إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025.. الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي تقترب من 19 مليار دينار

 

  • ألمانيا تحقق قفزة كبيرة في استيراد المنتوجات التونسية مقابل تراجعها مع إيطاليا

شهدت الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، حيث بلغت قيمتها 18866,6 مليون دينار (م د) مقابل 18799,7 م د، وفقًا للمعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. يشكل هذا الرقم نسبة 70.3 % من إجمالي الصادرات التونسية، مما يعكس الدور المحوري الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي رئيسي لتونس.

وعرفت صادرات تونس ارتفاعًا ملحوظًا مع عدد من الشركاء الأوروبيين خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025، ومن أبرزها ألمانيا، التي حققت قفزة نوعية بنسبة +16,9 %، ويُعزى هذا النمو إلى تعزيز العلاقات التجارية مع ألمانيا، خاصة في قطاعات الصناعات الميكانيكية والكهربائية، التي تمثل جزءًا كبيرًا من الصادرات التونسية. كما أن السوق الألمانية تعد من الأسواق التي تركز على الجودة، ما يعكس تحسن تنافسية المنتجات التونسية.

وارتفعت الصادرات مع فرنسا بنسبة +3,4 % التي تعد الشريك الاقتصادي الأول لتونس، ورغم أن الزيادة تبدو متواضعة مقارنة بألمانيا، إلا أنها تعكس استقرار العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة في مجالات الصناعات الغذائية والنسيج، كما شهدت الصادرات التونسية ارتفاعًا بنسبة +13,5 % مع هولندا، والتي أصبحت أكثر جذبًا للمنتجات التونسية، خاصة في مجال المنتجات الزراعية والغذائية، ما يعكس نجاح تونس في تنويع أسواقها ضمن الاتحاد الأوروبي.

ورغم الارتفاع الإجمالي، إلا أن الصادرات مع بعض الدول الأوروبية سجلت تراجعًا، حيث انخفضت الصادرات بنسبة -6,5 % مع إيطاليا، وإسبانيا التي شهدت الصادرات معها انخفاضًا حادًا بنسبة -30,8 %، ويُعزى ذلك إلى عوامل متعددة، مثل اضطرابات في سلاسل التوريد أو تغيرات في سياسات الاستيراد الإسبانية، مما أثر بشكل كبير على التبادل التجاري.

دعم الميزان التجاري

ويسهم ارتفاع الصادرات مع الاتحاد الأوروبي في تحسين الميزان التجاري لتونس، الذي يعاني عادة من عجز نتيجة ارتفاع الواردات. إذ أن زيادة الصادرات تعني دخول عملة صعبة إلى البلاد، مما يدعم احتياطات النقد الأجنبي ويساهم في استقرار الدينار التونسي.

ويعد الاتحاد الأوروبي سوقًا رئيسيًا للعديد من القطاعات التونسية مثل النسيج، الصناعات الميكانيكية والكهربائية، والصناعات الغذائية. ويعكس ارتفاع الصادرات أداءً إيجابيًا لهذه القطاعات، مما يساهم في توفير فرص عمل وزيادة الإنتاجية.

ورغم أن نسبة كبيرة من الصادرات التونسية تذهب إلى فرنسا، إلا أن النمو الملحوظ في الصادرات إلى ألمانيا وهولندا يشير إلى نجاح تونس في تنويع أسواقها داخل الاتحاد الأوروبي. هذا التنويع يقلل من اعتماد الاقتصاد التونسي على سوق واحدة، مما يجعله أكثر مرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية، كما إن ارتفاع الصادرات يعكس تحسن جودة المنتجات التونسية وزيادة قدرتها التنافسية، مما قد يشجع المستثمرين الأوروبيين على التوجه إلى تونس للاستفادة من الفرص المتاحة في السوق المحلية.

