إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لتسهيل نشاط المؤسسات وتعزيز تنافسيتها.. الديوانة تمنح صفة المتعامل الاقتصادي لـ20 مؤسسة جديدة

 

- وزيرة المالية: مستعدون لتقديم حوافز للمؤسسات ودعم القطاع الخاص

نظّمت الإدارة العامة للديوانة، أمس الخميس، بمقر المدرسة الوطنية للديوانة بالعاصمة، حفلًا تم خلاله منح صفة «المتعامل الاقتصادي المعتمد» لفائدة 20 مؤسسة اقتصادية، وذلك بحضور وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، والمدير العام للديوانة، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، سمير ماجول، وممثل عن رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة، طارق الشريف، إضافة إلى ثلة من إطارات الهيكل الإداري للديوانة.

وفي إطار دعمها المتواصل للهياكل الاقتصادية الحيوية، نوّهت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، في كلمتها، بالجهود الكبيرة التي يبذلها أعوان الديوانة، خاصة خلال الفترة الصيفية التي تشهد توافدًا مكثفًا للسياح والتونسيين المقيمين بالخارج. وأشادت الوزيرة بحرفيتهم العالية في تيسير الإجراءات الحدودية، بما يعكس صورة إيجابية عن تونس ويسهم في تحسين مناخ الاستقبال والتعامل مع الزوار.

وفي سياق متصل، ثمّنت الوزيرة الدور الاستراتيجي للإدارة العامة للديوانة، لا سيّما في دعم الاستثمار من خلال نظام «المتعامل الاقتصادي المعتمد»، الذي يسهّل نشاط المؤسسات ويعزّز تنافسيتها، معتبرة أن هذا التمشي يندرج ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تطوير أداء المنظومة الاقتصادية ككل.

وأكدت الوزيرة أن هذه الجهود سيكون لها أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، من خلال تحفيز الدورة الاقتصادية وتنشيط مختلف القطاعات، وفي مقدّمتها القطاع الخاص، الذي اعتبرته شريكًا محوريًا في بناء الاقتصاد الجديد. ودعت في هذا الإطار المؤسسات الخاصة إلى لعب دور أكثر فاعلية، والانخراط في المسار الإصلاحي الذي تقوده الدولة.

تذليل الصعوبات أمام المؤسسات

كما عبّرت عن استعداد وزارة المالية لتقديم حوافز إضافية للمستثمرين والاستجابة لكافة المقترحات البنّاءة التي من شأنها أن تعجّل بتحقيق الانتعاشة الاقتصادية. وشدّدت على أهمية تعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية وتذليل الصعوبات الإدارية والمالية التي تعترضها، مؤكدة أن الوزارة تعمل وفق رؤية واضحة تهدف إلى تطوير نشاط المؤسسات ودعم أهداف رئيس الجمهورية الرامية إلى توفير مناخ استثماري ملائم والنهوض بالاقتصاد الوطني على أسس متينة ومستدامة.

وأشاد رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، في كلمة ألقاها، بالجهود المتواصلة التي تبذلها الإدارة العامة للديوانة التونسية في إسناد صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد للمؤسسات الوطنية، معتبرًا أن هذه المبادرة تمثّل رافعة حقيقية لتحفيز الدورة الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات، خاصة تلك الموجهة نحو التصدير.

وأوضح ماجول أن هذا النظام ساهم بشكل ملموس في تقليص التكاليف المباشرة وغير المباشرة للمؤسسات المصدّرة، فضلًا عن تيسير إجراءات التبادل التجاري وتبسيط المسارات الجمركية، وهو ما انعكس إيجابًا على مردودية الشركات وسرعة تصرّفها اللوجستي.

تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص

وأبرز رئيس منظمة الأعراف أن هذا التمشي الذي انطلق منذ سنة 2010 بعدد لا يتجاوز 6 مؤسسات متمتعة بهذه الصفة، عرف تطورًا لافتًا ليصل اليوم إلى 202 مؤسسة، وهو ما يعكس التقدم الكبير الحاصل في هذا المجال، والاهتمام المتزايد من قبل المؤسسات التونسية بالانخراط في هذه المنظومة.

