إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

على‭ ‬هامش‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬استعمال‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬بها.. ضرورة‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإدمان‭ ‬المتنامية

رغم‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها،‭ ‬وبشهادة‭ ‬المختصين،‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لانتشار‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬اليوم،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬التحولات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬عبور‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬استهلاك،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنامي‭ ‬عدد‭ ‬المدمنين‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الشباب‭ ‬والنشء‭.‬

استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬معطيات‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تم‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬إيقاف‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬مروج‭ ‬للمخدرات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ (‬4982‭)‬،‭ ‬مقابل‭ ‬إيقاف‭ ‬3165‭ ‬مروجًا‭ ‬سنة‭ ‬2023‭. ‬كما‭ ‬تمكنت‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للديوانة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬حجز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و124‭ ‬ألف‭ ‬حبة‭ ‬مخدرة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬كغ‭ ‬من‭ ‬الكوكايين،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬257‭ ‬كغ‭ ‬من‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‮»‬‭.‬

أرقام‭ ‬مهولة‭ ‬تؤكد‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬المبذول،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرص‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ملاحقة‭ ‬العابثين‭ ‬بمستقبل‭ ‬الشباب‭ ‬والتلاميذ،‭ ‬لكن‭ ‬التعاطي‭ ‬الأمني‭ ‬بمفرده‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬السبيل‭ ‬لبلوغ‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الإدمان‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

أرقام‭ ‬صادمة

بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬يقول‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام،‭ ‬رضا‭ ‬كرويدة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬كشف‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬صادمة‭ ‬تتعلق‭ ‬بانتشار‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حين‭ ‬قدّر‭ ‬عدد‭ ‬مستهلكي‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬بين‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬ومليون‭ ‬شخص،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإدمان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأمني‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يستوجب‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬تشمل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتوعوية‮»‬‭.‬

مضيفًا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬مستعد‭ ‬للقيام‭ ‬بدوره‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‮»‬‭.‬

وتتأكد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬التوعوي‭ ‬والتحسيسي،‭ ‬وإلى‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬بانخراط‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬عند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬الإحصائيات‭ ‬والأرقام‭ ‬الصادمة‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬التربوي‭ ‬وفي‭ ‬صفوف‭ ‬التلاميذ‭.‬

وهنا‭ ‬تكفي‭ ‬الإشارة‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬مسح‭ ‬للمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للصحة،‭ ‬أُنجز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وكشف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬المستجوبين‭ ‬يجدون‭ ‬سهولة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬مخدرة،‭ ‬فيما‭ ‬تُقدّر‭ ‬نسبة‭ ‬استهلاك‭ ‬التلاميذ،‭ ‬ولو‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬للأقراص‭ ‬المخدرة‭ ‬بـ8‭ ‬بالمائة‮»‬‭.‬

ووفق‭ ‬المسح،‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬الشريحة‭ ‬العمرية‭ ‬بين‭ ‬13‭ ‬و18‭ ‬سنة،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تضاعف‭ ‬استهلاك‭ ‬التلاميذ‭ ‬للمخدرات‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير،‭ ‬إذ‭ ‬قفز‭ ‬من‭ ‬1.3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬إلى‭ ‬8‭.‬9‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2023‮»‬‭.‬

سرعة‭ ‬انتشار‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬توازيها‭ ‬السرعة‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬التقاط‭ ‬إشارات‭ ‬الخطر،‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مبكرًا‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭: ‬تشريعي،‭ ‬وعلاجي،‭ ‬والأهم‭ ‬توعوي‭ ‬تحسيسي‭.‬

مبادرات

وفي‭ ‬سياق‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬التوعوي‭ ‬التحسيسي،‭ ‬أعلن‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للأسرة‭ ‬والعمران‭ ‬البشري،‭ ‬أنه‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مختلف‭ ‬هياكله‭ ‬الموجودة‭ ‬بكامل‭ ‬ولايات‭ ‬الجمهورية،‭ ‬خدمات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومجانية‭ ‬موجّهة‭ ‬خاصة‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين‭ ‬حول‭ ‬المخدرات‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭.‬

وذكر‭ ‬الديوان،‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬استعمال‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬بها،‭ ‬الموافق‭ ‬لـ26‭ ‬جوان‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬المنتمين‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬العمرية‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬المعلومة‭ ‬الموثوقة‭ ‬والشاملة‭ ‬حول‭ ‬أضرار‭ ‬المخدرات‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬للفرد‭ ‬وعلى‭ ‬محيطه‭ ‬العائلي‭ ‬والمجتمعي‮»‬‭.‬

