- تعطّل آلة التنقية في خطّ الإنتاج حال دون إنتاج أمصال معالجة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي لسنتين متتاليتين!
يعتبر معهد باستور بتونس أهم مصنّع في القارة الافريقية بل يكاد يكون الوحيد المتخصّص في إنتاج اللقاح المستخدم إفريقيا في الوقاية من مرض السلّ ومعالجة مرض سرطان المثانة.. وهذا اللقاح يعدّ من النجاحات التاريخية للمعهد والذي صنع صيته وأهميته طوال السنوات والعقود الفارطة، كما وأن لمعهد باستور نجاحات كبيرة في تطوير لقاحات وأمصال أخرى علاجية تعالج لسعات العقارب ولدغات الافاعي وخاصة داء الكلب الذي بذل المعهد في السنوات الأخيرة مجهودا لافتا في معالجة انتشار هذا المرض.
ولكن التقرير السنوي لمعهد باستور الأخير كشف عن تراجع عدد الجرعات المستخدمة في الوقاية من السلّ والتي يمكن تفسيرها بتراجع انتشار هذا المرض الخطير، كما كشف أيضا عن توقف بيع الأمصال العلاجية التي تعالج لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب وذلك خلال سنتي 2023 و2024 على التوالي نتيجة «تعطل آلة التنقية المستخدمة في خط الإنتاج».. وتعطّل الإنتاج لهذا السبب يطرح أكثر من سؤال خاصة في علاقة بالاعتمادات المرصودة للمعهد والامكانيات الموضوعة على ذمّته في وقت يعدّ معهد باستور منجزا ومكسبا وطنيا يجدر التفاخر به ودعمه في عالم أكّدت جائحة كورونا الأخيرة مدى حاجته لتطوير أبحاثه للوصول إلى لقاحات وأمصال جديدة تتنافس عليها الدول اليوم بشكل محموم، في حين تحتكم تونس على الكفاءات والقدرات وما ينقص هو الإمكانيات دائما ..
لقاحات مرض السلّ
كشف التقرير السنوي لمعهد باستور لسنة 2024 عن تراجع عدد جرعات لقاح (BCG) المستخدم للوقاية من مرض السل التي قام ببيعها المعهد بنسبة 40 بالمائة لتبلغ 12 ألفا و340 وحدة مقابل 20 ألفا و620 وحدة في عام 2023. وقال المعهد في تقريره وفق ما نقلته »وات «قيمة مبيعات هذا النوع من اللقاح 160 ألفا و420 دينارا العام الماضي مقابل 185 ألفا و580 دينارا في سنة 2023، بتراجع يفوق 25 ألف دينار.
لكن تراجع اللقاح المستخدم في علاج مرض السلّ شهد ارتفاعا طفيفا في استخدامه في العلاج المناعي ضد سرطان المثانة من حيث عدد الجرعات المباعة حيث بلغت 12 ألفا و332 وحدة في العام الماضي مقابل 11 ألفا و883 وحدة في سنة 2023، وحققت مبيعات هذا النوع من اللقاح قيمة تفوق 863 ألف دينار في العام الماضي مقابل أكثر من 831 ألف دينار في سنة 2023 وفق ما ذكره التقرير السنوي للمعهد .
وفي أواخر جانفي الماضي قال منسّق البرنامج الوطني لمكافحة السلّ والملاريا بإدارة الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة عبد الرؤوف المنصوري في تصريحات إعلامية إنّ البرنامج الوطني لمكافحة مرض السلّ (2015 - 2035) يرتكز على هدف «تونس خالية من السل» أنّ هذا التمشي يتم عبر رؤية تنطلق بكسر سلسلة العدوى عبر التشخيص المُبكّر للحالات التي تمرّ بالعيادات الخارجية بعد ظهور الأعراض والتقصي المبكّر للمحيطيْن العائلي والعملي، أمّا المرضى دون 5 سنوات فيتم توجيههم مباشرة للعلاج الوقائي. وقد كشف أنّه تمّ في سنة 2022 تسجيل 3264 حالة مريضة بالسلّ لتتراجع في 2023 وتبلغ 3114 حالة، وفي عام 2023تمّ تسجيل 1129 حالة مريضة بالسلّ الرئوي و1985 خارج الرئة، كما أكّد عبد الرؤوف المنصوري أنّ نسبة انتشار مرض السلّ في تونس متوسّطة حيث يتم تسجيل ما بين 20 و30 حالة على 100 ألف ساكن.
