنه تم تحقيق تقدم تدريجي في تطبيق القانون المذكور.
الأدوية الخصوصية
وإضافة إلى العمل الميداني الذي قامت به وزارة الشؤون الاجتماعية من أجل القضاء على عدم الاستقرار في العمل، أشار الوزير عصام الأحمر إلى القيام بعمل ميداني آخر لم يقع الإعلان عنه في وسائل الإعلام وهو يتمثل في بعث مراكز لتوزيع الأدوية الخصوصية. وذكر أنه في شهر أوت 2024 كانت توجد خمسة مراكز أما اليوم فقد وصل العدد إلى 10 مراكز وهناك 4 مراكز بصدد الانجاز وسيتم فتحها في شهر سبتمبر أو شهر أكتوبر 2025 وبهذه الكيفية لم تعد الأدوية الخصوصية حكرا على مصحات حي الخضراء وسوسة وصفاقس، إذ تم بعث مركز في ولاية جندوبة ومركز في ولاية القصرين أما مركز مدنين فهو جاهز وسينطلق العمل به خلال هذه الصائفة حال مباشرة الإطار الطبي كما يوجد مركز آخر جاهز وهو مركز قصور الساف ونفس الشيء بالنسبة إلى سليانة فقد تم وضع مقر الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية على ذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض لتحويله إلى مركز لتوزيع الأدوية الخصوصية.
تقريب الخدمات
ويتمثل الإصلاح الموالي حسب قول وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر في تقريب خدمات مصحات الضمان الاجتماعي من المواطن وضمان انتشار عادل بين الولايات والمعتمديات، وبين أنه في هذا الصدد تم فتح بعض المصحات على مستوى معتمديات أو على مستوى ولايات، وذكر أن المقر في الكاف جاهز وتم الانطلاق في تأثيثه وتجهيزه بالمعدات، أما في الرديف فإن الوزارة تنتظر من وزارة أملاك الدولة تحديد معين كراء مقر يتم تخصيصه لتركيز مصحة للضمان الاجتماعي.
وعلى مستوى التربية المختصة بين أن هناك مراكز منتشرة على كامل تراب الجمهورية كما هناك مجموعة من المراكز الخاصة بالتوحد وتم الحصول على مقرات ويجري العمل على تركيزها على مستوى جميع الولايات ويتمثل الهدف المراد بلوغه تدريجيا في بعث مركز توحد في كل ولاية أو معتمدية.
أما على مستوى الصحة والسلامة المهنية، فأشار وزير الشؤون الاجتماعية إلى الانطلاق في تنفيذ برنامج رقابي، وذكر أنه يتم القيام بعملية تدقيق للمراكز خاصة المراكز المخصصة للأشخاص من ذوي الإعاقة أو دور إعاشة لأنه لا يمكن تعريض حياة هؤلاء الأشخاص للخطر بل لابد من ضمان احترام المقاييس الوطنية والمعايير المعمول بها.
إصلاح المنظومة
وتطرق وزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر في مداخلته أمام أعضاء الغرفة النيابية الثانية إلى التحديات المطروحة على الوزارة وفي مقدمتها إصلاح منظومة الضمان الاجتماعي الذي أذن به رئيس الجمهورية وذلك في إطار مقاربة تستجيب للوضع القائم في تونس مع التخلي عن كل المنظومات القديمة بما فيها من مصطلحات وأفكار واستبعاد هذه المنظومات لأنها أدت، حسب قوله، إلى فشل منظومة الضمان الاجتماعي في تونس من حيث التوازنات المالية.
وفسر أنه يوجد فرق بين التوازنات المالية وديمومة الخدمات، فالصناديق الاجتماعية بإمكانياتها الحالية قادرة على ضمان استمرار الخدمات لكن دون تحقيق التوازنات المالية أي أنه بكل الوسائل يمكن مواصلة إسداء الخدمات لكن في ظل اختلال التوازنات المالية بسبب الديون المتقاطعة فالمهم بالنسبة للوزارة هو الاستمرار في إسداء الخدمات وليست الأرقام وأضاف أنه رغم أهمية الأرقام فإن الهدف الأساسي هو تأمين استمرارية الخدمة الاجتماعية.
