إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إصلاح الصناديق الاجتماعية.. خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية

 

على وقع تحديات اجتماعية وتراكمات هيكلية طالت منظومة الحماية الاجتماعية، تطرح الدولة اليوم، من أعلى هرمها، ضرورة إعادة النظر في دور الصناديق الاجتماعية كأداة مركزية لتحقيق العدالة والإنصاف. فاللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء أول أمس الأربعاء 16 جويلية الجاري بوزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر جاء ليؤكّد مرة أخرى الالتزام العميق بترسيخ ملامح الدولة الاجتماعية، عبر مراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية، وإعادة الاعتبار لدورها المركزي في تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق الاقتصادية للمواطنين.

عودة ملف الصناديق الاجتماعية إلى صدارة الاهتمام الرسمي يعكس مجددا وفقا للمتابعين للشأن العام أن هذا الملف يمثل ركيزة أساسية في بناء الدولة الاجتماعية التي باتت محور الرؤية السياسية لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.

كما يمثل في جوهره أيضا محطة جديدة في مسار إعادة صياغة العقد الاجتماعي على أسس من العدالة والكرامة والحق في الرعاية. وقد مثّلت دعوة رئيس الجمهورية  إلى مراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية، وتأكيده على أنّ الدور الاجتماعي للدولة ليس منّة بل حقّ مشروع يعكس رسالة سياسية تعبّر عن تصوّر جديد يُؤمن بأنّ الإصلاح يبدأ من استرجاع الوظيفة الاجتماعية للدولة كحامية للمواطن لا كراعٍ سلبي..

في هذا الجانب وفي استعراض لحيثيات اللقاء فقد أسدى رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله الأربعاء الماضي بقصر قرطاج وزير الشؤون الاجتماعية، تعليماته بالمراجعة الجذرية لدور الصناديق الاجتماعية بوجه الخصوص حتى تجد توازنها المطلوب وتسترجع دورها الكامل، مؤكدا على ضرورة المضي قدما في العمل الاجتماعي المكثف لبناء الدولة الاجتماعية.

ودعا رئيس الجمهورية إلى التخلّص من جملة من المصطلحات والمفاهيم، فالدور الاجتماعي ليس منّة ولا فضلا بل حقّ مشروع يقتضي فكرا جديدا وطرق عمل جديدة.

وقد شدّد رئيس الجمهورية في هذا السياق على ضرورة إعادة التوازن المالي للصناديق الاجتماعية، في ظل أزمات مزمنة أضعفت من قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، مؤكدا أن هذا التوازن لا يمكن أن يتحقق دون إصلاحات هيكلية وشاملة تأخذ بعين الاعتبار العدالة والإنصاف، لا فقط الحسابات التقنية أو المحاسبية.

اللقاء وحسب ملاحظين فإنه لم يكتف بالإشارة إلى الأبعاد المالية أو الإدارية لهذه الصناديق، بل وضعها ضمن رؤية شاملة لبناء الدولة الاجتماعية، مذكرا بأن الدور الاجتماعي للدولة ليس منّة من الحاكم، ولا إحسانا من الجهاز الإداري، بل هو حقّ مشروع للمواطن، يقتضي فكرا وتصورا جديدا ومقاربات مغايرة لواقع اجتماعي متأزم بما يطرح فلسفة جديدة في إدارة الشأن العام يروم رئيس الجمهورية تركيزها تقوم على العدل والإنصاف.

ولعلّ أبرز ما يُستشفّ من هذا التوجه، هو الرغبة في تجاوز الرؤية الكلاسيكية لبرامج الضمان والحماية الاجتماعية، نحو سياسات قائمة على الفعالية والمردودية والشفافية، وعلى أنماط تدخل متجدّدة تُعيد الاعتبار إلى الفئات الهشة والطبقات الوسطى، بعيدًا عن الخطاب الشعبوي أو الوعود الظرفية.

 دعوة رئيس الجمهورية  خلال هذا اللقاء إلى «التخلّص من جملة من المصطلحات والمفاهيم» تُعدّ أيضا رسالة سياسية تعكس تحوّلا في الخطاب الرسمي نحو مقاربة تقوم على الحق. وهو توجّه من شأنه أن يعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، على أساس عقد اجتماعي جديد قوامه الإنصاف والتنمية الشاملة.

