من دولة ظلت لسنوات تطارد الأزمات وتعاني من الضبابية الاقتصادية والتململ الاجتماعي والتحديات في عديد المجالات إلى دولة بدأت تستعيد عافيتها بثبات... هكذا يبدو المناخ العام في تونس الذي اقترن منذ فترة بمؤشرات إيجابية تؤكد التعافي والتدارك في أهم المجالات الحيوية تشمل الاجتماعي والاقتصادي، والصحي. وما يُميّز هذا التحسّن ليس فقط عودة التوازن في الأرقام في قطاعات واعدة، بل ما يدعمه من إرادة سياسية واضحة وحاسمة، اتخذت من العدالة الاجتماعية عنوانًا ومن محاربة الفساد ركيزة، ومن إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة هدفًا لها.
ورغم التحديات التي ما تزال قائمة، فإن ما تحقق اليوم، من تحسين في الخدمات الصحية، إلى تجديد في أسطول النقل العمومي، ومن تطور نسبي في المؤشرات الاقتصادية لعل أبرزها في المجال السياحي إلى توسيع في برامج الحماية الاجتماعية، يبعث برسالة واضحة مفادها أن تونس بصدد التعافي..
ففي قلب التحولات الجارية، يبرز المجال الاجتماعي كواحد من أبرز الجبهات التي شهدت تطورًا ملحوظًا. فخلال الأشهر الأخيرة، شرعت الدولة في إعادة هيكلة منظومة الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه الفعليين، إلى جانب توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح والمساعدات الاجتماعية. كما أُطلقت عديد البرامج الموجهة لذوي الاحتياجات الخصوصية والعائلات المعوزة، مع اعتماد مقاربة تعتمد الشفافية والرقمنة في بعض المجالات مما خفف من مظاهر التهميش والبيروقراطية التي لطالما عانى منها المواطن، على أن الأهم هو تفعيل جانب الحماية الاجتماعية والقطع مع كافة أشكال التشغيل الهش، وهو ما تترجمه جملة من القرارات والخطوات الجريئة لعل أبرزها القطع كليًا مع قانون المناولة.
الكرامة الاجتماعية محور لكل إصلاح
وبالتوازي مع ذلك فقد تم تعزيز الخطاب السياسي بمضامين جديدة تؤكّد أن المسؤول في موقعه اليوم محاسَب لا محصَّن، وأن ثقافة الدولة تتغير نحو جعل الكرامة الاجتماعية محورًا لكل إصلاح.
أما في الحقل الاقتصادي، فلم تعد الأرقام مجسدة في التقارير فقط بل بدأت تنعكس على أرض الواقع. فقد شهدت قطاعات مثل الصناعات الغذائية والسياحة والخدمات تطورًا تدريجيًا مرفوقًا بعودة النشاط السياحي إلى نسقه شبه الطبيعي وتوسيع الأسواق أمام المنتجات التونسية، خاصة في إفريقيا وأوروبا. كما تشير تقارير إلى أن الصادرات التونسية سجلت نموًا بـ7 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، فيما بدأ الدينار يستعيد بعضًا من استقراره.
وهو ما يعبّر، وفقًا للبعض، عن نجاعة السياسات المالية والنقدية الجديدة، إضافة إلى حملات مكافحة التهريب والفساد التي استهدفت منظومات اقتصادية موازية كانت تكلّف الدولة ملايين الدنانير سنويًا. فبلغة الأرقام شهد الاقتصاد التونسي خلال النصف الأول من سنة 2025 تحسّنًا تدريجيًا، حيث سجّل نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 %، وفقًا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء. كما ارتفعت الصادرات بنسبة 7.1 %، خاصّة في قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية.
كما بيّنت بيانات البنك المركزي أن نسبة التضخم انخفضت من 10.1 % في بداية 2024 إلى 8.6 % في ماي 2025، كما استقرّ سعر صرف الدينار نسبيًا أمام العملات الأجنبية، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين.
ويدعم كل هذا المسار توجه الدولة لمكافحة الاقتصاد الموازي، الذي كلّف الميزانية خسائر تجاوزت 4.5 مليار دينار سنويًا، بحسب تقارير رسمية. في هذا الجانب يرى متابعون أن هذه المؤشرات لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة توفر إرادة سياسية تدفع نحو اقتصاد منتج لا ريعي، وتشجّع على المبادرة والاستثمار وتحفيز الشباب على الدخول في الدورة الاقتصادية، من خلال مشاريع التمويل الذاتي والاقتصاد التضامني.