الأمان الاجتماعي
ولدى حديثه عن برنامج الأمان الاجتماعي وما يثيره من جدل على المستوى الجهوي، أشار عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية خلال الجلسة العامة الحوارية بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، إلى أن هذا البرامج يعد تجربة رائدة في تونس تم الاقتداء بها من قبل دول أخرى لكن ليس بنفس الشكل وذلك لأن المعايير الموجودة حاليا في تونس تفتح الحق لفئة كبيرة من الأشخاص وهو ما جعل منظومة الأمان الاجتماعي تثير العديد من الإشكاليات من جانبين. وفسر أن الجانب الأول هو أن الحق في الصحة حق دستوري وبالتالي فإن تسعين بالمائة من الحالات التي تستحق تدخلات يتم منحها بطاقة علاج سواء كانت بطاقة علاج مجاني أو علاج بتعريفة منخفضة، أما الجانب الثاني فيتمثل في التحويلات المالية التي يتم منحها في صورة عدم وجود عائل والمعيار المعتمد حاليا يتجاوز الأجر الأدنى أي أن من يتقاضى الأجر الأدني ينتفع بخدمات برنامج الأمان الاجتماعي وفي نفس الوقت بتمتع بمساعدات اجتماعية. وذكر أن الوزارة بصدد القيام بمراجعات لتلافي الإخلالات وذلك بالتثبت من الوضعية المالية للشخص لأنه أحيانا يكون لديه دخل آخر متأت من نشاط تجاري أو لديه عقارات أو رصيد مالي وعندما تتوفر المعلومات يقع مد الأخصائيين الاجتماعيين بتلك المعطيات للتثبت من وضعيات الأشخاص المعنيين.
وبخصوص وضعية العاملات الفلاحيات بين أنه تم في بداية الأمر إصدار المرسوم عدد 4 لسنة 2024 المنظم للوضعية الاجتماعية للعاملات الفلاحيات وستنتفعن بمنظومة مساهماتية، وفسر أنه سيتم تدريجيا إخراجهن من منظومة الأمان الاجتماعي ولكن في الأثناء يمكن للعاملة الفلاحية أن تنفع في نفس الوقت بالمنحة وبطاقة العلاج وأن تكون منخرطة في الصندوق وتتحمل الدولة تكاليف الانخراط وأوضح الوزير قائلا :»سنحاول القيام بانتقال هادئ وبكيفية تجعل العاملة الفلاحية لا تخاف من الانخراط في منظومة الضمان الاجتماعي». أما بالنسبة إلى صندوق تأمين مواطن الشغل الذي تم إقراره في إطار قانون المالية أشار الوزير عصام الأحمر إلى أن المشروع جاهز وسيعرض على رئيس الجمهورية لتحديد الخيارات الأساسية لهذا المشروع، وذكر أن هذا الصندوق سيؤمن الأشخاص الذين يفقدون مواطن الشغل وذلك لأن فقدان مواطن الشغل فيه خطر الارتداد للفقر. وقال إنه في حالات فقدان مواطن الشغل يتوجه العامل إلى نظام خاص يتمثل في حصوله على منحة تعويضية عن فقدان مواطن الشغل وبهذه الكيفية يقع التعهد به لتلافي الفقر والاحتياج ولإعادة تأهيله للاندماج في سوق الشغل من جديد. وخلال حديثه عن المساعدات الاجتماعية التي يتم منحها خلال العودة المدرسية أشار إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية تعمل على التنسيق وزارة التجارة ووزارة التربية بهدف توحيد التدخل في علاقة بتوزيع المساعدات المدرسية.