توفير الامكانيات
وفي ذات السياق كشف معهد باستور بتونس في تقريره السنوي عن توقف بيع الأمصال العلاجية التي تعالج لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب وذلك خلال سنتي 2023 و2024 على التوالي نتيجة «تعطل آلة التنقية في خط الإنتاج»، وقد أشار التقرير أن آلة التنقية التي تلعب دورا أساسيا في عملية تصنيع الأمصال قد تعرضت لأضرار فيزيائية وكيميائية بعد 20 سنة من النشاط مما تسبب في تآكلها وتراجع أدائها، وأدى إلى عدم مطابقتها لمعايير الجودة والسلامة المطلوبة، وقد شرع المعهد في تنفيذ برنامج شامل لإعادة تأهيل آلة التنقية بهدف استعادة ظروف الإنتاج المثلى وضمان الالتزام الكامل بالمعايير الدولية وفق ما أكّده التقرير.
وفقدان هذه الأمصال من السوق قد يشكّل خطرا خاصة في الصيف وهي الفترة التي تشهد ارتفاعا في عدد المصابين بلسعات العقارب ولدغات الافاعي وهو ما يستدعي حرصا على توفير الإمكانيات التقنية لوزارة الصحة ومن طرف كل شركاء المعهد حتى يعود خطّ الإنتاج إلى سالف نشاطه.
إلا أن تعطّل إنتاج بعض الأمصال وتراجع عملية بيع بعض اللقاحات لم يمنع تحقيق المعهد لبعض النجاحات منها دوره الحاسم في التصدّي لانتشار داء الكلب، حيث قالت المديرة العامة لمعهد باستور تونس سامية المنيف المراكشي في التقرير إن المعهد لعب دورا مركزيا في مكافحة داء الكلب من خلال دعم السلطات الصحية وتعزيز توزيع اللقاحات والمراقبة الوبائية بالإضافة إلى حملات التوعية المستمرة.
كما أشادت المراكشي بحصول المعهد على تجديد شهادة(ISO 9001)، التي تعكس التزامه بأعلى معايير الجودة والسلامة. ويذكر أن معهد باستور تونس يضم 18 مختبرا متخصصا تغطي مجالات الفيروسات، والكيمياء الحيوية، وأمراض الدم، والمناعة وغيرها.
متابعة
وكان وزير الصحة مصطفى الفرجاني قد عقد في ديسمبر الماضي اجتماعا لمتابعة نشاط وحدة إنتاج اللقاحات والأمصال العلاجية بمعهد باستور بتونس بحضور المديرة العامة للمعهد ومدير وحدة إنتاج اللقاحات لمناقشة وضعية تصنيع، وتعبئة، وتخزين اللقاحات والأمصال، بالإضافة إلى التطرق إلى الموارد البشرية واللوجستية المتاحة وإمكانية تعزيزها. كما أكّد الوزير على أهمية رقمنة مراحل التصنيع والتعبئة والتخزين وتعزيز الكوادر البشرية وزيادة الإنتاج وضمان استمراريته كما أعلن وزير الصحة أواخر شهر فيفري وبمناسبة زيارة كان أدّاها لمعهد باستور تونس عن انطلاق المعهد في انجاز بحوث لإنتاج التلاقيح بالحمض النووي، مؤكدا على ضرورة أن يساهم معهد باستور تونس في ضمان الاستقلالية في انتاج اللقاحات والأمصال العلاجية، مبيّنا أن بلوغ الاكتفاء الذاتي من التلاقيح والأمصال سيضمن توفير الاحتياجات الوطنية بما يقطع مع الحاجة إلى استيراد التلاقيح.