من جهة أخرى لم يكن المجال الصحي بمنأى عن هذه الديناميكية الإيجابية. إذ تم منذ بداية السنة إطلاق برنامج لإعادة تأهيل المستشفيات العمومية، وتوفير المعدات الطبية الأساسية في أكثر من مستشفى جهوي، بالإضافة إلى تعزيز شبكة الرعاية الصحية الأولية في الجهات الداخلية.
كما شهد القطاع الصحي أيضًا تحسنًا على مستوى الاستجابة للأزمات والطوارئ، حيث أُحدثت وحدات استعجالية جديدة في عدد من الولايات، وتم دعم المستشفيات بالأدوية والإطارات الطبية، إلى جانب تسوية وضعيات مهنية ظلّت عالقة لسنوات.
وتُعدّ هذه الخطوات جزءًا من خطة وطنية شاملة لتقريب الخدمات الصحية من المواطن، وتجاوز الاخلالات التي كشفت عنها الأزمات الصحية السابقة، بما في ذلك جائحة كورونا.
وهو طرح يستمد شرعيته من الإشعاعات والنجاحات «الباهرة» التي ميزت مؤخرًا المستشفيات العمومية في اختصاصات دقيقة إلى جانب مدها بمعدات وتجهيزات طبية، ليتواصل هذا الإشعاع ليطال مجالات أخرى. فوفقًا لبيان صادر عن وزارة الصحة فإنه «وفي خطوة بارزة تعكس استعادة الديناميكية الصحية الإقليمية، ترأس وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، الاثنين 23 جوان 2025 بالقاهرة، الوفد التونسي المشارك في اجتماع لجنة القيادة الإقليمية للمركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC).
وقد تمّ، بإجماع الوزراء ورؤساء الوفود، اختيار تونس لترؤس المركز الإقليمي لشمال إفريقيا الذي سيكون مقره بالعاصمة المصرية القاهرة، في تأكيد على ثقة الدول الإفريقية في الدور التونسي وقدرته على الدفع بأجندة الصحّة العمومية نحو مزيد من التكامل والجاهزية بفضل توجيهات القيادة التونسية ورؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد».
وفي كلمته التي ألقاها بالمناسبة أكد وزير الصحة أن هذا الاختيار يُعدّ اعترافًا بمكانة تونس وجهودها المستمرة لتعزيز الأمن الصحي، خاصة بعد تعطّل تفعيل هذا المركز لقرابة عشر سنوات، مما يجعل من هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة لصياغة استراتيجيات صحّية موحدة وأكثر تأثيرًا في شمال إفريقيا.
من جانب آخر وضمن مسار التحسينات الاجتماعية والخدماتية، شهد قطاع النقل العمومي في تونس دفعة إيجابية خلال الفترة الأخيرة، تمثّلت في تجديد جزء من الأسطول الحضري والجهوي وتعزيز الربط بين عدد من المناطق الداخلية والعاصمة. فقد أعلنت وزارة النقل في وقت سابق عن اقتناء 300 حافلة جديدة سيتم توزيعها تدريجيًا على الشركات الجهوية للنقل، في إطار برنامج استثماري يهدف إلى تحسين جودة الخدمات وتقليص التأخير والمعاناة اليومية للمواطنين.
وفي هذا الجانب ووفقًا لبيان صادر عن وزارة النقل فإنه «تجسيمًا لما أذن به رئيس الجمهورية قيس سعيّد بخصوص ضرورة الإسراع في توريد عدد من الحافلات وعربات المترو للتخفيف من معاناة المواطنين في تنقلاتهم والعمل على معالجة قطاع النّقل العمومي الجماعي جذريّا وفق مقاربات جديدة تحفظ للمواطن التونسي حقوقه المشروعة في هذا المرفق الحيوي، تسلمت شركة نقل تونس الأربعاء 18 جوان 2025 بميناء حلق الوادي، الدفعة الأولى من الحافلات الجديدة التي تتضمّن 111 حافلة (60 مزدوجة و51 عادية)، قادمة من الصين.
