بفضل الإجراءات الأخيرة.. صادرات الفسفاط ومشتقاته تسجل ارتفاعا بأكثر من 12%
مقالات الصباح
◄ مشاريع كبرى قيد الانجاز وتوقعات بارتفاع الإنتاج نهاية العام
شهد قطاع الفسفاط ومشتقاته في تونس تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث سجلت الصادرات ارتفاعًا بنسبة 12.9 % مع نهاية شهر ماي 2025، وفقًا لمعهد الإحصاء الوطني. هذا الارتفاع يعكس ديناميكية جديدة في هذا القطاع الحيوي الذي يُعدّ من أبرز ركائز الاقتصاد الوطني، إذ يمثل مصدرًا هامًا للعملة الصعبة ومحركًا رئيسيًا للنشاط الاقتصادي.
ومع الإجراءات الحكومية الأخيرة التي بدأت تؤتي ثمارها، يتقدم القطاع بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف طموحة تعزز موقع تونس كمورد رئيسي للفسفاط ومشتقاته على المستوى العالمي.
طفرة في الاستثمارات والمعدات
وضمن الجهود المبذولة لدعم الإنتاجية، أطلقت شركة فسفاط قفصة برنامجًا طموحًا للاستثمار بقيمة 233 مليون دينار خلال عام 2025، وذلك وفق ما كشف عنه مصدر مسؤول من شركة فسفاط قفصة لـ«الصباح». ويهدف هذا البرنامج وفق ذات المصدر إلى تأهيل المعدات، بما يشمل اقتناء 19 شاحنة، 5 محملات، 2 حفارات، و7 كاسحات. هذه الاستثمارات ليست مجرد تحسين في البنية التحتية، بل خطوة إستراتيجية نحو رفع الطاقة الإنتاجية إلى 5 ملايين طن سنويًا مع نهاية 2025 و2026.
وهذا التحديث في المعدات والآليات يعكس رؤية واضحة لاستعادة الزخم الذي كان يتمتع به القطاع سابقا، خاصة بعد سنوات من التراجع بسبب تحديات اجتماعية واقتصادية. كما أن هذه الخطوة تمثل حجر الزاوية لتحقيق أهداف الإنتاج المستقبلية، حيث تعد المعدات الحديثة ضرورية لضمان استمرارية الإنتاج بكفاءة وجودة عالية.
خطة طموحة لتطوير القطاع
وفي إطار رؤية إستراتيجية شاملة، أبرمت الحكومة خطة تطوير للفترة 2025-2030 تهدف إلى تحقيق إنتاجية تصل إلى 14 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. تشمل هذه الخطة مجموعة من المشاريع الكبرى التي تستهدف تحسين الطاقة الإنتاجية والنقل والتصنيع. ومن أبرز هذه المشاريع، تطوير شبكة السكك الحديدية، حيث تعتبر عملية نقل الفسفاط واحدة من أكبر التحديات التي تواجه القطاع. لذلك، تم تخصيص استثمارات كبيرة لتحديث، وتوسيع شبكة السكك الحديدية، مما يسهم في تقليص تكاليف النقل ورفع كفاءته، وإنشاء وحدات إنتاج جديدة، كما تُخطط الحكومة لإنشاء وحدات إنتاج الأحماض الفسفورية ومشتقاتها، مما يعزز القيمة المضافة للفسفاط الخام ويزيد من تنافسيته في الأسواق العالمية.
هذه الخطة الطموحة لا تقتصر على رفع الإنتاج فحسب، بل تهدف أيضًا إلى زيادة نشاط «المجمع الكيميائي التونسي» ليصل إلى 80 % من طاقته التصميمية بحلول عام 2028، ما يعني تحسنًا ملحوظًا في عمليات التصنيع واستغلال الموارد.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني
الارتفاع في صادرات الفسفاط ومشتقاته له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد التونسي. فمن جهة، يُسهم هذا النمو في تحسين الإيرادات الوطنية من العملة الصعبة، مما يساعد على تقليص العجز التجاري وتعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي. ومن جهة أخرى، يُعد قطاع الفسفاط محركًا للنشاط في القطاعات المرتبطة به مثل النقل، والطاقة، والصناعة الكيميائية.
