-شروط أوروبية مرتقبة على المنتوجات المُصدَّرة إليها
تحوّل تفعيل البصمة المائية، في جميع القطاعات من بينها الصناعة، إلى استراتيجية تعتمدها العديد من الدول، من بينها تونس، لمواجهة العديد من التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وشح المياه، ولتعزيز القدرة التنافسية للمنتوج.
وتشير البصمة المائية إلى الحجم الكلي للمياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها الفرد أو المجتمع، أو التي تنتجها الشركة في جميع مراحل الإنتاج.
وتُعدّ البصمة المائية ISO 14046 السبيل الأمثل في مجال الترشيد من أجل تنمية حقيقية واقتصاد مستدام.
وفي هذا الإطار، نظم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بالتعاون مع مكتب مؤسسة كونراد أديناور بتونس، أمس الخميس، ورشة عمل بعنوان «البصمة المائية في المؤسسات».
وفي هذا الإطار، أفاد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، عبد السلام الواد، خلال مداخلته، أن تونس تُصنَّف ضمن البلدان التي تعاني من حالة إجهاد مائي شديد، حيث لا تتجاوز حصة الفرد من المياه 400 متر مكعب في السنة، أي أقل بكثير من عتبة الندرة المطلقة (500 متر مكعب للفرد في السنة)، مضيفا أن المنتوجات الصناعية التونسية يُطلب منها الاستجابة لمتطلبات بيئية متزايدة الصرامة.
واعتبر عبد السلام الواد أن الوضع تفاقم بسبب التغير المناخي، والنمو الديمغرافي والاقتصادي، والإدارة غير الفعالة للموارد المائية.
وفي هذا الصدد، أبرز أن المؤسسات، لا سيما في القطاعات الصناعية، يمكن أن تكون مستهلكة بصفة مباشرة للمياه من خلال عمليات الإنتاج، أو غير مباشرة عبر سلاسل التوريد.
مرافقة الشركات ووضع قاعدة بيانات قطاعية حول استهلاك المياه
وإزاء هذا الوضع، اقترح عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية تدريب ومرافقة الشركات، وخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة، على استيعاب الأدوات الكفيلة بالمحافظة على المياه وحسن إدارتها، إلى جانب وضع قاعدة بيانات قطاعية حول استهلاك المياه والبصمات المائية المرجعية، لمساعدة الشركات على تحديد موقعها البيئي، مع إدماج المعايير المتعلقة بالبصمة المائية في السياسات العمومية الداعمة للاستثمار والابتكار الأخضر، وتطوير الآليات المتعلقة بعلامات الجودة وآليات التحفيز، على غرار تكريم الشركات التي تقلّل فعليًا من بصمتها الكربونية.
وأبرز عبد السلام الواد أن الاتحاد يطمح إلى جعل الالتزام البيئي ركيزة من ركائز قدرة القطاع الخاص التونسي على المنافسة، كما أنه ملتزم بمرافقة القطاع الخاص في مجال الانتقال البيئي، ويتم ذلك من خلال التوعية، وتعزيز القدرات، وإنشاء الشبكات، وتثمين الممارسات الجيدة. واعتبر عبد السلام الواد أن البصمة المائية، المعرّفة بـISO 14046، ليست مجرد مؤشر بسيط، بل هي أداة استراتيجية تتيح للشركات تقييم مختلف التأثيرات وتحديد المخاطر، والالتزام بمسار التحسين المستمر.
تحمل المسؤولية والاستباق
وقال إن اعتماد هذا النهج يعني تحمّل المسؤولية، وكذلك القدرة على الاستباق، لافتًا إلى أن العمل من أجل إدارة مستدامة للمياه يُعدّ تحضيرًا لمستقبل صناعتنا، واستباقًا للقيود التنظيمية المستقبلية، وتلبية لتوقعات المستهلكين المتزايدة، والجهات المموّلة، والشركاء التجاريين، إلى جانب مساهمته في تقليل التكاليف ودفع الابتكار. وشدّد عبد السلام الواد على أن الأداء البيئي الجيد والشامل يمكن أن يسير جنبًا إلى جنب مع الأداء الاقتصادي، وأنه قد أصبح شرطًا أساسيًا للبقاء والمنافسة بالنسبة للشركات التونسية في العالم.
الاتحاد الأوروبي يتجه إلى فرض قيود على المنتوجات المصدّرة إليه في علاقة بالبصمة المائية
من جانبه، أورد سليم جواد، المكلف بالمشاريع، ممثلًا عن إحدى المؤسسات لـ«الصباح»، أن هذه الورشة تندرج في إطار تحسيس المؤسسات الصناعية بأهمية وجدوى البصمة البيئية، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يتجه إلى فرض قانون يخص المؤسسات المصدّرة للمنتوجات إلى الفضاء الأوروبي في علاقة بالبصمة البيئية. ويعدّ الاتحاد الأوروبي شريكًا استراتيجيًا لتونس، إذ بلغت الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي خلال السداسي الأول من العام الجاري 2025 نسبة 70.3 % من جملة الصادرات، بقيمة 22.348,9 م.د مقابل 22.332,6 م.د خلال الفترة ذاتها من سنة 2024، وفق مؤشرات نشرها المعهد الوطني للإحصاء.