كما‭ ‬يقدم‭ ‬الديوان،‭ ‬عبر‭ ‬مختصين‭ ‬تابعين‭ ‬له،‭ ‬خدمات‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬والتوجيه‭ ‬نحو‭ ‬الهياكل‭ ‬المتاحة‭ ‬للعلاج‭ ‬والمساعدة،‭ ‬وفق‭ ‬ذات‭ ‬البلاغ‭.‬

كما‭ ‬تتواصل‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬التشاركية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬المخدرات‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬والسلوكيات‭ ‬المجتمعية‭ ‬المحفوفة‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬التي‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬تنظيمها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬وزارة‭ ‬الأسرة‭ ‬والمرأة‭ ‬والطفولة‭ ‬وكبار‭ ‬السن،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قوافل‭ ‬وطنية‭ ‬توعوية‭ ‬تحسيسية‭ ‬بمخاطر‭ ‬المخدرات‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬قول‭ ‬لا‭ ‬للمخدرات‮»‬‭.‬

وستشمل‭ ‬هذه‭ ‬القوافل‭ ‬تدريجيًا‭ ‬مختلف‭ ‬ولايات‭ ‬الجمهورية،‭ ‬وذلك‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬نوفمبر‭ ‬2025‭.‬

وعرفت‭ ‬هذه‭ ‬القوافل،‭ ‬التي‭ ‬انتُظمت‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬مشاركة‭ ‬المندوبيات‭ ‬الجهوية‭ ‬للتربية‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والصحة‭ ‬والشؤون‭ ‬الثقافية‭ ‬والشباب‭ ‬والرياضة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مكاتب‭ ‬مندوبي‭ ‬حماية‭ ‬الطفولة،‭ ‬والمراكز‭ ‬الجهوية‭ ‬للإعلامية‭ ‬الموجهة‭ ‬للطفل،‭ ‬ومراكز‭ ‬الدفاع‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفرق‭ ‬الديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للأسرة‭ ‬والعمران‭ ‬البشري،‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭ ‬بالولايات‭ ‬المعنية‭.‬

وتضمنت‭ ‬هذه‭ ‬القوافل،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬مشاركة‭ ‬الأطفال‭ ‬واليافعين‭ ‬والأسر،‭ ‬عديد‭ ‬التظاهرات‭ ‬المفتوحة‭ ‬من‭ ‬ورشات‭ ‬ألعاب،‭ ‬وعروض‭ ‬مسرحية،‭ ‬وورشات‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬والتعبير‭ ‬الكتابي‭ ‬الحر،‭ ‬وورشات‭ ‬حوارية‭ ‬توعوية،‭ ‬تركزت‭ ‬أساسًا‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بالفضاءات‭ ‬التربوية‮»‬‭ ‬و«الآثار‭ ‬الصحية‭ ‬السلبية‭ ‬لتعاطي‭ ‬المخدرات‮»‬‭ ‬و«العنف‭ ‬المدرسي‭ ‬والإدمان‮»‬‭ ‬و«تأثير‭ ‬المخدرات‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭ ‬و«الانقطاع‭ ‬المدرسي‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالإدمان‮»‬‭ ‬و«الإدمان‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلم‮»‬‭.‬

◗‭ ‬م‭.‬ي

على‭ ‬هامش‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬استعمال‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬بها..   ضرورة‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬لمواجهة‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإدمان‭ ‬المتنامية

رغم‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الأمني‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات،‭ ‬إلا‭ ‬أنها،‭ ‬وبشهادة‭ ‬المختصين،‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬كافية‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لانتشار‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬اليوم،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬التحولات‭ ‬المتسارعة‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬حولت‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬أرض‭ ‬عبور‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬استهلاك،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تنامي‭ ‬عدد‭ ‬المدمنين‭ ‬بشكل‭ ‬مخيف،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الشباب‭ ‬والنشء‭.‬

استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬معطيات‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تم‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬إيقاف‭ ‬حوالي‭ ‬5‭ ‬آلاف‭ ‬مروج‭ ‬للمخدرات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ (‬4982‭)‬،‭ ‬مقابل‭ ‬إيقاف‭ ‬3165‭ ‬مروجًا‭ ‬سنة‭ ‬2023‭. ‬كما‭ ‬تمكنت‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للديوانة‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2024‭ ‬من‭ ‬حجز‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬و124‭ ‬ألف‭ ‬حبة‭ ‬مخدرة،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬30‭ ‬كغ‭ ‬من‭ ‬الكوكايين،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬257‭ ‬كغ‭ ‬من‭ ‬القنب‭ ‬الهندي‮»‬‭.‬