وأكد ماجول أن منظومة المتعامل الاقتصادي ليست مجرد آلية تقنية جمركية، بل تمثّل رؤية شاملة ومتكاملة للنهوض بالمؤسسة الاقتصادية التونسية، من خلال تكريس مبادئ الشفافية، والحوكمة الرشيدة، وتسهيل تعامل المؤسسة مع مختلف الشركاء داخل الوطن وخارجه.

وأشار إلى أن التجارب الدولية الرائدة التي تبنّت هذه المنظومة أثبتت فعاليتها في تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير مرونة أكبر في التصرّف التجاري واللوجستي، داعيًا إلى مواصلة هذه الديناميكية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتكريس اقتصاد تنافسي ومستدام، يرتكز على الثقة والإصلاح.

ودعا ممثل رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية «كونكت»، طارق الشريف، خلال كلمته، إلى ضرورة تطوير الموانئ والمطارات التونسية باعتبارها ركيزة أساسية للنهوض بالمبادلات التجارية، وتحقيق نمو اقتصادي ملموس. ولفت إلى أن تحسين منظومة النقل اللوجستي في تونس يمثّل أولوية ملحّة، إذا ما أرادت البلاد تحقيق نسب نمو مرتفعة وتنافسية أكبر في الأسواق العالمية.

ضرورة تطوير الموانئ والمطارات

وأكد الشريف أن عدة دول، وعلى رأسها دول الخليج، تمكّنت من دفع عجلة اقتصادها وتعزيز صادراتها من خلال استثمارات استراتيجية في البنية التحتية، وخاصة تطوير شبكات النقل والموانئ والمطارات، مما منحها قدرة تنافسية عالية في التجارة الخارجية، وجعلها مراكز لوجستية إقليمية بارزة. وشدّد على أن تونس مطالَبة بالتحرّك في هذا الاتجاه، والعمل بجد على تطوير هذا الجانب الحيوي، لما له من انعكاسات مباشرة على دعم الصادرات، واستقطاب الاستثمارات، وتحسين موقع البلاد على خارطة التجارة العالمية.

كما نوّه الشريف بجهود الإدارة العامة للديوانة في إسناد صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد للمؤسسات التونسية، معتبرًا أن هذه الآلية تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحسين مناخ الأعمال، داعيًا إلى دعم المؤسسات لمزيد الانخراط في هذه الديناميكية.

من جهته، قال العقيد قيس بن زايد، ممثل الإدارة العامة للديوانة، في تصريح لـ«الصباح»، إن منح صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد لـ20 مؤسسة تونسية جديدة خلال الفترة الأخيرة يُعدّ خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم المبادلات التجارية الخارجية وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الوطنية. وأوضح أن هذه الصفة لا تُمنح إلا بعد استيفاء جملة من الشروط الدقيقة، أهمها الالتزام بالإجراءات الديوانية، وسلامة الوضعية المالية والجبائية، إلى جانب احترام الالتزامات الاجتماعية تجاه الصناديق الوطنية، ما يعكس جدّية المؤسسة واستقرارها.

وأشار العقيد بن زايد إلى أن المؤسسات المتحصّلة على هذه الصفة تتمتّع بامتيازات عديدة، أبرزها الرفع الفوري للبضائع دون معاينة فعلية في النقاط الحدودية، وذلك استنادًا إلى تصريحات مبسّطة، مما يختصر الوقت والتكاليف. كما يتم ربط كل العمليات الديوانية للمؤسسة بمكتب موحّد، يسهر على تسريع الإجراءات وتذليل العقبات، مع إعطاء الأولوية في دراسة الملفات والتصاريح.

وتشمل الامتيازات الأخرى، حسب بن زايد، الانتفاع بصفة «المصدّر المعتمد»، ما يُمكّن من اختصار إجراءات التصريح الجمركي للبضائع قبل وصولها، فضلًا عن تبسيط المراقبة الفنية وتحسين مرونة التدخل الجمركي. وتُسهم هذه الامتيازات في تسريع الدورة الاقتصادية، والحد من كلفة الإنتاج، مما يعزّز تموضع المؤسسات التونسية في الأسواق الدولية.