تراجع الصادرات مع بعض الدول

ورغم النمو العام، فإن التراجع الكبير في الصادرات إلى إيطاليا وإسبانيا يشكل تحديًا. إذ قد يؤثر ذلك على بعض القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على هذين السوقين، مما يستدعي إعادة تقييم السياسات التصديرية وتعزيز العلاقات مع هذه الدول. ورغم أن الاتحاد الأوروبي يمثل شريكًا استراتيجيًا لتونس، إلا أن الاعتماد الكبير عليه (70.3 % من إجمالي الصادرات) يجعل الاقتصاد التونسي عرضة لتقلبات الطلب في السوق الأوروبية. وينصح خبراء الاقتصاد بضرورة تنويع الشراكات التجارية مع أسواق أخرى مثل إفريقيا وآسيا، خصوصا وأن التقلبات في سلاسل التوريد العالمية، في ظل الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، قد تؤثر على قدرة تونس على تلبية الطلب الأوروبي بشكل مستدام.

استراتيجية للنهوض بالصادرات التونسية

وتسعى الحكومة التونسية، اليوم، إلى تعزيز الصادرات كركيزة أساسية لدفع الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو المستدام، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. تأتي هذه الاستراتيجية استجابة للحاجة الملحة لتنويع الأسواق، تحسين التنافسية، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات التونسية. وتتمحور جهود الحكومة حول عدد من المحاور الرئيسية التي تهدف إلى تمكين تونس من تحقيق نقلة نوعية في صادراتها خلال السنوات القادمة.

وتركز الحكومة على تقليل الاعتماد المفرط على الاتحاد الأوروبي، الذي يستحوذ على أكثر من 70 % من الصادرات التونسية، من خلال فتح أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ويتم ذلك عبر تعزيز العلاقات التجارية الثنائية وتوقيع اتفاقيات تبادل حر جديدة مع دول واعدة مثل دول إفريقيا جنوب الصحراء، التي تمثل سوقًا متنامية للمنتجات التونسية، خاصة في قطاعات الصناعات الغذائية والمنتجات الزراعية.

كما تعمل الحكومة على تشجيع تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تتمتع بميزة تنافسية في الأسواق الدولية، مثل الصناعات التكنولوجية، الطاقات المتجددة، والصناعات الدوائية. كما تسعى إلى تحديث القطاعات التقليدية مثل النسيج والصناعات الغذائية عبر تبني التقنيات الحديثة وتعزيز الابتكار والجودة.

وتمثل البنية التحتية اللوجستية عنصراً حاسمًا في تسهيل التجارة الخارجية. لذلك، تسعى الاستراتيجية الجديدة إلى تطوير الموانئ، تحسين شبكات النقل، وتبني الرقمنة في العمليات الجمركية لتسريع الإجراءات وتقليل التكاليف، مما يجعل المنتجات التونسية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.

وتولي الحكومة أهمية كبرى لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد التونسي. تشمل هذه الجهود توفير برامج تدريبية لتحسين قدراتها الإنتاجية والتصديرية، تقديم حوافز مالية مثل القروض الميسرة، ودعمها في المشاركة في المعارض الدولية للترويج للمنتجات التونسية.

كما تعمل الحكومة على إصلاح الإطار القانوني المرتبط بالتجارة الخارجية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، تخفيف القيود البيروقراطية، وتسهيل الوصول إلى التمويل. كما تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تساهم في تعزيز الصادرات. ومن خلال هذه الاستراتيجيات، تهدف الحكومة إلى تحقيق نمو مستدام للصادرات، تحسين الميزان التجاري، وتعزيز مكانة تونس كفاعل اقتصادي إقليمي ودولي.

ويمثل ارتفاع صادرات تونس مع الاتحاد الأوروبي إلى حوالي 19 مليار دينار خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 مؤشرًا إيجابيًا على تحسن أداء الاقتصاد التونسي. ورغم وجود تحديات مثل انخفاض الصادرات مع بعض الشركاء الأوروبيين، إلا أن هذا النمو يعكس قدرة تونس على تعزيز مكانتها في السوق الأوروبية.

ومن المهم أن تعمل تونس على تنويع أسواقها وشركائها التجاريين، مع التركيز على تطوير القطاعات الإنتاجية وتعزيز تنافسيتها. كما أن تحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية سيعزز قدرة الاقتصاد التونسي على الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق العالمية.

