إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ملفات‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬ / التجميع‭ ‬والتخزين‭ ‬أهم‭ ‬مراحل‭ ‬موسم‭ ‬الحصاد.. صابة‭ ‬الحبوب‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬إنتاج‭ ‬و11‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭

_ تجهيز‭ ‬صنف‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬يستغرق‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬بين‭ ‬بحث‭ ‬وتجريب‭ ‬واختبار‭ ‬وتطوير

_ ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬يستعد‭ ‬بمخازن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬5.3‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬بين‭ ‬مخازن‭ ‬يملكها‭ ‬وأخرى‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الكراء 

مع‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬حصاد،‭ ‬تتجدّد‭ ‬نفس‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ ‬الصابة،‭ ‬وجودة‭ ‬المحاصيل،‭ ‬والأهم‭ ‬عملية‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬التلف‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الماضية‭ ‬بفعل‭ ‬التغييرات‭ ‬المناخية‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬المألوفة‭ ‬من‭ ‬موسم‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬هناك‭ ‬أسئلة‭ ‬أخرى‭ ‬تُطرح‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالإنتاجية،‭ ‬وكذلك‭ ‬باستغلال‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬بالبذور‭ ‬الأصلية‭ ‬ومدى‭ ‬نجاعتها‭ ‬في‭ ‬تجويد‭ ‬الصابة‭ ‬ورفع‭ ‬نسب‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وعلاقة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عوامل‭ ‬مناخية‭ ‬معادية‭ ‬للإنتاج‭ ‬في‭ ‬المواسم‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تأثّرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالجفاف‭ ‬وفرضت‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول؛‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تجريب‭ ‬زراعة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬قاحلة،‭ ‬مثل‭ ‬تجربة‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬في‭ ‬تطاوين،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬حصة‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬مائدة‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬أسوة‭ ‬بتجربة‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬صحراوية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬الجزائر‭.‬
وكل‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬حاولت‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬عنها‭ ‬بالاستئناس‭ ‬برأي‭ ‬الباحثين‭ ‬والمختصين‭ ‬المواكبين‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬لعملية‭ ‬إنتاج‭ ‬الحبوب‭ ‬وتطوير‭ ‬الأصناف‭ ‬الجيدة‭ ‬منها،‭ ‬واستغلال‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬عوامل‭ ‬التغيير‭ ‬البيئي‭ ‬والمناخي‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثّر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬حلقة‭ ‬الإنتاج‭.‬
زراعة‭ ‬الحبوب‭... ‬قطاع‭ ‬استراتيجي
يُعدّ‭ ‬قطاع‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تراهن‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬وعبر‭ ‬العقود،‭ ‬لم‭ ‬نصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يُنقص‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الزراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬الفلاحية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬أهميتها‭ ‬كمنتوج‭ ‬استراتيجي‭ ‬لكل‭ ‬الدول،‭ ‬وقد‭ ‬اتضح‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬منتوجها‭ ‬الوطني،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬نفس‭ ‬الظروف‭ ‬الكارثية‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬المستوردة‭ ‬كليًا‭ ‬للحبوب‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭.‬
ووفق‭ ‬المعطيات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬رئيس‭ ‬ديوان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬هيكل‭ ‬حشلاف،‭ ‬فإن‭ ‬قطاع‭ ‬الحبوب‭ ‬يمثّل‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭ ‬و9‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي،‭ ‬ويستغلّ‭ ‬مساحة‭ ‬جملية‭ ‬تُقدّر‭ ‬بـ1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬هكتار،‭ ‬منها‭ ‬30‭ % ‬مساحة‭ ‬مروية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬250‭ ‬ألف‭ ‬فلاح‭ ‬يتعاطون‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭.‬
وكانت‭ ‬المساحة‭ ‬المبذورة‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬972‭ ‬ألف‭ ‬هكتار،‭ ‬والمساحة‭ ‬المحصودة‭ ‬717‭ ‬ألف‭ ‬هكتار،‭ ‬وبلغت‭ ‬كمية‭ ‬التجميع‭ ‬6‭.‬7‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬88‭ % ‬منها‭ ‬قمح‭ ‬صلب‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهذه‭ ‬السنة،‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المساحات‭ ‬المزروعة‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬هكتار،‭ ‬أي‭ ‬بزيادة‭ ‬228‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬مقارنة‭ ‬بالموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬وتنقسم‭ ‬إلى‭ ‬856‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الشمال‭ ‬مقابل‭ ‬812‭ ‬ألفًا‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬و317‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الوسط‭ ‬والجنوب‭ ‬مقابل‭ ‬160‭ ‬ألفًا‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط‭.‬
أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبذور،‭ ‬فقد‭ ‬وفّرت‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬الممتازة‭ ‬مقابل‭ ‬210‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬منها‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بذور‭ ‬الأساس‭ ‬و261‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬المثبتة،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬كمية‭ ‬بذور‭ ‬الشعير‭ ‬العادية‭ ‬والمراقبة‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬مقابل‭ ‬207‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬وفق‭ ‬الإحصائيات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭.‬
وكان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الشيخ،‭ ‬قد‭ ‬أكّد‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬أن‭ ‬حاجيات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬تبلغ‭ ‬سنويًا‭ ‬36‭ ‬مليون‭ ‬طن،‭ ‬وأن‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬تأثيرًا‭ ‬على‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬الغذائي،‭ ‬حيث‭ ‬تمثّل‭ ‬الحبوب‭ ‬الموردة‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬الجملي‭ ‬للواردات‭ ‬الغذائية،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بين‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬والعوامل‭ ‬المناخية،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الممطرة‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬فيما‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬أخرى‭ ‬تضرّرت‭ ‬بالجفاف‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار،‭ ‬وكانت‭ ‬مواسم‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬الفلاحين‭ ‬وعلى‭ ‬الدولة‭ ‬كذلك‭. ‬وتكمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬تراجع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعت‭ ‬معدّلات‭ ‬التوريد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬استنزافًا‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭.‬
وتُعدّ‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬العوائق‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬بلوغ‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الحبوب،‭ ‬بما‭ ‬يضعنا‭ ‬أمام‭ ‬حتميّة‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للتأقلم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭. ‬وهذه‭ ‬الحتميّة‭ ‬تفرض‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬بديلة‭ ‬واستباقية،‭ ‬ولعل‭ ‬تجربة‭ ‬الزراعة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القاحلة‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬دعمها‭ ‬أكثر‭ ‬اليوم‭.‬
وتبقى‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الفلاحون،‭ ‬والتي‭ ‬تؤثّر‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬نسب‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الحصاد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية،‭ ‬مسألة‭ ‬التزود‭ ‬بالبذور‭ ‬والأمونيتر‭ ‬والتمويل‭ ‬المالي‭ ‬لهذه‭ ‬الزراعات‭ ‬الكبرى‭. ‬وخلال‭ ‬الموسم‭ ‬الحالي،‭ ‬تم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬الأسمدة‭ ‬للفلاحين،‭ ‬لتفادي‭ ‬النقص‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تسجيله‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الماضية،‭ ‬مع‭ ‬إقرار‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬البذور‭ ‬الممتازة‭ ‬المراقبة،‭ ‬لتكون‭ ‬160‭ ‬دينارًا‭ ‬للقنطار‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب،‭ ‬و130‭ ‬دينارًا‭ ‬للقمح‭ ‬اللين،‭ ‬و120‭ ‬دينارًا‭ ‬للتريتيكال‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للبذور‭ ‬التجارية‭ ‬العادية‭ ‬المراقبة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إقرار‭ ‬110‭ ‬دنانير‭ ‬للقنطار‭ ‬من‭ ‬الشعير‭.‬
ورغم‭ ‬تحقيق‭ ‬صابة‭ ‬هامة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬المعدلات‭ ‬القياسية،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬الحبوب‭ ‬يتطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬وطنية‭ ‬متوسطة‭ ‬وبعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لتطوير‭ ‬إنتاجنا،‭ ‬باستغلال‭ ‬كل‭ ‬الكفاءات‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية،‭ ‬ودعم‭ ‬الفلاحين‭ ‬بخطوط‭ ‬تمويل‭ ‬قارّة،‭ ‬وخاصة‭ ‬صغار‭ ‬الفلاحين،‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُرشّد‭ ‬كثيرًا‭ ‬قيمة‭ ‬وارداتنا‭ ‬من‭ ‬القمح،‭ ‬والتي‭ ‬تناهز‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭.‬