أرقام‭ ‬مهولة‭ ‬تؤكد‭ ‬المجهود‭ ‬الأمني‭ ‬المبذول،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حرص‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬هرم‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬ملاحقة‭ ‬العابثين‭ ‬بمستقبل‭ ‬الشباب‭ ‬والتلاميذ،‭ ‬لكن‭ ‬التعاطي‭ ‬الأمني‭ ‬بمفرده‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬السبيل‭ ‬لبلوغ‭ ‬نتائج‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬الإدمان‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

أرقام‭ ‬صادمة

بهذا‭ ‬الخصوص،‭ ‬يقول‭ ‬رئيس‭ ‬الجمعية‭ ‬الدولية‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬والإعلام،‭ ‬رضا‭ ‬كرويدة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬كشف‭ ‬مؤخرًا‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬صادمة‭ ‬تتعلق‭ ‬بانتشار‭ ‬المخدرات‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬حين‭ ‬قدّر‭ ‬عدد‭ ‬مستهلكي‭ ‬المواد‭ ‬المخدرة‭ ‬بين‭ ‬700‭ ‬ألف‭ ‬ومليون‭ ‬شخص،‭ ‬إن‭ ‬‮«‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬ظاهرة‭ ‬الإدمان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأمني‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يستوجب‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬تشمل‭ ‬الأبعاد‭ ‬الصحية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬والتوعوية‮»‬‭.‬

مضيفًا‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬أن‭ ‬‮«‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬مستعد‭ ‬للقيام‭ ‬بدوره‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الخطيرة‮»‬‭.‬

وتتأكد‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬التوعوي‭ ‬والتحسيسي،‭ ‬وإلى‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬بانخراط‭ ‬جميع‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬عند‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬بقية‭ ‬الإحصائيات‭ ‬والأرقام‭ ‬الصادمة‭ ‬عن‭ ‬انتشار‭ ‬الظاهرة‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬التربوي‭ ‬وفي‭ ‬صفوف‭ ‬التلاميذ‭.‬

وهنا‭ ‬تكفي‭ ‬الإشارة‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬نتائج‭ ‬مسح‭ ‬للمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للصحة،‭ ‬أُنجز‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وكشف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬أكثر‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬التلاميذ‭ ‬المستجوبين‭ ‬يجدون‭ ‬سهولة‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مواد‭ ‬مخدرة،‭ ‬فيما‭ ‬تُقدّر‭ ‬نسبة‭ ‬استهلاك‭ ‬التلاميذ،‭ ‬ولو‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬للأقراص‭ ‬المخدرة‭ ‬بـ8‭ ‬بالمائة‮»‬‭.‬

ووفق‭ ‬المسح،‭ ‬الذي‭ ‬شمل‭ ‬الشريحة‭ ‬العمرية‭ ‬بين‭ ‬13‭ ‬و18‭ ‬سنة،‭ ‬فقد‭ ‬‮«‬تضاعف‭ ‬استهلاك‭ ‬التلاميذ‭ ‬للمخدرات‭ ‬خمس‭ ‬مرات‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الأخير،‭ ‬إذ‭ ‬قفز‭ ‬من‭ ‬1.3‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2013‭ ‬إلى‭ ‬8‭.‬9‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬2023‮»‬‭.‬

سرعة‭ ‬انتشار‭ ‬آفة‭ ‬المخدرات‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬توازيها‭ ‬السرعة‭ ‬ذاتها‭ ‬في‭ ‬التقاط‭ ‬إشارات‭ ‬الخطر،‭ ‬والشروع‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬مبكرًا‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مستوى‭: ‬تشريعي،‭ ‬وعلاجي،‭ ‬والأهم‭ ‬توعوي‭ ‬تحسيسي‭.‬

مبادرات

وفي‭ ‬سياق‭ ‬التوجه‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬إلى‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬التوعوي‭ ‬التحسيسي،‭ ‬أعلن‭ ‬أول‭ ‬أمس‭ ‬الديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للأسرة‭ ‬والعمران‭ ‬البشري،‭ ‬أنه‭ ‬يقدم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مختلف‭ ‬هياكله‭ ‬الموجودة‭ ‬بكامل‭ ‬ولايات‭ ‬الجمهورية،‭ ‬خدمات‭ ‬متنوعة‭ ‬ومجانية‭ ‬موجّهة‭ ‬خاصة‭ ‬إلى‭ ‬الشباب‭ ‬والمراهقين‭ ‬حول‭ ‬المخدرات‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية‭.‬