سفيان المهداوي

خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2025..   الصادرات التونسية نحو الاتحاد الأوروبي تقترب من 19 مليار دينار

 

  • ألمانيا تحقق قفزة كبيرة في استيراد المنتوجات التونسية مقابل تراجعها مع إيطاليا

شهدت الصادرات التونسية مع الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 ارتفاعًا طفيفًا مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، حيث بلغت قيمتها 18866,6 مليون دينار (م د) مقابل 18799,7 م د، وفقًا للمعطيات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء. يشكل هذا الرقم نسبة 70.3 % من إجمالي الصادرات التونسية، مما يعكس الدور المحوري الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي رئيسي لتونس.

وعرفت صادرات تونس ارتفاعًا ملحوظًا مع عدد من الشركاء الأوروبيين خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025، ومن أبرزها ألمانيا، التي حققت قفزة نوعية بنسبة +16,9 %، ويُعزى هذا النمو إلى تعزيز العلاقات التجارية مع ألمانيا، خاصة في قطاعات الصناعات الميكانيكية والكهربائية، التي تمثل جزءًا كبيرًا من الصادرات التونسية. كما أن السوق الألمانية تعد من الأسواق التي تركز على الجودة، ما يعكس تحسن تنافسية المنتجات التونسية.

وارتفعت الصادرات مع فرنسا بنسبة +3,4 % التي تعد الشريك الاقتصادي الأول لتونس، ورغم أن الزيادة تبدو متواضعة مقارنة بألمانيا، إلا أنها تعكس استقرار العلاقات التجارية بين البلدين، خاصة في مجالات الصناعات الغذائية والنسيج، كما شهدت الصادرات التونسية ارتفاعًا بنسبة +13,5 % مع هولندا، والتي أصبحت أكثر جذبًا للمنتجات التونسية، خاصة في مجال المنتجات الزراعية والغذائية، ما يعكس نجاح تونس في تنويع أسواقها ضمن الاتحاد الأوروبي.

ورغم الارتفاع الإجمالي، إلا أن الصادرات مع بعض الدول الأوروبية سجلت تراجعًا، حيث انخفضت الصادرات بنسبة -6,5 % مع إيطاليا، وإسبانيا التي شهدت الصادرات معها انخفاضًا حادًا بنسبة -30,8 %، ويُعزى ذلك إلى عوامل متعددة، مثل اضطرابات في سلاسل التوريد أو تغيرات في سياسات الاستيراد الإسبانية، مما أثر بشكل كبير على التبادل التجاري.

دعم الميزان التجاري

ويسهم ارتفاع الصادرات مع الاتحاد الأوروبي في تحسين الميزان التجاري لتونس، الذي يعاني عادة من عجز نتيجة ارتفاع الواردات. إذ أن زيادة الصادرات تعني دخول عملة صعبة إلى البلاد، مما يدعم احتياطات النقد الأجنبي ويساهم في استقرار الدينار التونسي.

ويعد الاتحاد الأوروبي سوقًا رئيسيًا للعديد من القطاعات التونسية مثل النسيج، الصناعات الميكانيكية والكهربائية، والصناعات الغذائية. ويعكس ارتفاع الصادرات أداءً إيجابيًا لهذه القطاعات، مما يساهم في توفير فرص عمل وزيادة الإنتاجية.

ورغم أن نسبة كبيرة من الصادرات التونسية تذهب إلى فرنسا، إلا أن النمو الملحوظ في الصادرات إلى ألمانيا وهولندا يشير إلى نجاح تونس في تنويع أسواقها داخل الاتحاد الأوروبي. هذا التنويع يقلل من اعتماد الاقتصاد التونسي على سوق واحدة، مما يجعله أكثر مرونة في مواجهة الأزمات الاقتصادية، كما إن ارتفاع الصادرات يعكس تحسن جودة المنتجات التونسية وزيادة قدرتها التنافسية، مما قد يشجع المستثمرين الأوروبيين على التوجه إلى تونس للاستفادة من الفرص المتاحة في السوق المحلية.