الممثل‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬ لا‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب‭.. ‬والطاقة‭ ‬المتوفّرة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬كامل‭ ‬الصابة

في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الفارطة،‭ ‬تسبب‭ ‬سوء‭ ‬التخزين‭ ‬أو‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬التجميع‭ ‬في‭ ‬تلف‭ ‬بعض‭ ‬المحاصيل‭ ‬وخسارة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الصابة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬تم‭ ‬الاستعداد‭ ‬مبكرًا‭ ‬لعمليات‭ ‬التجميع‭ ‬والتخزين‭. ‬وعملية‭ ‬التجميع‭ ‬والتخزين‭ ‬تسير‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفادنا‭ ‬به‭ ‬الممثل‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإنتاج‭ ‬الفلاحي،‭ ‬أحمد‭ ‬سطا،‭ ‬الذي‭ ‬أكّد‭ ‬أن‭ ‬طاقة‭ ‬الخزن‭ ‬متوفّرة،‭ ‬حيث‭ ‬استعدّ‭ ‬ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬الحصاد‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المخازن‭ ‬التي‭ ‬يملكها‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابها‭ ‬4‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬قام‭ ‬الديوان‭ ‬بكراء‭ ‬مخازن‭ ‬بطاقة‭ ‬استيعاب‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭.‬
وأضاف‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬مخازن‭ ‬المطاحن،‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابها‭ ‬2‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬وبعد‭ ‬بداية‭ ‬الموسم،‭ ‬قامت‭ ‬بكراء‭ ‬مخازن‭ ‬إضافية‭ ‬بطاقة‭ ‬استيعاب‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‮»‬‭.‬
وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬أكّد‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب،‭ ‬وأن‭ ‬الطاقة‭ ‬المتوفّرة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬كامل‭ ‬الصابة‭.‬
ويضيف‭ ‬سطا‭: ‬‮«‬الصابة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬ونحن‭ ‬نقترب‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬ببلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬إنتاج‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬ونسبة‭ ‬تجميع‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموسم،‭ ‬ستكون‭ ‬نسبة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬ونسبة‭ ‬التجميع‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و11‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬وهي‭ ‬صابة‭ ‬هامة‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬صابة‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار،‭ ‬والتي‭ ‬قبلها‭ ‬بـ3‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬علاقة‭ ‬بمسألة‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬وإمكانية‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الصابة،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬التجميع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬طيبة،‭ ‬وإن‭ ‬حتى‭ ‬التساقطات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بجهة‭ ‬بنزرت‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬المحاصيل‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬حفظها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬مؤكّدًا‭ ‬أنه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اليوم،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مشكل‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الحصاد‭ ‬والتجميع‭ ‬والتخزين،‭ ‬وأنه‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬تاريخ‭ ‬22‭ ‬جوان‭ ‬الجاري،‭ ‬تم‭ ‬تجميع‭ ‬1‭.‬26‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬باجة،‭ ‬و701‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬سليانة،‭ ‬و693‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬و688‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬و675‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬وتأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بقية‭ ‬المناطق‭ ‬والولايات‭ ‬تباعًا‭.‬
كما‭ ‬أشار‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الصابة‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬توريد‭ ‬الحبوب‭.‬

الباحثة‭ ‬بالمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬ البذور‭ ‬التونسية‭ ‬تمثّل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬ولا‭ ‬وجود‭ ‬لبذور‭ ‬أصلية‭ ‬وأخرى‭ ‬غير‭ ‬أصلية
◄‭ ‬اثنتان‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬40‭ ‬سلالة‭ ‬بذور‭ ‬قمح‭ ‬تم‭ ‬تجريبها‭ ‬نجحتا‭ ‬في‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬القاحلة
◄‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬132‭ ‬صنفًا‭ ‬قديمًا‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬تُجرى‭ ‬أبحاث‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها

من‭ ‬الأقوال‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالزراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬خاصة،‭ ‬هو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بذورنا‭ ‬الأصلية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬وإنتاجية‭ ‬كبيرة‭. ‬ولتوضيح‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬قالت‭ ‬الباحثة‭ ‬بالمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬
‮«‬في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬لبس‭ ‬وجدل‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬حول‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬البذور‭ ‬الأصلية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬التعبير‭ ‬الشائع‭ ‬والمتداول،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أحبّذ‭ ‬استعمال‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬لأن‭ ‬البذور‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬أغلبيتها‭ ‬هي‭ ‬بذور‭ ‬تونسية‭ ‬أصيلة،‭ ‬وهي‭ ‬تتأتّى‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬وسلالات‭ ‬مختلفة‭. ‬وتلك‭ ‬السلالات،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬اعتمادها‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬البذر،‭ ‬تخضع‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬طويلة‭ ‬ومعقّدة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تسجيل‭ ‬الأصناف‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬الوطني‭ ‬للبذور،‭ ‬ويتم‭ ‬إجراء‭ ‬تجارب‭ ‬وبحوث‭ ‬عليها‭ ‬واختبارات‭ ‬كثيرة‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬يشتغل‭ ‬معهد‭ ‬البحوث‭ ‬الفلاحية‭ ‬عليها‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تهجين‭ ‬وتجريب‭ ‬واختبارات‭ ‬جودة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الأمر‭ ‬يستغرق‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬لتجهيز‭ ‬صنف‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬قابل‭ ‬للبذر‭ ‬والاستغلال‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنتاجية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬عشوائيًا‭ ‬أو‭ ‬اعتباطيًا،‭ ‬بل‭ ‬خاضع‭ ‬لقواعد‭ ‬علمية‭ ‬وبحثية‭ ‬صارمة‮»‬‭.‬
وتضيف‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬الصنف‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬مجهود‭ ‬تونسي‭ ‬خالص‭ ‬من‭ ‬بحث‭ ‬وتجريب‭ ‬وزراعة‭ ‬وعائدات،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬المقصود‭ ‬بالبذور‭ ‬الأصلية‭ ‬هي‭ ‬البذور‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬المحمودي‮»‬‭ ‬و»البسكري‮»‬‭ ‬و»العجيلي‮»‬،‭ ‬فتلك‭ ‬البذور‭ ‬محفوظة‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬الجينات،‭ ‬وهي‭ ‬تخضع‭ ‬للمتابعة‭ ‬والبحث‭ ‬والاختبار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها‭ ‬وضمان‭ ‬إنتاجيتها‭ ‬وتأقلمها‭ ‬مع‭ ‬المناخ‭ ‬وبيئة‭ ‬البذر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الباحثون‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل،‭ ‬حيث‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬هذه‭ ‬البذور‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬البلدان‭ ‬هناك‭ ‬الموروثات‭ ‬الجينية،‭ ‬ونحن‭ ‬نملك‭ ‬تلك‭ ‬الموروثات‭ ‬الجينية‭ ‬ونسعى‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وفق‭ ‬أبحاث‭ ‬معيّنة‭ ‬تراعي‭ ‬عدّة‭ ‬متغيرات‭ ‬مناخية‭ ‬وبيئية‭. ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬اليوم‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الأصناف‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متاحة‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تُبذر‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬تغطيها‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬الأصلية‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المحاصيل،‭ ‬أكّدت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬تفوق‭ ‬80‭ %‬،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬أربع‭ ‬شركات‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬تلك‭ ‬البذور‭ ‬وتزويد‭ ‬الفلاحين،‭ ‬وهذه‭ ‬الشركات‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭.‬
ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأصناف‭ ‬التي‭ ‬يُعتمد‭ ‬عليها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب،‭ ‬قالت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬الأصناف‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭ ‬نجد‭ ‬كريم،‭ ‬رزّاق،‭ ‬مهدي،‭ ‬معالي،‭ ‬الذهبي،‭ ‬وهناك‭ ‬صنف‭ ‬جديد‭ ‬أصبح‭ ‬جاهزًا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬‮«‬نجم‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬استفسار‭ ‬حول‭ ‬معدل‭ ‬الإنتاجية‭ ‬لكل‭ ‬صنف،‭ ‬قالت‭ ‬محدّثتنا‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬الخدمة‭ ‬الفنية‭ ‬وكذلك‭ ‬بيئة‭ ‬البذر‭ ‬والمناخ،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬تتفوّق‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭ ‬أو‭ ‬10‭ %‬‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬تجربة‭ ‬زراعة‭ ‬عدة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬معتمديتي‭ ‬ذهيبة‭ ‬ورمادة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬تطاوين،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬تنمية‭ ‬المناطق‭ ‬القاحلة‭ ‬وتنويع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتلك‭ ‬التجربة‭ ‬كانت‭ ‬ناجحة‭ ‬ومشجعة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الحبوب،‭ ‬بشهادة‭ ‬المختصين‭.‬
وعن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬تقول‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬زراعة‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬أو‭ ‬الاستنباط‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬هي‭ ‬خطوات‭ ‬علمية‭ ‬واستباقية‭ ‬تحسبًا‭ ‬للتغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬تونس‭ ‬ككل،‭ ‬وهناك‭ ‬تجارب‭ ‬اليوم‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬لزراعة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬واستغلال‭ ‬المائدة‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية،‭ ‬والتي‭ ‬تملك‭ ‬تونس‭ ‬حصّة‭ ‬منها‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تستغلها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬ستنفد،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬استغلالها‭ ‬بالشكل‭ ‬الأمثل‮»‬‭.‬
وتضيف‭ ‬محدّثتنا‭: ‬‮«‬حقول‭ ‬تطاوين‭ ‬أعطت‭ ‬نتيجة‭ ‬جيدة،‭ ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬الذين‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬حيث‭ ‬قمت‭ ‬بتجريب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬سلالة‭ ‬بذور،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬اثنتين‭ ‬فقط‭ ‬منهما‭ ‬يمكنهما‭ ‬الصمود‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬الصحراوي‭ ‬وتحقيق‭ ‬نتائج‭. ‬ومشروع‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬تطاوين‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظرة‭ ‬استباقية‭ ‬وتوقّع‭ ‬بحثي‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬وشكل‭ ‬المناخ‭ ‬ومردودية‭ ‬الإنتاج‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬مثلًا،‭ ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬كباحثين‭ ‬يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نفكّر‭ ‬دائمًا‭ ‬بشكل‭ ‬استباقي‭ ‬ونستشرف‭ ‬المخاطر‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها‭. ‬وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬فيجب‭ ‬وضع‭ ‬دائمًا‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬وإيجاد‭ ‬بدائل‭ ‬للمشاكل‭ ‬المستقبلية‮»‬‭.‬
وختمت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬البذور‭ ‬تونسية،‭ ‬وكل‭ ‬بذرة‭ ‬لها‭ ‬موقعها‭ ‬وإنتاجيتها‭ ‬التي‭ ‬تُقاس‭ ‬بمدى‭ ‬تأقلمها‭ ‬مع‭ ‬مناخ‭ ‬معيّن‭ ‬أو‭ ‬بيئة‭ ‬بذر‭ ‬معيّنة‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭. ‬وشدّدت‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬بقولها‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أو‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬الفلاحين،‭ ‬نحن‭ ‬نشجّعهم‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬الأصناف‭ ‬الملائمة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬ونحن‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفلاح،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬باحث‭ ‬ويعرف‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأصناف‭ ‬التي‭ ‬تلائم‭ ‬أرضه‭ ‬وتحقق‭ ‬له‭ ‬الإنتاجية‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭. ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬132‭ ‬صنفًا‭ ‬قديمًا‭ ‬يتم‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬الجودة‭ ‬والإنتاجية،‭ ‬ومن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬افتقاد‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬المحمودي‮»‬‭ ‬و»جناح‭ ‬الخطيفة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬غير‭ ‬دقيق،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬الأصناف‭ ‬يتم‭ ‬الاشتغال‭ ‬عليها‭ ‬وإنجاز‭ ‬الأبحاث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها‭ ‬وحمايتها‭ ‬وملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬تُبذر‭ ‬فيها،‭ ‬وفق‭ ‬منظومة‭ ‬فلاحية‭ ‬وطنية‭ ‬مهمة،‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬منظومات‭ ‬أخرى‭ ‬تعتمدها‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬زرتها‮»‬‭.‬