وتأتي هذه الدفعة الأولى في إطار تنفيذ صفقة اقتناء شركة النّقل بتونس لـ300 حافلة جديدة من المصنّع الصيني والتي تم إمضاء عقدها في 13 ديسمبر 2024. بكل. ومن المنتظر أن تتسلّم الدفعة الثانية التي تتضمّن 189 حافلة خلال شهر جويلية 2025 حيث تمّ شحنها بتاريخ 11 جوان الجاري انطلاقًا من ميناء شيامن Xiamen بجنوب الصين.
كما أنه في إطار تنفيذ اتفاقية الهبة الممضاة بين شركة النقل بتونس ومؤسسة île-de-france mobilités والوكالة المستقلة للنقل بباريس RATP بتاريخ 27 جانفي 2025، تسلمت شركة النقل بتونس صباح أمس الأربعاء 25 جوان 2025 الدفعة الثانية والأخيرة من هذه الهبة التي تضم 85 حافلة من مجموع 165 حافلة بعد تسلّمها الدفعة الأولى بتاريخ 14 أفريل 2025.
إرادة سياسية صلبة
في هذا الخضم يشير متابعون إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية ما كانت لتتحقق دون إرادة سياسية صلبة عبّر عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة، مؤكدًا أنه من واجب الدولة أن تكون في خدمة المواطن، وأنه لا مجال للتراخي في محاسبة من أخل بواجبه أو أَهدر المال العام، وقد تم في هذا الإطار فتح عشرات ملفات الفساد المالي والإداري إلى جانب الشروع في تطهير المؤسسات العمومية، وتفعيل أجهزة الرقابة والمتابعة، وهو ما ساهم في تعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
كما يعتبر كثيرون أنه بالإضافة إلى المتابعة اليومية لسير دواليب الدولة، فإنّ تحركات الرئيس الميدانية ولقاءاته مع الوزراء والولاة والمواطنين تعكس تحوّلًا في نمط الحُكم، حيث أصبحت السياسة الاجتماعية والاقتصادية قضية مركزية لا هامشية بما يؤشر إلى القول بأن عودة الدولة لدورها المحوري، وتفعيل الإرادة السياسية، وتحرّك عجلة الاقتصاد والاجتماع والصحة جميعها مؤشرات تبعث على تحقيق التنمية المنشودة.
منال الحرزي
من دولة ظلت لسنوات تطارد الأزمات وتعاني من الضبابية الاقتصادية والتململ الاجتماعي والتحديات في عديد المجالات إلى دولة بدأت تستعيد عافيتها بثبات... هكذا يبدو المناخ العام في تونس الذي اقترن منذ فترة بمؤشرات إيجابية تؤكد التعافي والتدارك في أهم المجالات الحيوية تشمل الاجتماعي والاقتصادي، والصحي. وما يُميّز هذا التحسّن ليس فقط عودة التوازن في الأرقام في قطاعات واعدة، بل ما يدعمه من إرادة سياسية واضحة وحاسمة، اتخذت من العدالة الاجتماعية عنوانًا ومن محاربة الفساد ركيزة، ومن إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة هدفًا لها.
ورغم التحديات التي ما تزال قائمة، فإن ما تحقق اليوم، من تحسين في الخدمات الصحية، إلى تجديد في أسطول النقل العمومي، ومن تطور نسبي في المؤشرات الاقتصادية لعل أبرزها في المجال السياحي إلى توسيع في برامج الحماية الاجتماعية، يبعث برسالة واضحة مفادها أن تونس بصدد التعافي..
ففي قلب التحولات الجارية، يبرز المجال الاجتماعي كواحد من أبرز الجبهات التي شهدت تطورًا ملحوظًا. فخلال الأشهر الأخيرة، شرعت الدولة في إعادة هيكلة منظومة الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه الفعليين، إلى جانب توسيع قاعدة المنتفعين بالمنح والمساعدات الاجتماعية. كما أُطلقت عديد البرامج الموجهة لذوي الاحتياجات الخصوصية والعائلات المعوزة، مع اعتماد مقاربة تعتمد الشفافية والرقمنة في بعض المجالات مما خفف من مظاهر التهميش والبيروقراطية التي لطالما عانى منها المواطن، على أن الأهم هو تفعيل جانب الحماية الاجتماعية والقطع مع كافة أشكال التشغيل الهش، وهو ما تترجمه جملة من القرارات والخطوات الجريئة لعل أبرزها القطع كليًا مع قانون المناولة.