كما مثّلت منتجات الاتحاد الأوروبي 44 % من إجمالي الواردات التونسية إلى غاية موفى شهر جوان 2025، بقيمة 18.354 م.د مقابل 17.601,9 م.د في الفترة نفسها من العام الفارط. وتبعًا لذلك، وحسب سليم جواد، فإن المؤسسات يجب أن تكون مدركة لكل ما يدور حولها في محيطها الداخلي والخارجي لتكون أكثر حذرًا، مع الحفاظ على الموارد المائية حفظًا لحق الأجيال القادمة. من جهتها، قالت المستشارة في البيئة وتغير المناخ، آمال جراد، لـ«الصباح»، إن البصمة المائية في تونس تكتسي أهمية بالغة، على خلفية أن الموارد المائية في بلادنا هشّة، ويجب المحافظة عليها قدر المستطاع.
ضرورة معالجة المياه الملوثة من قبل المؤسسات وإعادة استعمالها
وبخصوص المجال الصناعي، أوضحت محدثتنا أن بعض القطاعات تستهلك الماء بإفراط، ويجب عليها خفض ذلك، عبر دراسة معمّقة لكيفية استهلاك الماء ضمن سلسلة تنطلق منذ بدء الإنتاج كمواد أولية مورّدة، إلى غاية الانتهاء من التصنيع، موضحة أنه بعد الانتهاء من إنجاز المنتوج يكون الماء ملوثًا، وفي هذه الحالة يجب التفكير في عدم سكب المياه في الطبيعة، بل إعادة معالجة هذه المياه لإعادة استعمالها، لتدخل من جديد في دورة الإنتاج الصناعي.
وأوصت آمال جراد المؤسسات بضرورة استعمال المياه بصفة ناجعة حتى لا يقع تلويثها، وتحسين التصرّف، وإدراجه ضمن سياسة تنمية وتطوير المؤسسة، حتى لا يُلجأ إلى قطع الماء، وبهدف معاضدة مجهودات الدولة الداعية إلى الإقبال بكثافة على المشاريع في الاقتصاد الأخضر والدائري، عبر إقرار جملة من التحفيزات.
درصاف اللموشي
-شروط أوروبية مرتقبة على المنتوجات المُصدَّرة إليها
تحوّل تفعيل البصمة المائية، في جميع القطاعات من بينها الصناعة، إلى استراتيجية تعتمدها العديد من الدول، من بينها تونس، لمواجهة العديد من التحديات المرتبطة بالتغيرات المناخية وشح المياه، ولتعزيز القدرة التنافسية للمنتوج.
وتشير البصمة المائية إلى الحجم الكلي للمياه العذبة المستخدمة لإنتاج السلع والخدمات التي يستهلكها الفرد أو المجتمع، أو التي تنتجها الشركة في جميع مراحل الإنتاج.
وتُعدّ البصمة المائية ISO 14046 السبيل الأمثل في مجال الترشيد من أجل تنمية حقيقية واقتصاد مستدام.
وفي هذا الإطار، نظم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، بالتعاون مع مكتب مؤسسة كونراد أديناور بتونس، أمس الخميس، ورشة عمل بعنوان «البصمة المائية في المؤسسات».
وفي هذا الإطار، أفاد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، عبد السلام الواد، خلال مداخلته، أن تونس تُصنَّف ضمن البلدان التي تعاني من حالة إجهاد مائي شديد، حيث لا تتجاوز حصة الفرد من المياه 400 متر مكعب في السنة، أي أقل بكثير من عتبة الندرة المطلقة (500 متر مكعب للفرد في السنة)، مضيفا أن المنتوجات الصناعية التونسية يُطلب منها الاستجابة لمتطلبات بيئية متزايدة الصرامة.
واعتبر عبد السلام الواد أن الوضع تفاقم بسبب التغير المناخي، والنمو الديمغرافي والاقتصادي، والإدارة غير الفعالة للموارد المائية.
وفي هذا الصدد، أبرز أن المؤسسات، لا سيما في القطاعات الصناعية، يمكن أن تكون مستهلكة بصفة مباشرة للمياه من خلال عمليات الإنتاج، أو غير مباشرة عبر سلاسل التوريد.
مرافقة الشركات ووضع قاعدة بيانات قطاعية حول استهلاك المياه
وإزاء هذا الوضع، اقترح عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية تدريب ومرافقة الشركات، وخاصة الشركات الصغرى والمتوسطة، على استيعاب الأدوات الكفيلة بالمحافظة على المياه وحسن إدارتها، إلى جانب وضع قاعدة بيانات قطاعية حول استهلاك المياه والبصمات المائية المرجعية، لمساعدة الشركات على تحديد موقعها البيئي، مع إدماج المعايير المتعلقة بالبصمة المائية في السياسات العمومية الداعمة للاستثمار والابتكار الأخضر، وتطوير الآليات المتعلقة بعلامات الجودة وآليات التحفيز، على غرار تكريم الشركات التي تقلّل فعليًا من بصمتها الكربونية.