علاوة على ذلك، فإن تطوير القطاع يدعم استقرار المناطق التي تعتمد على نشاط الحوض المنجمي، مثل قفصة. إذ توفر الاستثمارات الجديدة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يساهم في تهدئة التوترات الاجتماعية وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي في تلك المناطق.
ورغم الإنجازات المحققة، يواجه قطاع الفسفاط تحديات كبيرة، أبرزها الجانب البيئي، حيث يمثل التعامل مع النفايات الناتجة عن استخراج وتصنيع الفسفاط، وخاصة «الفوسفوجيبس»، تحديًا رئيسيًا. ورغم الجهود المبذولة لإعادة تدوير هذه النفايات، لا تزال هناك تحفظات من بعض الجهات البيئية بشأن آثارها على المحيط.
من ناحية أخرى، يتطلب الحفاظ على استقرار القطاع معالجة القضايا الاجتماعية في مناطق الإنتاج، خاصة في الحوض المنجمي. لذلك، تعمل الحكومة على تعزيز الحوار مع المجتمعات المحلية وتوفير فرص عمل جديدة، مما يعزز مناخ الاستقرار ويساعد على تحقيق أهداف الإنتاج.
آفاق دولية جديدة
من أبرز المؤشرات الإيجابية أيضا توجّه تونس إلى تنويع أسواقها التصديرية. فإلى جانب الشركاء التقليديين مثل الهند وتركيا والبرازيل، بدأت تونس تطرق أبواب أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا. ووفق مصادر مطلعة، فإن اتصالات متقدمة تجري حاليًا مع شركاء في نيجيريا وبنغلادش والفلبين، لتوريد مشتقات الفسفاط التونسي. هذا الانفتاح يعزز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية، ويفتح آفاقا إستراتيجية لتوسيع الحضور التونسي في السوق العالمية، خاصة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الأسمدة الفسفاطية نتيجة التغيرات المناخية، وازدياد الحاجة للأمن الغذائي في عدة مناطق من العالم.
نجاعة الإجراءات الحكومية
الإجراءات الحكومية الأخيرة أثبتت نجاعتها في دفع القطاع نحو التعافي، فمن خلال التركيز على تحديث المعدات، وتطوير البنية التحتية، وتحفيز الإنتاجية، نجح القطاع في تسجيل نتائج إيجابية بعد سنوات من التراجع. كما أن التزام الحكومة بتطبيق خطة تطوير شاملة يعكس إرادة قوية لاستعادة مكانة تونس كواحدة من أبرز مصدري الفسفاط عالميًا.
وبحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد، فقد ساهم قطاع الفسفاط خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة في تغطية حوالي 5.7 % من العجز التجاري، وهو ما يعد تطورا ملحوظاً مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية. كما يتوقع أن يساهم القطاع بنسبة لا تقل عن 8 % من إجمالي الصادرات في نهاية 2025، وهو ما يُبرز مكانته كرافعة حقيقية للاقتصاد.
ومع تحقيق نمو بنسبة 12.9 % في صادرات الفسفاط ومشتقاته حتى ماي 2025، يفتح هذا القطاع آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي في تونس. وتظل التحديات قائمة، إلا أن التزام الحكومة والشركات المعنية بتطوير القطاع يعزز الثقة في قدرته على تجاوز العقبات وتحقيق أهدافه الطموحة.
إن التحول الذي يشهده قطاع الفسفاط ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو قصة نجاح تعكس قدرة تونس على الاستفادة من مواردها الطبيعية لتأمين مستقبل اقتصادي مستدام. ومع استمرارية هذه الجهود، يبدو أن قطاع الفسفاط في طريقه ليصبح مجددا ركيزة أساسية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتحقيق رفاهية المجتمع خلال الفترة القليلة القادمة، بما يعزز موارد الدولة الذاتية، ويفتح آفاقا اقتصادية واعدة لتونس.