الكرامة الاجتماعية محور لكل إصلاح
وبالتوازي مع ذلك فقد تم تعزيز الخطاب السياسي بمضامين جديدة تؤكّد أن المسؤول في موقعه اليوم محاسَب لا محصَّن، وأن ثقافة الدولة تتغير نحو جعل الكرامة الاجتماعية محورًا لكل إصلاح.
أما في الحقل الاقتصادي، فلم تعد الأرقام مجسدة في التقارير فقط بل بدأت تنعكس على أرض الواقع. فقد شهدت قطاعات مثل الصناعات الغذائية والسياحة والخدمات تطورًا تدريجيًا مرفوقًا بعودة النشاط السياحي إلى نسقه شبه الطبيعي وتوسيع الأسواق أمام المنتجات التونسية، خاصة في إفريقيا وأوروبا. كما تشير تقارير إلى أن الصادرات التونسية سجلت نموًا بـ7 % خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، فيما بدأ الدينار يستعيد بعضًا من استقراره.
وهو ما يعبّر، وفقًا للبعض، عن نجاعة السياسات المالية والنقدية الجديدة، إضافة إلى حملات مكافحة التهريب والفساد التي استهدفت منظومات اقتصادية موازية كانت تكلّف الدولة ملايين الدنانير سنويًا. فبلغة الأرقام شهد الاقتصاد التونسي خلال النصف الأول من سنة 2025 تحسّنًا تدريجيًا، حيث سجّل نموًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.3 %، وفقًا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء. كما ارتفعت الصادرات بنسبة 7.1 %، خاصّة في قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية.
كما بيّنت بيانات البنك المركزي أن نسبة التضخم انخفضت من 10.1 % في بداية 2024 إلى 8.6 % في ماي 2025، كما استقرّ سعر صرف الدينار نسبيًا أمام العملات الأجنبية، وهو ما يعزز ثقة المستثمرين.
ويدعم كل هذا المسار توجه الدولة لمكافحة الاقتصاد الموازي، الذي كلّف الميزانية خسائر تجاوزت 4.5 مليار دينار سنويًا، بحسب تقارير رسمية. في هذا الجانب يرى متابعون أن هذه المؤشرات لم تأتِ من فراغ، بل نتيجة توفر إرادة سياسية تدفع نحو اقتصاد منتج لا ريعي، وتشجّع على المبادرة والاستثمار وتحفيز الشباب على الدخول في الدورة الاقتصادية، من خلال مشاريع التمويل الذاتي والاقتصاد التضامني.
من جهة أخرى لم يكن المجال الصحي بمنأى عن هذه الديناميكية الإيجابية. إذ تم منذ بداية السنة إطلاق برنامج لإعادة تأهيل المستشفيات العمومية، وتوفير المعدات الطبية الأساسية في أكثر من مستشفى جهوي، بالإضافة إلى تعزيز شبكة الرعاية الصحية الأولية في الجهات الداخلية.
كما شهد القطاع الصحي أيضًا تحسنًا على مستوى الاستجابة للأزمات والطوارئ، حيث أُحدثت وحدات استعجالية جديدة في عدد من الولايات، وتم دعم المستشفيات بالأدوية والإطارات الطبية، إلى جانب تسوية وضعيات مهنية ظلّت عالقة لسنوات.
وتُعدّ هذه الخطوات جزءًا من خطة وطنية شاملة لتقريب الخدمات الصحية من المواطن، وتجاوز الاخلالات التي كشفت عنها الأزمات الصحية السابقة، بما في ذلك جائحة كورونا.
وهو طرح يستمد شرعيته من الإشعاعات والنجاحات «الباهرة» التي ميزت مؤخرًا المستشفيات العمومية في اختصاصات دقيقة إلى جانب مدها بمعدات وتجهيزات طبية، ليتواصل هذا الإشعاع ليطال مجالات أخرى. فوفقًا لبيان صادر عن وزارة الصحة فإنه «وفي خطوة بارزة تعكس استعادة الديناميكية الصحية الإقليمية، ترأس وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، الاثنين 23 جوان 2025 بالقاهرة، الوفد التونسي المشارك في اجتماع لجنة القيادة الإقليمية للمركز الإفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC).
وقد تمّ، بإجماع الوزراء ورؤساء الوفود، اختيار تونس لترؤس المركز الإقليمي لشمال إفريقيا الذي سيكون مقره بالعاصمة المصرية القاهرة، في تأكيد على ثقة الدول الإفريقية في الدور التونسي وقدرته على الدفع بأجندة الصحّة العمومية نحو مزيد من التكامل والجاهزية بفضل توجيهات القيادة التونسية ورؤية رئيس الجمهورية قيس سعيّد».
