شهدت مدينة إشبيلية الإسبانية، مؤخرًا، انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، الذي جمع ممثلين عن حكومات، ومؤسسات مالية دولية، وخبراء اقتصاديين من مختلف دول العالم. كان الهدف من هذا المؤتمر تعزيز الجهود الدولية لتوفير التمويلات اللازمة التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في الدول النامية أو التي تعاني من هشاشة اقتصادية بسبب الأزمات العالمية.
المشاركة التونسية في المؤتمر كانت إحدى النقاط المضيئة، حيث مثلت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، تونس في هذه الفعالية الدولية. وقد أجرت الوزيرة سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين دوليين وممثلي مؤسسات مالية كبرى، ناقشت خلالها سبل دعم الاقتصاد التونسي عبر توفير التمويلات اللازمة والبحث عن حلول مبتكرة لتجاوز العقبات الاقتصادية.
إرساء مقاربات جديدة
حسب ما أفادت به رئاسة الجمهورية التونسية، فإن رئيس الدولة، قيس سعيّد، اطلع على نتائج مشاركة الوزيرة في هذا المؤتمر، خلال لقائه بها يوم الاثنين الماضي في قصر قرطاج، وشدّد الرئيس على أهمية تبني مقاربات اقتصادية جديدة، مختلفة تمامًا عن تلك التقليدية التي اعتمدت لعقود طويلة. وأكد أن هذه الرؤى القديمة ساهمت في تعميق التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة، ولم تحقق التنمية الحقيقية التي تطمح إليها الشعوب النامية.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن النظام الاقتصادي العالمي الحالي يفتقر إلى العدالة، حيث تتحمل الدول النامية تبعات أزمات عالمية لم تكن أبدًا سببًا في حدوثها، بل كانت من ضحاياها. من هذا المنطلق، دعا الرئيس إلى ضرورة التفكير في حلول أكثر إنصافًا، وبناء نظام اقتصادي جديد يضمن تمويلات عادلة ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أهداف المؤتمر ومخرجاته
ركز المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية على محاور أساسية، أبرزها تقديم حلول تمويل مبتكرة، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع التنموية الكبرى، وتفعيل آليات التمويل الأخضر لدعم مشاريع الطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي، وتسهيل الحصول على القروض الميسرة للدول النامية، وتقديم دعم تقني وفني للدول التي تواجه تحديات اقتصادية، فضلًا عن مواجهة الأزمات العالمية، والبحث عن استراتيجيات لتخفيف تأثير الأزمات المناخية والصحية على الاقتصادات الهشة، إضافة إلى تعزيز دور المؤسسات الدولية في تقديم الدعم المالي للدول النامية.
وتعد تونس، التي تواجه في السنوات الأخيرة تحديات اقتصادية متعددة، من الدول التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من مخرجات هذا المؤتمر. ومن خلال مشاركة وزيرة المالية في هذه الفعالية، تسعى تونس إلى تعزيز شراكاتها مع المؤسسات المالية الدولية واستقطاب استثمارات جديدة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
أهمية المشاركة التونسية
وتأتي مشاركة تونس في هذا المؤتمر في وقت حساس للغاية، حيث يمر الاقتصاد التونسي بمرحلة دقيقة بسبب الأزمات الداخلية والخارجية. وتعتبر هذه المشاركة فرصة لاستعراض التحديات التي تواجهها البلاد، خاصة على مستوى ارتفاع نسبة المديونية، حيث يعد عبء الديون أحد أكبر التحديات التي تواجهها تونس، وهو ما يجعل الحاجة إلى تمويلات ميسرة أمرًا بالغ الأهمية، كما تحتاج تونس إلى استثمارات جديدة لتوفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتمويلات جديدة لمجابهة التغيرات المناخية، وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، فضلًا عن تمويلات إضافية لتنفيذ مشاريع مستدامة.
وكانت لقاءات الوزيرة مشكاة سلامة الخالدي مع المسؤولين الدوليين فرصة للتأكيد على حاجة تونس إلى تمويلات تتماشى مع خصوصياتها الاقتصادية، مع التركيز على توفير الدعم لمشاريع البنية التحتية، والطاقة النظيفة، وتعزيز الصادرات.
الحصول على تمويلات بشروط ميسرة
وكانت لزيارة وزيرة المالية إلى هذا المؤتمر انعكاسات إيجابية كبيرة على الاقتصاد التونسي، خصوصًا في حال تم استثمار مخرجاته بفعالية. ومن بين أبرز الانعكاسات المحتملة، تحصيل تمويلات ميسرة، حيث من المتوقع أن تثمر المفاوضات التي أجرتها وزيرة المالية عن الحصول على قروض بشروط ميسرة أو منح لدعم المشاريع التنموية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات الأجنبية، علمًا أن المشاركة التونسية في المؤتمر فتحت الأبواب أمام مستثمرين دوليين مهتمين بفرص الاستثمار في تونس، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
ومن خلال الشراكات التي تم التطرق إليها في المؤتمر، بات بإمكان القطاع الخاص التونسي أن يلعب دورًا أكبر في تنفيذ المشاريع الممولة دوليًا، في مختلف المجالات والقطاعات، ويتفق الجميع أن تواجد تونس في مثل هذه الفعاليات يعزز من مكانتها كدولة قادرة على التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الاقتصادية، وإرساء مقاربة جديدة لتحقيق التنمية سواء في تونس أو في باقي دول العالم النامي.