منية العرفاوي
- تعطّل آلة التنقية في خطّ الإنتاج حال دون إنتاج أمصال معالجة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي لسنتين متتاليتين!
يعتبر معهد باستور بتونس أهم مصنّع في القارة الافريقية بل يكاد يكون الوحيد المتخصّص في إنتاج اللقاح المستخدم إفريقيا في الوقاية من مرض السلّ ومعالجة مرض سرطان المثانة.. وهذا اللقاح يعدّ من النجاحات التاريخية للمعهد والذي صنع صيته وأهميته طوال السنوات والعقود الفارطة، كما وأن لمعهد باستور نجاحات كبيرة في تطوير لقاحات وأمصال أخرى علاجية تعالج لسعات العقارب ولدغات الافاعي وخاصة داء الكلب الذي بذل المعهد في السنوات الأخيرة مجهودا لافتا في معالجة انتشار هذا المرض.
ولكن التقرير السنوي لمعهد باستور الأخير كشف عن تراجع عدد الجرعات المستخدمة في الوقاية من السلّ والتي يمكن تفسيرها بتراجع انتشار هذا المرض الخطير، كما كشف أيضا عن توقف بيع الأمصال العلاجية التي تعالج لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب وذلك خلال سنتي 2023 و2024 على التوالي نتيجة «تعطل آلة التنقية المستخدمة في خط الإنتاج».. وتعطّل الإنتاج لهذا السبب يطرح أكثر من سؤال خاصة في علاقة بالاعتمادات المرصودة للمعهد والامكانيات الموضوعة على ذمّته في وقت يعدّ معهد باستور منجزا ومكسبا وطنيا يجدر التفاخر به ودعمه في عالم أكّدت جائحة كورونا الأخيرة مدى حاجته لتطوير أبحاثه للوصول إلى لقاحات وأمصال جديدة تتنافس عليها الدول اليوم بشكل محموم، في حين تحتكم تونس على الكفاءات والقدرات وما ينقص هو الإمكانيات دائما ..
لقاحات مرض السلّ
كشف التقرير السنوي لمعهد باستور لسنة 2024 عن تراجع عدد جرعات لقاح (BCG) المستخدم للوقاية من مرض السل التي قام ببيعها المعهد بنسبة 40 بالمائة لتبلغ 12 ألفا و340 وحدة مقابل 20 ألفا و620 وحدة في عام 2023. وقال المعهد في تقريره وفق ما نقلته »وات «قيمة مبيعات هذا النوع من اللقاح 160 ألفا و420 دينارا العام الماضي مقابل 185 ألفا و580 دينارا في سنة 2023، بتراجع يفوق 25 ألف دينار.
لكن تراجع اللقاح المستخدم في علاج مرض السلّ شهد ارتفاعا طفيفا في استخدامه في العلاج المناعي ضد سرطان المثانة من حيث عدد الجرعات المباعة حيث بلغت 12 ألفا و332 وحدة في العام الماضي مقابل 11 ألفا و883 وحدة في سنة 2023، وحققت مبيعات هذا النوع من اللقاح قيمة تفوق 863 ألف دينار في العام الماضي مقابل أكثر من 831 ألف دينار في سنة 2023 وفق ما ذكره التقرير السنوي للمعهد .
وفي أواخر جانفي الماضي قال منسّق البرنامج الوطني لمكافحة السلّ والملاريا بإدارة الرعاية الصحية الأساسية بوزارة الصحة عبد الرؤوف المنصوري في تصريحات إعلامية إنّ البرنامج الوطني لمكافحة مرض السلّ (2015 - 2035) يرتكز على هدف «تونس خالية من السل» أنّ هذا التمشي يتم عبر رؤية تنطلق بكسر سلسلة العدوى عبر التشخيص المُبكّر للحالات التي تمرّ بالعيادات الخارجية بعد ظهور الأعراض والتقصي المبكّر للمحيطيْن العائلي والعملي، أمّا المرضى دون 5 سنوات فيتم توجيههم مباشرة للعلاج الوقائي. وقد كشف أنّه تمّ في سنة 2022 تسجيل 3264 حالة مريضة بالسلّ لتتراجع في 2023 وتبلغ 3114 حالة، وفي عام 2023تمّ تسجيل 1129 حالة مريضة بالسلّ الرئوي و1985 خارج الرئة، كما أكّد عبد الرؤوف المنصوري أنّ نسبة انتشار مرض السلّ في تونس متوسّطة حيث يتم تسجيل ما بين 20 و30 حالة على 100 ألف ساكن.