مؤسسات تمثّل 10 ٪ من حجم الاقتصاد

وأوضح العقيد أن عدد المؤسسات التونسية المتمتعة حاليًا بهذه الصفة بلغ 202 مؤسسة، تمثّل حوالي 10 % من حجم الاقتصاد الوطني ومن قيمة المبادلات التجارية، كما تُسهم بنسبة 8 % من مجمل التصاريح الديوانية. وأضاف أن الإدارة العامة للديوانة قامت خلال سنة 2024 بتسوية مليون و400 ألف تصريح ديواني على الصعيد الوطني، ما يعكس ديناميكية هذه المؤسسات وأثرها المتنامي على الاقتصاد.

وأكد العقيد بن زايد في ختام تصريحه أن الإدارة العامة للديوانة تعمل على توسيع قاعدة المؤسسات المنتفعة بصفة المتعامل الاقتصادي، وهي تستجيب بسرعة لكافة المطالب الواردة، مشيرًا إلى أن تقديم الملفات يتم بطريقة رقمية عبر البريد الإلكتروني لتسهيل العملية وتقليص الآجال، في إطار الحرص على دعم الاستثمار ومناخ الأعمال.

وتندرج هذه التظاهرة في إطار مواصلة تنفيذ برنامج إعادة هيكلة الهيكل الإداري للديوانة، لتكريس الحوكمة، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، وتوفير الظروف الملائمة لمناخ أعمال محفّز على الاستثمار، بهدف إدماج القطاع الاقتصادي غير المنظم في الدورة الاقتصادية.

ووفق ما أُعلن عنه من قبل المدير العام للديوانة، في كلمته، تسعى الإدارة العامة للديوانة إلى تشجيع المستثمرين، وتقديم مزيد من التسهيلات، وتبسيط الإجراءات الديوانية، وذلك بهدف المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني عبر دعم التصدير وتطوير القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية.

الديوانة تشارك في جهود التنمية

ومن بين أبرز البرامج الداعمة، برنامج المتعامل الاقتصادي المعتمد، الذي انخرطت فيه الإدارة العامة للديوانة، والذي أقرّته المنظمة العالمية للديوانة، وتم إقراره كذلك في اتفاق تسهيل التجارة من قبل المنظمة العالمية للتجارة، والذي يهدف إلى توحيد وتسهيل وتبسيط الإجراءات الديوانية مع التصدي لكل محاولات الغش والتهريب، وكذلك تأمين سلسلة التوريد اللوجستية. ويُعدّ برنامج «المتعامل الاقتصادي المعتمد» أحد أبرز آليات الإصلاح والتطوير التي انخرطت فيها تونس، تماشيًا مع توصيات المنظمة العالمية للديوانة واتفاق تسهيل التجارة التابع للمنظمة العالمية للتجارة. ويهدف هذا البرنامج إلى توحيد وتبسيط المسارات الديوانية، وضمان تأمين سلاسل التوريد، مع التصدي للغش والتهريب. ويُمنح هذا الامتياز فقط للمؤسسات التي تثبت جدارتها وتُظهر التزامًا بالشروط المالية والجبائية والاجتماعية، بعد دراسة معمّقة من قبل المصالح المختصة واستشارة الجهات المعنية. وتستفيد هذه المؤسسات من امتيازات جمركية وإجرائية هامة، من بينها تقليص المعاينات الفنية، وتسهيل عمليات التصدير والتوريد، مما يجعلها أكثر مرونة في التعامل مع الشركاء محليًا ودوليًا.

وقد تم في هذا الإطار تنفيذ برنامج تكويني متخصص لفائدة الهياكل الإدارية، لتأهيلها ومرافقتها في تفعيل هذا النظام، بما يضمن شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

وتؤكد الإدارة العامة للديوانة أنها في انسجام تام مع برامج وزارة المالية، وأنها ماضية في دعم المؤسسة الاقتصادية الوطنية، ومكافحة الاقتصاد الموازي، وخلق مناخ استثماري محفّز، بما يجعل من تونس وجهة أكثر تنافسية واستقرارًا على المستويين الإقليمي والدولي.