وتندرج هذه الدعوة إلى المراجعة الجذرية في صلب رؤية أوسع وأشمل  لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي ما انفكّ يؤكد  في معرض لقاءاته الرسمية على أنّ العدالة الاجتماعية ليست خيارًا ظرفيًا، بل مسارا استراتيجيا لبناء تونس الجديدة. وهي عدالة تقوم على رفع الغبن عن الفئات المهمّشة، وتقليص الفوارق بين الجهات، وضمان الحق في التغطية الاجتماعية والصحية لكل المواطنين دون تمييز. فالإصلاح الاجتماعي في نظر رئيس الدولة لا يمرّ فقط عبر إعادة توازن الصناديق، بل عبر بناء منوال تنموي عادل، يُعيد توزيع الثروات على أساس الاستحقاق والكرامة الإنسانية، لا على حسابات ضيقة أو ولاءات سياسية. وفي هذا الاتجاه لا تنفصل دعوته إلى تطوير العمل الاجتماعي المكثف عن مشروع شامل لإرساء دولة العدل الاجتماعي والإنصاف التنموي.

في هذا الخضم فإن اللقاء يعكس توجها واضحا نحو مرحلة جديدة، تؤسس لعدالة اجتماعية لا تُختزل في شعارات، بل تُترجم إلى آليات فاعلة، وإرادة سياسية لإعادة بناء منظومة اجتماعية أكثر صلابة وتكافؤًا وعدلا تكون رافعة لاستقرار اجتماعي واقتصادي حقيقي ولبلوغ التنمية المنشودة..

ليُطرح في هذا السياق تساؤل جوهري حول ملامح الإصلاح المرتقب: هل ستقتصر المراجعة على الجانب الهيكلي والإداري للصناديق الاجتماعية، أم ستشمل أيضًا منظومة التمويل ونوعية الخدمات؟ لاسيما وأن منظومة الصناديق  الاجتماعية تعاني منذ سنوات من عجز متفاقم نتيجة تراجع المساهمات، وارتفاع كلفة التغطية، وغياب آليات الرقابة الفعالة. وهو ما يجعل من الضروري إعادة النظر في أسس تمويلها، عبر تنويع الموارد، وتعصير طرق الاستخلاص، وإرساء مبدأ التمييز الإيجابي في توزيع الخدمات لفائدة الجهات والمناطق الأقل حظًا.

منال حرزي

 

إصلاح الصناديق الاجتماعية..    خطوة حاسمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية

 

على وقع تحديات اجتماعية وتراكمات هيكلية طالت منظومة الحماية الاجتماعية، تطرح الدولة اليوم، من أعلى هرمها، ضرورة إعادة النظر في دور الصناديق الاجتماعية كأداة مركزية لتحقيق العدالة والإنصاف. فاللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد مساء أول أمس الأربعاء 16 جويلية الجاري بوزير الشؤون الاجتماعية عصام الأحمر جاء ليؤكّد مرة أخرى الالتزام العميق بترسيخ ملامح الدولة الاجتماعية، عبر مراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية، وإعادة الاعتبار لدورها المركزي في تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان الحقوق الاقتصادية للمواطنين.

عودة ملف الصناديق الاجتماعية إلى صدارة الاهتمام الرسمي يعكس مجددا وفقا للمتابعين للشأن العام أن هذا الملف يمثل ركيزة أساسية في بناء الدولة الاجتماعية التي باتت محور الرؤية السياسية لرئيس الجمهورية قيس سعيّد.

كما يمثل في جوهره أيضا محطة جديدة في مسار إعادة صياغة العقد الاجتماعي على أسس من العدالة والكرامة والحق في الرعاية. وقد مثّلت دعوة رئيس الجمهورية  إلى مراجعة جذرية لدور الصناديق الاجتماعية، وتأكيده على أنّ الدور الاجتماعي للدولة ليس منّة بل حقّ مشروع يعكس رسالة سياسية تعبّر عن تصوّر جديد يُؤمن بأنّ الإصلاح يبدأ من استرجاع الوظيفة الاجتماعية للدولة كحامية للمواطن لا كراعٍ سلبي..

في هذا الجانب وفي استعراض لحيثيات اللقاء فقد أسدى رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله الأربعاء الماضي بقصر قرطاج وزير الشؤون الاجتماعية، تعليماته بالمراجعة الجذرية لدور الصناديق الاجتماعية بوجه الخصوص حتى تجد توازنها المطلوب وتسترجع دورها الكامل، مؤكدا على ضرورة المضي قدما في العمل الاجتماعي المكثف لبناء الدولة الاجتماعية.

ودعا رئيس الجمهورية إلى التخلّص من جملة من المصطلحات والمفاهيم، فالدور الاجتماعي ليس منّة ولا فضلا بل حقّ مشروع يقتضي فكرا جديدا وطرق عمل جديدة.