سفيان المهداوي
◄ مشاريع كبرى قيد الانجاز وتوقعات بارتفاع الإنتاج نهاية العام
شهد قطاع الفسفاط ومشتقاته في تونس تطورات ملحوظة في الآونة الأخيرة، حيث سجلت الصادرات ارتفاعًا بنسبة 12.9 % مع نهاية شهر ماي 2025، وفقًا لمعهد الإحصاء الوطني. هذا الارتفاع يعكس ديناميكية جديدة في هذا القطاع الحيوي الذي يُعدّ من أبرز ركائز الاقتصاد الوطني، إذ يمثل مصدرًا هامًا للعملة الصعبة ومحركًا رئيسيًا للنشاط الاقتصادي.
ومع الإجراءات الحكومية الأخيرة التي بدأت تؤتي ثمارها، يتقدم القطاع بخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف طموحة تعزز موقع تونس كمورد رئيسي للفسفاط ومشتقاته على المستوى العالمي.
طفرة في الاستثمارات والمعدات
وضمن الجهود المبذولة لدعم الإنتاجية، أطلقت شركة فسفاط قفصة برنامجًا طموحًا للاستثمار بقيمة 233 مليون دينار خلال عام 2025، وذلك وفق ما كشف عنه مصدر مسؤول من شركة فسفاط قفصة لـ«الصباح». ويهدف هذا البرنامج وفق ذات المصدر إلى تأهيل المعدات، بما يشمل اقتناء 19 شاحنة، 5 محملات، 2 حفارات، و7 كاسحات. هذه الاستثمارات ليست مجرد تحسين في البنية التحتية، بل خطوة إستراتيجية نحو رفع الطاقة الإنتاجية إلى 5 ملايين طن سنويًا مع نهاية 2025 و2026.
وهذا التحديث في المعدات والآليات يعكس رؤية واضحة لاستعادة الزخم الذي كان يتمتع به القطاع سابقا، خاصة بعد سنوات من التراجع بسبب تحديات اجتماعية واقتصادية. كما أن هذه الخطوة تمثل حجر الزاوية لتحقيق أهداف الإنتاج المستقبلية، حيث تعد المعدات الحديثة ضرورية لضمان استمرارية الإنتاج بكفاءة وجودة عالية.
خطة طموحة لتطوير القطاع
وفي إطار رؤية إستراتيجية شاملة، أبرمت الحكومة خطة تطوير للفترة 2025-2030 تهدف إلى تحقيق إنتاجية تصل إلى 14 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030. تشمل هذه الخطة مجموعة من المشاريع الكبرى التي تستهدف تحسين الطاقة الإنتاجية والنقل والتصنيع. ومن أبرز هذه المشاريع، تطوير شبكة السكك الحديدية، حيث تعتبر عملية نقل الفسفاط واحدة من أكبر التحديات التي تواجه القطاع. لذلك، تم تخصيص استثمارات كبيرة لتحديث، وتوسيع شبكة السكك الحديدية، مما يسهم في تقليص تكاليف النقل ورفع كفاءته، وإنشاء وحدات إنتاج جديدة، كما تُخطط الحكومة لإنشاء وحدات إنتاج الأحماض الفسفورية ومشتقاتها، مما يعزز القيمة المضافة للفسفاط الخام ويزيد من تنافسيته في الأسواق العالمية.
هذه الخطة الطموحة لا تقتصر على رفع الإنتاج فحسب، بل تهدف أيضًا إلى زيادة نشاط «المجمع الكيميائي التونسي» ليصل إلى 80 % من طاقته التصميمية بحلول عام 2028، ما يعني تحسنًا ملحوظًا في عمليات التصنيع واستغلال الموارد.
انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الوطني
الارتفاع في صادرات الفسفاط ومشتقاته له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد التونسي. فمن جهة، يُسهم هذا النمو في تحسين الإيرادات الوطنية من العملة الصعبة، مما يساعد على تقليص العجز التجاري وتعزيز احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي. ومن جهة أخرى، يُعد قطاع الفسفاط محركًا للنشاط في القطاعات المرتبطة به مثل النقل، والطاقة، والصناعة الكيميائية.