وتتفق تصريحات رئيس الجمهورية مع توجهات المؤتمر نحو إعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي، بما يضمن عدالة أكبر. فالنظام الحالي، الذي يعتمد بشكل كبير على الآليات التقليدية للتمويل مثل القروض ذات الفوائد المرتفعة، لم يعد قادرًا على تلبية تطلعات الدول النامية لتحقيق النمو المستدام، وتونس تدرك جيدًا أن التغيير يبدأ من الداخل، وهو ما يتطلب إصلاحات هيكلية في الاقتصاد الوطني، إلى جانب تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد لجذب الاستثمارات الأجنبية. لكن في الوقت نفسه، تحتاج البلاد إلى دعم خارجي يعينها على مواجهة الأزمات المتراكمة، وهو ما يجعل المشاركة في مثل هذه المؤتمرات أمرًا ضروريًا.
ويمثل المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية فرصة حقيقية لتونس من أجل تعزيز حضورها على الساحة الدولية واستقطاب التمويلات اللازمة لدفع عجلة التنمية. وبينما تواجه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة، فإن التعاون مع المؤسسات الدولية والبحث عن حلول مبتكرة يمكن أن يكون المفتاح لتحقيق التنمية المستدامة.
إن نجاح تونس في استثمار مخرجات هذا المؤتمر يتطلب إرادة سياسية قوية، إضافة إلى خطط واضحة لتنفيذ المشاريع الممولة. ومع وجود تحديات عالمية مشتركة، يبقى الأمل أن تتحقق الشراكات الدولية العادلة التي تنصف الدول النامية وتساعدها على تحقيق تطلعات شعوبها في الازدهار والنمو.
سفيان المهداوي
شهدت مدينة إشبيلية الإسبانية، مؤخرًا، انعقاد المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، الذي جمع ممثلين عن حكومات، ومؤسسات مالية دولية، وخبراء اقتصاديين من مختلف دول العالم. كان الهدف من هذا المؤتمر تعزيز الجهود الدولية لتوفير التمويلات اللازمة التي تساهم في تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في الدول النامية أو التي تعاني من هشاشة اقتصادية بسبب الأزمات العالمية.
المشاركة التونسية في المؤتمر كانت إحدى النقاط المضيئة، حيث مثلت وزيرة المالية، مشكاة سلامة الخالدي، تونس في هذه الفعالية الدولية. وقد أجرت الوزيرة سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين دوليين وممثلي مؤسسات مالية كبرى، ناقشت خلالها سبل دعم الاقتصاد التونسي عبر توفير التمويلات اللازمة والبحث عن حلول مبتكرة لتجاوز العقبات الاقتصادية.
إرساء مقاربات جديدة
حسب ما أفادت به رئاسة الجمهورية التونسية، فإن رئيس الدولة، قيس سعيّد، اطلع على نتائج مشاركة الوزيرة في هذا المؤتمر، خلال لقائه بها يوم الاثنين الماضي في قصر قرطاج، وشدّد الرئيس على أهمية تبني مقاربات اقتصادية جديدة، مختلفة تمامًا عن تلك التقليدية التي اعتمدت لعقود طويلة. وأكد أن هذه الرؤى القديمة ساهمت في تعميق التفاوت بين الدول الغنية والفقيرة، ولم تحقق التنمية الحقيقية التي تطمح إليها الشعوب النامية.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن النظام الاقتصادي العالمي الحالي يفتقر إلى العدالة، حيث تتحمل الدول النامية تبعات أزمات عالمية لم تكن أبدًا سببًا في حدوثها، بل كانت من ضحاياها. من هذا المنطلق، دعا الرئيس إلى ضرورة التفكير في حلول أكثر إنصافًا، وبناء نظام اقتصادي جديد يضمن تمويلات عادلة ويساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أهداف المؤتمر ومخرجاته
ركز المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية على محاور أساسية، أبرزها تقديم حلول تمويل مبتكرة، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتمويل المشاريع التنموية الكبرى، وتفعيل آليات التمويل الأخضر لدعم مشاريع الطاقة المتجددة والحفاظ على البيئة، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي، وتسهيل الحصول على القروض الميسرة للدول النامية، وتقديم دعم تقني وفني للدول التي تواجه تحديات اقتصادية، فضلًا عن مواجهة الأزمات العالمية، والبحث عن استراتيجيات لتخفيف تأثير الأزمات المناخية والصحية على الاقتصادات الهشة، إضافة إلى تعزيز دور المؤسسات الدولية في تقديم الدعم المالي للدول النامية.