‭ ‬منية العرفاوي

ملفات‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬ / التجميع‭ ‬والتخزين‭ ‬أهم‭ ‬مراحل‭ ‬موسم‭ ‬الحصاد.. صابة‭ ‬الحبوب‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬إنتاج‭ ‬و11‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭

_ تجهيز‭ ‬صنف‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬يستغرق‭ ‬15‭ ‬عامًا‭ ‬بين‭ ‬بحث‭ ‬وتجريب‭ ‬واختبار‭ ‬وتطوير

_ ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬يستعد‭ ‬بمخازن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬5.3‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬بين‭ ‬مخازن‭ ‬يملكها‭ ‬وأخرى‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الكراء 

مع‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬موسم‭ ‬حصاد،‭ ‬تتجدّد‭ ‬نفس‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬حجم‭ ‬الصابة،‭ ‬وجودة‭ ‬المحاصيل،‭ ‬والأهم‭ ‬عملية‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب‭ ‬وحمايتها‭ ‬من‭ ‬التلف‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الماضية‭ ‬بفعل‭ ‬التغييرات‭ ‬المناخية‭. ‬وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬المألوفة‭ ‬من‭ ‬موسم‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬هناك‭ ‬أسئلة‭ ‬أخرى‭ ‬تُطرح‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالإنتاجية،‭ ‬وكذلك‭ ‬باستغلال‭ ‬ما‭ ‬يُسمّى‭ ‬بالبذور‭ ‬الأصلية‭ ‬ومدى‭ ‬نجاعتها‭ ‬في‭ ‬تجويد‭ ‬الصابة‭ ‬ورفع‭ ‬نسب‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬وعلاقة‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬بتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عوامل‭ ‬مناخية‭ ‬معادية‭ ‬للإنتاج‭ ‬في‭ ‬المواسم‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬تأثّرت‭ ‬كثيرًا‭ ‬بالجفاف‭ ‬وفرضت‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول؛‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬تجريب‭ ‬زراعة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬قاحلة،‭ ‬مثل‭ ‬تجربة‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬في‭ ‬تطاوين،‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬حصة‭ ‬تونس‭ ‬من‭ ‬مائدة‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬أسوة‭ ‬بتجربة‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬صحراوية‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬أو‭ ‬الجزائر‭.‬
وكل‭ ‬هذه‭ ‬التساؤلات‭ ‬حاولت‭ ‬‮«‬الصباح‮»‬‭ ‬أن‭ ‬تجيب‭ ‬عنها‭ ‬بالاستئناس‭ ‬برأي‭ ‬الباحثين‭ ‬والمختصين‭ ‬المواكبين‭ ‬عن‭ ‬كثب‭ ‬لعملية‭ ‬إنتاج‭ ‬الحبوب‭ ‬وتطوير‭ ‬الأصناف‭ ‬الجيدة‭ ‬منها،‭ ‬واستغلال‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وكذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رصد‭ ‬عوامل‭ ‬التغيير‭ ‬البيئي‭ ‬والمناخي‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثّر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬حلقة‭ ‬الإنتاج‭.‬
زراعة‭ ‬الحبوب‭... ‬قطاع‭ ‬استراتيجي
يُعدّ‭ ‬قطاع‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تراهن‭ ‬عليها‭ ‬الدولة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬المحاولات‭ ‬وعبر‭ ‬العقود،‭ ‬لم‭ ‬نصل‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يُنقص‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬الزراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬الخارطة‭ ‬الفلاحية‭ ‬الوطنية،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬أهميتها‭ ‬كمنتوج‭ ‬استراتيجي‭ ‬لكل‭ ‬الدول،‭ ‬وقد‭ ‬اتضح‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬التي‭ ‬فرضت‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬منتوجها‭ ‬الوطني،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تواجه‭ ‬نفس‭ ‬الظروف‭ ‬الكارثية‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬المستوردة‭ ‬كليًا‭ ‬للحبوب‭ ‬مع‭ ‬بداية‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭.‬
ووفق‭ ‬المعطيات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬رئيس‭ ‬ديوان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬هيكل‭ ‬حشلاف،‭ ‬فإن‭ ‬قطاع‭ ‬الحبوب‭ ‬يمثّل‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الواردات‭ ‬الغذائية‭ ‬و9‭ % ‬من‭ ‬قيمة‭ ‬الإنتاج‭ ‬الفلاحي،‭ ‬ويستغلّ‭ ‬مساحة‭ ‬جملية‭ ‬تُقدّر‭ ‬بـ1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬هكتار،‭ ‬منها‭ ‬30‭ % ‬مساحة‭ ‬مروية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬250‭ ‬ألف‭ ‬فلاح‭ ‬يتعاطون‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب‭.‬
وكانت‭ ‬المساحة‭ ‬المبذورة‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الماضي‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬972‭ ‬ألف‭ ‬هكتار،‭ ‬والمساحة‭ ‬المحصودة‭ ‬717‭ ‬ألف‭ ‬هكتار،‭ ‬وبلغت‭ ‬كمية‭ ‬التجميع‭ ‬6‭.‬7‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬88‭ % ‬منها‭ ‬قمح‭ ‬صلب‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهذه‭ ‬السنة،‭ ‬فقد‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬المساحات‭ ‬المزروعة‭ ‬حوالي‭ ‬1‭.‬2‭ ‬مليون‭ ‬هكتار،‭ ‬أي‭ ‬بزيادة‭ ‬228‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬مقارنة‭ ‬بالموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬وتنقسم‭ ‬إلى‭ ‬856‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الشمال‭ ‬مقابل‭ ‬812‭ ‬ألفًا‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬و317‭ ‬ألف‭ ‬هكتار‭ ‬في‭ ‬ولايات‭ ‬الوسط‭ ‬والجنوب‭ ‬مقابل‭ ‬160‭ ‬ألفًا‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط‭.‬
أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبذور،‭ ‬فقد‭ ‬وفّرت‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬الممتازة‭ ‬مقابل‭ ‬210‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬منها‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بذور‭ ‬الأساس‭ ‬و261‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬المثبتة،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬كمية‭ ‬بذور‭ ‬الشعير‭ ‬العادية‭ ‬والمراقبة‭ ‬160‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬مقابل‭ ‬207‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬الموسم‭ ‬الفارط،‭ ‬وفق‭ ‬الإحصائيات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬أعلنتها‭ ‬وزارة‭ ‬الفلاحة‭.‬
وكان‭ ‬وزير‭ ‬الفلاحة‭ ‬والموارد‭ ‬المائية‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬عز‭ ‬الدين‭ ‬بن‭ ‬الشيخ،‭ ‬قد‭ ‬أكّد‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬سابق‭ ‬أن‭ ‬حاجيات‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الوطني‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬تبلغ‭ ‬سنويًا‭ ‬36‭ ‬مليون‭ ‬طن،‭ ‬وأن‭ ‬لهذا‭ ‬القطاع‭ ‬تأثيرًا‭ ‬على‭ ‬الميزان‭ ‬التجاري‭ ‬الغذائي،‭ ‬حيث‭ ‬تمثّل‭ ‬الحبوب‭ ‬الموردة‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬الحجم‭ ‬الجملي‭ ‬للواردات‭ ‬الغذائية،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بين‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬والعوامل‭ ‬المناخية،‭ ‬إذ‭ ‬بلغ‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الممطرة‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬فيما‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬أخرى‭ ‬تضرّرت‭ ‬بالجفاف‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار،‭ ‬وكانت‭ ‬مواسم‭ ‬صعبة‭ ‬على‭ ‬الفلاحين‭ ‬وعلى‭ ‬الدولة‭ ‬كذلك‭. ‬وتكمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬تراجع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬كلما‭ ‬ارتفعت‭ ‬معدّلات‭ ‬التوريد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬استنزافًا‭ ‬للعملة‭ ‬الصعبة‭.‬
وتُعدّ‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬العوائق‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬بلوغ‭ ‬مستويات‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬الحبوب،‭ ‬بما‭ ‬يضعنا‭ ‬أمام‭ ‬حتميّة‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬للتأقلم‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬التغيّرات‭ ‬المناخية‭. ‬وهذه‭ ‬الحتميّة‭ ‬تفرض‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حلول‭ ‬بديلة‭ ‬واستباقية،‭ ‬ولعل‭ ‬تجربة‭ ‬الزراعة‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القاحلة‭ ‬من‭ ‬الحلول‭ ‬الجيدة‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬دعمها‭ ‬أكثر‭ ‬اليوم‭.‬
وتبقى‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬الفلاحون،‭ ‬والتي‭ ‬تؤثّر‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬نسب‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الحصاد،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية،‭ ‬مسألة‭ ‬التزود‭ ‬بالبذور‭ ‬والأمونيتر‭ ‬والتمويل‭ ‬المالي‭ ‬لهذه‭ ‬الزراعات‭ ‬الكبرى‭. ‬وخلال‭ ‬الموسم‭ ‬الحالي،‭ ‬تم‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬الأسمدة‭ ‬للفلاحين،‭ ‬لتفادي‭ ‬النقص‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تسجيله‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الماضية،‭ ‬مع‭ ‬إقرار‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬أسعار‭ ‬البذور‭ ‬الممتازة‭ ‬المراقبة،‭ ‬لتكون‭ ‬160‭ ‬دينارًا‭ ‬للقنطار‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب،‭ ‬و130‭ ‬دينارًا‭ ‬للقمح‭ ‬اللين،‭ ‬و120‭ ‬دينارًا‭ ‬للتريتيكال‭. ‬وبالنسبة‭ ‬للبذور‭ ‬التجارية‭ ‬العادية‭ ‬المراقبة،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬إقرار‭ ‬110‭ ‬دنانير‭ ‬للقنطار‭ ‬من‭ ‬الشعير‭.‬
ورغم‭ ‬تحقيق‭ ‬صابة‭ ‬هامة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬تقترب‭ ‬من‭ ‬المعدلات‭ ‬القياسية،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬مادة‭ ‬الحبوب‭ ‬يتطلب‭ ‬ضرورة‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬خطة‭ ‬وطنية‭ ‬متوسطة‭ ‬وبعيدة‭ ‬المدى‭ ‬لتطوير‭ ‬إنتاجنا،‭ ‬باستغلال‭ ‬كل‭ ‬الكفاءات‭ ‬العلمية‭ ‬والبحثية،‭ ‬ودعم‭ ‬الفلاحين‭ ‬بخطوط‭ ‬تمويل‭ ‬قارّة،‭ ‬وخاصة‭ ‬صغار‭ ‬الفلاحين،‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يُرشّد‭ ‬كثيرًا‭ ‬قيمة‭ ‬وارداتنا‭ ‬من‭ ‬القمح،‭ ‬والتي‭ ‬تناهز‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دينار‭.‬