التمكين الاقتصادي
وتحدث الوزير عصام الأحمر عن مجال تدخل الوزارة في علاقة بالتمكين الاقتصادي للفئات محدودة الدخل والأشخاص ذوي الإعاقة. وذكر أن برامج التمكين الاقتصادي يتم في إطاره إسناد منح للأشخاص ثم يتم التثبت مع وزارة التشغيل والتكوين المهني من جدوى المشروع وقابلية انجازه في الجهة وفي صورة مصادقتها على الانجاز يقع تمكين المعني بالأمر من منحة لكن يبقى بإمكانه التوجه إلى جهات أخرى للحصول على قرض لتنمية مشروعه . وذكر أن الوزارة تعمل من أجل الإدماج الكلي لذوي الإعاقة لأنهم لا يحتاجون فقط إلى الإعاشة بل لابد من العمل على إدماجهم بشكل كامل وفي هذا الإطار تم الاشتغال على مشروع قرار يتعلق بالسياحة الميسرة لذوي الإعاقة وتم عرضه على وزارة السياحة، وذكر أن ذوي الإعاقة لديهم الحق في الصحة والعمل وكذلك الترفيه وتشتغل الوزارة على تحقيق ذلك. وأضاف أنه توجد قاعدة بيانات خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة وصنف الإعاقة لمساعدتهم على التشغيل وقد قام متفقدو الشغل بحملات لتوعية المؤسسات بتشغيل ذوي الإعاقة ودعم الالتزام بتخصيص 2 بالمائة من مواطن الشغل لفائدة هذه الفئة كما يتم التنسيق مع وزارة الشباب والرياضة للإحاطة بذوي الإعاقة. وبخصوص الهياكل المؤسسات الناشطة في مجال الإعاقة فيوجد تصور لتجديد هذه الهياكل فهي مقسمة بين جمعيات ومؤسسات عمومية ومؤسسات خاصة وهو ما يتسبب في إحداث نوع من الاضطراب في نوعية الخدمات وهو ما يقضي حسب قول الوزير توحيد نظام العمل وإيجاد آلية للتنسيق بين التدخلات لأن الغاية لا تتمثل في الهيكلة في حد ذاتها بل في جودة الإحاطة بالأشخاص ذوي الإعاقة.
وقدم الوزير عصام الأحمر للنواب بسطة حول ما تقوم به مراكز الدفاع الاجتماعي من عمل لمقاومة الجريمة وتطبيق السياسات الاجتماعية في علاقة بالانقطاع المدرسي وظاهرة المخدرات وظاهرة العنف لدى الشباب والأطفال الذين هم في خلاف مع القانون فجميع هذه الظواهر يتم تدارسها في تلك المراكز التي تتوفر على أخصائيين اجتماعيين وأخصائيين نفسيين وأغلبهم من المستشارين بالدوائر الجنائية والدوائر القضائية للأطفال. وأضاف أنه توجد شبكة من المؤسسات العمومية الراجعة بالنظر للوزارة تضم 48 مؤسسة منها 24 مؤسسة للدفاع الاجتماعي وذلك بمعدل مركز بكل ولاية، وذكر أنه بالتنسيق مع وزارة المرأة ومندوب حماية الطفولة يتم التعهد بالأطفال المهدديين والإحاطة بهم. وأضاف أنه يوجد كذلك برنامج الفرصة الثانية للمراهقين بمركز الدفاع والإدماج الاجتماعي بقابس وهو بالتعاون بين وزارتي التربية والتكوين المهني ويتمثل الهدف منه في مقاومة الانقطاع أو التسرب المدرسي.
تعليم الكبار
ومن البرامج الأخرى التي تؤمنها وزارة الشؤون الاجتماعية أشار الوزير عصام الأحمر إلى برنامج تعليم الكبار وأكد أنه تم المرور من تعليم القراءة والكتابة إلى تنمية المكتسبات فالشخص الذي لم يتعلم يجب أن يكون قادرا على استخدام التكنولوجيا، والمتقاعد الذي يتم مده ببطاقة سحب بريدي وهو غير قادر على استخدامها فلا جدوى من تلك البطاقة، لذلك تم، حسب قوله، إدراج المكتسبات الحياتية في برنامج تعليم الكبار وهناك برنامج رقمنة معتمد من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض وسيفتح هذا الأخير أمام المنتفعين ببرنامج تعليم الكبار المجال للتواصل عن بعد.