سفيان المهداوي

 

لتسهيل نشاط المؤسسات وتعزيز تنافسيتها..   الديوانة تمنح صفة المتعامل الاقتصادي لـ20 مؤسسة جديدة

 

- وزيرة المالية: مستعدون لتقديم حوافز للمؤسسات ودعم القطاع الخاص

نظّمت الإدارة العامة للديوانة، أمس الخميس، بمقر المدرسة الوطنية للديوانة بالعاصمة، حفلًا تم خلاله منح صفة «المتعامل الاقتصادي المعتمد» لفائدة 20 مؤسسة اقتصادية، وذلك بحضور وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، والمدير العام للديوانة، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، سمير ماجول، وممثل عن رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة، طارق الشريف، إضافة إلى ثلة من إطارات الهيكل الإداري للديوانة.

وفي إطار دعمها المتواصل للهياكل الاقتصادية الحيوية، نوّهت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، في كلمتها، بالجهود الكبيرة التي يبذلها أعوان الديوانة، خاصة خلال الفترة الصيفية التي تشهد توافدًا مكثفًا للسياح والتونسيين المقيمين بالخارج. وأشادت الوزيرة بحرفيتهم العالية في تيسير الإجراءات الحدودية، بما يعكس صورة إيجابية عن تونس ويسهم في تحسين مناخ الاستقبال والتعامل مع الزوار.

وفي سياق متصل، ثمّنت الوزيرة الدور الاستراتيجي للإدارة العامة للديوانة، لا سيّما في دعم الاستثمار من خلال نظام «المتعامل الاقتصادي المعتمد»، الذي يسهّل نشاط المؤسسات ويعزّز تنافسيتها، معتبرة أن هذا التمشي يندرج ضمن رؤية أشمل تهدف إلى تطوير أداء المنظومة الاقتصادية ككل.

وأكدت الوزيرة أن هذه الجهود سيكون لها أثر مباشر على الاقتصاد الوطني، من خلال تحفيز الدورة الاقتصادية وتنشيط مختلف القطاعات، وفي مقدّمتها القطاع الخاص، الذي اعتبرته شريكًا محوريًا في بناء الاقتصاد الجديد. ودعت في هذا الإطار المؤسسات الخاصة إلى لعب دور أكثر فاعلية، والانخراط في المسار الإصلاحي الذي تقوده الدولة.

تذليل الصعوبات أمام المؤسسات

كما عبّرت عن استعداد وزارة المالية لتقديم حوافز إضافية للمستثمرين والاستجابة لكافة المقترحات البنّاءة التي من شأنها أن تعجّل بتحقيق الانتعاشة الاقتصادية. وشدّدت على أهمية تعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية وتذليل الصعوبات الإدارية والمالية التي تعترضها، مؤكدة أن الوزارة تعمل وفق رؤية واضحة تهدف إلى تطوير نشاط المؤسسات ودعم أهداف رئيس الجمهورية الرامية إلى توفير مناخ استثماري ملائم والنهوض بالاقتصاد الوطني على أسس متينة ومستدامة.

وأشاد رئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، سمير ماجول، في كلمة ألقاها، بالجهود المتواصلة التي تبذلها الإدارة العامة للديوانة التونسية في إسناد صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد للمؤسسات الوطنية، معتبرًا أن هذه المبادرة تمثّل رافعة حقيقية لتحفيز الدورة الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات، خاصة تلك الموجهة نحو التصدير.

وأوضح ماجول أن هذا النظام ساهم بشكل ملموس في تقليص التكاليف المباشرة وغير المباشرة للمؤسسات المصدّرة، فضلًا عن تيسير إجراءات التبادل التجاري وتبسيط المسارات الجمركية، وهو ما انعكس إيجابًا على مردودية الشركات وسرعة تصرّفها اللوجستي.

تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص

وأبرز رئيس منظمة الأعراف أن هذا التمشي الذي انطلق منذ سنة 2010 بعدد لا يتجاوز 6 مؤسسات متمتعة بهذه الصفة، عرف تطورًا لافتًا ليصل اليوم إلى 202 مؤسسة، وهو ما يعكس التقدم الكبير الحاصل في هذا المجال، والاهتمام المتزايد من قبل المؤسسات التونسية بالانخراط في هذه المنظومة.