وتعد تونس، التي تواجه في السنوات الأخيرة تحديات اقتصادية متعددة، من الدول التي يمكن أن تستفيد بشكل كبير من مخرجات هذا المؤتمر. ومن خلال مشاركة وزيرة المالية في هذه الفعالية، تسعى تونس إلى تعزيز شراكاتها مع المؤسسات المالية الدولية واستقطاب استثمارات جديدة لدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
أهمية المشاركة التونسية
وتأتي مشاركة تونس في هذا المؤتمر في وقت حساس للغاية، حيث يمر الاقتصاد التونسي بمرحلة دقيقة بسبب الأزمات الداخلية والخارجية. وتعتبر هذه المشاركة فرصة لاستعراض التحديات التي تواجهها البلاد، خاصة على مستوى ارتفاع نسبة المديونية، حيث يعد عبء الديون أحد أكبر التحديات التي تواجهها تونس، وهو ما يجعل الحاجة إلى تمويلات ميسرة أمرًا بالغ الأهمية، كما تحتاج تونس إلى استثمارات جديدة لتوفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاعات الإنتاجية، وتمويلات جديدة لمجابهة التغيرات المناخية، وتأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، فضلًا عن تمويلات إضافية لتنفيذ مشاريع مستدامة.
وكانت لقاءات الوزيرة مشكاة سلامة الخالدي مع المسؤولين الدوليين فرصة للتأكيد على حاجة تونس إلى تمويلات تتماشى مع خصوصياتها الاقتصادية، مع التركيز على توفير الدعم لمشاريع البنية التحتية، والطاقة النظيفة، وتعزيز الصادرات.
الحصول على تمويلات بشروط ميسرة
وكانت لزيارة وزيرة المالية إلى هذا المؤتمر انعكاسات إيجابية كبيرة على الاقتصاد التونسي، خصوصًا في حال تم استثمار مخرجاته بفعالية. ومن بين أبرز الانعكاسات المحتملة، تحصيل تمويلات ميسرة، حيث من المتوقع أن تثمر المفاوضات التي أجرتها وزيرة المالية عن الحصول على قروض بشروط ميسرة أو منح لدعم المشاريع التنموية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات الأجنبية، علمًا أن المشاركة التونسية في المؤتمر فتحت الأبواب أمام مستثمرين دوليين مهتمين بفرص الاستثمار في تونس، خاصة في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
ومن خلال الشراكات التي تم التطرق إليها في المؤتمر، بات بإمكان القطاع الخاص التونسي أن يلعب دورًا أكبر في تنفيذ المشاريع الممولة دوليًا، في مختلف المجالات والقطاعات، ويتفق الجميع أن تواجد تونس في مثل هذه الفعاليات يعزز من مكانتها كدولة قادرة على التعاون مع المجتمع الدولي في مواجهة التحديات الاقتصادية، وإرساء مقاربة جديدة لتحقيق التنمية سواء في تونس أو في باقي دول العالم النامي.
وتتفق تصريحات رئيس الجمهورية مع توجهات المؤتمر نحو إعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي، بما يضمن عدالة أكبر. فالنظام الحالي، الذي يعتمد بشكل كبير على الآليات التقليدية للتمويل مثل القروض ذات الفوائد المرتفعة، لم يعد قادرًا على تلبية تطلعات الدول النامية لتحقيق النمو المستدام، وتونس تدرك جيدًا أن التغيير يبدأ من الداخل، وهو ما يتطلب إصلاحات هيكلية في الاقتصاد الوطني، إلى جانب تعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد لجذب الاستثمارات الأجنبية. لكن في الوقت نفسه، تحتاج البلاد إلى دعم خارجي يعينها على مواجهة الأزمات المتراكمة، وهو ما يجعل المشاركة في مثل هذه المؤتمرات أمرًا ضروريًا.
ويمثل المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية فرصة حقيقية لتونس من أجل تعزيز حضورها على الساحة الدولية واستقطاب التمويلات اللازمة لدفع عجلة التنمية. وبينما تواجه البلاد تحديات اقتصادية كبيرة، فإن التعاون مع المؤسسات الدولية والبحث عن حلول مبتكرة يمكن أن يكون المفتاح لتحقيق التنمية المستدامة.
إن نجاح تونس في استثمار مخرجات هذا المؤتمر يتطلب إرادة سياسية قوية، إضافة إلى خطط واضحة لتنفيذ المشاريع الممولة. ومع وجود تحديات عالمية مشتركة، يبقى الأمل أن تتحقق الشراكات الدولية العادلة التي تنصف الدول النامية وتساعدها على تحقيق تطلعات شعوبها في الازدهار والنمو.