إعادة هيكلة
مسألة أخرى لا تقل أهمية تطرق إليها عصام الأحمر وزير الشؤون الاجتماعية خلال الجلسة العامة المنعقدة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم وهي تتعلق بالضمان الاجتماعي. وذكر أن رئيس الجمهورية يطالب دائما بإعادة الهيكلة بمفهوم يتجاوز التعديلات التي تعتمد على المقاييس، لأن كل التعديلات التي تم القيام بها في تونس عبر التاريخ لم تكن مهمة باستثناء بعض التعديلات الجزئية مثل إحداث صندوق الشيخوخة ثم حذفه. وفسر أن رئيس الجمهورية لا يريد إضافة مساهمة اجتماعية بنسبة صفر فاصل خمسة أو التقليص في المنافع بل يريد المرور إلى مرحلة جديدة تقوم على مفاهيم جديدة وتصور جديد بكيفية تكون فيها أنظمة الضمان الاجتماعي ذات مردودية وأن تكون هذه الأنظمة موجهة وواضحة ومقيسة ومتناسبة مع المساهمات والأهم من ذلك أن المساهمات لا تكون المصدر الوحيد للتمويل ولا يتم الاقتصار عليها. وأعلن الوزير عن وجود توجه نحو تنويع مصادر التمويل وذكر أنه تم القيام بعديد التجارب في هذا الغرض ومثلما تم في قانون المالية إحداث صندوق لفائدة المرأة العاملة في القطاع الفلاحي بتنويع مصادر التمويل وعدم الاقتصار على المساهمات، ونفس الشيء بالنسبة إلى صندوق ضمان التعويض على فقدان مواطن الشغل فقد تم اعتماد أنظمة مساهماتية وأنظمة أخرى مساندة وبالتالي فإنه في صورة انعدام التوازن المالي للصندوق تكون هناك مصادر ثانية تكميلية وهي ليست لتمويل الخدمات بل للاستثمار وبهذه الكيفية يساعد الاستثمار على إخراج الصندوق من العجز المالي ويمكن من تحقيق موارد أخرى أي أنه يقع إيجاد آلية للتمويل الذاتي للأنظمة دون اللجوء إلى دعم الدولة.
وبخصوص الصندوق الوطني للتأمين على المرض بين أن هناك من يقول إن الصندوق في عجز لكن على مستوى الحسابات الصندوق سجل أرباحا وذكر أن النظام قادر على تحقيق توازناته، وأشار إلى أنه لابد من التذكير بما قام به هذا الصندوق خلال السنة الأخيرة حيث تم الترفيع في السقف من 200 د إلى 400 د وتم تقييس الخدمات بحسب عدد أفراد العائلة إذ في بعض الحالات تتجاوز سلة العلاج والأدوية ألف دينار لكل عائلة، كما تم بالنسبة إلى النظارات الطبية الترفيع في المبلغ المسترجع من 50 دينارا إلى 200 دينار مع التعهد بالخلاص وهو ما ترتبت عنه مصاريف إضافية. كما لاحظ الوزير تسجيل ارتفاع في عدد المرضى الذين هم في حاجة إلى تصفية الدم وفي مبالغ الأدوية الخصوصية فحتى من يتم رفض مطالبهم من قبل لجنة صندوق التأمين على المرض يتم قبول مطالبهم من طرف اللجنة المركزية وعندما يؤكد الطبيب في الوصفة على حاجة المريض للعلاج يتم توفير العلاج والدواء وهذا فيه كلفة مرتفعة ولكن من واجب الدولة توفير العلاج والدواء وهنا تكمن العدالة الاجتماعية الحقيقة، حسب تعبيره، لأنه عند إقصاء البعض بسبب ارتفاع كلفة العلاج فهذا ليس من باب العدالة الاجتماعية. وذكر أنه توجد منظومة متكاملة للتأمين على المرض ويوجد تصور لإعادة الهيكلة بما يمكن من تجاوز النقص وتعطل إسداء الخدمات، وأكد أنه يتم أحيانا التأخير في الخلاص لكن في نهاية الأمر يقع خلاص الجميع.