وذكر‭ ‬الديوان،‭ ‬في‭ ‬بلاغ‭ ‬على‭ ‬هامش‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمكافحة‭ ‬استعمال‭ ‬المخدرات‭ ‬والاتجار‭ ‬بها،‭ ‬الموافق‭ ‬لـ26‭ ‬جوان‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬أن‭ ‬‮«‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬الوعي‭ ‬لدى‭ ‬المنتمين‭ ‬لهذه‭ ‬الفئة‭ ‬العمرية‭ ‬وتمكينهم‭ ‬من‭ ‬المعلومة‭ ‬الموثوقة‭ ‬والشاملة‭ ‬حول‭ ‬أضرار‭ ‬المخدرات‭ ‬وتأثيراتها‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬للفرد‭ ‬وعلى‭ ‬محيطه‭ ‬العائلي‭ ‬والمجتمعي‮»‬‭.‬

كما‭ ‬يقدم‭ ‬الديوان،‭ ‬عبر‭ ‬مختصين‭ ‬تابعين‭ ‬له،‭ ‬خدمات‭ ‬الدعم‭ ‬والمساندة‭ ‬والتوجيه‭ ‬نحو‭ ‬الهياكل‭ ‬المتاحة‭ ‬للعلاج‭ ‬والمساعدة،‭ ‬وفق‭ ‬ذات‭ ‬البلاغ‭.‬

كما‭ ‬تتواصل‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬التشاركية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬المخدرات‭ ‬وتكثيف‭ ‬الجهود‭ ‬الوطنية‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬والسلوكيات‭ ‬المجتمعية‭ ‬المحفوفة‭ ‬بالمخاطر،‭ ‬التي‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬تنظيمها‭ ‬مؤخرًا‭ ‬وزارة‭ ‬الأسرة‭ ‬والمرأة‭ ‬والطفولة‭ ‬وكبار‭ ‬السن،‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قوافل‭ ‬وطنية‭ ‬توعوية‭ ‬تحسيسية‭ ‬بمخاطر‭ ‬المخدرات‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬قول‭ ‬لا‭ ‬للمخدرات‮»‬‭.‬

وستشمل‭ ‬هذه‭ ‬القوافل‭ ‬تدريجيًا‭ ‬مختلف‭ ‬ولايات‭ ‬الجمهورية،‭ ‬وذلك‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬نوفمبر‭ ‬2025‭.‬

وعرفت‭ ‬هذه‭ ‬القوافل،‭ ‬التي‭ ‬انتُظمت‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬مشاركة‭ ‬المندوبيات‭ ‬الجهوية‭ ‬للتربية‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والصحة‭ ‬والشؤون‭ ‬الثقافية‭ ‬والشباب‭ ‬والرياضة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مكاتب‭ ‬مندوبي‭ ‬حماية‭ ‬الطفولة،‭ ‬والمراكز‭ ‬الجهوية‭ ‬للإعلامية‭ ‬الموجهة‭ ‬للطفل،‭ ‬ومراكز‭ ‬الدفاع‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وفرق‭ ‬الديوان‭ ‬الوطني‭ ‬للأسرة‭ ‬والعمران‭ ‬البشري،‭ ‬والهلال‭ ‬الأحمر‭ ‬التونسي‭ ‬بالولايات‭ ‬المعنية‭.‬

وتضمنت‭ ‬هذه‭ ‬القوافل،‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬مشاركة‭ ‬الأطفال‭ ‬واليافعين‭ ‬والأسر،‭ ‬عديد‭ ‬التظاهرات‭ ‬المفتوحة‭ ‬من‭ ‬ورشات‭ ‬ألعاب،‭ ‬وعروض‭ ‬مسرحية،‭ ‬وورشات‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬والتعبير‭ ‬الكتابي‭ ‬الحر،‭ ‬وورشات‭ ‬حوارية‭ ‬توعوية،‭ ‬تركزت‭ ‬أساسًا‭ ‬حول‭ ‬‮«‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بالفضاءات‭ ‬التربوية‮»‬‭ ‬و«الآثار‭ ‬الصحية‭ ‬السلبية‭ ‬لتعاطي‭ ‬المخدرات‮»‬‭ ‬و«العنف‭ ‬المدرسي‭ ‬والإدمان‮»‬‭ ‬و«تأثير‭ ‬المخدرات‭ ‬على‭ ‬سلوك‭ ‬الطفل‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الاجتماعي‮»‬‭ ‬و«الانقطاع‭ ‬المدرسي‭ ‬وعلاقته‭ ‬بالإدمان‮»‬‭ ‬و«الإدمان‭ ‬وصعوبات‭ ‬التعلم‮»‬‭.‬

◗‭ ‬م‭.‬ي