وقد شدّد رئيس الجمهورية في هذا السياق على ضرورة إعادة التوازن المالي للصناديق الاجتماعية، في ظل أزمات مزمنة أضعفت من قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها، مؤكدا أن هذا التوازن لا يمكن أن يتحقق دون إصلاحات هيكلية وشاملة تأخذ بعين الاعتبار العدالة والإنصاف، لا فقط الحسابات التقنية أو المحاسبية.

اللقاء وحسب ملاحظين فإنه لم يكتف بالإشارة إلى الأبعاد المالية أو الإدارية لهذه الصناديق، بل وضعها ضمن رؤية شاملة لبناء الدولة الاجتماعية، مذكرا بأن الدور الاجتماعي للدولة ليس منّة من الحاكم، ولا إحسانا من الجهاز الإداري، بل هو حقّ مشروع للمواطن، يقتضي فكرا وتصورا جديدا ومقاربات مغايرة لواقع اجتماعي متأزم بما يطرح فلسفة جديدة في إدارة الشأن العام يروم رئيس الجمهورية تركيزها تقوم على العدل والإنصاف.

ولعلّ أبرز ما يُستشفّ من هذا التوجه، هو الرغبة في تجاوز الرؤية الكلاسيكية لبرامج الضمان والحماية الاجتماعية، نحو سياسات قائمة على الفعالية والمردودية والشفافية، وعلى أنماط تدخل متجدّدة تُعيد الاعتبار إلى الفئات الهشة والطبقات الوسطى، بعيدًا عن الخطاب الشعبوي أو الوعود الظرفية.

 دعوة رئيس الجمهورية  خلال هذا اللقاء إلى «التخلّص من جملة من المصطلحات والمفاهيم» تُعدّ أيضا رسالة سياسية تعكس تحوّلا في الخطاب الرسمي نحو مقاربة تقوم على الحق. وهو توجّه من شأنه أن يعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع، على أساس عقد اجتماعي جديد قوامه الإنصاف والتنمية الشاملة.

وتندرج هذه الدعوة إلى المراجعة الجذرية في صلب رؤية أوسع وأشمل  لرئيس الجمهورية قيس سعيّد، الذي ما انفكّ يؤكد  في معرض لقاءاته الرسمية على أنّ العدالة الاجتماعية ليست خيارًا ظرفيًا، بل مسارا استراتيجيا لبناء تونس الجديدة. وهي عدالة تقوم على رفع الغبن عن الفئات المهمّشة، وتقليص الفوارق بين الجهات، وضمان الحق في التغطية الاجتماعية والصحية لكل المواطنين دون تمييز. فالإصلاح الاجتماعي في نظر رئيس الدولة لا يمرّ فقط عبر إعادة توازن الصناديق، بل عبر بناء منوال تنموي عادل، يُعيد توزيع الثروات على أساس الاستحقاق والكرامة الإنسانية، لا على حسابات ضيقة أو ولاءات سياسية. وفي هذا الاتجاه لا تنفصل دعوته إلى تطوير العمل الاجتماعي المكثف عن مشروع شامل لإرساء دولة العدل الاجتماعي والإنصاف التنموي.

في هذا الخضم فإن اللقاء يعكس توجها واضحا نحو مرحلة جديدة، تؤسس لعدالة اجتماعية لا تُختزل في شعارات، بل تُترجم إلى آليات فاعلة، وإرادة سياسية لإعادة بناء منظومة اجتماعية أكثر صلابة وتكافؤًا وعدلا تكون رافعة لاستقرار اجتماعي واقتصادي حقيقي ولبلوغ التنمية المنشودة..

ليُطرح في هذا السياق تساؤل جوهري حول ملامح الإصلاح المرتقب: هل ستقتصر المراجعة على الجانب الهيكلي والإداري للصناديق الاجتماعية، أم ستشمل أيضًا منظومة التمويل ونوعية الخدمات؟ لاسيما وأن منظومة الصناديق  الاجتماعية تعاني منذ سنوات من عجز متفاقم نتيجة تراجع المساهمات، وارتفاع كلفة التغطية، وغياب آليات الرقابة الفعالة. وهو ما يجعل من الضروري إعادة النظر في أسس تمويلها، عبر تنويع الموارد، وتعصير طرق الاستخلاص، وإرساء مبدأ التمييز الإيجابي في توزيع الخدمات لفائدة الجهات والمناطق الأقل حظًا.

منال حرزي