الممثل‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإنتاج‭ ‬الفلاحي‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬ لا‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب‭.. ‬والطاقة‭ ‬المتوفّرة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬كامل‭ ‬الصابة

في‭ ‬بعض‭ ‬المواسم‭ ‬الفارطة،‭ ‬تسبب‭ ‬سوء‭ ‬التخزين‭ ‬أو‭ ‬الاضطراب‭ ‬في‭ ‬التجميع‭ ‬في‭ ‬تلف‭ ‬بعض‭ ‬المحاصيل‭ ‬وخسارة‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬الصابة،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬تم‭ ‬الاستعداد‭ ‬مبكرًا‭ ‬لعمليات‭ ‬التجميع‭ ‬والتخزين‭. ‬وعملية‭ ‬التجميع‭ ‬والتخزين‭ ‬تسير‭ ‬اليوم‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أفادنا‭ ‬به‭ ‬الممثل‭ ‬عن‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للإنتاج‭ ‬الفلاحي،‭ ‬أحمد‭ ‬سطا،‭ ‬الذي‭ ‬أكّد‭ ‬أن‭ ‬طاقة‭ ‬الخزن‭ ‬متوفّرة،‭ ‬حيث‭ ‬استعدّ‭ ‬ديوان‭ ‬الحبوب‭ ‬قبل‭ ‬انطلاق‭ ‬الحصاد‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المخازن‭ ‬التي‭ ‬يملكها‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابها‭ ‬4‭.‬3‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬قام‭ ‬الديوان‭ ‬بكراء‭ ‬مخازن‭ ‬بطاقة‭ ‬استيعاب‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭.‬
وأضاف‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭: ‬‮«‬هناك‭ ‬أيضًا‭ ‬مخازن‭ ‬المطاحن،‭ ‬والتي‭ ‬تبلغ‭ ‬طاقة‭ ‬استيعابها‭ ‬2‭.‬9‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬وبعد‭ ‬بداية‭ ‬الموسم،‭ ‬قامت‭ ‬بكراء‭ ‬مخازن‭ ‬إضافية‭ ‬بطاقة‭ ‬استيعاب‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‮»‬‭.‬
وعلى‭ ‬ضوء‭ ‬هذه‭ ‬الأرقام،‭ ‬أكّد‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬مشاكل‭ ‬في‭ ‬تخزين‭ ‬الحبوب،‭ ‬وأن‭ ‬الطاقة‭ ‬المتوفّرة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬كامل‭ ‬الصابة‭.‬
ويضيف‭ ‬سطا‭: ‬‮«‬الصابة‭ ‬هذا‭ ‬الموسم‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة،‭ ‬ونحن‭ ‬نقترب‭ ‬من‭ ‬الرقم‭ ‬القياسي‭ ‬الذي‭ ‬تحقق‭ ‬في‭ ‬2019،‭ ‬ببلوغ‭ ‬نسبة‭ ‬إنتاج‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬ونسبة‭ ‬تجميع‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬18‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموسم،‭ ‬ستكون‭ ‬نسبة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬20‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬ونسبة‭ ‬التجميع‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و11‭ ‬مليون‭ ‬قنطار،‭ ‬وهي‭ ‬صابة‭ ‬هامة‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬صابة‭ ‬السنة‭ ‬الفارطة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬6‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار،‭ ‬والتي‭ ‬قبلها‭ ‬بـ3‭ ‬ملايين‭ ‬قنطار‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬علاقة‭ ‬بمسألة‭ ‬الظروف‭ ‬المناخية‭ ‬وإمكانية‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الصابة،‭ ‬قال‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬إن‭ ‬عملية‭ ‬التجميع‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬الآن‭ ‬تتم‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬طيبة،‭ ‬وإن‭ ‬حتى‭ ‬التساقطات‭ ‬الأخيرة‭ ‬بجهة‭ ‬بنزرت‭ ‬لم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬المحاصيل‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬حفظها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬مؤكّدًا‭ ‬أنه‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬اليوم،‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬مشكل‭ ‬في‭ ‬موسم‭ ‬الحصاد‭ ‬والتجميع‭ ‬والتخزين،‭ ‬وأنه‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬تاريخ‭ ‬22‭ ‬جوان‭ ‬الجاري،‭ ‬تم‭ ‬تجميع‭ ‬1‭.‬26‭ ‬مليون‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬باجة،‭ ‬و701‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬سليانة،‭ ‬و693‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬و688‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬جندوبة،‭ ‬و675‭ ‬ألف‭ ‬قنطار‭ ‬بولاية‭ ‬بنزرت،‭ ‬وتأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بقية‭ ‬المناطق‭ ‬والولايات‭ ‬تباعًا‭.‬
كما‭ ‬أشار‭ ‬أحمد‭ ‬سطا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬الصابة‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬التقليص‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬توريد‭ ‬الحبوب‭.‬