وأكد ماجول أن منظومة المتعامل الاقتصادي ليست مجرد آلية تقنية جمركية، بل تمثّل رؤية شاملة ومتكاملة للنهوض بالمؤسسة الاقتصادية التونسية، من خلال تكريس مبادئ الشفافية، والحوكمة الرشيدة، وتسهيل تعامل المؤسسة مع مختلف الشركاء داخل الوطن وخارجه.

وأشار إلى أن التجارب الدولية الرائدة التي تبنّت هذه المنظومة أثبتت فعاليتها في تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير مرونة أكبر في التصرّف التجاري واللوجستي، داعيًا إلى مواصلة هذه الديناميكية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتكريس اقتصاد تنافسي ومستدام، يرتكز على الثقة والإصلاح.

ودعا ممثل رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية «كونكت»، طارق الشريف، خلال كلمته، إلى ضرورة تطوير الموانئ والمطارات التونسية باعتبارها ركيزة أساسية للنهوض بالمبادلات التجارية، وتحقيق نمو اقتصادي ملموس. ولفت إلى أن تحسين منظومة النقل اللوجستي في تونس يمثّل أولوية ملحّة، إذا ما أرادت البلاد تحقيق نسب نمو مرتفعة وتنافسية أكبر في الأسواق العالمية.

ضرورة تطوير الموانئ والمطارات

وأكد الشريف أن عدة دول، وعلى رأسها دول الخليج، تمكّنت من دفع عجلة اقتصادها وتعزيز صادراتها من خلال استثمارات استراتيجية في البنية التحتية، وخاصة تطوير شبكات النقل والموانئ والمطارات، مما منحها قدرة تنافسية عالية في التجارة الخارجية، وجعلها مراكز لوجستية إقليمية بارزة. وشدّد على أن تونس مطالَبة بالتحرّك في هذا الاتجاه، والعمل بجد على تطوير هذا الجانب الحيوي، لما له من انعكاسات مباشرة على دعم الصادرات، واستقطاب الاستثمارات، وتحسين موقع البلاد على خارطة التجارة العالمية.

كما نوّه الشريف بجهود الإدارة العامة للديوانة في إسناد صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد للمؤسسات التونسية، معتبرًا أن هذه الآلية تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتحسين مناخ الأعمال، داعيًا إلى دعم المؤسسات لمزيد الانخراط في هذه الديناميكية.

من جهته، قال العقيد قيس بن زايد، ممثل الإدارة العامة للديوانة، في تصريح لـ«الصباح»، إن منح صفة المتعامل الاقتصادي المعتمد لـ20 مؤسسة تونسية جديدة خلال الفترة الأخيرة يُعدّ خطوة استراتيجية تهدف إلى دعم المبادلات التجارية الخارجية وتعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الوطنية. وأوضح أن هذه الصفة لا تُمنح إلا بعد استيفاء جملة من الشروط الدقيقة، أهمها الالتزام بالإجراءات الديوانية، وسلامة الوضعية المالية والجبائية، إلى جانب احترام الالتزامات الاجتماعية تجاه الصناديق الوطنية، ما يعكس جدّية المؤسسة واستقرارها.

وأشار العقيد بن زايد إلى أن المؤسسات المتحصّلة على هذه الصفة تتمتّع بامتيازات عديدة، أبرزها الرفع الفوري للبضائع دون معاينة فعلية في النقاط الحدودية، وذلك استنادًا إلى تصريحات مبسّطة، مما يختصر الوقت والتكاليف. كما يتم ربط كل العمليات الديوانية للمؤسسة بمكتب موحّد، يسهر على تسريع الإجراءات وتذليل العقبات، مع إعطاء الأولوية في دراسة الملفات والتصاريح.

وتشمل الامتيازات الأخرى، حسب بن زايد، الانتفاع بصفة «المصدّر المعتمد»، ما يُمكّن من اختصار إجراءات التصريح الجمركي للبضائع قبل وصولها، فضلًا عن تبسيط المراقبة الفنية وتحسين مرونة التدخل الجمركي. وتُسهم هذه الامتيازات في تسريع الدورة الاقتصادية، والحد من كلفة الإنتاج، مما يعزّز تموضع المؤسسات التونسية في الأسواق الدولية.