توفير الامكانيات
وفي ذات السياق كشف معهد باستور بتونس في تقريره السنوي عن توقف بيع الأمصال العلاجية التي تعالج لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب وذلك خلال سنتي 2023 و2024 على التوالي نتيجة «تعطل آلة التنقية في خط الإنتاج»، وقد أشار التقرير أن آلة التنقية التي تلعب دورا أساسيا في عملية تصنيع الأمصال قد تعرضت لأضرار فيزيائية وكيميائية بعد 20 سنة من النشاط مما تسبب في تآكلها وتراجع أدائها، وأدى إلى عدم مطابقتها لمعايير الجودة والسلامة المطلوبة، وقد شرع المعهد في تنفيذ برنامج شامل لإعادة تأهيل آلة التنقية بهدف استعادة ظروف الإنتاج المثلى وضمان الالتزام الكامل بالمعايير الدولية وفق ما أكّده التقرير.
وفقدان هذه الأمصال من السوق قد يشكّل خطرا خاصة في الصيف وهي الفترة التي تشهد ارتفاعا في عدد المصابين بلسعات العقارب ولدغات الافاعي وهو ما يستدعي حرصا على توفير الإمكانيات التقنية لوزارة الصحة ومن طرف كل شركاء المعهد حتى يعود خطّ الإنتاج إلى سالف نشاطه.
إلا أن تعطّل إنتاج بعض الأمصال وتراجع عملية بيع بعض اللقاحات لم يمنع تحقيق المعهد لبعض النجاحات منها دوره الحاسم في التصدّي لانتشار داء الكلب، حيث قالت المديرة العامة لمعهد باستور تونس سامية المنيف المراكشي في التقرير إن المعهد لعب دورا مركزيا في مكافحة داء الكلب من خلال دعم السلطات الصحية وتعزيز توزيع اللقاحات والمراقبة الوبائية بالإضافة إلى حملات التوعية المستمرة.
كما أشادت المراكشي بحصول المعهد على تجديد شهادة(ISO 9001)، التي تعكس التزامه بأعلى معايير الجودة والسلامة. ويذكر أن معهد باستور تونس يضم 18 مختبرا متخصصا تغطي مجالات الفيروسات، والكيمياء الحيوية، وأمراض الدم، والمناعة وغيرها.
متابعة
وكان وزير الصحة مصطفى الفرجاني قد عقد في ديسمبر الماضي اجتماعا لمتابعة نشاط وحدة إنتاج اللقاحات والأمصال العلاجية بمعهد باستور بتونس بحضور المديرة العامة للمعهد ومدير وحدة إنتاج اللقاحات لمناقشة وضعية تصنيع، وتعبئة، وتخزين اللقاحات والأمصال، بالإضافة إلى التطرق إلى الموارد البشرية واللوجستية المتاحة وإمكانية تعزيزها. كما أكّد الوزير على أهمية رقمنة مراحل التصنيع والتعبئة والتخزين وتعزيز الكوادر البشرية وزيادة الإنتاج وضمان استمراريته كما أعلن وزير الصحة أواخر شهر فيفري وبمناسبة زيارة كان أدّاها لمعهد باستور تونس عن انطلاق المعهد في انجاز بحوث لإنتاج التلاقيح بالحمض النووي، مؤكدا على ضرورة أن يساهم معهد باستور تونس في ضمان الاستقلالية في انتاج اللقاحات والأمصال العلاجية، مبيّنا أن بلوغ الاكتفاء الذاتي من التلاقيح والأمصال سيضمن توفير الاحتياجات الوطنية بما يقطع مع الحاجة إلى استيراد التلاقيح.