علاوة على ذلك، فإن تطوير القطاع يدعم استقرار المناطق التي تعتمد على نشاط الحوض المنجمي، مثل قفصة. إذ توفر الاستثمارات الجديدة فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، مما يساهم في تهدئة التوترات الاجتماعية وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي في تلك المناطق.
ورغم الإنجازات المحققة، يواجه قطاع الفسفاط تحديات كبيرة، أبرزها الجانب البيئي، حيث يمثل التعامل مع النفايات الناتجة عن استخراج وتصنيع الفسفاط، وخاصة «الفوسفوجيبس»، تحديًا رئيسيًا. ورغم الجهود المبذولة لإعادة تدوير هذه النفايات، لا تزال هناك تحفظات من بعض الجهات البيئية بشأن آثارها على المحيط.
من ناحية أخرى، يتطلب الحفاظ على استقرار القطاع معالجة القضايا الاجتماعية في مناطق الإنتاج، خاصة في الحوض المنجمي. لذلك، تعمل الحكومة على تعزيز الحوار مع المجتمعات المحلية وتوفير فرص عمل جديدة، مما يعزز مناخ الاستقرار ويساعد على تحقيق أهداف الإنتاج.
آفاق دولية جديدة
من أبرز المؤشرات الإيجابية أيضا توجّه تونس إلى تنويع أسواقها التصديرية. فإلى جانب الشركاء التقليديين مثل الهند وتركيا والبرازيل، بدأت تونس تطرق أبواب أسواق جديدة في إفريقيا جنوب الصحراء، وجنوب شرق آسيا. ووفق مصادر مطلعة، فإن اتصالات متقدمة تجري حاليًا مع شركاء في نيجيريا وبنغلادش والفلبين، لتوريد مشتقات الفسفاط التونسي. هذا الانفتاح يعزز القدرة التنافسية للصناعة الوطنية، ويفتح آفاقا إستراتيجية لتوسيع الحضور التونسي في السوق العالمية، خاصة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على الأسمدة الفسفاطية نتيجة التغيرات المناخية، وازدياد الحاجة للأمن الغذائي في عدة مناطق من العالم.
نجاعة الإجراءات الحكومية
الإجراءات الحكومية الأخيرة أثبتت نجاعتها في دفع القطاع نحو التعافي، فمن خلال التركيز على تحديث المعدات، وتطوير البنية التحتية، وتحفيز الإنتاجية، نجح القطاع في تسجيل نتائج إيجابية بعد سنوات من التراجع. كما أن التزام الحكومة بتطبيق خطة تطوير شاملة يعكس إرادة قوية لاستعادة مكانة تونس كواحدة من أبرز مصدري الفسفاط عالميًا.
وبحسب إحصائيات وزارة الاقتصاد، فقد ساهم قطاع الفسفاط خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة في تغطية حوالي 5.7 % من العجز التجاري، وهو ما يعد تطورا ملحوظاً مقارنة بالأعوام الثلاثة الماضية. كما يتوقع أن يساهم القطاع بنسبة لا تقل عن 8 % من إجمالي الصادرات في نهاية 2025، وهو ما يُبرز مكانته كرافعة حقيقية للاقتصاد.
ومع تحقيق نمو بنسبة 12.9 % في صادرات الفسفاط ومشتقاته حتى ماي 2025، يفتح هذا القطاع آفاقًا جديدة للنمو الاقتصادي في تونس. وتظل التحديات قائمة، إلا أن التزام الحكومة والشركات المعنية بتطوير القطاع يعزز الثقة في قدرته على تجاوز العقبات وتحقيق أهدافه الطموحة.
إن التحول الذي يشهده قطاع الفسفاط ليس مجرد أرقام وإحصائيات، بل هو قصة نجاح تعكس قدرة تونس على الاستفادة من مواردها الطبيعية لتأمين مستقبل اقتصادي مستدام. ومع استمرارية هذه الجهود، يبدو أن قطاع الفسفاط في طريقه ليصبح مجددا ركيزة أساسية في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتحقيق رفاهية المجتمع خلال الفترة القليلة القادمة، بما يعزز موارد الدولة الذاتية، ويفتح آفاقا اقتصادية واعدة لتونس.
سفيان المهداوي