مؤسسات تمثّل 10 ٪ من حجم الاقتصاد

وأوضح العقيد أن عدد المؤسسات التونسية المتمتعة حاليًا بهذه الصفة بلغ 202 مؤسسة، تمثّل حوالي 10 % من حجم الاقتصاد الوطني ومن قيمة المبادلات التجارية، كما تُسهم بنسبة 8 % من مجمل التصاريح الديوانية. وأضاف أن الإدارة العامة للديوانة قامت خلال سنة 2024 بتسوية مليون و400 ألف تصريح ديواني على الصعيد الوطني، ما يعكس ديناميكية هذه المؤسسات وأثرها المتنامي على الاقتصاد.

وأكد العقيد بن زايد في ختام تصريحه أن الإدارة العامة للديوانة تعمل على توسيع قاعدة المؤسسات المنتفعة بصفة المتعامل الاقتصادي، وهي تستجيب بسرعة لكافة المطالب الواردة، مشيرًا إلى أن تقديم الملفات يتم بطريقة رقمية عبر البريد الإلكتروني لتسهيل العملية وتقليص الآجال، في إطار الحرص على دعم الاستثمار ومناخ الأعمال.

وتندرج هذه التظاهرة في إطار مواصلة تنفيذ برنامج إعادة هيكلة الهيكل الإداري للديوانة، لتكريس الحوكمة، وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة، وتوفير الظروف الملائمة لمناخ أعمال محفّز على الاستثمار، بهدف إدماج القطاع الاقتصادي غير المنظم في الدورة الاقتصادية.

ووفق ما أُعلن عنه من قبل المدير العام للديوانة، في كلمته، تسعى الإدارة العامة للديوانة إلى تشجيع المستثمرين، وتقديم مزيد من التسهيلات، وتبسيط الإجراءات الديوانية، وذلك بهدف المساهمة في النهوض بالاقتصاد الوطني عبر دعم التصدير وتطوير القدرة التنافسية للمؤسسات التونسية.

الديوانة تشارك في جهود التنمية

ومن بين أبرز البرامج الداعمة، برنامج المتعامل الاقتصادي المعتمد، الذي انخرطت فيه الإدارة العامة للديوانة، والذي أقرّته المنظمة العالمية للديوانة، وتم إقراره كذلك في اتفاق تسهيل التجارة من قبل المنظمة العالمية للتجارة، والذي يهدف إلى توحيد وتسهيل وتبسيط الإجراءات الديوانية مع التصدي لكل محاولات الغش والتهريب، وكذلك تأمين سلسلة التوريد اللوجستية. ويُعدّ برنامج «المتعامل الاقتصادي المعتمد» أحد أبرز آليات الإصلاح والتطوير التي انخرطت فيها تونس، تماشيًا مع توصيات المنظمة العالمية للديوانة واتفاق تسهيل التجارة التابع للمنظمة العالمية للتجارة. ويهدف هذا البرنامج إلى توحيد وتبسيط المسارات الديوانية، وضمان تأمين سلاسل التوريد، مع التصدي للغش والتهريب. ويُمنح هذا الامتياز فقط للمؤسسات التي تثبت جدارتها وتُظهر التزامًا بالشروط المالية والجبائية والاجتماعية، بعد دراسة معمّقة من قبل المصالح المختصة واستشارة الجهات المعنية. وتستفيد هذه المؤسسات من امتيازات جمركية وإجرائية هامة، من بينها تقليص المعاينات الفنية، وتسهيل عمليات التصدير والتوريد، مما يجعلها أكثر مرونة في التعامل مع الشركاء محليًا ودوليًا.

وقد تم في هذا الإطار تنفيذ برنامج تكويني متخصص لفائدة الهياكل الإدارية، لتأهيلها ومرافقتها في تفعيل هذا النظام، بما يضمن شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

وتؤكد الإدارة العامة للديوانة أنها في انسجام تام مع برامج وزارة المالية، وأنها ماضية في دعم المؤسسة الاقتصادية الوطنية، ومكافحة الاقتصاد الموازي، وخلق مناخ استثماري محفّز، بما يجعل من تونس وجهة أكثر تنافسية واستقرارًا على المستويين الإقليمي والدولي.

سفيان المهداوي