وبالنسبة إلى المنافع المقدمة في إطار الضمان الاجتماعي فهي بصدد التنوع والتطور حسب قول الوزير وتطرق في هذا السياق إلى مشروع القانون المتعلق بالسكن الاجتماعي المعروض حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب وتم من خلاله اقتراح فتح المجال أمام الكراء المملك وهي آلية تجمع بين عقدي الكراء ومعين الكراء الذي يتم دفعه بعنوان كراء حالي وبعنوان جزء من ثمن العقار وبالتالي فإنه عند خلاص كامل الثمن يحال العقار للشخص المكتري. وأضاف أنه يوجد برنامج للسكن الاجتماعي لفائدة المنخرطين في صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية.
وتطرق الأحمر إلى موضوع الشغل والعلاقات المهنية وأكد على منح أولوية قصوى لمتابعة تنفيذ منع المناولة في القطاع الخاص وكذلك المصالحة وفض النزاعات المهنية الجماعية.
وبخصوص ديوان التونسيين بالخارج أشار إلى أنه تم الاشتغال على ملف عودة التونسيين بالخارج بالاشتراك مع وزارة النقل حيث تدخلت وزارة الشؤون الاجتماعية مع وزارة النقل لتوفير تذاكر بسعر معقول للعائلات متعددة الأفراد أو لفائدة الطلبة وعددها 20 ألف تذكرة ويجري العمل على توزيعها بصفة منتظمة إلى غاية موفى شهر أوت. وبالنسبة إلى الملحقين الاجتماعيين أشار إلى عودة 25 ملحقا وذكر أنه سيتم تعيين مجموعة أخرى مع العمل على إعادة الانتشار للحد من التكلفة لأن تواجد الملحقين الاجتماعيين يعتمد على معيارين وهما كثافة عدد التونسيين بالخارج ونوعية العلاقات مع البلدان إذ هناك بعض الأماكن التي تتطلب تدخلات وإحاطة اجتماعية مكثفة بحالات المرض والعودة إلى الوطن وغيرها ولكن هناك مناطق أخرى ليست في حاجة لتدخل اجتماعي ويكفي تعيين ملحق وحيد لأن نوعية الخدمات المطلوبة تكون إدارية بالأساس وأشار إلى التوجه نحو تكثيف عدد الملحقين الاجتماعيين في المناطق التي تكون فيها حاجة التونسيين بالخارج أكبر للخدمة الاجتماعية.
وخلص الوزير إلى التأكيد على تمسكه بتحقيق الدور الاجتماعي للدولة وبين أن هذا الدور لا يقوم على التواكل بل على العمل النشيط والممارسة المهنية، وأكد على الحرص على التقليص قدر الإمكان في عدد المنتفعين في ببرنامج الأمان الاجتماعي وحصره في الأشخاص غير القادرين على العمل أما البقية فسيتم إخراجهم نحو منظومات أخرى قادرة على العمل أو على الإحاطة الاجتماعية مع التكوين والرسكلة والإحاطة والإدماج المهني من أجل إعادتهم للحياة النشيطة من جديد وفسر أن المسار يتجه نحو الخروج من حالة الاحتياج والدعم المالي المباشر إلى العمل النشيط والإحاطة الاجتماعية في إطار منظومات اجتماعية قارة وثابتة تقوم على النظام المساهماتي والنظام غير المساهماتي ومن خلال النظام غير المساهماتي يقع تنويع مصادر التمويل وبهذه الطريقة يتم ضمان ديمومة أنظمة الضمان الاجتماعي واستقرارها وبلوغ المعرف الاجتماعي الوحيد أي أن كل تونسي يكون لديه رقم اجتماعي يعرف من خلاله حقوقه وتعرف الإدارة ما عليها تقديمه لصاحب المعرف الوحيد وبهذه الكيفية تصبح الإدارة مرقمنة ويتم التعامل بين المواطن والإدارة في إطار الشفافية والمسؤولية.
سعيدة بوهلال