الباحثة‭ ‬بالمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬ البذور‭ ‬التونسية‭ ‬تمثّل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭ % ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬ولا‭ ‬وجود‭ ‬لبذور‭ ‬أصلية‭ ‬وأخرى‭ ‬غير‭ ‬أصلية
◄‭ ‬اثنتان‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬40‭ ‬سلالة‭ ‬بذور‭ ‬قمح‭ ‬تم‭ ‬تجريبها‭ ‬نجحتا‭ ‬في‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬القاحلة
◄‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬132‭ ‬صنفًا‭ ‬قديمًا‭ ‬من‭ ‬الحبوب‭ ‬تُجرى‭ ‬أبحاث‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها

من‭ ‬الأقوال‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬بالزراعات‭ ‬الكبرى‭ ‬خاصة،‭ ‬هو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬بذورنا‭ ‬الأصلية‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬وإنتاجية‭ ‬كبيرة‭. ‬ولتوضيح‭ ‬هذه‭ ‬النقطة،‭ ‬قالت‭ ‬الباحثة‭ ‬بالمعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬لـ«الصباح‮»‬‭:‬
‮«‬في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬رفع‭ ‬لبس‭ ‬وجدل‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬وقت‭ ‬طويل‭ ‬حول‭ ‬مصطلح‭ ‬‮«‬البذور‭ ‬الأصلية‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬التعبير‭ ‬الشائع‭ ‬والمتداول،‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أحبّذ‭ ‬استعمال‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح،‭ ‬لأن‭ ‬البذور‭ ‬المستعملة‭ ‬في‭ ‬أغلبيتها‭ ‬هي‭ ‬بذور‭ ‬تونسية‭ ‬أصيلة،‭ ‬وهي‭ ‬تتأتّى‭ ‬من‭ ‬أصناف‭ ‬وسلالات‭ ‬مختلفة‭. ‬وتلك‭ ‬السلالات،‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬اعتمادها‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬البذر،‭ ‬تخضع‭ ‬إلى‭ ‬عملية‭ ‬طويلة‭ ‬ومعقّدة،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تسجيل‭ ‬الأصناف‭ ‬في‭ ‬السجل‭ ‬الوطني‭ ‬للبذور،‭ ‬ويتم‭ ‬إجراء‭ ‬تجارب‭ ‬وبحوث‭ ‬عليها‭ ‬واختبارات‭ ‬كثيرة‭ ‬لمدة‭ ‬4‭ ‬سنوات،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬يشتغل‭ ‬معهد‭ ‬البحوث‭ ‬الفلاحية‭ ‬عليها‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬تهجين‭ ‬وتجريب‭ ‬واختبارات‭ ‬جودة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬الأمر‭ ‬يستغرق‭ ‬حوالي‭ ‬15‭ ‬سنة‭ ‬لتجهيز‭ ‬صنف‭ ‬من‭ ‬البذور‭ ‬قابل‭ ‬للبذر‭ ‬والاستغلال‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الإنتاجية‭. ‬وبالتالي،‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬عشوائيًا‭ ‬أو‭ ‬اعتباطيًا،‭ ‬بل‭ ‬خاضع‭ ‬لقواعد‭ ‬علمية‭ ‬وبحثية‭ ‬صارمة‮»‬‭.‬
وتضيف‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬الصنف‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬مجهود‭ ‬تونسي‭ ‬خالص‭ ‬من‭ ‬بحث‭ ‬وتجريب‭ ‬وزراعة‭ ‬وعائدات،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬المقصود‭ ‬بالبذور‭ ‬الأصلية‭ ‬هي‭ ‬البذور‭ ‬القديمة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬المحمودي‮»‬‭ ‬و»البسكري‮»‬‭ ‬و»العجيلي‮»‬،‭ ‬فتلك‭ ‬البذور‭ ‬محفوظة‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬الجينات،‭ ‬وهي‭ ‬تخضع‭ ‬للمتابعة‭ ‬والبحث‭ ‬والاختبار‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها‭ ‬وضمان‭ ‬إنتاجيتها‭ ‬وتأقلمها‭ ‬مع‭ ‬المناخ‭ ‬وبيئة‭ ‬البذر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الباحثون‭ ‬بشكل‭ ‬متواصل،‭ ‬حيث‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬هذه‭ ‬البذور‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭. ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬البلدان‭ ‬هناك‭ ‬الموروثات‭ ‬الجينية،‭ ‬ونحن‭ ‬نملك‭ ‬تلك‭ ‬الموروثات‭ ‬الجينية‭ ‬ونسعى‭ ‬للمحافظة‭ ‬عليها‭ ‬وتطويرها‭ ‬وفق‭ ‬أبحاث‭ ‬معيّنة‭ ‬تراعي‭ ‬عدّة‭ ‬متغيرات‭ ‬مناخية‭ ‬وبيئية‭. ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬اليوم‭ ‬للقول‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الأصناف‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬متاحة‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تُبذر‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬سؤال‭ ‬حول‭ ‬النسبة‭ ‬التي‭ ‬تغطيها‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬الأصلية‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬المحاصيل،‭ ‬أكّدت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬تفوق‭ ‬80‭ %‬،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬أربع‭ ‬شركات‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬بيع‭ ‬تلك‭ ‬البذور‭ ‬وتزويد‭ ‬الفلاحين،‭ ‬وهذه‭ ‬الشركات‭ ‬مختصة‭ ‬في‭ ‬البذور‭ ‬التونسية‭ ‬وتتعامل‭ ‬مع‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للعلوم‭ ‬الفلاحية‭.‬
ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الأصناف‭ ‬التي‭ ‬يُعتمد‭ ‬عليها‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬الحبوب،‭ ‬قالت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬الأصناف‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭ ‬نجد‭ ‬كريم،‭ ‬رزّاق،‭ ‬مهدي،‭ ‬معالي،‭ ‬الذهبي،‭ ‬وهناك‭ ‬صنف‭ ‬جديد‭ ‬أصبح‭ ‬جاهزًا‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬‮«‬نجم‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬استفسار‭ ‬حول‭ ‬معدل‭ ‬الإنتاجية‭ ‬لكل‭ ‬صنف،‭ ‬قالت‭ ‬محدّثتنا‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يختلف‭ ‬باختلاف‭ ‬الخدمة‭ ‬الفنية‭ ‬وكذلك‭ ‬بيئة‭ ‬البذر‭ ‬والمناخ،‭ ‬حيث‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬تتفوّق‭ ‬بنسبة‭ ‬5‭ ‬أو‭ ‬10‭ %‬‮»‬‭.‬
وفي‭ ‬ذات‭ ‬السياق،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬انطلقت‭ ‬تجربة‭ ‬زراعة‭ ‬عدة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬معتمديتي‭ ‬ذهيبة‭ ‬ورمادة‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬تطاوين،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬برنامج‭ ‬تنمية‭ ‬المناطق‭ ‬القاحلة‭ ‬وتنويع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتلك‭ ‬التجربة‭ ‬كانت‭ ‬ناجحة‭ ‬ومشجعة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الحبوب،‭ ‬بشهادة‭ ‬المختصين‭.‬
وعن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬تقول‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭: ‬‮«‬زراعة‭ ‬المناطق‭ ‬الصحراوية‭ ‬أو‭ ‬الاستنباط‭ ‬في‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬هي‭ ‬خطوات‭ ‬علمية‭ ‬واستباقية‭ ‬تحسبًا‭ ‬للتغيّرات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬تونس‭ ‬ككل،‭ ‬وهناك‭ ‬تجارب‭ ‬اليوم‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬مثل‭ ‬ليبيا‭ ‬والجزائر‭ ‬لزراعة‭ ‬أصناف‭ ‬من‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬واستغلال‭ ‬المائدة‭ ‬المائية‭ ‬الجوفية،‭ ‬والتي‭ ‬تملك‭ ‬تونس‭ ‬حصّة‭ ‬منها‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تستغلها‭ ‬بشكل‭ ‬جيد،‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هذه‭ ‬المياه‭ ‬الجوفية‭ ‬ستنفد،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬ذلك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬استغلالها‭ ‬بالشكل‭ ‬الأمثل‮»‬‭.‬
وتضيف‭ ‬محدّثتنا‭: ‬‮«‬حقول‭ ‬تطاوين‭ ‬أعطت‭ ‬نتيجة‭ ‬جيدة،‭ ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬الباحثين‭ ‬الذين‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المشروع،‭ ‬حيث‭ ‬قمت‭ ‬بتجريب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬سلالة‭ ‬بذور،‭ ‬وقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬اثنتين‭ ‬فقط‭ ‬منهما‭ ‬يمكنهما‭ ‬الصمود‭ ‬في‭ ‬المناخ‭ ‬الصحراوي‭ ‬وتحقيق‭ ‬نتائج‭. ‬ومشروع‭ ‬زراعة‭ ‬القمح‭ ‬الصلب‭ ‬في‭ ‬تطاوين‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬نظرة‭ ‬استباقية‭ ‬وتوقّع‭ ‬بحثي‭ ‬حول‭ ‬طبيعة‭ ‬وشكل‭ ‬المناخ‭ ‬ومردودية‭ ‬الإنتاج‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬مثلًا،‭ ‬حيث‭ ‬إننا‭ ‬كباحثين‭ ‬يتعيّن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نفكّر‭ ‬دائمًا‭ ‬بشكل‭ ‬استباقي‭ ‬ونستشرف‭ ‬المخاطر‭ ‬قبل‭ ‬وقوعها‭. ‬وإذا‭ ‬كنا‭ ‬نعمل‭ ‬على‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي،‭ ‬فيجب‭ ‬وضع‭ ‬دائمًا‭ ‬كل‭ ‬الاحتمالات‭ ‬وإيجاد‭ ‬بدائل‭ ‬للمشاكل‭ ‬المستقبلية‮»‬‭.‬
وختمت‭ ‬الباحثة‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬بالقول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬البذور‭ ‬تونسية،‭ ‬وكل‭ ‬بذرة‭ ‬لها‭ ‬موقعها‭ ‬وإنتاجيتها‭ ‬التي‭ ‬تُقاس‭ ‬بمدى‭ ‬تأقلمها‭ ‬مع‭ ‬مناخ‭ ‬معيّن‭ ‬أو‭ ‬بيئة‭ ‬بذر‭ ‬معيّنة‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬منطقة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭. ‬وشدّدت‭ ‬سرور‭ ‬عيادي‭ ‬بقولها‭: ‬‮«‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬أو‭ ‬صراع‭ ‬مع‭ ‬الفلاحين،‭ ‬نحن‭ ‬نشجّعهم‭ ‬على‭ ‬زراعة‭ ‬الأصناف‭ ‬الملائمة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬الإنتاجية،‭ ‬ونحن‭ ‬دائمًا‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الفلاح،‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬باحث‭ ‬ويعرف‭ ‬قبل‭ ‬غيره‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬الأصناف‭ ‬التي‭ ‬تلائم‭ ‬أرضه‭ ‬وتحقق‭ ‬له‭ ‬الإنتاجية‭ ‬التي‭ ‬يريدها‭. ‬هناك‭ ‬اليوم‭ ‬132‭ ‬صنفًا‭ ‬قديمًا‭ ‬يتم‭ ‬استغلاله‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬الجودة‭ ‬والإنتاجية،‭ ‬ومن‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬افتقاد‭ ‬بعض‭ ‬الأصناف‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬المحمودي‮»‬‭ ‬و»جناح‭ ‬الخطيفة‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬غير‭ ‬دقيق،‭ ‬لأن‭ ‬كل‭ ‬الأصناف‭ ‬يتم‭ ‬الاشتغال‭ ‬عليها‭ ‬وإنجاز‭ ‬الأبحاث‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطويرها‭ ‬وحمايتها‭ ‬وملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬البيئة‭ ‬التي‭ ‬تُبذر‭ ‬فيها،‭ ‬وفق‭ ‬منظومة‭ ‬فلاحية‭ ‬وطنية‭ ‬مهمة،‭ ‬هي‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬منظومات‭ ‬أخرى‭ ‬تعتمدها‭ ‬بعض‭ ‬البلدان‭ ‬التي‭ ‬زرتها‮»‬‭.‬


‭ ‬منية العرفاوي