تراجع الصادرات مع بعض الدول

ورغم النمو العام، فإن التراجع الكبير في الصادرات إلى إيطاليا وإسبانيا يشكل تحديًا. إذ قد يؤثر ذلك على بعض القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على هذين السوقين، مما يستدعي إعادة تقييم السياسات التصديرية وتعزيز العلاقات مع هذه الدول. ورغم أن الاتحاد الأوروبي يمثل شريكًا استراتيجيًا لتونس، إلا أن الاعتماد الكبير عليه (70.3 % من إجمالي الصادرات) يجعل الاقتصاد التونسي عرضة لتقلبات الطلب في السوق الأوروبية. وينصح خبراء الاقتصاد بضرورة تنويع الشراكات التجارية مع أسواق أخرى مثل إفريقيا وآسيا، خصوصا وأن التقلبات في سلاسل التوريد العالمية، في ظل الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية، قد تؤثر على قدرة تونس على تلبية الطلب الأوروبي بشكل مستدام.

استراتيجية للنهوض بالصادرات التونسية

وتسعى الحكومة التونسية، اليوم، إلى تعزيز الصادرات كركيزة أساسية لدفع الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو المستدام، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. تأتي هذه الاستراتيجية استجابة للحاجة الملحة لتنويع الأسواق، تحسين التنافسية، وزيادة القيمة المضافة للمنتجات التونسية. وتتمحور جهود الحكومة حول عدد من المحاور الرئيسية التي تهدف إلى تمكين تونس من تحقيق نقلة نوعية في صادراتها خلال السنوات القادمة.

وتركز الحكومة على تقليل الاعتماد المفرط على الاتحاد الأوروبي، الذي يستحوذ على أكثر من 70 % من الصادرات التونسية، من خلال فتح أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. ويتم ذلك عبر تعزيز العلاقات التجارية الثنائية وتوقيع اتفاقيات تبادل حر جديدة مع دول واعدة مثل دول إفريقيا جنوب الصحراء، التي تمثل سوقًا متنامية للمنتجات التونسية، خاصة في قطاعات الصناعات الغذائية والمنتجات الزراعية.

كما تعمل الحكومة على تشجيع تطوير القطاعات ذات القيمة المضافة العالية والتي تتمتع بميزة تنافسية في الأسواق الدولية، مثل الصناعات التكنولوجية، الطاقات المتجددة، والصناعات الدوائية. كما تسعى إلى تحديث القطاعات التقليدية مثل النسيج والصناعات الغذائية عبر تبني التقنيات الحديثة وتعزيز الابتكار والجودة.

وتمثل البنية التحتية اللوجستية عنصراً حاسمًا في تسهيل التجارة الخارجية. لذلك، تسعى الاستراتيجية الجديدة إلى تطوير الموانئ، تحسين شبكات النقل، وتبني الرقمنة في العمليات الجمركية لتسريع الإجراءات وتقليل التكاليف، مما يجعل المنتجات التونسية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.

وتولي الحكومة أهمية كبرى لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد التونسي. تشمل هذه الجهود توفير برامج تدريبية لتحسين قدراتها الإنتاجية والتصديرية، تقديم حوافز مالية مثل القروض الميسرة، ودعمها في المشاركة في المعارض الدولية للترويج للمنتجات التونسية.

كما تعمل الحكومة على إصلاح الإطار القانوني المرتبط بالتجارة الخارجية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، تخفيف القيود البيروقراطية، وتسهيل الوصول إلى التمويل. كما تسعى إلى تحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تساهم في تعزيز الصادرات. ومن خلال هذه الاستراتيجيات، تهدف الحكومة إلى تحقيق نمو مستدام للصادرات، تحسين الميزان التجاري، وتعزيز مكانة تونس كفاعل اقتصادي إقليمي ودولي.

ويمثل ارتفاع صادرات تونس مع الاتحاد الأوروبي إلى حوالي 19 مليار دينار خلال الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2025 مؤشرًا إيجابيًا على تحسن أداء الاقتصاد التونسي. ورغم وجود تحديات مثل انخفاض الصادرات مع بعض الشركاء الأوروبيين، إلا أن هذا النمو يعكس قدرة تونس على تعزيز مكانتها في السوق الأوروبية.

ومن المهم أن تعمل تونس على تنويع أسواقها وشركائها التجاريين، مع التركيز على تطوير القطاعات الإنتاجية وتعزيز تنافسيتها. كما أن تحسين البنية التحتية والخدمات اللوجستية سيعزز قدرة الاقتصاد التونسي على الاستفادة من الفرص المتاحة في الأسواق العالمية.

سفيان المهداوي