وفي كلمته التي ألقاها بالمناسبة أكد وزير الصحة أن هذا الاختيار يُعدّ اعترافًا بمكانة تونس وجهودها المستمرة لتعزيز الأمن الصحي، خاصة بعد تعطّل تفعيل هذا المركز لقرابة عشر سنوات، مما يجعل من هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة لصياغة استراتيجيات صحّية موحدة وأكثر تأثيرًا في شمال إفريقيا.
من جانب آخر وضمن مسار التحسينات الاجتماعية والخدماتية، شهد قطاع النقل العمومي في تونس دفعة إيجابية خلال الفترة الأخيرة، تمثّلت في تجديد جزء من الأسطول الحضري والجهوي وتعزيز الربط بين عدد من المناطق الداخلية والعاصمة. فقد أعلنت وزارة النقل في وقت سابق عن اقتناء 300 حافلة جديدة سيتم توزيعها تدريجيًا على الشركات الجهوية للنقل، في إطار برنامج استثماري يهدف إلى تحسين جودة الخدمات وتقليص التأخير والمعاناة اليومية للمواطنين.
وفي هذا الجانب ووفقًا لبيان صادر عن وزارة النقل فإنه «تجسيمًا لما أذن به رئيس الجمهورية قيس سعيّد بخصوص ضرورة الإسراع في توريد عدد من الحافلات وعربات المترو للتخفيف من معاناة المواطنين في تنقلاتهم والعمل على معالجة قطاع النّقل العمومي الجماعي جذريّا وفق مقاربات جديدة تحفظ للمواطن التونسي حقوقه المشروعة في هذا المرفق الحيوي، تسلمت شركة نقل تونس الأربعاء 18 جوان 2025 بميناء حلق الوادي، الدفعة الأولى من الحافلات الجديدة التي تتضمّن 111 حافلة (60 مزدوجة و51 عادية)، قادمة من الصين.
وتأتي هذه الدفعة الأولى في إطار تنفيذ صفقة اقتناء شركة النّقل بتونس لـ300 حافلة جديدة من المصنّع الصيني والتي تم إمضاء عقدها في 13 ديسمبر 2024. بكل. ومن المنتظر أن تتسلّم الدفعة الثانية التي تتضمّن 189 حافلة خلال شهر جويلية 2025 حيث تمّ شحنها بتاريخ 11 جوان الجاري انطلاقًا من ميناء شيامن Xiamen بجنوب الصين.
كما أنه في إطار تنفيذ اتفاقية الهبة الممضاة بين شركة النقل بتونس ومؤسسة île-de-france mobilités والوكالة المستقلة للنقل بباريس RATP بتاريخ 27 جانفي 2025، تسلمت شركة النقل بتونس صباح أمس الأربعاء 25 جوان 2025 الدفعة الثانية والأخيرة من هذه الهبة التي تضم 85 حافلة من مجموع 165 حافلة بعد تسلّمها الدفعة الأولى بتاريخ 14 أفريل 2025.
إرادة سياسية صلبة
في هذا الخضم يشير متابعون إلى أن هذه المؤشرات الإيجابية ما كانت لتتحقق دون إرادة سياسية صلبة عبّر عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في أكثر من مناسبة، مؤكدًا أنه من واجب الدولة أن تكون في خدمة المواطن، وأنه لا مجال للتراخي في محاسبة من أخل بواجبه أو أَهدر المال العام، وقد تم في هذا الإطار فتح عشرات ملفات الفساد المالي والإداري إلى جانب الشروع في تطهير المؤسسات العمومية، وتفعيل أجهزة الرقابة والمتابعة، وهو ما ساهم في تعزيز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
كما يعتبر كثيرون أنه بالإضافة إلى المتابعة اليومية لسير دواليب الدولة، فإنّ تحركات الرئيس الميدانية ولقاءاته مع الوزراء والولاة والمواطنين تعكس تحوّلًا في نمط الحُكم، حيث أصبحت السياسة الاجتماعية والاقتصادية قضية مركزية لا هامشية بما يؤشر إلى القول بأن عودة الدولة لدورها المحوري، وتفعيل الإرادة السياسية، وتحرّك عجلة الاقتصاد والاجتماع والصحة جميعها مؤشرات تبعث على تحقيق التنمية المنشودة.