وأبرز عبد السلام الواد أن الاتحاد يطمح إلى جعل الالتزام البيئي ركيزة من ركائز قدرة القطاع الخاص التونسي على المنافسة، كما أنه ملتزم بمرافقة القطاع الخاص في مجال الانتقال البيئي، ويتم ذلك من خلال التوعية، وتعزيز القدرات، وإنشاء الشبكات، وتثمين الممارسات الجيدة. واعتبر عبد السلام الواد أن البصمة المائية، المعرّفة بـISO 14046، ليست مجرد مؤشر بسيط، بل هي أداة استراتيجية تتيح للشركات تقييم مختلف التأثيرات وتحديد المخاطر، والالتزام بمسار التحسين المستمر.
تحمل المسؤولية والاستباق
وقال إن اعتماد هذا النهج يعني تحمّل المسؤولية، وكذلك القدرة على الاستباق، لافتًا إلى أن العمل من أجل إدارة مستدامة للمياه يُعدّ تحضيرًا لمستقبل صناعتنا، واستباقًا للقيود التنظيمية المستقبلية، وتلبية لتوقعات المستهلكين المتزايدة، والجهات المموّلة، والشركاء التجاريين، إلى جانب مساهمته في تقليل التكاليف ودفع الابتكار. وشدّد عبد السلام الواد على أن الأداء البيئي الجيد والشامل يمكن أن يسير جنبًا إلى جنب مع الأداء الاقتصادي، وأنه قد أصبح شرطًا أساسيًا للبقاء والمنافسة بالنسبة للشركات التونسية في العالم.
الاتحاد الأوروبي يتجه إلى فرض قيود على المنتوجات المصدّرة إليه في علاقة بالبصمة المائية
من جانبه، أورد سليم جواد، المكلف بالمشاريع، ممثلًا عن إحدى المؤسسات لـ«الصباح»، أن هذه الورشة تندرج في إطار تحسيس المؤسسات الصناعية بأهمية وجدوى البصمة البيئية، خاصة وأن الاتحاد الأوروبي يتجه إلى فرض قانون يخص المؤسسات المصدّرة للمنتوجات إلى الفضاء الأوروبي في علاقة بالبصمة البيئية. ويعدّ الاتحاد الأوروبي شريكًا استراتيجيًا لتونس، إذ بلغت الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي خلال السداسي الأول من العام الجاري 2025 نسبة 70.3 % من جملة الصادرات، بقيمة 22.348,9 م.د مقابل 22.332,6 م.د خلال الفترة ذاتها من سنة 2024، وفق مؤشرات نشرها المعهد الوطني للإحصاء.
كما مثّلت منتجات الاتحاد الأوروبي 44 % من إجمالي الواردات التونسية إلى غاية موفى شهر جوان 2025، بقيمة 18.354 م.د مقابل 17.601,9 م.د في الفترة نفسها من العام الفارط. وتبعًا لذلك، وحسب سليم جواد، فإن المؤسسات يجب أن تكون مدركة لكل ما يدور حولها في محيطها الداخلي والخارجي لتكون أكثر حذرًا، مع الحفاظ على الموارد المائية حفظًا لحق الأجيال القادمة. من جهتها، قالت المستشارة في البيئة وتغير المناخ، آمال جراد، لـ«الصباح»، إن البصمة المائية في تونس تكتسي أهمية بالغة، على خلفية أن الموارد المائية في بلادنا هشّة، ويجب المحافظة عليها قدر المستطاع.
ضرورة معالجة المياه الملوثة من قبل المؤسسات وإعادة استعمالها
وبخصوص المجال الصناعي، أوضحت محدثتنا أن بعض القطاعات تستهلك الماء بإفراط، ويجب عليها خفض ذلك، عبر دراسة معمّقة لكيفية استهلاك الماء ضمن سلسلة تنطلق منذ بدء الإنتاج كمواد أولية مورّدة، إلى غاية الانتهاء من التصنيع، موضحة أنه بعد الانتهاء من إنجاز المنتوج يكون الماء ملوثًا، وفي هذه الحالة يجب التفكير في عدم سكب المياه في الطبيعة، بل إعادة معالجة هذه المياه لإعادة استعمالها، لتدخل من جديد في دورة الإنتاج الصناعي.
وأوصت آمال جراد المؤسسات بضرورة استعمال المياه بصفة ناجعة حتى لا يقع تلويثها، وتحسين التصرّف، وإدراجه ضمن سياسة تنمية وتطوير المؤسسة، حتى لا يُلجأ إلى قطع الماء، وبهدف معاضدة مجهودات الدولة الداعية إلى الإقبال بكثافة على المشاريع في الاقتصاد الأخضر والدائري، عبر إقرار جملة من التحفيزات.